بقلم : سكينة فؤاد لم أشاهد جلسة مجلس الشعب التي نشرتها الصحف صباح الخميس الماضي, والتي أعلن فيها وزير الزراعة, وفق المنشور, أن العالمة المصرية التي ادعت أنها يمكن أن تحقق الاكتفاء الذاتي من القمح ليست دارسة للزراعة, وأنه تبين أن الوزير السابق مول مشروعها بـ620 ألف جنيه, وأنها أهدرت هذا المبلغ, وأنه ابلغ الرقابة الادارية بالواقعة.. عديد من علامات الاستفهام والتعجب يثيرها الرد وفي مقدمتها كيف كلف وزير الزراعة السابق من لا صلة لها بالزراعة بانجاز مشروع لتربية وإكثار ونشر أصناف القمح المصري؟ اعتمادا علي أبحاثها العلمية وخطتها التنفيذية للمشروع المقدمة منها الي اللجنة التنسيقية لمشروعات المجموعات الأوروبية وأيضا وزارة التخطيط, ولماذا لم يعلن الوزير أحمد الليثي رأيه في المشروع الذي قدمناه اليه ملخصا في وثيقة مسجلة بالصوت والصورة لتاريخ وانجازات المشروع, وكان من أهم ما ضمنته هذه الوثيقة شهادات مديري مراكز البحوث الزراعية, التي تم في اطارها المشروع, بالانجازات التي حققها والأرقام غير المسبوقة لانتاجية الفدان بأصناف عالية الكفاءة في أراض وعرة وترتفع بها نسبة الأملاح, والشريط واحد من مئات الساعات الموثقة بالصوت والصورة لكل خطوة من خطوات المشروع في أثناء سنوات التنفيذ وفي أثناء إجراء الأبحاث الأكاديمية والميدانية التي قام عليها, تلك الوثائق التي لا تستطيع أي ادعاءات أن تكذبها والتي تضم شهادة صاحب لقب أبوالقمح المصري د. عبدالسلام جمعة, كما شاهده حضور مؤتمر القمح, الذي عقد بنقابة الصحفيين جالسا يتكلم في القاعة ومتحدثا فوق إحدي الوثائق المصورة, وهو يقوم بحساب انتاجية سنابل اقماح المشروع, كذا في رد منشور له بالأهرام يعترف بما اودع في مخازن المركز من بذور انتجها المشروع, تمهيدا لتوزيعها ونشرها بين الفلاحين قبل أن تختفي, ويوقف المشروع وقد جاء في الرد, أنه قد تم بالفعل توزيعها علي الفلاحين, كذا يعلن الوزير الحالي أن الوزير السابق مول المشروع بـ620 ألف جنيه اهدرتها مديرة المشروع بينما المشروع ممول من منحة غير مردودة من السوق الأوروبية, وتكشف مستندات الصرف الحقيقية والتي قدمتها مديرة المشروع للنيابة العامة والي الأجهزة الرقابية والأمنية والقضاء, ما انفق علي المكافآت والاتاوات التي كانت تدفع وفق اسلوب عمل الوزارة السابقة, وربما تتجاوز هذه الاموال ما انفق علي المشروع برغم ما حققه من نتائج اشاد بها كبار الخبراء المحليين والدوليين وعلي رأسهم أ.د. أحمد جويلي وأ.د. فاروق الباز, الي جانب ما قام به المشروع من تشييد للآبار والورش ومعاصر الزيتون ومراكز الحرف والمعلومات, التي تحوي أهم أبحاث المشروع في الجيولوجيا وبحوث التربة والبيئة والمياه والخرائط والصور الفضائية والرسوم الهندسية, الي جانب أهم بحث مرئي تطبيقي من خلال منهج البحوث الانثروبولوجية: علم الأجناس, الذي يعني بالحفاظ علي الاصول والصفات الوراثية واحترام التنوع البيولوجي, وهي علوم تؤكد التوجه الطبيعي بين الانسان وسائر الكائنات الحية وعلي رأسها النباتات وعناصر البيئة المختلفة, وتوثق وتنمي مصائرهم المشتركة وهي جوهر الدراسات التي حصلت بها الباحثة علي درجتها