نداء الإيمان | التاريخ(هجرى - ميلادى ) | مواقيت الصلاة واتجاه القبلة | موجز الصحافة | إلى كل المسلمات | قرأت لك
هل البيت في الإسلام للرجل أم للمرأة؟
حوار مع صديقتي الأمريكية التي دخلت الإسلام
منى محمد العمد
فاجأتني بسؤال أثناء حلقة القرآن الكريم، قالت صديقتي الأمريكية التي دخلت الإسلام حديثاً، ولم تتقن اللغة العربية بعد: هل البيت في الإسلام للرجل أم للمرأة؟ قلت: الزوج مكلف شرعاً أن يؤمن السكنى والنفقة لزوجته بالمعروف، قالت: فلماذا يقول الله تعالى: من بيوتهن (الطلاق:1). تشير إلى قوله تعالى: اتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن........ (الطلاق:1). وبالرغم من أني أحفظ سورة الطلاق فلم أكن قد انتبهت إلى قوله تعالى بيوتهن ولم أفكر بالحكمة من نسبة البيت للزوجة وما قد يتفرع عنه من أحكام.
كنت أتوقع أن تسألني السؤال الذي تطرحه الفتيات المسلمات غالباً: لماذا جعل الله تعالى الطلاق حق للرجل لا للمرأة؟ وأعددت بعض المصطلحات باللغة الإنجليزية لأستخدمها في شرح الإجابة على السؤال المتوقع، بدءاً بطبيعة المرأة التي قد تنفعل وتثور لتقصير بسيط من الزوج فتنسى إحسانه السابق إليها وتنهي الحياة الزوجية بينهما بكلمة قد تندم عليها بقية عمرها، وانتهاء بأن الزوج هو الذي خطب المرأة في الغالب وهو الذي تكلف المهر وتوابعه وأمَّن مسكن الزوجية وأثاثه، وأقام الأفراح والليالي الملاح، فليس من العدل أن تقول له الزوجة ببساطة " أنت طالق"، وتعقيباً بإلقاء الضوء على حق الزوجة في الخلع إن هي أصرت على التفريق دون تقصير ظاهر من جهة الزوج.
وتوقعت أن تسألني لماذا تقضي المرأة عدتها في بيت زوجها؟ أو عن حكم ظهور الزوجة المطلقة طلاقاً رجعياً بزينتها أمام زوجها وهو المباح الذي تستغربه كثير من النساء المسلمات، فقد اعتدت كلما ذكرت هذا الحكم أن أواجه بدهشة المستمعات فكيف تبقى في بيته وتظهر عليه بزينتها وقد طلقها؟ وكثير من النساء يهجرن بيت الزوجية سلفاً، وقد يكون ذلك لأسباب واهية لا تصل إلى الطلاق في كثير من الأحيان، وقد يؤدي خروجها نفسه مع تطورات أخرى إلى الطلاق، بينما لو بقيت في بيتها وهي مطلقة فترة العدة، فعسى أن تهدأ ثورة الغضب، ولعل المياه تعود إلى مجاريها بينهما، وهذا ما أشار إليه قوله تعالى: لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا 1 (الطلاق).
أعود لسعيدة التي بدأتني بالسؤال عن قوله تعالى: بيوتهن، وثنت بآخر عن حكم بيع الزوج مسكن الزوجية في أثناء قضاء زوجته فترة عدتها من طلاقها منه، قلت لها: من واجب الزوج أن يؤمن السكنى لزوجته بالمعروف، وهي أثناء العدة إذا كان طلاقها رجعياً هي ما تزال زوجة، لها ما للزوجات ولا يجوز له أن يمنعها السكنى والنفقة فهي صاحبة حق ولذا نسب البيت إليها.
بدت عليها أمارات حزن شديد، ولعلي أشير إلى أنها تسمت بهذا الاسم لشدة سعادتها بهذا الدين، وبكل الأسى قالت: كانت لي صديقة في أمريكا دخلت الإسلام عن رغبة وقناعة، وتزوجت من أمريكي حديث عهد بإسلام، وبعد عدة أشهر حدث بينهما خلاف فطلقها وخرجت من المنزل غاضبة، ولأنه لم يكن لها مكان تذهب إليه فقد أوت إلى المسجد عدة أيام تكفل بعض أهل الخير بنفقتها خلالها، إلى أن هدأت نفسها ورغبت في استئناف الحياة مع زوجها فعادت إلى مأواها، وطرقت الباب فخرج إليها شخص لا تعرفه وأبلغها أنه اشترى المنزل من زوجها، ولم تجد مكاناً تأوي إليه، وهنا بكت سعيدة بحرارة، ثم قالت: لقد اضطرت أن تعود للدنيا، قلت: ماذا تعنين؟ هل رجعت عن الإسلام؟ قالت: لا، ولكنها كانت قبل إسلامها تعمل راقصة في ملهيً، ولما لم تجد مصدر رزق يكفل لها عيشاً يحفظ عليها كرامتها عادت إلى عملها السابق!! هدأت من روع سعيدة ودعوت الله تعالى لصديقتها أن يؤتها من لدنه رحمة ويهييء لها من أمرها رشداً، قالت سعيدة وهي تمسح دموعها: أنتم لا تقدرون نعمة الله تعالى عليكم في أنكم ولدتم لآباء مسلمين، وفي مجتمع إسلامي. وأضافت: "أنتم لكم ظهر" لكم أصول، أما نحن فلا ظهر لنا، قلت: هذا حق، اللهم لك الحمد حمداً كثيراً طيباً، نعم، لا يعرف نعمة الإسلام حقاً من لم يعرف الجاهلية.

مجلة المجتمع    27/02/2005