سورة القمر
الآية رقم ( 1 )
{اقتربت الساعة وانشق القمر }
{ اقتربت الساعة } قربت القيامة { وانشق القمر } انفلق فلقتين على أبي قبيس وقيقعان آيه له صلى الله عليه وسلم * وقد سئلها فقال ( اشهدوا ) رواه الشيخان .
الآية رقم ( 2 )
{وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر }
{ وإن يروْا } أي كفار قريش { آية } معجزة له صلى الله عليه وسلم { يعرضوا ويقولوا } هذا { سحر مستمر } قوي من المرة: القوة أو دائم .
الآية رقم ( 3 )
{وكذبوا واتبعوا أهواءهم وكل أمر مستقر }
{ وكذبوا } النبي صلى الله عليه وسلم { واتبعوا أهواءهم } في الباطل { وكل أمر } من الخير والشر { مستقر } بأهله في الجنة أو النار .
الآية رقم ( 4 )
{ولقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر }
{ ولقد جاءهم من الأنباء } أخبار إهلاك الأمم المكذبة رسلهم { ما فيه مزدجر } لهم اسم مكان والدال بدل من تاء الافتعال وازدجرته وزجرته: نهيته بغلظة وما موصلة أو موصوفة .
الآية رقم ( 5 )
{حكمة بالغة فما تغن النذر }
{ حكمة } خبر مبتدأ محذوف أو بدل من ما أو من مزدجر { بالغة } تامة { فما تغن } تنفع فيهم { النذر } جمع نذير بمعنى منذر، أي الأمور المنذورة لهم وما للنفي أو للاستفهام الإنكاري وهي على الثاني مفعول مقدم .
الآية رقم ( 6 )
{فتول عنهم يوم يدع الداع إلى شيء نكر }
{ فتول عنهم } هو فائدة ما قبله وتم به الكلام { يوم يدع الداع } هو إسرافيل وناصب يوم يخرجون بعد { إلى شيءٍ نكُر } بضم الكاف وسكونها، أي منكر تنكره النفوس وهو الحساب .
الآية رقم ( 7 )
{خشعا أبصارهم يخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر }
{ خاشعاً } أي ذليلاً، وفي قراءة خُشَّعاً بضم الخاء وفتح الشين مشددة { أبصارهم } حال من الفاعل { يخرجون } أي الناس { من الأجداث } القبور { كأنهم جراد منتشر } لا يدرون أين يذهبون من الخوف والحيرة، والجملة حال من فاعل يخرجون وكذا قوله .
الآية رقم ( 8 )
{مهطعين إلى الداع يقول الكافرون هذا يوم عسر }
{ مهطعين } مسرعين مادين أعناقهم { إلى الداع يقول الكافرون } منهم { هذا يوم عَسِرٌ } صعب على الكافرين كما في المدثر (يوم عسير على الكافرين) .
الآية رقم ( 9 )
{كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر }
{ كذَّبت قبلهم } قبل قريش { قوم نوح } تأنيث الفعل لمعنى قوم { فكذبوا عبدنا } نوحاً { وقالوا مجنون وازدجر } انتهروه بالسب وغيره .
الآية رقم ( 10 )
{فدعا ربه أني مغلوب فانتصر }
{ فدعا ربه أني } بالفتح، أي بأني { مغلوب فانتصر } .
الآية رقم ( 11 )
{ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر }
{ ففتحنا } بالتخفيف والتشديد { أبواب السماء بماءٍ منهمر } منصب انصباباً شديداً .
الآية رقم ( 12 )
{وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر }
{ وفجرنا الأرض عيوناً } تنبع { فالتقى الماء } ماء السماء والأرض { على أمر } حال { قد قُدِر } قضي به في الأزل وهو هلاكهم غرقاً .
الآية رقم ( 13 )
{وحملناه على ذات ألواح ودسر }
{ وحملناه } أي نوحاً { على } سفينة { ذات ألواح ودُسر } وهو ما تشد به الألواح من المسامير وغيرها وأحدها دسار ككتاب .
