أحمد أبو صالح وصلت الولايات المتحدة الأمريكية ذروتها في إهانة واحتقار المسلمين بعدما نشرت تقارير صحفية وشهادات عن المعتقلين في جوانتانامو تفيد بوضع المصحف الشريف في المراحيض أمامهم لإجبارهم علي الاعتراف بجرائم لم يرتكبوها وكذلك قيام الضباط الأمريكيين بالتبول علي صفحات المصحف الشريف وتدنيسه بأقدامهم. ولم تفلح محاولات كونداليزا رايس في تهدئة مشاعر المسلمين في شتي بقاع الأرض بتصريحاتها مساء الثلاثاء الماضي من أن ازدراء القرآن الكريم شيء بغيض. ولكن رايس التي كانت تتحدث في شهادة أمام مشرعين أمريكيين لم تعترف بقيام جنودها بتدنيس القرآن، وقالت إن السلطات العسكرية تجري تحقيقات بشأن 'المزاعم' عن تدنيس المصاحف وأنه إذا ثبتت صحتها فسوف يتخذ الإجراء المناسب الذي لم تتحدد طبيعته بعد. وبالقطع سيكون مثل الإجراء الذي اتخذته السلطات الأمريكية بحق المجرمين الأمريكيين الذين أدينوا في جرائم تعذيب العراقيين في سجن أبو غريب لاسيما الانتهاكات الجنسية بحق رجال ونساء العراق حيث وصلت العقوبة إلي 'التوبيخ' بدلا من أن يتم تحويلهم إلي محكمة جرائم الحرب ليعاملوا كمجرمي حرب هم والمسئولون عنهم خاصة وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد الذي أثبتت كافة التحقيقات أنه كان علي علم بما يحدث في أبو غريب وأنه أعطي الأوامر شخصيا بالقيام بهذا الأمر. وكان قائد قيادة الأركان الأمريكية السفاح ريتشارد مايرز قد أكد في مؤتمر صحفي بالبنتاجون أن المحققين راجعوا سجلات التحقيق ولا يستطيعون أن يؤكدوا بعد وقوع حادث رمي المصحف الشريف في المرحاض 'إلا في حالة واحدة' وإمعانا في الكذب أكد مايرز أنه لا يوجد دليل حتي الآن علي حصول تدنيس للقرآن الكريم بجوانتانامو، وكأن وضع المصحف في المرحاض ونزع أوراقه ورقة ورقة وشد 'السيفون' عليه لا يعد في عرف الخنازير تدنيسا للقرآن. ومن بين مليار و200 مليون مسلم علي وجه الأرض لم تأت الاحتجاجات علي تدنيس القرآن الكريم في البداية إلا من الشعب الأفغاني الذي يقع تحت نيران الاحتلال الأمريكي، حيث اندلعت المظاهرات في شتي المدن الأفغانية وتظاهر آلاف المسلمين أيام الأربعاء والخميس والجمعة مما دفع القوات الأمريكية والقوات الأفغانية المتحالفة مع الشيطان الأمريكي بقيادة العميل كرزاي الي قتل عدد من المتظاهرين وصل حتي هذه اللحظة إلي 14 شهيدا وإصابة المئات، كما عمت المظاهرات باكستان حيث شهدت عدة مدن مظاهرات أحرق خلالها المتظاهرون العلم الأمريكي وصور كبير النازيين الجدد 'جورج بوش' وطالبوا حكومتهم بوقف عمالتها للولايات المتحدة الأمريكية وسحب مساعداتها فيما يسمي الحرب الأمريكية ضد الإرهاب. وأمام الضغوط الشعبية في باكستان طالبت الخارجية الباكستانية واشنطن بتقديم تفسير عن هذه التقارير، بينما طالب البرلمان الباكستاني الولايات المتحدة بتقديم اعتذار رسمي. وفي اندونيسيا تجمع المئات من المسلمين بأحد مساجد العاصمة جاكرتا يوم الجمعة للتعبير عن غضبهم العارم، كما صدر بيان قرأه 'شوليل رضوان' من رابطة المدارس الداخلية الاسلامية باندونيسيا أدان إهانة الاسلام والمسلمين، وعبرت حكومة أندونيسيا عن أسفها وقلقها وقالت إن المتورطين يجب أن ينالوا 'العقوبة التي يستحقونها علي أفعالهم غير الاخلاقية'. وفي مصر احتشد المصلون عقب صلاة الجمعة أمام الجامع الأزهر الشريف رافعين المصاحف منددين بالهمجية الأمريكية مطالبين الادارة الأمريكية بالاعتذار الرسمي عما بدر من قواتها في حق القرآن الكريم، كما طالبوا السفير الأمريكي بتقديم الاعتذار ووضع سجن جوانتانامو تحت اشراف ادارة حقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة، كذلك أصدرت جماعة الاخوان المسلمين بيانا أدانت فيه ما حدث وطالبت الحكومات العربية والاسلامية بالتحرك. وخرج آلاف الفلسطينيين عقب صلاة الجمعة في مظاهرة نظمتها حركة حماس في مخيم جباليا للاجئين بقطاع غزة وهتف المتظاهرون عبر مكبرات الصوت: القرآن ودنس علي أقذر يد في الأرض الأيدي الأمريكية