النوع التاسع والثلاثون في معرفة الوجوه والنظائر
صنف فيه قديماً مقاتل بن سليمان ومن المتأخرين ابن الجوزي وابن الدامغاني وأبوالحسين محمد بن عبد الصمد المصري وابن فارس وآخرون فالوجوه: اللفظ المشترك الذي يستعمل في عدة معان كلفظ الأمة وقد أفردت في هذا الفن كتاباً سميته معترك الأقران في مشترك القرآن والنظائر: كألفاظ المتواطئة.
وقيل النظائر في اللفظ والوجوه في المعاني.
وضعف لأنه لوأريد هذا لكان الجمع في الألفاظ المشتركة وهم يذكرون في تلك الكتب اللفظ الذي معناه واحد في مواضع كثيرة فيجعلون الوجوه نوعاً لأقسام والنظائر نواً لآخر.
وقد جعل بعضهم ذلك من أنواع معجزات القرآن حيث كانت الكلمة الواحدة تنصرف إلى عشرين وجهاً وأكثر وأقل ولا يوجد ذلك في كلام البشر.
وذكر مقاتل في صدر كتابه حديثاً مرفوعاً: لا يكون الرجل فقيهاً كل الفقه حتى يرى للقرآن وجوهاً كثيرة.
قلت: هذا أخرجه ابن سعد وغيره عن أبي الدرداء موقوفاً ولفظه لا يفقه الرجل كل الفقه وقد فسره بعضهم بأن المراد أن يرى اللفظ الواحد يحتمل معاني متعدد فيحمله عليها إذا كانت غير متضادة ولا يقتصر به على معنى واحد.
وأشار آخرون إلى أن المراد به استعمال الإشارات الباطنة وعدم الاقتصار على التفسير الظاهر.
وفقد أخرجه ابن عساكر في تاريخ من طريق حماد بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي الدرداء قال: إنك لن تفقه كل الفقه حتى ترى للقرآن وجوهاً.
قال حماد: فقلت لأيوب: أرأيت قوله: حتى ترى للقرآن وجوهاً أهوأن ترى له وجوهاً فتهاب الإقدام عليه قال: نعم هوهذا.
وأخرج ابن سعد من طريق عكرمة عن ابن عباس أن علي بن أبي طالب أرسله إلى الخوارج فقال: اذهب إليهم فخاصمهم ولا تحاجهم بالقرآن فإنه ذووجوه ولكن خاصمهم بالسنة.
وأخرج من وجه آخر أن ابن عباس قال له: يا أمير المؤمنين فأنا أعلم بكتاب الله منهم في بيوتنا نزل قال: صدقت ولكن القرآن حمال ذووجوه تقول ويقولون ولكن خاصمهم بالسنن فإنهم لم يجدوا عنها محيصاً فخرج إليهم فخاصمهم بالسنن فلم تبق بأيديهم حجة.
وهذه عيون من أمثلة هذا النوع.
ومن ذلك: الهدى يأتي على سبعة عشر وجهاً.
بمعنى الثبات: {اهدنا الصراط المستقيم}.
والبيان: {أولئك على هدى من ربهم}.
والدين: {إن الهدى هدى الله}.
والإيمان: {ويزيد الله الذين اهتدوا هدى}.
والدعاء: {ولكل قوم هاد}.
{هل لك إلى أن تزكى} {وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا}.
وبمعنى الرسل والكتب: {فإما يأتينكم مني هدى}.
والمعرفة: {وبالنجم هم يهتدون}.
وبمعنى النبي صلى الله عليه وسلم: {إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى}.
وبمعنى القرآن: {ولقد جاءهم من ربهم الهدى} والتوراة {ولقد آتينا موسى الهدى}.
والاسترجاع.
{وأولئك هم المهتدون}.
والحجة: لا يهدي القوم الظالمين بعد قوله تعالى {ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه} أي لا يهديهم حجة.
والتوحيد: {إن نتبع الهدى معك}.
والسنة: {فبهداهم اقتده}.
{وإنا على آثارهم مهتدون}.
والإصلاح: {إن الله لا يهدي كيد الخائنين}.
والإلهام: {أعطى كل شيء خلقه ثم هدى}: أي ألهم المعاش.
والتوبة: {إنا هدنا إليك}.
والإرشاد: {أن يهديني سواء السبيل}.
ومن ذلك: السوء يأتي على أوجه الشدة: {يسومونكم سوء العذاب}.
والعقر: {ولا تمسوها بسوء}.
والونى: {ما جزاء من أراد بأهلك سوءا}ً.
{ما كان أبوك أمرا سوء}.
والبرص: {بيضاء من غير سوء}.
والعذاب: {إن الخزي اليوم والسوء}.
والشرك: {ما كنا نعمل من سوء}.
والشتم: {لا يحب الله الجهر بالسوء}.
وألسنتهم بالسوء.
والذنب: {يعملون السوء بجهالة}.
وبمعنى بئس: {ولهم سوء الدار}.
والضر: {ويكشف السوء}.
{وما مسنى السوء}.
والقتل والهزيمة: {لم يمسسهم سوء}.
ومن ذلك: الصلاة تأتي على أوجه: الصلوات الخمس.
يقيمون الصلاة.
وصلاة العصر.
يحبسونهما من بعد الصلاة.
وصلاة الجمعة: {إذا نودي للصلاة}.
والجنازة: ولاتصل على أحد منهم.
والعاء: {وصل عليهم}.
والدين: أصلواتك تأمرك.
والقراءة: {ولا تجهر بصلاتك}.
والرحمة والاستغفار: {إن الله وملائكته يصلون على النبي}.
ومواضع الصلاة: {وصلوات ومساجدْ}.
لا تقربوا الصلاة.
ومن ذلك: الرحمة وردت على أوجه: الإسلام: {يختص برحمته من يشاء}.
والإيمان: {وآتاني رحمة من عنده}.
والجنة: {ففي رحمة الله هم فيها خالدون}.
والمطر: {بشراً بين يدي رحمته}.
والنعمة: {ولولا فضل الله عليكم ورحمته}.
والنبوة: {أم عندهم خزائن رحمة ربك}.
{أهم يقسمون رحمة ربك}.
والقرآن: {قل بفضل الله وبرحمته}.
والرزق: {خزائن رحمة ربي}.
والنصر والفتح: {إن أراد بكم سوءاً أوأراد بكم رحمة}.
والعافية: {أو أرادني برحمة}.
والمودة: {رأفة ورحمة}.
رحماء بينهم.
والسعة: {تخفيف من ربكم ورحمة}.
والمغفرة: {كتب على نفسه الرحمة}.
والعصمة: {لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم}.
ومن ذلك: الفتنة: وردت على أوجه الشرك: {والفتنة أشد من القتل}.
حتى لا تكون فتنة.
والإضلال: وابتغاء الفتنة والقتل: {أن يفتنكم الذي كفروا}.
والصد: {واحذروهم أن يفتنوك}.
والضلالة: {ومن يرد الله فتنته}.
والمعذرة: {ثم لم تكن فتنتهم} والقضاء: إن هي غلا فتنتك.
والإثم: {ألا في الفتنة سقطوا}.
والمرض: {يفتنون في كل عام}.
والعبرة: {لا تجعلنا فتنة}.
والعقوبة: {أن تصيبهم فتنة}.
والاختبار: {ولقد فتنا الذين من قبلهم}.
والعذاب: {جعل فتنة الناس كعذاب الله}.
والإحراق: {يوم هم على النار يفتنون}.
والجنون: {بأيكم المفتون}.
ومن ذلك: الروح: ورد على أوجه الأمر: وروح منه والوحي: {ينزل الملائكة بالروح}.
والقرآن: {أوحينا إليك روحاً من أمرنا}.
والرحمة: {وأيدهم بروح منه}.
والحياة: {فروح وريحان}.
وجبريل: {فأرسلنا إليها روحنا}.
{نزل به الروح الأمين}.
وملك عظيم: يوم يقوم الروح.
وجيش من الملائكة: {تنزل الملائكة والروح فيها}.
وروح البدن: {ويسألونك عن الروح}.
ومن ذلك: القضاء ورد على أوجه: الفراغ: {فإذا قضيتم مناسككم}.
والأمر: {إذا قضى أمراً}.
والأجل: {فمنهم من قضى نحبه}.
والفصل: {لقضي الأمر بيني وبينكم}.
والمضي: {ليقضي الله أمراً كان مفعولاً}.
والهلاك: {لقضي إليهم أجلهم}.
والوجوب: قضي الأمر والإبرام: في نفس يعقوب قضاها.
والإعلام: {وقضينا إلى بني إسرائيل}.
والوصية: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه}.
والموت: فقضى عليه.
والنزول: {فلما قضينا عليه الموت}.
والخلق: {فقضاهن سبع سموات}.
والفعل: {كلا لما يقض ما أمره}: يعني حقاً لم يفعل.
والعهد: {إذ قضينا إلى موسى الأمر}.
ومن ذلك: الذكر ورد على أوجه: ذكر اللسان: {فاذكروا الله كذكركم آباءكم}.
وذكر القلب: ذكروا الله {فإذا أمنتم فاذكروا الله}.
والظة: {فلما نسوا ما ذكروا به} وذكر فإن الذكرى.
والبيان: {أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم}.
والحديث: {اذكرني عند ربك}: أي حدثه بحالي.
والقرآن: {ومن أعرض عن ذكري} {ما يأتيهم من ذكر}.
والتوراة: {فاسألوا أهل الذكر}.
والخبر: {سأتلو عليكم منه ذكراً}.
والشرف: {وإنه لذكر لك}.
والعيب: {أهذا الذي يذكر آلهتكم}.
واللوح المحفوظ: {من بعد الذكر}.
والثناء: {وذكروا الله كثيراً}.
والوحي: {فالتاليات ذكراً}.
والرسول: ذكراً رسولاً.
والصلاة: {ولذكر الله أكبر}.
وصلاة الجمعة: {فاسعوا إلى ذكر الله}.
وصلاة العصر: {عن ذكر ربي}.
ومن ذلك: الدعاء: ورد على أوجه: العبادة: {ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك}.
والاستعانة: {وادعوا شهداءكم}.
والسؤال: {ادعوني أستجب لكم}.
والقول: {دعواهم فيها سبحانك اللهم}.
والنداء: {يوم يدعوكم}.
والتسمية: لا {لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضاً}.
ومن ذلك: الإحصان: ورد على أوجه: العفة: {والذين يرمون المحصنات}.
والتزوج: فإذا أحصن.
والحرية: {نصف ما على المحصنات من العذاب}.
فصل قال ابن فارس في كتاب الأفراد: كل ما في القرآن من ذكر الأسف فمعناه الحزن إلا فلما آسفونا فمعناه: أغضبونا.
وكل ما فيه من ذكر البروج فهي الكواكب إلا {ولو كنتم في بروج مشيدة} فهي القصور الطوال الحصينة.
وكل ما فيه من ذكر البر والبحر فالمراد بالبحر الماء وبالبر التراب اليابس إلا ظهر الفساد في البر والبحر فالمراد به البرية والعمران.
وكل ما فيه من بخس فهوالنقص إلا {بثمن بخس} أي حرام.
وكل ما فيه من البعل فهوالزوج إلا أتدعون بعلا فهوالصنم وكل ما فيه من البكم فالخرس عن الكلام بالإيمان إلا عمياً وبكماً وصماً في الإسراء وأحدهما أبكم في النحل فالمراد به عدم القدرة على الكلام مطلقاً.
وكل ما فيه جثياً فمعناه: جميعاً إلا {وترى كل أمة جاثية} فمعناه: تجثوعلى ركبها.
وكل ما فيه من حسباناً فهوالعدد إلا حسباناً من السماء في الكهف فهوالعذاب.
وكل ما فيه حسرة فالندامة إلا {ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم} فمعناه: الحزن.
وكل ما فيه من الدحض فالباطل إلا فكان من المدحضين فمعناه: من المقروعين.
وكل ما فيه من رجز فالعذاب إلا {والرجز فاهجر} فالمراد به الصنم.
وكل ما فيه من ريب فالشك إلا {ريب المنون} يعني حوادث الدهر.
وكل ما فيه من الرجم فهوالقتل إلا لأرجمنك فمعناه: لأشتمنك ورجماً بالغيب أي ظناً.
وكل ما فيه من الزور فالكذب مع الشرك إلا {منكراً من القول وزوراً} فإنه كذب غير الشرك.
وكل ما فيه من زكاة المال فهوإلا {وحنانا من لدنا وزكاة} أي طهرة.
وكل ما فيه من الزيغ فالميل إلا {وإذ زاغت الأبصار} أي شخصت.
وكل ما فيه من سخر فالاستهزاء إلا سخرياً في الزخرف فهومن التسخير والاستخدام.
وكل سكينة فيه.
طمأنينة إلا التي في قصة طالوت فهوشيء كرأس الهرة له جناحان.
وكل سعير فيه فهوالنار والوقود إلا في ضلال وسعر فهوالعناء.
وكل شيطان فيه فإبليس وجنوده إلا {وإذا خلوا إلى شياطينهم} وكل شهيد فيه غير القتلى فمن يشهد في أمور الناس إلا وادعوا شهداؤكم فهوشركاؤكم وكل ما فيه من أصحاب النار فأهلها إلا وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة فالمراد خزنتها وكل صلاة فيه عبادة ورحمة غلا وصلوات ومساجد: فهي الأماكن.
وكل صمم فيه ففي سماع الإيمان والقرآن خاصة إلا الذي في الإسراء.
وكل عذاب فيه فالتعذيب إلا {وليشهد عذابهما} فهوالضرب.
وكل قنوت فيه طاعة إلا {كل له قانتون} فمعناه: مقرون.
وكل كنز فيه مال إلا الذي في الكهف فهوصحيفة علم.
وكل مصباح فيه كوكب إلا الذي في النور فالسراج.
وكل نكاح فيه تزوج إلا حتى إذ بلغوا النكاح فهوالحلم.
كل نبأ فيه خبر إلا فعميت عليهم الأنباء فهي الحجج.
وكل ورود فيه دخول إلا ولما ورد ماء مدين يعني هجم عليه ولم يدخله.
وكل ما فيه من لايكلف نفساً إلا وسعها فالمراد منه العمل إلا التي في الطلاق فالمراد النفقة.
وكل يأس فيه قنوط إلا التي في الرعد فمن العلم.
وكل صبر فيه محمود إلا {لولا أن صبرنا عليها}.
{واصبروا على آلهتكم} هذا آخر ما ذكره ابن فارس.
وقال غيره: كل صوم فيه فمن العبادة إلا نذرت للرحمن صوماً أي صمتاً.
وكل ما فيه من الظلمات والنور فالمراد الكفر والإيمان إلا التي في أول الأنعام فالمراد ظلمة الليل ونور النهار.
وكل إنفاق فيه فهوالصدقة إلا {فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا} فالمراد به المهر.
وقال الداني: كل ما فيه من الحضور فهوبالضاد من المشاهدة إلا موضعاً واحداً فإنه بالظاء من الاحتظار وهوالمنع وهوقوله تعالى {كهشيم المحتظر}.
وقال ابن خالويه: ليس في القرآن بعد بمعنى قبل إلا حرف واحد ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكرا قال مغلطاي في كتاب الميسر: قد وجدنا حرفاً آخر وهوقوله تعالى {والأرض بعد ذلك دحاها} قال أبوموسى في كتاب المغيث: معناه هنا قبل لأنه تعالى خلق الأرض في يومين ثم استوى إلى السماء فعلى هذا خلق الأرض قبل السماء انتهى.
قلت: قد تعرض النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعون لشيء من هذا النوع.
فأخرج الإمام أحمد في مسنده وابن أبي حاتم وغيرهما من طريق دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كل حرف في القرآن يذكر فيه القنوت فهوالطاعة هنا إسناده جيد وابن حبان يصححه.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس قال: كل شيء في القرآن أليم فهوالموجع.
وأخرج من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: كل شيء في القرآن قتل فهولعن.
وأخرج من طريق الضحاك عن ابن عباس قال: كل شيء في كتاب الله من الرجز: يعني به العذاب.
وقال الفرياني: حدثنا قيس عن عمار الذهبي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: كل تسبيح في القرآن صلاة وكل سلطان في القرآن حجة.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس قال: كل شيء في القرآن الدين فهوالحساب.
وأخرج ابن الأنباري في كتاب الوقف والابتداء من طريق السدى عن أبي مالك عن ابن عباس قال: كل ريب شك إلا مكاناً واحداً في والطور: ريب المنون يعني حوادث الأمور.
وأخرج ابن أبي حاتم وغيره عن أبيّ بن كعب قال: كل شيء في القرآن من الرياح فهي رحمة وكل شيء فيه من الريح فهوعذاب.
وأخرج عن الضحاك قال: كل كأس ذكره الله في القرآن إنما عنى به الخمر.
وأخرج عنه قال: كل شيء في القرآن فاطر فهوخالق.
وأخرج عن سعيد بن جبير قال: كل شيء في القرآن إفك فهوكذب.
وأخرج عن أبي العالبة قال: كل آية في القرآن في الأمر بالمعروف فهوالإسلام والنهي عن المنكر فهوعبادة الأوثان.
وأخرج عن أبي العالية قال: كل آية في القرآن يذكر فيها حفظ الفرج فهومن الزنى إلا قوله تعالى {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم} فالمراد أن لا يراها أحد.
وأخرج عن مجاهد قال: كل شيء في القرآن إن لإنسان كفوراً إنما يعني به الكفار.
وأخرج عن عمر بن عبد العزيز قال: كل شيء في القرآن خلود فإنه لا توبة له.
وأخرج عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال: كل شيء في القرآن يقدر فمعناه يقل.
وأخرج عنه قال: التزكي في القرآن كله الإسلام.
وأخرج عن أبي مالك قال: وراء في القرآن: أمام كله غير حرفين فمن ابتغى وراء ذلك يعني سوى ذلك {وأحل لكم ما وراء ذلكم} يعني سوى ذلكم.
وأخرج عن أبي بكر بن عياش قال: ما كان كسفاً فهوعذاب وما كان كسفاً فهوقطع السحاب.
وأخرج عن عكرمة قال: ما صنع الله فهوالسد وما صنع الناس فهوالسد.
وأخرج ابن جرير عن أبي روق قال: كل شيء في القرآن جعل فهوخلق.
وأخرج عن مجاهد قال: المباشرة في كل كتاب الله: الجماع.
وأخرج عن أبي زيد قال: كل شيء في القرآن فاسق فهوكاذب إلا قليلاً.
وأخرج ابن المنذر عن السدي قال: ما كان في القرآن حنيفاً: مسلماً وما كان في القرآن حنفاء: مسلمين حجاجاً.
وأخرج عن سعيد بن جبير قال: العفوفي القرآن على ثلاثة أنحاء: نحو: تجاوز عن الذنب ونحوفي القصد في النفقة {ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو} ونحوفي الإحسان فيما بين الناس إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح وفي صحيح البخاري قال سفيان ابن عيينة: ما سمى الله المطر في القرآن إلا عذاباً وتسمية العرب الغيث.
قلت استثنى من ذلك {إن كان بكم أذى من مطر} فلإن المراد به الغيث قطعاً.
وقال أبو عبيدة: إذا كان في العذاب فهوأمطرت وإذا كان في الرحمة فهوأمطرت.
فرع أخرج أبو الشيخ عن الضحاك قال: قال لي ابن عباس: احفظ عني كل شيء في القرآن وما لهم في الأرض من ولي ولا نصير فهوللمشركين فأما المؤمنون فما أكثر أنصارهم وشفعاءهم.
وأخرج سعيد بن منصور عن مجاهد قال: كل طعام في القرآن فهونصف صاع.
وأخرج ابن أبي حاتم عن وهب بن منبه قال: كل شيء في القرآن قليل فهودون العشرة.
وأخرج عن مسروق قال: ما كان في القرآن على صلاتهم يحافظون حافظوا على الصلوات فهوعلى مواقيتها.
وأخرج عن سفيان بن عيينة قال: كل شيء في القرآن وما يدريك فلم يخبر به وما أدراك فقد أخبر به.
وأخرج عنه قال: كل مكر في القرآن فهوعمل.
وأخرج عن مجاهد قال: ما كان في القرآن قتل لعن فإنما عنى به الكافر.
وقال الراغب في مفرداته: قيل كل شيء ذكره الله بقوله: وما أدراك فسره وكل شيء ذكره بقوله وما يدريك تركه.
وقد ذكر {وما أدراك ما سجين}.
وما أدراك ما عليون ثم فسر الكتاب لا السجين ولا العليون وفي ذلك نكتة لطيفة انتهى ولم يذكرها وبقيت أشياء تأتي في النوعه الذي يلي هذا إن شاء الله تعالى.
النوع الأربعون في معرفة الأدوات التي يحتاج إليها المفسر
وأعني بالأدوات الحروف وما شاكلها من الأسماء والأفعال والظروف.
اعلم أن معرفة ذلك من المهمات المطلوبة لاختلاف مواقعها ولهذا يختلف الكلام والاستنباط بحسبها كما في قوله تعالى {وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين} فاستعملت على في جانب الحق وفي جانب الضلال لأن صاحب الحق مستعمل يصرف نظره كيف شاء وصاحب الباطل كأنه منغمس في ظلام منخفض لا يدري أين يتوجه.
وقوله تعالى {فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاماً فليأتكم برزق منه وليتلطف} عطف على الجمل الأول بالفاء والأخيرة بالواوولما انقطع نظام الترتيب لأن التلطف غير مرتب على الإتيان بالطعام كما كان الإتيان به مترتباً على النظر فيه مترتباً على التوجه في طلبه والتوجه في طلبه مترتباً على قطع الجدال في المسئلة عن مدة اللبث وتسليم العلم له تعالى.
وقوله تعالى {إنما الصدقات للفقراء} الآية عدل عن اللام إلى في الأربعة الأخيرة إيذاناً إلى أنهم أكثر استحقاقاً للمتصدق عليهم بمن سبق ذكره باللام لأن في الوعاء فنبه باستعمالها على أنهم أحقاء بأن يجعلوا مظنة لوضع الصدقات فيهم كما يوضع الشيء في وعاء مستقر فيه.
وقال الفارسي: إنما قال في الرقاب ولم يقل للرقاب ليدل على أن العبد لا يملك.
وعن ابن عباس قال: الحمد لله الذي قال عن صلاتهم ساهون ولم يقل في صلاتهم وسيأتي ذكر كثير من أشباه ذلك وهذا مردها مرتب على حروف المعجم وقد أفرد هذا النوع بالتصنيف خلائق من المتقدمين كالهروي في الأزهية والمتأخرين كابن أم قاسم في الجني الداني.
الهمزة تأتي على وجهين.
أحدهما: الاستفهام وحقيقته طلب الإفهام وهي أصل أدواته ومن ثم اختصت بأمور.
أحدها: جواز حذفها كما سيأتي في النوع السادس والخمسين.
ثانيها: أنها ترد لطلب التصور والتصديق بخلاف هل فإنها لتصديق خاصة وسائر الأدوات للتصور خاصة.
ثالثها: أنها تدخل على الإثبات نحو أكان للناس عجباً.
آلكرين حرم وعلى النفي نحو ألم نشرح وتفيد حينئذ معنيين: أحدهما التذكير والتنبيه كالمثال المذكور وكقوله تعالى ألم تر إلى ربك كيف مد الظل والآخر التعجب من الأمر العظيم كقوله تعالى {ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت} وفي كلا الحالين هي تحذير نحو {ألم نهلك الأولين} رابعها: تقديمها على العاطف تنبيهاً على أصالتها في التصدير نحو أوكلما عاهدوا عهداً.
أفأمن أهل القرى أثم إذا ما وقع وسائر أخواتها يتأخر عنه كما هوقياس جميع أجزاء الجملة المعطوفة نحو {فكيف تتقون}.
