إذا كان لديك الخيار في الزواج ما بين رئيستك في العمل أو سكرتيرتك.. فمن تختار؟.. كان هذا السؤال محور بحث نشرته مؤخرا جريدة (الديلي تلجراف) البريطانية نقلا عن مطبوعة Evolution an Human Behavior المتخصصة في دراسة السلوك الإنساني؛ حيث أكد البحث أن الرجال عند إقدامهم على الارتباط يختارون النساء الأقل قوة منهم في المركز الاجتماعي أو المركز الوظيفي أو اللاتي في مستواهم، ويرفضون بشكل تام النساء ذات المركز الاجتماعي القوي أو ذات الوظيفة المرموقة!.
سكرتيرة نعم.. مديرة لا
كان فريق البحث برئاسة الدكتورة "ستيفاني براون" قد اختار(328) متطوعا لسؤالهم عن سمات الزوجة التي يرغبون في الارتباط بها، ومن بين الأسئلة سؤال طريف يقول: (إذا كان لديك الخيار في الزواج ما بين رئيستك في العمل أو سكرتيرتك.. فمن تختار؟) فجاءت الإجابة لتؤيد السكرتيرة تماما!.
وأرجع البحث سبب ذلك لاعتقاد الرجال أن الزوجة القوية لا تقتنع بزوجها الأقل منها اجتماعيا ومهنيا مما يسبب مشكلات متعددة بين الطرفين في حياتهم الزوجية. وأضاف البحث أن المرأة القوية يفضلها الرجل فقط كصديقة وليست كزوجة.
اتفاق مع البحث
حاولنا من جانبنا أن نطرح سؤال البحث على بعض الرجال في مجتمعاتنا العربية لنتعرف على تصوراتهم عن شريكة حياتهم.. فماذا كانت إجاباتهم؟:
يخبرنا (أحمد سلام) -45- عاما بأنه يؤيد ما جاء به البحث حيث إنه يفضل شخصيا المرأة ذات المستوى الاجتماعي الأقل، وذلك لأن المرأة القوية اجتماعيا والتي لها شخصيتها في مجتمعها يكون وقتها ملك الناس وليس ملك زوجها أو أولادها أو بيتها، وبالتالي سيؤثر مركزها الاجتماعي المرموق بالسلب على وضعها كزوجة وكأم.
بينما يري (فـريد شوقي) -28 عاما- أن المرأة تنتظر من الرجل أن يكون هـو القائد في منزله أي قوّام، فالرجال قوامون على النساء، لذا فالرجل يختار من تناسبه اجتماعـيا ووظيفـيا سواء أكانت أقل منه أو تساويه، لأن الرجل يدرك أنه بذلك الاختيار سوف يحقق الاستقــرار لنفسه ولزوجته وأسرته فيما بعد.
أما (محمود حامد) -25- عاما فهو يتفق مع النتيجة المطلقة والتي أكدها البحث حيث يختار (السكرتيرة) ويرفض المديرة ويعلل ذلك بقوله: إن السكرتيرة تعمل بعيدا عن الضغوط ولديها الليونة في التعامل مع الآخرين ومجتمعها، وهذا بعكس المرأة رئيسة العمل التي يجب أن تتسم بالقوة في التعامل وبالتالي تنعكس شخصية كل منهما في منزلها مما يجعلني أفضل (السكرتيرة)!.
السؤال.. خطأ
ويختلف أحمد السيد -36 عاما- مع كل ما سبق، مشيرا إلى أن بعض الأسئلة (خطأ) حيث تختلف العلاقة الزوجية عن غيرها لأن الأساس فيها (إنساني) وليس (تعاقديا) كعلاقة السكرتيرة برئيسها أو العكس؛ لذلك فإن الزواج وإن كان العقد ضروريا فيه لحفظ الحقوق لكنه ليس الأساس بل رغبة الطرفين في الحياة معا وتكوين أسرة وليس شركة، وحين يشرع المرء في بناء حياة عليه أن يدرك أن الزوجة مهما كانت قوتها وسلطتها و.. و.. خارج المنزل فإنها ستكون بداخل المنزل تلك الزوجة التي (تحبه) و(تحترمه) و(تحافظ عليه) و(تفهمه دون عناء)، وهذا يعنى ببساطة أن الاختيار لا يقف عند اختيار رئيسة أو سكرتيرة بل يفضل أن تكون وزيرة طالما تحولت كل سلطاتها في الخارج إلى طاقة حب وحنان وبناء في الداخل.
