نداء الإيمان | التاريخ(هجرى - ميلادى ) | مواقيت الصلاة واتجاه القبلة | موجز الصحافة | إلى كل المسلمات | قرأت لك
تلاسيميا فقر الدم.. مرض تتحطم عنده قلوب المقبلين على الزواج!
تلاسيميا فقر الدم.. مرض تتحطم عنده قلوب المقبلين على الزواج!
الزواج وتكوين أسرة حلم كل شاب وفتاة، بل هي غريزة ربانية خصها الله بالإنسان لتستمر الحياة في هذا الكون.
 تذهب الفتاة إلى رسم الصورة الجميلة الرائعة لزوج المستقبل، تبحث عنه كما يبحث عنها تماماً وما أن يجتمع القلبان ويأخذا خطوة في تتويج العلاقة بالنهاية السعيدة والزواج لينعما بحلم الأبوة والأمومة الذي طالما وضعاه نصب أعينهما، ولكن.. قد لا يكتمل الحلم الرائع أحياناً!.. فمرض التلاسيميا قد يقف بالمرصاد لمن يقبل على خطوة الزواج ويبدد أحلاماً كبيرة لشباب أنهوا كل شيء ولم يبق لهم سوى فحص سمة التلاسيميا، إن وجدت لديهم منع القاضي الشرعي إتمام الزواج وإن انفرد المرض بأحدهما قرر الآخر الارتباط أو عدم الارتباط.
"لها أون لاين" في التحقيق التالي تثير حالات أقبلت على الزواج وبفعل حملها لسمة التلاسيميا لم يتم حلمها الرائع وعاشت واقعاً مريراً.. ً ونعرض أيضاً لنموذج تحدى الأهل والمرض لكن إرادة الله غلبت إرادتهما فعادا إلى حيث بدآ... تابعونا وسنمدكم بالمزيد.
عامل مشترك
"بعد خطوبة دامت أكثر من ثلاثة أعوام قررنا إتمام الزواج.. فجأة تبدد الحلم وضاع الأمل بفعل مرض التلاسيميا" بهذه الكلمات الحزينة بادرت مروة " 23" عاماً حديثها إلينا، عيناها فاضت بالحزن وأغرقت وجهها بدموع الأسى على الحلم الذي تبدد وتلك الابتسامة التي غابت كالأمل الذي فارقها، وتستكمل مروة الحكاية: "كان مرض التلاسيميا سمة جديدة لكنها أليمة اجتمعت في شخصيتنا، وددت ألا تكون لكن الله أراد شيئاً آخر فكانت إرادة الله ولم يتم الزواج"، قالت ذلك ثم غابت في لحظات صمت طويل تمتمت بعدها: "انتظرته أن يأتي ليخطفني على حصانه الأبيض وننعم بالحياة التي خططنا لها طوال ثلاث سنوات"، تشق ملامح وجهها الحزين ابتسامة حزينة تستكمل بعدها ما كانت تتمتم به لكن مرض التلاسيميا سبقه وخطف حلمنا وبدد الأمل الذي عشناه طويلاً باتت حياتي قاسية بائسة.
مروة علمت بإصابتها بمرض التلاسيميا مبكراً لكنها لم تكن تعلم أن من سترتبط به سيحمل نفس السمة المرضية، تقول: "كان عليَّ أن أدرك أنه سيشاركني المرض كما شاركنا أشياء كثيرة سعدت بها وتمنيتها فيه لكني لم أتمن يوماً أن يشاطرني المرض".
