إن سعي الإنسان وراء صحة متجددة ومظهر أكثر شبابًا جعله يلجأ قديمًا إلى العطارين والوصفات الشائعة، ولكن الأمر اختلف الآن، فحل محل محال العطارة شركات الأدوية العملاقة، وآلة دعاية جبارة وازدادت رغبات الإنسان لتزداد المسألة تعقيدًا؛ لتثار قضايا بين لحظة وأخرى فتارة الفياجرا وتارة جراحات التجميل. والعلاج الهرموني قضية ضمن ما طرح، وخاصة فيما يتعلق بالعلاج الهرموني لأعراض سن اليأس لدى السيدات بعد أن أصبحت صحة المرأة موضوعًا هامًّا يحتل مكانه على أجندة العديد من الدوائر والمؤسسات. ونحن نحترم رغبة الإنسان في الحصول على صحة أفضل ومظهر أكثر تألقًا، إلا أن علينا ألا نغفل عن حقيقة واقعة وهي أن حياة كل منا مراحل، وفي كل مرحلة تبدأ أشياء وتنتهي أشياء أخرى، وقد يكون ما يبدأ أملاً وما ينتهي ألمًا أو العكس، ولا ينكر منا أحد أن الشباب هو مرحلة التدفق والتألق على مستويات عديدة، إلا أن محاولتنا المستمرة للتشبث بمظاهر تلك المرحلة بعد أن نتخطاها عمريًّا لا يخلف سوى شعور بالإحباط لا تتحقق معه قدرتنا على التجديد والتأثير فيما حولنا، وتعيش المرأة في سن الخمسين مرحلة انتقالية من حياتها قد تصاحبها فيها آلام وشعور بالافتقاد لمظهر اعتادت أن ترى نفسها عليه، ولنتفهم دوافع لجوء أي سيدة إلى العلاج الهرموني علينا أن نقترب من هذه المرحلة في حياتها؛ لنتابع ما يمكن أن تواجهه المرأة على المستوى الفسيولوجي من أعراض تصيبها بعد انقطاع الدورة الشهرية، أو على المستوى النفسي بعد أن يخيم عليها شبح يهدد بفقد أنوثتها وحيويتها. بين "اليأس".. و"الأمل" تتعرض المرأة في أواخر الأربعينيات أو أوائل الخمسينيات لانقطاع الدورة الشهرية، وهو ما اصطلح على تسميته سن اليأس (Menopause)، وهي مرحلة أخيرة لعملية متدرجة يقل فيها إنتاج المبيض لهرمونات الأنوثة، والهرمونات هي سوائل كيمائية تفرزها الغدد الصماء في مجرى الدم لتنظم أنشطة الأعضاء الحيوية، وقد اشتق لفظ هرمون من كلمة يونانية تعني يُحَفِّز ويثير، وهي تحفظ للجسم حيويته وقدرته على تعويض ما فقد. والمعروف أن تغيرات هرمونية كثيرة تظهر أثناء سن اليأس، والسبب الرئيسي هو انخفاض هرمون الأستروجين الذي يلعب دورًا رئيسيًّا في الحفاظ على حيوية المرأة ويحميها من الإصابة بأمراض القلب وهشاشة العظام، كما ينخفض هرمون البروجسترون الذي يعمل في النصف الثاني من الدورة الشهرية ويهيئ بطانة الرحم لاستقبال البيضة التي يفرزها المبيض شهريًّا إذا ما كانت مخصبة، فإن لم تكن فإنه يعمل على تمزيق بطانة الرحم فتحدث الدورة الشهرية. ويبدأ انخفاض نسب إنتاج المبيض للهرمونات خلال منتصف الثلاثينيات، وتزداد هذه العملية في نهاية الأربعينيات، وتستمر حتى ينتهي ظهور دورات الحيض نهائيًّا في سن منتصف الخمسينيات، ويؤثر انخفاض الهرمونات على أنسجة أخرى تضم أنسجة الثدي، وعظام الحوض والأوعية الدموية ومجرى البول والجلد، وتتعرض المرأة لسن اليأس إذا ما تم استئصال الرحم جراحيًّا، أما إذا ما تم استئصال مبيض واحد فتظل الدورة الشهرية