سورة النساء
الآية رقم ( 1 )
{يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا }
{ يا أيها الناس } أي أهل مكة { اتقوا ربكم } أي عقابه بان تطيعوه { الذي خلقكم من نفس واحدة } آدم { وخلق منها زوجها } حواء بالمد من ضلع من أضلاعه اليسرى { وبث } فرق ونشر { منهما } من آدم وحواء { رجالاً كثيراً ونساء } كثيرة { واتقوا الله الذي تَسّاءلون } فيه إدغام التاء في الأصل في السين، وفي قراءة بالتخفيف بحذفها أي تتساءلون { به } فيما بينكم حيث يقول بعضكم لبعض أسألك بالله وأنشدك بالله { و } اتقوا { الأرحام } أن تقطعوها، وفي قراءة بالجر عطفاً على الضمير في به وكانوا يتناشدون بالرحم { إنَّ الله كان عليكم رقيباً } حافظاً لأعمالكم فيجازيكم بها، أي لم يزل متصفاً بذلك .
الآية رقم ( 2 )
{وآتوا اليتامى أموالهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم إنه كان حوبا كبيرا }
ونزل في يتيم طلب من وليه ماله فمنعه: { وآتوا اليتامى } الصغار الذين لا أب لهم { أموالهم } إذا بلغوا { ولا تتبدلوا الخبيث } الحرام { بالطيب } الحلال أي تأخذوه بدله كما تفعلون من أخذ الجيد من مال اليتيم وجعل الردئ من مالكم مكانه { ولا تأكلوا أموالهم } مضمومة { إلى أموالكم إنه } أي أكلها { كان حوباً } ذنباً { كبيراً } عظيما ولما نزلت تحرجوا من ولاية اليتامى وكان فيهم من تحته العشر أو الثمان من الأزواج فلا يعدل بينهن فنزل .
الآية رقم ( 3 )
{وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا }
{ وإن خفتم أ } ن { لا تُقسطوا } تعدلوا { في اليتامى } فتحرجتم من أمرهم فخافوا أيضاً أن لا تعدلوا بين النساء إذا نكحتموهن { فانكحوا } تزوجوا { ما } بمعنى من { طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع } أي اثنتين اثنتيين ثلاثاً ثلاثاً وأربعاً ولا تزيدوا على ذلك { فإن خفتم أ } ن { لا تعدلوا } فيهن بالنفقة والقسم ؟ { فواحدةّ } انكحوها { أو } اقتصروا على { ما ملكت أيمانكم } من الإماء إذا ليس لهن من الحقوق ما للزوجات { ذلك } أي نكاح الأربع فقط أو الواحدة أو التسرَّي { أدنى } أقرب إلى { ألا تعولوا } تجوروا .
الآية رقم ( 4 )
{وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا }
{ وآتوا } أعطوا { النساء صداقاتهن } جمع صدقة مهورهن { نحلة } مصدر عطية عن طيب نفس { فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً } تمييز محول عن الفاعل، أي طابت أنفسهن لكم عن شيء من الصداق فوهبنه لكم { فكلوه هنيئاً } طيباً { مريئاً } محمود العاقبة لا ضرر فيه عليكم في الآخرة نزلت رداً على كره ذلك .
الآية رقم ( 5 )
{ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا }
{ ولا تؤتوا } أيها الأولياء { السفهاء } المبذِّرين من الرجال والنساء والصبيان { أموالكم } أي أموالهم التي في أيديكم { التي جعل الله لكم قياماً } مصدر قام أي تقوم بمعاشكم وصلاح أولادكم فيضعوها في غير وجهها ن وفي قراءة قيَماً جمع قيمة ما تقوم به الأمتعة { وارزقوهم فيها } أي اطعموهم منها { واكسوهم وقولوا لهم قولاً معروفاً } عدوهم عدة جميلة بإعطائهم أموالهم إذا رشدوا .
الآية رقم ( 6 )
{وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبروا ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم وكفى بالله حسيبا }
{ وابتلوا } اختبروا { اليتامى } قبل البلوغ في دينهم وتصرفهم في أحوالهم { حتى إذا بلغوا النكاح } أي صاروا أهلاً له بالاحتلام أو السن وهو استكمال خمس عشرة سنة عند الشافعي { فإن آنستم } أبصرتم { منهم رشداً } صلاحا في دينهم ومالهم { فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكلوها } أيها الأولياء { إسرافاً } بغير حق حال { وبدراً } أي مبادرين إلى إنفاقها مخافة { أن يكبروا } رشداء فيلزمكم تسليمها إليهم { ومن كان } من الأولياء { غنياُ فليستعفف } أي يعف عن مال اليتم ويمتنع من أكله { ومن كان فقيراً فليأكل } منه { بالمعروف } بقدر أجرة عمله { فإذا دفعتم إليهم } أي إلى اليتامى { أموالهم فأشهدوا عليهم } أنهم تسلموها وبرئتم لئلا يقع اختلاف فترجعوا إلى البينة وهذا أمر إرشاد { وكفى بالله } الياء زائدة { حسيباُ } حافظاً لأعمال خلقه ومحاسبهم .
الآية رقم ( 7 )
{للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا }
ونزل رداً لما كان عليه في الجاهلية من عدم توريث النساء والصغار: { للرجال } الأولاد والأقرباء { نصيبٌ } حظٌ { مما ترك الوالدان والأقربون } المتوفون { وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قلَّ منه } أي المال { أو كثر } جعله الله { نصيباً مفروضاً } مقطوعاً بتسليمه إليهم .
الآية رقم ( 8 )
{وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفا }
{ وإذا حضر القسمة } للميراث { أولوا القربى } ذوو القرابة ممن لا يرث { واليتامى والمساكين فارزقوهم منه } شيئاً قبل القسمة { وقولوا } أيها الأولياء { لهم } إذا كان الورثة صغاراً { قولاً معروفاً } جميلا بأن تعتذروا إليهم أنكم لا تملكونه وأنه للصغار وهذا قيل إنه منسوخ وقيل لا ولكن تهاون الناس فر تركه وعليه فهو ندب وعن أبن عباس واحب .
الآية رقم ( 9 )
{وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا }
{ ولْيخش } أي ليحق على اليتامى { الذين لو تركوا } أي قاربوا أن يتركوا { من خلفهم } أي بعد موتهم { ذرية ضعافاً } أولاد صغاراً { خافوا عليهم } الضياع { فليتقوا الله } في أمر اليتامى وليأتوا إليهم ما يحبون أن يفعل بذريتهم من بعدهم { ولْيقولوا } للميت { قولاً سديداً} صواباً بأن يأمروه أن يتصدق بدون ثلثه ويدع الباقي لورثته ولا يتركهم عالة .
الآية رقم ( 10 )
{إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا }
{ إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً } بغير حق { إنما يأكلون في بطونهم } أي ملأها { ناراً } لأنه يؤول إليها { وَسَيَصْلَوْنَ } بالبناء للفاعل والمفعول يدخلون { سعيراً } ناراً شديدة يحترقون فيها .
الآية رقم ( 11 )
{يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له إخوة فلأمه السدس من بعد وصية يوصي بها أو دين آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا فريضة من الله إن الله كان عليما حكيما }
{ يوصيكم } يأمركم { الله في } شأن { أولادكم } بما يذكر { للذكر } منهم { مثل حظ } نصيب { الأنثيين } إذا اجتمعنا معه فله نصف المال ولهما النصف فإن كان معه واحدة فلها الثلث وله الثلثان وإن انفرد جاز المال { فإن كنَّ } أي الأولاد { نساءً } فقط { فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك } الميت وكذا الاثنتان لأنه للأختين بقوله { فلهما الثلثان مما ترك } فهما أولى به ولأن البنت تستحق الثلث مع الذكر فمع الأنثى اولى (وفوق) قيل صلة وقيل لدفع توهم زيادة النصيب بزيادة العدد لما فهم استحقاق البنتين الثلثين من جعل الثلث للواحدة مع الذكر { وإن كانت } المولودة { واحدةّ } وفي قراءة بالرفع فكان تامة { فلها النصف ولأبويه } أي الميت ويبدل منهما { لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد } ذكر أو أنثى ونكتة البدل إفادة أنهما لا يشتركان فيه وألحق بالولد ولد الابن وبالأب الحد { فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه } فقط أو مع زوج { فلأمه } بضم الهمزة وكسرها فراراً من الانتقال ضمة إلى كسرة لثقله في الموضعين { الثلث } أي ثلث المال أو ما ينبغي بعد الزوج والباقي للأب { فإن كان له إخوة } أي اثنان فصاعدا ذكوراً أو إناثا { فلأمه السدس } والباقي للأب ولا شيء للأخوة وإرث من ذكر ما ذُكر { من بعد } تنفيذ { وصية يوصي } بالبناء للفاعل والمفعول { بها أو } قضاء { دين } عليه وتقديم الوصية على الدين وإن كانت مؤخرة عنه في الوفاء للاهتمام بها { آباؤكم وأبناؤكم } مبتدأ خبره { لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعاً } في الدنيا والآخرة فظان أن ابنه أنفع له فيعطيه الميراث فيكون الأب انفع وبالعكس وإنما العالم بذلك هو الله ففرض لكم الميراث { فريضة من الله إن الله كان عليماً } بخلقه { حكيماً } فيما دبَّره لهم: أي لم يزل متصفاً بذلك .
الآية رقم ( 12 )
{ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصين بها أو دين ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها أو دين وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث من بعد وصية يوصى بها أو دين غير مضار وصية من الله والله عليم حليم }
{ ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد } منكم أو من غيركم { فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصين بها أو دين } وألحق بالولد في ذلك ولد الابن بالإجماع { ولهن } أي الزوجات تعددن أولا { الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد } منهن أو من غيرهن { فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها أو دين } وولد الابن في ذلك كالولد إجماعاً { وإن كان رجل يورث } صفة والخبر { كلالةُ } أي لا والد له ولا ولد { أو امرأة } تورث كلالة { وله } أي للمورث كلالة { أخ أو أخت } أي من أم وقرأ به ابن مسعود وغيرة { فلكل واحد منهما السدس } مما ترك { فإن كانوا } أي الإخوة والأخوات من الأم { أكثر من ذلك } أي من واحد { فهم شركاء في الثلث } يستوي فيه ذكرهم وأنثاهم { من بعد وصية يوصي بها أو دين غير مُضارٌ } حال من ضمير يوصي أي غير مدخل الضرر على الورثة بأن يوصي بأكثر من الثلث { وصيةّ } مصدر مؤكد ليوصيكم { من الله والله عليم } بما دبره لخلقه من الفرائض { حليم } بتأخير العقوبة عمن خالفه، وخصت السنة توريث من ذكر بمن ليس فيه مانع من قتل أو اختلاف دين أو رقٌ .
الآية رقم ( 13 )
{تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم }
{ تلك } الأحكام المذكورة من أمر اليتامى وما بعده { حدود الله } شرائعه التي حدَّها لعباده ليعملوا بها ولا يتعدوها { ومن يطع الله ورسوله } فيما حكم به { يدخله } بالياء والنون التفاتاً { جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم } .
الآية رقم ( 14 )
{ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين }
{ ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله } بالوجهين { ناراً خالداً فيها وله } فيها { عذاب مهين } ذو إهانة روعي في الضمائر في الآيتين لفظ من وفي خالدين معناها ز
الآية رقم ( 15 )
{واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا }
( واللاتي يأتين الفاحشة ) الزنا ( من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم ) أي من رجالكم المسلمين ( فإن شهدوا ) عليهن بها ( فأمسكوهن ) احبسوهن ( في البيوت ) وامنعوهن من مخالطة الناس ( حتى يتوفاهن الموت ) أي ملائكته ( أو ) إلى أن ( يجعل الله لهن سبيلا ) طريقاً إلى الخروج منها أمروا بذلك أول الإسلام ثم جعل لهن سبيلا بجلد البكر مائة وتغريبها عاماً ورجم المحصنة ، وفي الحديث لما بين الحد قال " خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا " رواه مسلم .
الآية رقم ( 16 )
{واللذان يأتيانها منكم فآذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما إن الله كان توابا رحيما }
{ وَاًلَّذّانِ } بتخفيف النون وتشديدها { يأتيانها } أي الفاحشة الزنا أو اللواط { منكم } أي الرجال { فآذوهما } بالسب والضرب بالنعال { فإن تابا } منها { وأصلحا } العمل { فأعرضوا عنهما } ولا تؤذوهما { إن الله كان توَّاباً } على من تاب { رحيماً } به وهذا منسوخ بالحد إن أريد بها الزنا وكذا إن أريد بها اللواط عن الشافعي لكن المفعول به لا يرجم عنده وإن كان محصناً بل يجلد ويغرب وإرادةُ اللواط أظهر بدليل تثنية الضمير والأول أراد الزاني والزانية ورده تبيينهما بمن المتصلة بضمير الرجال واشتراكهما في الأذى والتوبة والإعراض وهو مخصوص بالرجال لما تقدم في النساء من الحبس .
