عن الإمام المحقق عبد الرحمن السيوطي كتب الشيخ أحمد شعبان المستشار الإعلامي لنقابة القراء يقول:
جمع في أبحاثه العديدة ومعارفه أصول الفقه والفرائض, ودون القراءات الصحيحة وما يتعلق بها من لهجات عربية متباينة, وله مباحثه القيمة المتعلقة بآيات القرآن, وأماكن نزولها, وتسمية سورها, مكية ومدنية.
فقد أسس علومه واجتهاداته من القرآن معجزة العلوم ومنبعها ودائرة معارفها, لأنه كلام الله الذي ليس كمثله شيء, وهو البحر الذي لاينقد مداده أبدا. ولقد استمد العلامة السيوطي مناهل علمه من هذا الحديث الحكيم, والإمام المحقق الحافظ الحجة عبد الرحمن كمال الدين السيوطي, ولدسنه849 هـ وينتهي نسبة إلي أصل فارسي, حفظ القرآن ولم يبلغ الثامنة, ثم رسل إلي القاهرة لطلب العلم من علماء الأزهر, فحفظ متون اللغة والفقه والقراءات, والحديث والأدب, وتزود بالثقافة التي تؤهله للتدريس فاطلع ونقب في أمهات الكتب, واشتغل بالتدريس حينا, وكانت دروسه محببة لطلابه, ثم اشتغل بالتأليف في بدء شبابه, حتي زادت مؤلفاته في علوم القرآن واللغة ما يقرب من خمسمائة كتاب, حوت المعارف كلها, وقد تولي الإفتاء حينا. ثم عكف علي الكتابة والتأليف فيما ينفع الأمة الإسلامية, ولتكون أبحاثه تراثا لذوي العلم وطلابه, كما قال صلي الله عليه وسلم:( إنما بعثت معلما) ـ وقوله:( بلغوا عني ولو آية) رواه الترمذي.
ولقد دون إبحاثه القرآنية ومعارفه العلمية مؤلفاته التي أصبحت مرجعا للفقهاء والعلماء والمحدثين إلي يومنا هذا, وهي من أهم المعارف في الدراسات القرآنية, وما يشترط فيها من تفسير, وهذا ما وضحه العلامة السيوطي في مؤلفاته وأقواله, يقول: إعلم أنه لايحصل للناظر فهم معاني الوحي, ولاتظهر له أسراره وفي قلبه بدعة أو كبر أو حب الدنيا أو هو مصر علي ذنب. وهذه كلها تحجب الإيمان, وتمنع رأية العلم, وينزع الله عنهم فهم القرآن, وتلي قوله تعالي:( سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق) سورة الأعراف.
ومن مؤلفاته التي وهبها الله للإمام السيوطي وفتحت له بأنوار القرآن والحديث الشريف!
الإتقان في علوم القرآن) ما ترك فبحثا فيه يتعلق بالقرآن إلا أورده وأوضحه, بداية من أول ما نزل من القرآن وآخر مانزل وأسباب النزول إلي غرائب التفسير والتأويل, وطبقات المفسرين, والقراءات الصحيحة ورواتها وشيوخها, وله كتاب قيم سماه( المزهر) فيه فقه اللغة وأصولها, والتوقيفي والوضعي, وكتاب: لبال النقول في أسباب النزول, وتفسير القرآن المسمي بالجلالين, ومن مؤلفاته في اللغة والنحو حسن المحاضرة, والأشباه والنظائر وله الطبقات ـ في رواه الحديث ـ هذه المؤلفات العلمية التي سخرها الله لخدمة كتابه العزيز, أودعها السيوطي نبوغه وجهده ما يقرب من سبعين عاما كلها في خدمة القرآن والعلم والدين, وعاش محققا ومفسرا وفقيها وإماما, حتي مات عن عمر يناهز السبعين عاما, فقد رحل عن دنيانا سنة921 هـ ودفن بمصر. الأدب وتاريخه. د. محمد خليفه ـ الإتقان في علوم القرآن.