بصورة طبيعية. أعراض سن اليأس تختلف الاستجابة الشخصية للتغيرات الهرمونية التي تحدث لدى السيدات في هذه السن من امرأة لأخرى؛ لذلك يُعَدُّ سن اليأس خبرة شخصية، فبعض السيدات لا يشعرن سوى بتغير بسيط في أجسامهن وحالتهن المزاجية، بينما تَعُدُّ أخريات هذه التغيرات مقلقة ومثيرة للضيق، وهناك عدد قليل من السيدات لا يشعرن بأي من هذه الأعراض، ومن أكثر هذه الأعراض شيوعًا الشعور بنوبات الحر (hot flushes)، أي أن تصاب المرأة بإحساس مفاجئ بالحرارة الشديدة في الجزء العلوي من جسمها، وهو يظهر بشكل متقطع قبل بداية الانقطاع النهائي للطمث بعدة سنوات ويقل تدريجيًّا مع تقدم العمر، 80% من السيدات يستمر معهن هذا العرض لمدة عامين أو أقل، ونسبة أقل يستمر معها خمس سنوات، ويأتي هذا الشعور كنتيجة مباشرة لنقص الأستروجين، فتفرز الغدد في الجسم كميات أعلى من هرمونات أخرى لمعادلة هذا الانخفاض، مما يؤثر على التنظيم الحراري في الجسم. وهناك تغيرات تطرأ على مجرى البول والمهبل مع تقدم العمر، فيقل سمك جدار المهبل ويصبح أكثر جفافًا وأقل مرونة وأكثر عرضة للإصابة، وقد تسبب هذه التغيرات آلامًا أثناء الجماع، وذلك مع جفاف الإفرازات المهبلية، وهي تغيرات تصيب مجرى البول لتترك المرأة أكثر عرضة للإصابة لما يعرف بسلس البول، وخاصة إذا تواجدت أي إصابات بولية مزمنة، فإذا ما زاد الإحساس بالألم وتكررت هذه الأعراض ينصح باستشارة الطبيب. وقد يصاحب هذه المرحلة أيضًا تغيرات في العلاقة الزوجية، حيث يشكل انقطاع الطمث انخفاض الرغبة في النشاط الجنسي، فانخفاض الهرمونات يؤدي إلى تغيرات في الأنسجة التناسلية ويعتقد أن لذلك صلة بضعف الرغبة الجنسية، فانخفاض نسب الأستروجين يقلل من وصول الدم للمهبل والغدد والأعصاب المحيطة به، وهذا يجعل الأنسجة الحساسة أضعف وأجف وأقل قدرة على إنتاج الإفرازات التي تسهل عملية الجماع، وبينما تُعَدُّ التغيرات الهرمونية سببًا رئيسيًّا في هذا الشأن، إلا أن هناك العديد من الأسباب الشخصية والنفسية والعوامل الثقافية قد تلعب دورًا في المسألة. وهناك أعراض أخرى لهذه المرحلة مثل الأرق، الشعور بالإرهاق والتعب، الصداع، سرعة خفقان القلب. أما هشاشة العظام التي أصبح الحديث عنها شائعًا، بعد أن طرحت نفسها كمشكلة صحية في الآونة الأخيرة، فعلى أثرها يصبح العظم أكثر عرضة للكسر نتيجة ضعفه وقلة كثافته، ويلزم الحصول على جرعات كافية من الكالسيوم وفيتامين "و" قبل حلول سن البلوغ، والتعرض لأشعة الشمس ومزاولة التمرينات الرياضية والخضوع لنظام غذائي معين. وعن الجانب النفسي في حياة المرأة في هذه الآونة، فالتصور الأكثر شيوعًا هو أن المرأة في هذه المرحلة يغلب عليها الشعور بالغضب وسرعة التأثر والحدة، وكذلك تصاب بالإحباط والاكتئاب والشعور بالحزن، إلا أن دراسة لعلماء في جامعة بيتسبرج أوضحت أن المرأة بعد انقطاع الطمث لا يحدث لها تقلبات مزاجية غير متوقعة أو شعور بالإحباط أو الضغط يزيد عن غيرها من النساء اللاتي في نفس السن وما زلن يتعرضن للدورة