الآية رقم ( 17 )
{إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما }
{ إنما التوبة على الله } أي التي كتب على نفسه قبولها بفضله { للذين يعملون السوء } المعصية { بجهالة } حال أي جاهلين إذا عصوا ربهم { ثم يتوبون من } زمن { قريب } قبل أن يغرغروا { فأولئك يتوب الله عليهم } يقبل توبتهم { وكان الله عليماً } بخلقة { حكيماً } في صنعه بهم .
الآية رقم ( 18 )
{وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا لهم عذابا أليما }
{ وليست التوبة للذين يعملون السيئات } الذنوب { حتى إذا حضر أحدهم الموتُ } وأخذ في النزع { قال } عند مشاهدة ما هو فيه { إنِّي تبت الآن } فلا ينفعه ذلك ولا يقبل منه { ولا الذين يموتون وهم كفار } إذا تابوا في الآخرة عند معاينة العذاب لا تقبل منهم { أولئك أعتدنا } أعددنا { لهم عذاباً أليماً } مؤلماً .
الآية رقم ( 19 )
{يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا }
{ يا أيُّها الذين آمنوا لا يحلُّ لكم أن ترثوا النساء } أي ذاتهن { كرهاً } بالفتح والضم لغتان أي مكرهيهن على ذلك كانوا في الجاهلية يرثون نساء أقربائهم فإن شاءوا تزوجوهن بلا صداق أو زوَّجوهن وأخذوا صداقهن أو عضلوهن حتى يفتدين بما ورثنه أو يمتن فيرثوهن فنُهوا عن ذلك { ولا } أن { تعضلوهن } أي تمنعوا أزواجكم عن نكاح غيركم بإمساكهن ولا رغبة لكم فيهن ضراراً { لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن } من المهر { إلا أن يأتين بفاحشة مبييَّنة } بفتح الياء وكسرها أي بينت أو هي بينة أي زنا أو نشوز فلكم أن تضاروهن حتى يفتدين منكم ويختلعن { وعاشروهن بالمعروف } أي بالإجمال في القول والنفقة والمبيت { فإن كرهتموهن } فاصبروا { فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً } ولعله يجعل فيهن ذلك بأن يرزقكم منهن ولداً صالحاً .
الآية رقم ( 20 )
{وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا }
{ وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج } أي أخذها بدلها بأن طلقتموها { و } قد { آتيتم إحداهن } أي الزوجات { قنطاراً } مالاً كثيراً صداقاً { فلا تأخذوا منه شيئاً أتأخُذُونهُ بهتاناً } ظلما { وإثماً مبيناً } بيناً ونصبهما على الحال، والاستفهامُ للتوبيخ وللإنكار في قوله .
الآية رقم ( 21 )
{وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقا غليظا }
{ وكيف تأخذونه } أي بأي وجه { وقد أفضى } وصل { بعضكم إلى بعض } بالجماع المقرر للمهر { وأخذن منكم ميثاقاً } عهداً { غليظاً } شديداً وهو ما أمر الله به من إمساكهن بمعروف أو تسريحهن بإحسان .
الآية رقم ( 22 )
{ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا }
{ ولا تنكحوا ما } بمعنى من { نكح آباؤكم من النساء إلا } لكن { ما قد سلف } من فعلكم ذلك فانه معفوِّ عنه { إنه } أي نكاحهن { كان فاحشة } قبيحاً { ومقتاً } سبباً للمقت من الله وهو أشد البغض { وساء } بئس { سبيلا } طريقاً ذلك .
الآية رقم ( 23 )
{حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف إن الله كان غفورا رحيما }
( حرمت عليكم أمهاتكم ) أن تنكحوهن وشملت الجدات من قبل الأب أو الأم ( وبناتكم ) وشملت بنات الأولاد وإن سفلن ( وأخواتكم ) من جهة الأب أو الأم ( وعماتكم ) أي أخوات آبائكم وأجدادكم ( وخالاتكم ) أي أخوات أمهاتكم وجداتكم ( وبنات الأخ وبنات الأخت ) ويدخل فيهن أولادهم ( وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم ) قبل استكمال الحولين خمس رضعات كما بينه الحديث ( وأخواتكم من الرضاعة ) ويلحق بذلك بالسنة البنات منها وهن من أرضعتهم موطوأته والعمات والخالات وبنات الأخ وبنات الأخت منها لحديث : " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " رواه البخاري ومسلم ( وأمهات نسائكم وربائبكم ) جمع ربيبة وهي بنت الزوجة من غيره ( اللاتي في حجوركم ) تربونهن . صفة موافقة للغالب فلا مفهوم لها ( من نسائكم اللاتي دخلتم بهن ) أي جامعتموهن ( فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم ) في نكاح بناتهن إذا فارقتموهن ( وحلائل ) أزواج ( أبنائكم الذين من أصلابكم ) بخلاف من تبنيتموهم فلكم نكاح حلائلهم ( وأن تجمعوا بين الأختين ) من نسب أو رضاع بالنكاح ويلحق بهما بالسنة الجمع بينها وبين عمتها أو خالتها ويجوز نكاح كل واحدة على الانفراد وملكهما معا ويطأ واحدة ( إلا ) لكن ( ما قد سلف ) في الجاهلية من نكاحهم بعض ما ذكر فلا جناح عليكم فيه ( إن الله كان غفوراً ) لما سلف منكم قبل النهي ( رحيماً ) بكم في ذلك .
الآية رقم ( 24 )
{والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة ولا جناح عليكم في ما تراضيتم به من بعد الفريضة إن الله كان عليما حكيما }
{ و } حرمت عليكم { المحصَنات } أي ذوات الأزواج { من النساء } أن تنكحوهن قبل مفارقة أزواجهن حرائر مسلمات كن أو لا { إلا ما ملكت أيمانكم } من الإماء بالسبي فلكم وطؤهن وإن كان لهن أزواج في دار الحرب بعد الاستبراء { كتاب الله } نصب على المصدر أي كتب ذلك { عليكم وَأَحَلَّ } بالبناء للفاعل والمفعول { لكم ما وراء ذلكم } أي سوى ما حرم عليكم من النساء { أن تبتغوا } تطلبوا النساء { بأموالكم } بصداق أو ثمن { محصنين } متزوجين { غير مسافحين } زانين { فما } فمن { استمتعتم } تمتعتم { به منهن } ممن تزوجتم بالوطء { فآتوهن أجورهن } مهورهن التي فرضتم لهن { فريضة ولا جناح عليكم فيما تراضيتم } أنتم وهن { به من بعد الفريضة } من حطها أو بعضها أو زيادة عليها { إن الله كان عليماً } بخلقه { حكيماً } فيما دبره لهم .
الآية رقم ( 25 )
{ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات والله أعلم بإيمانكم بعضكم من بعض فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن بالمعروف محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب ذلك لمن خشي العنت منكم وأن تصبروا خير لكم والله غفور رحيم }
( ومن لم يستطع منكم طولاً ) أي غني لـ ( أن ينكح المحصنات ) الحرائر ( المؤمنات ) هو جري على الغالب فلا مفهوم له ( فمن ما ملكت أيمانكم ) ينكح ( من فتياتكم المؤمنات والله أعلم بإيمانكم ) فاكتفوا بظاهره ووكلوا السرائر إليه فإنه العالم بتفضيلها ورب أمة تفضل حرة فيه وهذا تأنيس بنكاح الإماء ( بعضكم من بعض ) أي أنتم وهن سواء في الدين فلا تستنكفوا من نكاحهن ( فانكحوهن بإذن أهلهن ) مواليهن ( وآتوهن ) أعطوهن . ( أجورهن ) مهورهن ( بالمعروف ) من غير مطل ونقص ( محصنات ) عفائف حال ( غير مسافحات ) زانيات جهراً ( ولا متخذات أخذان ) أخلاء يزنون بهن سراً ( فإذا أحصن ) زوجن وفي قراءة بالبناء للفاعل تزوجن ( فإن أتين بفاحشة ) زنا ( فعليهن نصف ما على المحصنات ) الحرائر الأبكار إذا زنين ( من العذاب ) الحد فيجلدن خمسين ويغربن نصف سنة ويقاس عليهن العبيد ولم يجعل الإحصان شرطاً لوجوب الحد لإفادة أنه لا رجم عليهن أصلا ( ذلك ) أي نكاح المملوكات عند عدم الطول ( لمن خشي ) خاف ( العنت ) الزنا وأصله المشقة سمي به الزنا لأنه سببها بالحد في الدنيا والعقوبة في الآخرة ( منكم ) بخلاف من لا يخافه من الأحرار فلا يحل له نكاحها وكذا من استطاع طول حرة وعليه الشافعي وخرج بقوله " من فتياتكم المؤمنات " الكافرات : فلا يحل له نكاحها ولو عدل وخاف ( وأن تصبروا ) عن نكاح المملوكات ( خير لكم ) لئلا يصير الولد رقيقاً ( والله غفور رحيم ) بالتوسعة في ذلك .
الآية رقم ( 26 )
{يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم }
{ يريد الله ليبين لكم } شرائع دينكم ومصالح أمركم { ويهديكم سنن } طرائق { الذين من قبلكم } من الأنبياء في التحليل والتحريم فتتَّبعوهم { وينوب عليكم } يرجع بكم عن معصيته التي كنتم عليها إلى طاعته { والله عليم } بكم { حكيم } فيما دبره لكم .
الآية رقم ( 27 )
{والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما }
{ والله يريد أن يتوب عليكم } كرره ليبنى عليه { ويريد الذين يتبعون الشهوات } اليهود والنصارى أو المجوس أو الزناة { أن تميلوا ميلاً عظيماً } تعدلوا عن الحق بارتكاب ما حُرم عليكم فتكونوا مثلهم .
الآية رقم ( 28 )
{يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا }
{ يريد الله أن يخفف عنكم } يسهل عليكم إحكام الشرع { وخلق الإنسان ضعيفاً } لا يصبر عن النساء والشهوات .
الآية رقم ( 29 )
{يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما }
{ يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل } بالحرام في الشرع كالربا والغصب { إلا } لكن { أن تكون } تقع { تجارةٌ } وفي قراءة بالنصب أن تكون الأموال أموال تجارة صادرة { عن تراضى منكم } وطيب نفس فلكم أن تأكلوها { ولا تقتلوا أنفسكم } بارتكاب ما يؤدي إلى هلاكها أيّاً كان في الدنيا أو الآخرة بقرينة { إن الله كان بكم رحيماً } في منعه لكم من ذلك .
الآية رقم ( 30 )
{ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا }
{ ومن يفعل ذلك } أي ما نُهي عنه { عُدواناً } تجاوزاً للحلال حال { وظلماً } تأكيد { فسوف نصليه } ندخله { ناراً } يحترق فيها { وكان ذلك على الله يسيراً } هيِّناً .
الآية رقم ( 31 )
{إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما }
{ أن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه } وهي ما ورد عليها وعيد كالقتال والزنا والسرقة وعن ابن عباس هي إلى السبعمائة أقرب { نكفِّر عنكم سيِّئاتكم } الصغائر بالطاعات { وندخلكم مُدخلاً } بضم الميم وفتحها أي إدخالا أو موضعاً { كريماً } هو الجنة .
الآية رقم ( 32 )
{ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن واسألوا الله من فضله إن الله كان بكل شيء عليما }
{ ولا تتمنَّوا ما فضَّل الله به بعضكم على بعض } من جهة الدنيا أو الدين لئلا يؤدى إلى التحاسد والتباغض { للرجال نصيب } ثواب { مما اكتسبوا } بسبب ما عملوا من الجهاد وغيرة { وللنساء نصيب مما أكتسبن } من طاعته أزواجهن وحفظ فروجهن نزلت لما قالت أم سلمة: ليتنا كار جالا فجاهدنا وكان لنا مثل أجر الرجال { واسألوا } بهمزة ودونها { الله من فضله } ما احتجتم إليه يعطكم { إن الله كان بكل شيء عليماً } ومنه محل الفضل وسؤالكم .
