2005/02/27 أ.د. سيد دسوقي** أعرف صاحب أرض يرفض تعيين أحد من السادة المهندسين الزراعيين، ويفضل عليه شابا لا يقرأ ولا يكتب ولكنه تعلم كيف يزرع، وتعلم كيف يدير ويصون ماكينة المياه، وتعلم كيف يقود ويصون الجرار الزراعي. وكان هذا التعليم كله في مدرسة الحقل، أقصد مدرسة العمل من صغره صبيا في المزرعة. هذا الشاب لا يشكو فاقة.. لقد تزوج صغيرًا ويدخر من مرتبه وينفق على أهله، بينما من هم في سنه يضطجعون على الأرائك في مصر يأكلون ويشربون ولا ينتجون ولا يستحيون، ثم يتحدثون في سياسة العالم. إن هذا الشاب لا يعرف أين تقع نيكاراجوا، ولا يعرف بالتأكيد عن الهند إلا أنه ليس هنديا، يعيش هو وأمثاله -ممن أخطأهم نظام التعليم الحالي- في بحبوحة كريمة.. بحبوحة كنا نحارب الدولة في الأربعينيات إشفاقا عليهم منها حيث كنا نظنها حينئذ معيشة ضنكا. كما أنه وأمثاله يسهمون فيما نسميه تنمية البقاء التي تتمثل في القدرة على العيش بعالم أشياء بسيط جدا يحقق الاكتفاء القانع بالاحتياجات الأساسية ولا يزيد. وأول ما يلفت نظرنا هو أننا قبل خمسين عاما كان نظامنا الحياتي قد استمرت أموره في إطار تنمية البقاء وما تبعها واستقر معها من نظام تعليمي وتدريبي، فمنظومة التعليم والتدريب حينئذ لم تكن منظومة حكومية بأسرها، فآلاف الورش تخرج آلاف العمال الذين يصنعون لنا كل ما قنعنا به من احتياجات، وآلاف الكتاتيب تدفع بملايين إلى الحقول لتصنع طعامنا، وتدفع ببضع مئات أو آلاف إلى التعليم الحكومي أو الأزهري حيث تتكون طبقات من الوعاظ والقضاة والإداريين والفنيين. فخ التعليم العام والآن أسرت كل هذه الملايين في قبضة التعليم العام، ففقدت الحرف والحقول كل الملايين المنتجة، والحقيقة أن التعليم العام دفع بها وما زال يدفع بها إلى الشارع حيث لا تستطيع أن تطعم نفسها ولا تصنع ثيابها ولا حتى أن تدافع عن نفسها. ومن الغريب ونحن على أبواب كارثة محققة في الشراب والطعام والإسكان أننا ما زلنا نصر على الأسر من غير تمهين!. ومن الغريب أن أمة هذا حال شبابها تغرق نفسها في حياة مترفة. فهي تأكل كأسود الغابة، وتشرب كأن أنهار الدنيا تصب في زيرها، وتلبس الحرير والقطن طويل التيلة، وتعين لنفسها وزيرًا للترفيه وتطلق يده في أدوات العصر من إذاعة وتلفزيون يدغدغ عواطف الناس آناء الليل وأطراف النهار. هذه الأمة لا أمل في تجاوزها لنقطة الصفر.. بل هناك احتمال للتقهقر إلى ما وراء الصفر. منهج الأوابة لقد أصبحت ضرورة ارتباط المنظومة التعليمية بالمنظومة التنموية أمرًا بالغ الأهمية، وهي نقطة الانطلاق في أي عملية للإصلاح. وللأسف فإننا نفتقد أجهزة الربط بين منظوماتنا المختلفة، كما نفتقد في تخطيطنا لمنظوماتنا المختلفة إلى منهج علمي متحضر يعتمد على الطريقة النظمية التي تعتمد بدورها على الفكر الأواب. إن أعظم أداة إصلاحية يستخدمها الدين على مستوى الفرد والجماعة هي منهج الأوابة، ذلك المنهج الذي يقوم على قياس الواقع ومقارنته بما هو مرجو ومحاولة إلغاء هذا الزيغ بين الواقع والمرجو بطريقة مثلى. وفي هذا