إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .

يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون .

يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا .

يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا ، يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما .

أما بعد ، فإن أصدق الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشرّ الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .

ثم أما بعد ، فقد دخل الحاسوب كل بيت بل وكل مكان ، وعزز وجوده فيه بأقوى المبررات . فما عاد اقتناؤه كماليا ، ولا استعماله ترفيهيا . إنه ، بحق ، وسيلة العلم والبحث والمعرفة حديثا ، وبلا منازع . ولا يُنْكَر أن غياب القصد الجاد النافع قد ينحرف بالحاسوب واستخدامه عن المسار الصحيح ، لكن لا عبرة بالمخالف . . . وما إخال أحدا ممن تعامل مع هذا الجهاز العجيب ، إلا حَسِبَه ، في لحظة من اللحظات ، باباً من أبواب ( السحر ) ، لفرط الدقة ، وسرعة الأداء .

( ولا يفلح الساحر حيث أتى ) لكنَّ فلاح الحاسوب في أنَّ ( سحره ) حلال . . .

ولم يَعُدْ توظيف الحاسوب في أي علم أو فن أو حرفة أو مهارة ، خياراً لأربابها . . . بل تعداه إلى الحتم ، فتراهم يوفضون إلى ذاك ( السحر ) يتعلمونه ويعملون به .

والعلوم الإسلامية كانت أكثر حفاوة ، وأسعد حظا ، وأوفر نصيبا ، في التعامل معه ، والإفادة منه . لوفرتها وغزارة مادتها وتنوع أبوابها . ولاتساع الرقعة التاريخية التي تحتلها في التجربة الإنسانية . فالقرآن وعلومه ، والتفسير ورواياته ، والحديث ودواوينه ورجالاته ، والجرح والتعديل وكتب الرجال ، ثم الفقه ومذاهبه ، ومدارسه ومشاربه ، وأصوله وفروعه . مع ما يتمم ذلك من علوم مساندة كاللغة ، والنحو ، والتاريخ والسير . . . فأضحت مكتبة ( الحاسوب ) الإسلامية حافلة ببرامج ، واكبت ثورة المعلوماتية ، وأفادت من كل معطياتها . فاستحقت أن يسجل لها ثناء ، ويسدى لمن أسهم بها شكر .

على أن طالب العلم ، الباحث عن الحق ، لا يزال يرى في تلك البرامج ثغرةً لم يَقُم عليها أحد ، وخلةً لم يسدها جهد . إنها في مجال السنة النبوية المطهرة ، وبالحصر في تمييز صحيحها من سقيمها . وأهمية هذا الأمر ليست بخافية . . فالسنة هي الوحي الثاني . وهي صنو كتاب الله ، في حجيتها . وهي مع الكتاب الكريم ، أصل الإسلام ، عقيدة وعبادة . شريعة وسلوكا . أجل إن معظم البرامج المتداولة ، إن لم نقل كلها ، وحتى المتخصصة منها ، تنتهي بالباحث ، في حديث ما ، إلى تخريجه من مظانه ( أخرجه البخاري . . مسلم . . أحمد . . الترمذي . . النسائي . . الطبراني . . البيهقي . . إلخ . ) وإذا استثنينا الصحيحين ، المُسَلَّم بصحة ما فيهما ، فإن مثل هذه النتيجة تغدو ناقصة بالنسبة لطالب العلم . لا تبلُّ صداه ولا تنقع غليله . . . ! لأن الغاية من البحث في الأحاديث ، الوقوف على درجتها ( صحيح ـ حسن ـ ضعيف ـ موضوع ـ مرفوع ـ موقوف . . . إلخ . ) إذ على ذلك مدار العمل بالنص أو تركه ، والاحتجاج به أو سقوطه . وهذه هي الضالة المنشودة لكل باحث في الحديث الشريف . . وللشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله ، كلام دقيق في تمام المنة صفحة337 ، يقول : ( . . . لأن التخريج بالنسبة لدرجة الحديث كالوسيلة مع الغاية ، فما الفائدة من الإتيان بالوسيلة دون الغاية؟ وهذه مصيبة عامة لم ينج منها أكثر المؤلفين قديماً وحديثاً والله المستعان ) .

ومن بؤرة الميدان العلمي العملي ، ومن معاناة البحث والدرس ، ومن تَبَرُّمٍ وضيقٍ ، بخلافٍ ذرَّ قرنه بين المسلمين ، فأفسد وحدتهم وأذهب ريحهم ، زينه لهم الجهل بالسنة ، وكرسه فيهم عدم تميز صحيحها من سقيمها ، استشعر لفيف من طلبة العلم مسيس الحاجة إلى سد تلك الثغرة . . . وتحقيق أمنية منتظرة . . . فتوافروا على تقديم هذا الجهد ، وإخراج هذا العمل ، مستفيدين من محاولات سبقت . . . متطلعين إلى مشاركات تأتي . . . عدتهم فيه الصبر والإخلاص . . ووسيلتهم إليه ما تحت أيديهم . . ومَكِنَتهم معه جهد المقل . . ولكن ( وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى ) . ولا جرم أن فارسَ ميدان السنة المعاصر ، وابنَ بَجْدَتِها روايةً ودرايةً ، وخِرِّيتَ تحقيقها وتصفيتها ، محدث الشام الشيخ محمد ناصر الدين الألباني ، عليه رحمة الله ، وجزاه بما هو أهل له . فما عرف القرن الماضي من غاصَ غَوْصَه ، وحرص حِرْصَه ، يتجسد ذلك في مشروعه الضخم الذي غذاه حياتَه ( تقريب السنة بين يدي الأمة ) . في زمن غربة السنة ، وفشو بدعة التقليد ، وتعريف الحق بالرجال وليس العكس . . !

