نداء الإيمان | التاريخ(هجرى - ميلادى ) | مواقيت الصلاة واتجاه القبلة | موجز الصحافة | إلى كل المسلمات | قرأت لك
الشوري فقهًا ومفهومًا
كتب :د. محيي حامد
في بداية الحديث عن الشوري أوجز ما أقره فقهاء وعلماء الأمة وقادته من المصلحين في مفهوم الشوري وحكمها, ثم نتعرض بعد ذلك إلي ممارسة الشوري وبعض إشكاليات التطبيق للوصول إلي ممارسة صحيحة للشوري في المستويات المختلفة.
فالشوري مبدأ قرآني, وأصل عام شامل لجميع شئون المجتمع, ولقد تميزت شريعتنا بأنها تربط الشوري بالعقيدة والعبادة إذ قال الله تعالي: )وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ) (الشورى:38) . ولقد جاءت سنة رسول الله صلي الله عليه وسلم لتبين الممارسة العملية للشوري, فالشوري هي تداول وتقليب الآراء بين مجموعة معينة في موضوع معين للوصول إلي رأي يتم الاجتماع عليه أو يحوز الأغلبية ويصبح ملزما للجميع, فأي قرار يُتخذ ينبغي أن يكون نتاج الشوري, لعموم قوله تعالي {ّأّمًريهيمً شيورّي¢ بّيًنّهيمً}, لما تسمح به الشوري من تنوع في الآراء التي تعرض قبل حسم الأمر واتخاذ القرار {¤وشاورهم في الامر فاذا عزمت فتوكل على الله } [آل عمران: 159].
إن الشوري في الإسلام مبدأ إنساني أولا, واجتماعي وأخلاقي ثانيا, ثم هي قاعدة دستورية لنظام الحكم, والشوري بمعناها الواسع الأعم تشمل جميع صور التشاور والتناصح والحوار الحر, ومبدأ الشوري يركز علي أهمية الجهد الفكري الذي يجب علي الجماعة أن تبذله قبل اتخاذ قرارها, وضرورة إتاحة الفرصة لجميع الأفراد للمشاركة في هذا الجهد العقلي والحوار الفكري, عن طريق المساهمة في حوار حر يدور بينهم علي أساس المساواة والحرية الكاملة, وغاية الشوري هي تحقيق العدل وتنفيذ مقاصد الشريعة ومبادئها. ولذلك فإنها فرع من فروع الشريعة وتابعة لها, كما أن الشوري هي الشريان الذي تجري من خلاله أفكار الأمة وآراء أفرادها في جسم المجتمع. أما الشريعة بما تتضمنه من قيم ومبادئ فهي التي تصنع هذه الأفكار, وهي التي تطهرها وتنقيها وتجعلها صالحة.
والشوري بمعني التشاور الذي يؤدي إلي قرار صادر من الجماعة -بالإجماع أو الأغلبية- في شئونها العامة التي تختص وحدها بإصدار قرار بشأنها, وحكمها أنها ملزمة, وهذا هو رأي جمهور الفقهاء والعلماء, وهناك رأي آخر بأنها معلمة, والاختيار الفقهي لجماعة الإخوان المسلمين هو أن الشوري ملزمة.

جريدة آفاق عربية    30/03/2005