نداء الإيمان | التاريخ(هجرى - ميلادى ) | مواقيت الصلاة واتجاه القبلة | موجز الصحافة | إلى كل المسلمات | قرأت لك
العجوز» بديل مناسب لـ»ماما» و»يوما»...التلفزيون عرّف السعوديين بيوم الأم!

في الليلة السابقة لعيد الأم الماضي, وقف محمد ووليد في أحد محلات الهدايا في الدمام. قررا أن يشتري كل منهما هدية لأمه بمناسبة هذا اليوم. كلاهما لم يفعل من قبل. لكن المشاهد الإعلانية التي تفصل بين البرامج في بعض القنوات الفضائية، وتشير إلى تاريخ عيد الأم، جعلت محمد يقترح: «كم مرة اشتريت هدية لأمك، طيلة حياتك؟»، ليرد وليد: «ربما قبل أربع سنوات، في أول إجازة من دراسة الجامعة، قضيتها في المنزل»؟

وليد ومحمد كانا يدرسان في «جامعة الملك فهد للبترول والمعادن»، في ذلك الوقت - قبل عام. أحدهما يدرس تسويق والآخر إدارة أعمال. لا بد أنهما يعرفان معنى الهدية، وتأثيرها، وعشاء العمل.... لكن, ما يعرفانه جيداً أنهما تغرّبا عن والدتيهما أكثر من أربعة أعوام، كي يحصلا على الشهادة، وأن والدتيهما «كانتا المنقذتين عند سوء الأحوال المادية»، تحديداً كما يقول وليد: «في آخر الشهر، حين تكون الجيوب خاوية، ومعظم الأصدقاء لا يملكون ما يكفيهم. وسيكون الجواب واحداً في حال طلبت سلفاً من أي منهم». يستدرك وليد: «لن يكون الحل لدى أبي، اذ يبدأ بتكرار الاسطوانة ذاتها مثل: صرفت كثيراً هذا الشهر، أو متى سترتب ميزانيتك كالرجال؟ أو غداً ستتزوج... أمي لن تسأل ولن تتكلم كثيراً، ستوافق وتدبر المبلغ بلا شك. أعلم أنها ستأخذه من والدي، لكنها ستوهمه أنه لها».

محمد يقول: «أخجل كثيراً من والدي، خصوصاً إذا كان الأمر يتعلق بالمال. أشعر أن أمي هي الأقرب، ربما لأنني قضيت وقتاً أطول معها، وتعرف الكثير من أسراري».

الأم هي الأقرب بلا شك, الإحساس بخوفها علينا, سهولة التحايل عليها ربما، عاطفتها التي تحركها دائماً في حال طلبنا منها شيئاً، رغبتها في أن نكون الأفضل حتى في ما نأكل ونلبس، سهولة احتواء غضبها...» أسباب لا يمل شبان كثيرون من ترديدها، على رأسهم محمد ووليد.

خرجا الآن من محل الهدايا. كل منهما يحمل صندوقاً مغلفاً. سيضعانه في صندوق السيارة، إلى أن تحين إجازة نهاية الأسبوع التي سيقضيانها في الرياض، قرب «ست الحبايب». طبعاً ربما تدفع الوالدتان ثمن الهديتين بطريقة غير مباشرة، لأنهما تعرفان جيداً أن الشابين اقتصّا الثمن من مصروفهما.

إعلان تاريخ يوم عيد الأم - العام الماضي، يتكرر في التلفزيون، هذه المرة الشابان في المقهى، مع أربعة من أصدقائهما. محمد ووليد قررا الاتصال لتهنئة والدتيهما في هذا العيد، كـ»تصبيرة» إلى أن يحين موعد السفر.

هي الأقرب

يتناقش الشبان في هذه المناسبة، عبدالله لم تعجبه الفكرة: «الأم هي الأم، لا ضرورة لعيد كي نتذكرها»! يضيف: «منذ متى تعرفون عيد الأم؟ القنوات الفضائية هي السبب. ألا تتذكرون «العجوز» سوى في يوم عيد الأم؟»

«العجوز» هنا تعد احتراماً متعارفاً عليه في السعودية. والكلمة انتقلت إلى أفواه الرجال أيضاً. فبعض الرجال السعوديين يسمون الأم بـ»العجوز»، كي لا يدخلوا في متاهات كلمتي «ماما» و»يُوما».

«ماما» يعدها الشبان خصوصاً دون العشرين منهم، كلمة «مايعة» أي خاصة بـ»المايعين» أو المفرط في دلالهم، و»يُوما» تشير إلى البداوة. لكن ذلك لا ينطبق على كل مدن المملكة. على أي حال، كلا الكلمتين تجران صاحبهما إلى المتاعب، والقبول بمعايرة الأصدقاء. لذلك، أصبحت «أمي» للنداء، و»العجوز» للتحدث عنها أو ذكرها، كلمتي السر اللتين حلتا مشكلة «ماما» و»يُوما».

على رغم كلام عبدالله، فإن كل الأصدقاء في المقهى، قرروا الاتصال بأمهاتهم للتهنئة بعيد الأم، للمرة الأولى في حياتهم، على غرار وليد ومحمد. لكن عبدالله أصر على رأيه وقال: «أمي لا تكاد تفارقني في رحلاتي وسفري، عبر الهاتف المحمول. لكنني لن أتصل بها اليوم تحديداً، عناداً لكم».

لا يعتبر عبدالله حالاً شاذة. هو يحب أمه ويتكلم معها يومياً، فحُكْمُ خوف الأم وقانونها يستوجب اطمئنانها في حال كان ولدها يسكن بعيداً منها. «كما أنها هي الملاذ إذا غضب «الشايب» – الأب». وربما كانت أمه هي الأخرى، لا تعير اهتماماً لعيد الأم، «إذ أنها لا تشاهد التلفزيون كثيراً، وبالتأكيد لم تسمع عن عيد الأم في حياتها»، يقول عبدالله.

«عيد الأم», عبارة حديثة العهد في المجتمع السعودي، وربما بدأت في الانتشار مع تزايد عدد القنوات الفضائية. إلا أن هذا الانتشار على رغم تزايده، ينحصر في شكل واضح في المدن الكبيرة ويغيب عن مدن كثيرة وعن القرى. ولا يمكن أن تعد نسبة هذا الانتشار شيئاً.

غير أن ذلك لم يمنع محمد وأخواته، أن يقرروا في هذا العام جمع أكثر من صندوق هدية، أخفوها في غرفة أحدهم في منزلهم، وتسجيل شريط بصوتهم في المنزل، ينشدون فيه أغنية «ست الحبايب»، كي يحتفلوا بعيد الأم، مفاجأة لأمهم. ولم يمنع بعض الأزواج الشبان من تجهيز هدية لزوجاتهم الأمهات.

مجلة الحياة    24/03/2005