السياق لن أتعرض لتصميم المنظومات المختلفة بقدر محاولتي طرح العلاقة بين منظومتي التعليم والتنمية، محاولا أن أصل إلى بعض ما نريد من إصلاح في قضية التعليم. ولعلنا نلخص طيف التنمية المرجو في ثلاثة عناصر أساسية، هي: تنمية البقاء، والنماء، والسبق. وسوف يستتبع ذلك أيضا طيف تعليمي فيكون عندنا تعليم للبقاء وثان للنماء وثالث للسبق. والملاحظة الأولى التي أحب أن أصرف إليها الانتباه هي أن الطاقة البشرية سوف تتوزعها أنواع التنمية بنسب مختلفة، فالنسبة الكبرى تعمل في خريطة أعمال تنمية البقاء ثم تليها تنمية النماء ثم تنمية السبق. تنمية البقاء: ونعني بها الاستخدام الأمثل للموارد الطبيعية وعزائم الرجال من أجل تحقيق اكتفاء كريم في متطلبات الحياة الأساسية من طعام وشراب وكساء، واضعين نصب أعيننا طهارة البيئة من حولنا والقصد والاقتصاد في كل شيء. وفي هذا النوع من التنمية يخطط عالم الأشياء بحيث يحقق العيشة الكريمة، وبحيث يصنع أغلبه إن لم يكن كله بأيدي الناس، مقللين ما استطعنا من الميكنة. ولكن ما طبيعة الأعمال في هذا النوع من التنمية؟ وما طبيعة التعليم الذي يصاحبها؟ للإجابة على ذلك حسب مفهومنا لتنمية البقاء نضرب المثال التالي: في منطقة زراعية يتوفر فيها الماء والأرض الصالحة يجب أن نرسم خريطة الأعمال المطلوبة لتحقيق تنمية البقاء سواء كانت أعمالا زراعية أو تصنيع منتجات زراعية أو خدمات زراعية أو خدمات عامة أو تربية حيوانية. وحينئذ نصمم مناهج التعليم بحيث تعطيها بعدا بيئيا يعين الطالب أثناء دراسته على أن يتفاعل مع بيئته الزراعية تفاعلا مثمرا، وما أن يبلغ الطالب السادسة عشرة حتى يكون قد امتهن مهنة هو قادر عليها. فإن شاء أن يكمل دراسته في نفس ميدانه وكان عليها قادرا ماديا وعلميا فيبقى أن نوفر له الفرص. وإن شاء أن يمضي في الحياة العلمية بضع سنين يجمع فيها خبرة علمية فلا بأس، ويستطيع أن يعود متى شاء للدراسة وسوف نعينه بمعينات سمعية وبصرية وبالكتب في برامج تشبه الجامعة المفتوحة. وبالطبع ستكون هناك منح من الدولة للمتفوقين ليكملوا دراساتهم العليا على نفقة الدولة متى شاءوا. وبذلك يسهم الطالب في خريطة الأعمال الخاصة بتنمية البقاء فترة من حياته تطول أو تقصر حسب استعداده الفطري وهمته الحضارية بحيث يستطيع بعدها إن كان من المتميزين أن يكون له مكان في خريطة الأعمال الخاصة بتنمية النماء. تنمية النماء: ويتبنى هذا النوع من التنمية عالم أشياء من النوع السائد في الحضارة المعاصرة وخاصة الضروري منه، وهو ما يتعلق بوسائل الدفاع واستخراج كنوزنا المدفونة وتصنيعها. وما يستتبع ذلك من نظام تعليمي وتدريبي وبحثي، ويكون من ثمرات هذا الطريق نمو عالم الأشياء نموا سرطانيا قد يضر الإنسان، ومن ثم فإنه ينبغي تصميم منظومة تنمية النماء بحيث نحاول تلافي ما حدث في الغرب من تلوث في البيئة. ورغم أن تنمية النماء إذا أحسن إعدادها قادرة على استيعاب كل أفراد الأمة في العمل فإننا في عالمنا البائس نتوجه إلى استيراد عالم الأشياء دون أن نصنعه فتضيع علينا فرصة العمر