الآية رقم ( 33 )
{ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم إن الله كان على كل شيء شهيدا }
{ ولكلٌ } عن الرجال والنساء { جعلنا موالي } عصبة يعطون { مما ترك الوالدان والأقربون } لهم من المال { والذين عاقدت } بألف ودونها { أيمانكم } جمع يمين بمعني القسم أو اليد أي الخلفاء الذين عاهدتموهم في الجاهلية على النصرة والإرث { فآتوهم } الآن { نصيبهم } حظوظهم من الميراث وهو السدس { إن الله على كل شيء شهيداً } مطلعاً ومنه حالكم وهذا منسوخ بقوله (وأولوا الأرحام بعضهم أول ببعض) .
الآية رقم ( 34 )
{الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا }
{ الرِّجال قوَّامون } مسلطون { على النساء } يؤدبونهن ويأخذون على أيديهن { بما فضَّل بعضهم على بعض } أي بتفضيله لهم عليهن بالعلم والعقل والولاية وغير ذلك { وبما أنفقوا } عليهن { من أموالهم فالصالحات } منهن { قانتات } مطيعات لأزواجهن { حافظات للغيب } أي لفروجهن وغيرها في غيبة أزواجهن { بما حفظ } لهن { اللهُ } حيث أوصى عليهن الأزواج { والَّتي تخافون نشوزهن } عصيانهن لكم بأن ظهرت امارته { فعظوهن } فخوِّفوهن الله { واهجروهن في المضاجع } اعتزلوا إلى فراش آخر إن أظهرن النشوز { واضربوهن } ضرباً غير مبرح إن لم يرجعن بالهجران { فإن أطعنكم } فيما يراد منهن { فلا تبغوا } تطلبوا { عليهن سبيلاً } طريقاً إلى ضربهن ظلماً { إن الله كان علياً كبيراً } فاحذروه أن يعاقبكم إن ظلمتموهن .
الآية رقم ( 35 )
{وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما إن الله كان عليما خبيرا }
{ وإن خفتم } علمتم { شقاق } خلاف { بينهما } بين الزوجين والإضافة للاتساع أي شقاقاً بينهما { فابعثوا } إليهما برضاهما { حكماً } رجلاً عدلاً { من أهله } أقاربه { وحكماً من أهلها } ويوكل الزوج حكمه في طلاق وقبول عوض عليه وتوكل هي حكمها في الاختلاع فيجتهدان ويأمران الظالم بالرجوع أو يُفَرِّقَان إن رأياه، قال تعالى: { إن يريدا } أي الحكمان { إصلاحاً يوفِّق الله بينهما } بين الزوجين أي يقدرهما على ما هو الطاعة من إصلاح أو فراق { إن الله كان عليماً } بكل شيء { خبيراً } بالبواطن كالظواهر .
الآية رقم ( 36 )
{واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا }
{ واعبدوا الله } وحِّدوه { ولا تُشركوا به شيئاً و } أحسنوا { بالوالدين إحساناً } برّاً ولين جانب { وبذي القربى } القرابة { واليتامى والمساكين والجار ذي القربى } القريب منك في الجوار أو النسب { والجار الجُنُب } البعيد عنك في الجوار أو النسب { والصاحب بالجنب } الرفيق في سفر أو صناعه وقبل الزوجة { وابن السبيل } المنقطع في سفره { وما ملكت أيمانكم } من الأرقاء { إن الله لا يحب من كان مختالاً } متكبراً { فخوراً} على الناس بما أولى .
الآية رقم ( 37 )
{الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا }
{ الذين } مبتدأ { يبخلون } بما يجب عليهم { ويأمرون الناس بالبخل } به { ويكتمون ما آتاهم الله من فضله } من العلم والمال وهم اليهود وخبر المبتدأ لهم وعيد شديد { وأعتدنا للكافرين } بذلك وبغيره { عذاباً مهيناً } ذا إهانة .
الآية رقم ( 38 )
{والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ومن يكن الشيطان له قرينا فساء قرينا }
{ والذين } عطف على الذين قبله { ينفقون أموالهم رئاء الناس } مرائين لهم { ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر } كالمنافقين وأهل مكة { ومن يكن الشيطان له قريناً } صاحباً يعمل بأمره كهؤلاء { فساء } بئس { قريناً } هو .
الآية رقم ( 39 )
{وماذا عليهم لو آمنوا بالله واليوم الآخر وأنفقوا مما رزقهم الله وكان الله بهم عليما }
{ وماذا عليهم لو آمنوا بالله واليوم الأخر وأنفقوا مما رزقهم الله } أي أيَ ضرر عليهم في ذلك والاستفهام للإنكار ولو مصدرية أي لا ضرر فيه وإنما الضرر فيما هم عليه { وكان الله بهم عليماً } فيجازيهم بما عملوا .
الآية رقم ( 40 )
{إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما }
{ إن الله لا يظلم } أحداً { مثقال } وزن { ذرَّة } أصغر نملة بأن ينقصها من حسناته أو يزيدها في سيئاته { وإن تك } الذرة { حسنةّ } من مؤمن وفي قراءة بالرفع فكان تامة { يضاعفها } من عشر إلى أكثر من سبعمائة وفي قراءة يضعفها بالتشديد { ويؤت من لدنه } من عنده مع المضاعفة { أجراً عظيماً } لا يقدِّره أحد .
الآية رقم ( 41 )
{فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا }
{ فكيف } حال الكفار { إذا جئنا من كل أمة بشهيد } يشهد عليها بعملها وهو نبيها { وجئنا بك } يا محمد { على هؤلاء شهيداً } .
الآية رقم ( 42 )
{يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا }
{ يومئذ } يوم المجيء { يود الذين كفروا وعصوا الرَّسول لو } أي أن { تُسَوَّى } بالبناء للمفعول والفاعل مع حذف إحدى التاءين في الأصل ومع إدغامها في السين أي تتسوى { بهم الأرض } بأن يكونوا تراباً مثلها لعظم هوله كما في آية أخرى (ويقول الكافر يا ليتنى كنت تراباً) { ولا يكتمون الله حديثاً } عما عملوه وفي وقت آخر يكتمونه ويقولون (والله ربِّنا ما كنا مشركين
الآية رقم ( 43 )
{يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم إن الله كان عفوا غفورا }
{ يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة } أي لا تصلوا { وأنتم سكارى } من الشراب لن سبب نزولها صلاة جماعة في حال سكر { حتى تعلموا ما تقولون } بأن تصْحوا { ولا جُنُباً } بإيلاج أو إنزال ونصبه على الحال وهو يطلق على المفرد وغيره { إلا عابري } مجتازي { سبيل } طريق أي مسافرين { حتى تغتسلوا } فلكم أن تصلوا واستثناء المسافر لأن له حكماً آخر سيأتي وقيل المراد النهي عن قربان مواضع الصلاة أي المساجد إلا عبورها من غير مكث { وإن كنتم مرضى } مرضاً يضره الماء { أو على سفر } أي مسافرين وأنتم جنب أو محدثون { أو جاء أحد منكم من الغائط } هو المكان المعَدُّ لقضاء الحاجة أي أحدث { أو لامستم النساء } وفي قراءة بلا ألف وكلاهما بمعنى اللمس هو الجَسُّ باليد قاله ابن عمر وعليه الشافعى وألحق به الجس بباقي البشرة وعن ابن عباس هو الجماع { فلم تجدوا ماءً } تتطهرون به للصلاة بعد الطلب والتفتيش وهو راجع إلى ما عدا المرضى { فتيمموا } اقصدوا بعد دخول الوقت { صعيداً طيباً } تراباً طاهراً فاضربوا به ضربتين { فامسحوا بوجوهكم وأيديكم } مع المرفقين منه ومسح يتعدى بنفسه وبالحرف { إن الله كان عفوا غفوراً } .
الآية رقم ( 44 )
{ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يشترون الضلالة ويريدون أن تضلوا السبيل }
{ ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً } حظاً { من الكتاب } وهم اليهود { يشترون الضلالة } بالهدى { ويريدون أن تضلوا السبيل } تخطئوا الطريق الحق لتكونوا مثلهم .
الآية رقم ( 45 )
{والله أعلم بأعدائكم وكفى بالله وليا وكفى بالله نصيرا }
{ والله أعلم بأعدائكم } منكم فيخبركم بهم لتجتنبوهم { وكفى بالله ولياً } حافظاً لكم منهم { وكفى بالله نصيراً } مانعا لكم من كيدهم .
الآية رقم ( 46 )
{من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا ليا بألسنتهم وطعنا في الدين ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرا لهم وأقوم ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا }
{ من الذين هادوا } قوم { يحِّرفون } يغيرون { الكلم } الذي أنزل الله في التوراة من نعت محمد صلى الله عليه وسلم { عن مواضعه } التي وضع عليها { ويقولون } للنبي صلى الله عليه وسلم إذا أمرهم بشيء { سمعنا } قولك { وعصينا } أمرك { واسع غير مُسمع } حال بمعنى الدعاء أي لا سمعت { و } يقولون له { راعنا } وقد نهى عن خطابه وهي كلمة سب بلغتهم { ليٌا } تحريفاً { بألسنتهم وطعناً } قدحاً { في الدين } الإسلام { ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا } بذل وعصينا { واسمع } فقط { وانظرنا } انظر إلينا بدل راعنا { لكان خيراً لهم } مما قالوه { وأقوم } أعدل منه { ولكن لعنهم الله } أبعدهم عن رحمته { بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلاً } منهم كعبد الله بن سلام وأصحابه .
الآية رقم ( 47 )
{يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت وكان أمر الله مفعولا }
{ يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزّلنا } من القرآن { مصدّقاً لما معكم } من التوراة { من قبل أن نطمس وجوهاً } نمحو ما فيها من العين والأنف والحاجب { فنردها على أدبارها } فنجعلها كالأقفاء لوحاً واحداً { أو نلعنهم } نمسخهم قردة { كما لعنَّا } مسخنا { أصحاب السبت } منهم { وكان أمر الله } قضاؤه { مفعولاً } ولما نزلت أسلم عبد الله بن سلام فقيل كان وعيداً بشرط فلما أسلم به ببعضهم رفع وقيل يكون طمس ومسح قبل قيام الساعة .
الآية رقم ( 48 )
{إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما
{ إن الله لا يغفر أن يُشرك } أي الإشراك { به ويغفر ما دون } سوى { ذلك } من الذنوب { لمن يشاء } المغفرة له بأن يدخله الجنة بلا عذاب ومن شاء عذّبه من المؤمنين بذنوبه ثم يدخله الجنة { ومن يشرك بالله فقد افترى إثماً } ذنباً { عظيماً } كبيراً .
الآية رقم ( 49 )
{ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء ولا يظلمون فتيلا }
{ ألم تر إلى الذين يزكُون أنفسهم } وهم اليهود حيث قالوا نحن أبناء الله وأحباؤه أي ليس الأمر بتزكيتهم أنفسهم { بل الله يزكّي } يطهر { من يشاء } بالإيمان { ولا يُظلون } ينقصون من أعمالهم { فتيلا } قدر قشرة النواة .
الآية رقم ( 50 )
{انظر كيف يفترون على الله الكذب وكفى به إثما مبينا }
{ اُنظر } متعجباً { كيف يفترون على الله الكذب } بذلك { وكفى به إثماً مبيناً } بيِّناً .
الآية رقم ( 51 )
{ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا }
ونزل في كعب بن الأشرف ونحوه من علماء اليهود لما قدموا مكة وشاهدوا قتلى بدر وحرضوا المشركين على الأخذ بثأرهم ومحاربة النبي صلى الله عليه وسلم { ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت } صنمان لقريش { ويقولون للذين كفروا } أبي سفيان وأصاحبه حين قالوا لهم: نحن أهدي سبيلا ونحن ولاة البيت نسقي الحاج ونقري الضيف ونفك العاني ونفعل ...أم محمد صلى الله عليه وسلم وقد خالف دين آبائه وقطع الرحم وفارق الحرم { هؤلاء } أي أنتم { أهدى من الذين آمنوا سبيلا } أقوم طريقاً .
الآية رقم ( 52 )
{أولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا }
{ أولئك الذين لعنهم الله ومن يلعنـ } ـه { الله فلن تجد له نصيراً } مانعاً من عذابه .
الآية رقم ( 53 )
{أم لهم نصيب من الملك فإذا لا يؤتون الناس نقيرا }
{ أم } بل { لهم نصيب من الملك } أي ليس لهم شيء منه ولو كان { فإذاً لا يؤتون الناس نقيراً } أي شيئاً تافهاً قدر النقرة في ظهر النواة لفرط بخلهم .