فأين تذهبون.
{فأنى تؤفكون}.
فهل يهلك.
فأي الفريقين.
فمالكم في المنافقين.
خامسها: أنه لا يستفهم بها حتى يهجس في النفس إثبات ما يستفهم عنه بخلاف هل فإنه لما يترجح عنده فيه نفي ولا إثبات حكاه أبوحيان عن بعضهم.
سادسها: أنها تدخل على الشرط نحو إفإن مت فهم الخالدون أفإن مات أوقتل انقلبتم بخلاف غيرها.
وتخرج عن الاستفهام الحقيقي فتأتي لمعان تذكر في النوع السابع والخمسين.
فائدة إذا دخلت على رأيت امتنع أن تكون من رؤية البصر أوالقلب وصار بمعنى أخبرني قنبل وقد تبدل هاء وخرج على ذلك قراءة قنبل ها انتم هؤلاء بالقصر وقد تقع في القسم.
ومنه مما قرئ ولا نكنم شهادة بالتنوين الله بالمد الثاني من وجهي الهمزة أن تكون حرفاً ينادي به القريب وجعل منه القراءة قوله تعالى أمن هوقانت آناء الليل على قراءة تخفيف الميم: أي يا صاحب هذه الصفات.
قال ابن هشام: ويبعده أنه ليس في التنزيل نداء بغير يا ويقربه سلامته من دعوى المجاز إذ لا يكون الاستفهام منه تعالى على حقيقته ومن دعوى كثرة الخوف إذا التقدير عند من جعلها للاستفهام: أمن هوقانت خير أم هذا الكافر: أي المخاطب بقوله {قل تمتع بكفرك قليلاً} فحذف شيئان: معادل الهمزة والخبر.
أحد قال أبوحاتم في كتاب الزينة: هواسم أكمل من الواحد ألا ترى أنك إذا قلت فلان لا يقوم له واحد جاز في المعنى أن يقوم اثنان فأكثر لخلاف قولك لا يقوم له أحد.
وفي الأحد خصوصية ليست في الواحد تقول ليس في الدار واحد فيجوز أن يكون من الدواب والطير والوحش والإنس فيعم الناس وغيرهم بخلاف ليس في الدار أحد فإنه مخصوص بالآدميين دون غيرهم.
قال: ويأتي الأحد في كلام العرب بمعنى الأول وبمعنى الواحد فيستعمل في الإثبات وفي النفي نحو قل هو الله أحد أي واحد وأول فابعثوا أحدكم بورقكم وبخلافهما فلا يستعمل إلا في النفي وتقول: ما جاءني من أحد ومنه أيحسب أن لن يقدر عليه أحد.
أن لم يره أحد.
فما منكم من أحد.
ولا تصل على أحد وواحد يستعمل فيهما مطلقاً وأحد يستوي فيه المذكر والمؤنث قال تعالى لستن كأحد من النساء بخلاف الواحد فلا يقال كواحد من النساء بل كواحدة.
وأحد يصلح في الإفراد والجمع.
قلت: ولهذا وصف به في قوله تعالى {فما منكم من أحد عنه حاجزين} بخلاف الواحد والأحد له جمع من لفظه وهوالأحدون والآحاد وليس للواحد جمع من لفظه فلا يقال واحدون بل اثنان وثلاثة.
والأحد ممتنع الدخول في الضرب والعدد والقسمة وفي شيء من الحساب بخلاف الواحد انتهى ملخصاً.
وقد تحصل من كلامه بينهما سبعة فروق.
وفي أسرار التنزيل للبارزي في سورة الإخلاص.
فإن قيل: المشهور في كلام العرب أن الأحد يستعمل بعد النفي والواحد بعد الإثبات.
قلنا: قد اختار أبو عبيد أنهما بمعنى واحد وحينئذ فلا يختص أحدهما بمكان دون الآخر وإن غاب استعمال أحد في النفي.
ويجوز أن يكون العدول هنا عن الغالب رعاية للفواصل انتهى.
وقال الراغب في مفردات القرآن: أحد يستعمل على ضربين: أحدهما في النفي فقط.
والآخر في الإبات.
فالأول لاستغراق جنس الناطقين ويتناول الكثير والقليل ولذلك صح أن يقال ما من أحد فاضلين كقوله تعالى {فما منكم من أحد عنه حاجزين} والثاني على ثلاثة أوجه: الأول المستعمل في العدد مع العشرات نحوأحد عشر وأحد وعشرون.
والثاني المستعمل مضافاً إليه بمعنى الأول نحو {أما أحدكما فيسقي ربه خمراً} والثالث المستعمل وصفاً مطلقاً ويختص بوصف الله نحو {قل هو الله أحد} وأصله وحد إلا أن وحداً يستعمل في غيره أه.
إذ ترد على أوجه.
أحدها: أن تكون اسماً للزمن الماضي وهوالغالب ثم قال الجمهور: لا تكون إلا ظرفاً نحو {فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا} أومضافاً إليها الظرف نحو بعد إذ هديتنا.
يومئذ تحدث.
وأنتم حينئذ تنظرون وقال غيرهم: تكون مفعولاً به نحو {واذكروا إذ كنتم قليلاً} وكذا المذكورة في أوائل القصص كلها مفعول به بتقدير اذكروا بدلاً منه نحو {واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت} فإذ بدل اشتمال من مريم على حد البدل في يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه.
اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء أي اذكروا النعمة التي هي الجعل المذكور فهي بدل كل من كل والجمهور يجعلونها في الأول ظرفاً لمفعول محذوف: أي واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم قليلاً.
وفي الثاني ظرف لمضاف إلى مفعول محذوف: أي واذكر قصة مريم ويؤيد ذلك التصريح له في {واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء}.
وذكر الزمخشري أنها تكون مبتدأ وخرج عليه قراءة بعضهم لمن من الله على المؤمنين قال: التقدير منه إذ بعث فإذ في محل رفع كإذا في قولك أخطب ما يكون الأمير إذا كان قائماً: أي لمن من الله على المؤمنين وقت بعثه انتهى.
قال ابن هشام: ولا نعلم بذلك قائلاً.
وذكر كثير أنها تخرج عن المضي إلى الاستقبال نحو يومئذ تحدث أخبارها والجمهور أنكروا ذلك وجعلوا الآية من باب ونفخ في الصور: أعني من تنزيل المستقبل الواقع منزلة الماضي الواقع.
واحتج المثبتون منهم ابن مالك بقوله تعالى فسوف يعلمون إذ الأغلال في أعناقهم فإن يعلمون مستقبل لفظاً ومعنى لدخول حرف التنفيس عليه وقد عمل في إذ فيلزم أن تكون بمنزلة إذا وذكر بعضهم أنها تأتي للحال نحو {ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهوداً إذ تفيضون فيه} أي حين تفيضون فيه.
فائدة أخرج ابن أبي حاتم من طريق السدي عن أبي مالك قال: ما كان في القرآن إن بكسر الألف فلم يكن وما كان إذ فقد كان.
الوجه الثاني: أن تكون للتعليل نحو {ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون} أي ولن ينفعكم اليوم إشراككم في العذاب لأجل ظلمكم في الدنيا.
وهل هي حرف بمنزلة لام العلة أوظرف بمعنى وقت والتعليل مستفاد من قوة الكلام لا من اللفظ قولان المنسوب إلى سيبويه الأول وعلى الثاني في الآية إشكال لأن إذ لا تبدل من اليوم لاختلاف الزمانين ولا تكون ظرفاً لينفع لأنه لا يعمل في ظرفين ولا المشتركون لأن معمول خبر إن وأخواتها لا يقدم عليها ولأن معمول الصلة لا يتقدم على الموصول ولأن إشراكهم في الآخرة لأن في ظلمهم ومما حمل على التعليل وإذ لم يهدوا به فسيقولون هذا إفك قديم وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأووا إلى الكهف وأنكر الجمهور هذا القسم وقالوا: التقدير بعد إذ ظلمتم.
وقال ابن جني: راجعت أبا علي مراراً في قوله تعالى {ولن ينفعكم اليوم}الآية مستشكلاً إبدال إذ من اليوم فآخر ما تحصل منه أن الدنيا والآخرة متصلتان وأنهما في حكم الله سواء فكان اليوم ماض انتهى.
الوجه الثالث: التوكيد بأن تحمل على الزيادة قاله أبو عبيد وتبعه ابن قتيبة وحملا عليه آيات منها وإذ قال ربك للملائكة.
الرابع: التحقيق كقد وحملت عليه الآية المذكورة وجعل منه السهيلي قوله {بعد إذ أنتم مسلمون} قال ابن هشام: وليس القولان بشيء.
مسئلة تلزم إذ الإضافة إلى جملة: إما تسمية نحواذكروا إذ أنتم قليل أوفعلية فعلها ماض لفظاً ومعنى نحو وإذ قال ربك للملائكة.
{وإذ ابتلى إبراهيم ربه} أومعنى لفظاً نحو {وإذ تقول للذي أنعم الله عليه} وقد اجتمعت الثلاثة في قوله تعالى {إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه} وقد تحذف الجملة للعلم بها ويعوض عنها التنوين وتكسر الذال لالتقاء الساكنين نحو ويومئذ يفرح المؤمنون.
{وأنتم حينئذ تنظرون} وزعم الأخفش أن في ذلك معربة لزوال افتقارها إلى الجملة وأن الكسرة إعراب لأن اليوم والحين مضاف إليها.
ورد بأن بناءها لوضعها على حرفين وبأن الافتقار باق في المعنى كالموصول تحذف صلته.
إذا على وجهين.
أحدهما: أن تكون للمفاجأة فتختص بالجمل الاسمية ولا تحتاج لجواب ولا تقع في الابتداء ومعناها الحال لا الاستقبال نحو فألقاها فإذا هي حية تسعى.
فلما أنجاهم إذا هم يبغون.
وإذا أذقنا الناس رحمة من بعد ضراء مستهم إذا لهم مكر في آياتنا قال ابن الحاجب: ومعنى المفاجأة حضور الشيء معك في وصف من أوصافك الفعلية تقول: خرجت فإذ الأسد بالباب فمعناه: حضور الأسد معك في زمن وصفك بالخروج أومكان خروجك وحضوره معك في مكان خروجك ألصق بك من حضوره في خروجك لأن ذلك المكان يخصك دون ذلك الزمان وكل ما كان ألصق كانت المفاجأة فيه أقوى.
واختلف في إذا هذه فقيل أنها حرف وعليه الأخفش ورجحه ابن مالك.
وقيل ظرف مكان وعليه المبرد ورجحه ابن عصفور.
وقيل ظرف زمان وعليه الزجاج ورجحه الزمخشري وزعم أن عاملها فعل مقدر مشتق من لفظ المفاجأة.
قال: التقدير ثم إذا دعاكم فاجأتم الخروج في ذلك الوقت.
قال ابن هشام: ولا يعرف ذلك لغيره وإنما يعرف ناصبها عندهم الخبر المذكور أوالمقدر.
قال: ولم يقع الخبر معها في التنزيل إلا مصرحاً به.
الثاني: أن تكون لغير المفاجأة فالغالب أن تكون ظرفاً للمستقبل مضمنة معنى الشرط وتختص بالدخول على الجمل الفعلية وتحتاج لجواب وتقع في الابتداء عكس الفجائية والفعل بعدها إما ظاهر نحو إذا جاء نصر الله أومقدر نحو {إذا السماء انشقت} وجوابها إما فعل نحو فإذا جاء أمر الله قضى بالحق وجملة اسمية مقرونة بالفاء نحو فإذا نقر في الناقور فذلك يومئذ يوم عسير.
{فإذا نفخ في الصور فلا أنساب} أوفعلية طلبية كذلك نحو فسبح بحمد ربك أواسمية مقرونة فإذا الفجائية نحو إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون.
{فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون} وقد يكون مقدر الدلالة ما قبله عليه أولدلالة المقام وسيأتي في أنواع الحذف.
وقد تخرج إذا عن الظرفية.
قال الأخفش في قوله تعالى حتى إذا جاءوها أن إذا جر بحتي.
وقال ابن جني في قوله تعالى {إذا وقعت الواقعة}الآية فيمن نصب خافضة رافعة أن إذا الأولى مبتدأ والثانية خبر والمنصوبان حالان.
وكذا جملة ليس ومعمولاها والمعنى: وقت وقوع الواقعة خافضة لقوم رافعة لآخرين هووقت رج الأرض.
والجمهور أنكروا خروجها عن الظرفية وقالوا في الآية الأولى: إن حتى حرف ابتداء داخل على الجملة بأسرها ولا عمل له وفي الثانية أن إذا الثانية بدل من الأولى والأولى ظرف وجوابها محذوف لفهم المعنى وحسنه طول الكلام وتقديره بعد إذا الثانية: أي انقسمتم أقساماً وكنتم أزواجاً ثلاثة.
وقد تخرج عن الاستقبال فترد للحال نحو والليل إذا يغشى فإن الغشيان مقارن الليل والنهار إذا تجلى.
والنجم إذا هوى وللماضي نحو {وإذا رأوا تجارة أو لهوا}الآية فإن الآية نزلت بعد الرؤية والانفضاض وكذا قوله تعالى {ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه}.
{حتى إذا بلغ مطلع الشمس}.
{حتى إذا ساوى بين الصدفين} وقد تخرج عن الشرطية نحو وإذا ما غضبوا هم يغفرون.
والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون فإذا في الآية ظرف لخبر المبتدإ بعدها.
ولوكانت شرطية والجملة الاسمية جواباً لاقترنت بالفاء.
وقال بعضهم: إنه على تقديرها مردود بأنها لا تحذف إلا لضرورة وقول آخر: إن الضمير توكيد لا مبتدأ أوأنما بعده الجواب تعسف.
وقول آخر: جوابها محذوف مدلول عليه بالجملة بعدها تكلف من غير ضرورة.
تنبيهات: الأول المحققون على أن ناصب إذا شرطها والأكثرون أنه ما في جوابها من فعل الثاني: قد تستعمل إذا للاستمرار في الأحوال الماضية والحاضرة والمستقبلة كما يستعمل الفعل المضارع لذلك ومنه {وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزءون} أي إن هذا شأنهم أبداً وكذا قوله تعالى {وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى}.
الثالث: ذكر ابن هشام في المغني إذ ولم يذكر إذا ما وقد ذكرها الشيخ بهاء الدين السبكي في عروس الأفراح في أدوات الشرط فأما إذ ما فلم يقع في القرآن ومذهب سيبويه أنها حرف.
وقال المبرد وغيره: إنها باقية على الظرفية وأما إذا ما فوقعت في القرآن في قوله تعالى وإذا ما غضبوا.
إذا ما أتوك لتحملهم ولم أر من تعرض لكونها باقية على الظرفية أومحولة إلى الحرفية ويحتمل أن يجري فيها القولان في إذما ويحتمل أن يجزم ببقائها على الظرفية لأنها أبعد عن التركيب بخلاف إذما.
الرابع: تختص إذا بدخولها على المتيقن والمظنون والكثير الوقوع بخلاف إن فإنها تستعمل في المشكوك والموهوب والنادر ولهذا قال تعالى {إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا} ثم قال: وإن كنتم جنباً فاطهروا فأتى بإذا في الوضوء لتكرره وكثرة أسبابه وبأن في الجنابة لندرة وقوعها بالنسبة إلى الحدث وقال تعالى {فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيئة يطيروا}.
{وإذا أذقنا الناس رحمة فرحوا بها وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون} أتى في جانب الحسنة بإذا لأن نعم الله على العباد كثيرة ومقطوع بها وإن فيجانب السيئة لأنها نادرة الوقوع ومشكوك فيها.
نعم أشكل على هذه القاعدة آيتان.
الأولى: في قوله تعالى ولئن.
أمتم فإن مات فأتى بإن مع أن الموت محقق الوقوع والأخرى قوله تعالى {وإذا مس الناس ضر دعوا ربهم منيبين إليه ثم إذا أذاقهم منه رحمة} فرحوا بها فأتى بإذا في الطرفين.
وأجاب الزمخشري عن الأولى بان الموت لما كان مجهول الوقت أجرى مجرى غير المجزوم.
وأجاب السكاكي عن الثانية بأنه قصد التوبيخ والتقريع فأتى بإذا ليكون تخويفاً لهم وإخباراً لهم وإخباراً بأنهم لا بد أن يمسهم شيء من العذاب واستفيد التقليل من لفظ المس وتنكير ضر.
وأما قوله تعالى {وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض} فأجيب عنه بأن الضمير في مسه للمعرض المتكبر لا لمطلق الإنسان ويكون لفظ إذا للتنبه على أن مثل هذا المعرض يكون ابتلاؤه بالشر مقطوعاً به.
وقال الخويبي: الذبي أظنه أن إذا يجوز دخولها على المتيقن والمشكوك لأنها ظرف وشرط فبالنظر إلى اشرط تدخل إلى المشكوك وبالنظر إلى الظرف تدخل على المتيقن كسائر الظروف.
الخامس: خالفت إذا إن أيضاً في إفادة العموم.
قال ابن عصفور: فإذا قلت إذا قام زيد قام عمروأفادت أن كلما قام زيد قام عمرو.
وقال: هذا هو الصحيح وفي أن المشروط بها إذا كان عد ما يقع الجزاء في الحال وفي أن لا يقع حتى يتحقق اليأس من وجوده وفي جزاءها مستعقب لشرطها على الاتصال لا يتقدم ولا يتأخر بخلاف إن وفي إن مدخولها لا تجزمه لأنها لا تتمخض شرطاً.
خاتمة قيل قد تأتي إذا زائدة وخرج عليه {إذا السماء انشقت} أي انشقت السماء كما قال اقتربت الساعة.
إذن قال سيبويه: معناها الجواب والجزاء.
قال الشلوبين: في كل موضع.
وقال الفارسي: في الأكثر والأكثر أن تكون جواباً لإن أولوظاهرتين أومقدرتين.
قال الفراء: وحيث جاءت بعدها اللام فقبلها لومقدرة إن لم تكن ظاهرة نحو إذ لذهب كل إله بما خلق وهي حرف ينصب المضارع بشرط تصديرها واستقباله واتصاله أوانفصالها بالقسم أوبلا النافية.
قال النحاة: وإذا وقعت بعد الواووالفاء جاز فيها الوجهان نحو وإذا لا يلبثون خلفك.
فإذا لايؤتون الناس وقرئ شاذاً بالنصب فيهما.
وقال ابن هشام: التحقيق أنه إذا تقدمها شرط وجزاء وعطفت فإن قدرت العطف على الجواب جزمت وبطل عمل إذا لوقوعها حشواً أوعلى الجملتين جميعاً جاز الرفع والنصب وكذا إذا تقدمها مبتدأ خبره فعل مرفوع إن عطفت على الفعلية رفعت أوالأسمية فالوجهان.
وقال غيره: إذا نوعان.
الأول: أن تدل على إاء السببية والشرط بحيث لا يفهم الارتباط من غيرها نحوأزورك فتقول إذن أكرمك وهي في هذا الوجه عاملة تدخل على الجمل الفعلية فتنصب المضارع المستقبل المتصل إذا صدرت.
والثاني: أن تكون مؤكدة لجواب ارتبط بمقدم أومنبهة على مسبب حصل في الحال وهي حينئذ غير عاملة لأن المؤكدات لا يعتمد عليها والعامل يعتمد عليه نحو: إن تأتني إذن آتيك ووالله إذن لأفعلن.
ألا ترى أنها لوسقطت لفهم الارتباط وتدخل هذه على الاسمية فتقول إذن أنا أكرمك ويجوز توسطها وتأخرها ومن هذا قوله تعالى {ولئن اتبعت أهواءكم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذا} فهي مؤكدة للجواب مرتبطة بما تقدم.
تنبيهان: الأول سمعت شيخنا العلامة الكافيجي يقول في قوله تعالى {ولئن أطعتم بشراً مثلكم إنكم إذاً لخاسرون} ليست إذا هذه الكلمة المعهودة وإنما هي إذا الشرطية حذفت جملتها التي تضاف إليها وعوض عنها التنوين كما في يومئذ وكنت أستحسن هذا جداً وأظن أن الشيخ لا سلف له في ذلك.
ثم رأيت الزركشي قال في البرهان بعد ذكره لإذن المعنيين السابقين وذكر لها بعض المتأخرين معنى ثالثاً وهي أن تكون مركبة من إذا التي هي ظرف زمن ماض ومن جملة بعدها تحقيقاً أوتقديراً لكن حذفت الجملة تخفيفاً وأبدل منها التنوين كما في قولهم حينئذ وليست هذه الناصبة للمضارع لأن تلك تختص به ولذا عملت فيه ولا يعمل غلا ما يختص وهذه لا تختص بل تدخل على الماضي كقوله تعالى {وإذا لآتيناهم}.
أذا لأمسكتم.
إذا لأذقناك وعلى الاسم نحو {وإنكم إذا لمن المقربين} قال: وهذا المعنى لم يذكره النحاة لكنه قياس ما قالوه في إذن.
وفي التذكرة لأبي حيان: ذكر لي علم الدين القمني أن القاضي تقي الدين بن رزين كان يذهب إلى أن إذن عوض من الجملة المحذوفة وليس هذا قول نحوي.
وقال الخويبي: وأنا أظن أنه يجوز أن تقول لمن قال أنا آتيك إذن أكرمك بالرفع على معنى إذا أتيتني وعوضت التنوين من الجملة فسقطت الألف لالتقاء الساكنين.
قال: ولا يقدح في ذلك اتفاق النحاة على أن الفعل في مثل منصوب بإذن لأنهم يريدون بذلك ما إذا كانت حرفاً ناصباً له ولا ينفي ذلك رفع الفعل بعدها إذا أريد بها إذا الزمانية معوضاً من جملتها التنوين كما ا منهم من يجزم ما بعد إذا جعلها شرطية ويرفعه إذا أريد بها الموصولة انتهى.
فهؤلاء قد حاموا حول ما حام عليه الشيخ إلا أنه ليس أحد منهم من المشهورين بالنحووممن يعتمد قوله فيه.
نعم ذهب بعض النحاة إلى أن أصل إذن الناصبة اسم والتقدير في إذن أكرمك إذا جئتني أكرمك فحذفت الجملة وعوض منها التنوين وأضمرت إن.
وذهب آخرون إلى أنها حرف مركبة من إذا وإن حكى القولين ابن هشام في المغنى.
التنبيه الثاني الجمهور أن إذن يوقف عليها بالألف المبدلة من النون وعليه إجماع القراء وجوز قوم منهم المبرد والمازني في غير القرآن الوقوف عليها بالنون كلن وإن وينبني على الخلاف في الوقف عليها كتابتها فعلى الأول تكتب بالألف كما رسمت في المصاحف وعلى الثاني بالنون.
وأقول: الإجماع في القرآن على الوقف عليها وكتابتها بالألف دليل على أنها اسم منون لا حرف آخره نون خصوصاً أنها لم تقع فيه ناصب للمضارع فالصواب إثبات هذا المعنى لها كما جنح إليه الشيخ ومن سبق النقل عنه.
أف كلمة تستعمل عند التضجر والتكره.
وقد حكى أبو البقاء في قوله تعالى {فلا تقل لهما أف} قولين: أحدهما: أنه اسم لفعل الأمر: أي كفا واتركا.
والثاني: أنه اسم لفعل ماض: أي كرهت وتضجرت.
وحكى غيره ثالثاً: أنه اسم لفعل مضارع: أي لتضجر منكما.
وأما قوله تعالى في سورة الأنبياء أف لكم فأحاله أبو البقاء على ما سبق في الإسراء ومقتضاه تساويهما في المعنى.
وقال العزيزي في غريبه هنا أي بئساً لكم.
