نداء الإيمان | التاريخ(هجرى - ميلادى ) | مواقيت الصلاة واتجاه القبلة | موجز الصحافة | إلى كل المسلمات | قرأت لك
عودة سورية إلى لبنان

عبد الرحمن الراشد

هذا رأي أحد مسؤولي الحكومة الاميركية، ان دمشق عادت خلسة من النافذة بعد ان خرجت أمام العالم من الباب. وأضاف ان الرجوع الى لبنان من خلال المخابرات السورية سيعقد أوضاع سورية أكثر مما تظن دمشق، خاصة انه لن يصعب العثور على بصمات لأصابعها في أي أعمال داخلية. مذكرا ان هناك من يتطوع من المحسوبين لصالح سورية بالابلاغ بما يحدث. فهل خرجت سورية نهائيا، كما رأينا الهتافات التي استقبلت آخر الرتل العائد، أم انها حافظت على حضور خفي؟
الخطورة ان لبنان قد يكون مقتل سورية لأن رقباء الأمم المتحدة المكلفين بالتثبت من صحة خروج كل القوات السورية هم مثل مفتشي الامم المتحدة في العراق في زمن صدام. واجبهم البحث عن الاسلحة المخفية، وهو امر يستحيل التأكد من «عدم صحته» إلا عند إسقاط النظام. وحدث ذلك عندما أنهي دور المفتشين قبل انتهاء مهمتهم الرسمية بسبب معركة عسكرية استفزت صدام الذي قرر انهاء خدمتهم ليتطور الأمر الى حالة مواجهة وأخيرا وقعت الحرب.
الذي أعنيه ان التفتيش عن السوريين، لا البحث في من اغتال رئيس الوزراء رفيق الحريري، يمكن ان يصبح قضية تشغل الرأي العام. واذا وجدت أدلة على صحتها ستستخدم ضد دمشق، وستوحد الاطراف المعارضة لها مرة أخرى. وبالطبع، ستستخدم من جديد كوسيلة للضغط الخارجي، خاصة ان لها مرجعية في مجلس الأمن. وسيظهر بين الفرقاء اللبنانيين من يطالب بالتفتيش عن أوكار المخابرات، وستدفع الاحداث اللبنانية نظرية التورط السوري في الشأن الداخلي الى الواجهة على حساب القضايا الأخرى. فالبحث عن قاتل الحريري لن يكشف عن شيء مؤكد، وربما لن يكشف عن الفاعل ابدا، على اعتبار ان الجريمة اختفت آثارها ـ هذا اذا كان المجرمون قد خلفوا آثارا. لكن التفتيش عن سوريين في لبنان هو الأسهل، ويمكن ان يثار في أي وقت بمجرد الامساك بمتلبسين بـ«الجريمة».
القناعة الأميركية ان سورية أدمنت على لبنان، وسيصعب عليها الاقلاع التام عنه. فوجود السوريين، كنشطاء، لن يختفي من الساحة نهائيا، لاعتبارات مرتبطة برؤية دمشق تجاه لبنان، وكذلك بسبب رغبة اطراف لبنانية في الحضور السوري لدعم مواقفها ضمن لعبة التوازانات المعقدة في اللعبة السياسية الداخلية اللبنانية. ومهما تكن قناعات دمشق تجاه لبنان، والتي ستكشف الايام ضعف نظريتها القائلة بأهميته، فان الخروج الكامل ضرورة تمليها المصلحة السورية، خاصة بعد ان خطت دمشق كل هذه المسافة لنزع الفتيل.
alrashed@asharqalawsat.com

جريدة الشرق الأوسط    08/05/2005