في عملية التعليم والتدريب. والأصل ألا نتبنى عالم أشياء نحن غير قادرين على صناعته.. وكذلك ينبغي ألا نتبنى خدمات يصنعها لنا غيرنا. ففي هذا النوع من التنمية ينبغي أن يكون معدل النمو في عالم أشيائنا أبطأ من تقدمنا العلمي والتقني إلا في حالات الضرورة القصوى والتي ينبغي ألا تزيد عن نسبة ضئيلة تتجه معظمها إلى قضايا الدفاع. وتستطيع برامج تنمية النماء أن تعمل على تطوير آليات تنمية البقاء من خلال البحوث المتقدمة التي تهتم بتطوير الوسائل المستخدمة وإبداع طرائق جديدة لترشيد الطاقة وتحسين الأنواع والقضاء على المعوقات والأمراض وكذلك عمليات التكامل بين الأنشطة المختلفة في تنمية البقاء. فمثلا تستطيع البرامج المتقدمة في تنمية النماء أن تعمل على تصميم طواحين هوائية مناسبة لرفع المياه وتوليد الكهرباء بحيث يمكن تصنيعها في ورش صغيرة مما يندرج في تنمية البقاء، كما يمكن استنباط أنواع جديدة من السلالات يدرب عليها المزارعون. كما يمكن عمل بحوث عن طرائق بسيطة لنصنع الطوب من طفلة متوفرة وتصميم منزل قروي مناسب. كما يمكن تطوير الآلات المستخدمة في الزراعة... إلخ. كل ذلك وغيره لا يمكن القيام به إلا من خلال منظومة عملية بحثية لا يمكن توافرها إلا من خلال نوع متقدم من التنمية وما يستتبع ذلك من عمليات تعليمية وتدريبية تستدعي برامج جديدة في الجامعات سواء في مرحلة البكالوريوس أو الدراسات العليا. تنمية السبق: ونعني بها في مثل ظروفنا أن علينا أن نختار لأنفسنا بعض الميادين التي نتسابق فيها والتي نستطيع أن ننجز فيها شيئا، خاصة أنه تربطنا بالشعوب العربية والإسلامية رابطة خاصة تجعل نمونا نموهم وسبقنا سبقهم. ومن ثم يصبح التلاحم قضية مصيرية. فإذا ضاع هذا التلاحم فإن ذلك يعني فشلا ذريعا في ميدان السياسة ينبغي أن نعمل على إزالته، فنحن نستطيع أن نسبق في ميادين ثقافية، ونستطيع أن نسبق في ميادين زراعية، ونستطيع أن نسبق في ميادين سياحية، ونستطيع أن نسبق في ميادين تكنولوجية، والقضية هي أن ننظر إلى الخريطة الكاملة لكل ما نستطيع أن ندخل فيه سباقا ونبدأ تدعيمه ببرامج تعليمية وتدريبية وتقنية. المدرسة وتوصيف المهارات ومن الوسائل التي تحقق أنواع التنمية السالف ذكرها وخاصة تنمية البقاء.. "المدرسة الشاملة وتقنية التعليم"، ونعني بالمدرسة الشاملة تلك التي نسمح فيها بقدر من الحرية الدراسية فيما يتعلق بالمواد التقنية وكميتها مقارنة بالمواد الإنسانية الأخرى. والإضافات التقنية سوف تتلون بالبيئة المحيطة، ولتحقيق هذه الإضافات لا بد من مشروع لتوصيف الحرف والمهارات توصيفا يتناسب مع قدرات الطالب وينمو معه. فمثلا يمكن توصيف مهارات السباكة لطالب المرحلة الابتدائية، بحيث تصبح عنده القدرة على إصلاح حنفيات البيت، ثم نزيد الجرعة في المرحلة الإعدادية حيث يصبح قادرا على تركيب سباكة البيت، ثم نزيد الجرعة في المرحلة الثانوية حيث يصبح هذا الطالب قادرا على تركيب شبكات معقدة. وعملية توصيف الحرف والمهارات البيئية يمكن أن تصاحبها صناديق الحرف والهوايات التي إن عجزت