الآية رقم ( 54 )
{أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما }
{ أم } بل { يحسدون الناس } أي النبيصلى الله عليه وسلم { على ما أتاهم الله من فضله } من النبوة وكثرة النساء ، أي يتمنون زواله عنه ويقولون لو كان نبياً لاشتغل عن النساء { فقد آتينا آل إبراهيم } جده كموسى وداود وسليمان { الكتاب والحكمة } والنبوة { وآتيناهم ملكاً عظيماً } فكان لداود تسع وتسعون امرأة ولسليمان ألف ما بين حُرَّةِ وسرية .
الآية رقم ( 55 )
{فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا }
{ فمنهم من آمن به } بمحمد صلى الله عليه وسلم { ومنهم من صدَّ } أعرض { عنه } فلم يؤمن { وكفي بجهنم سعيراً } عذاباً لمن لا يؤمن .
الآية رقم ( 56 )
{إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزا حكيما }
{ إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم } ندخلهم { ناراً } يحترقون فيها { كلما نضجت } احترقت { جلودهم بدَّلناهم جلوداً غيرها } بأن تعاد إلى حالها الأول غير محترقة { ليذوقوا العذاب } ليقاسوا شدته { إن الله كان عزيزاً } لا يعجزه شيء { حكيماً } في خلقه .
الآية رقم ( 57 )
{والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا لهم فيها أزواج مطهرة وندخلهم ظلا ظليلا }
{ والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً لهم فيها أزواج مطهرة } من الحيض وكل قذر { وندخلهم ظلاً ظليلاً } دائما لا تنسخه شمس وهو ظل الجنة ,
الآية رقم ( 58 )
{إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا }
{ إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات } أي ما ائتمنتهم عليه من الحقوق { إلى أهلها } نزلت لما أخذ على رضي الله عنه مفتاح الكعبة من عثمان بن طلحة الجحمي سادنها قسراً لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم مكة عام الفتح ومنعه وقال لو علمت أنه رسول الله لم أمنعه فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلمبرده إليه وقال هاك خالدة تالدة فعجب من ذلك فقرأ له عليُّ الآية فأسلم وأعطاه عند موته لأخيه شيبة فبقي في ولده والآيةُ وإن وردت على سبب خاص فعمومها معتبر بقرينة الجمع { وإذا حكمتم بين الناس } يأمركم { أن تحكموا بالعدل إن الله كان نعماً } فيه إدغام ميم نعم في ما النكرة الموصولة أي نعم شيئا { يعظكم به } تأدية الأمانة والحكم بالعدل { إن الله كان سميعا } لما يقال { بصيراً } بما يفعل .
الآية رقم ( 59 )
{يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحس تأويلا }
{ يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي } وأصحاب { الأمر } أي الولاة { منكم } إذا أمروكم بطاعة الله ورسوله { فإن تنازعتم } اختلفتم { في شيء فردوه إلى الله } أي إلى كتابه { والرسول } مدة حياته وبعده إلى سنته أي اكتشفوا عليه منهما { إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك } أي الرد إليهما { خير } لكم من التنازع والقول بالرأي { وأحسن تأويلاً } مآلاً .
الآية رقم ( 60 )
{ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا }
ونزل لما اختصم يهودي ومنافق فدعا المنافق إلى كعب بن الأشرف ليحكم بينهما ودعا اليهودي إلى الني صلى الله عليه وسلم فأتياه فقضي لليهودي فلم يرض المنافق وأتيا عمر فذكر اليهودي ذلك فقال للمنافق أكذلك فقال نعم فقتله { ألم ترَ إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أُنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت } الكثير الطغيان وهو كعب بن الأشرف { وقد أمروا أن يكفروا به } ولا يوالوه { ويريد الشيطان أن يضلَّهم ضلالاً بعيداً } عن الحق .
الآية رقم ( 61 )
{وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا }
{ وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله } في القرآن من الحكم { وإلى الرسول } ليحكم بينكم { رأيت المنافقين يصدون } يُعرضون { عنك } إلى غيرك { صدوداً } .
الآية رقم ( 62 )
{فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم ثم جاءوك يحلفون بالله إن أردنا إلا إحسانا وتوفيقا }
{ فكيف } يصنعون { إذا أصابتهم مصيبة } عقوبة { بما قدّمت أيديهم } من الكفر والمعاصي أي أيقدرون على الإعراض والفرار منها ؟ لا { ثم جَاءُوك } معطوف على يصدون { يحلفون بالله إن } ما { أردنا }بالمحاكمة إلى غيرك { إلا إحساناً } صلحاً { وتوفيقاً } تأليفاً بين الخصمين بالتقريب في الحكم دون الحمل على مر الحق .
الآية رقم ( 63 )
{أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا }
{ أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم } من النفاق وكذبهم في عذرهم { فأعرض عنهم } بالصفح { وعظهم } خوِّفهم الله { وقل لهم في } شأن { أنفسهم قولاً بليغاً } مؤثراً فيهم أي أزجرهم ليرجعوا عن كفرهم .
الآية رقم ( 64 )
{وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما }
{ وما أرسلنا من رسول إلا ليُطاع } فيما يأمر به ويحكم { بإذن الله } بأمره لا ليعصى ويخالف { ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم } بتحاكمهم إلى الطاغوت { جاءُوك } تائبين { فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول } فيه التفات عن الخطاب تفخيماً لشأنه { لوجدوا الله توَاباً } عليهم { رحيماً } بهم .
الآية رقم ( 65 )
{فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك في ما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما }
{ فلا وربِّك } لا زائدة { لا يؤمنون حتى يحكِّموك فيما شجر } اختلط { بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً } ضيقاً أو شكٌا { مما قضيت } به { ويسلِّموا } ينقادوا لحكمك { تسليماً } من غير معارضة .
الآية رقم ( 66 )
{ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا }
{ ولو أنا كتبنا عليهم أن } مفسرة { اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم } كما كتبنا على بني إسرائيل { ما فعلوه } أي المكتوب عليهم { إلا قليل } بالرفع على البدل والنصب على الاستثناء { منهم ولو أنهم فعلوا ما يوعَظون به } من طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم { لكان خيراً لهم وأشد تثبيتاً } تحقيقاً لإيمانهم .
الآية رقم ( 67 )
{وإذا لآتيناهم من لدنا أجرا عظيما }
{ وإذاً } أي لو ثبتوا { لآتيناهم من لدَّنا } من عندنا { أجراً عظيماً } هو الجنة .
الآية رقم ( 68 )
{ولهديناهم صراطا مستقيما }
{ ولهديناهم صراطاً مستقيماً } قال بعض الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم كيف نراك في الجنة وأنت في الدرجات العلى، ونحن أسفل منك صلى الله عليه وسلم فنزل .
الآية رقم ( 69 )
{ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا }
{ ومن يطع الله والرسول } فيما أمر به { فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين } أفاضل أصحاب الأنبياء لمبالغتهم في الصدق والتصديق { والشهداء } القتلى في سبيل الله { والصالحين } غير من ذكر { وحسُن أولئك رفيقاً } رفقاء في الجنة بأن يستمتع فيها برؤيتهم وزيارتهم والحضور معهم وإن كان مقرهم في الدرجات العالية بالنسبة إلى غيرهم .
الآية رقم ( 70 )
{ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما }
{ ذلك } أي كونهم مع ذكر مبتدأ خبره { الفضل من الله } تفضل به عليهم لا أنهم نالوه بطاعتهم { وكفى بالله عليماً } بثواب الآخرة أي فثقوا بما أخبركم به (ولا ينبئك مثل خبير) .
الآية رقم ( 71 )
{يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم فانفروا ثبات أو انفروا جميعا }
{ يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم } من عدوكم أي احترزوا منه وتيقظوا له { فانفروا } إنهضوا إلى قتاله { ثُبَاتِ } متفرقين سرية بعد أخرى { أو انفروا جميعاً } مجتمعين.
الآية رقم ( 72 )
{وإن منكم لمن ليبطئن فإن أصابتكم مصيبة قال قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيدا }
{ وإنَّ منكم لمن ليبطئنَّ } ليتأخرن عن القتال كعبد الله بن أبيّ المنافق وأصحابه وجعله منهم من حيث الظاهر واللام في الفعل للقسم { فإن أصابتكم مصيبة } كقتل وهزيمة { قال قد أنعم الله علىَّ إذ لم أكن معهم شهيداً } حاضراً فأصاب .
الآية رقم ( 73 )
{ولئن أصابكم فضل من الله ليقولن كأن لم تكن بينكم وبينه مودة يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما }
{ ولئن } لام قسم { أصابكم فضل من الله } كفتح وغنيمة { لَيَقُولَنَّ } نادماً { كأن } مخففة واسمها محذوف أي كأنه { لم يكن } بالياء والتاء { بينكم وبينه مودة } معرفة وصداقة وهذا راجع إلى قوله ( قد أنعم الله علىَّ )، اعترض به بين القول ومقوله وهو { يا } للتنبيه { ليتني كنت معهم فأفوزَ فوزاً عظيماً } آخذ حظاً وافراً من الغنيمة قال تعالى .
الآية رقم ( 74 )
{فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرا عظيما }
{ فليقاتل في سبيل الله } لإعلاء دينه { الذين يشرون } يبيعون { الحياة الدنيا بالآخرة ومن يقاتل في سبيل الله فيُقتل } يستشهد { أو يغلب } يظفر بعدوه { فسوف نؤتيه أجراً عظيماً } ثواباً جزيلاً .
الآية رقم ( 75 )
{وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا }
{ وما لكم لا تقاتلون } إستفهام توبيخ، أي لا مانع لكم من القتال { في سبيل الله و } في تخليص { المستضعفين من الرجال والنساء والولدان } الذين حبسهم الكفار عن الهجرة وآذوهم، قال ابن عباس رضي الله عنهما: كنت أننا وأمي منهم { الذين يقولن } داعين يا { ربنا أخرجنا من هذه القرية } مكة { الظالم أهلُها } بالكفر { واجعل لنا من لدنك } من عندك { وليّاً } يتولى أمورنا { واجعل لنا من لدنك نصيراً } يمنعنا منهم وقد استجاب الله دعاءهم فيسر لبعضهم الخروج وبقي بعضهم إلى أن فتحت مكة وولى صلى الله عليه وسلم عتاب بن أسيد فأنصف مظلومهم من ظالمهم
الآية رقم ( 76 )
{الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا }
{ الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت } الشيطان { فقاتلوا أولياء الشيطان } أنصار دينه تغلبوهم لقوتكم بالله { إن كيد الشيطان } بالمؤمنين { كان ضعيفاً } واهياً لا يقاوم كيد الله بالكافرين ,
الآية رقم ( 77 )
{ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة فلما كتب عليهم القتال إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا أخرتنا إلى أجل قريب قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا }
{ ألم تر إلى الذين قيل لهم كفُّوا أيديكم } عن قتال الكفار لما طلبوه بمكة لأذى الكفار لهم وهم جماعة من الصحابة { وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة فلما كُتب } فرض { عليهم القتال إذا فريق منهم يخشون } يخافون { الناس } الكفار، أي عذابهم بالقتل { كَخَشْيَتـ } ـهم عذاب { الله أو أشدَّ خشية } من خشيتهم له ونصب أشد على الحال وجواب لما دل عليه إذا وما بعدها أي فاجأتهم الخشية { وقالوا } جزعاً من الموت { ربَنا لم كتبت علينا القتال لولا } هلاً { أخَّرتنا إلى أجل قريب قل } لهم { متاعُ الدنيا } ما يتمتع به فيها أو الاستمتاع بها { قليل } آيل إلى الفناء { والآخرة } أي الجنة { خير لمن اتقي } عقاب الله بترك معصيته { ولا تُظلمون } بالتاء والياء تنقصون من أعمالكم { فتيلاً } قدر قشرة النواة فجاهدوا .
الآية رقم ( 78 )
{أين ما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا }
{ أين ما تكونوا يدرككُّم الموت ولو كنتم في بروج } حصون { مشيدة } مرتفعة فلا تشخوا القتال خوف الموت { وإن تصبهم } أي اليهود { حسنة } خصب وسعة { يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة } جدب وبلاء كما لهم عند قدوم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة { يقولوا هذه من عندك } يا محمد أي بشؤمك { قل } لهم { كل } من الحسنة والسيئة { من عند الله } من قبله { فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون } أي لا يقاربون أن يفهموا { حديثاً } يُلقى إليهم وما استفهام تعجب من فرط جهلهم ونفي مقاربة الفعل أشد من نفيه .