الآية رقم ( 14 )
{تجري بأعيننا جزاء لمن كان كفر }
{ تجري بأعيننا } بمرأى منا، أي محفوظة { جزاءً } منصوب بفعل مقدر، أي أغرقوا انتصاراً { لمن كان كفر } وهو نوح عليه السلام، وقرئ كفر بالبناء للفاعل، أي أغرقوا عقاباً .
الآية رقم ( 15 )
{ولقد تركناها آية فهل من مدكر }
{ ولقد تركناها } أبقينا هذه الفعلة { آية } لمن يعتبر بها، أي شاع خبرها واستمر { فهل من مدَّكر } معتبر ومتعظ بها وأصله مذتكر أبدلت التاء دالاً مهملة وكذا المعجمة وأدغمت فيها .
الآية رقم ( 16 )
{فكيف كان عذابي ونذر }
{ فكيف كان عذابي ونُذُر } أي إنذاري استفهام تقرير، وكيف خبر كان وهي للسؤال عن الحال والمعنى حمل المخاطبين على الإقرار بوقوع عذابه تعالى بالمكذبين لنوح موقعه .
الآية رقم ( 17 )
{ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر }
{ ولقد يسرنا القرآن للذكر } سهلناه للحفظ وهيأناه للتذكر { فهل من مدكر } متعظ به وحافظ له والاستفهام بمعنى الأمر، أي احفظوا واتعظوا به وليس يحفظ من كتب الله عن ظهر القلب غيره .
الآية رقم ( 18 )
{كذبت عاد فكيف كان عذابي ونذر }
{ كذبت عاد } نبيهم هوداً فعذبوا { فكيف كان عذابي ونذر } إنذاري لهم بالعذاب قبل نزوله أي وقع موقعه وقد بينه بقوله .
الآية رقم ( 19 )
{إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا في يوم نحس مستمر }
{ إنا أرسلنا عليهم ريحاً صرْصراً } أي شديدة الصوت { في يوم نحس } شؤم { مستمر} دائم الشؤم أو قويه وكان يوم الأربعاء آخر الشهر .
الآية رقم ( 20 )
{تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر }
{ تنزع الناس } تقلعهم من حفر الأرض المندسين فيها وتصرعهم على رؤوسهم فتدق رقابتهم فتبين الرأس عن الجسد { كأنهم } وحالهم ما ذكر { أعجاز } أصول { نخل منقعر } منقطع ساقط على الأرض وشبهوا بالنخل لطولهم وذكر هنا وأنث في الحاقة ( نخل خاوية ) مراعاة للفواصل في الموضعين .
الآية رقم ( 21 )
{فكيف كان عذابي ونذر إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم المحتظر }
{ فكيف كان عذابي ونذر } .
الآية رقم ( 22 )
{ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر }
{ ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر } .
الآية رقم ( 23 )
{كذبت ثمود بالنذر }
{ كذبت ثمود بالنذر } جمع نذير بمعنى منذر، أي بالأمور التي أنذرهم بها نبيهم صالح إن لم يؤمنوا به ويتبعوه .
الآية رقم ( 24 )
{فقالوا أبشرا منا واحدا نتبعه إنا إذا لفي ضلال وسعر }
{ فقالوا أبشراً } منصوب على الاشتغال { منا واحداً } صفتان لبشراً { نتبعه } مفسر للفعل الناصب له والاستفهام بمعنى النفي المعني كيف نتبعه ونحن جماعة كثيرة وهو واحد منا وليس بملك، أي لا نتبعه { إنا إذاً } إن اتبعناه { لفي ضلال } ذهاب عن الصواب { وسعر } جنون .
الآية رقم ( 25 )
{أألقي الذكر عليه من بيننا بل هو كذاب أشر }
{ أألقي } بتحقيق الهمزتين وتسهيل الثانية وإدخال ألف بينهما على الوجهين وتركه { الذكر } الوحي { عليه من بيننا } أي لم يوح إليه { بل هو كذاب } في قوله إنه أوحي إليه ما ذكر { أشر } متكبر بطر، قال تعالى .
الآية رقم ( 26 )
{سيعلمون غدا من الكذاب الأشر }
{ سيعلمون غداً } في الآخرة { من الكذاب الأشر } وهو أو هم بأن يعذبوا على تكذيبهم نبيهم صالحاً .
