تباحث نحو 30 عميدا لكليات الطب بالوطن العربي في كيفية تطبيق قرار لمجلس أمناء مركز تعريب العلوم الصحية بإصدار مناهج عربية متكاملة لجميع سنوات الدراسة بكليات الطب العربية، وذلك خلال ندوة شهدتها جامعة الدول العربية الأسبوع الجاري، وشارك فيها أيضا 40 من أساتذة كليات الطب العربية.
وأجمعت آراء المشاركين في الندوة على أن تعريب العلوم الطبية ضرورة اجتماعية لرفع كفاءة الخدمات الصحية في الدول العربية مع عدم إغفال اللغة الإنجليزية كلغة عالمية في كليات الطب.
وعرضت خلال الندوة أوراق عمل تناقش إمكانية تطبيق مشروع المناهج الطبية المعربة عمليًّا في كليات الطب بالجامعات العربية، وذلك بعد أن تم تعريبها بالفعل تنفيذا لما أقره مجلس أمناء مركز تعريب العلوم الصحية في دورته المنعقدة في نوفمبر 2000 بمقر المركز بالكويت.
وفي هذا الصدد، أوضح الدكتور إيهاب عبد الرحيم رئيس قسم التأليف والترجمة بالمركز أن المركز انتهى من إصدار مناهج معربة في التخصصات المختلفة بالإضافة إلى قواميس في بعض التخصصات، واقترح بعض الخطوات العملية لتطبيق المشروع في كليات الطب بجامعات الدول العربية وذلك بعقد دورات تأهيلية للغة العربية والمصطلحات الطبية للأساتذة على غرار ما يتم إذا قام طالب الدراسات العليا بتقديم رسالته في بلد لا يتقن لغتها، ولم يدرس بها مثل ألمانيا وفرنسا.. مع الاستعانة بخبرات تلك الدول في هذا المجال.
كما دعا لتفعيل المشروع إلى إيجاد حوافر مادية وعلمية ومعنوية لأعضاء هيئة التدريس كالترقية مقابل الأبحاث المترجمة والمعدة باللغة العربية أو تخصيص جوائز تقديرية لأحسن إنتاج علمي بالعربية، بجانب تنظيم زيارات دورية لأعضاء هيئة التدريس إلى كليات الطب التي تدرس بالعربية كسوريا والسودان واليمن والسعودية، مما يساعد المدرس على الاهتمام باللغة والتعريب ويشجع أعضاء هيئة التدريس على الترجمة والتأليف والتعليم باللغة العربية.
الأزهر أولا
الدكتور أسامة رسلان الأمين العام بنقابة الأطباء المصرية طرح في ورقته المقدمة للندوة اقتراحا بالنسبة لمصر بأن يقوم أولا أحد فروع كلية طب بجامعة الأزهر بتطبيق هذه التجربة باعتبار أن "هذا لن يكون غريبا على طلبة الأزهر وأساتذته الذين يحفظون القرآن الكريم".
من جهته، دعا الدكتور محمد سومان الأستاذ بكلية الطب جامعة دمشق إلى البدء في مرحلة أولى بتدريس مقررات العلوم الأساسية العامة باللغة العربية؛ وذلك لأنها في غالب الأحيان استمرار للمرحلة ما قبل الجامعية، على أن يتم تقييم هذه المرحلة بعد عام من التطبيق عن طريق استقصاء رأي الأساتذة والطلاب وهيئة خبراء تشكل من قبل مركز تعريب العلوم الصحية ومنظمة الصحة العالمية.
كما اقترح الدكتور زهير أحمد السباعي أستاذ طب الأسرة والمجتمع بجامعة الملك فيصل بالسعودية أن تكون هناك توصية بألا يُرقَّى أساتذة كلية الطب إلا بإصدار كتاب باللغة العربية كل سنتين على الأقل ومقال واحد كل عام مضيفا: "وبهذا ستكون لدينا حصيلة جيدة جدا من الإصدارات الطبية باللغة العربية".
من السودان، عرض الدكتور عثمان طه عثمان عميد كلية الطب بجامعة الجزيرة مقترحا آخر يطالب بتوجيه خطاب من وزراء التربية والتعليم بتخصيص مادة واحدة على الأقل تدرس باللغة العربية داخل كليات الطب، مع عدم إغفال الجانب الترويجي لتعريف الأساتذة والطلاب بأهمية تعريب العلوم الطبية ومدى جدواه.
وفي المقابل، شهدت الندوة إجماعا من الحاضرين على ضرورة عدم إغفال تعلم اللغة الأجنبية بموازاة عملية تعريب المناهج الطبية، بحيث ترافق المصطلحات المعربة الترجمة الأجنبية لها لكي يكون الطالب متحدثا جيدا باللغتين.
في هذا الصدد قال الدكتور زهير السباعي من مصر: "درجت العادة عندنا على أن يشرح الأستاذ بالعربية وينطق المصطلحات بالإنجليزية فيتخرج الطالب دون لغة حوار واضحة فلا يجيد العربية ولا الإنجليزية".
وجاءت أكثر الاقتراحات إثارة للجدل من الأستاذ الدكتور فهد بن عبد العزيز المهنا عميد كلية الطب سابقا بالسعودية الذي دعا إلى إنشاء كليات طب جديدة تكون اللغة الأساسية للدراسة فيها العربية على أن يشترط في منهج الكلية استخدام المصطلح الطبي باللغة الإنجليزية.
واعترض على هذه الفكرة عدد من الحضور بحجة الخوف من ألا يكون هناك إقبال على هذه الكليات من قبل الطلبة وأولياء الأمور نتيجة الانطباعات الخاطئة بأن خريج الكليات العربية هو طالب من الدرجة الثالثة.
وفي ختام الندوة التي عقدت الإثنين 18-4-2005، أشار الدكتور عبد الرحمن العوضي الأمين العام لمركز تعريب العلوم الصحية بالكويت إلى ضرورة تشكيل لجنة للسير في خطوات تنفيذية لتعريب المناهج الطبية، كما أعلن عن اعتماد جائزة مقدمة من المركز لأفضل 5 أبحاث عربية طبية سنويا.