نداء الإيمان | التاريخ(هجرى - ميلادى ) | مواقيت الصلاة واتجاه القبلة | موجز الصحافة | إلى كل المسلمات | قرأت لك
رفسنجاني والرئاسة
بقلم: نضال حمدان
وأخيرا، أعلن الرئيس الإيراني السابق هاشمي رفسنجاني ترشحه لمنصب الرئيس في الجمهورية الإسلامية الإيرانية بعد ابتعاد دام ثماني سنوات، وإن حاول الإيحاء بأن الأمر جاء دون رغبة منه، أو كما نقل عنه وصفه أنه تجرع للدواء المر.
إذا كان هناك دواء فذاك يعني وجود داء؟
إن إيران بعد ثماني سنوات من حكم الرئيس محمد خاتمي، باتت في وضع سياسي غير مريح على المستوى الدولي، وهذا الأمر يمكن ملاحظته دون عناء في الجلبة التي تدور حول الملف النووي، فضلا عن مأزق داخلي انعكس على الشارع.
وفي غير تحامل على فترتي حكم خاتمي، فإن الرئيس الإصلاحي بات يتلقى الانتقادات من جانب مناصريه، في ظل تنام في سطوة التيار المحافظ، الذي يمسك بخيوط اللعبة السياسية عبر مجلس تشخيص مصلحة النظام، ومجلس صيانة الدستور، وهيئة الخبراء، وأخيرا مجلس الشورى بات تحت عباءته بعدما كان معقلا للتيار الإصلاحي قبل أن تتنازعه التباينات والخلافات.
ان عودة رفسنجاني، السياسي البراغماتي المحنك، والمراوغ المشهود له بعد تجربة في ظروف حالكة مرت بها بلاده، والتاجر الذي يتقن الحسابات المبنية على المصلحة ربما كان ـ في نظر التيار المحافظ الذي كان في التسعينات يضعه في خانة اللدود والمناهض ـ الخيار الأفضل الذي يوحد: التيارات المتنافسة وسط المحافظين، وكذلك يقرب الهوة مع التيار الإصلاحي، في ظل أوضاع دولية وإقليمية ضاغطة تستوجب الوحدة أكثر من أي وقت مضى.
إذا كان خاتمي مؤسس فكرة «حوار الحضارات» التي لم تجد لها سوقا في عالم تمزقه شهوة سفك الدماء، فإن رفسنجاني ـ الذي يعتبر من الإقطاعيين ويوصف بأنه ملك الفستق في إيران، يعرف جيدا، عبر حوار المصالح المتبادلة كيف يعبر بإيران حقول الألغام التي تحف بها على أكثر من جبهة: أفغانستان شرقا، والعراق غربا، وجمهوريات آسيا الوسطى شمالا، وقطع الأسطول الخامس جنوبا.
ويكاد يكون البرنامج النووي الإيراني الفتيل لتفجير الوضع الكامن تحت الرماد.ورفسنجاني كان واضحا في هذا المجال عندما أكد أنه قادر على تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة، وتأكيده أنه يمكن تبديل جميع التهديدات إلى فرص.إن رفسنجاني لا يمكن أن يخوض غمار السباق نحو الرئاسة دون أن يكون مالئ اليد من الفوز.
على رغم أنه خاض تجربة سابقة في انتخابات مجلس الشورى في فبراير 2003 منيت بالفشل، فتاريخه لا يسمح بفشل على مستوى انتخابات الرئاسة. فإذا كان ما جرى في 2003 ممكن تبريره، يبدو الفشل هذه المرة كضربة قاضية لشخص كان يطلق عليه وصف «أمين الثورة».
وصاحب مرحلة إعادة البناء التي عبرت بالجمهورية من مرحلة الثورة، وحرب الثماني سنوات التي تلتها' إلى مرحلة الدولة العصرية ذات المؤسسات.إن انتخابات يونيو المقبل لن تكون تكرارا لسيناريو انتخابات 1997 التي فاز فيها د. محمد خاتمي على رئيس مجلس الشورى ناطق نوري المدعوم من التيار المحافظ .
والذي كان حتى ساعة توجه الناخبين إلى صناديق الاقتراع يعتبر الفائز، في ظل حسابات خاطئة لم تعط تيار الشباب والمستضعفين قدره.

جريدة البيان    20/05/2005