وفسر صاحب الصحاح أف بمعنى قذراً.
وقال في الارتشاف: أف: أتضجر.
وفي البسيط معناه: التضجر وقيل الضجر وقيل تضجرت.
ثم حكى فيها تسعاً وثلاثين لغة.
قلت: قرئ منها في السبع أف بالكسر بلا تنوين وأف بالكسر والتنوين وأف بالفتح بلا تنوين.
وفي الشاذ أف بالضم منوناً وغير منون وأف بالتخفيف.
أخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله تعالى {فلا تقل لهما أف} قال: لا تقذرهما.
وأخرج عن أبي أل على ثلاثة أوجه.
أحدها: أن تكون اسماً موصولاً بمعنى الذي وفروعه وهي الداخلة على أسماء الفاعلين والمفعولين نحو {إن المسلمين والمسلمات} إلى آخر الآية {التائبون العابدون} الآية.
وقيل هي حينئذ حرف تعريف.
وقيل موصول حرفي.
الثاني أن تكون حرف تعريف وهي نوعان: عهدية وجنسية وكل منهما ثلاثة أقسام.
فالعهدية: إما أن يكون مصحوبها معهوداً ذكرياً نحوكما أرسلنا إلى فرعون رسولاً فعصى فرعون الرسول فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب وضابط هذه أن يسد الضمير مسدها مع مصحوبها أومعهوداً نحو إذ هما في الغار.
إذ يبايعونك تحت الشجرة أومعهزداً حضورياً نحو اليوم أكملت لكم دينكم.
اليوم أحل لكم الطيبات قال ابن عصفور: وكذا كل واقعة بعد اسم الإشارة أوأي في النداء وإذ الفجائية أوفي اسم الزمان الحاضر نحوالآن والجنسية.
إما لاستغراق الإفراد وهي التي يخلفها كل حقيقة نحو وخلق الإنسان ضعيفاً.
عالم الغيب والشهادة ومن دلائلها صحة الاستثناء من مدخولها نحو {إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا} ووصفه بالجمع نحو {أو الطفل الذين لم يظهروا} وإما لاستغراق خصائص الأفراد وهي التي يخلفها كل مجاز نحو ذلك الكتاب أي الكتاب الكامل في الهداية الجامع لصفات جميع الكتب المنزلة وخصائصها.
وإما لتعريف الماهية والحقيقة والجنس وهي التي لا يخلفها كل لا حقيقة ولا مجازاً نحو وجعلنا من الماء كل شيء حي.
{أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة} قيل والفرق بين المعرف بأل هذه وبين اسم الجنس النكرة يدل على مطلق الحقيقة لا باعتبار قيد.
الثالث: أن تكون زائدة وهي نوعان: لازمة كالتي في الموصولات على القول بأن تعريفها بالصلة وكالتي في الأعلام المقارنة لنقلها كاللات والعزي أولغلبتها كالبيت للكعبة والمدينة لطيبة والنجم للثريا وهذه في الأصل للعهد.
أخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله تعالى {والنجم إذا هوى} قال: الثريا وغير لازمة كالواقعة في الحال.
وخرج عليه قراءة بعضهم {ليخرجن الأعز منها الأذل} بفتح الياء: أي ذليلاً لأن الحال واجبة التنكير لا أن ذلك غير فصيح والأحسن تخريجه على حذف مضاف: أي خروج الأذل كما قدره الزمخشري.
مسئلة اختلف في أل في اسم الله تعالى فقال سيبويه: هي عوض من الهمزة المحذوفة بناء على أن أصله إله أل فنقلت حركة الهمزة إلى اللام ثم أدغمت قاله الفارسي.
ويدل على ذلك قطع همزها ولزومها.
وقال آخرون: هي مزيدة للتعريف تفخيماً وتعظيماً وأصل إله أولاه.
وقال قوم: هي زائدة لازمة لا للتعريف.
وقال بعضهم: أصله هاء الكناية زيدت فيه لام الملك فصار له ثم زيدت أل تعظيماً وفخموه توكيداً.
وقال الخليل: وخلائق هي من بنية الكلمة وهواسم علم لا اشتقاق له ولا أصل.
خاتمة أجاز الكوفيين وبعض البصريين وكثير من المتأخرين نيابة أل عن الضمير المضاف إليه وخرجوا على ذلك {فإن الجنة هي المأوى} والمانعون يقدرون له.
وأجاز الزمخشري نيابتها عن المظاهر أيضاً وخرج عليه {وعلم آدم الأسماء كلها} فإن الأصل أسماء المسميات.
ألا بالفتح والتخفيف وردت في القرآن على أوجه.
أحدها: التنبيه فتدل على تحقيق ما بعدها.
قال الزمخشري: ولذلك قل وقوع الجمل بعدها إلا مصدرة بنحو ما يتلقى به القسم وتدخل على الاسمية والفعلية نحو {ألا إنهم هم السفهاء} ألا يوم يأتيهم ليس مصروفاً عنهم قال في المغني: والمعربون يقولون فيها حرف استفتاح فيبينون مكانها ويهملون معناها وإفادتها التحقيق من جهة تركيبها من الهمزة ولا.
وهمزة الاستفهام إذا دخلت على النفي أفادت التحقيق نحو أوليس ذلك بقادر الثاني والثالث: التحضيض والعرض ومعناهما طلب الشيء لكن الأول طلب بحث والثاني طلب بلين وتختص فيها بالفعلية نحو {ألا تقاتلون قوماً نكثوا}.
{قوم فرعون ألا يتقون}.
ألا تأكلون.
{ألا تحبون أن يغفر الله لكم}.
ألا بالفتح والتشديد حرف تحضيض لم يقع في القرآن لهذا المعنى فيما أعلم إلا أنه يجوز عندي أن يخرج عليه {ألا يسجدوا لله} وأما قوله تعالى أن لا تعلوا علي فليست هذه بل هي كلمتان: إلا بالكسر والتشديد على أوجه.
أحدها: الاستثناء متصلاً نحو {فشربوا منه إلا قليلا}.
ما فعلوه إلا قليل أومنقطعاً نحو {قل ما أسألكم عليه من أجر إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيل}ا وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى الثاني: أن تكون بمعنى غير فيوصف بها وبتاليها جمع منكر أوشبهه ويعرف الاسم الواقع بعدها بإعراب غير نحو {لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا} فلا يجوز أن تكون هذه الآية للاستثناء لأن آلهة جمع منكر في الإثبات فلا عموم له فلا يصح الاستثناء منه ولأنه يصير المعنى حينئذ: لوكان فيهما آلهة ليس فيهم الله لفسدتا وهوباطل باعتبار مفهومه.
الثالث: أن تكون عاطفة بمنزلة الواوفي الترسيل ذكره الأخفش والفراء وأبو عبيدة وخرجوا عليه {لئلا يكون للناس عليكم حجة} {إلا الذين ظلموا منهم}.
{لا يخاف لدى المرسلون}{إلا من ظلم ثم بدل حسناً بعد سوء} أي ولا الذين ظلموا ولا من ظلم وتأولها الجمهور على الاستثناء المنقطع.
الرابع: بمعنى بل ذكره بعضهم وخرج عليه {ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى إلا تذكرة} أي بل تذكرة.
الخامس: بمعنى بدل ذكره ابن الصائغ وخرج عليه آلهة إلا الله أي بدل الله أوعوضه وبه يخرج عن الإشكال المذكور في الاستثناء وفي الوصف بإلا من جهة المفهوم.
وغلط ابن مالك فعد من أقسامها نحو {إلا تنصروه فقد نصره الله} وليست منها بل هي كلمتان إن الشرطية ولا النافية.
فائدة قال الرماني في تفسيره: معنى إلا اللازم له الاختصاص بالشيء دون غيره فإذا قلت جاءني النوم إلا زيداً فقد اختصصت زيداً لم يجيء وإذا قلت ما جاءني إلا زيد فقد اختصصته بالميء وإذا قلت ما جاءني زيد إلا راكباً فقد اختصصته بهذه الحالة دون غيرها من المشي والعدونحوه.
الآن اسم لزمن الحاضر وقد يستعمل في غيره مجازاً.
وقال قوم: هي محل للزمانين: أي ظرف للماضي وظرف للمستقبل وقد يتجوز بها عما قرب من أحدهما.
وقال ابن مالك: لوقت حضر جميعه كوقت فعل الإنشاء حال النطق به أوبعضه نحو الآن خف الله عنكم.
فمن يستمع الآن يجد له شهاباً رصداً قال: وظرفيته غالبة لا لازمة.
واختلف في أل التي فيه فقيل للتعريف الحضوري وقيل زائدة لازمة.
إلى حرف جر له معان.
أشهرها: انتهاء الغاية زماناً نحو {أتموا الصيام إلى الليل} أومكاناً نحو إلى المسجد الأقصى أوغيرهما نحو والأمر إليك أي منته إليك.
ولم يذكر لها الأكثرون غير هذا المعنى.
وزاد ابن مالك وغيره تبعاً للكوفيين معاني أخر.
منها: المعية وذلك إذا ضممت شيئاً إلى آخر في الحكم به أوعليه أوالتعليق نحو من أنصاري إلى الله.
وأيديكم إلى المرافق.
ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم قال الرضي: والتحقيق أنها للانتهاء: أي مضافة إلى المرافق وإلى أموالكم.
وقال غيره: ما ورد في ذلك مؤول على تضمين العامل وإبقائها على أصلها.
والمعنى في الآية الأولى: من يضيف نصرته إلى نصرة الله أومن ينصرني حال كوني ذاهباً إلى الله.
ومنها: الظرفية كفى نحو ليجمعنكم إلى يوم القيامة أي فيه {هل لك إلى أن تزكى} أي في أن.
ومنها مرادفة اللام وجعل منه والأمر إليك أي لك وتقدم أنه من الانتهاء.
ومنها: التبيين.
قال ابن مالك: وهي المبينة لفاعلية مجرورها بعد ما يفيد حباً أوبغضاً أواسم تفضيل محو رب السجن أحب إلى ومنها: التوكيد وهي الزائدة نحو {أفئدة من الناس تهوي إليهم} في قراءة بعضهم بفتح الواو: أي تهواهم قاله الفراء.
وقال غيره: هوعلى تضمين تهوى معنى تميل.
تنبيه حكى ابن عصفور في شرح أبيات الإيضاح عن ابن الأنباري أن إلى تستعمل اسماً فيقال: انصرفت من إليك كما يقال غدوت من عليه وخرج عليه من القرآن قوله تعالى وهزي إليك بجذع النخلة وبه يندفع إشكال أبي حيان فيه بأن القاعدة المشهورة أن الفعل لا يتعدى إلى ضمير يتصل بنفسه أوبالحرف وقد رفع المتصل وهما لمدلول واحد في غير باب ظن.
اللهم المشهور أن معناه يا الله حذفت ياء النداء وعوض منها الميم المشددة في آخره.
وقيل أصله يا الله أمنا بخير فركب تركيب حيهلا مزج.
وقال أبورجاء العطاردي: الميم فيها تجمع سبعين اسماً من أسمائه.
وقال ابن ظفر: قيل إنها الاسم الأعظم واستدل لذلك بأن الله دال على الذات والميم دالة على الصفات التسعة والتسعين.
ولهذا قال أبو الحسن البصري: اللهم تجمع.
وقال النضر بن شميل: من قال اللهم فقد دعا الله بجميع أسمائه.
أم حرف عطف وهي نوعان: متصلة وهي قسمان: الأول أن يتقدم عليها همزة التسوية سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم.
سواء علينا أجزعنا أم صبرنا.
سواء عليهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم والثاني: أن يتقدم عليها همزة يطلب بها وبأم التعيين نحو الذكرين حرم أم الانثيين وسميت في القسمين متصلة لأن ما قبلها وما بعدها لا يستغنى بأحدهما عن الآخر.
وتسمى أيضاً معادلة مادتها للهمزة في إفادة التسوية في القسم الأول والاستفهام في الثاني.
ويفترق القسمان من أربعة أوجه أحدها وثانيها: أن الواقعة بعد همزة التسوية لا تستحق جواباً لأن المعنى معها ليس على الاستفهام وأن الكلام معها قابل التصديق والتكذيب لأنه خبر وليست تلك كذلك لأن الاستفهام معها على حقيقته.
والثالث والرابع: أن الواقعة بعد همزة التسوية لا تقع إلا بين جملتين ولا تكون الجملتان معها إلا في تأويل المفردين وتكون الجملتان فعليتين واسميتين ومختلفتين نحو سواء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون وأم الأخرى تقع بين المفردين وهوالغالب فيها نحو أأنتم أشد خلقاً أم السماء وبين جملتين ليسا في تأويلها.
النوع الثاني: منقطعة وهي ثلاثة أقسام مسبوقة بالخبر المحض نحو تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين.
أم يقولون أفتراه ومسبوقة بالهمزة لغير الاستفهام نحو {ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها} إذ الهمزة في ذلك للإنكار فهي بمنزلة النفي.
والمتصلة لا تقع بعده ومسبوقة باستفهام بغير الهمزة نحو {هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور} ومعنى أم المنقطعة: الذي لا يفارقها الإضراب ثم تارة تكون له مجرداً وتارة تضمن مع ذلك استفهاماً إنكارياً.
فمن البنون تقديره: بل أله البنات إذ لوقدرت للإضراب المحض لزم المحال.
تنبيهان: الأول قد ترد أم محتملة للاتصال وللانقطاع كقوله تعالى {قل أتخذتم عند الله عهداً فلن يخلف الله عهده أم تقولون على الله ما لا تعلمون} قال الومخشري: يجوز في أم أن تكون معادلة بمعنى أي الأمرين كائن على سبيل التقرير لحصول العلم بكون أحدهما ويجوز أن تكون منقطعة.
الثاني ذكر أبوزيد أن أم تقع زائدة وخرج عليه قوله تعالى {أفلا تبصرون أم أنا خير} قال: التقدير أفلا تبصرون أنا خير.
أما بالفتح والتشديد حرف شرط وتفصيل وتوكيد.
أما كونها حرف شرط فبدليل لزوم الفاء بعدها نحو {فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون} وأما قوله تعالى {فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم} فعلى تقدير القول: أي فيقال لهم كفرتم فحذف القول استغناء عنه بالقول فتبعته الفاء في الحذف وكذا قوله {وأما الذين كفروا أفلم تكن آياتي} وأما التفصيل فهوغالب أحوالها كما تقدم وكقوله {أما السفينة فكانت} لمساكين وأما الغلام وأما الجدار وقد يترك تكرارها استغناء بأحد القسمين عن الآخر وسيأتي في أنواع الحذف.
وأما التوكيد فقال الزمخشري: فائدة أما في الكلام.
إما أن تعطيه فضل توكيد تقول زيد ذاهب فإذا قصدت توكيد ذلك وأنه لا محالة ذاهب وأنه بصدد الذهاب وأنه منه عزيمة قلت: أما زيد ذاهب ولذلك قال سيبويه في تفسيره: مهما يكن من شيء فزيد ذاهب.
ويفصل بين أما والفاء بمبتدإ كالآيات السابقة أوخبر نحو: أما في الدار فزيد.
أوجملة شرط نحو فأما إن كان من المقربين فروح الآيات.
أواسم منصوب بالجواب نحو {فأما اليتيم فلا تقهر} واسم معمول لمحذوف يفسر ما بعد الفاء نحو وأما ثمود فهديناهم في قراءة بعضهم بالنصب.
تنبيه ليس من أقسام أما التي في قوله تعالى {أماذا كنتم تعملون} بل هي كلمتان: أم المنقطعة وما الاستفهامية.
إما بالكسر والتشديد ترد لمعان الإبهام نحو وآخرون مرجون لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم والتخيير نحو إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسناً إما أن تلقى وإما أن تكون أول من ألقى فإما منا بعد وإما فداء والتفصيل نحو {إما شاكراً وإما كفوراً}.
تنبيهات.
الأول لا خلاف أن إما الأولى في هذه الأمثلة ونحوها غير عاطفة.
واختلف في الثانية فالأكثرون على أنها عاطفة وأنكره جماعة منهم ابن مالك لملازمتها غالباً الواوالعاطفة وادعى ابن عصفور الإجماع على ذلك قال: وإنما ذكروها في باب العطف لمصاحبتها لحروفه وذهب بعضهم إلى أنها عطفت الاسم على الاسم والواوعطفت إما على إما وهوغريب.
الثاني سيأتي أن هذه المعاني تكون أولاً أيضاً والفرق بينها وبين غما أن إما يبني الكلام معها من أول الأمر على ما جيء بها لأجله ولذلك وجب تكرارها وأويفتح الكلام معها على الجزم ثم يطرأ الإبهام أوغيره ولهذا لم يتكرر.
الثالث ليس من أقسام إما التي في قوله {فإما ترين من البشر أحداً} بل هي كلمتان: إن الشرطية وما الزائدة.
إن بالكسر والتخفيف على أوجه.
الأول: أن تكون شرطية نحو {إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وإن يعودوا فقد مضت} وإذا دخلت على لم فالجزم بلم لا بها نحو فإن لم تفعلوا أوعلى لا فالجزم بها لا نحو وإلا تغفر لي إلا تنصروه والفرق أن لم عامل يلزم معمولاً ولا يفصل بينهما بشيء.
وأن يجوز الفصل بينها وبين معمولها بمعموله ولا لا تعمل الجزم إذا كانت نافية فأضيف العمل إلى إن.
الثاني: أن تكون نافية وتدخل على الاسمية والفعلية نحو {إن الكافرون إلا في غرور}.
إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم إن أردنا غلا الحسنى إن يدعون من دونه إلا أناثاً قيل ولا تقع إلا وبعدها إلا كما تقدم أولما المشددة نحو {إن كل نفس لما عليها حافظ} في قراءة التشديد ورد بقوله {إن عندكم من سلطان بهذا}.
وإن أدرى لعله فتنة لكم ومما حمل على النافية قوله {إن كنا فاعلين}.
قل إن كان للرحمن ولد وعلى هذا فالوقف هنا {ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه} أي في الذي ما مكناكم فيه.
وقيل هي زائدة ويؤيد الأول قوله {مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم} وعدل عن ما لئلا يتكرر فيثقل اللفظ.
قلت: وكونها للنفي هو الوارد عن ابن عباس كما تقدم في نوع الغريب من طريق ابن أبي طلحة وقد اجتمعت الشرطية والنافية في قوله ولئن زالتا.
إن أمسكهما من أحد من بعده وإذا دخلت النافية على الاسمية لم تعمل عند الجمهور.
وأجاز الكسائي والمبرد إعمالها عمل ليس وخرج عليه قراءة سعيد بن جبير {إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم}.
فائدة أخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال: كل شيء في القرآن إن فهوإنكار.
الثالث أن تكون مخففة من الثقيلة فتدخل على الجملتين ثم الأكثر إذا دخلت على الاسمية إهمالها نحو وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا.
إن كل لما جميع لدينا محضرون.
إن هذان لساحران في قراءة حفص وابن كثير.
وقد تعمل نحو {وإن كلاً لما ليوفينهم} في قراءة الحرميين.
وإذا دخلت على الفعل فالأكثر كونه ماضياً ناسخاً نحو {وإن كانت لكبيرة} وإن كادوا ليفننونك عن الذي أوحينا إليك وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين ودونه أن يكون مضارعاً ناسخاً نحو وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك.
وإن نظنك لمن الكاذبين وحيث وجدت إن وبعدها اللام المفتوحة فهي المخففة من الثقيلة.
الرابع: أن تكون زائدة وخرج عليه في ما إن مكناكم فيه.
الخامس: أن تكون للتعليل كذا قاله الكوفيون وخرجوا عليه قوله تعالى {واتقوا الله إن كنتم مؤمنين} لتدخلن السجد الحرام إن شاء الله آمنين وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين ونحوذلك مما الفعل فيه محقق الوقوع.
وأجاب الجمهور عن آية المشيئة بأنه تعاليم للعباد كيف يتكلمون إذا أخبروا عن المستقبل وبأن اصل ذلك الشرك صار يذكر للتبرك وأن المعنى لتدخلن جميعاً إن شاء الله أن لا يموت منكم أحد قبل الدخول.
وعن سائر الآيات بأنه شرط جيء به للتهييج والإلهاب كما تقول لابنك: إن كنت ابني فاطعني.
السادس: أن تكون بمعنى قد ذكره قطرب وخرج عليه {فذكر إن نفعت الذكرى} أي قد نفعت ولا يصح معنى الشرط فيه لأنه مأمور بالتذكير على كل حال.
وقال غيره: هي للشرط ومعناه: ذمهم واستبعاد لنفع التذكير فيهم.
وقيل التقدير: وإن لم تنفع على حد قوله سرابيل فائدة قال بعضهم: وقع في القرآن إن بصيغة الشرط وهوغير مراد في ستة مواضع {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصناً} {واشكروا نعمت الله إن كنتم إياه تعبدون} {وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتباً فرهان} {إن ارتبتم فعدتهن} أن تقصروا من الصلاة إن خفتم وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحاً أن بالفتح والتخفيف على أوجه.
الأول: أن تكون حرفاً مصدرياً ناصباً لمضارع ويقع في موضعين في الابتداء فيكون في محل رفع نحو وأن تصوموا خير لكم وأن تعفوأقرب للتقوى وبعد لفظ دال على معنى غير اليقين في محل رفع نحو {ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع} {وعسى أن تكرهوا شيئاً} ونصب نحو نخشى أن تصيبنا دائرة وما كان هذا القرآن أن يفتري فأردت أن أعيبها وخفض نحو أوذينا من قبل أن تأتنينا من قبل أن يأتي أحدكم الموت وأن هذه موصول حرفي وتوصل بالفعل المتصرف مضارعاً كما مر.
وماضياً نحو لولا أن من الله علينا ولولا أن ثبتناك وقد يرفع المضارع بعدها إهمالاً لها حملاً على ما أختها كقراءة ابن محيصن لمن أراد أن يتم الرضاعة الثاني: أن تكون مخففة من الثقيلة فتقع بعد فعل اليقين أوما نزل منزلته نحو {أفلا يرون ألا يرجع إليهم قول}اً علم أن سيكون وحسبوا أن لا تكون في قراءة الرفع.
الثالث: أن تكون مفسرة بمنزلة أي نحو {فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا} ونودوا أن تلكم الجنة وشرطها أن تسبق بجملة فلذلك غلط من جعل منها وآخر دعواهن أن الحمد لله رب العالمين وأن يتأخر عنها جملة وأن يكون في الجملة السابقة معنى القول ومنه وانطلق الملأ منهم أن امشوا إذ ليس المراد بالانطلاق المشي بل انطلاق ألسنتهم بهذا الكلام كما أنه ليس المراد المشي المتعارف بال الاستمرار على المشي.
وزعم الزمخشري أن التي في قوله {اتخذي من الجبال بيوتاً} مفسرة بأن قبله {وأوحى ربك إلى النحل} والوحي هنا إلهام باتفاق وليس في الإلهام معنى القول وإنما هي مصدرية: أي باتخاذ الجبال ولا يكون في الجملة السابقة أحرف القول وذكر الزمخشري في قوله {ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله} أنه يجوز أن تكون مفسرة للقول على تأويله بالأمر: أي ما أمرتهم إلا بما أمرتني به أن اعبدوا الله.
قال ابن هشام: وهوحسن وعلى هذا فيقال في الضابط أن لا تكون فيه حروف القول إلا والقول مؤول بغيره.
قلت: وهذا من الغرائب كونهم يشرطون أن يكون فيها معنى القول فإذا جاء لفظه أولوه بما فيه معناه مع صريحه وهونظير ما تقدم من جعلهم أل في الآن زائدة مع قولهم بتضمنها وأن لا يدخل عليها حرف جر.