الآية رقم ( 27 )
{إنا مرسلوا الناقة فتنة لهم فارتقبهم واصطبر }
{ إنا مرسلو الناقة } مخرجوها من الهضبة الصخرة كما سألوا { فتنةٌ } محنة { لهم } لنخبرهم { فارتقبهم } يا صالح أي انتظر ما هم صانعون وما يصنع بهم { واصطبر } الطاء بدل من تاء الافتعال أي اصبر على أذاهم .
الآية رقم ( 28 )
{ونبئهم أن الماء قسمة بينهم كل شرب محتضر }
{ ونبئهم أن الماء قسمة } مقسوم { بينهم } وبين الناقة يوم لهم ويوم لها { كلُّ شرب } نصيب من الماء { محتضر } يحضره القوم يومهم والناقة يومها فتمادوا على ذلك ثم ملوه فهموا بقتل الناقة .
الآية رقم ( 29 )
{فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر }
{ فنادوا صاحبهم } قدراً ليقتلها { فتعاطى } تناول السيف { فعقر } به الناقة، أي قتلها موافقة لهم .
الآية رقم ( 30 )
{فكيف كان عذابي ونذر }
{ فكيف كان عذابي ونذر } إنذاري لهم بالعذاب قبل نزوله، أي وقع موقعه وبيَّنه بقوله .
الآية رقم ( 32 )
{ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر }
{ ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر } .
الآية رقم ( 33 )
{كذبت قوم لوط بالنذر }
{ كذبت قوم لوط بالنذر } بالأمور المنذرة لهم على لسانه .
الآية رقم ( 34 )
{إنا أرسلنا عليهم حاصبا إلا آل لوط نجيناهم بسحر }
{ إنا أرسلنا عليهم حاصباً } ريحاً ترميهم بالحصباء وهي صغار الحجارة الواحد دون ملء الكف فهلكوا { إلا آل لوط } وهم ابنتاه معه { نجيناهم بسحر } من الأسحار وقت الصبح من يوم غير معين ولو أريد من يوم معين لمنع من الصرف لأنه معرفة معدول عن السحر لأن حقه أن يستعمل في المعرفة بأل وهل أرسل الحاصب على آل لوط أولاً ؟ قولان وعبر عن الاستثناء على الأول بأنه متصل وعلى الشاني بأنه منقطع وإن كان من الجنس تسمحاً .
الآية رقم ( 35 )
{نعمة من عندنا كذلك نجزي من شكر }
{ نعمة } مصدر، أي إنعاماً { من عندنا كذلك } أي مثل ذلك الجزاء { نجزي من شكر } أنعمنا وهو مؤمن أو من آمن بالله ورسوله وأطاعهما .
الآية رقم ( 36 )
{ولقد أنذرهم بطشتنا فتماروا بالنذر }
{ ولقد أنذرهم } خوفهم لوط { بطشتنا } أخذتنا أياهم بالعذاب { فتماروا } تجادلوا وكذبوا { بالنذر } بإنذاره .
الآية رقم ( 37 )
{ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر }
{ ولقد راودوه عن ضيفه } أن يخلي بينهم وبين القوم الذين أتوه في صورة الأضياف ليخبثوا بهم وكانوا ملائكة { فطمسنا أعينهم } أعميناها وجعلناها بلا شق كباقي الوجه بأن صفتها جبريل بجناحه { فذوقوا } فقلنا لهم ذوقوا { عذابي ونذر } إنذاري وتخويفي، أي ثمرته وفائدته .
الآية رقم ( 38 )
{ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر }
{ ولقد صبحهم بكرة } وقت الصبح من يوم غير معين { عذاب مستقر } دائم متصل بعذاب الآخرة .
الآية رقم ( 39 )
{فذوقوا عذابي ونذر }
{ فذوقوا عذابي ونذر } .
الآية رقم ( 40 )
{ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر }
{ ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل مدكر }.