العلمية المتميزة من جامعة السوربون والتي لايستطيع ان يدرك اهميتها وصلتها بالزراعة والجزور والانسان والحيوان والتربة الا علماء وخبراء متخصصون!! ومع ذلك.. فإذا كان كل هذا مزورا وبلا أصول علمية, فكيف دخل خطة الدولة حتي عام2017 وبرقم كودي306800 ووافق عليه مجلس الشعب ورئيس الجمهورية؟! * إنها ليست مأساة عالمة إنما مأساة أمة, بدلا من أن تدرس وتنمي ويعاد بعث وحساب ما ضيع عليها من استثمار لمشروعات قومية, لاشك أنها محور الدفاع وليس الافراد, يتهم ويلوث كل من عمل وامتلك حلما ومشروعا لإنقاذ بلاده, ذلك الحلم والمشروع الذي يدخل في اطار تحقيق الاكتفاء الذاتي الذي اعلن الوزير أحمد الليثي تبنيه منذ تولي الوزارة, كما أعلن في احاديثه الصحفية وفي اتصاله التليفوني بي عقب تعيينه, مشيدا بكل ما كتبت ودعوت اليه لتحقيق الاكتفاء وما نشرت من نماذج عملية وتطبيقية لتحقيقه, وفي مقدمتها هذا المشروع القومي الانمائي الارشادي لتطوير البيئة الانسانية بصحارينا, والذي سارعت بتقديمه الي وزير الزراعة بين عديد من مشروعات في مختلف مجالات محاصيلنا الاستراتيجية, تحمل أهداف وخطط تحقيق الاكتفاء, وكان الأمل والواجب العلمي والوطني أن تخضع هذه المشروعات لفحوص ودراسة لجان علمية محايدة بعيدا تماما عن مافيا الفساد, التي كما قال الوزير الليثي في واحد من أحاديثه المنشورة, وجدها تحكم وزارة الزراعة, واذا كان الوزير الحالي في معرض اتهامه للباحثة والعالمة المصرية قد دافع عن الوزير السابق, فلماذا التزم الصمت إزاء ما نشرته الصحف علي لسانه من تصريحات تدين وتتهم السياسات والممارسات الزراعية السابقة, الا اذا كان رئيسه ووزيره السابق لم يكن مسئولا عنها؟! وفي نفيه ان تكون الاسمدة والمبيدات مسرطنه لماذا لم يتقدم الي النائب العام, بالشهادات والأدلة العلمية التي تدحض وتكذب ما انتهت إليه تحقيقات النائب العام في قضية المبيدات المسرطنة والأحكام الواضحة والمشددة التي صدرت فيها, أو علينا أن نفهم ان التحقيقات والأحكام مثل العالمة مزورة؟! * ننتظر من وزير الزراعة أن يوافينا بنتائج بلاغه الي الرقابة الادارية بإهدار620 ألف جنيه, وان يوافينا ببقية أرقام ووقائع التدمير والتبديد في الوزارة, وسنوافيه والقراء بنتائج التحقيقات التي سبقت بها العالمة المصرية الي النائب العام والي جميع أجهزة التحقيق والرقابة والقضاء, ورحم الله أبناء أمة تنتهي مشروعات انقاذهم الي هذه المتاهات والعبث والتلويث والاتهامات, وتبقي ملحوظتان: * انه علي أهمية الفرد وقيمته فلم اتبن إلا مشروعات قومية, امتلكت بالوثائق والأدلة العلمية فكر ومناهج انقاذ هذا الشعب المثقل بالفقر والجوع والعجز والمرض والديون. * وبارقة أمل أن اشتداد الظلم والإظلام إيذانا باقتراب الفجر. *من العالم الجليل واستاذ القانون الدولي وعضو المجلس القومي لحقوق الانسان د. فؤاد عبدالمنعم رياض وصلني تعقبا بالغ الاهمية علي مقال الاسبوع الماضي حول ماذا بعد اعتراف المجلس بالانتهاكات التي يتعرض لها المصريون ولماذا لم يواجه تقرير المجلس وقائع الحروب البيولوجية التي تخترق وتدمر غذاء المصريين وصحتهم وامنهم الحيوي واعتذر لتأجيل النشر للاسبوع القادم.