لم تكتمل الفرحة
قصة أخرى لم تكتمل فيها الفرحة وتكلل فيها علاقة الحب التي جمعت بين قلبيهما بالزواج ليس لسبب سوى مرض التلاسيميا اللعين، بطل القصة شاب فلسطيني اسمه عماد، يروي عماد حكايته لنا فيقول: "اخترت فتاة ذات خلق ودين وبدأنا في إتمام الإجراءات المعهودة من الاتفاق على المهر والشبكة حتى أننا تطرقنا إلى تحديد موعد الفرح الذي طالما حلمت وإياها به ولا أبالغ أننا حددنا أسماء أطفالنا المستقبليين..."، يصمت الشاب قليلاً ثم يستكمل: "لم يتبق إلا إجراء روتيني بسيط جداً لكنه كان حجر العثرة الذي تحطم على أعتابه أملنا في الزواج كان ذلك الإجراء هو فحص التلاسيميا الذي لا بد منه للإنسان المقبل على الزواج"، ويتابع بصوت تحشرج وبكاء: "كانت نتيجة الفحص سلبية أي أنني كنت حامل المرض تألمت كثيراً حينما علمت بالنتيجة ولكن كان لدي أمل كبير في ألا تكون من أحببتها وقررت الارتباط بها لا تحمل المرض ولكن كانت الصدمة الكبرى أنها تحمل المرض"، ويقول: "هنا كان من الصعب بل المستحيل أن يتم الزواج لأن ما سننجبهم من أطفال سيموتون حتماً انتهت قصتي الأليمة وفاض قلبي بالحسرة والألم ومرت السنوات تزوجت هي بشخص غيري وبعد إلحاح طويل من أمي اختارت لي فتاة أرتبط بها وتزوجنا رغم أن قلبي ما زال معلقاً بالحب الأول في حياتي".     
تحدي التلاسيميا
يبدو أن مرض فقر الدم "التلاسيميا" لم يعكر حياة مروة الفلسطينية التي تعيش في مخيم خان يونس وحدها، بل كان لغدير قصة معاناة أخرى مع هذا المرض اللعين ونراها أكبر من مأساة مروة، فغدير 29 عاماً أصرت على الزواج من الشخص الذي اختاره قلبها تحدت المرض ورغبة أهلها في عدم إتمام الزواج وحين طالبها المأذون وزوجها بأن توقع على ورقة تثبت خلو طرفه لم تتردد تحملت المسئولية وزوجها الذي فضل الموت على الانفصال عنها اعتقاداً أن حبهما سيكون كافياً لينعما بحياة زوجية سعيدة.. تقول غدير تحدينا كل شيء لكننا لم نستطع تحدي قدرة الله وإرادته وتتابع بصوتها الخافت: "اختيارنا أودى بحياة أطفالنا"، سألتها كيف لم تتردد في الإجابة: "كانت الثمرة الأولى لزواجنا طفل برئ جميل لكنه مصاب بمرض فقر الدم ويحتاج كل فترة وأخرى إلى نقل دم، تعذب ثلاث سنوات وتعذبت به ثلاثين ألف عام، ثم رحل فلم يكن ليقاوم المرض، فكرت بعدها ألا أنجب ثانياً ولكن إرادة الله أبت غير ذلك فأنجبت طفلي الثاني الذي اتضح أيضاً أنه يحمل نفس المرض ولقي نفس مصير أخيه الذي سبقه، عاش معي وأنار بابتسامته الرقيقة حياتي أيضاً ثلاثة سنوات بعدها رحل ملبياً نداء ربه".
 تلمع الدموع في عينها تنهمر على وجنتيها علها دموع الندم والحزن الذي لف كل جوانب حياتها ثم تتابع: "لم ينته الأمر إلى هنا فبعد رحيل طفلي بسبب المرض شاء الله أن أحمل في أحشائي طفلة أخرى لكنها لم تنتظر حتى تخرج من أحشائي طبيعياً بل أجهضت فكان لطفاً من الله حتى لا أكتوي بنار فراقها كأشقائها"، تضيف وهي تحاول مجاهدة إخفاء الدموع التي ملت من الحبس في عيونها السوداء الحزينة "كنت أحاول أن أتابعهم بالعلاج ودائماً بالمستشفى لنقل الدم لكن لا فائدة، فالتلاسيميا قضت عليهم بعد أن عذبتهم وعذبتني بموتهم" تغيب في لحظات صمت طويلة تخرج تنهيدة ألم وندم من أعماق قلبها لم أملك بعد هذا الشقاء إلا أن أنفصل عن الزوج الذي اختاره قلبي ولن يختار غيره..
