كتاب اللعان
[أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ] قَالَ [أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ] قَالَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} الآيَةَ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: ثُمَّ لَمْ أَعْلَمْ مُخَالِفًا فِي أَنَّ ذَلِكَ إذَا طَلَبَتْ ذَلِكَ الْمَقْذُوفَةُ الْحُرَّةُ وَلَمْ يَأْتِ الْقَاذِفُ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ يُخْرِجُونَهُ مِنْ الْحَدِّ، وَهَكَذَا كُلُّ مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِأَحَدٍ وَجَبَ عَلَى الْإِمَامِ أَخْذُهُ لَهُ إنْ طَلَبَهُ أَخَذَهُ لَهُ بِكُلِّ حَالٍ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَمَا الْحُجَّةُ فِي ذَلِكَ؟ قِيلَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى اسْمُهُ {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ} فَبَيَّنَ أَنَّ السُّلْطَانَ لِلْوَلِيِّ ثُمَّ بَيَّنَ فَقَالَ فِي الْقِصَاصِ {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} فَجَعَلَ الْعَفْوَ إلَى الْوَلِيِّ وَقَالَ: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} فَأَبَانَ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ أَنَّ الْحُقُوقَ لِأَهْلِهَا وَقَالَ فِي الْقَتْلِ {النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} إلَى قَوْلِهِ {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [قَالَ]: فَأَبَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ لَيْسَ حَتْمًا أَنْ يَأْخُذَ هَذَا مَنْ وَجَبَ لَهُ وَلاَ أَنَّ حَتْمًا أَنْ يَأْخُذَهُ الْحَاكِمُ لِمَنْ وَجَبَ لَهُ وَلَكِنْ حَتْمًا أَنْ يَأْخُذَهُ الْحَاكِمُ لِمَنْ وَجَبَ لَهُ إذَا طَلَبَهُ. [قَالَ]: وَإِذَا قَذَفَ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ فَلَمْ تَطْلُبْ الْحَدَّ حَتَّى فَارَقَهَا أَوْ لَمْ يُفَارِقْهَا وَلَمْ تُعْفِهِ ثُمَّ طَلَبَتْهُ الْتَعَنَ أَوْ حُدَّ إنْ أَبَى أَنْ يَلْتَعِنَ، وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَتْ كَانَ لِوَلِيِّهَا أَنْ يَقُومَ بِهِ فَيَلْتَعِنُ الزَّوْجُ أَوْ يُحَدُّ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاَللَّهِ إنَّهُ لَمِنْ الصَّادِقِينَ} إلَى قَوْلِهِ {أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إنْ كَانَ مِنْ الصَّادِقِينَ}.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: فَكَانَ بَيِّنًا فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ اللَّهَ أَخْرَجَ الزَّوْجَ مِنْ قَذْفِ الْمَرْأَةِ بِشَهَادَتِهِ {أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاَللَّهِ إنَّهُ لَمِنْ الصَّادِقِينَ وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ} كَمَا أَخْرَجَ قَاذِفَ الْمُحْصَنَةِ غَيْرِ الزَّوْجَةِ بِأَرْبَعَةِ شُهُودٍ يَشْهَدُونَ عَلَيْهَا بِمَا قَذَفَهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا، وَكَانَتْ فِي ذَلِكَ دَلاَلَةٌ أَنْ لَيْسَ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يَلْعَنَ حَتَّى تَطْلُبَ الْمَرْأَةُ الْمَقْذُوفَةُ حَدَّهَا وَكَمَا لَيْسَ عَلَى قَاذِفِ الْأَجْنَبِيَّةِ حَدٌّ حَتَّى تَطْلُبَ حَدَّهَا [قَالَ]: وَكَانَتْ فِي اللَّعَّانِ أَحْكَامٌ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْهَا الْفُرْقَةُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَنَفْيُ الْوَلَدِ قَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي مَوَاضِعِهَا.
