اتخذت القمة العربية الأخيرة في الجزائر قرارا يقضي بأن يستضيف السودان القمة الدورية القادمة بدلا من جيبوتي, حسبما يقتضي التعديل الذي أجرته الجامعة العربية في قمة القاهرة عام 2000 على ميثاقها, والذي نص على أن تتم استضافة القمم العربية في كافة الدول الـ22 حسب الترتيب الأبجدي.
وبالنظر إلى أن معلومات الجزيرة نت كانت تشير قبل انعقاد قمة الجزائر بيومين إلى أن السودان هو الذي سيستضيف القمة المقبلة, فإن قرار القمة بإحالة الاستضافة فعلا إلى السودان يكون قد كرس فعلا مبدأ الإحالات في هذا المجال.
ويتلخص هذا المبدأ في أن تحيل الدول العربية الضعيفة اقتصاديا أو تلك التي لا ترغب بعقد القمة على أراضيها -لأسباب سياسة- الموضوع إلى الدول المقتدرة ماليا أو القادرة على تحمل التبيعات السياسية للاستضافة.
ويستمد هذا التصور مشروعيته من حالة جيبوتي- السودان أولا، ومن تخلي الإمارات عن استضافة قمة 2002 لصالح لبنان ثانيا, ومن تنحي البحرين عام 2003 عن عقد القمة على أراضيها بالتزامن مع التحضيرات الأميركية لضرب العراق, وهو ما استدعى عقدها في شرم الشيخ بمصر.
وتقتضي الموضوعية الإشارة إلى أن إحالة الاستضافة من الإمارات إلى لبنان قد تمت طواعية ومبادرة من رئيس دولة الإمارات الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان, وفي سياق حشد الدعم العربي للبنان الذي كان وقتها يقاوم الاحتلال الإسرائيلي لأراضيه.
مفهوم الإحالة وعما إذا كانت الإحالات صارت أمرا واقعا بعد قمة الجزائر, ينفي حسام زكي المتحدث باسم الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى أن تكون الحالات الثلاث لاستبدال البلد المضيف للقمة تعني وجود أزمة.
ويعتبر زكي في تصريح للجزيرة نت أن مفهوم الإحالة غير دقيق, مشيرا إلى أن الوضع بين جيبوتي والسودان تم بناء على تبادل أدوار يقضي بأن يستضيف السودان قمة العام المقبل فيما تستضيف جيبوتي قمة العام 2008.
ويشير المتحدث باسم الأمين العام في موضوع إحالة استضافة الإمارات إلى لبنان إلى أنه تم بناء على رغبة لبنانية, مضيفا أنه كانت هناك موجة من التضامن وقتها مع لبنان ومع عقد القمة على أراضيه. ويزيد أن الإمارات كانت "كريمة" حيث وافقت على ذلك.
وعن حالة البحرين التي فضلت عدم استضافة القمة لتزامنها مع التحضيرات الأميركية لاحتلال العراق, يقول حسام زكي إن القاعدة في عقد القمم العربية تقول بعقدها في دولة المقر برئاسة الدول حسب الترتيب الأبجدي، مضيفا أن مكان عقد القمة "يجري التوافق عليه".
مبدأ استضافة القمم العربية لا شك أنه يجري وفق قواعد ينص عليها الميثاق وتعديلاته, لكن تحويل مكان الاستضافة عام 2003 والتأجيل الذي حصل في تونس عام 2004 على خلفية الإصلاحات الأميركية، باتا سببين وجيهين للشكوك في أسباب ودواعي الإحالات, خصوصا أن مجرد مشاركة كافة زعماء الدول العربية في القمم الدورية بات أمرا نادرا فكيف باستضافتها؟