جدة: «الشرق الأوسط»
رغم التطور الحضاري وتقدم العلوم، الذي يشهده القرن الحالي، إلا أن صحة أطفالنا لا تواكب هذا التقدم بنفس الدرجة، فالتقارير تشير إلى أن تغذية الأطفال في الخمسينات كانت أفضل من تغذيتهم في الوقت الحالي، أو حتى في التسعينات. وهذا يعني أن صحة الأطفال كانت أفضل بكثير فيما مضى مقارنة بأيامنا هذه. وذلك يعود لارتباط مفهومي الصحة والمرض بنمط التغذية، فهناك العديد من المشاكل الغذائية التي تصيب الأطفال عموماً والرضع على وجه الخصوص مثل الإسهال، نقص الوزن، السمنة، أنيميا نقص الحديد، الحساسية وغيرها.
من هذا المنطلق يرعى غداً الثلاثاء الدكتور عبد الرحمن بن عبد العزيز السويلم رئيس جمعية طب الأطفال السعوديين، وبإشراف مدير عام الشؤون الصحية بمنطقة مكة المكرمة الدكتور ياسر بن سعيد الغامدي حفل افتتاح «حملة التوعية الوطنية بأمراض سوء التغذية»، التي تنظمها المديرية العامة للشؤون الصحية بمنطقة مكة المكرمة، ممثلة في مستشفى العزيزية للولادة والأطفال بجدة وشركة «وايث نيوتريشن» المنتجة لحليب بروجرس للأطفال، وذلك خلال الفترة ما بين 20 ـ 30 محرم 1426 هـ الموافق 1 ـ 11 مارس 2005 . وفي حديث مع «الشرق الأوسط» صرح رئيس الهلال الأحمر السعودي رئيس جمعية طب الأطفال السعودية الدكتور عبد الرحمن السويلم، أن الدافع الأساسي وراء هذه الحملة، هو ازدياد عدد الأطفال المصابين بسوء التغذية في المملكة، نتيجة سلوكيات التغذية غير السليمة، وهو الأمر الذي يؤدي إلى مشاكل في النمو الجسدي والفكري، حيث أظهرت دراسات أجريت سابقاً في دول خليجية أخرى، أن حوالى 40% من الأطفال الذين تتعدى أعمارهم العام الواحد، يعانون من فقر الدم المتأتي من نقص الحديد، وهذا يعتبر أمراً خطيراً، عندما نأخذ في عين الاعتبار أن 40% من سكان المملكة، لا تتعدى أعمارهم الأربعة عشر عاماً.
* سوء التغذية
* وأكد لـ«الشرق الأوسط» مدير عام الشؤون الصحية في منطقة مكة المكرمة د. ياسر بن سعيد الغامدي أن حملة التوعية الوطنية بأمراض سوء التغذية، حملة توعوية تهدف الى تسليط الضوء على السلوكيات الغذائية الخاطئة من وجبات غذائية وأكلات سريعة، لا تتناسب مع أعمار وأوزان الطفال. مع العلم أن سوء التغذية لا يعني نقص الوزن فقط، فالمفهوم قد تغير، والسمنة قد تكون من الآثار السلبية لسوء التغذية.
وأضاف د. الغامدي أن الحملة تستضيف 23 متحدثا من داخل المملكة والعالم العربي. وسوف يشارك في فعالياتها الى جانب وزارة الصحة، كل من الصحة المدرسية للبنين والصحة المدرسية للبنات، إدارة الصحة البدنية بوزارة التربية والتعليم، المركز العربي للتغذية، ومنظمة اليونيسيف العالمية.
وحول سؤال لـ«الشرق الأوسط»، عن مدى توفر برامج حمية غذائية شاملة للأطفال، أجابت الدكتورة خيرية محمد موسى رئيسة اللجنة العلمية للحملة: «إن غذاء الأطفال مسألة وطنية بكل نواحيها. لذا طورت جمعية طب الأطفال السعودية بالتعاون مع «وايث نيوتريشن»، المنتجة لحليب بروجرس، هذا البرنامج لتزويد الأهل بالمعلومات اللازمة لتوفير حمية غذائية شاملة تحتوي على كل ما يحتاجه الطفل من عناصر غذائية، تضمن نموه بشكلٍ طبيعي عبر سلسلة من النشاطات المشتركة». وأضافت «أن هذه الحملة تشتمل على منتدى طبياً للأطباء في جدة يعالج موضوع النقص الغذائي لدى الأطفال، وعلى برامج تثقيفية وترفيهية وفحوصات مجانية للأطفال وذويهم في فندق جدة هيلتون، بالإضافة إلى إحياء برامج في المدارس وفي المراكز التجارية الكبرى في جدة (الحجاز، آيس لاند، التحلية، وحراء).
* مخاطر السمنة
* وعن أهم الأمراض الناجمة عن سوء التغذية، ذكر لـ«الشرق الأوسط» خبير علوم التغذية ومدير المركز العربي للتغذية بمملكة البحرين د. عبد الرحمن عبيد مصيقر، أن دراسة خليجية أجريت ببرنامج البحوث البيئية والحيوية بالمركز أظهرت أن السمنة هي في مقدمة هذه الأمراض، وأن نسبة الإصابة بها في دول مجلس التعاون الخليجي تبلغ 60 في المائة. وأن نسبة الاصابة عند الأطفال قبل السن المدرسي تتراوح بين 5 و10 في المائة ترتفع تدريجيا بعد ذلك، لتتراوح بين 10 إلى 15 في المائة عند أطفال المرحلة الابتدائية. أما عند طلاب المرحلة المتوسطة فتتراوح النسبة السمنة بين 15 إلى 20 في المائة، وما بين 20 إلى 40 في المائة عند طلبة المرحلة الثانوية، وهي نسبة تعد عالية مقارنة بالدول المتقدمة، طبقا للدراسة. وأضاف مصيقر أن السمنة أكثر انتشارا بين النساء. وهي نسبة تفوق بكثير مثيلتها في الدول المتقدمة. وقال إن نسبة الإصابة بالسمنة لدى المتزوجات في دول الخليج تتراوح بين 50 و70 في المائة، وعند المتزوجين بين 30 و50 في المائة. وتختلف النسب من دولة إلى أخرى، وكذلك من منطقة إلى أخرى. ومن أسباب السمنة لدى النساء تكرار الحمل مع عدم وجود وقت كاف بين الولادة والحمل الجديد. وذكرت الدراسة أن المرأة الخليجية يزداد وزنها أكثر من المطلوب أثناء الحمل إذ لا يجب أن تتجاوز زيادة الوزن في حالات الحمل العادية 13 كيلوغراما، لكن المرأة الخليجية تصل زيادة وزنها إلى نحو 20 كيلوغراما. وحذر من أنه إذا كانت السمنة مترسخة في فترة الطفولة، فإن ذلك يعني احتمال استمرارها في مراحل الحياة الأخرى.
أما الدكتور باهر مسعود المدير الطبي لشركة «وايث الشرق الأوسط وشمال أفريقيا» فقال: «يشرّفنا التعاون مع جمعية طب الأطفال السعوديين في هذه الحملة التي ستعود على الأطفال بفوائد عديدة، ونتطلع إلى توطيد أواصر التعاون بيننا لرفع مستوى الوعي لدى المعنيين في شؤون تغذية الأطفال. يشهد علم التغذية هذه الأيام تطوراً سريعاً يغير المفاهيم والممارسات العلمية دوماً، ولهذا فمن الضروري أن تساهم وايث في نشر هذه المعلومات عبر حملات توعية كتلك التي نشارك في إطلاقها الآن».