نداء الإيمان | التاريخ(هجرى - ميلادى ) | مواقيت الصلاة واتجاه القبلة | موجز الصحافة | إلى كل المسلمات | قرأت لك
العنف ضد الرجل ..هل يعيد النظر في قضية العنف الأسري؟
قطعت الرحلة إلى حي الجمالية العتيق وسط أحياء القاهرة القديمة قاصدا منزل "السيد أحمد عبد الجواد" بطل ثلاثية نجيب محفوظ الشهيرة. وخلال الرحلة التي قطعها التاكسي إلى الحي العتيق كنت في موقف لا أحسد عليه بسبب أمر هذه الزيارة التي لن تكون للتعارف وتبادل كلمات الود بقدر ما ستكون لوضع العديد من اتهامات أجيال متعاقبة أمام "السيد أحمد عبد الجواد" المتهم بالجبروت وإذلال المرأة.
أخرجني من حيرتي أني وجدت نفسي أمام باب هذه الأسرة بالفعل، لم أتردد في طرق الباب، ولم أنتظر طويلا فقد وجدت السيد أحمد عبد الجواد يفتح الباب لي.. هو كما هو، تحيطه هالة من وقار الشيخوخة، بمعالمه القديمة نفسها.. جبته الجوخ، قفطانه الشاهي، الكوفية الحرير، الرأس المرصع بالبياض، وشاربه الفضي. ما إن رآني حتى رحب بي بحرارة على عادة الناس في الزمان القديم، قدمت له نفسي فرحب بإجراء الحوار معه.
* جئت إليك بعد أن فاض الكيل باتهامات الخلق بإذلال المرأة، حتى إن كل سيدة الآن تريد الاعتراض على تصرف لزوجها معها تصرخ باستنكار قائلة: نعم، نعم يا سي السيد!
يبتسم السيد أحمد عبد الجواد ويقول: أتابع كل هذه الاتهامات، وأرصد كل مستحدث فيها، وليت الأمر وصل عند هذا الحد فقط؛ بل انظر إلى كم الإصدارات والمنتديات والملفات الصحفية والحلقات التليفزيونية التي لا هم لها سوى ثقافة "سي السيد" والعنف ضد المرأة، وضرب الزوجات، والعنف العائلي، وهو عنوان كبير ولكن -للأسف- لا تجد تحته سوى التركيز على عنف الرجل تجاه المرأة.
وأنا بطبيعة الحال لا أعترض على هذه الأحاديث، ولكني أتوجه بالسؤال التالي إلى كل المهتمين بقضايا الأسرة العربية في هذه الأيام: أين الحديث عن العنف ضد الرجل من قبل المرأة، وضرب الزوجات للأزواج؟! هل هي كائن ملائكي لا يخطئ أبدا، والرجل هو الباغي والطاغي على طول الخط؟!.
أرقام وإحصائيات
* ولكن الشائع يا جدي العزيز هو ضرب الأزواج لزوجاتهم...
يرد وعلامات الصرامة تكسو وجهه متسائلا: من قال هذا؟ انتظر حتى أخرج لك بعض الإحصاءات الموثقة التي جمعتها حول ضرب الزوجات لأزواجهن وإهانتهم وجرح مشاعرهم، ناهيك عن قتلهم..
وما لبث أن استخرج ملف إحصاءاته وقال: اسمع يا سيدي، أكدت دراسة قام بها المركز القومي للبحوث الاجتماعية في مصر عام 2003 أن 23% من النساء يؤذين أزواجهن بالضرب، وتذكر دراسة أخرى أن 20% من الرجال الأمريكيين يتعرضون للضرب والاعتداء الجسدي من قبل زوجاتهم الأمريكيات لدرجة إحداث الجروح، وفق رواية "صحيفة البيان الإماراتية". وللعلم: بلداننا العربية مهملة في الدراسات التي ترصد عنف المرأة ضد الرجل، والذي يبدأ بالسب وينتهي بالقتل، واذهب إلى أي قسم شرطة لترى العجب العجاب.
* قلت: يا ألطاف الله، كل هذا يخرج من النساء؟!
لا تتعجل وتعال معي نرى خيبة الأمل التي تركب الجَمَل في ألمانيا، وبخاصة في مدينة برلين التي تأسس فيها أول ملجأ في البلد لإيواء الرجال الذين يتعرضون للضرب المبرح والتعذيب على أيدي زوجاتهم، وعن هذا الملجأ يقول المرشد الاجتماعي الذي قام بتأسيسه: إن هذا الملجأ الذي تم تمويله من جمعيات اجتماعية وخيرية ومنظمات إنسانية غير حكومية يضمن لضحايا الزوجات الرعاية النفسية والاجتماعية، وإعادة التأهيل الاجتماعي بعد المشاعر السلبية التي حلت بهم على أيدي زوجاتهم.
وأضاف: إنهم يتعرضون لضرب مبرح من زوجاتهم، بدءا بصفع الوجه ومرورا بإشهار الأدوات الحادة عليهم، ثم توجيه الركلات إلى مواضع مختلفة من أجسادهم، وبعد كل هذا تقول: إن ضرب الأزواج للزوجات هو الشائع!!