الآية رقم ( 79 )
{ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك وأرسلناك للناس رسولا وكفى بالله شهيدا }
( وما أصابك ) أيها الإنسان ( من حسنة ) خير ( فمن الله ) أتتك فضلاً منه ( وما أصابك من سيئة ) بلية ( فمن نفسك ) أتتك حيث ارتكبت ما يستوجبها من الذنوب ( وأرسلناك ) يا محمد ( للناس رسولاً ) حال مؤكدة ( وكفى بالله شهيداً ) على رسالتك .
الآية رقم ( 80 )
{من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا }
{ من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى أعرض عن طاعتك فلا يهمنك { فما أرسلناك عليهم حفيظاً } حافظاً لأعمالهم بل نذيراً والينا أمرهم فنجازيهم وهذا قبل الأمر بالقتال .
الآية رقم ( 81 )
{ويقولون طاعة فإذا برزوا من عندك بيت طائفة منهم غير الذي تقول والله يكتب ما يبيتون فأعرض عنهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا }
{ ويقولون } أي المنافقون إذا جاءوك أمرنا { طاعةٌ } لك { فإذا برزوا } خرجوا { من عندك بيَّت طائفة منهم } { بإدغام التاء في الطاء وتركه أي أضمرت { غير الذي تقول } لك في حضورك من الطاعة أي عصيانك { والله يكتب } يأمر بكتب { ما يبيَتون } في صحائفهم ليجازوا عليه { فأعرض عنهم } بالصفح { وتوكل على الله } ثق به فانه كافيك { وكفى بالله وكيلا } مفوضاً إليه .
الآية رقم ( 82 )
{أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا }
{ أفلا يتدبرون } يتأملون { القرآن } وما فيه من المعاني البديعة { ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً } تناقضا في معانيه وتباينا في نظمه .
الآية رقم ( 83 )
{وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا }
{ وإذا جاءهم أمر } عن سرايا النبي صلى الله عليه وسلم ما حصل لهم { من الأمن } بالنصر { أو الخوف } الهزيمة { أذاعوا به } أفشوه نزل في جماعة من المنافقين أو في ضعفاء المؤمنين كانوا يفعلون ذلك فتضعف قلوب المؤمنين ويتأذى النبي { ولو ردوه } أي الخبر { إلى الرسول وإلى أُولي الأمر منهم } أي الرأي من أكابر الصحابة أي لو سكتوا عنه حتى يخبروا به { لعلمه } هل هو مما ينبغي أن يذاع أو لا { الذين يستنبطونه } يتبعونه ويطلبون علمه وهم المذيعون { منهم } من الرسول وأولي الأمر { ولولا فضل الله عليكم } بالإسلام { ورحمته } لكم بالقرآن { لا تبعتم الشيطان } فيما يأمركم به من الفواحش { إلا قليلاً } .
الآية رقم ( 84 )
{فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا والله أشد بأسا وأشد تنكيلا }
( فقاتل ) يا محمد ( في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك ) فلا تهتم بتخلفهم عنك المعنى قاتل ولو وحدك فإنك موعود بالنصر ( وحرض المؤمنين ) حثهم على القتال ورغبهم فيه ( عسى الله أن يكف بأس ) حرب ( الذين كفروا والله أشد بأساً ) منهم ( وأشد تنكيلا ) تعذبياً منهم فقال رسول الله ص : " والذي نفسي بيده لأخرجن ولو وحدي " فخرج بسبعين راكباً إلى بدر الصغرى فكف الله بأس الكفار بإلقاء الرعب في قلوبهم ومنع أبي سفيان عن الخروج كما تقدم في آل عمران .
الآية رقم ( 85 )
{من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها وكان الله على كل شيء مقيتا }
{ من يشفع } بين الناس { شفاعة حسنة } موافقة للشرع { يكن له نصيب } من الأجر { منها } بسببها { ومن يشفع شفاعة سيئة } مخالفة له { يكن له كفل } نصيب من الوزر { منها } بسببها { وكان الله على كل شيء مقيتاً } مقتدراً فيجازي كلَّ أحد بما عمل .
الآية رقم ( 86 )
{وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها إن الله كان على كل شيء حسيبا }
{ وإذا حُيِّيتم بتحية } كأن قيل لكم سلام عليكم { فحيُّوا } المحيي { بأحسن منها } بأن تقولوا له عليك السلام ورحمة الله وبركاته { أوردُّوها } بأن تقولوا له كما قال أي الواجب أحدهما والأول افضل { إن الله كان على كل شيء حسيباً } محاسباً فيجازي عليه ومنه ردُّ السلام وخصت السنة الكافر والمبتدع والفاسق والمسلِّم على قاضي الحاجة ومن في الحمام والآكل فلا يجب الرد عليهم بل يكره في غير الأخير ويقال للكافر وعليك .
الآية رقم ( 87 )
{الله لا إله إلا هو ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ومن أصدق من الله حديثا }
{ الله لا إله إلا هو } والله { ليجمعنكم } من قبوركم { إلى } في { يوم القيامة لا ريب } لا شك { فيه ومن } أي لا أحد { أصدق من الله حديثاً } قولاً .
الآية رقم ( 88 )
{فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا أتريدون أن تهدوا من أضل الله ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا }
ولما رجع ناس من أحد اختلف الناس فيهم، فقال فريق اقتلهم، وقال فريق: لا، فنزل: { فما لكم } ما شأنكم صرتم { في المنافقين فئتين } { والله أركسهم } ردهم { بما كسبوا } من الكفر والمعاصي { أتريدون أن تهدوا من أضلًـ } ـه { الله } أي تعدوهم من جملة المهتدين، والاستفهام في الموضعين للإنكار { ومن يضللـ } ـه { اللهُ فلن تجد له سبيلا } طريقاً إلى الهدى .
الآية رقم ( 89 )
{ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا في سبيل الله فإن تولوا فخذوهم واقتلوهم حيث وجدتموهم ولا تتخذوا منهم وليا ولا نصيرا }
{ ودُّوا } تمنوا { لو تكفرون كما كفروا فتكونون } أنتم وهم { سواء } في الكفر { فلا تتخذوا منهم أولياء } توالونهم وإن أظهروا الإيمان { حتى يهاجروا في سبيل الله } هجرة صحيحة تحقق إيمانهم { فإن تَوَلَّوْا } وأقاموا على ما هم عليه { فخذوهم } بالأسر { واقتلوهم حيث وجدتموهم ولا تتخذوا منهم ولياً } توالونه { ولا نصيراً } تنتصرون به على عدوكم .
الآية رقم ( 90 )
{إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق أو جاءوكم حصرت صدورهم أن يقاتلوكم أو يقاتلوا قومهم ولو شاء الله لسلطهم عليكم فلقاتلوكم فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا }
{ إلا الذين يصلون } يلجئون { إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق } عهد بالآمان لهم ولمن وصل إليهم كما عاهد النبي صلى الله عليه وسلم هلال بن عويمر الأسلمي { أو } الذين { جاَءُوكم } وقد { حَصِرَتْ } ضاقت { صدورهم } عن { أن يقاتلوكم } مع قومهم { أو يقاتلوا قومهم } معكم أي ممسكين عن قتالكم وقتالهم فلا تتعرضوا إليهم بأخذ ولا قتل وهذا ما بعده منسوخ بآية السيف { ولو شاء الله } تسليطهم عليكم { لسلطهم عليكم } بأن يقّوي قلوبهم { فلقاتلوكم } ولكنه لم يشأه فألقى في قلوبهم الرعب { فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم والقوا إليكم السَّلَمَ } الصلح أي انقادوا { فما جعل الله لكم عليهم سبيلاً } طريقاً بالأخذ والقتال .
الآية رقم ( 91 )
{ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم كلما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها فإن لم يعتزلوكم ويلقوا إليكم السلم ويكفوا أيديهم فخذوهم واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأولئكم جعلنا لكم عليهم سلطانا مبينا }
{ ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم } بإظهار الإيمان عندكم { ويأمنوا قومهم } بالكفر إذا رجعوا إليهم وهم أسد وغطفان { كلما رُدُّوا إلى الفتنة } دعوا إلى الشرك { أركسوا فيها } وقعوا أشد وقوع { فإن لم يعتزلوكم } بترك قتالكم { و } لم { يلقوا إليكم السَّلم و } لم { يكفوا أيديهم } عنكم { فخذوهم } بالأسر { واقتلوهم حيث ثقفتموهم } وجدتموهم { وأولئكم جعلنا لكم عليهم سلطاناً مبيناً } برهاناً بيناً ظاهراً على قتلهم وسبيهم لغدرهم .
الآية رقم ( 92 )
{وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليما حكيما }
{ وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناً } أي ما ينبغي أن يصدر منه قتل له { إلا خطئاً } مخطئا في قتله من غير قصد { ومن قتل مؤمناً خطأً } بأن قصد رمي غيره كصيد أو شجرة فأصابه أو ضربه بما لا يقتل غالباً { فتحرير } عتق { رقبة } نسمة { مؤمنة } عليه { ودية مسلمة } مؤداة { إلى أهله } أي ورثة المقتول { إلا أن يصَّدقوا } يتصدقوا عليه بها بأن يعفوا عنها وبينت السنة أنها مئة من الإبل عشرون بنت مخاض وكذا بنات لبون وبنو لبون، وحقاق وجذاع وأنها على عاقلة القاتل وهم عصبته إلا الأصل والفرع موزعة عليهم على ثلاث سنين على الغني منهم نصف دينار والمتوسط ربع كل سنة فان لم يفوا فمن بيت المال فإن تعذر فعلى الجاني { فإن كان } المقتول { من قوم عدوٌ } حرب { لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة } على قاتله كفارة ولا دية تسلم إلى أهله لحرابتهم { وإن كان } المقتول { من قوم بينكم وبينهم ميثاق } عهد كأهل الذمة { فدية } له { مسلَّمة إلى أهله } وهي ثلث دية المؤمن إن كان يهودياً أو نصرانياً وثلثا عشرها إن كان مجوسيا { وتحرير رقبة مؤمنة } على قاتله { فمن لم يجد } الرقبة بأن فقدها وما يحصلها به { فصيام شهرين متتابعين } عليه كفارة ولم يذكر الله تعالى الانتقال إلى الطعام كالظهار وبه أخذ الشافعي في أصح قوليه { توبة من اللهِ } مصدر منصوب بفعله المقدر { وكان الله عليماً } بخلقه { حكيماً } فيما دبره لهم .
الآية رقم ( 93 )
{ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما }
{ ومن يقتل مؤمنا متعمِّداً } بأن يقصد قتله بما يقتل غالباً عالماً بإيمانه { فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه } أبعده من رحمته { وأعد له عذاباً عظيماً } في النار وهذا مؤوَّل بمن يستحله أو بأن هذا جزاؤه إن جُوزي ولا يدفع في خلف الوعيد لقوله ( ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) وعن ابن عباس أنها على ظاهرها وأنها ناسخة لغيرها من آيات المغفرة وبينت آية البقرة أن قاتل العمد يقتل به وأن عليه الدية إن عفي عنه وسبق قدرها وبينت السنة أن بين العمد والخطأ قتلاً يسمى شبه العمد وهو أن يقتله بما لا يقتل غالباً فلا قصاص فيه بل دية كالعمد في الصفة والخطأ في التأجيل والحمل وهو والعمد أولى بالكفارة من الخطأ .
الآية رقم ( 94 )
{يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم فتبينوا إن الله كان بما تعملون خبيرا }
ونزل لما مر نفر من الصحابة برجل من بني سليم وهو يسوق غنماً فسلم عليهم فقالوا ما سلم علينا إلا تقية فقتلوه واستاقوا غنمه { يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم } سافرتم للجهاد { في سبيل الله فتبينوا } وفي قراءة فتثبتوا في الموضعين { ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام } بألف أو دونها أي التحية أو الانقياد بكلمة الشهادة التي هي أمارة على الإسلام { لست مؤمناً } وإنما قلت هذا تقيه لنفسك ومالك فقتلوه { تبتغون } تطلبون لذلك { عرَضَ الحياة الدنيا } متاعها من الغنيمة { فعند الله مغانم كثيرة } تغنيكم عن قتل مثله لماله { كذلك كنتم من قبل } تعصم دماؤكم وأموالكم بمجرد قولكم الشهادة { فمنَّ الله عليكم } بالاشتهار وبالإيمان والاستقامة { فتبينوا } أن تقتلوا مؤمناً وافعلوا بالداخل في الإسلام كما فُعل بكم { إن الله كان بما تعملون خبيراً } فيجازيكم به .