الرابع: أن تكون زائدة والأكثر أن يقع بعد التوقيتة نحو {ولما أن جاءت رسلنا لوطاً} وزعم الأخفش أنها تنصب المضارع وهي زائدة وخرج عليه ومالنا أن لا نقاتل في سبيل الله ومالنا أن لا نتوكل على الله قال: فهي زائدة بدليل ومالنا لا نؤمن بالله.
الخامس: أن تكون شرطية كالمكسورة قال الكوفيون وخرجوا عليه {أن تضل إحداهما} أن صدوركم عن المسجد الحرام صفحاً إن كنتم قوماً مسرفين قال ابن هشام: ويرجحه عندي تواردهما على محل واحد والأصل التوافق وقد قرئ بالوجهين في الآيات المذكورة ودخول الفاء بعدها في قوله فتذكر.
السادس: أن تكون نافية.
قال بعضهم في قوله {أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم} أي لا يؤتى والصحيح أنها مصدرية: أي ولا تؤمنوا أن يؤتى أي أحد.
السابع: أن تكون للتعليل كما قاله بعضهم في قوله تعالى بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا والصواب أنها مصدرية وقبلها لام العلة مقدرة.
الثامن: أن تكون بمعنى لئلا قاله بعضهم في قوله {يبين الله لكم أن تضلوا} والصواب أنها مصدرية والتقدير: كراهة أن تضلوا.
إن بالكسر والتشديد على أوجه.
أحدها: التأكيد والتحقيق وهوالغالب نحو {إن الله غفور رحيم} إنا عليكم لمرسلون قال عبد القاهر: والتأكيد بها أقوى من التأكيد باللام.
قال: وأكثر مواقعها بحسب الاستقراء الجواب لسؤال ظاهر أومقدر إذا كان للسائل فيه ظن.
الثاني: التعليل أثبته ابن جني وأهل البيان ومثلوه بنحو واستغفروا الله إن الله غفور رحيم وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم.
{وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء}وهونوع من التأكيد.
الثالث: معنى نعم أثبته الأكثرون وخرج عليه قوم منهم المبرد {إن هذان لساحران}.
أن بالفتح والتشديد على وجهين.
أحدهما: أن تكون حرف تأكيد والأصح أنها فرع المكسورة وأنها موصول حرفي فتؤول مع اسمها وخبرها بالمصدر فإن كان الخبر مشتقاً فالمصدر المؤول به من لفظه نحو لتعلموا أن الله على كل شيء قدير أي قدرته.
وإن كان جامداً قدر بالكون وقد استشكل كونها للتأكيد بأنك لوصرحت بالمصدر النسبك منها لم يفد تأكيداً.
وأجيب بأن التأكيد للمصدر المنحل وبهذا يفرق بينها وبين المكسورة لأن التأكيد في المكسورة للإسناد وهذه لأحد الطرفين.
الثاني: أن يكون لغة في لعل وخرج عليها {وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون} في قراءة الفتح: أي لعلها.
أني اسم مشترك بين الاستفهام والشرط فأما الاستفهام فترد فيه بمعنى كيف نحو أني يحيي هذه الله بعد موتها.
فأنى يؤفكون ومن أين نحو أنى لك هذا أي من أين قلتم أنى هذا أي من أين جاءنا.
قال في عروس الأفراح: والفرق بين أين ومن أين أن أين سؤال عن المكان الذي حل فيه الشيء ومن أين سؤال عن المكان الذي برز منه الشيء.
وجعل من هذا المعنى ما قرئ شاذاً في صببنا الماء صباً وبمعنى متى وقد ذكرت المعاني الثلاثة في قوله تعالى {فائتوا حرثكم أنى شئتم} وأخرج ابن جرير الأول من طرق عن ابن عباس وأخرج الثاني عن الربيع بن أنس واختاره وأخرج الثالث عن الضحاك وأخرج قولاً رابعاً عن ابن عمر وغيره أنها بمعنى حيث شئتم.
واختار أبوحيان وغيره أنها في الآية شرطية وحذف جوابها لدلالة ما قبلها عليه لأنها لوكانت استفهامية لاكتفت بما بعدها كما كان هوشأن الاستفهامية أن تكتفي بما بعدها: أي تكون كلاماً يحسن السكوت عليه إن كان اسماً أوفعلاً.
أوحرف عطف ترد لمعان الشك من المتكلم نحو قالوا لبثنا يوماً أوبعض يوم وعلى الإبهام على السامع نحو وإنا أوإياكم لعلى هدى أوفي ضلال مبين والتخيير بين المعطوفين بأن يمتنع الجمع بينهما والإباحة بأن لا يمتنع الجمع ومثل الثاني بقوله وعلى أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم الآية ومثل الأول بقوله تعالى ففدية من صيام أوصدقة أونسك وقوله فكفارته إطعام عشرة مساكين أوكسوتهم أوتحرير رقبة واستشكل بأن الجمع في الآيتين غير ممتنع.
وأجاب ابن هشام بأنه ممتنع بالنسبة إلى وقوع كل كفارة أوفدية بل يقع واحد منهن كفارة أوفدية والباقي قربة مستقلة خارجة عن ذلك.
قلت: وأوضح من هذا التمثيل قوله {أن يقتلوا أو يصلبوا} الآية على قول من جعل الخيرة في ذلك إلى الإمام فإنه يمتنع عليه الجمع بين هذه الأمور بل يفعل منها واحداً يؤدي اجتهاده إليه.
والتفصيل بعد الإجمال نحو وقالوا كونوا هوداً أونصارى تهتدوا قالوا ساحر أومجنون أي قال بعضهم كذا وبعضهم كذا والإضراب ببل وخرج عليه وأرسلناه إلى مائة ألف أويزيدون فكان قاب قوسين أوأدنى وقراءة بعضهم أوكلما عاهدوا عهداً بسكون الواو.
ومطلق الجمع كالواونحو لعله يتذكر أويخشى {لعلهم يتقون أو يحدث لهم ذكراً} والتقريب ذكره الحريري وأبوإبقاء وجعل منه {وما أمر الساعة إلا كلمح البصر} أون هوأقرب ورد بأن التقريب مستفاد من غيرها ومعنى إلا في الاستثناء ومعنى إلى وهاتان ينصب المضارع بعدهما بأن مضمرة وخرج عليها لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أوتفرضوا لهن فريضة فقيل إنه منصوب لا مجزوم بالعطف على تمسوهن لئلا يصير المعنى: لا جناح عليكم فيما يتعلق بمهور النساء إن طلقتموهن في مدة انتفاء أحد هذين الأمرين مع أنه إذا انتفى الفرض دون المس لزم مهر المثل وإذا انتفى المس دون الفرض لزم نصف المسمى فكيف يصح رفع الجناح عند انتقاء أحد الأمرين ولأن المطلقات المفروض لهن قد ذكرن ثانياً بقوله {وإن طلقتموهن} الآية وترك ذكر الممسوسات فكانت الممسوسات والمفروض لهن مستويين في الذكر وإذا قدرت أوبمعنى إلا خرجت المفروض لهن عن مشاركة الممسوسات في الذكر وكذا إذا قدرت بمعنى إلى ويكون غاية لنفي الجناح لا لنفي المس.
وأجاب ابن الحاجب عن الأول بمنع كون المعنى مدة انتفاء أحدهما بل مدة لم يكن واحد منهما وذلك ينفيهما جميعاً لأنه نكرة في سياق النفي الصريح.
وأجاب بعضهم عن الثاني بأن ذكر المفروض لهن إنما كان لتعيين النصف لهن لا لبيان أن لهن شيئاً في الجملة.
ومما خرج على هذا المعنى قراءة أبي تقاتلونهم أويسلمون تنبيهات: الأول لم يذكر المتقدمون لأن هذه المعاني بل قالوا: هي لأحد الشيئين أوالأشياء.
قال ابن هشام: وهوالتحقيق.
والمعاني المذكورة مستفادة من القرائن.
الثاني قال أبو البقاء: أوفي النهي نقيضه أوفي الإباحة فيجب اجتناب الأمرين كقوله {ولا تطع منهم آثماً أوكفوراً} فلا يجوز فعل أحدهما فلوجمع بينهما كان فعلاً لمنهي عنه مرتين لأن كل واحد منهما أحدهما.
وقا ل غيره: أوفي مثل هذا بمعنى الواوتفيد الجمع.
وقال الطيبي: الأولى أنها على بابها وإنما جاء التعميم فيها من النهي الذي فيه معنى النفي والنكرة في سياق النفي تعم لأن المعنى قبل النهي: تطيع آثماً أوكفوراً: أي واحد منهما فإذا جاء النهي ورد على ما كان ثابتاً فالمعنى: لا تطع واحداً منهما بالتعميم فيهما من جهة النهي وهي على بابها.
الثالث يكون مبناها على عدم التشريك عاد الضمير إلى مفردها بالإفراد وبخلاف الواو.
وأما قوله تعالى {إن يكن غنياً أو فقيراً فالله أولى بهما} فقيل إنها بمعنى الواو.
وقيل المعنى: إن يكن الخصمان غنيين أوفقيرين.
فائدة أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: كل شيء في القرآن أوفهومخير فإذا كان فمن لم يجد فهوالأول فالأول.
وأخرج البيهقي في سننه عن ابن جريج: قال كل شيء في القرآن فيه أوللتخيير إلا قوله يقتلوا أويصلبوا ليس بمخير فيها.
قال الشافعي: وبهذا أقول.
أولى في قوله تعالى {أولى لك فأولى} وفي قوله {فأولى لهم}.
قال في الصحاح: قولهم أولى لك كلمة تهديد ووعيد.
قال الشاعر فأولى له ثم أولى له قال الأصمعي: معناه قاربه ما يهلكه: أي نزل به.
قال الجوهري: ولم يقل أحد فيها أحسن مما قال الأصمعي.
وقال قوم: هواسم فعل مبني ومعناه: وليك شر بعد شر ولك تبيين.
وقيل هوعلم للوعيد غير مصروف ولذا لم ينون وأن محله رفع على الابتداء ولك الخبر ووزنه على هذا فعلي والألف للإلحاق وقيل افعل وقيل معناه الويل لك وأنه مقلوب منه والأصل أويل فأخر حرف العلة ومنه قول الخنساء: هممت بنفسي بعض الهموم فاولى لنفسي أولى لها وقيل معناه الذم لك أولى من تركه فحذف المبتدأ لكثرة دورانه في الكلام.
وقيل المعنى: أنت أولى وأجدر لهذا العذاب.
وقال ثعلب: أولى في كلام العرب معناه: مقارنة الهلاك كأنه يقول: قد وليت الهلاك أوقد دانيت الهالك وأصله من الولي وهوالقرب ومنه قاتلوا الذين يلونكم أي يقربون منكم.
وقال النحاس: العرب تقول: أولى لك: أي كدت تهلك وكان تقديره: أولى لك الهلكة.
إي بالكسر والسكون حرف جواب بمعنى نعم فتكون لتصديق الخبر ولإعلام المستخبر ولوعد الطالب.
قال النحاة: ولا تقع إلا قبل القسم.
قال ابن الحاجب: وإلا بعد الاستفهام نحو ويستنبؤنك أحق هوقل إي وربي.
أي بالفتح والتشديد على أوجه.
الأول: أن تكون شرطية نحو {أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي} {أياما تدعوا فله الأسماء الحسنى} الثاني: استفهامية نحو {أيكم زادته هذه إيماناً} وإنما يسأل بها عما يميز أحد المتشاركين في أمر يعمهما نحو {أي الفريقين خير مقاماً}: أي أنحن أم أصحاب محمد.
الثالث: موصولة نحو {لننزعن من كل شيعة أيهم أشد} وهي في الأوجه الثلاثة معربة وتبنى في الوجه الثالث على الضم إذا حذف عائدها وأضيف كالآية المذكورة وأعربها الأخفش وهذه الحالة أيضاً وخرج عليه قراءة بعضهم بالنصب وأول قراءة الضم على الحكاية وأولها غيره على التعليق للفعل وأولها الزمخشري على أنها خبر مبتدأ محذوف وتقدير الكلام: لننزعن بعض كل شيعة فكأنه قيل من هذا البعض فقيل هو الذي أشد ثم حذف المبتدآن المكتنفان لأي.
وزعم ابن الطراوة أنها في الآية مقطوعة عن الإضافة مبنية وإن هم أشذ مبتدأ وخبر ورد برسم الضمير متصلاً بأي وبالإجماع على إعرابها إذا لم تضف.
الرابع: أن يكون وصلة إلى نداء ما فيه أل نحو يا أيها الناس يا أيها النبي.
إيا زعم الزجاج أنه اسم ظاهر والجمهور ضمير ثم اختلفوا فيه على أقوال.
أحدها: أنه كله ضمير هووما اتصل به.
والثاني: أنه وحده ضمير وما بعده اسم مضاف له يفسر ما يراد به من تكلم وغيباً وخطاب نحو {فإياي فارهبون} {بل إياه تدعون} {إياك نعبد} والثالث: أنه وحده ضمير وما بعده حروف تفسر المراد.
والرابع: أنه عماد وما بعده هو الضمير وقد غلط من زعم أنه مشتق وفيه سبع لغات قرئ بها بتشديد الياء وتخفيفها مع الهمزة وإبدالها هاء مكسورة ومفتوحة هذه ثمانية يسقط منها بفتح الهاء مع التشديد.
أيان اسم استفهام وإنما يستفهم به عن الزمان المستقبل كما جزم به ابن مالك وأبوحيان ولم يذكر فيه خلافاً.
وذكر صاحب إيضاح المعاني مجيئها للماضي.
وقال السكاكي: لا تستعمل إلا في مواضع التفخيم نحو {أيان مرساها}.
أيان يوم الدين والمشهور عند النحاة أنها كمتى تستعمل في التفخيم وغيره.
وقال بالأول من النحاة علي بن عيسى الربعي وتبعه صاحب البسيط فقال: إنما تستعمل في الاستفهام عن الشيء المعظم أمره.
وفي الكشاف: قيل إنها مشتقة من أيان فعلان منه لأن معناه: أي وقت وأي فعل من أويت إليه لأن البض أوى إلى الكل ومتساند بدله وهوبعيد.
وقيل أي أوإن حذفت الهمزة من أوان والياء الثانية من أي وقلبت الواوياء وأدغمت الساكنة فيها وقرئ بكسر همزتها.
أين اسم استفهام عن المكان نحو {فأين تذهبون} ويرد شرطاً عاماً في الأمكنة وأينما أعم منها الباء المفردة حرف جر له معان أشهرها الإلصاق ولم يذكر لها سيبويه غيره.
وقيل إنه لا يفارقها.
قال في شرح اللب: وهوتعلق أحد المعنيين بالآخر ثم قد يكون حقيقة نحو {وامسحوا برؤوسكم} أي ألصقوا المسح برؤوسكم فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه وقد يكون مجازاً نحو وإذا مروا بهم أي المكان يقربون منه.
الثاني: التعدية كالهمزة نحو ذهب الله بنوركم ولوشاء الله لذهب بسمعهم أي أذهبه كما قال ليذهب عنكم الرجس وزعم المبرد والسهيلي أن بين تعدية الباء والهمزة فرقاً وأنك إذا قلت ذهبت بزيد كنت مصاحباً له في الذهاب ورد بالآية.
الثالث: الاستعانة وهي الداخلة على آلة الفعل كباء البسملة.
الرابع: السببية وهي التي تدخل على سبب الفعل نحو {فكلا أخذنا بذنبه} {ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل} ويعبر عنها أيضاً بالتعليل.
الخامس: المصاحبة كمع نحو {اهبط بسلام}{جاءكم الرسول بالحق}{فسبح بحمد ربك} السادس: الظرفية كفى زماناً ومكاناً نحو نجيناهم بسحر نصركم الله ببدر.
السابع: الاستعلاء كعلى نحو من أن تأمنه بقنطار أي عليه بدليل إلا كما أمنتكم على أخيه.
الثامن: المجاوزة كعن نحو فاسئل به خبيراً أي عنه بدليل يسئلون عن أنبائكم ثم قيل يختص بالسؤال وقيل لا نحو يسعى نورهم بين بأيديهم وبأيمانهم أي وعن أيمانهم ويوم تشقق السماء بالغمام أي عنه.
التاسع: التبعيض كمن نحو {عينا يشرب بها عباد الله} أي منها.
العاشر: الغاية كإلى نحو وقد أحسن بي إي إلي.
الحادي عشر: المقابلة وهي الداخلة على الإعواض نحو {ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون} وإنما لم تقدرها بالسببية كما قال المعتزلة لأن المعطي بعوض قد يعطي مجاناً وأما المسبب فلا يوجد بدون السبب.
الثاني عشر: التوكيد وهي الزائدة فتزاد في الفاعل وجوباً في نحو اسمع بهم وأبصر وجوازاً غالباً في نحو كفى بالله شهيداً فإن الاسم الكريم فاعل وشهيداً نصب على الحال أوالتمييز والباء زائدة ودخلت لتأكيد الاتصال لأن الاسم في قوله كفى بالله متصل بالفعل اتصال الفاعل.
قال ابن الشجري: وفعل ذلك إيذاناً بأن الكفاية من الله ليس كالكفاية من غيره في معظم المنزلة فضوعف لفظها لتضاعف معناها.
وقال الزجاج: دخلت لتضمن كفى معنى اكتفى.
قال ابن هشام: وهومن الحسن بمكان.
وقيل الفاعل مقدر والتقدير: كفى الاكتفاء بالله فحذف المصدر وبقي معموله دالاً عليه ولا تزاد في فاعل كفى بمعنى وفي نحو فسيكفيكم الله {وكفى الله المؤمنين القتال} وفي المفعول نحو ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة {وهزي إليك بجذع النخلة} {فليمدد بسبب إلى السماء} {ومن يرد فيه بإلحاد} وفي المبتدأ نحو {أيكم المفتون} أي أيكم.
وقيل هي ظرفية: أي في أي طائفة منكم وفي اسم ليس في قراءة بعضهم {ليس البر أن تولوا} بنصب البر وفي الخبر المنفي نحو وما الله بغافل قيل: والموجب وخرج عليه وجزاء سيئة بمثلها وفي التوكيد: وجعل منه يتربصن بأنفسهن.
فائدة اختلف في الباء من قوله {وامسحوا برؤوسكم} فقيل للإلصاق.
وقيل للتبعيض وقيل زائدة وقيل للاستعانة وإن في الكلام حذفاً وقلباً فإن مسح يتعدى إلى المزال عنه بنفسه وإلى المزيل بالباء فالأصل: امسحوا رؤوسكم بالماء.
بل حرف إضراب إذا تلاها جملة ثم تارة يكون معنى الإضراب الإبطال لما قبلها نحو وقالوا اتخذ الرحمن ولداً سبحانه بل عباد مكرمون أي بل هم عباد أم يقولون به جنة بل جاءهم الحق وتارة يكون معناه الانتقال من غرض إلى آخر نحو {ولدينا كتاب ينطق بالحق وهم لا يظلمون بل قلوبهم في غمرة من هذا} فما قبل بل فيه على حاله وكذا قد أفلح من تزكى.
وذكر اسم ربه فصلى.
بل تؤثرون الحياة الدنيا وذكر ابن مالك في شرح كافيته أنها لا تقع في القرآن إلا على هذا الوجه ووهمه ابن هشام.
وسبق ابن مالك إلى ذلك صاحب البسيط ووافقه ابن الحاجب فقال في شرح المفصل: إبطال الأول وإثباته للثاني إن كان في الإثبات من باب الغلط فلا يقع مثله في القرآن انتهى.
أما إذا تلاها مفرد فهي حرف عطف ولم يقع في القرآن كذلك.
بلى حرف أصلي الألف وقيل الأصل بل والألف زائدة وقيل هي للتأنيث بدليل إمالتها ولها موضعان: أحدهما: أن تكون رداً لنفي يقع قبلها نحو: ما كنا نعمل من سوء بلى أي عملتم بالسوء لا يبعث الله من يموت بلى: أي يبعثهم {زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن} وقالوا: ليس علينا في الأميين سبيل.
ثم قال: بلى عليهم سبيل.
وقالوا: {لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أونصارى}.
ثم قال: بلى يدخلها غيرهم.
وقالوا: {لن تمسنا النار إلا أياماً معدودة}.
ثم قال: بلى تمسهم ويخلدون فيها.
الثاني: أن تقع جواباً لاستفهام دخل على نفي فتفيد إبطاله سواء كان الاستفهام حقيقياً نحو أليس زيد بقائم فيقول بلى.
أوتوبيخاً نحو ألست بربكم قالوا لست ربنا بخلاف بلى فإنها لإبطال النفي فالتقدير: أنت ربنا.
ونازع في ذلك السهيلي وغيره بأن الاستفهام التقريري خبر موجب ولذلك منع سيبويه من جعل أم متصلة من قوله {أفلا تبصرون أم أنا خير} لأنها لا تقع بعد الإيجاب وإذا ثبت أنه إيجاب فنعم بعد الإيجاب تصديق له.
انتهى قال ابن هشام: ويشكل عليهم أن بلى الإيجا اتفاقاً.
بئس فعل لإنشاء الذم لا يتصرف.
بين قال الراغب: هي موضوعة للخلل بين الشيئين ووسطهما.
قال تعالى وجعلنا بينهما رزعاً وتارة تستعمل ظرفاً وتارة اسماً فمن الظرف لا تقدموا بين يدي الله ورسوله فقدموا بين يدي نجواكم صدقة فاحكم بيننا بالحق ولا تستعمل إلا فيما له مسافة نحوالبلدين أوله عدد ما اثنان فصاعداً نحو بين الرجلين وبين القوم ولا يضاف إلى ما يقتضي معنى الوحدة إلا إذا كرر نحو ومن بيننا وبينك حجاب فاجعل بيننا وبينك موعداً وقرئ قوله تعالى لقد تقطع بينكم بالنصب على أنه ظرف وبالرفع على أنه اسم مصدر بمعنى الوصل ويحتمل الأمرين قوله تعالى ذات بينكم وقوله {فلما بلغا مجمع بينهما} أي فراقهما.
التاء حرف جر معناه القسم يختص بالتعجب وباسم الله تعالى.
قال في الكشاف في قوله {وتالله لأكيدن أصنامكم} الباء أصل أحرف القسم والواوبدل منها والتاء بدل من الواو وفيها زيادة معنى التعجب كأنه تعجب من تسهل الكيد على يديه وتأتيه مع عتونمروذ وقهره انتهى.
تبارك فعل لا يستعمل إلا بلفظ الماضي ولا يستعمل إلا الله تعالى فعل لا يتصرف ومن ثم قيل إنه اسم فعل.
ثم حرف يقتضي ثلاثة أمور: التشريك في الحكم والترتيب والمهلة.
وفي كل خلاف.
أما التشريك فزعم الكوفيون والأخفش أنه قد يتخلف بأن تقع زائدة فلا تكون عاطفة ألبتة وخرجوا على ذلك حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم وأجيب بأن الجواب فيها مقدر.
وأما الترتيب والمهلة فخالف قوم في اقتضائها إياه وربما تمسك بقوله {خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها} زوجاً {بدأ خلق الإنسان من طين ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين ثم سواه} {وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى} والاهتداء سابق على ذلك ذلكم وصاكم به لعلكم تهتدون ثم آتينا موسى الكتاب وأجيب عن الكل بأن ثم فيها للترتيب الإخباري لا لترتيب الحكم.
قال ابن هشام: وغير هذا الجواب أنفع منه لأنه يصح الترتيب فقط لا المهلة إذ لا تراخي بين الإخبارين.
والجواب المصحح لهما ما قيل في الأولى: إن العطف على مقدر: أي من نفس واحدة أنشأها ثم جعل منها زوجها.