ومن هو الألباني؟ المُعَرَّفُ لا يُعرَّف . . . ! فمن اشتهر بأعماله وآثاره ، تغني عن ترجمته وأخباره . وهاهي كتبه تزين صدر المكتبة . . وتحقيقاته تُوَشِّي حواشي الأسفار . . ومِنْ تَرِكَتهِ العلمية كانت مادة هذا العمل النافع والجهد المتواضع .

 

 

1 ـ كان الحرص شديدا أن يستوعب البرنامج كل مؤلفات الشيخ ، رحمه الله ، إلا كتابا لم تنله الأيدي ، رغم السعي ، فهو غير مطبوع أو غير موجود مثل ( مشكاة المصابيح ـ التحقيق الثاني ، التعليقات الجياد . . . وغيرها ) . أو كتابا استبعد لقلة أحاديثه ، ولكونها مكررة في الكتب الأخرى ، مثل ( التنكيل . . . ، مادل عليه القرآن . . . )

2 ـ حددنا مهمة البرنامج أن يوقف المستخدم على متن الحديث ، و الحكم عليه ، مع الإحالة إلى مصادره في كتب الشيخ ، بالرقم الخاص أو بالصفحة أو بالأمرين معا . لذلك اكتفينا ، من كتب الشيخ في التحقيق مثل ( السلسلتان ، إرواء الغليل . . . ) بأخذ متن الحديث مع درجة الحكم عليه . ومن أراد دراسة السند طلبها في مظانها .

3 ـ ما ألفه الشيخ ، رحمه الله ، في موضوعات كاملة ( ليس تحقيقاً ) مثل ( تمام المنة ـ حجة النبي صلى الله عليه وسلم ـ صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ـ الثمر المستطاب . . . . ) أثبتت الكتب كاملة لتعدد الفوائد فيها ، إضافة للتحقيقات الحديثية .

4 ـ الكتب التي حقق الشيخ أحاديثها ، وهي لغيره مثل ( فقه السيرة للغزالي ـ العقيدة الطحاوية ـ صحيح ابن خزيمة . . . . ) استخرجنا منها الأحاديث المحققة مع الحكم عليها .

5 ـ تم إثبات الأحكام على الأحاديث دون أي تدخل ، حتى تلك التي تعارضت بين الكتب ( ولذلك مسوغات ذكرها الشيخ في بعض مقدماته أو تعليقاته ) ، مراعاة لأمانة ودقة النقل ، إلا ما صرح الشيخ بالعدول عنه ، أو تغيير حكمه عليه ، فنأخذ بآخر الأمرين .

6 ـ ستكون للبرنامج ، بمشيئة الله ، إصدارات جديدة تتلافى النقص ، وتصحح الخطأ ، وتستدرك الفائت ، وتضيف الجديد .

7 ـ هذا جهد بشري ، يعتوره النقص والخطأ ، وما تُوقِعُ به السرعة ، وقد وقع . . . !والمرء قليل بنفسه كثير بأخيه ، فمرحى ثم مرحى ، لمن وقف على خطأٍ ، أو خطلٍ ، أو خللٍ ، فنصح وأصلح ، واعتذر عنا ولنا ، بحسن النية والضعف البشري .

8 ـ لما عزمنا وَسْمَ هذا العمل ، استلهمنا فكرة التقريب من تسمية الشيخ لمشروعه القديم ، فاعتبرنا عملنا تقريبا للتقريب ، وتخيلنا جهد الشيخ سنين طويلة في خدمة الدين من خلال خدمة السنة ، دوحة باسقة ذات ثمر ، لم تبلغها كثير من الأيدي . . . !فأدنيناها ويسرنا جناها ، بلمسة ( سحر الكتروني ) واستعرنا لفظ الكتاب الكريم ، فقلنا:

وهانحن أولاء نقدم هذا العمل لطلبة العلم ، معينا لهم ، بعد توفيق الله على التعامل الواعي مع سنة نبيهم ، وهي الوحي الثاني ، وعلى العمل بها على بصيرة . ونحتسبه عند الله ، عملا صالحا خالصا لوجهه ، يوم لا ينفع مال ولا بنون . وجعلنا حقوق هذا العمل لكل مسلم غيور

 


حريص على نشر السنة الصحيحة والتحذير من كل ما لا يصح منها .

ومِنْ شُكْرِ الله على عونه وتوفيقه ، وهو أهل الحمد والشكر ، أن نزجي الشكر ، دعوة صالحة بظهر الغيب ، لكل من أسهم وتعاون وأعان . فجزى الله الجميع كل خير ، وأجزل لهم المثوبة .

والله حسبنا ونعم الوكيل ، وصلى الله وسلم على صفوته من خلقه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان .

لفيف من طلبة العلم