المولد والنشأة :
ولد الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز في مدينة الرياض في الثاني عشر من شهر ذي الحجة 1330هـ ، في بيت علم وفضل ، وجدّ في طلب الرزق الحلال عن طريق الزراعة والتجارة. توفي أبوه وهو طفل صغير ، ولهذا فإنه لا يعرفه ولا يتذكر ملامحه ، وتوفيت أمه عام 1355هـ وهو في الخامسة والعشرين من عمره ، وبموتها فقد الكثير. وهو الكفيف الذي أصيب بالعمى قبل موتها بست سنين ، ( في مستهل المحرم 1350هـ) ، ومن في الناس كالأم. تعليمه : أول ما بدأ به الفتى عبد العزيز ، هو تعلم القرآن العظيم ، تلاوة وحفظاً ، فقد حفظه عن ظهر قلب قبل البلوغ ، واستمر الشيخ عبدالعزيز يحيا في كنفه طوال حياته ، فالقرآن هو أنيسه ، ومعلمه ، وهاديه ، ومكونه. ثم تلقى العلوم العربية والشرعية على أيدي عدد من علماء الرياض ، وخاصة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ – رحمه الله تعالى – فقد قرأ عليه الحديث الشريف ، والعقيدة ، والفقه ، والنحو ، والفرائض ، والتفسير ، والتاريخ ، والسيرة النبوية ، نحواً من عشر سنين (1347- 1357هـ). وتابع الشيخ عبدالعزيز تحصيله العلمي ذاتياً ، حتى صار واحداً من كبار العلماء ، بإجماع كبار علماء المسلمين في العالم ، كان الشيخ عبدالعزيز فقيهاً حنبلياً في أول طلبه العلم ، ولكنه كان واسع الأفق ، يأخذ بالرأي الأرجح ذي الدليل الأقوى ، كما يأخذ بأقوال الفقهاء ، ما دامت أدلتهم من الكتاب والسنة هي الأقوى. كان الشيخ عالماً من علماء العصر الذي يحيا فيه ، يطالع الصحف ، وينقل إليه مساعدوه ملفاً كاملاً عن أخبار العالم الإسلامي ، فما كان يفوته حدث مهم ، وكان يطلع على ما تنشره وسائل الإعلام ، وإذا رأى ما يوجب الرد عليه ، بادر إلى الرد ، لا يخشى في الله لومة لائم ، مهما كان صاحب الرأي كبيراً ، وهذا ما عرفناه في عدد من الوقائع ، مثل رسالته إلى الكاتب الكبير محب الدين الخطيب ، رئيس تحرير مجلة الأزهر التي رأى الشيخ عبد العزيز أنها نشرت ما يستوجب الرد ، لأن فيه ما يخالف ما دل عليه الكتاب والسنة. والذي يطالع كتابه ( نقد القومية العربية) يعرف مدى اطلاع الشيخ على ما يجري حوله وما يضطرب من أفكار خارجة على الإسلام ، وفيها من الضلال ما يستوجب الرد عليه وفضحه. استفاد الشيخ في كتابه هذا ، من كتب الشيخ محمد الغزالي ، والشيخ أبي الحسن الندوي ، ومن رسالة التعاليم للإمام الشهيد ، رحمهم الله جميعاً ، بل لم يكتف بكتب الفكر الإسلامي ، فنقل بعض النقول عن الفكر الغربي ، مما يدل على اطلاعه على ما يترجم من تلك الكتب. وهذا ما نراه في مطالبته العلماء والمسؤولين ، من إعادة النظر في المناهج التي رآها متأثرة بالفكر القومي.. تصدى لتلك المناهج ، وعمل على تغييرها بحيث تكون متفقة مع عقيدة الأمة وإسلامها. ميادينه العلمية : كانت العقيدة على رأس اهتماماته ، صال في ميدانها وجال ، دروساً ، وخطباً، ومحاضرات ، وكتابات ، لتكون عقيدة المسلمين هي عقيدة السلف الصالح ، المستمدة من الكتاب والسنة ، فالعلم بها وتعليمها ، هما العمل المفضل لديه ، فعليها تقوم سائر العلوم الشرعية الأخرى ، وفي صحتها صحة لسائر علوم الدين ، وفي فسادها فساد كل تلك العلوم. وبعدها تأتي علوم التفسير ، والحديث ، والفقه الحنبلي ، غير أنه – كما تقدم – لا يتقيد بالمذهب إذا ظهر له الدليل على خلافه ، فالاجتهاد في تقصي الأدلة مفضل عنده ، لأن واجب العلماء أن يأخذوا بالدليل من الكتاب والسنة ، وفي هذا طمأنينة للقلب ، وراحة