الدولة عن توفيرها فيمكن للطلبة شراؤها والتدريب عليها في البيت والمدرسة. وفي مدرسة ساحلية مثلا يمكن أن تكون الإضافة التقنية متعلقة بصيد الأسماك وحفظها وتعليبها وفي بناء القوارب وفي صناعة أدوات الصيد وما تستلزمه الصناعات السمكية. وتنظيميا يمكن للإدارات التعليمية أن تضطلع بوضع المناهج التقنية في منطقتها بما يتناسب مع بيئتها الخاصة، ويبقى بعد ذلك البعد الثقافي والحضاري في العملية التعليمية الذي ينبغي أن تقوم عليه وزارة التعليم حتى تضمن وحدة الأمة الثقافية والحضارية، وذلك من خلال الآتي: - وضع خريطة لعالم أشياء مطلوب. - وتأتي جهة ما في وزارة الصناعة لتقوم بترجمة هذه الخريطة إلى مجموعة من المشاريع توزع على أساتذة الجامعات والعاملين في مراكز البحوث الصناعية (غير الموجودة الآن). - ترتبط بهذه المشروعات مجموعات مختلفة تعمل على تطويرها وتشرك طلابها معها في المناهج والمشاريع والوسائل. - من أجل ذلك يجب العمل على تقنية التعليم بحيث يزاد الجزء التقني، ثم يليه الجزء التصميمي، ثم يليه الجزء التحليلي بنسب مناسبة لأوضاعنا الخاصة في هذه المرحلة. فمثلا "مطلوب مصاعد كهربائية"، ولكن دورنا الآن في هذه المصانع لا يتعدى صنع الكبائن وكل شيء آخر مستورد. تصوروا كمية البحوث والمشاريع وما يتفرع عنها من أعمال للمهندسين والفنيين والعمال. إننا سنضرب الرقم الذي يعمل الآن على الأقل في عشرة والأمر ليس صعبا، لقد قمت بتجربة في قسم هندسة الطيران بجامعة القاهرة، وصنعنا جهازًا للتحكم في المصاعد تكلف 300 جنيه مصري، بينما يتكلف مثيله من 7 آلاف جنيه إلى 10 آلاف جنيه (الدولار= 5.80 جنيهات). ولكن ما الذي يمنع أن نفعل ذلك في كل شيء؟ أعتقد أن هناك غيابا كاملا للمنظومة البشرية التي تسيطر على صنع القرار من أول الاختيار لعالم الأشياء مرورًا بترجمته إلى مجموعة من المشاريع العلمية والتطويرية وانتهاء بعمليات التصنيع المختلفة. وتسأل: أين في دولتنا مثل هذه المنظومة؟ فلا تجد لها أثرا.. وإلا فما الذي ينقصنا لتتوزع فيما بيننا الأعمال العلمية والتطويرية والتصنيعية لصنع غسالة متفوقة؟ وما الذي ينقصنا لنفعل نفس الشيء في كل مفردات عالم أشيائنا المرجو، ابتداء من قلم نكتب به إلى صاروخ ندفع به الأذى عن أنفسنا؟. إن برامج التعليم في جامعاتنا جيدة بكل المقاييس، ولا ينقصنا إلا أن نعيد النظر في النسب المثلى بين البعد التقني والبعد التصميمي والبعد التحليلي. وهي لن تفعل ذلك إلا إذا ارتبط أساتذتها بمشاريع قومية هادفة تحددها جهة حاكمة لعالم أشيائنا كما أسلفت. حينئذ سنجد الجامعات خلايا نحل: أساتذة وطلابا وباحثين. ويكمل الحلقة في الجامعة أن نطور نظام الترقيات لأساتذتنا، ونجعل إنجاز البحوث المتطورة في إطار المشاريع القومية أمرا ضروريا للترقيات ولا يتم بدونه. ويتواكب مع هذا نظام جديد للابتعاث نبتعث فيه الحاصلين على الدكتوراة من الجامعات المصرية لمدد قصيرة يتقصون فيها التقدم التقني والعلمي في ميادينهم من غير تضييع للوقت في مناهج وامتحانات نحن عليها قادرون. إن الوضع الحالي في مصانعنا مؤسف للغاية، فهي مصانع مجهزة تماما من الخارج، وليست فيها أجهزة تطوير إلا قليلا.. قليلا جدا، ولإصلاح هذا الوضع فإننا نقترح الآتي انطلاقا من مفهومنا لتنمية النماء: 1- وضع خريطة لعالم الأشياء المرتبط بتنمية النماء. 