وفي الثانية أن سواه عطف على الجملة الأولى لا الثانية.
وفي الثالثة أن المراد ثم دام على الهداية.
وفي الرابعة فائدة: أجرى الكوفيون ثم مجرى الفاء والواوفي جواز نصب المضارع المقرون بها بعد فعل الشرط وخرج عليه قراءة الحسن ومن يخرج من بيته مهاجراً إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت بنصب يدركه.
ثم بالفتح تسم يشار به إلى المكان البعيد نحو وأزلفنا ثم الآخرين وهوظرف لا يتصرف فلذلك غلظ من أعربه مفعولاً لرأيت في قوله وإذا رأيت ثم وقرئ فإلينا مرجعهم ثم الله أي هنالك الله شهيد بدليل هنالك الولاية لله الحق وقال الطبراني في قوله {أثم إذا ما وقع آمنتم به} معناه هنالك وليست ثم العاطفة وهذا وهم اشتبه عليه المضمومة بالمفتوحة.
وفي التوشيح لخطاب: ثم ظرف فيه معنى الإشارة إلى حيث لأنه هوفي المعنى.
جعل قال الراغب: لفظ عام في الأفعال كلها وهوأعم من فعل وصنع سائر وأخواتها ويتصرف على خمسة أوجه.
أحدها: يجري مجرى صار وطفق ولا يتعدى نحو: جعل زيد يقول كذا.
والثاني: مجرى أوجد فتتعدى لمعمول واحد نحو {وجعل الظلمات والنور}.
والثالث: في إيجاد شيء من شيء وتكوينه منه نحو {جعل لكم من أنفسكم أزواجاً}.
وجعل لكم من الجبال أكناناً .
والرابع في تصيير الشيء على حالة دون حالة نحو {الذي جعل لكم الأرض فراشاً}.
وجعل القمر فيهن نوراً والخامس: الحكم بالشيء على الشيء حقاً كان نحو وجاعلوه من المرسلين أوباطلاً نحو ويجعلون الله البنات الذين جعلوا القرآن عضين.
حاشى اسم بمعنى التنزيه في قوله تعالى {حاشى لله ما علمنا عليه من سوء} {حاشى لله ما هذا بشر} إلا فعل ولا حرف بدليل قراءة بعضهم حاشى الله بالتنوين كما يقال براءة الله.
وقراءة ابن مسعود: حاشى الله بالإضافة كمعاذ الله وسبحان الله ودخولها على اللام في قراءة السبعة والجار لا يدخل على الجار إنما ترك التنوين في قراءتهم لبنائها لشبهها بحاشى الحرفية لفظاً.
وزعم قوم أنها اسم فعل معناها أتبر وتبرأت لبنائها.
ورد بإعرابها في بعض اللغات.
وزعم المبرد وبن جني أنها فعل وأن المعنى في الآية جانب يوسف المعصية لأجل الله وهذا التأويل لا يتأتى في الآية الأخرى.
وقال الفارسي: حاشى: فعل من الحشاء وهوالناحية: أي صار في ناحية: أي بعد مما رمى به وتنحى عنه فلم يغشه ولم يلابسه ولم يقع في القرآن حاشى إلا استثنائية.
حتى حرف لانتهاء الغاية كإلى لكن يفترقان في أمور: فتنفرد حتى بأنها لا تجر إلا الظاهر وإلا الآخر المسبوق بذي أجزاء والملاقي له نحو {سلام هي حتى مطلع الفجر} وإنها لإفادة تقتضي الفعل قبلها شيئاً فشيئاً وإنها لا يقابل بها ابتداء الغاية وإنها يقع بعدها المضارع المنصوب بأن المقدرة ويكونان في تأويل مصدر مخفوض.
ثم لها حينئذ ثلاثة معان: مرادفة إلى نحو {لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى} أي إلى رجوعه.
ومرادفة كي التعليلية نحو {ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم} {لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا} وتحتملهما فقاتلوا التي تبغي حتى تفي إلى أمر الله.
ومرادفة إلا في الاستثناء وجعل منه ابن مالك وغيره وما يعلمان من أحد حتى يقولا.
مسئلة متى دل دليل على دخول الغاية التي بعد إلى وحتى في حكم ما قبلها أوعدم دخولها فواضح أن يعمل به.
فالأول نحو {وأيديكم إلى المرافق} {وأرجلكم إلى الكعبين} دلت السنة على دخول المرافق والكعبين في الغسل.
والثاني نحو {ثم أتموا الصيام إلى الليل} دل النهي عن الوصال على عدم دخول الليل في الصيام فنظر إلى ميسرة فإن الغاية لودخلت هنا ولوجب الإنظار حال اليسار أيضاً وذلك يؤدي إلى عدم المطالبة وتفويت حق الدائم.
وإن لم يدل دليل على واحد منهما ففيها أربعة أقوال.
أحدها وهوالأصح: تدخل مع حتى دون إلى حملا على الغالب في البابين لأن الأكثر مع القرينة عدم الدخول مع إلى والدخول مع حتى فوجب الحمل عليه عند التردد.
والثاني: يدخل فيهما عليه.
والثالث: لا فيهما.
واستدل للقولين في استواءهما بقوله فمتعناهم إلى حين وقرأ ابن مسعود حتى حين.
تنبيه ترد حتى ابتدائية: أي حرفاً يبتدأ بعده الجمل فيدخل على الاسمية والفعلية المضارعية والماضوية نحو حتى يقول الرسول بالرفع حتى عفوا وقالوا {حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر} وادعى ابن مالك أنها في الآيات جارة لإذا ولأن مضمرة في الآيتين والأكثرون على خلافه وترد عاطفة ولا أعلمه في القرآن لأن العطف بها قليل جداً ومن ثم أنكره الكوفيين البتة.
فائدة إبدال حاثها عينا لغة هذيل وبها قرأ ابن مسعود.
حيث ظرف مكان.
قال الأخفش: وترد للزمان مبنية على الضم تشبيها بالغايات فإن الإضافة إلى الجمل كلا إضافة ولهذا قال الزجاج في قوله {من حيث لا ترونهم} ما بعد حيث صلة وليست بمضافة إليه: يعني أنها غير مضافة للجملة بعدها فصارت كالصلة لها: أي كالزيادة وليست جزءاً منها.
وفهم الفارسي أنه أراد أنها موصولة فرد عليه.
ومن العرب من يعربها ومنهم من يبنيها على الكسر بالتقاء الساكنين وعلى الفتح للتخفيف ويحتملهما قراءة من قرأ {من حيث لا يعلمون} بالكسر والله أعلم حيث يجعل رسالاته بالفتح والمشهور أنها لا تتصرف وجوز قوم في الآية الأخيرة كونها مفعولاً به على السعة.
قال: ولا يكون ظرفاً لأنه تعالى لا يكون في مكان أعلم منه في مكان ولأن المعنى: الله يعلم نفس المكان المستحق لوضع الرسالة لا شيئاً في المكان وعلى هذا فالناصب لها يعلم محذوفاً مدلولاً عليه بأعلم لا به لأن أفعل التفضيل لا ينصب المفعول به إلا أولته بعالم.
وقال أبوحيان: الظاهر إقرارها على الظرفية المجازية وتضمين أعلم معنى ما يتعدى إلى الظرف فالتقدير: الله أنفذ علماً حيث يجعل: أي هونافذ العلم في هذا الموضع.
دون ترد ظرفاً نقيض فوق فلا تتصرف على المشهور وقيل تتصرف.
وبالوجهين قرئ ومنادون ذلك بالرفع والنصب.
وترد اسماً بمعنى غير نحو {اتخذوا من دونه آلهة} أي غيره.
وقال الزمخشري: معناه أدنى مكان من الشيء.
وتستعمل للتفاوت في الحال نحو: زيد دون عمر.
أي في الشرف والعلم واتسع فيه فاستعمل في تجاوز حد نحو {أولياء من دون المؤمنين} أي لا تجاوزوا ولاية المؤمنين إلى ولاية الكافرين.
ذواسم بمعنى صاحب وضع للتوصل إلى وصف الذوات بأسماء الأجناس كما أن الذي وضع صلة إلى وصف المعارف بالجمل ولا يستعمل إلا مضافاً ولا يضاف إلى ضمير ولا مشتق.
وجوزه بعضهم وخرج عليه قراءة ابن مسعود وفوق كل ذي عالم عليم وأجاب الأكثرون عنها بأن العالم هنا مصدر كالباطن أوبأن ذي زائدة.
قال السهيلي: والوصف بذوأبلغ من الوصف بصاحب والإضافة بها أشرف فإن ذومضاف للتابع وصاحب مضاف إلى المتبوع تقول: أبوهريرة صاحب النبي ولا تقول: النبي صاحب أبي هريرة.
وأما ذوفإنك تقول: ذوالمال وذوالعرش فتجد الاسم الأول متبوعاً غير تابع وبنى على هذا الفرق أنه تعالى قال في سورة الأنبياء وذا النون فأضافه إلى النون وهوالحوت.
وقال في سورة ن ولا تكن كصاحب الحوت قال: والمعنى واحد لكن بين اللفظين تفاوت كثير في حسن الإشارة إلى الحالتين فإنه حين ذكره في معرض الثناء عليه أتى بذا لأن الإضافة بها شرف وبالنون لأن لفظه أشرف من لفظ الحوت لوجوده في أوائل السور وليس في لفظ الحوت ما يشرفه بذلك فأتى به وصاحب حين ذكره في معرض النهي عن أتباعه.
رويد اسم لا يتكلم به إلا مصغراً مأموراً به وهوتصغير رود وهوالمهل.
رب حرف في معناه ثمانية أقوال: أحدها: إنها للتقليل دائماً وعليه الأكثرون.
الثاني: للتكثير دائماً كقوله تعالى ربما يود اللذين كفروا لوكانوا مسلمين فإنه يكثر منهم تمني ذلك.
وقال الأولون: هم مشغولون بغمرات الأهوال فلا يفيقون بحيث يتمنون ذلك إلا قليلاً.
الثالث: أنها لهما على السواء.
الرابع: التقليل غالباً والتكثير نادراً وهواختياري.
الخامس عكسه.
السادس: لم توضع لواحد منهما بل هي حرف إثبات لا يدل على تكثير ولا تقليل وإنما يفهم ذلك من خارج.
السابع: للتكثير في موضع المباهاة والافتخار وللتقليل فيما عداه.
الثامن: لمبهم العدد تكون تقليلاً وتكثيراً وتدخل عليها ما فتكفها عن عمل الجر وتدخلها على الجمل والغالب حينئذ دخولها على الفعلية الماضي فعلها لفظاً ومعنى ومن دخولها على المستقبل الآية السابقة.
وقيل إنه حد ونفخ في الصور.
السين حرف يختص بالمضارع ويخلصه للاستقبال ويتنزل منه منزلة الجزء فلذا لم تعمل فيه.
وذهب البصريون إلى أن مدة الاستقبال معه أضيق منها مع سوف.
وعبارة المعربين حرف تنفيس ومعناها حرف توسع لأنها نقلت المضارع من الزمن الضيق وهوالحال إلى الزمن الواسع وهوالاستقبال.
وذكر بعضهم أنها قد تأتى للاستمرار للاستقبال كقوله تعالى {ستجدون آخرين} الآية {سيقول السفهاء} الآية لأن ذلك إنما نزل بعد قولهم ما ولاهم فجاءت السين إعلاماً بالاستمرار لا بالاستقبال.
قال ابن هشام: وهذا لا يعرفه النحويون بل الاستمرار مستفاد من المضارع والسين باقية على الاستقبال إذ الاستمرار إنما يكون في المستقبل.
قال: وزعم الزمخشري أنها إذا دخلت على فعل محبوب أومكروه أفادت أنه واقع لا محالة ولم أر من فهم وجه ذلك.
ووجه أنها تفيد الوعد بحصول الفعل فدخولها على ما يفيد الوعد أوالوعيد مقتض لتوكيده وتثبيت معناه وقد أومأ إلى ذلك في سورة البقرة فقال فسيكفيكم الله معنى السين أن ذلك كائن لا محالة وإن تأخر إلى حين وصرح به في سورة براءة فقال في قوله {أولئك سيرحمهم الله} السين مفيدة وجود الرحمة لا محالة فهي تؤكد الوعد كما تؤكد الوعيد في قوله: سأنتقم منك.
سف كالسين وأوسع زماناً منها عند البصريين لأن كثرة الحروف تدل على كثرة المعنى ومرادفة لها عند غيرهم.
وتنفرد عن السين بدخول اللام عليها نحو ولسوف يعطيك قال أبوحيان: وإنما امتنع إدخال اللام على السين كراهة توالي الحركات كسيتدحرج ثم طرد الباقي.
قال ابن بابشاذ: والغالب على سوف استعمالها في الوعيد والتهديد وعلى السين استعمالها في الوعد وقد تستعمل في الوعد والسين في الوعيد.
سواء تكون بمعنى مستوي فتقصر مع الكسر نحو {مكاناً سوى} وتمد مع الفتح نحو سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم وبمعنى الوصل فيمد مع الفتح في نحو في سواء الجحيم وبمعنى التمام فكذلك نحو {في أربعة أيام سواء} أي تماماً ويجوز أن يكون منه واهدنا إلى سواء الصراط ولم ترد في القرآن بمعنى غير وقيل ورداً وجعل منه في البرهان فقد ضل سواء السبيل وهووهم وأحسن منه قول الكلبي في قوله تعالى {ولا أنت مكاناً سوى} أنها استثنائية والمستثنى محذوف: أي مكاناً سوى هذا المكان حكاه الكرماني في عجائبه وقال: فيه بعد لأنها لا تستعمل غير مضافة.
ساء فعل للذم لا تتصرف.
سبحان: مصدر بمعنى التسبيح لازم النصب والإضافة إلى مفرد ظاهر نحو: سبحان الله سبحان الذي أسرى أومضمر نحو سبحانه أن يكون له ولد {سبحانك لا علم لنا} وهومما أميت فعله.
وفي العجائب للكرماني: من الغريب ما ذكره المفصل أنه مصدر سبح إذا رفع صوته بالدعاء والذكر وأنشد: قبح الإله وجوه تغلب كلما سبح الحجيج وكبروا إهلالاً أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله سبحان الله قال: تنزيه الله نفسه عن السوء.
ظن أصله للاعتقاد الراجح كقوله تعالى إن ظنا أن يقيما حدود الله وقد تستعمل بمعنى اليقين كقوله تعالى الذين يظنون انهم ملاقوا ربهم.
أخرج ابن أبي حاتم وغيره عن مجاهد قال: كل ظن في القرآن يقين وهذا مشكل بكثير من الآيات لم تستعمل فيها بمعنى اليقين كالآية الأولى.
وقال الزركشي في البرهان: للفرق بينهما في القرآن ضابطان.
أحدهما: أنه حيث وجد الظن محموداً مثاباً عليه فهواليقين وحيث وجد مذموماً متوعداً عليه بالعقاب فهوالشك.
والثاني: أن كل ظن يتصل بعده أن الخفيفة فهوشك نحو بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول وكل ظن يتصل به أن المشددة فهو يقين كقوله {إني ظننت أني ملاق حسابيه} وظن أنه الفراق وقرئ: وأيقن أنه الفراق.
والمعنى من ذلك أن المشددة للتأكيد فدخلت على اليقين والخفيفة بخلافها فدخلت في الشك ولهذا دخلت الأولى في العلم نحو فاعلم أنه لا إله إلا الله وعلم أن فيكم ضعفاً والثانية في الحسبان نحو وحسبوا أن لا تكون فتنة ذكر ذلك الراغب في تفسيره وأورد على هذا الضابط وظنوا أن لا ملجأ من الله.
وأجيب بأنها هنا اتصلت بالاسم وهوملجأ وفي الأمثلة السابقة اتصلت بالفعل ذكره في البرهان.
قال: فتمسك بهذا الضابط فهومن أسرار القرآن.
وقال ابن الأنباري: قال ثعلب: العرب تجعل الظن علماً وشكا وكذباً فإن قامت براهين العلم فكانت اكبر من براهين الشك فالظن يقين وإن اعتدلت براهين اليقين وبراهين الشك فالظن شك وإن زادت براهين الشك على براهين اليقين فالظن كذب قال الله تعالى إن هم إلا يظنون أراد: يكذبون انتهى.
على حرف جر له معان: أشهرها الاستعلاء حساً ومعنى نحو وعليها وعلى الفلك تحملون كل من عليها فإن فضلنا بعضهم على بعض ولهم على ذنب ثانيهم: للمصاحبة كمع نحو وآتي المال على حبه أي مع حبه وإن ربك لذومغفرة للناس على ظلمهم ثالثها: الابتداء كمن نحو إذا اكتالوا على الناس أي من الناس لفروجهم حافظون إلا عند أزواجهم أي منهم بدليل احفظ عورتك إلا من زوجتك.
رابعها: التعليل كاللام نحو {ولتكبروا الله على ما هداكم} أي لهدايته إياكم.
خامسها: الظرفية كفى نحو {دخل المدينة على حين غفلة من أهلها} أي في حين واتبعوا ما تتلوالشياطين على ملك سليمان أي في زمن ملكه.
سادسها: معنى الباء نحو: حقيق على أن لا أقول: أي بأن كما قرأ أبيّ.
فائدة هي في نحو وتوكل على الحي الذي لا يموت بمعنى الإضافة والإسناد: أي أضف توكلك وأسنده إليه كذا قيل.
وعندي أنها فيه بمعنى باء الاستعانة وفي نحو {كتب على نفسه الرحمة} لتأكيد التفضل لا الإيجاب والاستحقاق وكذا في نحو ثم إن علينا حسابهم لتأكيد المجازاة.
قال بعضهم: وإذا ذكرت النعمة في الغالب مع الحمد لم تقترن بعلى وإذا أريدت النعمة أتى بها ولهذا كان صلى الله عليه وسلم إذا رأى ما يعجبه قال الحمد لله بنعمته تتم الصالحات وإذا رأى ما يكره قال: الحمد لله على كل حال.
تنبيه ترد على اسماً فيما ذكره الأخفش إذا كان مجرورها وفاعل متعلقها ضميرين لمسمى واحد نحو {أمسك عليك زوجك} لما تقدمت الإشارة إليه في إلى وترد فعلاً من العلوومنه إن فرعون عن حرف جر له معان.
أشهرها المجاوزة نحو فليحذر الذين يخالفون أمره عن أمره أي يجاوزونه ويبعدون عنه.
ثانيها: البدل نحو لا تجزي نفس عن نفس شيئاً.
ثالثها: التعليل نحو {وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة} ما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك أي لقولك.
رابعها: بمعنى على نحو فإنما يبخل عن نفسه أي عليها.
خامسها: بمعنى من نحو {يقبل التوبة عن عباده} أي منهم بدليل فتقبل من أحدهما سادسها: بمعنى بعد نحو {يحرفون الكلم عن مواضعه} بدليل أن في آية أخرى من بعد مواضعه لتركبن طبقاً عن طبق أي حالة بعد حالة.
تنبيه ترد اسماً إذا دخل عليها من وجعل منه ابن هشام ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم قال: فتقدر معطوفة على مجرور من لا على من ومجرورها.
عسى فعل جامد لا يتصرف ومن ثم ادعى قوم أنه حرف ومعناه الترجي في المحبوب والإشفاق في المكروه وقد اجتمعا في قوله تعالى {وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم} قال ابن فارس: وتأتي للقرب والدنونحو قل عسى أن يكون ردف لكم وقال الكسائي: كل ما في القرآن من عسى على وجه الخبر فهوموحد كالآية السابقة ووجه على معنى عسى الأمر أن يكون كذا وما كان على الاستفهام فإنه يجمع نحو فهل عسيتم إن توليتم قال أبو عبيدة: معناه هل عرفتم ذلك وهل أخبرتموه.
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي وغيرهما عن ابن عباس قال: كل عسى في القرآن فهي واجبة.
وقال الشافعي: يقال عسى من الله واجبة.
وقال ابن الأنباري: عسى في القرآن واجبة إلا في موضعين.
أحدهما عسى ربكم أن يرحمكم يعني بني النضير فما رحمهم الله بل قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأوقع عليهم العقوبة.
والثاني {عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجاً} فلم يقع التبديل.
وأبطل بعضهم الاستثناء وعمم القاعدة لأن الرحمة كانت مشروطة بأن لا يعودوا كما قال وإن عدتم عدنا وقد عادوا فوجب عليهم العذاب.
والتبديل مشروطاً بأن يطلق ولم يطلق فلا يجب.
وفي الكشاف في سورة التحريم: عسى إطماع من الله تعالى لعباده.
وفيه وجهان.
أحدهما: أن يكون على ما جرت به عادة الجبابرة من الإجابة بلعل وعسى ووقوع ذلك منهم موقع القطع والبت.
والثاني: أن يكون جيء به تعليماً للعباد أن يكونوا بين الخوف والرجاء.
وفي البرهان: عسى ولعل من الله واجبتان وإن كانتا رجاء وطمعاً في كلام المخلوقين لأن الخلق هم الذين يعرض لهم الشكوك والظنون والباري منزه عن ذلك.
والوجه في استعمال هذه الألفاظ أن الأمور الممكنة لما كان الخلق يشكون فيها ولا يقطعون على الكائن منها والله يعلم الكائن منها على الصحة صارت لها نسبتان: نسبة إلى الله تسمى نسبة قطع ويقين ونسبة إلى المخلوقين تسمى نسبة شك وظن فصارت هذه الألفاظ لذلك ترد تارة بلفظ القطع بحسب ما هي عليه عند الله تعالى نحو فسوف يأتي بقوم يحبهم ويحبونه وتارة بلفظ الشك بحسب ما هي عليه عند الخلق نحو فعسى الله أن يأتي بالفتح أوأمر من عنده فقولا له قولاً ليناً يتذكر أويخشى وقد علم الله حال إرسالهما ما يفضي إليه حال فرعون لكن ورد اللفظ بصورة ما يختلج في نفس موسى وهارون من الرجاء والطمع ولما نزل القرآن بلغة العرب جاء على مذاهبهم في ذلك والعرب قد تخرج الكلام المتيقن في صورة المشكوك لأغراض.
وقال ابن الدهان: عسى فعل ماضي اللفظ والمعنى لأنه طمع قد حصل في شيء مستقبل.
وقال قوم: ماضي اللفظ مستقبل المعنى لأنه إخبار عن طمع يريد أن يقع.
تنبيه وردت في القرآن على وجهين.
أحدهما: رافعة لاسم صريح بعده فعل مضارع مقرون بأن والأشهر في إعرابها حينئذ أنها فعل ماض ناقص عامل عمل كان فالمرفوع اسمها وما بعده الخبر.
وقيل معتد بمنزلة قارب معنى وعملاً أوقاصراً بمنزلة قرب من أن يفعل وحذف الجار توسعاً وهورأي سيبويه والمبرد.
وقيل قاصر بمنزلة قرب وأن يفعل بدل اشتمال من فاعلها.
الثاني أن يقع بعدها أن والفعل.
فالمفهوم من كلامهم أنها حينئذ تامة.
وقال ابن مالك: عندي أنها ناقصة أبداً وإن وصلتها سدت مسد الجزأين كما في أحسب الناس أن يتركوا.
عند ظرف مكان تستعمل في الحضور والقرب سواء كانا حسيين نحو فلما رآه مستقراً عنده عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى أومعنويين نحو قال الذي عنده علم من الكتاب وإنهم عندنا لمن المصطفين في مقعد صدق مليك أحياء عند ربهم ابن لي عندك بيتاً في الجنة فالمراد في هذه الآيات قرب التشريف ورفعة المنزلة ولا تستعمل إلا ظرفاً أومجرورة بمن خاصة نحو فمن عندك ولما جاءهم رسول من عند الله وتعاقبها لدى ولدن نحو لدى الحناجر لدى الباب وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون وقد اجتمعتا في قوله {آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علماً} ولوجيء فيهما بعند ولدن صح لكن ترك دفعاً للتكرار وإنما حين تكرار لدى في وما كنت لديهم لتباعد ما بينهما.