من يلاعن من الأزواج ومن لا يلاعن
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: رحمه الله: وَلَمَّا ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ اللِّعَانَ عَلَى الْأَزْوَاجِ مُطْلَقًا كَانَ اللِّعَانُ عَلَى كُلِّ زَوْجٍ جَازَ طَلاَقُهُ وَلَزِمَهُ الْفَرْضُ، وَكَذَلِكَ عَلَى كُلِّ زَوْجَةٍ لَزِمَهَا الْفَرْضُ وَسَوَاءٌ كَانَ الزَّوْجَانِ حُرَّيْنِ مُسْلِمَيْنِ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا حُرًّا وَالْآخَرُ مَمْلُوكًا أَوْ كَانَا مَمْلُوكَيْنِ مَعًا أَوْ كَانَ الزَّوْج مُسْلِمًا وَالزَّوْجَةُ ذِمِّيَّةً أَوْ كَانَا ذِمِّيَّيْنِ تَحَاكَمَا إلَيْنَا لِأَنَّ كُلًّا زَوْجٌ وَزَوْجَةٌ، يَجِبُ عَلَيْهِ الْفَرْضُ فِي نَفْسِهِ دُونَ صَاحِبِهِ وَفِي نَفْسِهِ لِصَاحِبِهِ وَلِعَانُهُمْ كُلِّهِمْ سَوَاءٌ لاَ يَخْتَلِفُ الْقَوْلُ فِيهِ وَالْقَوْلُ فِي نَفْيِ الْوَلَدِ وَتَخْتَلِفُ الْحُدُودُ لِمَنْ وَقَعَتْ لَهُ وَعَلَيْهِ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الزَّوْجَانِ الْمَحْدُودَانِ فِي قَذْفِ والأعميان وَكُلُّ زَوْجٍ يَجِبُ عَلَيْهِ فَرْضٌ وَسَوَاءٌ قَالَ الزَّوْجُ رَأَيْتهَا تَزْنِي أَوْ قَالَ زَنَتْ أَوْ قَالَ يَا زَانِيَةُ كَمَا يَكُونُ ذَلِكَ سَوَاءً إذَا قَذَفَ أَجْنَبِيَّةً، وَإِذَا قَذَفَ الزَّوْجُ الَّذِي لاَ حَدَّ عَلَيْهِ امْرَأَتَهُ وَهِيَ مِمَّنْ عَلَيْهِ الْحَدُّ أَوْ مِمَّنْ لاَ حَدَّ عَلَيْهِ فَسَوَاءٌ وَلاَ حَدَّ عَلَيْهِ وَلاَ لِعَانَ وَلاَ فُرْقَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا وَلاَ يَنْفِي الْوَلَدَ إنْ نَفَاهُ عَنْهُ وَلاَ طَلاَقَ لَهُ لَوْ طَلَّقَهَا، وَكَذَلِكَ الْمَعْتُوهُ وَكُلُّ مَغْلُوبٍ عَلَى عَقْلِهِ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَتْ الْغَلَبَةُ عَلَى الْعَقْلِ غَيْرَ السُّكْرِ لِأَنَّ الْقَوْلَ وَالْفِعْلَ يَلْزَمُ السَّكْرَانَ وَلاَ يَلْزَمُ الْفِعْلُ وَلاَ الْقَوْلُ مَنْ غُلِبَ عَلَى عَقْلِهِ بِغَيْرِ سُكْرٍ، وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ لَمْ يَسْتَكْمِلْ خَمْسَ عَشَرَةَ أَوْ يَحْتَلِمْ قَبْلَهَا وَإِنْ كَانَ عَاقِلاً فَلاَ يَلْزَمُهُ حَدٌّ وَلاَ لِعَانٌ [قَالَ]: وَمَنْ عَزَبَ عَقْلُهُ مِنْ مَرَضٍ فِي حَالٍ فَأَفَاقَ فِي أُخْرَى فَمَا صَنَعَ فِي حَالِ عُزُوبِ عَقْلِهِ سَقَطَ عَنْهُ وَمَا صَنَعَ فِي الْحَالِ الَّتِي يَثُوبُ فِيهَا عَقْلُهُ لَزِمَهُ طَلاَقٌ وَلِعَانٌ وَقَذْفٌ وَغَيْرُهُ. وَإِنْ اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ قَذَفْتَنِي فِي حَالِ إفَاقَتِك وَقَالَ مَا قَذَفْتُك فِي حَالِ إفَاقَتِي وَلَئِنْ كُنْت قَذَفْتُك مَا قَذَفْتُك إلَّا وَأَنَا مَغْلُوبٌ عَلَى عَقْلِي فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَعَلَيْهَا الْبَيِّنَةُ إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ تُقِرُّ، أَوْ كَانَ يُعْلَمُ أَنَّهُ يَذْهَبُ عَقْلُهُ، وَلَوْ قَذَفَهَا فَقَالَ قَذَفْتُك وَعَقْلِي ذَاهِبٌ مِنْ مَرَضٍ وَقَالَتْ مَا كُنْت ذَاهِبَ الْعَقْلِ فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ كَانَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي قَذَفَهَا فِيهِ وَقَبْلَهُ وَمَعَهُ فِي مَرَضٍ قَدْ يَذْهَبُ عَقْلُهُ فِيهِ فَلاَ يُصَدِّقُ وَهُوَ قَاذِفٌ يَلْتَعِنُ أَوْ يُحَدُّ وَإِنْ عُلِمَ ذَلِكَ صُدِّقَ وَحَلَفَ [قَالَ]: وَإِذَا كَانَ الزَّوْجُ أَخْرَسَ يَعْقِلُ الْإِشَارَةَ وَالْجَوَابَ أَوْ يَكْتُبُ فَيَعْقِلُ فَقَذَفَ لاَعَنَ بِالْإِشَارَةِ أَوْ حُدَّ فَإِنْ لَمْ يَعْقِلْ فَلاَ حَدَّ وَلاَ لِعَانَ وَإِنْ اسْتَطْلَقَ لِسَانَهُ فَقَالَ قَدْ قَذَفْت وَلَمْ يَلْتَعِنْ حُدَّ إلَّا أَنْ يَلْتَعِنَ، وَإِنْ قَالَ لَمْ أَقْذِفْ وَلَمْ أَلْتَعِنْ لَمْ يُحَدَّ وَلاَ تُرَدُّ إلَيْهِ امْرَأَتُهُ بِقَوْلِهِ لَمْ أَلْتَعِنْ وَقَدْ أَلْزَمْنَاهُ الْفُرْقَةَ بِحَالٍ وَيَسَعُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يُمْسِكَهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ طَلَّقَ فَأَلْزَمْنَاهُ الطَّلاَقَ ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ مَا طَلَّقْت لَمْ نَرُدَّهَا إلَيْهِ وَوَسِعَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى الْمَقَامُ عَلَيْهَا، وَلَوْ أَصَابَهُ هَذَا مِنْ مَرَضٍ تَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى يُفِيقَ أَوْ يَطُولَ ذَلِكَ بِهِ وَيُشِيرُ إشَارَةً تُعْقَلُ أَوْ يَكْتُبُ كِتَابًا يُعْقَلُ فَيَصِيرُ كَالْأَخْرَسِ الَّذِي وُلِدَ أَخْرَسَ [قَالَ]: وَإِذَا كَانَتْ هِيَ الْخَرْسَاءُ لَمْ نُكَلِّفْهَا لِعَانَهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ تَعْقِلُ لِأَنَّهُ لاَ مَعْنَى لَهَا فِي الْفُرْقَةِ وَلاَ نَفْيِ الْوَلَدِ وَلِأَنَّهَا غَيْرُ قَاذِفَةٍ لِأَحَدٍ يَسْأَلُ أَنْ نَأْخُذَ لَهُ حَقَّهُ. فَإِنْ قِيلَ فَعَلَيْهَا حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى؟ قِيلَ: لاَ يَجِبُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ اعْتِرَافٍ وَهِيَ لاَ تَعْقِلُ الِاعْتِرَافَ. وَإِنْ كَانَتْ تَعْقِلُ كَمَا تَعْقِلُ الْإِشَارَةَ أَوْ الْكِتَابَةَ الْتَعَنَتْ وَإِنْ لَمْ تَلْتَعِنْ حُدَّتْ إنْ كَانَتْ لاَ يُشَكُّ فِي عَقْلِهَا، فَإِنْ شُكَّ فِي عَقْلِهَا لَمْ تُحَدَّ إنْ أَبَتْ الِالْتِعَانَ. وَلَوْ قَالَتْ لَهُ قَذَفْتنِي فَأَنْكَرَ وَأَتَتْ بِشَاهِدَيْنِ أَنَّهُ قَذَفَهَا لاَعَنَ وَإِنْ لَمْ يُلاَعِنْ حُدَّ. وَلَيْسَ إنْكَارُهُ إكْذَابًا لِنَفْسِهِ بِقَذْفِهَا إنَّمَا هُوَ جَحْدُ أَنْ يَكُونَ قَذَفَهَا.
