الحج مناسبة لها قدسيتها تهفو لها القلوب وتشرئب الأعناق متطلعة إلى بيت الله الحرام، ذلك المكان المقدس الذي يؤمه ملايين المسلمين إذعانا واستسلاماً لله تعالى. ولأنها مناسبة إيمانية تصفو فيها النفوس وتسمو فوق ماديات الحياة ونزاعاتها، فإن الأسرة المسلمة مدعوة إلى التعامل مع هذا المشهد الإيماني بما يجلب لحياتها الهدوء والألفة والمحبة ويبدد الخلافات ويعمق الطاعة لله عز وجل. الفرحة استطلعت آراء بعض الأزواج والزوجات لمعرفة أهم سلوكياتهم في هذه المناسبة وكيف يتفاعلون معها: حسن استثمار البداية كانت مع جمال الميرغني مدرس لغة إنجليزية الذي قال إن الحج مناسبة نشعر في ظل أجوائها بالدفء الأسري وعلو الروح الإيمانية وهذا يدفعنا إلى حسن استثمار هذه الأيام المباركة، فحين تحل بنا هذه المناسبة الكريمة نسعى إلى إعداد تصور للاستفادة منها يكون هدفه خلق أجواء أسرية إيمانية خالية من أي مشكلات أو منغصات من خلال بعض الأفكار مثل : - توفير بعض الكتب التي تتناول مناسك الحج وأحكامه وآدابه. - مشاهدة مناسك الحج عبر المرئيات. - صيام الأيام العشر الأولى من ذي الحجة لما لهذا الصيام من فضل عظيم. - تعليم الأبناء الحكمة من الحج وأثره في الفرد والمجتمع. - تعميق التقارب الزوجي والأسري وإشاعة مفاهيم التسامح والتصافي. - ربط الأبناء بالكعبة والمسجد النبوي من خلال شرح حديث لا تشد الرحال إلا لثلاث مسجدي هذا والمسجد الحرام والمسجد الأقصى. إشاعة المسالمة ويرى خالد فؤاد خبير إدارة أعمال: أن الأسرة لابد أن تستعد لاستقبال هذه المناسبة الميمونة كما تستعد لاستقبال مناسبات أخرى مثل شهر رمضان المبارك وغيره لأن الحج يسمو بالأسرة فوق مستوى الماديات وأسرتي فضلا عن أنها تصوم العشر الأوائل من ذي الحجة فإنها تعيش الأيام السابقة لعيد الأضحى وكأنها في أعياد مستمرة، ويوم وقفة عرفات نجلس أمام التلفاز لنرى مشاهد الحجيج وهم يقفون على عرفات ونستمع إلى الكلمات المؤثرة التي تذاع ونشعر في هذه اللحظات الإيمانية بأن الدنيا زائلة ولن تبقى إلا المعاملة بالمعروف، ومسالمة كل أفراد الأسرة، كما تكون أنظارنا متجهة إلى الكعبة الشريفة، حيث نكثر من الدعاء ونتبادل فيما بيننا المعلومات عن الحج وآدابه. ثقافة الحج ويلتقط خيط الحديث عبد الحليم الجندي قائلاً: كنت في الماضي لا أعبأ بمناسبة الحج فتأتي وتمر مثل بقية الأيام لكنني أصبت بمكروه ذات مرة، وتزامن ذلك مع بدايات الحديث عن الحج وإلقاء الخطب والدروس والمواعظ التي تتحدث عن فقه الحج بالمساجد، والجمعيات الخيرية وبدأت أواظب على حضور بعضها، ولفت انتباهي حرص بعض المسلمين على دقائق الأمور، وما هو جائز وما هو غير جائز أثناء أداء المناسك وهنا أدركت قيمة وأهمية هذه الرحلة المباركة ومن ذلك الحين أواظب أنا وزوجتي على حضور دروس العلم بصفة عامة، والدروس التي تتعلق بالحج في مناسبتها، والحقيقة أن هذا الأمر أثر إيجابياً في حياتي الزوجية حيث بدأت زوجتي تسأل عن بعض الأخطاء التي كانت تقع فيها دون قصد وعلى هذا الأساس أصبحت أقتني ضمن مكتبتي الكتب التي تتحدث عن الحج وشرائط الكاسيت والـ C.D وأشرطة الفيديو التي تشرح المناسك، كما أصبحنا نتحدث عن أيام السنة وشهورها من خلال المناسبات الإسلامية كأن نقول في موسم الحج القادم سوف نضع أمراً ما، وفي رمضان القادم سننجز مشروعاً معيناً بهذه المناسبة. إصلاح ذات البين ويتفق سعيد جميل محاسب مع سابقيه قائلا: إن العمل الصالح هو عماد هذه المناسبة التي يعظم فيها الأجر، ومن منطلق إحساس أسرتي بهذه الفضيلة فإننا نحرص على صيام العشر الأوائل من ذي الحجة والإكثار من الإنفاق في البر وإخراج الصدقات والترتيب لإحياء سنة الأقدمية والسؤال عن اليتامى ومعرفة احتياجاتهم وإصلاح ذات البين وإزالة كل أسباب الخلاف والنزاع مع الأهل والأقارب والجميل في هذا الأمر أن جميع أفراد الأسرة يشاركون في إحياء هذه الطاعات الأمر الذي يبعث في أوساطهم الحب والشفافية والإحساس بآلام الآخرين واحتياجاتهم. العدد (77) فبراير 2003 ـ ص: 8