الشهرية، وأوضحت الدراسة أنه بالرغم من أن النساء اللاتي يستخدمن العلاج الهرموني أي تعويض الهرمونات الفاقدة بجرعات هرمونية تحت إشراف طبي، لا يشعرن بنوبات الحر مثل اللاتي لا يستخدمن العلاج الهرموني، فإن الفريق الأول يكون أكثر عرضة للقلق والتوتر؛ وذلك لاهتمامهن الزائد بأجسامهن وما يطرأ عليها، وقد دعمت نتائج الدراسة دراسة أخرى لمؤسسة نيو إينجلاند للأبحاث التي أوضحت أن المرأة في هذه السن لا تكون أكثر اكتئابًا، وربما يكون الاستثناء لمن تعرضن لسن اليأس جراحيًّا باستئصال الرحم أو المبيضين، وأكدت دراسات أخرى أن أغلب حالات الاكتئاب والإحباط في هذه السن تحيط بها أزمات منتصف العمر أو التغير الذي يطرأ على دور المرأة في الأسرة، فالأطفال يكبرون وتختلف حاجتهم للأم، والمساندة من جانب الأسرة والأصدقاء تُعَدُّ هامة في هذا السياق، وعلى الجانب الآخر قد تكتشف المرأة أن هذه المرحلة من عمرها هي مرحلة حرية، وتخلص من العديد من الأعباء ومزاولة أنشطة عديدة جديدة ومفيدة. العلاج الهرموني بين سحر الخيال.. وواقع الحال أثار الحديث عن العلاج الهرموني لأعراض سن اليأس جدلاً واسعًا بين مؤيدين ومعارضين، وأصبحت أسباب التأييد للعلاج الهرموني أو رفضه معروفة، فانخفاض نسبة خطورة الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية وأمراض هشاشة العظام مقابل نتائج مزعجة لتعاطي الهرمونات من زيادة نسبة خطورة الإصابة بأمراض سرطان الثدي وجلطات الدم بالقلب والدماغ وظهور أمراض الكبد وخطر الإصابة بسرطان بطانة الرحم للنساء اللاتي يستخدمن هرمون الأستروجين فقط دون هرمون البروجسترون (وبعض المستخدمات له يتعرضن لارتفاع ضغط الدم). ونتائج بعض الدراسات لاحظت انخفاض نسبة الإصابة بسرطان القولون بين السيدات المستخدمات للعلاج الهرموني بنسبة تصل إلى 35%.. كل هذا أثار القلق. والأخبار تتضارب، فطبقًا للمعلومات الواردة من الجمعية الأمريكية للسرطان فإن استخدام الأستروجين لعام واحد فقط تقلل من نسبة الوفيات الناتجة عن سرطان القولون. كما ظهرت دراسة مؤخرًا نشرها موقع Health Gate ربطت بين استخدام الأستروجين وانخفاض نسب الإصابة بالزهايمر. ويلاحظ أن العلاج الهرموني ليس الطريق الوحيد للتخلص من الشعور بأعراض سن اليأس، فيمكن تخفيف الإحساس بجفاف الإفرازات المهبلية باستخدام ملطفات (مخففات الاحتكاك) وتخفيف الشعور بنوبات الحر بتجنب الأشياء التي تثيرها مثل الأكلات الدسمة، وشرب الكحوليات وكذلك الحصول على جرعات مناسبة من فيتامين "هـ". وتُعَدُّ ممارسة الرياضة والالتزام بنظام غذائي معين عاملَيْن هامَّيْن في تجنب أمراض هشاشة العظام والقلب والأوعية الدموية، وكذلك تجنب الكافيين والتدخين اللذَيْن يمنعان الجسم من الاستفادة بالكالسيوم. وفي النهاية يُعَدُّ القرار باستخدام العلاج الهرموني قرارًا شخصيًّا، يجب أن تتخذه المرأة بناء على معلومات وحقائق حول الميزات والأخطار لهذا الأمر، هذه المعلومات التي أحياناً لا يقدمها الطبيب بشكل كافٍ للمريضة، ويقرر أنه هو "الأصلح" لها. وأول