للضمير ، لأنه يأخذ الحكم عن الله ورسوله ، لا عن الرجال. ومنهج الشيخ في بحوثه ، يعتمد على ظاهر النص ، والتزامه في كل ما يتصل به ، ويرى أن النصوص قد تتفاوت في دلالاتها ، وهذا يعطيه ، كما يعطي غيره من العلماء حق الاجتهاد فيه. ولهذا نرى الشيخ يحترم رأي مخالفيه ، ويقرر أنه لا يجوز للمسائل الخلافية الصغيرة أن تكون عامل تفريق بين المسلمين. كتبه : لقد تفوق الشيخ على نفسه في كثير من الأمور ، فلم يستكن للعاهة التي ألمت به ، بل تجاوزها كما تجاوز غيرها ، ولم تمنعه عاهة العمى عن الخوض في المضامير التي يخوضها المبصرون ، ومنها تأليف الكتب ، فقد ألف الشيخ وكتب ونشر ، ولكنه لم ينشر كل ما كتبه ، على أهمية ما كتب وألّف ، لأنه يرى أن قيمة النتاج عائدة إلى مدى خدمته للشريعة ، ومن ثم للأمة والعباد. ومن كتبه المطبوعة : 1- الفوائد الجلية ، في المباحث الفرضية. 2- نقد القومية على ضوء الإسلام والواقع. 3- الأدلة الكاشفة لأخطاء بعض الكتاب. 4- الجواب المفيد في حكم التصوير. 5- التحقيق والإيضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة والزيارة وعلى ضوء الكتاب والسنة ، وهذا الكتاب أحب كتبه إليه ، لما فيه من شرح ، وتوضيح لكثير من المسائل التي يخطئ بها كثير من المسلمين ، فوضّحها لهم ، وحذرهم منها ، ونبههم إليها. الشيخ خطيباً : من سمع الشيخ يخطب ، شهد له بالبلاغة ، والتأثير في سامعيه الذين يقرؤون الصدق والإخلاص والعلم والثقافة الأدبية واللغوية فيما يسمعون ، فلديه قدرة كبيرة على ترتيب أفكاره ، بحيث لا يشذ عنها في استطرادات غير مفيدة ، ويلحظون ضبطه لعواطفه ، حتى لا تطغى على عقله ، فتضيع بعض المعاني التي يريد أن يبثها جمهور مستمعيه ، ولا يتجاوز في سائر خطبه – مفهوم الحكمة والموعظة الحسنة ، فيراعي مشاعر المخالفين له في لين ، ولا يكون من المنفرين. ويلحظ سامعه سلامة لغته وأسلوبه من الخطأ الذي ابتلي به كثير من الخطباء والوعاظ وحملة الشهادات العليا الذي تدور الأخطاء النحوية على ألسنتهم ما دارت ألسنتهم. ومن أجمل ما اتصفت به خطابته ، بعدها عن التكلف المقيت ، فكان أسلوبه الخطابي سلساً عذباً ، وبليغاً مسدداً. وكذلك كان الشيخ في محاضراته التي كان يركز فيها على الموضوعات الحيوية التي يمس بها القلوب والعقول معاً ، وكان عقب كل محاضرة يجيب عن أسئلة السائلين إجابات واضحات تكون مكملات للمحاضرة. شمائله : كان الشيخ من العُبّاد ، يحافظ على السنن ، ويؤدي من النوافل ما شاء الله له أن يؤدي ، صلاة ، وقياماً ، وصياماً ، كان يقوم الليل إلى قرب الفجر ، يصلي ، ويستغفر ، يدعو ، ويبكي ، فقد كان سخي الدمعة ، ويقرأ أوراده ، ويبقي لسانه رطباً بذكر الله ، وكذلك عيناه المطفأتان. كان عالماً يعمل بما علم ، يخاف الله في سره وعلنه ، فلا يترخص ، بل يأخذها بالعزائم. وكان الشيخ يكثر من الذكر والدعاء والبكاء لدى سماعه القرآن ، أو سيرة أحد الصالحين ، ويطيل البكاء وهو يروي أو يسمع حديث الخليفة الصديق ( من كان يعبد محمداً فإن محمد قد مات ) وحديث كعب بن مالك في تخلفه عن غزوة تبوك ، وحديث أبي عبيدة والتمرات والحوت ، وسواها من الحوادث في سيرة السلف الصالح. كان الشيخ تقياً ، ورعاً ، مسارعاً إلى فعل الخيرات ، مواظباً على الطاعات منذ الصغر ، وكان المسجد مكانه المحبب إليه منذ أن بلغ الثالثة عشرة ، وكان مخلصاً دينه لله وحده ، لا يرجو حمداً ولا شكراً من أحد لعمل عمله ، أو خدمة أداها ، فلم يكن من الذين يحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا ، ولا بما فعلوا . وكان حليماً ، جلداً على العمل ، يتحمل من الأعباء ما تضوى له وتنوء به أجساد الشباب، همته العالية تتجاوز ضعف الشيخوخة والشيبة ، ويتمتع بذوق رفيع ما أحوج العلماء والدعاة والمشايخ إليه حتى لا يكونوا منفرين ، وبإحساس مرهف ، وكان جواداً من الأجواد ، يجود بماله ، ووقت راحته ، من أجل قضاء حوائج طلبة العلم الذين يفدون إليه من كل فج عميق ، يجيب عن أسئلتهم ، ويحل لهم إشكالاتهم العلمية ، فيكتب شفاعة لهذا ، ويعفو عن ذاك ، ويقدم المال إلى المحتاج إليه ، ومن عنايته بالفقراء ، أنه كان يخصص لبعضهم رواتب ومساعدات من ماله الخاص حتى بلغ به الأمر أن خصص مبلغ ألف ريال يرسلها إلى امرأة فقيرة في مجاهل إفريقية ، فإذا لم يجد المال ، استلف راتباً أو أكثر من رواتبه من أجل ذلك ، أو ردهم رداً جميلاً. ومن تواضعه أنه كان يعنى بالعوام الذين يقبلون عليه ، ولا يكادون يفارقونه حتى في طعامه الذي يشاركونه فيه ، بل في سائر أحواله ، وهو صابر عليهم ، ولكل مشكلته ، فهذا يستفتي ، وذاك يستجدي ، وكان يغضب من أصحابه إذا زجروهم ، ويذكرهم بالحديث العظيم (أبغوني ضعفاءكم) حتى وهو على فراش الموت ، كتب شفاعة لواحد منهم. وكان مجلسه مجلس أنس وعلم وذكر ، وهو ملتقى الخواص من طلبة العلم ، يأتونه لحل ما يشكل عليهم من المعضلات العلمية ، فيجيبهم ، ويستفيدون من إجاباته ، كما يفيدون من سكينته ووقاره ، وكثرة صمته ، وقلة كلامه ومراعاته لأدب الحديث ، وأدب المجلس ، فلا يرفع صوتاً ، ولا يقهقه ، ومن مكارم الأخلاق التي حباه الله إياها ، كالعدل مع مخالفيه في الرأي ، وثباته على المبدأ ، واستقامته على الحق ، وسعة أفقه ، وبعد نظره ، وثقته العظيمة بالله تعالى ، وزهده بالثناء ، وتقشفه ، وحرصه على السنن ، وبشاشة وجهه ، وطلاقة محياه ، وعفة يده ولسانه ، فلم يسمعوه ينتقص أحداً ، ولا يعيب طعاماً ، ولا ينهر خادماً ، ولا يمدح نفسه ، ولا يحب أن يمدحه أحد بما فيه ، فكيف بما ليس فيه ؟ يحسن الظن بالناس ، ويشتد في وفائه لمشايخه وأصدقائه وذوي رحمه ، يتفقد أحوالهم ، ويقوم بحقوقهم ، ويعينهم على متاعب الحياة ، لا يعرف الحسد والحقد ، ويقابل الإساءة بالإحسان ، وغيرته على الدين شديدة ، يثور لانتهاك حرمات الله ، ولوقوع الظلم على المسلمين ، ويحب أهل العلم ، ويسأل عن أحوالهم، ويكاتبهم ، ويتناصح معهم. وهو دقيق في مواعيده ، وهذه الخصلة قلّ من يحافظ عليها من المشايخ والعلماء ، وهذا ما مما يؤسف له جداً ، وهو متفائل دائماً ، حتى عندما كانت دموعه تخضل لحيته لسماع خبر مفجع نزل بالمسلمين في أقصى الأرض. وكان يؤمن بالشورى ، وينفذها مع العاملين معه ، وليست مجرد ادعاء ، كما هي عند كثير من العلماء والزعماء والقادة. وينكر البدع ، ويعدها عدواناً على حقائق الوحي ، وتغييراً لدين الله ، وفيها إبعاد للمسلمين عن حقيقة الإسلام العظيم. وللشيخ ذاكرة قوية أعانته كثيراً في حياته العلمية والعملية. ومن شمائل الشيخ : دفاعه عن الدعاة حيث كانوا ، ولو كان على خلاف معهم في الرأي، حتى الصوفية ، كان منصفاً معهم ، وكان يقول عنهم : هم مسلمون فيهم خير وفيهم شر ، ونحن نأخذ ما عندهم من خير ونشجعهم على فعله ، وننكر ما عندهم من شر ونحذرهم منه. وكان الشيخ جريئاً في انتقاد الظلم والانحراف ، ومواقفه مشهودة في استنكاره إعدام الشهيد سيد قطب رحمه الله تعالى ، وفي إنكاره على القذافي تطاوله