الآية رقم ( 95 )
{لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما }
لا يستوي القاعدون من المؤمنين } عن الجهاد { غير أولي الضرر } بالرفع صفة والنصب استثناء من زمانة أو عمي ونحوه { والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضَّل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين } لضرر { درجة } فضيلة لاستوائهما في النية وزيادة المجاهدين بالمباشرة { وكلاٌ } من الفريقين { وعد الله الحسنى } الجنة { وفضَّل الله المجاهدين على القاعدين } لغير ضرر { أجراً عظيماً } ويبدل منه .
الآية رقم ( 96 )
{درجات منه ومغفرة ورحمة وكان الله غفورا رحيما }
{ درجات منه } منازل بعضها فوق بعض من الكرامة { ومغفرة ورحمة } منصوبان بفعلهما المقدر { وكان الله غفوراً } لأوليائه { رحيماً } بأهل طاعته .ونزل في جماعة أسلموا ولم يهاجروا فقتلوا يوم بدر مع الكفار .
الآية رقم ( 97 )
{إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا }
{ إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم } بالمقام مع الكفار وترك الهجرة { قالوا } لهم موبخين { فيم كنتم } أي في شيء كنتم في أمر دينكم { قالوا } معتذرين { كنا مستضعَفين } عاجزين عن إقامة الدين { في الأرض } أرض مكة { قالوا } لهم توبيخاً { ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها } من أرض الكفر إلى بلد آخر كما فعل غيركم، قال الله تعالى { فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيراً } هي .
الآية رقم ( 98 )
{إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا }
{ إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان } الذين { لا يستطيعون حيلة } لا قوة لهم على الهجرة ولا نفقة { ولا يهتدون سبيلاً } طريقاً إلى أرض الهجرة .
الآية رقم ( 99 )
{فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا }
{ فأولئك عسى اللهُ أن يعفو عنهم وكان الله عفوَّاً غفوراً } .
الآية رقم ( 100 )
{ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله وكان الله غفورا رحيما }
{ ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغماً } مهاجراً { كثيراً وسعة } في الرزق { ومن يخرج من بيته مهاجراً إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت } في الطريق كما وقع لجندع بن ضمرة الليثي { فقد وقع } ثبت { أجره على الله وكان الله غفوراً رحيماً } .
الآية رقم ( 101 )
{وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا }
{ وإذا ضربتم } سافرتم { في الأرض فليس عليكم جُناح } في { أن تَقتصروا من الصلاة } بأن تردُّوها من أربع إلى اثنتين { إن خفتم أن يفتنكم } أي ينالكم بمكروه { الذين كفروا } بيان للواقع إذ ذاك فلا مفهوم له وبينت السنة أن المراد بالسفر الطويل وهو أربع برد وهي مرحلتان ويؤخذ من قوله تعالى: (فليس عيكم جُناح) أنه رخصة لا واجب وعليه الشافعي { إن الكافرين كانوا لكم عدواً مبيناً } بّيني العداوة .
الآية رقم ( 102 )
{وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم وخذوا حذركم إن الله أعد للكافرين عذابا مهينا }
{ وإذا كنت } يا محمد حاضراً { فيهم } وأنتم تخافون العدو { فأقمت لهم الصلاة } وهذا جري على عادة القرآن في الخطاب { فلتقم طائفة منهم معك } وتتأخر طائفة { وليأخذوا } أي الطائفة التي قامت معك { أٍسلحتهم } معهم { فإذا سجدوا } أي صلوا { فليكونوا } أي الطائفة الأخرى { من روائكم } يحرسون إلى أن تفضوا الصلاة وتذهب هذه الطائفة تحرس { ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا معك فليصلوا وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم } معهم إلى أن تقضوا الصلاة وقد فعل النبي صلى الله عليه وسلم كذلك ببطن نخل رواه الشيخان { ودَّ الذين كفروا لو تغفلون } إذا قمتم إلى الصلاة { عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة } بأن يحملوا عليكم فيأخذوكم وهذا علة الأمر بأخذ السلاح { ولا جُناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم } فلا تحملوها وهذا يقيد إيجاب حملها عند عدم العذر وهو أحد قولين للشافعي والثاني أنه سنة ورجح { وخذوا حذركم } من العدو أي احترزوا منه ما استطعتم { إن الله أعد للكافرين عذاباً مهيناً } ذا إهانة .
الآية رقم ( 103 )
{فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا }
{ فإذا قضيتم الصلاة } فرغتم منها { فاذكروا الله } بالتهليل والتسبيح { قياماً وقعوداً وعلى جنوبكم } مضطجعين أي في كل حال { فإذا اطمأننتم } أمنتم { فأقيموا الصلاة } أدُّوها بحقوقها { إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً } مكتوباً مفروضاً { موْقوتاً } أي مقدراً وقتها فلا تؤخر عنه، ونزل لما بعث صلى الله عليه وسلم في طائفة في طلب أبي سفيان وأصحابه لما رجعوا من أحد فشكوا الجراحات .
الآية رقم ( 104 )
{ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون وكان الله عليما حكيما }
{ ولا تهنوا } تضعفوا { في ابتغاء } طلب { القوم } الكفار لتقاتلوهم { إن تكونوا تألمون } تجدون ألم الجراح { فإنهم يألمون كما تألمون } أي مثلكم ولا يجبنون على قتالكم { وترجون } أنتم { من الله } من النصر والثواب عليه { مالا يرجون } هم فأنتم تزيدون عليهم بذلك فينبغي أن تكونوا أرغب منهم فيه { وكان الله عليماً } بكل شيء { حكيماً } في صنعه .
الآية رقم ( 105 )
{إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما }
وسرق طعمة بن ابيرق درعاً وخبأها عند يهودي فوجدت عنده فرماه طعمة بها وحلف أنه ما سرقها فسأل قومه النبي صلى الله عليه وسلم أن يجادل عنه ويبرئه فنزل { إنا أنزلنا إليك الكتاب } القرآن { بالحق } متعلق بأنزل { لتحكم بين الناس بما أراك } أعلمك { الله } فيه { ولا تكن للخائنين } كطعمة { خصيماً } مخاصماً عنهم .
الآية رقم ( 106 )
{واستغفر الله إن الله كان غفورا رحيما }
{ واستغفر الله } مما هممت به { إن الله كان غفوراً رحيما } .
الآية رقم ( 107 )
{ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما }
{ ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم } يخونونها بالمعاصي لأن وبال خيانتهم عليهم { إن الله لا يحب من كان خواناً } كثير الخيانة { أثيماً } أي يعاقبه .
الآية رقم ( 108 )
{يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطا }
{ يستخفون } أي طعمة وقومه حياءً { من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم } بعلمه { إذ يبيِّتون } يضمرون { ما لا يرضى من القول } من عزمهم على الحلف على نفي السرقة ورمي اليهودي بها { وكان الله بما يعملون محيطاً } علماً .
الآية رقم ( 109 )
{ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيل }
{ ها أنتم } يا { هؤلاء } خطاب لقوم طعمة { جادلتم } خاصمتم { عنهم } أي عن طعمة وذويه وقرئ عنه { في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة } إذ عذبهم { أم من يكون عليهم وكيلاً } يتولى أمرهم ويذبُّ عنهم أي لا أحد يفعل ذلك .
الآية رقم ( 110 )
{ومن يعمل سوء أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما }
{ ومن يعمل سوءاً} ذنباً يسوء به عيره كرمي طعمة اليهودي { أو يظلم نفسه } يعمل ذنباً قاصراً عليه { ثم يستغفر الله } منه أي يتب { يجد الله غفوراً } له { رحيماً } به .
الآية رقم ( 111 )
{ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه وكان الله عليما حكيما }
{ ومن يكسب إثماً } ذنباً { فإنما يكسبه على نفسه } لأن وباله عليها ولا يضر غيره { وكان الله عليماً حكيماً } في صنعه .
الآية رقم ( 112 )
{ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا }
{ ومن يكسب خطيئة } ذنباً صغيراً { أو إثماً } ذنباً كبيراً { ثم يرم به بريئاً } منه { فقد احتمل } تحمل { بهتاناً } برميه { وإثماً مبيناً } بيناً بكسبه .
الآية رقم ( 113 )
{ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك وما يضلون إلا أنفسهم وما يضرونك من شيء وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما }
{ ولولا فضل الله عليك } يا محمد { ورحمته } بالعصمة { لهمَّت } أضمرت { طائفة منهم } من قوم طعمة { أن يضلوك } عن القضاء بالحق بتلبيسهم عليك { وما يضلون إلا أنفسهم وما يضرونك من } زائدة { شيء } لأن وبال إضلالهم عليهم { وأنزل الله عليك الكتاب } القرآن { والحكمة } ما فيه من الأحكام { وعلَّمك ما لم تكن تعلم } من الحكام والغيب { وكان فضل الله عليك } بذلك وغيره { عظيماً } .
الآية رقم ( 114 )
{لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما }
{ لا خير في كثير من نجواهم } أي الناس أي يتناجون فيه ويتحدثون { إلاً } نجوى { من أمر بصدقة أو معروف } عمل بر آ أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك } المذكور { ابتغاء } طلب { مرضات الله } لا غيره من أمور الدنيا { فسوف نؤتيه } بالنون والياء أي الله { أجراً عظيماً }
الآية رقم ( 115 )
{ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا }
{ ومن يُشاقق } يخالف { الرسول } فيما جاء به من الحق { من بعد ما تبين له الهدى } ظهر له الحق بالمعجزات { ويتَّبع } طريقاً { غير سبيل المؤمنين } أي طريقهم الذي هم عليه من الدين بأن يكفر { نولِّه ما تولَّى } نجعله والياً لما تولاه من الضلال بأن نخلي بينه وبينه في الدنيا { ونصله } ندخله في الآخرة { جهنم } فيحترق فيها { وساءت مصيراً } مرجعاً هي .
الآية رقم ( 116 )
{إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا
{ إن الله لا يغفر أن يُشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالاً بعيداً } عن الحق .
الآية رقم ( 117 )
{إن يدعون من دونه إلا إناثا وإن يدعون إلا شيطانا مريدا }
{ إن } ما { يدعون } يعبد المشركون { من دونه } أي الله ، أي غيره { إلا إناثاً } أصناماً مؤنثة كاللات والعزى ومناة { وإن } ما { يدعون } يعبدون بعبادتها { إلا شيطاناً مريداً } خارجاً عن الطاعة لطاعتهم له فيها وهو إبليس .
الآية رقم ( 118 )
{لعنه الله وقال لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا }
{ لعنه الله } أبعده عن رحمته { وقال } أي الشيطان { لأتخذن } لأجعلن لي { من عبادك نصيباً } حظّاً { مفروضاً } مقطوعاً أدعوهم إلى طاعتي .
الآية رقم ( 119 )
{ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا }
{ ولأضلنهم } عن الحق بالوسوسة { ولأمنينهم } ألقي في قلوبهم طول الحياة وأن لا بعث ولا حساب { ولآمرنهم فليبتِّكن } يقطعن { آذان الأنعام } وقد فعل ذلك بالبحائر { ولآمرنهم فليغيرن خلق الله } دينه بالكفر وإحلال ما حرم الله وتحريم ما أحل { ومن يتخذ الشيطان ولياً } يتولاه يطيعه { من دون الله } أي غيره { فقد خسر خسراناً مبيناً } بيناً لمصيره إلى النار المؤبدة عليه
الآية رقم ( 120 )
{يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا }
{ يعدهم } طول العمر { ويمنيهم } نيل الآمال في الدنيا وأن لا بعث ولا جزاء { وما يعدهم الشيطان } بذلك { إلا غروراً } باطلا .
الآية رقم ( 121 )
{أولئك مأواهم جهنم ولا يجدون عنها محيصا }
{ أولئك مأواهم جهنم ولا يجدون عنها محيصاً } معدلاً .
الآية رقم ( 122 )
{والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا وعد الله حقا ومن أصدق من الله قيلا }
{ والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً وعد الله حقاً } أي وعدهم الله ذلك وحقه حقا { ومن } أي لا أحد { أصدق من الله قيلاً } أي قولاً .
الآية رقم ( 123 )
{ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوء يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا }
ونزل لما افتخر المسلمون وأهل الكتاب { ليس } الأمر منوطاً { بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب } بل بالعمل الصالح { من يعمل سوءًا يُجز به } إما في الآخرة أو في الدنيا بالبلاء والمحن كما ورد في الحديث { ولا يجد له من دون الله } أي غيره { ولياً } يحفظه { ولا نصيراً } يمنعه منه .
الآية رقم ( 124 )
{ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا }
{ ومن يعمل } شيئاً { من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون } بالبناء للمفعول والفاعل { الجنة ولا يظلمون نقيراً } قدر نقرة النواة .
