عبدالرحمن صالح العشماوي
هم أكســبوكَ من السِّـباقِ رِهانا فربحتَ أنتَ وأدركوا الخســـرانا
هم أوصــلوك إلى مُنَاكَ بغـدرهم فأذقتهم فوق الهـــــوانِ هَوانا
إني لأرجــــو أن تكون بنارهم لما رموك بها، بلغــتَ جـــِنانا
غدروا بشـــيبتك الكريمة جَهْرةً أَبشــــــرْ فقد أورثتَهم خذلانا
أهل الإســاءة هم، ولكنْ ما دروا كم قدَّموا لشـــموخك الإحســانا
لقب الشــــهادةِ مَطْمَحٌ لم تدَّخر وُسْـــعَاً لتحـــمله فكنتَ وكانا
يا أحمدُ الياســـين، كنتَ مفوَّهاً بالصــمت، كان الصَّمْتُ منكَ بيانا
ما كنتَ إلا هـــــمّةً وعزيمةً وشــــموخَ صبرٍ أعجز العدوانا
فرحي بِنَيْلِ مُناك يمـــزج دمعتي ببشـــــارتي ويُخـفِّف الأحزانا
وثََّقْتَ باللهِ اتصـــــالكَ حينما صلََّيْتَ فجـــرك تطلب الغـفرانا
وتَلَوْتَ آياتِ الكــــتاب مـرتِّلاً متأمِّلاً تتدبَّر القـــــــــرآنا
ووضعت جـبهتك الكريمةَ ساجداً إنَّ الســــجود ليرفع الإنســانا
وخـرجتَ يَتْبَعُكَ الأحبَّة، ما دروا أنَّ الفراقَ من الأحـــــبةِ حانا
كرسـيُّكَ المتحرِّك اختصـر المدى وطـــوى بك الآفــاقَ والأزمانا
علَّمــتَه معـنى الإباءِ، فـلم يكن مِثل الكراسي الراجـــفاتِ هَوانا
معك اسـتلذَّ الموتَ، صـار وفاؤه مَثَلاً، وصـــــار إِباؤه عنوانا
أشــــلاءُ كرسيِّ البطولةِ شاهدٌ عَدْلٌ يُدين الغــــــادرَ الخوَّانا
لكأنني أبصــــرت في عجلاته أَلَماً لفقدكَ، لوعةً وحـــــنان
احـزناً لأنك قد رحــلت، ولم تَعُدْ تمشي به، كالطــــود لا تتوانى
إني لَتَســـــألُني العدالةُ بعد ما لقيتْ جحـــود القوم، والنكرانا
هل أبصــرتْ أجفانُ أمريكا اللَّظَى أم أنَّها لا تملك الأَجفــــــانا؟
وعيون أوروبا تُراها لم تـــزلْ في غفلةٍ لا تُبصــر الطغـــيانا
هل أبصروا جســداً على كرسيِّه لما تناثَر في الصَّـــــباح عِيانا
أين الحضــارة أيها الغربُ الذي جعل الحضــــارةَ جمرةً، ودخانا
عذراً، فما هذا ســـؤالُ تعطُّفٍ قد ضلَّ من يســــتعطف البركانا
هذا ســـؤالٌ لا يجــيد جوابَه من يعبد الأَهـــــواءَ والشيطانا
يا أحمدُ الياســين، إن ودَّعـتنا فلقد تركتَ الصــــدق والإيمانا
أني إنْ بكيتُ فإنما أبكــي على مليارنا لمَّا غدوا قُطْـــــــعانا
أبكي على هذا الشّـــَتاتِ لأُمتي أبكي الخــلافَ المُرَّ، والأضــغانا
أبكي ولي أمـــلٌ كبيرٌ أن أرى في أمتي مَنْ يكســـــر الأوثانا
يا فارسَ الكرسيِّ، وجهُكَ لم يكنْ إلاَّ ربيعاً بالهدى مــــــُزدانا
في شـعر لحيتك الكريمة صورةٌ للفجر حين يبشِّــــــر الأكوانا
فرحـتْ بك الحورُ الحسانُ كأنني بك عندهنَّ مغــــرِّداً جَــذْلانا
قدَّمْتَ في الدنيا المــهورَ وربما بشموخ صـــبرك قد عقدتَ قِرانا
هذا رجـائي يا ابنَ ياسينَ الذي شــــيَّدتُ في قلبي له بنــيانا
دمُك الـــزَّكيُّ هو الينابيع التي تســتقي الجذور وتنعش الأَغصانا
روَّيتَ بســـتانَ الإبـاءِ بدفقهِ ما أجــــمل الأنهارَ والبسـتانا
سـتظلُّ نجماً في سـماءِ جهادنا يا مُقْعَداً جــــــعل العدوَّ جبانا |