نداء الإيمان | التاريخ(هجرى - ميلادى ) | مواقيت الصلاة واتجاه القبلة | موجز الصحافة | إلى كل المسلمات | قرأت لك
الوجبات السريعة تقتل الأطفال والإعلانات تستغل سذاجتهم

في إطار الدعوات العالمية الرامية إلى تصويب الخلل في نظام الأمن الغذائي، تحذر المنظمات الدولية والاهلية المعنية بالصحة والتغذية من وقوع الأطفال في شرك مافيات «فاست فود» و «جانك فود» المشبعة بالدهنيات والزيوت الثقيلة والتي يسميها بيار غوسلان، الباحث الكيبكي في المعهد الوطني للصحة، «مصائد بشرية». توهم هذه المصائد المستهلكين بأنها تقدم افضل الوجبات بأبخس الأسعار، علماً أنها مدعومة بأقوى شبكات «الماركتنغ» (التسويق) ذات الإمكانات المالية الضخمة والخبرات الطويلة قي فنون التسويق والتشويق والترغيب.

في ما يتعلق بمخاطر البدانة الناجمة عن مطاعم الوجبات السريعة، يشير مكتب الصحة الفيديرالي في الولايات المتحدة الأميركية إلى أنها تتسبب بوفاة حوالى 300 ألف شخص سنوياً كلهم من الأطفال. كما تحذر وزارة الصحة الكندية في بياناتها السنوية أيضاً جمهور المستهلكين من تزايد وزن الأطفال وارتفاع نسبة البدانة في أوساطهم إلى نحو 13 في المئة ( 6 في المئة للذكور و7 في المئة للإناث) . وتلفت إلى أن هاتين الظاهرتين ليستا، من المؤشرات الدالة على الصحة والعافية والرفاهية كما يشاع، بل هما حالتان مرضيتان تمثلان الوجه البشع لثقافة الاستهلاك وتصيبان مختلف الفئات العمرية في الدول المتقدمة والنامية على السواء.

مصير مأسوي

ما تقدمه مصانع «جانك فود» من منتجات البسكويت والحلوى ورقائق البطاطا وغيرها، لا يقل خطورة عن الوجبات السريعة. إذ يتعرض مستهلكوها لإصابات خطيرة بأمراض القلب وتصلب الشرايين.

تجنباً لمثل هذا المصير المأسوي، أعلنت حكومة كندا الفيديرالية «الحرب» على المنتجات الغذائية التي تشتمل على معدلات عالية من الدهنيات المشبعة. وأصدرت لهذه الغاية قانوناً هو الثاني من نوعه في العالم بعد الدنمارك (التي أصدرته في العام 2003) يحظر على شركات الإنتاج طرح أي مواد غذائية في الأسواق تتجاوز نسبة الدهنيات فيها 2 في المئة وذلك تحت طائلة الملاحقة الجزائية والغرامات المالية الباهظة وصولاً إلى حد إقفال المصانع المخالفة . كما أرغمها على وضع ملصقات على كل سلعة غذائية تبين في شكل تفصيلي ما تحتويه من المواد المصنعة ونسبتها وتاريخ انتهاء صلاحياتها. يشار إلى أن صدور القانون الكندي، الذي لقي معارضة شديدة من النواب المحافظين المرتبطين بالاحتكارات الغذائية العالمية، جاء استجابة لطلبات شعبية ونقابية وصحية وإحصاءا.

في السياق عينه، أشارت مجلة «نيو انغلند جورنال الطبية» إلى أن استهلاك غرام واحد من الدهنيات المشبعة يزيد ما معدله 20 في المئة من احتمال الإصابة بالكولسترول. وخطورة هذه الدهنيات مزدوجة تصيب الصغار والكبار والإناث والذكور. فهي من جهة تؤدي إلى انخفاض البروتينات الدهنية العالية الكثافة (أي ما يسمى بالكولسترول الجيد) الذي يساعد في تخليص الجسم من الدهون عبر إنتاج الصفراء في الجهاز الهضمي. من جهة ثانية، فهو يؤدي إلى ارتفاع معدلات البروتينات الدهنية المنخفضة الكثافة (أي الكولسترول السيئ) الذي تتراكم ترسباته في الدم وتحدث تصلباً في الشرايين ويتسبب بالذبحة او الجلطة القلبية. وللدلالة على هذه المخاطر، تورد المجلة مثال مراهق يتناول 12 قطعة «بريوش» وأربع قطع بسكويت لمدة ثلاثة أيام، ما يؤدي إلى تراكم نحو 30 غراماً في اليوم الواحد من تلك الدهنيات. في حين ان رقائق البطاطا، المرغوبة من الاطفال تحتوي أيضاً على نسبة أعلى من تلك الدهنيات تصل إلى حدود 48 في المئة.

مافيات الإعلانات

يخوض كل من منتجي «فاست فود» و»جانك فود» والدوائر الصحية العالمية والوطنية ما يشبه الحرب الدائمة. ففي حين تكتفي الهيئات الصحية عادة بالوعظ والإرشاد والتوصيات في المؤتمرات الدولية ، تلجأ مصانع الأغذية إلى «التآمر» مع ما يسميها بيشر نيامان، المسؤول عن الجمعية الوطنية لأمراض الطفولة في كيبك، «مافيا الإعلانات» العالمية التي تتلقى، على سبيل المثال، من الولايات المتحدة وحدها اكثر من 30 بليون دولار في السنة. وتعتمد في ذلك في شكل أساسي على التلفزيون «الوسيلة الإعلامية والإعلانية الأهم للربح والتسويق». إذ أشارت دراسات عدة أجريت في الولايات المتحدة الأميركية وكندا وأوروبا وأستراليا إلى أن محطات التلفزة تبث ما معدله 53 ساعة أسبوعياً بينها 57 في المئة إعلانات للمواد الغذائية. واللافت أن تلك المحطات تختار للأطفال وفي شكل ذكي مدروس البرامج المحببة إليهم وفترات الأعياد والمناسبات. كما أنها تستغل جهلهم في ما تقدمه من دعايات مضللة.

ويقول أحد الخبراء الأميركيين في التسويق جيمس ماكفيل في كتابه «الزبائن الأطفال» : «ينبغي أن نصوب أنظارنا إلى الأطفال والمراهقين وفق استراتيجية إعلانية ذكية تأخذ في الاعتبار رغباتهم وأذواقهم وسذاجتهم لأنهم مستهلكو الغد بامتياز».

مجلة الحياة    24/03/2005