ابن حميد: الدين الإسلامي قائم على العدل وصيانة عهد أهل الذمة
ابن حميد يصف الحروب بأنها نتاج (تخلف) في العلاقات الدولية: عبدالله عبيان (الرياض) اشار الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد رئيس مجلس الشورى الى العناية التي اولاها الاسلام لغير المسلمين والتي ادت بكثير من غير المسلمين الى اعتناق الاسلام والتدين به, وجعلت من لم يسلم منهم يميل اليه ويحترمه, واوضح ابن حميد ان حقوق الانسان وحقوق غير المسلمين وقضايا المرأة والديمقراطية وامثالها من الموضوعات المعاصرة قد جُعلت مسرحا تاجر فيه من تاجر وحاول ان يغمز فيها المسلمين من يغمز من بعض المستشرقين والمستغربين ومن يحتطب في حبالهم ممن تأثر بمؤثراتهم او انهزام في نفسه واستضعف قومه واهل ملته, واوضح ابن حميد في محاضرته عن (حقوق غير المسلمين في الاسلام) التي القاها في قاعة الملك فيصل بفندق الانتركونتيننتال بالرياض امس ضرورة ادراك اوامر السياسة ودوافع المصالح ومغريات الاطماع وما انيط ببعض الكتاب والاعلاميين من مهمات وادوار ناهيك عن بعض الساسة والفئات. واضاف: الموضوع الذي نتحدث عنه هو حقوق غير المسلمين ولاشك ان استغلال هذا الجانب من قبل المغرضين والحاقدين على الاسلام والمسلمين للتشويه يتطلب من المثقفين والكتاب المسلمين ان يتصدوا لمثل ذلك كونهم من يستقون مباشرة من المصادر الاصلية في الثقافة العربية الاسلامية من كتاب الله وسنة نبيه. واوضح ابن حميد ان العالم الاسلامي قد تأثر كغيره من البلدان بروح الثقافة الغربية في مجال العلاقات بين الدول التي اتخذت من المصلحة القومية والقوة اساسا لها, واشار ابن حميد الى ان معرفة هذا الاساس للعلاقات الدولية ليست ناشئة فقط من الممارسات العلمية المشاهدة بل انها من المسلمات التي تقررها الكتب المدرسية في جامعات الغرب والشرق على السواء. واضاف: اذا ادركنا ان هذا المبدأ وهذا الاساس هو ما يحكم مجتمع الحيوانات في الغابة ويحكم سلوك قاطع الطريق بغيره وكذلك سلوك العصابات فان ذلك يكشف لنا مدى التخلف في العالم المعاصر والعلاقات بين الناس فيه. ولعل قيام حربين عالميتين في القرن الميلادي المنصرم, طرفا الاولى التحالف الدولي والقوى الاوروبية المركزية وطرفا الثانية التحالف الدولي وقوى المحور وكذلك قيام حربين عالميتين في مستهل هذا القرن في خلال خمسة وعشرين عاما طرفا الاولى التحالف الدولي وافغانستان وطرفا الثانية التحالف الدولي والعراق لعل قيام تلك الحروب اكبر دليل على التخلف في اساس العلاقات الدولية. واوضح ابن حميد في مقارنة تبين الفرق بين الحق والباطل ان الاسلام قد وضع العدل اساسا للعلاقات الدولية وهذا المبدأ منطلق من كتاب الله وسنة نبيه واستحضر ابن حميد العديد من القصص والشواهد التي تدل على ذلك من خلال ماضي وحاضر الدولة الاسلامية واستشهد بعلاقة الاسلام مع الذميين من اهل الكتاب حيث كان الاسلام يوصي بعدم قتل الرهبان وكذلك حسن التعامل واخذ الجزية وقد توسع الشيخ صالح في تسليط الضوء على عهد اهل الذمة بين التأصيل والتطبيق وكذلك اوضح ان الاسلام نهى عن ايذاء المعاهد اضافة