السحـر إحدى الآليات
* كفانا يا سيدي حديثا عن الضرب والقتل، فقد ارتعدت مفاصلي واقشعر بدني.. هل توجد وسائل أخرى للعنف ضد الرجل تمارسها سيدات هذا العصر؟
القائمة طويلة جدا، وانظر إلى إحدى الآليات الشائعة التي تمارسها المرأة، أو الزوجة العربية في عنفها ضد الرجل، وهي متمثلة في "السحر". فمعروف أن المجتمع العربي يعاني من مشاكل متعددة، منها السحر والالتجاء إلى المشعوذين، والذي يمكن أن نعتبره عنفا ضد الرجل إذا مارسته المرأة ضده، فهناك مجموعة من الوسائل التي تستعملها المرأة في السحر لجلب محبة الرجل وإحكام السيطرة عليه.
ومن أجل ذلك تذهب إلى المشعوذين، وتقتني مواد سامة تضعها في طعام زوجها ظانة أنها بذلك ستكسب محبته ومودته، غير أنها تنسى أن هذه المواد ستؤثر على حالته الصحية، وحتى إذا لم يحدث تسمم من هذا النوع فإنه في حال إصابة الرجل بالسحر فإن ذلك يؤدي إلى سلب إرادته، ويبدأ الرجل في تصرفات لا يرضى عنها.. وما أحكم شرعنا الحنيف يا بني عندما حرم السحر.
الهجــر.. آخر الصيحات
* ارتفعت حرارة الحوار ومعها حرارة جسدي من هول ما أسمعه من "سي السيد"، وسألته عن بقية الآليات التي تستخدمها النساء في عنفها ضد الرجل.
وبلهجة تشوبها السخرية يقول: أحدث هذه الآليات يا سيدي هي هجر الزوجة لزوجها في المضجع وامتناعها عنه، على الرغم من أنه حل لها وهي حل له.
* نظرت إليه مرتابا، وقلت: ومن أين لك هذا الكلام الخارج من حجرات النوم؟‍‍‍!
ضحك ضحكة عالية وقال: هذا الكلام ليس من تأليفي أو من بنات أفكاري، ولكنه منشور في مجلة "سيدتي" اللندنية، لكنكم لا تقرءون يا أجيال اليوم؛ ففي العدد رقم 1211 الصادر بتاريخ 28 مايو 2004 نشرت المجلة ملفا عن هجر الزوجات للفراش، باعتباره سلاحا جديدا في يد الزوجات ضد أزواجهن، وشملت التغطية الصحفية للملف ثلاثة بلدان عربية هي: اليمن، والإمارات، ومصر.
وانظر إلى الأسباب التي ساقتها النسوة اللائي شاركن في الملف، ودفعتهن لهجر أزواجهن وحرمانهم مما أحل الله لهم، فكانت كالتالي: الضعف الجنسي للزوج؛ إذ هي تفضل ألا تمارس الجنس في الأساس على أن تمارس ولا تصل للمتعة المنشودة، والعوامل الأخرى تنوعت ما بين أن هذا الإجراء رد فعل للخيانة المتكررة من الزوج، أو رد فعل على الزواج بأخرى، أو لأن رائحة فمه كريهة... إلخ.
وانظر إلى ما قاله رجال آخر زمن حول امتناع الزوجات عنهم في تحقيق "سيدتي"، الأول قال: إنه سافر ليحسن دخله ويوفر للزوجة مطالبها، وبعد عودته إذا به يفاجأ برفض زوجته اللقاء به وهجرها له ونومها في حجرة أخرى، وعندما حاول مناقشتها في الأمر انهالت عليه بوابل من الشتائم وصرخت قائلة: تعودت على غيابك، اتركني فترة حتى أتعود عليك".. أليس هذا جبروتا؟!
اغتصاب الرجال.. معقول!!
* همس لي "سي السيد" بلهجة تشوبها السخرية قائلا: كنت لا تصدق بأن بعض النساء يهجرن أزواجهن في المضاجع، فما بالك بأن بعضهن يغتصبن الرجال والأطفال رغم تشدقهن بأن الاغتصاب "صناعة رجالي"؟! فقلت له: يا رجل، اتق الله، لم تصل الأمور لهذا الحد.
يا بني لا تستغرب، فهذا أمر وارد الحدوث، ولكنه لم يظهر على السطح باعتبار أن أغلبية الرجال لا يبلغون عنه إلا في النادر. وهذه الحوادث الشهيرة نشرت بعض الصحف ووكالة الأهرام للصحافة بعضا منها، وتنظر إحدى المحاكم المصرية قضية منها، متهمة فيها سيدة باغتصاب شاب يافع.
يسرد الشاب الواقعة فيقول: أثناء سيره ليلا في أحد الشوارع فوجئ بفتاتين تستقلان "تاكسي" تناديان عليه، ثم تشهران "السلاح الأبيض" في وجهه لتجبراه على ممارسة الجنس معهما عنوة؛ حيث أكد أن إحداهما قامت بإجباره على ممارسة الجنس معها، وعندما خرجت لتدخل الفتاة الأخرى أسرع بالهروب من النافذة لتقديم بلاغ للنيابة يتهم فيه الفتاتين باغتصابه، وأنكرت الفتاتان ادعاء الشاب، ولكنه أصر على أقواله مستندا إلى علامات في جسد الفتاة التي اغتصبته، وقد تم تحويلها للمحكمة.. وهذا الأمر منتشر في الخارج أيضا بكثرة شديدة.
وبعد هذه الحكايات استأذنت "السيد أحمد عبد الجواد" في الانصراف؛ لأني كنت قد وصلت إلى إعياء بدني وعقلي ونفسي لا حدود له.

موقع إسلام أون لاين    03/07/2005