وأحرق المتظاهرون الأعلام الأمريكية والصهيونية، وتزامن ذلك مع المظاهرات التي خرجت في ذكري مرور 57 عاما علي النكبة. وفي العراق تظاهر آلاف المصلين منطلقين من جامع الامام الخالصي في بغداد احتجاجا علي تدنيس القرآن والهجوم الأمريكي علي مدينة القائم لليوم السادس علي التوالي. كما خرج المئات من السودانيين احتجاجا علي تدنيس القرآن وطالبوا الرئيس البشير بطرد السفير الأمريكي وقطع العلاقات مع واشنطن. ولذر الرماد في العيون دعت المملكة العربية السعودية الإدارة الأمريكية إلي اجراء تحقيق سريع بشأن هذه التقارير التي تفيد تدنيس القرآن الكريم.. في حين لم يصدر حتي مثول الجريدة للطبع أي رد فعل عربي رسمي جاد. ونقلت وكالة الأنباء السعودية عن ناطق باسم الخارجية قوله: إن حكومة الرياض تؤكد أنه في حال ثبوت وقوع تلك الحالات يجب اتخاذ إجراءات رادعة لمحاسبة المسئولين عنها بالشكل الذي يمنع تكرارها ويحافظ علي مشاعر المسلمين في جميع أنحاء العالم بينما لم يصدر أي تعليق من مستوي أعلي في حكومة 'خادم الحرمين الشريفين' في هذا الصدد!! ولم يصدر أي تعليق حتي مثول الجريدة للطبع من الأزهر الشريف حامي حمي الدين في العالم الإسلامي وكأن الجريمة لا تخص شيخ الأزهر أو المؤسسات الدينية في مصر!! والمحزن في الأمر أن الذي كشف القيام بأعمال تدنيس القرآن الكريم مجلة 'نيوزويك' الأمريكية في عددها الأخير والتي نقلت عن محققين يتابعون ما يجري في معتقل جوانتانامو أن عسكريين أمريكيين يشاركون في عمليات الاستجواب للمعتقلين المسلمين وضعوا مصاحف في المراحيض وأنهم ألقوا في حالة واحدة علي الأقل مصحفا داخل المرحاض. وأضافت المجلة أن محققين أمريكيين كانوا يتعمدون إثارة استياء السجناء المسلمين بوضع نسخ من القرآن الكريم في المراحيض. ولا يمكن القول إن السلطات الأمريكية (النازية) لم تكن تعلم من قبل بشأن الانتهاكات التي تمس العقيدة الإسلامية بداية من رئيسها جورج بوش وحتي أصغر موظف في وزارتي الدفاع والخارجية الأمريكيتين، وتلك شهادة المواطن الأردني وسام عبد الرحمن أحد المعتقلين في جوانتانامو في حوار له مع موقع إسلام أون لاين من أنه لم يكن يسمح له ولزملائه المسلمين في كثير من الأحيان بالصلاة وكذلك قراءة القرآن الكريم الذي كان السجانون يتعمدون إهانته وكانوا يعلمون أن هذه الإهانة لها أثر أكبر بكثير من التعذيب جسديا حتي وإن كان التعذيب يتم بلف الجسد بالعلم الإسرائيلي أو الاعتداء الجنسي، والتهمة الوحيدة لكثير من المعتقلين في السجون الأمريكية هي أن الشخص مجرد 'مسلم'. وفي تقرير لمجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية 'كير' يدحض فيه كذب الإدارة الأمريكية بأكملها يؤكد علاء بيومي مدير الشئون العربية بالمجلس أن تعذيب السجناء بالمعتقلات الأمريكية لم يقتصر علي أبو غريب بل امتد لكافة المعتقلات الأمريكية في العراق وأفغانستان وجوانتانامو كما أن أغلب الذين تعرضوا للتعذيب أبرياء كما أشارت تقارير وكالات مدنية كالصليب الأحمر وهيئات تحقيق مدنية أمريكية رسمية إلي أن 70 إلي 90 % من المعتقلين بالسجون الأمريكية بالعراق هم من الأبرياء. كما قدر تقرير لجنة مستقلة شكلها البنتاجون في مايو 2004 أن عدد المعتقلين المسلمين قد وصل إلي 50 ألف معتقل أغلبهم أبرياء وتعرضوا للتعذيب بدون سبب إلا أنهم مسلمون فقط. وأشار التقرير إلي وفاة أكثر من معتقل في السجون الأمريكية بسبب التعذيب وأن أغلب حالات الوفاة لا يتم إدراجها ضمن السجلات الرسمية تجنبا للمساءلة القانونية. وأن المعتقلين تعرضوا بشكل مستمر للتعذيب الجسدي والاعتداء الجنسي علي بعضهم وأن آخرين يقدمون علي الانتحار تحت وطأة التعذيب الجسدي وإهانة الرموز الإسلامية (مثل القرآن الكريم واللحية وأداء الشعائر الدينية)، والأخطر من ذلك هو وجود عشرات من الأطفال المعتقلين في العراق وأفغانستان. فهل يتحرك العالم الإسلامي وقياداته ومؤسساته الدينية وعلي رأسها الأزهر الشريف لإهدار دم المسئولين عن تدنيس المصحف الشريف؟