الى صيانته للعهود والمواثيق ووجوب التزام الافراد بها. وفي ختام المحاضرة فتح مدير الجلسة الدكتور صالح بن سعود العلي المجال لمن يود التداخل مع الدكتور صالح بن حميد وكانت ابرز المداخلات من قبل البروفسور رشيد العناني استاذ الادب الحديث في بريطانيا الذي قال اود ان اتساءل لماذا نحن المسلمين نتمسك بالمصطلح ولنأخذ على سبيل المثال مصطلح (اهل الذمة) الذي نتحدث عنه اليوم لان هذا المصطلح من وجهة نظري نشأ في عهد الفتوح الاسلامية والمصطلح في سياقه التاريخي كان ذا حيثية واضاف العناني قائلا لقد تحدث الشيخ صالح عن الدولة العصرية فلماذا لايواكب المصطلح الاسلامي الدولة العصرية? مشيرا الى اننا عندما نصف المواطنين غير المسلمين في البلدان ذات الاغلبية الاسلامية كمصر ولبنان وغيره ونطلق عليهم وصف (الذميين) فان فيها نوعا من ارتفاع الانا وهذا لايراعي الاخرين ويخالف مفهوم الدولة العصرية وكرر البروفسور العناني في سؤاله قائلا لماذا التمسك بالمصطلح في هذا الوقت? وقد اجابه الدكتور ابن حميد قائلا: ندافع عن المصطلح التاريخي لانه اتخذ كوسيلة (سب) للمسلمين وتشويه صورتهم وصورة الاسلام من قبل الحاقدين لذلك كان علينا ان نوضح الوجه الاخر للمصطلحات واما ما يخص اطلاق اسم اهل الذمة على الاقليات منهم في الدول الاسلامية فهذا غير معمول به لان الدول اصبحت دستورية بمعنى ان الانتماء في السابق كان للدولة الاسلامية دون تحديد مسميات او قوانين اما الان فاصبح الانتماء للدولة واصبح التعامل مع الشخص يخضع لقانون دولته وكذلك اصبح القادمون للوطن يسمون وافدين واصبحت لهم قوانين تنظيمية فمن المستحيل ان نجد دولة تعامل الوافد كالمواطن حتى وان كان الوافد مسلما لان التعامل هنا اشبه ما يكون قانونيا يتأثر بالعوامل والحيثيات التي يقوم عليها نظام الدولة. وفي مداخلة اخرى للعناني عن ما اشار له الشيخ في تغيير لباس المسلمين في الحرب في بعض الحالات قال العناني: ان هذا فيه مبالغة ويذكر بالممارسات النازية ضد اليهود عندما كانوا يجبرون على ارتداء اشارات صفراء تميزهم عن باقي الناس وقد اشار الحميد الى ان الظروف تحكم اللباسات في الحروب ويجب عدم الربط في ذلك بين المسلمين وغيرهم لاختلاف الاحداث والاهداف واشار الى انه لو نشبت حرب بين المسلمين وغيرهم وكانوا يتوقعون الخيانة فان توحيد اللباس يعتبر جانبا تنظيميا من انظمة الحرب. من جانبها تداخلت الزميلة فاطمة العنزي من اذاعة الرياض والتي تمنت ان تطبع المحاضرة وتوزع على سفارات المملكة في الخارج لتوزيعها بعد ترجمتها واستحضرت العنزي قصة لاحدى بناتها عندما كانت معها في الخارج ورفضت الابنة ان تمشي في شارع توجد به كنيسة واوضحت العنزي ان ابنتها اشارت الى ان معلمتها قد نصحتها بذلك وتمنت العنزي ان تستفيد تلك المعلمة من تلك المحاضرة لتعديل مفهومها الخاطئ لتعامل المسلمين مع غير المسلمين. كما تداخل مع ابن حميد مجموعة من الاسماء البارزة امثال المشير عبدالرحمن سوار الذهب, د.عوض القرني, الدكتور ناصر الحارثي, منيرة المشخص, د.سليمان الرحيلي وجميعهم تمنوا ترجمة المحاضرة وتوزيعها في الغرب.