سبر أغواره يؤدي لعلاجات جديدة جهاز المناعة يعاقب الجسم بالالتهاب
عند اصابة الجسم بأي اصابة طفيفة مثل لدغة ناموسة او حرق شمسي يطلق الجسم على الفور جهاز المناعة الذي يرسل بدوره خلايا وكيماويات طبيعية الى مكان الاصابة للقضاء على الجراثيم او الاوساخ واصلاح الاضرار التي نتجت.
عندما تذهب هذه الاسلحة الجرارة الى مكان الاصابة، يصاب بالالتهاب والورم وترتفع درجة حرارته ويسبب الألم، أو باختصار يحدث الالتهاب المعروف.
غير انه على المدى الطويل قد يسبب هذا الالتهاب اضراراً للانسجة التي كان القصد منه علاجها، وقد ثبت ان الجانب السلبي لذلك هو السبب في امراض مثل التهاب المفاصل، الذي يزحف فيه الالتهاب الى المفاصل وكذلك التصلب بأنواعه حيث يتم تدمير المادة العازلة حول الانسجة العصبية.
لكن العلماء لاحظوا ان هذا الالتهاب قد يكون وراء عدد كبير آخر من الامراض المزمنة التي تصاحب مرحلة الشيخوخة مثل البول السكري والزهايمر وهشاشة العظام والتصلب العصاري. كما ان لهذا الالتهاب علاقة بمرض الربو والتهاب الكبد وبعض مشكلات القولون والامعاء والالتهاب السحائي وحتى السرطان.
يقول الدكتور راسل تراس استاذ علم الامراض والكيمياء العضوية بجامعة فيرمونت لقد بدأ يتضح ان الاصابة بالشيخوخة وهرم الجسم وضعفه ثم الموت امور ترتبط بآلية جهاز المناعة الذي يحافظ على حياة الانسان ايضا ويجعله في صحة جيدة خلال مرحلة الشباب. وقد يعود السبب الى التاريخ الانساني السحيق، الى الصيادين الذين عاشوا مع العدوى بالامراض والاصابات، والانتقاء الطبيعي «البقاء للاصلح» ابقى على الذين لديهم استجابة قوية للالتهاب ولم يعش كثير من الناس فترة طويلة حتى يشهدوا الآثار بعيدة المدى للإلتهاب.
ويقول الدكتور بول ريدكر مدير مركز الوقاية من امراض القلب والشرايين في بريجام ومستشفى امراض النساء في بوسطن انه من الممكن ان نمط التكيف في الازمان البعيدة نتج عنه تعطل في مدى التكيف في عصرنا الحديث. ويأمل خبراء الطب في ايجاد وسائل جديدة لعلاج عدد من الامراض المزمنة عن طريق دراسة الالتهاب. ويهتم هؤلاء العلماء والخبراء بصفة خاصة بما يحدث داخل الاوردة.
وغالبية الاطباء في القرن العشرين اعتبروا ان الاوردة او الاوعية الدموية عموما هي مجرد انابيب لنقل الدم اي مجموعة مواسير قد يحدث بها انسداد بسبب تراكم الكوليسترول، يقول الدكتور بيترليبي رئيس قسم امراض القلب والشرايين في مستشفى بوسطن ان هذه النظرة قاصرة للغاية.
ويعتقد انه لن يكون هناك مجال لمرور الدم اذا تراكم الكوليسترول بكميات كبيرة، ويشعر المريض بألم في الصدر، واذا حدث انسداد كلي في الشريان التاجي تحدث الاصابة بالازمة القلبية.
الازمات القلبية
لكن الانسداد الكلي يسبب ثلاثا فقط من كل عشر ازمات قلبية، والبقية تحدث لاناس ينساب الدم في شرايينهم بشكل طبيعي على الاقل، حتى لو كان انسياب الدم من خلال نصف القطر الذي ينبغي ان يمر من خلاله. هذا الانسداد الجزئي يظهر لدى الذين يموتون بسبب ازمات قلبية في سن صغيرة نسبياً مثل الاربعينيات والخمسينيات ولا يوجد تفسير حتى الآن لهذه الوفيات بسبب الانسداد الجزئي.
وهناك جدل حول مسألة الالتهاب منذ عام 1800 عندما قال عالم الامراض الالماني رودلف فيرشو ان الشرايين المصابة الملتهبة قد تسبب أزمات قلبية، وقد نشطت هذه الفكرة مرة اخرى في منتصف القرن العشرين، لكنها لم تلفت الانتباه لان الاطباء يركزون على الحمية الغذائية قليلة الدهون والعقاقير التي تخفض نسبة الكوليسترول، كانت تلك العقارات فعالة، لكن لايزال نصف الاصابات بأزمات قلبية وفشل قلبي تحدث لدى اناس من اصحاب المستوى الطبيعي من الكوليسترول.
فلماذا يبدو ان هناك بعض الناس اكثر عرضة للالتهاب من غيرهم؟ قد يكون لنوعية الحياة أثر في ذلك. وقد يكون للمورثات دور ايضا. يقول الدكتور ريدلر ان الالتهابات بصفة عامة قد تمدنا بمجموعة جديدة من الاهداف العلاجية تساعد في العلاج والوقاية من الامراض لم نلتفت اليها من قبل.