هاجر المصطفى من ديار الظلم والجاهلية والأصنام والربا والزنى ووأد البنات إلى دار يقيم فيها العدل والمساواة بين الناس. هاجر من الضعف والمحسوبية والقبلية والعصبية إلى ساحة القوة والسواسية وإعلاء كلمة الله، وإقامة الدولة الإسلامية. لم يهاجر الرسول الأعظم إلى مالٍ أو جاهٍ أو مُلكٍ أو أي نوعٍ من هذه المفردات، لأنها، وأكثر منها، قد عُرضت عليه في مكة، فرفضها وبقي على أمر ربه ينفذُه ويَصْدعُ به. لم يذهب الحبيبُ ليُودِع مالاً في بنك ربوي أو يقيم شركة مالية، أو مزرعة يقيم فيها الحفلات الصاخبة، بل لم يكن ظالماً أو تاجراً يبيع أمته في سبيل الدولار والنساء والبحث عن المتعة الشخصية. قطع الرسول الأعظم مئات الكيلومترات من الصحاري والقفار مُهَدَداً بالقتل، من الإنسان والحيوان والتيه والضياع، لكنه استمر على المبدأ. هذه هي الذكرى النبوية المطهرة، لِمَ انصرفتم عن نبيكم الذي ضحى وأصحابه بالأموال والأنفس والثمرات؟! أيها الظالمون ارجعوا عن ظلمكم، ويا أيها المنغمسون في ملذاتكم الشخصية كفاكم لهواً، كفاكم سُكراً وعربدة، فأمة الإسلام تتكالب عليها الأمم، وتحاك لها المؤامرات في وضح النهار، فإلى متى المتاجرة بالنساء العاريات واللهو والمسلسلات، فالفقر في ازدياد، والجهل في ازدياد، والرذيلة في ازدياد. مخططات معلنة لتدمير المرأة المسلمة، وأخرى لتدمير الطفولة المسلمة، المناهج المدرسية في خطر، والعائلة المسلمة في خطر، وزاد خطر الرعاع والسفهاء وعراة الفكر والجسد على أعلى صعيد، مسنودين بخوازيق أعداء الأمة. أين انتم يا أتباع محمد صلى الله عليه وسلم، بماذا أنتم منشغلون؟ وإلى أين أنتم سائرون؟ لِمَ التراخي؟ لِمَ التسويف؟ وإلى متى؟! فلنهجر جميعاً كل ما يحول بيننا وبين ديننا، ونبينا، وقرآننا.. ولنهجر الفساد والفجور والمحسوبية والرشوة.. ولنهجر منتجات الذين يقتلوننا، ويذبحون إخواننا ذبح النعاج. لنبدأ من جديد، ولنقف كالجبال، نعانق السماء، أعزاء بهجرة نبينا، أعزاء بديننا وأخلاقنا وعدلنا. هيا بنا نهاجر إلى ما أمر الله. هيا بنا نهاجر إلى سُنَّة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم. لنبدأ من جديد، من اليوم، من الآن.