الآية رقم ( 125 )
{ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا واتخذ الله إبراهيم خليلا
{ ومن } أي لا أحد { أحسن ديناً ممن أسلم وجهه } أي انقاد واخلص عمله { لله وهو محسن } موحد { واتبع ملة إبراهيم } الموافقة لملة الإسلام { حنيفاً } حال أي مائلا عن الأديان كلها إلى الدين القيم { واتخذ الله إبراهيم خليلا } صفياً خالص المحبة له .
الآية رقم ( 126 )
{ولله ما في السماوات وما في الأرض وكان الله بكل شيء محيطا }
{ ولله ما في السماوات وما في الأرض } ملكاً وخلقاً وعبيداً { وكان الله بكل شيء محيطاً } علماً وقدرة أي لم يزل متصفاً بذلك .
الآية رقم ( 127 )
{ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن والمستضعفين من الولدان وأن تقوموا لليتامى بالقسط وما تفعلوا من خير فإن الله كان به عليما }
{ ويستفتونك } } يطلبون منك الفتوي { في } شأن { النساء } وميراثهن { قل } لهم { الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب } القرآن من آية الميراث ويفتيكم أيضاً { في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب } فرض { لهن } من الميراث { وترغبون } أيها الأولياء عن { أن تنكحوهن } لدمامتهن وتعضلوهن أن يتزوجن طمعاً في ميراثهن أي يفتيكم أن لا تفعلوا ذلك { و } في { المستضعفين } الصغار { ومن الولدان } أن تعطوهم حقوقهم { و } يأمركم { أن تقوموا لليتامى بالقسط } بالعدل في الميراث والمهر { وما تفعلوا من خير فإن الله كان به عليماً } فيجازيكم به .
الآية رقم ( 128 )
{وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير وأحضرت الأنفس الشح وإن تحسنوا وتتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا }
{ وإن امرأة } مرفوع بفعل يفسره { خافت } توقعت { من بعلها } زوجها { نشوزاً } ترفعا عليها بترك مضاجتعها والتقصير في نفقتها لغضها وطموح عينه إلى أجمل منها { أو إعراضاً } عنها بوجهه { فلا جُناح عليهما أن يَصَّالَحَا } فيه إدغام التاء في الأصل في الصاد وفي قراءة يصلحا من أصلح { بينهما صلحاً } في القسم والنفقة بأن تترك له شيئاً طلباً لبقاء الصحبة فإن رضيت بذلك والإ فعلى الزوج أن يوفيها حقها أو يفارقها { والصلح خير } من الفرقة والنشوز والإعراض قال تعالى في بيان ما جبل عليه الإنسان { وأحضرت الأنفس الشح } شدة البخل أي جبلت عليه فكأنها حاضرته لا تغيب عنه، المعنى أن المرأة لا تكاد تسمح بنصيبها من زوجها والرجل لا يكاد يسمح عليها بنفسه إذا أحب غيرها { وإن تحسنوا } عشرة النساء { وتتقوا } الجور عليهن { فإن الله كان بما تعملون خبيراً} فيجازيكم به .
الآية رقم ( 129 )
{ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفورا رحيما }
{ ولن تستطيعوا أن تعدلوا } تسووا { بين النساء } في المحبة { ولو حرصتم } على ذلك { فلا تميلوا كل الميل } إلى التي تحبونها في القسم والنفقة { فتذروها } أي تتركوا الممال عنها { كالمعلَّقة } التي لا هي أيم ولا هي ذات بعل { وإن تصلحوا } بالعدل بالقسم { وتتقوا } الجور { فإن الله كان غفوراً } لنا في قلبكم من الميل { رحيماً} بكم في ذلك .
الآية رقم ( 130 )
{وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعا حكيما }
{ وإن يتفرقا } أي الزوجان بالطلاق { يُغن الله كلاً } عن صاحبه { من سعته } أي فضله بأن يرزقها زوجاً غيره ويرزقه غيرها { وكان الله واسعاً} لخلقه في الفضل { حكيماً } فيما دبره لهم
الآية رقم ( 131 )
{ولله ما في السماوات وما في الأرض ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله وإن تكفروا فإن لله ما في السماوات وما في الأرض وكان الله غنيا حميدا }
{ ولله ما في السماوات وما في الأرض ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب } بمعني الكتب { من قبلكم } أي اليهود والنصارى { وإياكم } يا أهل القرآن { أن } أي بأن { اتقوا الله } خافوا عقابه بأن تطيعوه { و } قلنا لهم ولكم { إن تكفروا } بما وُصيتم به { فإن لله ما في السماوات وما في الأرض } خلقاً وملكاً وعبيداً فلا يضره كفركم { وكان الله غنياً } عن خلقه وعبادتهم { حميداً } محموداً في صنعه بهم .
الآية رقم ( 132 )
{ولله ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا }
{ ولله ما في السماوات وما في الأرض } كرره تأكيداً لتقرير موجب التقوى { وكفى بالله وكيلاً } شهيداً بأن ما فيهما له .
الآية رقم ( 133 )
{إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين وكان الله على ذلك قديرا }
{ إن يشأ يذهبكم } يا { أيها الناس ويأت بآخرين } بدلكم { وكان الله على ذلك قديراً } .
الآية رقم ( 134 )
{من كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والآخرة وكان الله سميعا بصيرا }
{ من كان يريد } بعمله { ثواب الدنيا } { فعند الله ثواب الدنيا والاخرة } لمن أراده لا عند غيره فلم يطلب أحدكم الأخس وهلا طلب العلى بإخلاصه له حيث كان مطلبه لا يوجد إلا عنده { وكان الله سميعاً بصيراً } .
الآية رقم ( 135 )
{يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا }
{ يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين } قائمين { بالقسط } بالعدل { شهداء } بالحق { لله ولو } كانت الشهادة { على أنفسكم } فاشهدوا عليها بأن تقروا بالحق ولا تكتموه { أو } على { الوالدين والأقربين إن يكن } المشهود عليه { غنيّاً أو فقيراً فالله أولى بهما } منكم وأعلم بمصالحهما { فلا تتَّبعوا الهوى } في شهادتكم بأن تحابوا الغني لرضاه أو الفقير رحمةّ له لـ { أن } لا { تعدلوا } تميلوا عن الحق { وإن تلووا } تحرفوا الشهادة وفي قراءة بحذف الواو الأولى تخفيفاً { أو تعرضوا } عن أدائها { فإن الله كان بما تعملون خبيراً} فيجازيكم به .
الآية رقم ( 136 )
{يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا }
{ يا أيها الذين آمَنوا آمِنوا } داوموا على الإيمان { بالله ورسوله والكتاب الذي نزَّل على رسوله } محمد صلى الله عليه وسلم وهو القرآن { والكتاب الذي أنزل من قبل } على الرسل بمعنى الكتب، وفي قراءة بالبناء للفاعل في الفعلين { ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالاً بعيداً } عن الحق .
الآية رقم ( 137 )
{إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا
{ إن الذين آمنوا } بموسى وهم اليهود { ثم كفروا } بعبادتهم العجل { ثم آمنوا } بعده { ثم كفروا } بعيسي { ثم ازدادوا كفراً} بمحمد { لم يكن الله ليغفر لهم } ما أقاموا عليه { ولا ليهديهم سبيلا } طريقاً إلى الحق .
الآية رقم ( 138 )
{بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما }
{ بشِّر } أخبر يا محمد { المنافقين بأن لهم عذاباً أليماً } مؤلماً هو عذاب النار .
الآية رقم ( 139 )
{الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعا }
{ الذين } بدل أو نعت للمنافقين { يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين } لما يتوهمون فيهم من القوة { أيبتغون } يطلبون { عندهم العزة } استفهام إنكار أي لا يجدونها عندهم { فإن العزة لله جميعاً } في الدنيا والآخرة ولا ينالها إلا أولياؤه .
الآية رقم ( 140 )
{وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا }
{ وقد نزَّل } بالبناء للفاعل والمفعول { عليكم في الكتاب } القرآن في سورة الأنعام { أن } مخففة واسمها محذوف، أي أنه { إذا سمعتم آيات الله } القرآن { يُكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم } أي الكافرين والمستهزئين { حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذاً } إن قعدتم معهم { مثلهم } في الإثم { إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعاً } كما اجتمعوا في الدنيا على الكفر والاستهزاء .
الآية رقم ( 141 )
{الذين يتربصون بكم فإن كان لكم فتح من الله قالوا ألم نكن معكم وإن كان للكافرين نصيب قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين فالله يحكم بينكم يوم القيامة ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا }
{ الذين } بدل من الذين قبله { يتربصون } ينتظرون { بكم } الدوائر { فإن كان لكم فتح } ظفر وغنيمة { من الله قالوا } لكم { ألم نكن معكم } في الدين والجهاد فأعطونا من الغنيمة { وإن كان للكافرين نصيب } من الظفر عليكم { قالوا } لهم { ألم نستحوذ } نستول { عليكم } ونقد على أخذكم وقتلكم فأبقينا عليكم { و } ألم { نمنعكم من المؤمنين } أن يظفروا بكم بتخذيلهم ومراسلتكم بأخبارهم فلنا عليكم المنة قال تعالى: { فالله يحكم بينكم } وبينهم { يوم القيامة } بأن يدخلكم الجنة ويدخلهم النار { ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً } طريقاً بالإستئصال .
الآية رقم ( 142 )
{إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا }
{ إن المنافقين يخادعون الله } بإظهارهم خلاف ما أبطنوا من الكفر ليدفعوا عنهم أحكامه الدنيوية { وهو خادعهم } مجازيهم على خداعهم فيفتضحون في الدنيا بإطلاع الله نبيه على ما أبطنوه ويعاقبون في الآخرة { وإذا قاموا إلى الصلاة } مع المؤمنين { قاموا كسالى } متثاقلين { يراؤن الناس } بصلاتهم { ولا يذكرون الله } يصلون { إلا قليلاً } رياء .
الآية رقم ( 143 )
{مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا }
{ مذبذبين } مترددين { بين ذلك } الكفر والإيمان { لا } منسوبين { إلى هؤلاء } أي الكفار { ولا إلى هؤلاء } أي المؤمنين { ومن يضللـ } ـه { الله فلن تجد له سبيلاً } طريقاً إلى الهدى .
الآية رقم ( 144 )
{يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا }
{ يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين أتريدون أن تجعلوا لله عليكم } بموالاتهم { سلطاناً مبيناً } برهاناً بيناً على نفاقكم.
الآية رقم ( 145 )
{إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا }
{ إن المنافقين في الدرك } المكان { الأسفل من النار } وهو قعرها { ولن تجد لهم نصيراً } مانعاً من العذاب .
الآية رقم ( 146 )
{إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما }
{ إلا الذين تابوا } من النفاق { وأصلحوا } عملهم { واعتصموا } وثقوا { بالله وأخلصوا دينهم لله } من الرياء { فأولئك مع المؤمنين } فيما يؤتونه { وسوف يؤت الله المؤمنين أجراً عظيماً } في الآخرة وهو الجنة .
الآية رقم ( 147 )
{ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكرا عليما }
{ ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم } نعمه { وآمنتم } به والاستفهام بمعنى النفي أي لا يعذبكم { وكان الله شاكراً } لأعمال المؤمنين بالإثابة { عليماً } بخلقه .
الآية رقم ( 148 )
{لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم وكان الله سميعا عليما }
{ لا يحب الله الجهر وبالسوء من القول } من أحد أي يعاقبه عليه { إلا من ظُلم } فلا يؤاخذه بالجهر به بأن يخبر عن ظلم ظالمه ويدعو عليه { وكان الله سميعاً } لما يقال { عليماً } بما يفعل.
الآية رقم ( 149 )
{إن تبدوا خيرا أو تخفوه أو تعفوا عن سوء فإن الله كان عفوا قديرا }
{ إن تبدوا } تظهروا { خيراً} من أعمال البر { أو تخفوه } تعملوه سراً { أو تعفوا عن سوء } ظلم { فإن الله كان عفّواً قديراً } .
الآية رقم ( 150 )
{إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا }
{ إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله } بأن يؤمنوا به دونهم { ويقولن نؤمن ببعض } من الرسل { ونكفر ببعض } منهم { ويريدون أن يتخذوا بين ذلك } الكفر والإيمان { سبيلاً } طريقاً يذهبون إليه .
الآية رقم ( 151 )
{أولئك هم الكافرون حقا وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا }
{ أولئك هم الكافرون حقاً } مصدر مؤكد لمضمون الجملة قبله { وأعتدنا للكافرين عذاباً مهيناً } ذا إهانة وهو عذاب النار .
