
سلام نجم الدين الشرابي بحثت عما يزيدها معرفة وقرباً من دين الإسلام، وآثرت أن تستقي من المنبع علوم الدين ومعارفه، ولم تحل اللغة بينها وبين هدفها، إذ بدأت بها فسعت لتعلم اللغة العربية لتصل إلى هدفها، والذي انطلقت منه إلى أهداف أخرى. حليمة شيتو موسى من الداعيات الناشطات في نيجيريا التي حملت هم الدعوة وتصحيح المفاهيم المغلوطة حول الدين والحجاب وأمور أخرى. موقع "لها أون لاين" أجرى حواراً معها وتعرَّف على رحلتها الدعوية التي أبحرت بها من أرض المملكة العربية السعودية ورست في موطنها "نيجيريا" كيف كانت البداية؟ بدأت الدراسة في معهد للغة العربية بنيجيريا، إذ يوجد في المدن الرئيسية النيجرية مدارس عربية مستقلة خاصة بتدريس اللغة العربية وغيرها، تدرس اللغتين الإنجليزية والعربية، وكذلك تقوم بعض المساجد بتدريس اللغة العربية. لماذا اخترت دراسة اللغة العربية، ومن المعروف أن الكثيرين لديكم يفضلون تعلم الإنجليزية؟ اللغة العربية هي الوسيلة الموصلة إلى معرفة الله تعالى حق المعرفة، كما أني أردت التعرف إلى اللغة العربية، وتعلمها لأفهم الدين الإسلامي من مصدره. وفي نيجيريا يمكننا اختيار لغات أجنبية إضافة إلى لغتنا الأم، وقد اخترت اللغة العربية فضلاً عما ذكرته لأني أحبها كلغة أجدها قوية وجزلة وجميلة، كما أني تابعت دراستها حين أتيت مع زوجي إلى المملكة العربية السعودية حيث التحقت بمعهد يدرس اللغة العربية. هل وجدت صعوبة في تعلمها ؟ لم يكن هناك صعوبة كبيرة، لأن الإنسان عادة إذا أحب شيئاً، وكانت لديه الرغبة في تعلمه، لا يشعر بصعوبته. وأنا أردت أن أتعلم اللغة العربية وكان هدفي من ذلك أن أفهم الدين الإسلامي بشكل أفضل، وألا تقف اللغة عقبة في وجهي لأتعلمه وأعرف عنه كل صغيرة وكبيرة ثم أنقل ما تعلمته إلى بلدي" نيجيريا". هذا يعني أنك تابعت مشوارك الذي اخترته؟.. عندما أنهيت الدراسة في معهد اللغة العربية التحقت بجامعة أم القرى في كلية الدعوة وأصول الدين قسم الكتاب والسنة في المملكة العربية السعودية، وعندما أنهيت دراستي في الكلية عدت إلى بلدي "نيجيريا" راغبة في العمل بالدعوة إلى الله تعالى، وقد رأيت النساء هناك في بلدي بحاجة إلى معرفة وتعلم علوم الدين، فسارعت إلى افتتاح فصل لتدريس القرآن الكريم في بيتي، حيث لم أكن أملك تلك الإمكانيات ليكون في مكان مستقل، وبدأت حينها بـ 15 امرأة، أدرس لهن فترة العصر من الساعة الرابعة بعد العصر إلى الساعة السادسة. وما هي مناهج الدراسة التي اعتمدتها في البداية كانت الدراسة مقتصرة على تعليم القرآن الكريم مع التجويد، ذلك أن الكثيرات منهن لم تكن تحسن القراءة بشكل سليم، ثم عملت بعد ذلك على إدخال مناهج أخرى فبدأت بتدريس الفقه والحديث والسيرة. وبعد مرور الأيام زاد عدد الراغبات في تعلم القرآن وأمور الفقه، وهنا واجهتني مشكلة المكان، حيث ضاق بيتي بأعداد طالبات العلم، عندها بدأت بالبحث عن مكان آخر مناسب ولم أستطع الحصول إلا على ساحة مسورة، قسمناها إلى ثلاثة فصول إلا أننا واجهنا فيها مشاكل عدة بسبب تعرضنا لتقلبات الطقس كالشمس والمطر، وتغيير الفصول. بعد ذلك زاد العدد إلى 150 طالبة، وطبعاً كان من الصعب أن أقوم بتدريس هذا العدد وحدي، فأخذت أبحث عن معلمات في نيجيريا لديهن العلم والقدرة على التدريس. جميع هذه الأمور جعلتنا نمر بأزمات مالية، لأن احتياجاتنا للمدرسات زادت وهذا يتطلب رواتب لهن وكذلك مبنى أكبر يتسع لعدد المتعلمات، كما أني أحرص على ألا تدفع الطالبات أقساطاً مقابل ما يتعلمنه، وإنما مبالغ رمزية لأني أريدهن فقط أن يتعلمن، أريد استقطابهن وتشجيعهن، كما أن الكثيرات منهن غير قادرات على الدفع، وأخشى إن فرض عليهن نظام الأقساط أن لا يستمررن بالتعلم، وهن بحاجة إلى هذا العلم لأنهن جاهلات بالكثير من أمور دينهن. كيف هو حال المرأة المسلمة في نيجيريا؟ المرأة المسلمة في نيجيريا تحب دينها وهي متعلقة به وتريده وترغب بالالتزام بتعاليمه، لكن الذي ينقص الكثيرات منهن العلم، إذ أن منهن الجاهلات بالدين الإسلامي، مع رغبتهن القوية بتطبيق تشريعاته، إذ أن هناك أشياء كثيرة خاطئة وغير صحيحة يقمن بها، وذلك لعدم توفر العلم، وليست مسألة عقدية.. ولعل هذا ما دفعني لأحرص على تقديم العلم لهن حتى يميزن بين الخطأ والصواب. هل من طموحات لتطوير عملكن الدعوي في نيجيريا؟ رأيت أن من واجبي أن أتوسع في مجال عملي، فلا يقتصر فقط على الدروس التي نقدمها في الفصول، وإنما لنشر علوم الدين بشكل أوسع توجهت إلى ترجمة الكتب الإسلامية النافعة حيث قمت مؤخراً بترجمة كتاب من اللغة العربية إلى لغة "الهوسا" واسم الكتاب "مقارنة بين السفور والحجاب " للكاتبة "هالة بنت عبد الله"، يتحدث الكتاب عن حجاب المرأة المسلمة. لماذا اخترت ترجمة هذا الكتاب بالذات؟ لأن الكتاب يتحدث عن حجاب المرأة المسلمة، وأنا أريد تعريف نساء بلدي بمنزلة الحجاب، وأنه واجب على المرأة ارتداؤه، لأن أكثرهن يعتقدن أن ارتداء الحجاب يدخل في إطار الحريات الشخصية. لذلك أردت عبر هذا الكتاب أن أعرفهن بأنه واجب على المرأة المسلمة ارتداؤه إذا ما وصلت سن البلوغ، كما أن الفتاة إذا عرفت دينها ومنزلة الحجاب وأهميته استطاعت أن تبعد نفسها عن الاختلاط وما يورثه من مشكلات. كما بينت عبر الكتاب بأن السفور أتانا من الغرب، وليس من الإسلام في شيء وهذا السفور يحرص على إيقاعنا به من لا يحبون الإسلام ولا يريدون الخير للمسلمين. كيف هو حال الحجاب في نيجيريا؟ كما تعلمون فإن هناك أربعة مذاهب، وكل دولة لها مذهبها الذي تتبعه، ونيجيريا تتبع المذهب المالكي، والقائل بأن وجه المرأة ليس بعورة وحجاب الوجه ليس واجباً بل استحساناً وسنة، وعلى الرجل غض البصر. إلا أن الكتاب الذي ترجمته يبين لهن أن تغطية الوجه لا بد منها، إذ أن الفتنة من أين تأتي عادة، إنها تأت من رؤية الوجه أولاً، فالإنسان لا يستطيع أن يقول هذه جميلة أو قبيحة، إلا عندما يرى وجهها، وكثير من النساء في نيجيريا في ولاية "كانوا" يتحجبن ويغطين وجوههن. كيف ترين واقع المرأة المسلمة بشكل عام؟ المرأة المسلمة محرومة من أشياء كثيرة، هي ترغب وتقوى على أن يكون لها وضع خاص في المجتمع، وأن يؤخذ برأيها وأن تحترم شخصيتها، خاصة وأنها تشعر بأن ذلك حق من حقوقها التي منحها لها الإسلام. فالمرأة في أيام الرسول – صلى الله عليه وسلم – كانت مقدرة، قدرها الإسلام، وكان رأيها يسمع في أيام الرسول صلى الله عليه وسلم ويؤخذ به. لكنها الآن- للأسف- لا تجد هذا التقدير، وإذا تكلمت أو أبدت رأيها لا تسمعها الأمة ولا تأخذ برأيها. وإن تكلمت لا أحد يسمعها ولا أحد يأخذ برأيها أو يعطيها الفرصة لتدافع عن نفسها ودينها. وأني أرى أن رأي المرأة المسلمة مهم ويجب الالتفات إليه لأنها تغار على دينها وتريد الشيء الذي فيه مصلحة لدينها. وما السبب في رأيك؟ التطبيق الخاطئ ورغبة الرجل بالتفرد في قراراته، جعل صوتها لا يصل وإن تكلمت، مما جعلها بعيدة عن مواكبة الأحداث والمتغيرات التي تحدث في العالم، وبعيدة عن إبداء وجهة نظرها فيها رغم أنها معنية بها تماماً كما هو حال الرجل. |