وتفارق عند ولدى لدن من ستة أوجه: فعند ولدى تصلح في محل ابتداء غاية وغيرها ولا تصلح لدن إلا في ابتداء غاية.
وعند ولدي يكونان فضلة نحو {وعندنا كتاب حفيظ} {ولدينا كتاب ينطق بالحق} ولدن لا يكون فضلة وجر لدن بمن أكثر من نصبها حتى أنها لم تجيء في القرآن منصوبة وجر عند كثير وجر لدي ممتنع.
وعنه ولدى يعربان ولدن مبنية في لغة الأكثرين ولدن قد لا تضاف وقد تضاف للجملة بخلافهما.
وقال الراغب: لدن أخص من عند وأبلغ لأنه يدل على ابتداء نهاية الفعل انتهى.
وعند أمكن من لدن من وجهين: أنها تكون ظرفاً للأعيان والمعاني بخلاف لدى وعند تستعمل في الحاضر والغائب ولا تستعمل لدى إلا في الحاضر ذكرهما ابن غير اسم ملازم للإضافة والإبهام فلا تتعرف ما لم تقع بين ضدين ومن ثم جاز وصف المعرفة بها في قوله {غير المغضوب عليهم} والأصل أن تكون وصفاً للنكرة نحو نعمل صالحاً غير لذي كنا نعمل وتقع حالاً إن صلح موضعها لا واستثناء إن صلح موضعها إلا فتعرب بإعراب الاسم التالي إلا في ذلك الكلام.
وقرئ قوله تعالى {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر} بالرفع على أنها صفة للقاعدون أواستثناء وأبدل على حد ما فعلوه إلا قليل وبالنصب على الاستثناء وبالجر خارج السبعة صفة للمؤمنين.
وفي المفردات للراغب: غير تقال على أوجه.
الأول: أن تكون للنفي المجرد من غير إثبات معنى به نحو مررت برجل غير قائم: أي لا قائم قال تعالى ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى.
وهوفي الخصام غير مبين الثاني: بمعنى إلا فيستثنى بها وتوصف به النكرة نحو ما لكم من إله غيره.
هل من خالق غير الله.
الثالث: لنفي الصورة من غير مادتها نحو: الماء حار غيره إذا كان بارداً ومنه قوله تعالى كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها.
الرابع: أن يكون ذلك متناولاً لذات نحو {تقولون على الله غير الحق}.
أغير الله أبغي رباً ائت بقرآن غير هذا {ويستبدل قوماً غيركم} انتهى.
الفاء ترد على أوجه.
أحدها: أن تكون عاطفة فتفيد ثلاثة أمور.
أحدها: الترتيب معنوياً كان نحو فوكزه موسى فقضى عليه أوذكريا وهوعطف مفصل على مجمل نحو {فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه} سألوا موسى اكثر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة ونادى نوح ربه فقال رب( الآية وأنكره: أي الترتيب الفراء واحتج بقوله {أهلكناها فجاءها بأسنا}.
وأجيب بأن المعنى: أردنا إهلاكها.
ثانيها: التعقيب وهوفي كل شيء بحسبه وبذلك تنفصل عن التراخي في نحو أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة {خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة} الآية.
ثالثها: السببية غالباً نحو فوكزه موسى فقضى عليه فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه لآكلون من شجر من زقوم فمالئون منها البطون.
فشاربون عليه من الحميم وقد تجيء لمجرد الترتيب نحو {فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين} فقربه إليهم فأقبلت امرأته في صرة فصكت فالزاجرات زجراً فالتاليات.
الوجه الثاني: أن تكون لمجرد السببية من غير عطف نحو {إنا أعطيناك الكوثر فصل} إذ لا يعطف الإنشاء على الخبر وعكسه.
الثالث: أن تكون رابطة للجواب حيث لا يصلح لأن لا يكون شرطاً بأن كان جملة اسمية نحو إن تعذبهم فإنهم عبادك {وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير} أوفعلية فعلها جامد نحو {إن ترن أنا أقل منك مالاً وولداً} {فعسى ربي أن يؤتين} {ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء}{إن تبدوالصدقات فنعماً هي}{ومن يكن الشيطان له قريناً فساء قرينا}ً أوإنشائي نحو إن كنتم تحبون الله فاتبعوني فإن شهدوا فلا تشهد معهم واجتمعت الاسمية والإنشائية في قوله {إن أصبح ماؤكم غوراً فمن يأتيكم بماء معين} أوماض لفظاً ومعنى نحو {إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل} أومقرون بحرف استقبال نحويرتدد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم وما تفعلوا من خير فلن تكفروه وكما تربط الجواب بشرطه تربط شبه الجواب بشبه الشرط نحو {إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين} إلى قوله فبشرهم.
الوجه الرابع: أن تكون زائدة وحمل عليه الزجاج هذا فليذوقوه ورد بأن الخبر حميم وما بينهما معترض وخرج عليه الفارسي بل الله فاعبد وغيره {ولما جاءهم كتاب من عند الله} إلى قوله فلما جاءهم ما عرفوا.
الخامس: أن تكون للاستئناف وخرج عليه كن فيكون بالرفع.
في حرف جر له معان: أشهرها الظرفية مكاناً أوزماناً نحو {غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون}.
في بضع سنين حقيقة كالآية أومجازاً نحو ولكم في القصاص حياة لقد كان في يوسف وإخوته آيات{إنا لنراك في ضلال مبين} ثانيها: المصاحبة كمع نحو ادخلوا في أمم أي معهم في تسع آيات.
ثالثها: التعليل نحو فذلكن الذي لمتنني فيه لمسكم فيما أفضتم فيه أي لأجله.
رابعها: الاستعلاء نحو {لأصلبنكم في جذوع النخل} أي عليها.
خامسها: معنى الباء نحو يذرؤكم فيه أي بسببه.
سادسها: معنى إلى نحو {فردوا أيديهم في أفواههم} أي إليها.
سابعها: معنى من {ويوم نبعث في كل أمة شهيداً} أي منهم بدليل الآية الأخرى.
ثامنها: معنى عن نحو {فهو في الآخرة أعمى} أي عنها وعن محاسنها.
تاسعها: المقايسة وهي الداخلة بين مفضول سابق وفاضل لاحق نحو {فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل}.
عاشرها: التوكيد وهي الزائدة نحو {وقال اركبوا فيها} أي اركبوها بسم الله مجراها ومرساها.
وقد حرف يختص بالفعل المتصرف الخبري المثبت المجرد من ناصب وجازم وحرف تنفيس ماضياً كان أومضارعاً.
ولها معان: التحقيق مع الماضي نحو {قد أفلح المؤمنون} {قد أفلح من زكاها} وهي في الجملة الفعلية المجاب بها القسم مثل إن واللام في الاسمية المجاب بها في إفادة التوكيد والتقريب مع الماضي أيضاً تقربه من الحال تقول: قام زيد فيحتمل الماضي القريب والماضي البعيد.
فإن قلت: قد قام اختص بالقريب.
قال النحاة: وانبنى على إفادتها ذلك أحكام.
منهما: منع دخولها على ليس وعسى ونعم وبئس لأنهن للحال فلا معنى لذكر ما يقرب ما هوحاصل ولأنهن لا يفدن الزمان.
ومنها: وجوب دخولها على الماضي الواقع حالاً: إما ظاهرة نحو وما لنا أن لا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا أومقدرة نحو هذه بضاعتنا ردت إلينا.
أوجاءوكم حصرت صدورهم وخالف في ذلك الكوفيون والأخفش وقالوا: لا يحتاج لذلك لكثرة وقوعه حالاً بدون قد.
وقال السيد الجرجاني وشيخنا العلامة الكافيجي: ما قاله البصريون غلط سبب اشتباه لفظ الحال عليهم فإن الحال الذي تقربه قد: حال الزمان والحال المبين للهيئة حال الصفات وهما متغايرا المعنى.
الثالث: التقليل من المضارع.
قال في المغنى: وهوضربان: تقليل وقوع الفعل نحو قد يصدق لكذوب وتقليل متعلقة نحو قد يعلم ما أنتم عليه أي أن ما هم عليه هوأقل معلوماته تعالى.
قال: وزعم بعضهم أنها في هذه الآية ونحوها للتحقيق انتهى.
وممن قال بذلك الزمخشري وقال: إنها دخلت لتوكيد العلم ويرجع ذلك إلى توكيد الوعيد.
الرابع: التكثير ذكره سيبويه وغيره وخرج عليه الزمخشري قوله تعالى قد نرى تقلب وجهك في السماء قال: أي ربما نرى ومعناه تكثير الرؤية.
الخامس: التوقع نحو: قد يقدم الغائب لمن يتوقع قدومه وينتظره وقد قامت الصلاة لأن الجماعة ينتظرون ذلك وحمل عليه بعضهم قد سمع الله قول التي تجادلك لأنها كانت تتوقع إجابة الله لدعائها.
الكاف حرف جر له معان: أشهرها التشبيه نحو وله الجوار المنشآت في البحر كالأعلام والتعليل نحو كما أرسلنا فيكم قال الأخفش: أي لأجل إرسالنا فيكم رسولاً منكم فاذكروني واذكروه كما هداكم أي لأجل هدايته إياكم وي كأنه لا يفلح الكافرون أي أعجب لعدم فلاحهم اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة والتوكيد وهي الزائدة وحمل عليه الأكثرون ليس كمثله شيء أي ليس مثله شيء ولوكانت غير زائدة لزم إثبات المثل وهومحال والقصد بهذا الكلام نفيه.
قال ابن جني: وإنما زيدت لتوكيد نفي المثل لأن زيادة الحرف بمنزلة إعادة الجملة ثانياً.
وقال الراغب: إنما جمع بين الكاف والمثل لتأكيد النفي تنبيها على أنه لا يصح استعمال المثل ولا الكاف فنفي بليس الأمرين جميعاً.
وقال ابن فورك: ليست زائدة والمعنى ليس مثل مثله شيء وإذا نفت التماثل عن المثل فلا مثل لله في الحقيقة.
وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام: مثل يطلق ويراد بها الذات كقولك: مثلك لا يفعل هذا: أي أنت لا تفعله كما قال: ولم أقل مثلك أعني به سواك يا فرداً بلا مشبه وقد قال تعالى {فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا} أي بالذي آمنتم به إياه لأن إيمانهم لا مثل له فالتقدير في الآية: ليس كذاته شيء.
وقال الراغب: المثل هنا بمعنى الصفة ومعناه ليس كصفته صفة تنبيهاً على أنه وإن كان وصف بكثير مما وصف به البشر فليس تلك الصفات له على حسب ما تستعمل في البشر ولله المثل الأعلى.
تنبيه ترد الكاف اسماً بمعنى مثل فتكون في محل إعراب ويعود عليها الضمير.
قال الزمخشري في قوله تعالى {كهيئة الطير فأنفخ فيه} إن الضمير في فيه للكاف في كهيئة: أي فأنفخ في ذلك الشيء المماثل فيصير كسائر الطيور انتهى.
مسئلة الكاف في ذلك: أي في اسم الإشارة وفروعه ونحوه خطاب لا محل له من الإعراب وفي إياك قيل حرف وقيل اسم مضاف إليه وفي أرأيتك قيل حرف وقيل اسم في محل رفع وقيل كاد فعل ناقص أتى منه الماضي والمضارع فقط له اسم مرفوع وخبر مضارع مجرد من إن ومعناها: قارب فنفيها نفي للمقاربة وإثباتها إثبات للمقاربة واشتهر على ألسنة كثير أن نفيها إثبات وإثباتها نفي فقولك كاد زيد يفعل معناه يفعل بدليل وإن كادوا ليفتنونك وما كاد يفعل معناه فعل بدليل وما كادوا يفعلون.
أخرج ابن أبي حاتم من طريق الضحاك عن ابن عباس قال: كل شيء في القرآن كاد وأكاد ويكاد فإنه لا يكون أبداً.
وقيل إنها تفيد الدلالة على وقوع الفعل بعسر وقيل نفي الماضي إثبات بدليل {وما كادوا يفعلون} ونفي المضارع نفي بدليل لم يكد يراها مع أنه لم ير شيئاً والصحيح الأول أنها كغيرها: نفيها نفي وإثباتها إثبات.
فمعنى كاد يفعل: قارب الفعل ولم يفعل وما كاد يفعل: ما قارب الفعل فضلاً عن أن يفعل فنفي الفعل لازم من نفي المقاربة عقلاً وأما آية فذبحوها وما كادوا يفعلون فهوإخبار عن حالهم في أول الأمر فإنهم كانوا أولاً بعداء من ذبحها وإثبات الفعل إنما فهم من دليل آخر وهوقوله فذبحوها وأما قوله {لقد كدت تركن} مع أنه صلى الله عليه وسلم لم يركن لا قليلاً ولا كثيراً فإنه مفهوم من جهة أن لولا الامتناعية تقتضي ذلك.
فائدة ترد كاد بمعنى أراد ومنه كذلك كدنا ليوسف.
أكاد أخفيها وعكسه كقوله {جداراً يريد أن ينقض} أي يكاد.
كان فعل ناقص متصرف يرفع الاسم وينصب الخبر معناه في الأصل المضي والانقطاع نحو {كانوا أشد منكم قوة وأكثر أموالاً وأولاداً} وتأتي بمعنى الدوام والاستمرار نحو وكان الله غفوراً رحيماً وكنا بكل شيء عالمين أي لم نزل كذلك وعلى هذا المعنى تتخرج جميع الصفات الذاتية المقترنة بكان.
قال أبو بكر الرازي: كان في القرآن على خمسة أوجه: بمعنى الأزل والأبد كقوله{وكان الله عليماً حكيماً} وبمعنى المضي المنقطع وهوالأصل في معناها نحو وكان في المدينة تسعة رهط وبمعنى الحال نحو كنتم خير أمة إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً وبمعنى الاستقبال نحو يخافون يوماً كان شره مستطيراً وبمعنى صار نحو وكان من الكافرين انتهى.
قلت: أخرج ابن أبي حاتم عن السدي: قال عمر بن الخطاب: لوشاء الله لقال أنتم فكنا كلنا ولكن قال: كنتم في خاصة أصحاب محمد.
وترد كان بمعنى ينبغي نحو ما كان لكم أن تنبتوا شجرها ما يكون لنا أن نتكلم بهذا وبمعنى حضر أووجد نحو وإن كان ذوعسرة إلا أن تكون تجارة وإن تك حسنة وترد لتأكيد وهي الزائدة وجعل منه وما علمي بما كانوا يعملون أي بما يعملون.
كأن بالتشديد حرف للتشبيه المؤكد لأن الأكثر أنه مركب من كاف التشبيه وأن المؤكدة والأصل في كأن زيداً أسد أن زيداً كأسد قدم حرف التشبيه اهتماماً به ففتحت همزة أن لدخول الجار.
قال حازم: وإنما تستعمل حيث يقوى الشبه حتى يكاد الرائي يشك في أن المشبه هو المشبه به أوغيره ولذلك قالت بلقيس: كأنه هو قيل وترد للظن والشك فيما إذا كان خبرها غير جامد وقد تخفف نحو كأن لم يدعنا إلى ضر مسه.
كأين اسم مركب من كاف التشبيه ون أي المنونة للتكثير في العدد نحو وكأين من نبي قتل معه ربيون.
وفيها لغات.
منها: كائن بوزن تابع وقرأ بها ابن كثير حيث وقعت وكأي بوزن كعب وقرئ بها وكأي من نبي قتل وهي مبنية لازمة الصدر ملازمة الإبهام مفتقرة للتمييز وتمييزها مجرور بمن غالباً.
وقال ابن عصفور: لازماً.
كذا لم ترد في القرآن إلا للإشارة نحو هكذا عرشك.
كل اسم موضوع لاستغراق أفراد المذكر المضاف هوإليه نحو كل نفس ذائقة الموت والمعرف المجموع نحو وكلهم آتية يوم القيامة فرداً كل الطعام كان حلاً وأجزاء المفرد المعرف نحو يطبع الله على كل قلب متكبر بإضافة قلب إلى متكبر: أي على كل أجزائه وقراءة التنوين لعموم أفراد القلوب.
وترد باعتبار ما قبلها وما بعدها على ثلاثة أوجه.
أحدها: أن تكون نعتاً لنكرة أومعرفة فتدل على كماله وتجب إضافتها إلى اسم ظاهر يماثله لفظاً ومعنى نحو ولا تبسطها كل البسط أي بسطاً كل البسط أي تاماً فلا تميلوا كل الميل.
ثانيها: أن تكون توكيد بالمعرفة ففائدتها العموم وتجب إضافتها إلى ضمير راجع للمؤكد نحو فسجد الملائكة كلهم أجمعون وأجاز الفراء والزمخشري قطعها حينئذ عن الإضافة لفظاً وخرج عليه قراءة بعضهم إنا كلا فيها.
ثالثها: أن لا تكون تابعة بل تالية لعوامل فتقع مضافة إلى الظاهر وغير مضافة نحو كل نفس بما كسبت رهينة وكلا ضربنا له الأمثال وحيث أضيفت إلى منكر وجب في ضميرها مراعاة معناها.
نحو وكل شيء فعلوه وكل إنسان ألزمناه كل نفس ذائقة الموت كل نفس بما كسبت رهينة وعلى كل ضامر يأتين أوإلى معرف جاز مراعاة لفظها في الإفراد والتذكير ومراعاة معناها وقد اجتمعا في قوله {إن كل من في السموات والأرض إلا آتي الرحمن عبداً لقد أحصاهم وعدهم عداً وكلهم آتيه يوم القيامة فرداً} أوقطعت فكذلك نحو كل يعمل على شاكلته فكلا أخذنا بذنبه وكل أتوه داخرين وكل كانوا ظالمين وحيث وقعت في حيز النفي بأن تقدمت عليها أداته أوالفعل المنفي فالنفي يوجه إلى الشمول خاصة ويفيد بمفهومه إثبات الفعل لبعض الأفراد وإن وقع النفي في حيزها فهوموجه إلى كل فرد هكذا ذكره البيانيون وقد أشكل على هذه القاعدة قوله
{والله لا يحب كل مختال فخور} إذ يقتضي إثبات الحب لمن فيه أحد الوصفين.
وأجيب أن دلالة المفهوم إنما يعول عليها عند عدم المعارض وهوهنا موجود إذ مسألة تتصل ما بكل نحوكلما رزقوا منها من ثمرة رزقاً وهي مصدرية لكنها نابت بصلتها عن ظرف زمان كما ينوب عنه المصدر الصريح والمعنى كل وقت ولهذا تسمى ما هذه المصدرية الظرفية: أي النائبة عن الظرف لا أنها ظرف في نفسها فكل من كلما منصوب على الظرف لإضافته إلى شيء هوقائم مقامه وناصبه الفعل الذي هوجواب في المعنى وقد ذكر الفقهاء والأصوليون إن كلما للتكرار.
قال أبوحيان: وإنما ذلك من عموم ما لا الظرفية مراد بها العموم وكل أكدته.
كلا وكلتا اسمان مفردان لفظاً مثنيان معنى مضافان أبداً لفظاً ومعنى إلى كلمة واحدة معرفة دالة على اثنين.
قال الراغب: وهما في التثنية ككل في الجمع قال تعالى {كلتا الجنتين آتت} أحدهما أوكلاهما.
كلا مركبة عند ثعلب من كاف التشبيه ولا النافية شددت لامها لتقوية المعنى ولدفع توهم بقاء معنى الكلمتين.
وقال غيره: بسيطة فقال سيبويه والأكثرون: حرف معناه الردع والذم لا معنى له عندهم إلا ذلك حتى انهم يجيزون أبداً الوقف عليها والابتداء بما بعدها.
وحتى قال جماعة منهم: متى سمعت كلا في سورة فاحكم بأنها مكية لأن فيها معنى التهديد والوعيد وأكثر ما نزل ذلك بمكة لأن أكثر العتوكان بها.
قال ابن هشام: وفيه نظر لأنه لا يظهر معنى الزجر في نحو ما شاء ركبك كلا يوم يقوم الناس لرب العالمين كلا ثم إن علينا بيانه كلا وقولهم انته عن ترك الإيمان بالتصوير في أي صورة شاء الله وبالبعث وعن العجلة بالقرآن تعسف إذ لم تتقدم في الأولين حكاية نفي ذلك عن أحد ولطول الفصل في الثالثة بين كلا وذكر العجل وأيضاً فإن أول ما نزل خمس آيات من أول سورة العلق ثم نزل كلا إن الإنسان ليطغى فجاءت في افتتاح الكلام ورأى آخرون أن معنى الردع والزجر ليس مستمراً فيها فزادوا معنى ثانياً يصح عليه أن يوقف دونها ويبتدأ بها.
ثم اختلفوا في تعيين ذلك المعنى فقال الكسائي: تكون بمعنى حقاً.
وقال أبوحاتم: بمعنى ألا الاستفتاحية.
قال أبوحيان: ولم يسبقه إلى ذلك أحد وتابعه جماعة منهم الزجاج.
وقال النضر بن شميل: حرف جواب بمنزلة إي ونعم وحملوا عليه كلا والقمر وقال الفراء وابن سعدان بمعنى سوف حكاه أبوحيان في تذكرته.
قال مكي: وإذا كان بمعنى حقاً فهي اسم وقرئ كلا سيكفرون بعبادتهم بالتنوين ووجه بأنه مصدر الكل إذا أعيا: أي كلوا في دعواهم وانقطعوا أومن الكل وهوالثقل: أي حملوا كلاً وجوز الزمخشري كون حرف الردع منوناً كما في سلاسلاً.
ورده أبوحيان بأن ذلك إنما صح في سلاسلا لأنه اسم أصله التنوين فرجع به إلى أصله للتناسب.
قال ابن هشام: وليس التوجيه منحصراً عند الزمخشري في ذلك بل جوز كون التنوين بدلاً من حرف الإطلاق المزيد في رأس الآية: ثم إنه وصل بنية الوقف.
كم اسم مبني لازم الصدر مبهم مفتقر إلى التمييز وترد استفهامية ولم تقع في القرآن وخبرية بمعنى كثير وإنما تقع غالباً في مقام الافتخار والمباهاة نحو وكم من ملك في السموات وكم من قرية أهلكناها.
وكم فصمنا من قرية وعن الكسائي أن أصلها كما فحذفت الألف مثل بم ولم حكاه الزجاج ورده بأن لوكان كذلك لكانت مفتوحة الميم.
كي حرف له معنيان: أحدهما التعليل نحو {كي لا يكون دولة بين الأغنياء} والثاني معنى أن المصدرية نحو لكيلا تأسوا لصحة حلول أن محلها ولأنها لوكانت حرف تعليل لم يدخل عليها حرف تعليل.
كيف اسم يرد على وجهين الشرط وخرج عليه ينفق كيف يشاء يصوركم في الأرحام كيف يشاء فيبسطه في السماء كيف يشاء وجوابها في ذلك كله محذوف لدلالة ما قبلها والاستفهام وهوالغالب ويستفهم بها عن حال الشيء لا عن ذاته.
قال الراغب: وإنما يسئل بها عما يصح أن يقال فيه شبيه وغير شبيه ولهذا لا يصح أن يقال في الله كيف قال وكلما أخبر الله بلفظ كيف عن نفسه فهواستخبار على طريق التنبيه للمخاطب أوالتوبيخ نخو كيف تكفرون كيف يهدي الله قوماً.