الآية رقم ( 152 )
{والذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم أولئك سوف يؤتيهم أجورهم وكان الله غفورا رحيما }
{ والذين آمنوا بالله ورسله } كلهم { ولم يفرقوا بين أحد منهم أولئك سوف يؤتيهم } بالياء والنون { أجورهم } ثواب أعمالهم { وكان الله غفوراً } لأوليائه { رحيماً } بأهل طاعته .
الآية رقم ( 153 )
{يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم ثم اتخذوا العجل من بعد ما جاءتهم البينات فعفونا عن ذلك وآتينا موسى سلطانا مبينا }
{ يسألك } يا محمد { أهل الكتاب } اليهود { أن تنزِّل عليهم كتاباً من السماء } جملهّ كما أنزل على موسى تعنتاً فإن استكبرت ذلك { فقد سألوا } أي آباؤهم { موسى أكبر } أعظم { من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة } عيانا { فأخذتهم الصاعقة } الموت عقاباً لهم { بظلمهم } حيث تعتنوا في السؤال { ثم اتخذوا العجل } إلهاً { من بعد ما جاءتهم البينات } المعجزات على وحدانية الله { فعفونا عن ذلك } ولم نستأصلهم { وآتينا موسى سلطاناً مبيناً } تسلطاً بيناً ظاهراً عليهم حيث أمرهم بقتل أنفسهم توبة فأطاعوه .
الآية رقم ( 154 )
{ورفعنا فوقهم الطور بميثاقهم وقلنا لهم ادخلوا الباب سجدا وقلنا لهم لا تعدوا في السبت وأخذنا منهم ميثاقا غليظا }
{ ورفعنا فوقهم الطور } الجبل { بميثاقهم } بسبب أخذ الميثاق عليهم ليخافوا فقبلوه { وقلنا لهم } وهو مُظلِّ عليهم { ادخلوا الباب } باب القرية { سجداً } سجود إنحناء { وقلنا لهم لا تعدوا } وفي قراءة بفتح العين وتشديد الدال وفيه إدغام التاء في الأصل في الدال أي لا تعدوا { في السبت } باصطياد الحيتان فيه { وأخذنا منهم ميثاقاً غليظاً } على ذلك فنقضوه .
الآية رقم ( 155 )
{فبما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بآيات الله وقتلهم الأنبياء بغير حق وقولهم قلوبنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا }
{ فبما نقضهم } ما زائدة والباء للسببية متعلقة بمحذوف، أي لعناهم بسبب نقضهم { ميثاقهم وكفرهم بآيات الله وقتلهم الأنبياء بغير حق وقولهم } للنبي صلى الله عليه وسلم { قلوبنا غلف } لا تعي كلامك { بل طبع } ختم { الله عليها بكفرهم } فلا تعي وعظاً { فلا يؤمنون إلا قليلاً } منهم كعبد الله بن سلام وأصحابه .
الآية رقم ( 156 )
{وبكفرهم وقولهم على مريم بهتانا عظيما }
{ وبكفرهم } ثانيا بعيسى وكرر الباء للفصل بينه وبين ما عطف عليه { وقولهم على مريم بهتانا عظيما } حيث رموها بالزنا.
الآية رقم ( 157 )
{وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا }
{ وقولهم } مفتخرين { إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله } في زعمهم، أي بمجموع ذلك عذبناهم قال تعالى تكذيباً لهم في قتله { وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم } المقتول والمصلوب وهو صاحبهم بعيسى، أي ألقى الله عليه شبهه فظنوه إياه { وإن الذين اختلفوا فيه } أي في عيسى { لفي شك منه } من قتله حيث قال بعضهم لما رأوا المتقول الوجه وجه عيسى والجسد ليس بجسده فليس به، وقال آخرون: بل هو { ما لهم به } بقتله { من علم إلا إتباع الظن } استثناء منقطع، أي لكن يتبعون فيه الظن الذي تخيلوه { وما قتلوه يقيناً } حال مؤكدة تنفي القتل .
الآية رقم ( 158 )
{بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيما }
{ بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزاً } في ملكه { حكيماً } في صنعه .
الآية رقم ( 159 )
{وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا }
{ وإنْ } ما { من أهل الكتاب } أحَد { إلا ليؤمنن به } بعيسى { قبل موته } أي الكتابي حين يعاين ملائكة الموت فلا ينفعه إيمانه أو قبل موت عيسى لما ينزل قرب الساعة كما ورد في حديث { ويوم القيامة يكون } عيسى { شهيداً } بما فعلوه لما بعث إليهم .
الآية رقم ( 160 )
{فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا }
{ فبظلم } أي فبسبب ظلم { من الذين هادوا } هم اليهود { حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم } من التي في قوله تعالى: (حرمنا كل ذي ظفر) الآية { وبصدهم } الناس { عن سبيل الله } دينه صداً { كثيراً } .
الآية رقم ( 161 )
{وأخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل وأعتدنا للكافرين منهم عذابا أليما }
{ وأخذهم الربا وقد نُهوا عنه } في التوراة { وأكلهم أموال الناس بالباطل } بالرشا في الحكم { وأعتدنا للكافرين منهم عذاباً أليماً } مؤلماً .
الآية رقم ( 162 )
{لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة والمؤمنون بالله واليوم الآخر أولئك سنؤتيهم أجرا عظيما }
{ لكن الراسخون } الثابتون { في العلم منهم } كعبد الله بن سلام { والمؤمنون } المهاجرون والأنصار { يؤمنون بما أنزل إليك وما انزل من قبلك } من الكتب { والمقيمين الصلاة } نصب على المدح وقرئ بالرفع { والمؤتون الزكاة والمؤمنون بالله واليوم الآخر أولئك سنؤتيهم } بالنون والياء { أجراً عظيماً } هو الجنة .
الآية رقم ( 163 )
{إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داود زبورا }
{ إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده و } كما { أوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق } ابنيه { ويعقوب } ابن إسحاق { والأسباط } أولاده { وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا } أباه { داود زَبوراً } بالفتح اسم للكتاب المؤتى والضم مصدر بمعنى مزبوراًً أي مكتوباً .
الآية رقم ( 164 )
{ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما }
{ و } أرسلنا { رسلاً قد قصصناهم عليك من قبل ورسلاً لم نقصهم عليك } روي أنه تعالى بعث ثمانية آلاف نبي أربعة آلاف من إسرائيل وأربعة آلاف من سائر الناس قاله الشيخ في سورة غافر { وكلَّم اللهُ موسى } بلا واسطة { تكليماً } .
الآية رقم ( 165 )
{رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما }
{ رسلاً } بدل من رسلاً قبله { مبشرين } بالثواب من آمن { ومنذرين } بالعقاب من كفر أرسلناهم { لئلا يكون للناس على الله حجة } تقال { بعد } إرسال { الرسل } إليهم فيقولوا: ربنا لولا أرسلت إلينا رسولاً فنتبع آياتك ونكون من المؤمنين فبعثناهم لقطع عذرهم { وكان الله عزيزاً } في ملكْه { حكيماً } في صنعه .
الآية رقم ( 166 )
{لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا }
ونزل لما سئل اليهود عن نبوته صلى الله عليه وسلم فأنكروه { لكن الله يشهد } يبين نبوتك { بما أنزل إليك } من القرآن المعجز { أنزله } ملتبساً { بعلمه } أي عالماً به أو فيه علمه { والملائكة يشهدون } لك أيضاً { وكفى بالله شهيداً } على ذلك .
الآية رقم ( 167 )
{إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله قد ضلوا ضلالا بعيدا }
{ إن الذين كفروا } بالله { وصدوا } الناس { عن سبيل الله } دين الإسلام بكتمهم نعت محمد صلى الله عليه وسلم وهم اليهود { قد ضلوا ضلالاً بعيداً } عن الحق .
الآية رقم ( 168 )
{إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا }
{ إن الذين كفروا } بالله { وظلموا } نبيه بكتمان نعته { لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقاً } من الطرق .
الآية رقم ( 169 )
{إلا طريق جهنم خالدين فيها أبدا وكان ذلك على الله يسيرا }
{ إلا طريق جهنم } أي الطريق المؤدي إليها { خالدين } مقدرين الخلود { فيها } إذا دخلوها { أبداً وكان ذلك على الله يسيراً } هيناً .
الآية رقم ( 170 )
{يا أيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم فآمنوا خيرا لكم وإن تكفروا فإن لله ما في السماوات والأرض وكان الله عليما حكيما }
{ يا أيها الناس } أي أهل مكة { قد جاءكم الرسول } محمد صلى الله عليه وسلم { بالحق من ربكم فآمنوا } به واقصدوا { خيراً لكم } مما أنتم فيه { وإن تكفروا } به { فإن لله ما في السماوات والأرض } ملكاً وخلقاً وعبيداً فلا يضره كفركم { وكان الله عليماً } بخلقه { حكيماً } في صنعه بهم .
الآية رقم ( 171 )
{يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد له ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا }
{ يا أهل الكتاب } الإنجيل { لا تغلوا } تتجاوزوا الحد { في دينكم ولا تقولوا على الله إلا } القول { الحق } من تنزيهه عن الشريك والولد { إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها } أرسلها الله { إلى مريم وروح } أي ذو روح { منه } أضيف إليه تعالى تشريفاًً له وليس كما زعمتم ابن الله أو إلهاً معه أو ثالث ثلاثة لأن ذا الروح مركب والإله منزه عن التركيب وعن نسبة المركب إليه { فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا } الآلهة { ثلاثة } الله وعيسى وأمه { انتهوا } عن ذلك وأتوا { خيراً لكم } منه وهو التوحيد { إنما الله إله واحد سبحانه } تنزيهاً له عن { أن يكون له ولد له ما في السماوات وما في الأرض } خلقاً وملكاً ، والملكية تنافي النبوة { وكفى بالله وكيلاً } شهيداً على ذلك .
الآية رقم ( 172 )
{لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعا }
{ لن يستنكف } يتكبر ويأنف { المسيح } الذي زعمتم أنه إله من { أن يكون عبداً لله ولا الملائكة المقربون } عند الله لا يستنكفون أن يكونوا عبيداً، وهذا من أحسن الاستطراد ذكر للرد على من زعم أنها آلهة أو بنات الله كما رد قبله على النصارى الزاعمين ذلك المقصود خطابهم { ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فيحشرهم إليه جميعاً } في الآخرة .
الآية رقم ( 173 )
{فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله وأما الذين استنكفوا واستكبروا فيعذبهم عذابا أليما ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا }
{ فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم } ثواب أعمالهم { ويزيدهم من فضله } ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر { وأما الذين استنكفوا واستكبروا } عن عبادته { فيعذبهم عذاباً أليماً } مؤلماًً هو عذاب النار { ولا يجدون لهم من دون الله } أي غيره { ولياً } يدفعه عنهم { ولا نصيراً } يمنعهم منه .
الآية رقم ( 174 )
{يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا }
{ يا أيها الناس قد جاءكم برهان } حجة { من ربكم } عليكم وهو النبي صلى الله عليه وسلم { وأنزلنا إليكم نوراً مبيناً } بيناً وهو القرآن .
الآية رقم ( 175 )
{فأما الذين آمنوا بالله واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه وفضل ويهديهم إليه صراطا مستقيما
{ فأما الذين آمنوا بالله واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه وفضل ويهديهم إليه صراطاًً } طريقاً { مستقيماً } هو دين الإسلام .
الآية رقم ( 176 )
{يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين يبين الله لكم أن تضلوا والله بكل شيء عليم }
{ يستفتونك } في الكلالة { قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ } مرفوع بفعل يفسره { هلك } مات { ليس له ولد } أي ولا والد وهو الكلالة { وله أختٌ } من أبوين أو أب { فلها نصف ما ترك وهو } أي الأخ كذلك { يرثها } جميع ما تركت { إن لم يكن لها ولد } فإن كان لها ولد ذكر فلا شيء له أو أنثى فله ما فضل من نصيبها ولو كانت الأخت أو الأخ من أم ففرضه السدس كما تقدم أول السورة { فإن كانتا } أي الأختان { اثنتين } أي فصاعدا لأنها نزلت في جابر وقد مات عن أخوات { فلهما الثلثان مما ترك } الأخ { وإن كانوا } أي الورثة { إخوة رجالا ونساء فللذكر } منهم { مثل حظ الأنثيين يبين الله لكم } شرائع دينكم لـ { أن } لا { تضلوا والله بكل شيء عليم } ومنه الميراث روى الشيخان عن البراء أنها آخر آيه نزلت أي من الفرائض .