خطوة نحو العلاج الهرموني تتمثل في اللجوء للطبيب المتخصص، وعمل الفحوصات اللازمة وإمداد الطبيب بالمعلومات اللازمة عن التاريخ الصحي، وسحب عينة من الدم لتحديد نسبة الهرمونات، وبناء على هذه المعلومات يقرر الطبيب مع اطلاع ما إذا كانت المريضة مرشحة للعلاج الهرموني، ويبدأ في رسم خطة علاج خاصة، وقد عقدت أعمال ندوة دولية في أكتوبر سنة 1999م في أريزونا بالولايات المتحدة الأمريكية حول العلاج الهرموني وآثاره الإيجابية في التعامل مع أعراض سن اليأس أكدت على وجوب الشورى بين الطبيب والمريضة في هذا الشأن. يذكر أن العلاج الهرموني يعتمد على تناول جرعات من هرمون الأستروجين والبروجسترون، بل أحياناً هرمون التستوسيرون (هرمون الذكورة) الذي يلعب دورًا في التعامل مع بعض أعراض سن اليأس، مثل ضعف الرغبة الجنسية، ويستخدم هرمون الأستروجين والبروجسترون في صورة أقراص أو لصقات أو مستحضرات طبية (كريمات) وتُعَدُّ الأقراص الأكثر شيوعًا. العادات الغذائية للشعوب.. تحدث فرقًا هناك حقيقة يجب الاعتراف بها وهي أن ذروة النشاط الهرموني للإنسان تكون ما بين سن 25 - 30، يقل بعده النشاط الهرموني، وعن ضرورة اللجوء للعلاج الهرموني التقليدي نجد أن هناك شعوباً تتمتع بتوازن هرموني طبيعي؛ وذلك لاعتمادها على الخضراوات الطازجة والوسائل الطبيعية في استعادة حيويتها وللخضراوات الطازجة فاعلية فيما يتعلق باستعادة توازن هرمونات الجسم. وقد تختلف العادات الغذائية للشعوب؛ لتسهم في تحديد ظواهر صحية في سن اليأس، فنجد 10% فقط من النساء في اليابان يعانين من نوبات الحر عند وصولهن لسن اليأس مقارنة بـ 80% من نساء أمريكا الشمالية، ويعيد بعض الخبراء موضوع الفروق تحت المجهر ويذهبون إلى أن اعتماد النظام الغذائي في اليابان على كميات كبيرة من فول الصويا مقارنة بالنظام الغذائي في أمريكا الشمالية يفسر هذا الاختلاف. وبالرغم من أن الأبحاث لم تبدأ إلا مؤخرًا في الحديث عن نظام غذائي خاص بالمرأة في سن اليأس، فإن هناك اتفاقًا عامًّا بشأن أهمية الخضراوات، والحبوب، والفاكهة، والكالسيوم، وضرورة خفض الدهون، والسعرات الحرارية، والكافيين، وعلى أن جرعات عالية من الكالسيوم تقلل من إمكانية الإصابة بهشاشة العظام؛ ففي عام 1994م أوصت المنظمات الصحية الأمريكية أن النساء فوق سن الخمسين واللاتي يستخدمن العلاج الهرموني عليهن الحصول على 1000 مليجرام من الكالسيوم يوميًّا، بينما على النساء اللاتي لا يستخدمن العلاج الهرموني الحصول على 1500 مليجرام من الكالسيوم يوميًّا. وقبل سن اليأس، يحمي الأستروجين المرأة من تراكم الدهون والكوليسترول على جدر الأوعية الدموية، وبعد سن اليأس وانخفاض نسب الأستروجين، تخفض هذه الحماية وتصبح فرص إصابة المرأة بأمراض القلب كبيرة؛ لذلك يجب على المرأة اتباع نظام غذائي يتجنب الدهون والكوليسترول، ويزيد من أكل الحبوب والفاكهة والخضراوات، وأهمية الحصول على مصادر الفيتامينات أ، جـ، هـ لتقليل خطر الإصابة بسرطان الثدي، هنا ستكون دائمة من زيادة