أنيميا البحر المتوسط
بعد أن تعرفنا على القصص التي أدمت قلوب أبطالها انتقلنا إلى ذوي الاختصاص ليضعونا في صورة هذا المرض اللعين فكان لنا لقاء مع "بيان السقا" دكتور أورام الدم الذي قال إن احتمالات إصابة الأجنة بمرض التلاسيميا التي تتراوح 25%، وذلك يعود إلى الآباء والأمهات، مبيناً أن الجنين يتكون نصفه من أبه والآخر من أمه فإذا كان أحدهما حاملاً للمرض ممكن أن ينجبا طفلا سليما لأنه أخذ الأجزاء السليمة من والديه، وممكن أن يولد حامل المرض لأنه أخذ الجزء المريض من أحد والديه، موضحاً في حالة أن الوالدين يكونا حاملين المرض ينجبان طفلاً مصاباً بالمرض لأنه أخذ الأجزاء المريضة من والديه، وممكن أن ينجبا طفلاً سليم لأنه أخذ الأجزاء السليمة، حيث تصبح المعادلة في إمكانية الإصابة بالتلاسيميا كالآتي 25% طفلا سليما، 25% مصابا بالمرض، 50% حاملا المرض.
وتحدث د. السقا عن أهمية القانون الذي أقر من وزارة الأوقاف بالتعاون مع الصحة عن ضرورة الفحص للمريض قبل الزواج، مبيناً الفرق قبل إقرار القانون فكان يولد 36 طفلا مريضا بالتلاسيميا في السنة، أما الآن 3 حالات.
وأشار إلى المشروع التي تنظمه وزارة الصحة الفلسطينية مع وزارة الصحة الإيطالية لزرع النخاع للمصابين التلاسيميا في فلسطين للتخلص من هذا المرض حيث تم الزرع إلى 8 حالات في ايطاليا وتم شفاؤهم بشكل تام.
صدمة نفسية
وبعد ما تعرف على مرض فقر الدم التلاسيميا من ذوي الاختصاص أردنا أن نعرف تأثيره النفسي على المريض، خصوصاً أنه كما عرضنا سابقاً أنه يؤدي إلى إبطال حالات زواج ويفشل حالات أخرى، فالأخصائية النفسية عزة محيسن قالت: "إن مشاعر الارتباط لها تأثير قوي على الأشخاص وبالأخص على الفتيات لتكويناتها العاطفية، حيث ممكن للذكر التغلب على الموقف لكن الفتاة ممكن أن يؤثر عليها طيلة حياتها إن لم تعالج له من ناحية نفسية.
وأوضحت أن الاندفاع العاطفي من قبل الشاب أو الفتاة يسبب المآسي إن وجد عائق مثل مرض التلاسيميا مما يحدث صدمة عند الطرفين أو أحدهما مبينة أن الصدمة لها توابع خطيرة على نفسية الإنسان ويجب الإسراع بعلاجها خصوصاً بالمواضيع الحساسة كموضوع الارتباط.
كما أشارت إلى أفضل طرق العلاج لمثل هذه الحالات هي اتباع أسلوب المنطق والإقناع ووضع الافتراضات المتوقعة من هذا الزواج بإنجاب الأطفال المعاقين وأن حبهم سيتحول إلى دمار ومن ثم إعطائهم حق الاختيار سواء بانفصالهما قبل البداية أو استمرارهما رغم وجود تلاسيميا الدم التي ستهدد حياتهما وحياة أطفالهما مستقبلاً.

موقع لها أون لاين    13/06/2005