2- ترجمة هذه الخريطة لمجموعات من المكونات الأساسية. 3- صياغة مجموعة من المشاريع وتوزيعها على الجامعات ومراكز البحوث الصناعية إن وجدت لتطوير هذه المكونات في نموذج هندسي. 4- عمل مشاريع أخرى لتحويل النماذج الهندسية إلى نماذج صناعية. 5- الاتصال بالمصانع التي تستورد هذه المكونات لمنع الاستيراد، واستخدام النموذج الجديد بعد تصنيعه. 6- عمل نظام فعال لمتابعة نجاح المنتج الجديد، وتجميع كل المعلومات عن مدى تحقيقه للغرض الذي صنع من أجله. 7- متابعة التقدم العالمي في مثل هذا المنتج والاستفادة منه عن طريق إعادة الطرح في مشاريع جديدة من أجل التطوير إلى الأفضل. فإذا آمنا بأهمية إنشاء هذه المنظومة لتعمل في مجالات الهندسة، فلا مانع أن تتكون منظومات أخرى تقوم على نفس الأهداف في مجالات أخرى، مع التحذير الشديد بعدم خلط هذه المنظومات بعضها مع بعض. ذلك أن طبيعة مشاريع الحشرات والآفات وما يستتبع ذلك من بحوث ومشاريع تختلف اختلافا جذريا عن طبيعة المشاريع الهندسية، ولعل ذلك يكمن وراء عدم فاعلية أكاديمية البحث العلمي في حياتنا الصناعية. لقد ناديت مرارا وتكرارا بحقيقية غائبة عن تخطيطنا التعليمي، وهي أن العلم والتكنولوجيا كائنان متمايزان وغير متطابقين. صحيح أن التكنولوجيا المتقدمة تحتاج إلى مناخ علمي متقدم، ولكن يظل تعليم التكنولوجيا متمايزا عن تعليم العلوم. ومن ثم فإن الاعتراف بهذه الحقيقة المهمة سوف يدفعنا إن أردنا أن نتقدم إلى أن نمايز بين العنصر التقني في التعليم والعنصر التحليلي والتصميمي. ومن أجل ذلك ينبغي أن يعاد تصميم المناهج في كليات الهندسة بحيث يدخل العنصر التقني ومن ورائه العنصر التصميمي ومن خلفهما العنصر التحليلي في نسب مدروسة من شأنها أن تربط الجامعة بالصناعة وتنتهي بخريج قادر على العطاء الصناعي والإنتاجي. والآن ما هو دور نقابة مهنية مثل نقابة المهندسين في إطار المنظومة التي اقترحنا فيما سلف؟ إن دور النقابة يمكن أن نوجزه في الأمرين التاليين: 1- تنظيم عمليات تقنية التعليم الهندسي فيما قبل الجامعة.. فهذه مهمة تقنية ينبغي أن يفرغ لها تقنيون.. صحيح أننا نحتاج إلى تربويين وعلميين للتفاعل معنا في هذا الأمر، ولكن الأصل هم التقنيون. 2- إنشاء هيئة لدراسة خريطة عالم الأشياء المرجو والإشراف على المهام السبعة التي لخصناها من قبل في هذا الموضوع. وبعد.. فإن مشكلة البطالة في مصر(1) هي في الحقيقة مشكلة غياب الفلسفة والمناهج للتنمية الراشدة، سواء كانت تنمية البقاء أو تنمية النماء أو تنمية السبق. ومن ثم فنحن نتبنى عالم أشياء لم نخطط لصنعه ولم نتعلم لبنائه. إنها بصراحة غياب دور العقل -أي دور الدولة- والذي لخصناه مؤقتا في منظومة مقترحة رأينا أن تتعاون من أجل قيامها النقابة ووزارة الصناعة.