اللام أربعة أقسام: جارة وناصبة وجازمة ومهملة غير عاملة.
فالجارة مكسورة مع الظاهر وأما قراءة بعضهم الحمد لله فالضمة عارضة للأتباع مفتوحة مع الضمير إلا الياء ولها معان الاستحقاق: وهي الواقعة بين معنى وذات نحو الحمد لله الملك لله لله الأمر ويل للمطففين لهم في الدنيا خزي وللكافرين النار أي عذابها.
والاختصاص نحو إن له أباً فإن كان له أخوة والملك نحو له ما في السموات وما في الأرض والعليل نحو وإنه لحب الخير لشديد أي وإنه من أجل حب المال لبخيل {وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة} الآية في قراءة حمزة: أي لأجل إيتائي إياكم بعض الكتاب والرحمة ثم لمجيء محمد صلى الله عليه وسلم مصدقاً لما معكم لتؤمنن به فما مصدرية واللم تعليلية.
وقوله: لئيلاف قريش وتعلقها بيعبدوا وقيل بما قبله: أي فجعلهم كعصف مأكول لئيلاف قريش.
ورجح بأنهما في مصحف أبيّ سورة واحدة وموافقة إلى نحو لان ربك أوحى لها كل يجري لأجل مسمى وعلى نحو ويخرون للأذقان دعانا لجنبه وتله للجبين وإن أسأتم فلها ولم اللعنة أي عليهم كما قال الشافعي وفي نحو ونضع الموازين القسط ليوم القيامة لا يجليها لوقتها إلا هو يا ليتني قدمت لحياتي أي في حياتي.
وقيل هي فيها للتعليل: أي لأجل حياتي في الآخرة وعند كقراءة الجحدري بل كذبوا بالحق لما جاءهم وبعد نحو أقم الصلاة لدلوك الشمس وعن نحو وقال الذين كفروا للذين آمنوا لوكان خيراً ما سبقونا إليه أي عنهم وقي حقهم لا أنهم خاطبوا به المؤمنين وإلا لقيل ما سبقتمونا.
والتبليغ وهي الجارة لاسم السامع لقول أوما في معناه كالإذن والصيرورة وتسمى لم العاقبة نحو فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدواً وحزناً فهذا عاقبة التقاطهم لا علته إذ هي التبني ومنع قوم ذلك وقالوا: هي للتعليل مجازاً لأن كونه عدواً لما كان ناشئاً عن الالتقاط وإن لم يكن غرضاً لهم نزل منزلة الغرض على طريق المجاز.
وقال أبوحيان: الذي عندي أنها للتعليل حقيقة وأنهم التقطوه ليكون لهم عدواً وذلك على ف مضاف تقديره: لمخافة أن يكون كقوله {يبين الله لكم أن تضلوا} انتهى.
والتأكيد وهي الزائدة أوالمقوية للعامل الضعيف لفرعيه أوتأخير نحو ردف لكم يريد الله ليبين لكم وأمرنا لنسلم فعال لما يريد {إن كنتم للرؤيا تعبرون} وكنا لحكمهم شاهدين والتبيين للفاعل أوالمفعول نحو فتعساً لهم هيهات هيهات لما توعدون هيت لك والناصبة هي لام التعليل ادعى الكوفيون النصب بها.
وقال غيرهم: بأن مقدرة في محل جر باللام والجازمة هي لام الطلب وحركتها الكسر وسليم تفتحها وإسكانها بعد الواووالفاء كثر من تحريكها نحو فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي وقد تسكن بعد ثم نحو ثم ليقضوا وسواء كان الطلب أمراً نحو لينفق ذوسعة أودعاء نحو ليقض علينا ربك وكذا لوخرجت إلى الخبر نحو فليمدد له الرحمن ولنحمل خطاياكم أوالتهديد نحو ومن شاء فليكفر وجزمها فعل الغائب كثير نحو فلتقم طائفة وليأخذوا أسلحتهم فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك وفعل المخاطب قليل ومنه فبذلك فلتفرحوا في قراءة التاء وفعل المتكلم أقل ومنه ولنحمل خطاياكم وغير العاملة أربع: لام الابتداء وفائدتها أمران: توكيد مضمون الجملة ولهذا زحلقوها في اباب إن عن صدر الجملة كراهة توالي مؤكدين وتخليص المضارع للحال وتدخل في المبتدأ نحو لأنتم اشد رهبة.
وفي خبر إن نحو إن ربي لسميع الدعاء إن ربك ليحكم لبنهم وإنك لعلى خلق عظيم واسمها المؤخر نحو إن علينا للهدى وإن علينا للهدى وإن لنا للآخرة واللام الزائدة في خبر إن المفتوحة كقراءة سعيد بن جبير إلا أنهم ليأكلون الطعام والمفعول كقوله {يدعو لمن ضره اقرب من نفعه}.
ولام الجواب للقسم أولوأولولا نحو {تالله لقد آثرك الله} {تالله لأكيدن أصنامكم} لوتزيلوا لعذبنا.
{ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض}.
واللم الموطئة وتسمى المؤذنة وهي الداخلة على أداة شرط للإيذان بأن الجواب بعدها معها مبني على قسم مقدر نحو لئن أخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهن ولئن نصروهم ليولن الأدبار.
وخرج عليها قوله تعالى لما آتيتكم من كتاب وحكمة.
لا على أوجه.
أحدها: أن تكون نافية وهي أنواع.
أحدها: أن تعمل عمل إن وذلك إذا أريد بها نفي الجنس على سبيل التنصيص وتسمى حينئذ تبرئة وإنما يظهر نصبها إذا كان اسمها مضافاً أوشبهه وإلا فيركب معها نحو لا إله إلا الله لا ريب فيه فإن تكررت جاز التركيب ولرفع نحو فلا رفث ولا فسوق ولا جدال لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة لا لغوفيها ولا تأثيم.
ثانيها: أن تعمل عمل ليس نحو ولا أصغر ولا أكبر في كتاب مبين.
ثالثها ورابعها: أن تكون عاطفة أوجوابية ولم يقعا.
في القرآن.
خامسها: أن تكون على غير ذلك فإن كان ما بعدها جملة اسمية صدرها معرفة أونكرة ولم تعمل فيها أوفعلاً ماضياً لفظاً أوتقديراً وجب تكرارها نحو لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار {لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون} {فلا صدق ولا صلى} أومضارعاً لم يجب نحو لا يحب الله الجهر قل لا أسألكم عليه أجراً وتعترض لا هذه بين الناصب والمنصوب نحو لئلا يكون للناس والجازم والمجزوم نحو إلا تفعلوا.
الوجه الثاني: أن تكون لطلب الترك فتختص بالمضارع وتقتضي جزمه واستقباله سواء كان نهياً نحو {لا تتخذوا عدويّ} {لا يتخذ المؤمنون والكافرون} {ولا تنسوا الفضل بينكم} أودعاء نحو لا تؤاخذنا.
الثالث: التأكيد وهي الزائدة نحو ما منعك ألا تسجد ما منعك إذ رأيتهم ضلوا أن لا تتبعن لئلا يعلم أهل الكتاب أي ليعلموا قال ابن جني: لا هنا مؤكدة قائمة مقام إعادة الجملة مرة أخرى.
واختلف في قوله {لا أقسم بيوم القيامة} فقيل زائدة وفائدتها مع التوكيد التمهيد لنفي الجواب والتقدير: لا أقسم بيوم القيامة لا يتركون سدى ومثله فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك ويؤيده قراءة لأقسم.
وقيل نافية لما تقدم عندهم من إنكار البعث فقيل لهم ليس الأمر كذلك ثم استؤنف القسم.
قالوا: وإنما صح ذلك القرآن كله كالسورة الواحدة ولهذا يذكر الشيء في سورة وجوابه في سورة نحو {وقالوا يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون} {ما أنت بنعمة ربك بمجنون} وقيل منفيها أقسم على أنه إخبار لا إنشاء واختار الزمخشري.
قال: والمعنى في ذلك أنه لا يقسم بالشيء إلا إعظاماً له بدليل فلا أقسم بمواقع النجوم وإنه لقسم لوتعملون عظيم فكأنه قيل إن إعظامه بالإقسام به كلا إعظام: أي إنه يستحق إعظاماً فوق ذلك.
واختلف في قوله تعالى {قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا} فقيل لا نافية وقيل ناهية وقيل زائدة.
وفي قوله تعالى وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون فقيل زائدة وقيل نافية والمعنى يمتنع عدم رجوعهم إلى الآخرة.
تنبيه ترد لا اسماً بمعنى غير فيظهر إعرابها فيما بعدها نحو {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} {لا مقطوعة ولا ممنوعة} {لا فارض ولا بكر}.
فائدة قد تحذف ألفها وخرج عليه ابن جني {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة} .
لات اختلف فيا فقال قوم فعل ماض بمعنى نقص وقبل أصلها ليس تحركت الياء فقلبت ألفاً لانفتاح ما قبلها وأبدلت السين تاء وقيل هي كلمتان: لا النافية زيدت عليها التاء لتأنيث الكلمة وحركت لالتقاء الساكنين وعليه الجمهور.
وقيل هي لا النافية والتاء زائدة في أول الحين.
واستدل به أبو عبيدة بأنه وجدها في مصحف عثمان مختلطة بحين في الخط.
واختلف في عملها فقال الأخفش: لا تعمل شيئاً فإن تلاها مرفوع فمبتدأ وخبر أومنصوب فبفعل محذوف فقوله تعالى ولات حين مناص بالرفع: أي كائن لهم وبالنصب: أي لا أرى حين مناص.
وقيل تعمل عمل إن.
وقال الجمهور: تعمل عمل ليس وعلى كل قول لا يذكر بعدها إلا أحد المعمولين ولا تعمل إلا في لفظ الحين.
قيل أوما رادفه.
قال الفراء: وقد تستعمل حرف جر لأسماء الزمان خاصة وخرج عليها قوله ولات حين بالجر.
لا جرم وردت في القرآن في خمسة مواض متلوة بأن واسمها ولم يجيء بعدها فعل فاختلف فيها فقيل لا نافية لما تقدم وجرم فعل معناه حقاً وإن مع ما في حيزه في موضع رفع.
وقيل زائدة.
وجرم معناه كسب: أي كسب لهم عملهم الندامة وما في حيزها في موضع نصب.
وقيل هما كلمتان ركبتا وصار معناها حقاً.
وقيل معناها لا بد وما بعدها في موضع نصب بإسقاط حرف الجر.
لكن مشددة النون حرف ينصب الاسم ويرفع الخبر ومعناه الاستدراك وفسر بأن تنسب لما بعدها حكماً مخالفاً لحكم ما قبلها ولذلك لا بد أن يتقدمها كلام مخالف لما بعدها أومناقض له نحو وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا وقد ترد للتوكيد مجرداً عن الاستدراك قاله صاحب البسيط وفسر الاستدراك برفع ما توهم ثبوته نحوما زيد شجاعاً لكنه كرم لأن الشجاعة والكرم لا يكادان يفترقان فنفى أحدهما يوهم نفي الآخر.
ومثل التوكيد بنحو: لوجاءني أكرمته لكنه لم يجيء فأكدت ما أفادته لومن الامتناع.
واختار ابن عصفور أنها لهما معاً وهوالمختار كما أن كأن للتشبيه المؤكد ولهذا قال بعضهم: إنها مركبة من لكن أن فطرحت الهمزة للتخفيف ونون لكن للساكنين.
لكن مخففة ضربان.
أحدهما: مخففة من الثقيلة وهي حرف ابتداء لا يعمل بل لمجرد إفادة الاستدراك وليست عاطفة لاقترانها بالعاطف في قوله {ولكن كانوا هم الظالمين}.
والثاني عاطفة إذا تلاها مفرد وهي أيضاً للاستدراك نحو لكن الله يشهد لكن الرسول لكن الذين اتقوا ربهم.
لدى ولدن تقدمتا في عند.
لعل حرف ينصب الاسم ويرفع الخبر وله معان أشهرها التوقع وهوالترجي في المحبوب نحو لعلكم تفلحون والإشفاق في المكروه نحو {لعل الساعة قريب} وذكر التنوخي أنها تفيد تأكيد ذلك.
الثاني: التعليل وخرج عليه فقولاً ليناً لعله يتذكر أويخشى.
الثالث: الاستفهام وخرج عليه {لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً} وما يدريك لعله يزكي ولذا علق يدري.
قال في البرهان: وحكى البغوي عن الواقدي أن جميع ما في القرآن من لعل فإنها للتعليل إلا قوله لعلكم تخلدون فإنها للتشبيه.
قال: وكونها للتشبيه غريب لم يذكره النحاة.
ووقع في صحيح البخاري في قوله {لعلكم تخلدون} أن لعل للتشبيه وذكر غيره أنه للرجاء المحض وهوبالنسبة إليهم انتهى.
قلت: أخرج ابن أبي حاتم من طريق السدي عن أبي مالك قال: لعلكم في القرآن بمعنى كي غير آية في الشعراء لعلكم تخلدون يعني كأنكم تخلدون.
واخرج عن قتادة قال: كان في بعض القراءة: وتتخذون مصانع كأنكم خالدون.
لم حرف جزم لنفي المضارع وقلبه ماضياً نحو {لم يلد ولم يولد} والنصب بها لغة حكاها اللحياني وخرج عليها قراءة ألم نشرح.
لما على أوجه أحدها: أن تكون حرف جزم فتختص بالمضارع وتنفيه وتقلبه ماضياً كلم لكن يفترقان من أوجه: أنها لا تقترن بأداة شرط ونفيها مستمر إلى الحال وقريب منه ويتوقع ثبوته.
قال ابن مالك: في {بل ما يذوقوا عذاب} المعنى: لم يذوقوه وذوقه لهم متوقع.
وقال الزمخشري في {ولما يدخل الإيمان في قلوبكم} ما في لما من معنى التوقع دال على أن هؤلاء قد آمنوا فيما بعد وأن نفيها آكد من نفي لم فهي لنفي قد فعل ولهذا قال الزمخشري في الفائق تبعاً لابن جني: إنها مركبة من لم وما وإنهم لما زادوا في الإثبات قد زادوا في النفي ما وأن منفي لما جائز الحذف اختياراً بخلاف لم وهي أحسن ما يخرج عليه.
وإن كلا لما أي لما يهملوا أويتركوا قاله ابن الحاجب.
قال ابن هشام: ولا أعرف وجهاً في الآية أشبه من هذا أوإن كانت النفوس تستبعده لأن مثله لم يقع في التنزيل.
قال: والحق أن لا يستبعد لكن الأولى أن يقدر لما يوفوا أعمالهم: أي أنهم إلى الآن لم يوفوها وسيوفونها.
الثاني: أن تدخل على الماضي فيقتضي جملتين وجدت الثانية عند وجود الأولى نحو فلما نجاكم إلى البر أعرضتم ويقال فيها حرف وجود لوجود وذهب جماعة إلى أنها حينئذ ظرف بمعنى حين.
وقال ابن مالك: بمعنى إذ لأنها مختصة بالماضي وبالإضافة إلى الجملة وجواب هذه يكون ماضياً كما تقدم وجملة اسمية بالفاء.
وبإذا الفجائية نحو فلما نجاهم إلى البر فمنهم مقتصد فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون وجوز ابن عصفور كونه مضارعاً نحو فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى يجادلنا وأوله غيره يجادلنا.
الثالث: أن تكون حرف استثناء فتدخل على الإسمية والماضوية نحو {إن كل نفس لما عليها} حافظ بالتشديد: أي إلا وإن كل ذلك متاع الحياة الدنيا.
لن حرف نفي ونصب واستقبال والنفي بها أبلغ من النفي بلا فهولتأكيد النفي كما ذكره الزمخشري وابن الخباز حتى قال بعضهم: وإن منعه مكابرة فهي لنفي أني أفعل ولا نفي أفعل كما في لم ولما قال بعضهم العرب: تنفي المظنون بلن والمشكوك بلا ذكره ابن الزملكاني في التبيان وادعى الزمخشري أيضاً أنها لتأييد النفي كقوله {لن يخلقوا ذباباً} ولن تفعلوا.
قل ابن مالك: وحمله على ذلك اعتقاده في لن تراني أن الله لا يرى.
ورده غيره بأنها لوكانت للتأبيد لم يقيد منفيها باليوم في {فلن أكلم اليوم أنسياً} ولم يصح التوقيت في {لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى} ولكان ذكر الأبد في لن يتمنوه أبداً تكرار والأصل عدمه واستفادة التأبيد في لن يخلقوا ذباباً ونحوه من خارج ووافقه على إفادة التأبيد ابن عطية.
وقال في قوله لن تراني لوبقينا على هذا النفي لتضمن أن موسى لا يراه أبداً ولا في الآخرة لكن ثبت في الحديث المتواتر أن أهل الجنة يرونه.
وعكس ابن الزملكاني مقالة الزمخشري فقال: إن لن لنفي ما قرب وعدم امتداد النفي ولا يمتد معها النفي.
قال: وسر ذلك أن الألفاظ مشاكلة للمعاني ولا آخرها الألف والألف يمكن امتداد الصوت بها بخلاف النون فطابق كل لفظ معناه.
قال: ولذلك أتى بلن حيث لم يرد به النفي مطلقاً بل في الدنيا حيث قال لن تراني وبلا في قوله {لا تدركه الأبصار} حيث أريد نفي الإدراك على الإطلاق وهومغاير للرؤية انتهى.
قيل وترد لن للدعاء وخرج عليه {رب بما أنعمت علي فلن أكون} الآية.
لوحرف شرط في المضي يصرف المضارع إليه بعكس إن الشرطية.
واختلف في إفادتها الامتناع وكيفية إفادتها إياه على أقوال.
أحدها: أنها لا تفيده بوجه ولا تدل على امتناع الشرط ولا امتناع الجواب بل هي لمجرد ربط الجواب بالشرط دالة على التعليق في الماضي كما دلت أن على التعليق في المستقبل ولم تدل بالإجماع على امتناع ولا ثبوت.
قال ابن هشام: وهذا القول كإنكار الضروريات إذ فهم الامتناع منها كالبديهي فإن كل من سمع لوفعل عدم وقوع الفعل من غير تردد ولهذا جاز استدراكه فتقول: لوجاء زيد أكرمته لكنه لم يجيء.
الثاني وهولسيبويه قال: إنها حرف لما كان سيقع لوقوع غيره: أي أنها تقتضي فعلاً ماضياً كان يتوقع ثبوته لثبوت غيره والمتوقع غير واقع فكأنه قال: حرف يقتضي فعلاً امتنع لامتناع ما كان يثبت لثبوته.
الثالث: وهوالمشهور على ألسنة النحاة ومشى عليه المعربون أنها حرف امتناع لامتناع: أي يدل على امتناع الجواب لامتناع الشرط فقولك: لوجئت لأكرمتك دال على امتناع الإكرام لامتناع المجيء.
واعترض بعدم امتناع الجواب في مواضع كثيرة كقوله تعالى ولوأن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله.
ولوأسمعهم لتولوا فإن عدم النفاذ عند فقد ما ذكر والتولي عند عدم الإسماع أولى.
والرابع: وهولبن مالك أنها حرف يقتضي امتناع ما يليه واستلزامه لتاليه من غير تعرض لنفي التالي.
قال: فقيام زيد من قولك لوقام زيد قام عمرومحكوم بانتفائه وبكونه مستلزماً ثبوته لثبوت قيام من عمرو وهل وقع لعمروقيام آخر غير اللازم عن قيام زيد أوليس له لا تعرض لذلك قال ابن هشام: وهذه أجود العبارات.
فائدة اخرج ابن أبي حاتم من طريق الضحاك عن ابن عباس قال: كل شيء في القرآن لوفإنه لا يكون أبداً.
فائدة ثانية تختص لوالمذكورة بالفعل وأما نحو قل لوأنتم تملكون فعلى تقديره.
قال الزمخشري: وإذ أوقعت أن بعدها وجب كون خبرها فعلاً ليكون عوضاً عن الفعل المحذوف ورده ابن الحاجب بآية ولوأن ما في الأرض وقال: إنما ذاك إذا كان مشتقاً لا جامداً ورده ابن مالك بقوله: لوأن حياً مدرك الفلاح أدركه ملاعب الرماح قال ابن هشام: وقد وجدت آية في التنزيل وقع فيها الخبر اسماً مشتقاً ولم يتنبه لها الزمخشري كما لم يتنبه لآية لقمان ولا بان الحاجب وإلا لما منع من ذلك ولا بان مالك وإلا لما استدل بالشعر وهي قوله {يودوا لو أنهم بادون في الإعراب} وجدت آية الخبر فيها ظرف وهي لوأن عندنا ذكراً من الأولين ورد ذلك الزمخشري في البرهان وابن الدماميني بأن لوفي الآية الأولى للتمني والكلام في الامتناعية وأعجب من ذلك أن مقالة الزمخشري سبقه إليها السيرافي وهذا الاستدراك وما استدرك به منقول قديماً في شرح الإيضاح لابن الخباز لكن في غير مظنته فقال في باب إن وأخواتها قال السيرافي: تقول لوأن زيداً قام لأكرمته ولا يجوز لوأن زيداً حاضر لأكرمته لأنك لم تلفظ بفعل يسد مسد ذلك الفعل هذا كلامه.
وقد قال تعالى وإن يأت الأحزاب يودوا لوأنهم بادون في الإعراب فأوقع خبرها صفة ولهم أن يفرقوا بأن هذه للتمني فأجريت مجرى ليت كما تقول: ليتهم بادون انتهى كلامه.
وجواب لوإما مضارع منفي بلم أوماض مثبت أومنفي بما والغالب على المثبت دخول اللام عليه نحو لونشاء لجعلناه حطاماً ومن تجرده لونشاء جعلناه أجاجاً والغالب على المنفي تجرده نحو ولوشاء ربك ما فعلوه.
فائدة ثالثة قال الزمخشري: الفرق بين قولك لوجاءني لكسوته ولوزيد جاءني لكسوته ولوأن زيداً جاءني لكسوته أن المقصد في الأول مجرد ربط الفعلين وتعليق أحدهما بصاحبه لا غير من غير تعرض لمعنى زائد على التعليق الساذج.
وفي الثاني انضم إلى التعليق أحد معنيين: إما نفي الشك والشبهة وأن المذكور مكسولاً لا محالة.
وإما بيان أنه هو المختص بذلك دون غيره ويخرج عليه آية لوأنتم تملكون وفي الثالث مع مافي الثاني زيادة التأكيد الذي تعطيه أن وإشعار بأن زيداً كان حقه أن يجيء وأنه بتركه المجيء قد اغفل حظه ويخرج عليه ولوأنهم صبروا ونحوه تنبيه ترد لوشرطية في المستقبل وهي التي يصلح موضعها إن نحو ولوكره المشركون.
ولوأعجبك حسنهن ومصدرية وهي التي يصلح موضعها أن المفتوحة وأكثر وقوعها بعد ود ونحوه نحو ود كثير من أهل الكتاب لويردونكم يود أحدهم لويعمر يود المجرم لويفتدي أي الرد والتعمير والافتداء وللتمني وهي التي يصلح موضعها ليت نحو فلوأن لنا كرة فنكون ولهذا نصب الفعل في جوابها وللتقليل ورجح عليه ولوعلى أنفسكم.
لولا على أوجه.
أحدها: أن تكون حرف امتناع لوجود فتدخل على الجملة الاسمية ويكون جوابها فعلاً مقروناً باللام وإن كان مثبتاً نحو فلولا أنه كان من المسبحين.
للبث ومجرداً منها إن كان منفياً نحو ولوال فضل الله عليكم ورحمته ما زكا منكم من أحد أبداً وإن وليها ضمير فحقه أن يكون ضمير رفع نحو لولا أنتم لكنا مؤمنين.