الآية رقم ( 41 )
{ولقد جاء آل فرعون النذر }
{ ولقد جاء آل فرعون } قومه معه { النذر } الإنذار على لسان موسى وهارون فلم يؤمنوا بل.
الآية رقم ( 42 )
{كذبوا بآياتنا كلها فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر }
{ كذبوا بآياتنا كلها } التسع التي أوتيها موسى { فأخذناهم } بالعذاب { أخذ عزيز } قوي { مقتدر } قادر لا يعجزه شيء .
الآية رقم ( 43 )
{أكفاركم خير من أولئكم أم لكم براءة في الزبر }
{ أكفاركم } يا قريش { خير من أولئكم } المذكورين من قوم نوح إلى فرعون فلم يعذروا { أم لكم } يا كفار قريش { براءة } من العذاب { في الزبر } الكتب والاستفهام في الموضعين بمعنى النفي أي ليس الأمر كذلك.
الآية رقم ( 44 )
{أم يقولون نحن جميع منتصر }
{ أم يقولون } أي كفار قريش { نحن جميع } جمع { منتصر } على محمد، ولما قال أبو جهل يوم بدر إنا جمع منتصر نزل .
الآية رقم ( 45 )
{سيهزم الجمع ويولون الدبر }
{ سيهزم الجمع ويولون الدبر } فهزموا ببدر ونصر رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم .
الآية رقم ( 46 )
{بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر }
{ بل الساعة موعدهم } بالعذاب { والساعة } أي عذابها { أدهى } أعظم بلية { وأمر } أشد مرارة عذاب الدنيا .
الآية رقم ( 47 )
{إن المجرمين في ضلال وسعر }
{ إن المجرمين في ضلال } هلاك بالقتل في الدنيا { وسعر } نار مستعره بالتشديد أي مهيجة في الآخرة .
الآية رقم ( 48 )
{يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر }
{ يوم يسحبون في النار على وجوههم } في الآخرة ويقال لهم { ذوقوا مس سقر } إصابة جهنم لكم .
الآية رقم ( 49 )
{إنا كل شيء خلقناه بقدر }
{ إنا كل شيء } منصوب بفعل يفسره { خلقناه بقدر } بتقدير حال من كل أي مقدراً وقرئ كل بالرفع مبتدأ خبره خلقناه .
الآية رقم ( 50 )
{وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر }
{ وما أمرنا } لشيء نريد وجوده { إلا } مرة { واحدة كلمح بالبصر } في السرعة وهي قول: كن فيوجد (إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون) .
الآية رقم ( 51 )
{ولقد أهلكنا أشياعكم فهل من مدكر }
{ ولقد أهلكنا أشياعكم } أشباهكم في الكفر من الأمم الماضية { فهل من مدكر } استفهام بمعنى الأمر، أي اذكروا واتعظوا .
الآية رقم ( 52 )
{وكل شيء فعلوه في الزبر }
{ وكل شيء فعلوه } أي العباد مكتوب { في الزبر } كتب الحفظة .
الآية رقم ( 53 )
{وكل صغير وكبير مستطر }
{ وكل صغير وكبير } من الذنب أو العمل { مستطر } مكتوب في اللوح المحفوظ .
الآية رقم ( 54 )
{إن المتقين في جنات ونهر }
{ إن المتقين في جنات } بساتين { ونَهر } أريديه الجنس، وقرئ بضم النون والهاء جمعاً كأسد وأسد، والمعنى أنهم يشربون من أنهار الماء واللبن والعسل والخمر .
الآية رقم ( 55 )
{في مقعد صدق عند مليك مقتدر }
{ في مقعد صدق } مجلس حق لا لغو فيه ولا تأثيم أريد به الجنس، وقرئ مقاعد، المعنى أنهم في مجالس من الجنات سالمة من اللغو والتأثيم بخلاف مجالس الدنيا فقلَّ أن تسلم من ذلك وأعرب هذا خبراً ثانياُ وبدلاً وهو صادق ببدل البعض وغيره { عند مليك } مثال مبالغة، أي عزيز الملك واسعه { مقتدر } قادر لا يعجزه شيء وهو الله تعالى وفيه إشارة إلى الرتبة والقربة من فضله تعالى .