الوزن بعد سن اليأس، وللتغلب على ذلك على المرأة أن تقَلِّل من مقدار السعرات الحرارية التي تحصل عليها بنسبة 10 - 15%، مع زيادة موازية في الأنشطة البدنية التي تقوم بها. الطب في العالم العربي بين النقل الأعمى و"الحكمة" وبسؤال د/ محمد خالد الورداني مدرس طب النساء والتوليد بجامعة الأزهر عن طبيعة المشكلة في المجتمع العربي وجدوى اللجوء للعلاج الهرموني، أوضح لنا عدة أمور هامة وفارقة: - إن المشكلة في مجتمعنا تختلف تمامًا عن المجتمعات الغربية، فمتوسط عمر المرأة في مصر ما زال أقل، حيث يصل إلى 57 عامًا، بينما يصل إلى أكثر من 70 عامًا في أوروبا وأمريكا، وبهذا فإن الفترة التي تقضيها المرأة بعد انقضاء الدورة الشهرية أطول في الغرب، فيطلقون على سن اليأس مرحلة منتصف العمر. - التركيبة البنيوية للمرأة العربية مختلفة عن نظيرتها في أوروبا وأمريكا، فهي أكثر بدانة. ويقلل هذا من فرص إصابة المرأة بهشاشة العظام، بينما يزيد من فرص إصابتها بأمراض القلب والأوعية الدموية، فهشاشة العظام تحتل أولوية هامة في المجتمعات الغربية بينما تختلف الأمور في مجتمعاتنا. - الحالة الاقتصادية في بلادنا لا تسمح بصرف الأدوية مرتفعة التكلفة مثل الأدوية الهرمونية التعويضية، التي تعتمد السيدات في الخارج – غالبًا - على صرفها من التأمين الصحي، ومن باب أولى تعميم فحوصات أهم وأقل تكلفة مثل أخذ مسحة من عنق الرحم للتأكد من سلامته من سرطان بطانة الرحم، والتأكد من عدم الإصابة بسرطان الثدي ومعه استخدام العلاج الهرموني كعلاج وليس كوقاية، فقد يكون هذا ترفًا طبيًّا وصحيًّا لا يحتل الأولوية. - أنه بالرغم من أن المرأة التي تستخدم العلاج الهرموني تشعر بتحسن عام وتقل الأعراض التي تشعر بها غيرها، ممن لا يستخدمن العلاج الهرموني، فإن عليها أن تدرك مخاطر الإصابة بسرطان الثدي وسرطان بطانة الرحم من جرَّاء الاستخدام الطويل للعلاج الهرموني، وأن تعي أن العالم ما زال على خلاف حول استخدامه. - أما عن وضع المرأة النفسي والاجتماعي، فالمرأة في مجتمعاتنا يختلف وضعها، فهي تظل الزوجة والأم، وتبقى مكانة الأم حتى مع كبر الأبناء واستقلالهم بأسرهم على عكس المجتمعات التي ينفصل أبناؤها من آبائهم حتى قبل بلوغهم سن الـ 16، وتقلق المرأة من تحول شريك الحياة لفتاة أصغر سعياً وراء الجنس كدافع أساسي ومحوري بعيداً عن مقومات العلاقة المركبة ومفاهيم "أم الأولاد" و"ربة الدار" في ثقافتنا، فضلاً عن حالات القرابة بين الزوجين التي تدخل اعتبارات أسرية في مكانة المرأة كزوجة، كما أن الأوضاع الاقتصادية للمرأة في بلادنا قد تحتم عليها مواصلة حياتها دون الالتفات لهذه الأعراض لوطأة الظروف للأسف. كذلك فإن لدينا أولويات مختلفة، فأغلب وفيات السيدات تظل إلى الآن ناتجة من مشاكل الحمل والولادة، وما زالت لدينا مشاكل صحية تشكل خطورة تفوق مشكلة هشاشة العظام على سبيل المثال، فلا ينبغي أن نظل أبواقًا لشركات الأدوية التي قد تسهم في فرض أولويات مختلفة في حقيقتها عمَّا تحتاجه المرأة في مجتمعاتنا.