الثاني: أن تكون بمعنى هلا فهي للتخصيص والعرض في المضارع أوما في تأويله نحو لولا تستغفرون الله.
لولا أخرتني إلى أجل قريب وللتوبيخ والتنديم في المضارع نحو لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء فلولا نصرهم الذين اتخذوا من دون الله ولوال إذا سمعتموه قلتم فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا فلولا إذا بلغت الحلقوم فلولا إن كنتم مدينين.
ترجعونها الثالث: أن تكون للاستفهام ذكره الهروي وجعل منه لولا أخرتني لولا أنزل إليه ملك والظاهر أنها فيهما بمعنى هلا.
الرابع: أن تكون للنفي ذكره الهروي أيضاً وجعل منه {فلولا كانت قرية آمنت} أي فما آمنت قرية: أي أهلها عند مجيء العذاب {فنفعها إيمانها} والجمهور لم يثبتوا ذلك وقالوا: المراد في الآية التوبيخ على ترك الإيمان قبل مجيء العذاب ويؤيده قراءة أبيّ فهلا والاستثناء حينئذ منقطع.
فائدة نقل عن الخليل أن جميع ما في القرآن من لولا فهي بمعنى هلا إلا فلولا أنه كان من المسبحين وفيه نظر لما تقدم من الآيات وكذا قوله {لولا أن رأى برهان ربه} لولا فيه امتناعية وجوابها محذوف: أي لهم بها أولواقعها وقوله {لولا أن منّ الله علينا لخسف بنا} وقوله لولا أن ربطنا على قلبها لأبدت به في آيات أخر وقال ابن أبي حاتم: أنبأنا موسى الخطمي أنبأنا هارون بن أبي حاتم أنبأنا عبد الرحمن بن حماد عن أسباط عن السدي عن أبي مالك قال: كل ما في القرآن فلولا فهوفهلاّ إلا حرفين في يونس فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها يقول: فما كانت قرية وقوله {فلولا أنه كان من المسبحين} وبهذا يتضح مراد الخليل وهوأ مراده لولا المقترنة بالفاء.
لوما بمنزلة لولا قال تعالى لوما تأتينا بالملائكة وقال المالقي: لم ترد إلا للتحضيض.
ليت حرف ينصب الاسم ويرفع الخبر ومعناه التمني.
وقال التنوخي: إنها تفيد تأكيده.
ليس فعل جامد ومن ثم ادعى قوم حرفيته ومعناه نفي المضمون الجملة في الحال ونفي غيره بالقرينة.
وقيل هي لنفي الحال وغيره وقواه ابن الحاجب بقوله تعالى ألا يوم يأتيهم ليس مصروفاً عنهم فإنه نفي للمستقبل.
قال ابن مالك وترد للنفي العام المستغرق المراد به الجنس كلا التبرئة وهومما يفعل عنه وخرج عليه ليس لهم طعام إلا من ضريع.
ما اسمية وحرفية فالاسمية ترد موصولة بمعنى الذي نحو ما عندكم ينفذ وما عند الله باق ويستوي فيها المذكر والمؤنث والمفرد والمثنى والجمع والغالب استعمالها فيما لا يعلم وقد تستعمل في العالم نحو والسماء وما بناها ولا أنتم عابدون ما أعبد أي الله ويجوز في ضميرها مراعاة اللفظ والمعنى واجتمعتا في قوله تعالى ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقاً من السموات والأرض شيئاً ولا يستطيعون وهذه معرفة بخلاف الباقي.
واستفهامية بمعنى أي شيء ويسئل بها عن أعيان ما لا يعقل وأجناسه وصفاته وأجناس العقلاء وأنواعهم وصفاتهم نحو ما لونها ما ولاهم ما تلك بيمينك وما الرحمن ولا يسئل بها عن أعيان أولى العلم خلافاً لمن أجازه.
وأما قول فرعون وما رب العالمين فإنه قاله جهلاً ولهذا أجابه موسى بالصفات.
ويجب حذف ألفها إذا جرت وإبقاء الفتحة دليلاً عليها فرقاً بينها وبين الموصولة نحو عم يتساءلون فيم أنت من ذكراها لم تقولون ما لا تفعلون بم يرجع المرسلون وشرطية نحو ما ننسخ من آية أوننسها نأت وما تفعلوا من خير يعلمه الله.
فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم وهذه منصوبة بالفعل بعدها.
وتعجبية نحو فما أصبرهم على النار قتل الإنسان ما أكفره ولا ثالث لهما في القرآن إلا في قراءة سعيد بن جبير ما أغرك بربك الكريم ومحلها رفع الابتداء وما بعدها خبر وهي نكرة تامة.
ونكرة موصوفة نحو بعوضة فما فوقها.
نعماً يعظكم أي نعم شيئاً يعظكم به.
وغير موصوفة نحو فنعماً هي أي نعم شيئاً هي.
والحرفية ترد مصدرية: إما زمانية نحو فاتقوا الله ما استطعتم أي مدة استطاعتكم.
أوغير زمانية نحو فذوقوا بما نسيتم أي بنسيانكم.
ونافية: إما عاملة عمل ليس نحو ما هذا بشر.
ما هن أمهاتهم.
فما منكم من أحد حاجزين ولا رابع لها في القرآن.
أوغير عاملة نحو {وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله} {فما ربحت تجارتهم} قال ابن الحاجب: وهي لنفي الحال ومقتضى كلام سيبويه أن فيها معنى التأكيد لأنه جعلها في النفي جواباً لقد في الإثبات فكما أن قد فيها معنى التأكيد فكذلك ما جعل جواباً لها وزائدة للتأكيد.
إما كافة نحو إنما الله إله واحد إنما إلهكم إله واحد كأنما أغشيت وجوههم.
ربما يود الذين كفروا أوغير كافة نحو فإما ترين.
أياماً تدعوا.
أيما الاجلين قضيت.
فبما رحمة مما خطاياكم مثلاً ما بعوضة قال الفارسي: جميع ما في القرآن من الشرط بعد إما مؤكد بالنون لمشابهة فعل الشرط بدخول ما للتأكيد لفعل القسم من جهة أن ما كاللام في القسم لما فيها من التأكيد.
وقال أبو البقاء: زيادة ما مؤذنة بإرادة شدة التأكيد.
فائدة حيث وقعت ما قبل ليس أولم أولا أوبعد إلا فهي موصولة نحو ما ليس لي بحق ما لم يعلم.
ما لا يعلمون إلا ما علمتنا وحيث وقعت بعد كاف التشبي فهي مصدرية وحيث وقعت بعد الباء فإنها تحتملهما نحو بما كانوا يظلمون وحيث وقعت بين فعلين سابقهما علم أودراية أونظر احتملت الموصولة والاستفهامية نحو وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون ما أدري ما يفعل بي ولا بكم ولتنظر نفس ما قدمت لغد وحيث وقعت في القرآن قبل إلا فهي نافية إلا في ثلاثة عشر موضعاً مما آتيتموهن إلا أن يخافا فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف وما أكل السبع إلا ما ذكيتم ولا أخاف ما تشركون به إلا وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما دامت السموات والأرض إلا في موضعي هود فما حصدتم فذروه في سنبله إلا ما قدمتم لهن إلا وإذا اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله وما بينهما إلا بالحق.
ماذا ترد على أوجه.
أحدها: أن تكون ما استفهاماً وذا موصولة وهوأرجح الوجهين في ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو في قراءة الرفع: أي الذي ينفقونه العفو إذا الأصل أن تجاب الاسمية بالاسمية والفعلية بالفعلية.
الثاني: أن تكون ما استفهاماً وذا إشارة.
الثالث: أن تكون ماذا كله استفهاماً على التركيب وهوأرجح الوجهين في ماذا ينفقون قل العفو في قراءة النصب: أي ينفقون.
الرابع: ا يكون ماذا كله اسم جنس بمعنى شيء أوموصولاً بمعنى الذي.
الخمس: ا تكون ما زائدة وذا للإشارة.
السادس: أن تكون ما استفهاماً وذا زائدة ويجوز أن تخرج عليه.
متى ترد استفهاماً عن الزمان نحو متى نصر الله وشرطاً.
مع اسم بدليل جرها بمن في قراءة بعضهم هذا ذكر من معي وهي فيها بمعنى عند وأصلها لمكان الاجتماع أووقته نحو ودخل معه السجن فتيان أرسله معنا غداً لن نرسله معكم وقد يراد به مجرد الاجتماع والاشتراك من غير ملاحظة المكان والزمان نحو وكونوا مع الصادقين واركعوا مع الراكعين وأما نحو إني معكم إن الله مع الذين اتقوا وهومعكم أينما كنتم إن معي ربي سيهدين فالمراد به العلم والحفظ والمعونة مجازاً.
قال الراغب: والمضاف إليه لفظ مع هو المنصور كالآيات المذكورة.
من حرف جر له معان: أشهرها ابتداء الغاية مكاناً وزماناً وغيرهما نحو من المسجد الحرام من أول يوم إنه من سليمان والتبعيض بأن يسد بعض مسدها نحو حتى تنفقوا مما تحبون وقرأ بن مسعود: بعض ما تحبون.
والتبيين وكثيراً ما تقع بعد ما ومهما نحو {ما يفتح الله للناس من رحمة} {ما ننسخ من آية} مهما تأتنا به من آية ومن وقوعها بعد غيرهما فاجتنبوا الرجس من الأوثان أساور من ذهب والتعليل مما خطاياهم أغرقوا يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق والفصل بالمهملة وهي الداخلة على ثاني المتضادين نحو يعلم المفسد من المصلح ليميز الله الخبيث من الطيب والبدل نحو أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة أي بدلها لجعلنا منكم ملائكة في الأرض أي بدلكم.
وتنصيص العموم نحو وما من إله إلا الله قال في الكشاف: هوبمنزلة البناء في لا إله إلا الله في إفادة معنى الاستغراق.
ومعنى الباء نحو ينظرون من طرف خفي أي به.
وعلى نحو ونصرناه من القوم أي عليهم.
وفي نحو إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة أي فيه.
وفي الشامل عن الشافعي أن من في قوله تعالى وإن كان من قوم عدولكم بمعنى في دليل قوله وهومؤمن وعن نحو قد كنا في غفلة من هذا أي عنه.
وعند نحو لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله أي عنده.
والتأكيد وهي الزائدة في النفي أوالنهي أوالاستفهام نحو وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور وأجازها قوم في الإيجاب وخرجوا عليه ولقد جاءك من نبأ المرسلين يحلون فيها من أساور من جبال فيها من برد يغضوا من أبصارهم.
فائدة اخرج ابن أبي حاتم من طريق السدي عن ابن عباس قال: لوأن إبراهيم حين دعا قال: اجعل أفئدة الناس تهوى إليهم لازدحمت عليه اليهود والنصارى ولكنه خص حين قال أفئدة من الناس فجعل ذلك للمؤمنين.
وأخرج عن مجاهد قال: لوقال إبراهيم: فاجعل أفئدة الناس تهوى إليهم لزاحمتكم عليه الروم وفارس.
وهذا صريح في فهم الصحابة والتابعين التبعيض من.
وقال بعضهم: حيث وقعت يغفر لكم في خطاب المؤمنين لم تذكر معها من كقوله في الأحزاب يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم وفي الصف يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب اليم إلى قوله )يغفر لكم ذنوبكم وقال في خطاب الكفار في سورة نوح يغفر لكم من ذنوبكم وكذا في سورة إبراهيم وفي سورة الأحقاف وما ذاك إلا للتفرقة بين الخطأ بين لئلا يسوي بين الفريقين في الوعد ذكره في الكشاف.
من لا تقع إلا اسماً فترد موصولة نحو وله من في السموات والأرض ومن عنده لا يستكبرون وشرطية نحو من يعمل سوءاً يجزيه واستفهامية نحو من بعثنا من مرقدنا ونكرة موصوفة ومن الناس من يقول أي فريق يقول وهي كما في استوائها في المذكر والمفرد وغيرهما والغالب استعمالها في العالم عكس ما ونكتته أن ما أكثر وقوعاً في الكلام منها وما لا يعقل أكثر ممن يعقل فأعطوا ما كثرت مواضعه للكثير وما قلت للقليل للمشاكلة.
قال ابن الأنباري واختصاص من بالعالم وما بغيره في الموصولتين دون الشرطيتين لأن الشرط يستدعي الفعل ولا يدخل على الأسماء.
مهما اسم لعود الضمير عليها في مهما تأتنا به قال الزمخشري: عاد عليها ضمير به وضمير بها حملاً على اللفظ وعلى المعنى وهي شرط لما لا يعقل غير الزمان كالآية المذكورة وفيها تأكيد ومن ثم قال قوم: إن أصلها ما الشرطية وما الزائدة أبدلت ألف الأولى هاء دفعاً للتكرار.
النون على أوجه: اسم وهي ضمير النسوة نحو فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن وقلن وحرف وهي نوعان: نون التوكيد وهي خفيفة وثقيلة نحو ليسجنن وليكونا لنسفعا بالناصية ولم تقع الخفيفة في القرآن إلا في هذين الموضعين.
قلت: وثالث في قراءة شاذة وهي {فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم} ورابع في قراءة الحسن ألقيا في جهنم ذكره ابن جني في المحتسب.
ونون الوقاية وتلحق ياء المتكلم المنصوبة بفعل نحو فاعبدني ليحزنني أوحرف نحو يا ليتني كنت معهم إنني أنا الله والمجرورة بلدن نحو من لدني عذراً أومن أوعن نحو ما أغنى عني ماليه وألقيت عليك محبة مني.
التنوين نون تثبت لفظاً لا خطا وأقسامه كثيرة.
تنوين التمكين وهواللاحق للأسماء المعربة نحو هدى ورحمة وإلى عاد أخاهم هوداً أرسلنا نوحاً.
وتنوين التنكير وهواللاحق لأسماء الأفعال فرقاً بين معرفتها ونكرتها نحوالتنوين اللاحق لأف في قراءة من نونه وهيهات في قراءة من نونها.
وتنوين المقابلة وهواللاحق لجمع المؤنث السالم نحو مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات.
وتنوين العوض إما عن حرف آخر مفاعل المعتل نحو والفجر وليال.
ومن فوقهم غواش أوعن اسم مضاف إليه في كل وبعض وأي نحو كل في فلك يسبحون فضلنا بعضهم على بعض أياماً تدعوا أوعن الجملة المضاف إليها نحو {وأنتم حينئذ تنظرون} أي حين إذا بلغت الروح الحلقوم أوإذا على ما تقدم عن شيخنا ومن نحا نحوه نحو وإنكم إذا لمن المقربين أي إذا غلبتم.
وتنوين الفواصل الذي يسمى في غير القرآن الترنم بدلاً من حرف الإطلاق ويكون في الاسم والفعل والحرف وخرج عليه الزمخشري وغيره قواريراً والليل إذا يسر كلا سيكفرون بتنوين الثلاثة.
نعم حرف جواب فيكون تصديقاً للمخبر ووعداً للطالب وإعلاماً للمستخبر وإبدال عينها حاء وكسرها وإتباع النون لها في الكسر لغات قرئ بها.
نعم فعل لإنشاء المدح لا يتصرف.
الهاء اسم ضمير غائب يستعمل في الجر والنصب نحو قال له صاحبه وهويحاوره وحرف للغيبة وهواللاحق لإيا وللسكت نحو ماهيه كتابيه حسابيه سلطانيه ماليه لم يتسنه وقرئ ها ترد اسم فعل بمعنى خذ ويجوز مد ألفه فيتصرف حينئذ للمثنى والجمع نحو هاؤم اقرءوا كتابيه.
واسماً ضميراً للمؤنث نحو فألهمهما فجورها وتقواها وحرف تنبيه فتدخل على الإشارة نحو هؤلاء هذان خصمان ها هنا وعلى ضمير الرفع المخبر عنه بإشارة نحو ها أنتم أولاء وعلى نعت: أي في النداء نحو يا أيها الناس ويجوز في لغة أسد حذف ألف هذه وضمها إتباعاً وعليه قراءة أيه الثقلان.
هات فعل أمر لا يتصرف ومن ثم ادعى بعضهم أنه اسم فعل.
هل حرف استفهام يطلب به التصديق دون التصور ولا يدخل على منفي ولا شرط ولا إن ولا اسم بعده فعل غالباً ولا عاطف.
قال ابن سيده: ولا يكون الفعل معها إلا مستقبلاً.
ورد بقوله تعالى فهل وجدتم ما وعد ربكم حقاً وترد بمعنى قد وبه فسر هل أتى على الإنسان وبمعنى النفي هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ومعان أخر ستأتي في مبحث الاستفهام.
هلم دعاء إلى الشيء وفيه قولان: أحدهما إن أصله ها ولم من قولك لامت الشيء: أي أصلحته فحذف الألف وركب.
وقيل أصله هل أم كأنه قيل هل لك في كذا أمه: أي قصده فركبا ولغة الحجاز تركه على حاله في التثنية والجمع وبها ورد القرآن ولغة تميم إلحاقه العلامات.
هنا اسم يشار به للمكان القريب نحو إنا ههنا قاعدون وتدخل عليه اللام والكاف فيكون للبعيد نحو هنالك ابتلى المؤمنون وقد يشار به للزمان اتساعاً وخرج عليه هنالك تبلوا كل نفس ما أسلفت هنالك دعا زكريا ربه.
هيت اسم فعل بمعنى أسرع وبادر.
قال في المحتسب: وفيها لغات قرئ ببعضها هيت بفتح الهاء والتاء وهيت بكسر الهاء وفتح التاء وهيت بفتح الهاء وكسر التاء وهيت بفتح الهاء وضم التاء وقرئ هئت بوزن جئت وهوفعل بمعنى تهيأت وقرئ هيئت وهوفعل بمعنى أصلحت.
هيهات اسم فعل بمعنى بعد قال تعالى هيهات هيهات لما توعدون قال الزجاج: البعد لما توعدون قيل وهذا غلط أوقعه في الكلام فإن تقديره بعد الأمر لما توعدون: أي لأجله وأحسن منه أن اللام لتبين الفاعل وفيه لغات قرئ بها بالفتح وبالضم وبالخفض مع التنوين في الثلاثة وعدمه.
الواوجارة ناصبة وغير عاملة فالجارة واوالقسم نحو والله ربنا ما كنا مشركين والناصبة واومع فتنصب المفعول معه في رأي قوم نحو فأجمعوا أمركم وشركاءكم ولا ثاني له في القرآن والمضارع في جواب النفي أوالطلب عند الكوفيون نحو ولما يعلم اله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون وواوالصرف عندهم ومعناها أن الفعل كان يقتضي إعراباً فصرفته عنه إلى النصب نحو أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء في قراءة النصب.
وغير العاملة أنواع.
أحدها: واوالعطف وهي لمطلق الجمع فتعطف الشيء على مصاحبه نحو فأنجيناه وأصحاب السفينة وعلى سابقه نحو أرسلنا نوحاً وإبراهيم ولاحقه نحو يوحي إليك وإلى الذين من قبلك وتفارق سائر حروف العطف في اقترانها بإما نحو {إما شاكراً وإما كفوراً} وبلا بعد نفي نحو وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم وبلكن نحو ولكن رسول الله وتعطف العقد على النيف والعام على الخاص وعكسه نحو وملائكته ورسله وجبريل وميكال رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمناً وللمؤمنين والمؤمنات والشيء على مرادفه نحو صلوات من ربهم ورحمة إنما أشكوبثي وحزني والمجرور على الجوار نحو رؤوسكم وأرجلكم قيل وترد بمعنى أو وحمل عليه مالك {إنما الصدقات للفقراء والمساكين}الآية وللتعليل وحمل عليه الخارزنجي الواوالداخلة على الأفعال المنصوبة.
ثانيها: واوالاستئناف نحو ثم قضى أجلاً وأجل مسمى عنده لنبين لكم ونقر في الأرحام واتقوا الله ويعلمكم الله من يضلل الله فلا هادي له ويذرهم بالرفع إذ لوكانت عاطفة لنصب نقر وانجزم ما بعده ونصب أجل.
ثالثها: واوالحال الداخلة على الجملة الاسمية نحو ونحن نسبح بحمدك يغشى طائفة منكم وطائفة قد همتهم أنفسهم لئن أكله الذئب ونحن عصبة وزعم الزمخشري أنها تدخل على الجملة الواقعة صفة لتأكيد ثبوت الصفة للموصوف ولصوقها به وكما تدخل على الحالية وجعل من ذلك ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم رابعها: واوالثمانية ذكرها جماعة كالحريري وابن خالويه والثعلبي وزعموا أن العرب إذا عدوا يدخلون الواوبعد السبعة إيذاناً بأنها عدد تام وأن ما بعده مستأنف وجعلوا من ذلك قوله {سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم} إلى قوله سبعة وثامنهم كلبهم وقوله {التائبون العابدون} إلى قوله {والناهون عن المنكر} لأنه الوصف الثامن.
وقوله مسلمات إلى قوله وأبكاراً والصواب عدم ثبوتها وأنها في الجميع للعطف.
خامسها: الزائدة وخرج عليه وأخذه من قوله {وتله للجبين} وناديناه سادسها: وضمير الذكور في اسم أوفعل نحو المؤمنون وإذا سمعوا اللغوأعرضوا عنه قل للذين آمنوا يقيموا.
سابعها: واوعلامة المذكورين في لغة طيء وخرج عليه وأسروا النجوى الذين ظلموا ثم عموا وصموا كثير منهم.
ثامنها: الواوالمبدلة من همزة الاستفهام المضموم ما قبلها كقراءة قنبل وإليه النشور و أمنتم قال فرعون وآمنتم به.
وي كأن قال الكسائي: كلمة تندم وتعجب وأصله ويلك والكاف ضمير مجرور.
وقال الأخفش: وي اسم فعل بمعنى أعجب والكاف حرف خطاب وأن على إضمار اللام والمعنى: أعجب لأن الله.
وقال الخليل: وي وحدها وكأن كلمة مستقلة للحقيق لا للتشبيه.
وقال ابن الأنباري: يحتمل وي كأنه ثلاثة أوجه: أ يكون ويك حرفاً وأنه حرف والمعنى: ألم تروا.
وأن يكون كذلك والمعنى: ويلك.
وأن تكون وي حرفاً للتعجب وكأنه حرف ووصلا خطاً لكثرة الاستعمال كما وصل يبنؤم.
ويل قال الأصمعي: ويل تقبيح قال تعالى {ولكم الويل مما تصفون} وقد يوضع موضع التحسر والتفجع نحو يا ويلتنا يل ويلتا أعجزت أخرج الحربي في فوائده من طريق إسماعيل عن ابن عباس عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحك فجزعت منها فقال لي: يا حميراء إن ويحك أوويسك رحمة فلا تجزعي منها ولكنم اجزعي من الويل.
با حرف لنداء البعيد حقيقة أوحكماً وهي أكثر أحرفه استعمالاً ولهذا لا يقدر عند الحذف سواها.
نحو رب اغفر لي يوسف أعرض ولا ينادي اسم الله وأيتها إلا بها.
قال الزمخشري: ويفيد التأكيد المؤذن بأن الخطاب الذي يتلوه يعتني به جداً.
وترد للتنبيه فتدخل على الفعل والحرف نحو ألا يسجدوا {يا ليت قومي يعلمون}.
تنبيه ها قد أتيت على شرح معاني الأدوات الواقعة في القرآن على وجه موجز مفيد محصل للمقصود منه ولم أبسطه لأن محل البسط والإطناب إنما هوتصانيفنا في فن العربية وكتبنا النحوية والمقصود في جميع أنواع هذا الكتاب إنما هوذكر القواعد والأصول لا استيعاب الفروع والجزئيات.