الرجال يؤثرون السلامة
يعلق على البحث الدكتور (أحمد المجدوب) خبير علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث القومية والجنائية، فيقول: أتفق مع ما جاء به البحث لأن ذلك شيء منطقي جدا، فمن خلال التجارب والخبرات السابقة في المجتمعات المختلفة عبر كافة العصور والأزمنة ثبت أنه إذا تفوقت المرأة في مجتمعها أو لمعت في مركز اجتماعي قوي أو مركز وظيفي مرموق أدى ذلك إلى تسلطها واعتزازها بنفسها لدرجة تصل إلى الغرور، بل إنها كثيرا ما تلمح أو تصرح بهذا الفرق في بعض المواقف إلى زوجها الأقل منها اجتماعيا أو وظيفيا لشعورها بأنها الأفضل والأقوى.
لذا فإن الرجال يؤثرون السلامة؛ فدائما نراهم يرتبطون بالمرأة التي هي أقل منهم اجتماعيا أو من تساويهم، ويفضلونها عن غيرها ممن تملكن القوة والشهرة وهذا ما أكده البحث -الذي بين أيدينا- فالرجال قد اختاروا (السكرتيرة) بشكل مطلق عن المديرة أو رئيسة العمل.
فالرجال يخافون من المرأة التي تمتلك الذكاء الاجتماعي؛ لأنهم يخشون ألا يكونوا أصحاب الأمر والنهي في منزل الزوجية، ويفضلون المرأة الأقل أو التي تماثلهم في المستوى الاجتماعي والوظيفي رغبة منهم في تحقيق الاستقرار لهم ولأسرهم وعدم وضع الأسرة في وضع حرج مستقبلا لأن المتضرر لن يكون الزوج فقط بل أفراد الأسرة جميعهم.
ثقافة مرفـوضة
أما الدكتورة (سامية خضر) أستاذة عـلم الاجتماع بجامعة عين شمس، فتقول: إن نتائج البحث القائلة بتفضيل الرجل للمرأة الأقل اجتماعيا ووظيفـيا شيء طبيعي، فمنذ أن بدأت الحياة وجد الرجل نفسه هو الذي يقود ويدير وهو الذي يشير ويترأس وهو الذي يأخذ كل الهيبة لأنه ولد ذكرا..!!، وبالطبع يريد الرجل أن يستمر في هذه اللعبة بأن يكون دائما هو المسيطر وهذا يفسر اختيار الرجال للسكرتيرة لأنها تكون تحت سيطرته هـو بخلاف المديرة التي تعطي الأوامر فيكون الرجل في دائرة سيطرتها.
كذلك يمكننا القول بأن هناك تخوفا عند الرجل إذا ارتبط بمن هي أعلى منه اجتماعيا أو وظيفيا فقد يطلق عليه في هذه الحالة لقـب (زوج الست) وهو لقـب ترفضه ثقافة المجتمع العربي إلى حد ما.
وتضيف: المستوى الاجتماعي أو الوظيفي للمرأة أو للرجل سواء أكان قويا أو ضعيفا عند الزواج هو أمر نسبي ولا يمكن أن نتوقع النتائج المترتبة على الزواج في هذه الحالة، فهو يمكن أن يكون شيئا هامشيا لا قيمة له إذا كان هناك وعي من الطرفين، فإذا كان الرجل واعيا والمرأة واعية سينتج عن ذلك زوج ممتاز وزوجة ممتازة؛ ووقتَها لن يتم الالتفات إطلاقا إلى الوضع الاجتماعي أو الوظيفي بين الطرفين، فنجاح الحياة الزوجية يتوقف في الأساس على ثقافة الرجل وثقافة المرأة.