نداء الإيمان | التاريخ(هجرى - ميلادى ) | مواقيت الصلاة واتجاه القبلة | موجز الصحافة | إلى كل المسلمات | قرأت لك
آل الشيخ: المجتمعات بحاجة إلى المزيد من النظر في القوانين السياسية

الشيخ صالح ال الشيخ اثناء المحاضرة

في محاضرة ألقاها خلال النشاط الثقافي لمهرجان الجنادرية 20
كتب - محمد الفضلي / تصوير : علي أبوسنجة
    ضمن فعاليات المهرجان الوطني للتراث والثقافة في برنامجه الثقافي العشرين أقيمت مساء أمس الاول بقاعة الملك فيصل بفندق الإنتركونتننتال محاضرة بعنوان «النظرية السياسية للدولة الإسلامية» ألقاها معالي الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ وأدارها الأستاذ الدكتور عبدالله محمد الفيصل، وقد بدأ الشيخ صالح الحديث عن هذه النظرية بقوله:
هذا الموضوع في هذا الزمن فيه لغط كثير ما بين منكر ومتعصب، فهناك من يقول بأن النظام السياسي في الإسلام فاشل وإنه لم يطبق إلا في عهد صدر الإسلام ومنهم من يرى ان هذا النظام مثالي في البلاد الإسلامية، ولابد أن نكون واقعيين فالنظام السياسي في الإسلام هو تواصل بين القيادة والناس فلا نذهب إلى المثالية ويجب ألا نجحف في القول بأن الإسلام ليس دين سياسة.
وأضاف آل الشيخ بقوله:
إن غياب فقه السياسة القائم على الكتاب والسُنَّة أدى إلى هذه الفوضى في الفهم وفي الرد على تجني البعض سواء من المستشرقين أو غيرهم وذلك بدعواهم أن الإسلام إنما هو عقيدة بين العبد وربه وليس له دخل في الاقتصاد والسياسة.
وتعريف النظام السياسي في الماضي كان يطلق عليه اسم الولاية ويطلق عليه الإمامة الكبرى أو السياسة المدنية والخراج والمال، إن مبادئ السياسة التي ورد بها نصوص أو إجماع هي أصول لا بد من الأخذ بها والقيام عليها، أما القواعد السياسية التي لم يرد بها نص أو إجماع هي مطلقة من أن يتقيد بتجربة ماضية فيها فهي تحدث على حسب مقتضى الحال.
والسياسة جاء ذكرها في الإسلام بمعنى الحكم والقيام بالأمر، وقد تحدث كثيرون من فقهاء الإسلام عن تعريفها، فابن عقيل عرفها: ما كان فعلاً ما كان معه الناس أقرب إلى الإصلاح وأبعد عن الإفساد وان لم يضعه الرسول صلى الله عليه وسلم، فالسياسة الشرعية لم تعط الحاكم الحق المطلق، وكذلك لم تعط الناس الحق المطلق.
قال ابن القيم: ومن قال لا سياسة إلا ما نطق به الشرع فغلط وتغليط للصحابة رضوان الله عليهم. المجتمعات بحاجة إلى مزيد من النظر في القوانين السياسية، فالإسلام دين ودولة فقد نظم العلاقة بين العبد وربه. والأحكام التفصيلية المتعلقة بحياة الناس، و«كون الإسلام دين ودولة» لا منكر لها، والذي ينظر بأن الإسلام ليس دين دولة فهو مخالف للنصوص والإجماع، وقد اعتمدوا في قولهم على التطبيق وإنما النظر هنا للتشريع. ولا شك بأن الإسلام تميز بالكمال والشمول، فجاء الإسلام بتنظيمه السياسي بعد تنظيمات كانت موجودة قبل الإسلام كاليونانية مثلاً، ولكن النظام الإسلامي يختلف بأن السلطة لله جلّ وعلا وما أعطي البقية إنما هو تشريع من الله، واختلف الأصوليون هل النبي صلى الله عليه وسلم هل هو مشرع أم مبلغ؟
والدولة الإسلامية فيها سلطة تشريعية وهي ما ورد فيها نصوص وإجماع وسلطة تنظيمية وهي ما بني على اجتهاد لم يرد به نص والسلطة الإسلامية ليست مطلقة بما يريده الحاكم، ولو أخذ بذلك لكان هناك تسلط منه بتقديم مصلحته على المصالح الأخرى، والسلطة كذلك مقيدة بالمسؤولية التي نماها الدين الإسلامي بين الحاكم والمحكوم، فالحاكم تحت رقابة الله جلّ وعلا وهو محاسب من قبل الله وهناك مسؤولية أخرى عليه لم عقد له البيعة.
ومن خصائص النظرية الإسلامية أنها ربانية، ونظام تعبدي، وأنها تتصف بالشمول، وواقعية، ومن سماتها الوسطية.
والعلاقة الدولية في النظام السياسي الإسلامي ليس الهدف منها الأمن المدني فقط وإنما يكون فيها الأمن العقدي والمدني. ومبادئ هذه العلاقة، العدالة ومن مبادئها المساواة والوفاء بالعهود والمواثيق، ولأجل رعاية هذه العهود والمواثيق عدم نصرة المسلم على الكافر الذي بيننا وبينه ميثاق إلا بالحق، ومن أصول هذه العلاقة الدولية التعاون بما فيه صالح المسلمين.
وتحدث معالي الشيخ آل الشيخ عن الإمامة بقوله:
فالإمامة هي علاقة بين الناس وبين ولي الأمر عن طريق البيعة، والبيعة هي عقد بين طرفين، وهي وكالة من كل الناس لولي الأمر ليصلح لهم شؤونهم، فالسياسة مردها الحاكم وهذا طبق بصورته الصحيحة في وقت النبي صلى الله عليه وسلم وفي فترات متفرقة منذ قيام الدولة الإسلامية، والإمام في الأصل يقوم بكافة أعباء الدولة وله تفويض جزء من صلاحياته لمن يرى.
والنظرية الثنائية في الإسلام، هي الصبر والسعي للإصلاح، والمال هو مال جميع المسلمين وقد أوكلوا فيه الإمام ولذلك لا بد له من الاجتهاد في الرقابة على وزرائه وبقية الأجهزة الحكومية، وفي نهاية حديثه رأى معاليه بأن يهتم الباحثون في هذه القضايا لأن المسلم لا بد أن يكون مهتماً بما فيه تنمية الإصلاح والحد من ضده.

جريدة الرياض    27/02/2005