ما زالت لدي قناعة تترسخ يوما عن الآخر، خصوصا بعد تفجيرات الأمس في العاصمة البريطانية، وهي أن مسلمي بريطانيا لا يعيشون في بريطانيا نفسها! فالمسلمون هنا بنوا لأنفسهم مواقع منعزلة، نفسيا، وثقافيا، واجتماعيا. تجد المرء منهم يحمل الجنسية البريطانية، ويشاهد قنوات بلاده، ويناجي تفكير من يعيش في قرى وطنه الأم، ولا يشعر بما يدور حوله في لندن، سلبا أو إيجابا. حتى بات المسلمون عنصرا غير مؤثر في المجتمعات الأوروبية، وخصوصا المملكة المتحدة، عندما يتعلق الأمر بمصالحهم. وإلا فكيف نفسر خروجهم بمظاهرات ضد الحرب في العراق، بينما لا يخرجون في مظاهرات لمصالحهم الذاتية كمواطنين بريطانيين. والحديث هنا عن التظاهر، كونه وسيلة تعبير مشروعة، ومؤثرة في لندن. ونحن نرى اليوم حرب الإرهاب على لندن، وبدون تردد أستطيع أن اجزم أن أول ضحاياها هم المسلمون. فكيف لا يخرج، من هرعوا إلى الشوارع ضد الحرب على العراق، للإعراب عن وقوفهم ضد حرب الإرهاب على لندن هذه المرة، وحديثي هنا عن مسلمي بريطانيا تحديدا. خطورة الصمت من قبل مسلمي لندن، تجعلهم في سلة واحدة مع من ارتفعت الأصوات ضدهم من المحرضين على الإرهاب والعنف في كل العالم، وان لم يخصوا لندن بفتاواهم، إلا أن الفتوى والتحريض اليوم لا يفرقان بين جغرافيا ولون ودين. فضحايا «الخميس الأسود» 7/7 ، كان من بينهم مسلمون وعرب أيضا. رأينا قبل أيام بيانات صدرت من بعض رموز ومؤسسات الجالية الإسلامية هنا في لندن، ونشرت في صحافة بريطانيا تدين الإرهاب، وهذا لا يكفي، لان مسلمي بريطانيا رفعوا سقف التوقعات، فمن خرج ضد الحرب على العراق، عليه أن يخرج احتجاجا على الإرهاب. هذا التعليق ليس تصيدا في الماء العكر، ولكنه تحذير من الصمت الذي قد يعني مشاركة لأصوات متطرفة ما فتئت تختطف صوت العقل في العالم العربي والإسلامي. أكتب، ويقيني أن من يعيش هنا في لندن، أو غيرها عليه أن يبدأ يومه بنشرة أخبار البلد الذي يعيش فيه، لأنه جزء منه، يؤثر فيه ويتأثر منه، وبالتالي محزن أن تمتنع عن تقديم صوتك لمن يقدم لك رغد العيش وحياة أفضل، في حين تمنح صوتك، ولو بالصمت، لمن احتكر لنفسه حق الحديث عن الدين والبشر، ولم يقدم إلا ضررا. قولوا عمليا، وبلسان وسلوك الشارع البريطاني، «لا للإرهاب»، وانه لا يمثلنا، خير من أن تتركوا أئمة الانترنت، وغربان الفضائيات، بكل لغات المسلمين، يتحدثون عنكم وباسمكم. نطالبكم بان تشاهدوا إعلام لندن، لان غربان الفضائيات عندما يتحدثون باللغة الإنجليزية يعبرون عن الحياة، وعندما يخاطبونكم عبر فضائياتكم وبلغاتكم، فهم يزفونكم إلى حفلات الزار التفجيرية، بل ويقولون لكم هنيئا لكم حب الشهادة. فكروا بحياتكم ومستقبلكم، ولا تتحولوا إلى مكتب «القاعدة» الإعلامي وانتم تتحدثون عن ما يحدث في العراق، فأهل بغداد لسان حالهم يقول عن المتباكين عليهم «مع أصدقاء مثل هؤلاء من في حاجة إلى أعداء».