على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وكذلك موقفه الجريء من الظالم الهالك سياد بري الذي أحرق عشرة علماء لأنهم استنكروا تطاوله وتطاول زبانيته الشيوعيين في الصومال على شريعة الله. ولا ينسى العلماء ، والطلاب خطبته الجريئة أمام الملك فيصل – رحمه الله تعالى – عندما زار الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة ، ومعه مجموعة من الأمراء تحدث الشيخ عن الإعلام السعودي ، ودعا إلى ضرورة صيانته من المزالق التي زلق فيها الآخرون الذين لا يستشعرون أي مسؤولية نحو الإسلام ، وقد سلك في خطبته هذه مسلكاً حكيماً ، عندما جميع بين اللطف والقوة في صراحته المعهودة. بناء الأجيال : كان الشيخ يرى أن الأجيال المعاصرة تتعرض لأخطار عظيمة لم ينهض العلماء لتلافيها ، مثل مناهج الدراسة التي لا ترتكز على قواعد الإسلام ، ولهذا كان لا بد من إصلاح هذه المناهج بتحويلها إلى منطلقات إسلامية تتولى بناء شخصية الطالب ، وتحصينه من الغزو الفكري وما يعقبه من ضياع عقدي وثقافي ، وبالتصور السديد لمهمته في هذه الحياة ، والتي من أجلها خلق ، وعلى تحقيقها يجب أن يقف حياته ، ألا وهي إعلان حقائق الإسلام ، فهي النور الذي لا سلام ولا سعادة إلا في تحققها في المجتمع. ويؤكد هنا على المعلّم الصالح الذي يجب اختياره بعناية. ويرى أن مسؤولية العلماء تجاه الأجيال الجديدة مسؤولية كبيرة ، تفرض عليهم أن يبذلوا كل ما لديهم من طاقات لهذه الغاية ، ويؤكد الشيخ على الجانب الإعلامي من وظيفة العلماء الذين يجب أن يكونوا على علم بشتى التيارات الحديثة، وعلى إلمام باللغات التي تحمل هذه التيارات ، على أن يسبق ذلك ، التضلع من علوم القرآن ، والتزود بمختلف الأدلة العقلية والنقلية ، والقرآن العظيم أنجع وسائل الدعوة إطلاقاً ، لأنه يخاطب الإنسان كله ، عقله وعواطفه ونفسه ، وفيه الأدلة المقنعة للفطرة ، بأن النظام الإسلام هو وحده الموصل إلى السعادة في الدارين. ويرى الشيخ تحصين الأجيال من أخطار البدع والخرافات التي لا تقل أثراً عن أخطر التيارات الهدامة ، لأنها تحجب حقيقة الإسلام ، وتشوه ملامحه ، فتنفر منه النفوس التي تجهله. مع المسلمين : كان الشيخ مهتماً بأمور المسلمين في سائر أنحاء الأرض ، محباً لهم ، متابعاً لأخبارهم ، ويمدهم بالمال ، وينصحهم ، ويحاول حل مشكلاتهم ، وكان يصطفي المتفوقين والأذكياء من المدرسين والخريجين ، وينتدبهم لخدمة الدعوة في بلادهم وغير بلادهم ، وخاصة في الهند ، وباكستان ، والبلدان الإفريقية ويمدهم بالكتب التي يراها ضرورية لهم ، وبالمصاحف. وعندما كان رئيساً للجامعة الإسلامية ، كان يجمع الطلاب في مجموعات ، ويطلب من كل مجموعة أن تتحدث عما يجري في بلادها ، ثم يتساءل عن العمل لحل مشكلاتهم ، والتخفيف عنهم. وكان يستقدم كبار الدعاة في العالم الإسلامي ، ليدرسوا في الجامعة الإسلامية، ويختار منهم أعضاء في رابطة العالم الإسلامي ، وفي مجلس الأمناء. وكان يتأمل ويبكي لما يجري في كوسفو ، وفي الفلبين ، وكشمير ، فقد كان يواكب الأحداث ، ويتعامل مع المستجدات بجرأة يفتقر إليها كثير من العلماء والعاملين في الحقل العالم. ويشهد كل من عرفه ، أنه لم يقصر تجاه أحبائه المسلمين الذين أحبوه ، وكانوا يسألون عنه ، لما عرفوا من علمه ، وإخلاصه ، وحبه الخير لهم ، والجهاد من أجل نصرتهم. رحم الله الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، فقد كان فذاً بين الدعاة العلماء العاملين. مجلة المنار ، العدد 83 ، جمادى الآخرة 1425هـ. |