[قَالَ]: وَلَوْ قَذَفَهَا قَبْلَ بُلُوغِهِ بِسَاعَةٍ ثُمَّ بَلَغَ فَطَلَبَتْ الِالْتِعَانَ أَوْ الْحَدَّ لَمْ يَكُنْ لَهَا إلَّا أَنْ يُحْدِثَ لَهَا قَذْفًا بَعْدَ الْبُلُوغِ. وَكَذَلِكَ لَوْ قَذَفَهَا مَغْلُوبًا عَلَى عَقْلِهِ ثُمَّ أَفَاقَ بَعْدَ ذَلِكَ بِسَاعَةٍ [قَالَ]: وَلاَ يَكُونُ عَلَى الزَّوْجِ لِعَانٌ حَتَّى تَطْلُبَ ذَلِكَ الزَّوْجَةُ فَإِنْ قَذَفَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ الْبَالِغَةَ فَتَرَكَتْ طَلَبَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ لِعَانٌ وَإِنْ مَاتَتْ فَتَرَكَ ذَلِكَ وَرَثَتُهَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ لِعَانٌ وَإِنْ اعْتَرَفَتْ بِالزِّنَا الَّذِي قَذَفَهَا بِهِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ لِعَانٌ وَإِنْ شَاءَ هُوَ أَنْ يَلْتَعِنَ لِيُوجِبَ عَلَيْهَا الْحَدَّ وَتَقَعَ الْفُرْقَةُ وَيَنْفِيَ وَلَدًا إنْ كَانَ، كَانَ ذَلِكَ لَهُ، وَلَوْ كَانَتْ مَحْدُودَةً فِي زِنًا، ثُمَّ قَذَفَهَا بِذَلِكَ الزِّنَا أَوْ زِنًا كَانَ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ عُزِّرَ إنْ طَلَبَتْ ذَلِكَ إنْ لَمْ يَلْتَعِنْ، وَإِنْ أَرَدْنَا حَدَّهُ لِامْرَأَتِهِ أَوْ تَعْزِيرَهُ لَهَا قَبْلَ اللِّعَانِ أَوْ بَعْدَ اللِّعَانِ فَأَكْذَبَ نَفْسَهُ وَأَلْحَقَ بِهِ وَلَدَهَا فَأَرَادَتْ امْرَأَتُهُ الْعَفْوَ عَنْهُ أَوْ تَرَكَتْهُ فَلَمْ تَطْلُبْهُ لَمْ نَحُدَّهُ وَلاَ نَحُدُّهُ إلَّا بِأَنْ تَكُونَ طَالِبَةً بِحَدِّهَا غَيْرَ عَافِيَةٍ عَنْهُ، وَلَوْ كَانَتْ زَوْجَتُهُ ذِمِّيَّةً فَقَذَفَهَا أَوْ مَمْلُوكَةً أَوْ جَارِيَةً يُجَامَعُ مِثْلُهَا وَلَمْ تَبْلُغْ فَقَذَفَهَا بِالزِّنَا وَطَلَبَتْ أَنْ يُعَزَّرَ قِيلَ لَهُ إنْ الْتَعَنْت خَرَجْت مِنْ أَنْ تُعَزَّرَ وَوَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بَيْنَك وَبَيْنَ زَوْجَتِك وَإِنْ لَمْ تَلْتَعِنْ عُزِّرْت وَهِيَ زَوْجَتُك بِحَالِهَا وَإِنْ الْتَعَنْت وَأَبَتْ أَنْ تَلْتَعِنَ فَكَانَتْ كِتَابِيَّةً أَوْ صَبِيَّةً لَمْ تَبْلُغْ لَمْ تَلْتَعِنْ وَلَمْ تُحَدَّ الْكِتَابِيَّةُ الْبَالِغُ إلَّا أَنْ تَأْتِيَنَا طَالِبَةً لِحُكْمِنَا وَإِنْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً بَالِغَةً فَعَلَيْهَا خَمْسُونَ جَلْدَةً وَنَفْيُ نِصْفِ سَنَةٍ وَإِنْ قُلْنَ نَحْنُ نَلْتَعِنُ الْتَعَنَتْ الْمَمْلُوكَةُ لِيَسْقُطَ الْحَدُّ وَلاَ الْتِعَانَ عَلَى صَبِيَّةٍ لِأَنَّهُ لاَ حَدَّ عَلَيْهَا وَلاَ أُجْبِرُ النَّصْرَانِيَّةَ عَلَى الِالْتِعَانِ إلَّا أَنْ تَرْغَبَ فِي أَنْ نَحْكُمَ عَلَيْهَا فَتَلْتَعِنَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ حَدَدْنَاهَا إنْ ثَبَتَتْ عَلَى الرِّضَا بِحُكْمِنَا وَإِنْ رَجَعَتْ عَنْهُ تَرَكْنَاهَا. فَإِنْ كَانَتْ زَوْجَتُهُ خَرْسَاءَ أَوْ مَغْلُوبَةً عَلَى عَقْلِهَا فَقَذَفَهَا قِيلَ لَهُ إنْ الْتَعَنْت فَرَّقْنَا بَيْنَك وَبَيْنَهَا وَإِنْ انْتَفَيْت مِنْ حَمْلٍ أَوْ وَلَدِهَا فَلاَعَنْت نَفَيْنَاهُ عَنْك مَعَ الْفُرْقَةِ وَإِنْ لَمْ تَلْتَعِنْ فَهِيَ امْرَأَتُك وَلاَ نُجْبِرُك عَلَى الِالْتِعَانِ لِأَنَّهُ لاَ حَدَّ عَلَيْك وَلاَ تَعْزِيرَ إذَا لَمْ تَطْلُبْهُ وَهِيَ لاَ يُطْلَبُ مِثْلُهَا وَنَحْنُ لاَ نَدْرِي لَعَلَّهَا لَوْ عَقَلَتْ اعْتَرَفَتْ فَسَقَطَ ذَلِكَ كُلُّهُ عَنْك [قَالَ]: وَإِنْ الْتَعَنَ فَلاَ حَدَّ عَلَى الْخَرْسَاءِ وَلاَ الْمَغْلُوبَةِ عَلَى الْعَقْلِ، وَلَوْ طَلَب أَوْلِيَاؤُهَا أَنْ يَلْتَعِنَ الزَّوْجُ أَوْ يُحَدَّ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُمْ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَذَفَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ أَمَةٌ بَالِغَةٌ فَلَمْ تَطْلُبْهُ فَطَلَبَ سَيِّدُهَا أَنْ يَلْتَعِنَ أَوْ يُعَزَّرَ أَوْ قَذَفَ صَغِيرَةً فَطَلَب ذَلِكَ وَلِيُّهَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ وَإِنَّمَا الْحَقُّ فِي ذَلِكَ لَهَا فَإِنْ لَمْ تَطْلُبْهُ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ يَطْلُبُهُ لَهَا مَا كَانَتْ حَيَّةً، وَلَوْ لَمْ تَطْلُبْهُ وَاحِدَةٌ مِنْ هَؤُلاَءِ وَلاَ كَبِيرَةٌ قَذَفَهَا زَوْجُهَا وَلَمْ تُعْفِهِ الْكَبِيرَةُ وَلَمْ تَعْتَرِفْ حَتَّى مَاتَتْ أَوْ فُورِقَتْ فَطَلَبَهُ وَلِيُّهَا بَعْدَ مَوْتِهَا أَوْ هِيَ بَعْدَ فِرَاقِهَا كَانَ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يَلْتَعِنَ أَوْ يُحَدَّ لِلْكَبِيرَةِ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ وَيُعَزَّرَ لِغَيْرِهَا.
[قَالَ]: وَلَوْ أَنَّ رَجُلاً طَلَّقَ امْرَأَتَهُ طَلاَقًا يَمْلِكُ فِيهِ الرَّجْعَةَ ثُمَّ قَذَفَهَا فِي الْعِدَّةِ فَطَلَبَتْ الْقَذْفَ لاَعَنَ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حُدَّ وَإِنْ الْتَعَنَ فَعَلَيْهَا الِالْتِعَانُ فَإِنْ لَمْ تَلْتَعِنْ حُدَّتْ لِأَنَّهَا فِي مَعَانِي الْأَزْوَاجِ، وَهَكَذَا لَوْ مَضَتْ الْعِدَّةُ وَقَدْ قَذَفَهَا فِي الْعِدَّةِ [قَالَ]: وَإِذَا كَانَ الطَّلاَقُ لاَ يَمْلِكُ فِيهِ الرَّجْعَةَ فَقَذَفَهَا فِي الْعِدَّةِ أَوْ كَانَ يَمْلِكُ فِيهِ الرَّجْعَةَ فَقَذَفَهَا بَعْد مُضِيِّ الْعِدَّةِ بِزِنًا نَسَبَهُ إلَى أَنَّهُ كَانَ وَهِيَ زَوْجَتُهُ أَوْ لَمْ يَنْسُبْهُ إلَى ذَلِكَ فَطَلَبَتْ حَدَّهَا، حُدَّ وَلاَ لِعَانَ إنْ لَمْ يَكُنْ يَنْفِي بِهِ وَلَدًا وَلَدَتْهُ أَوْ حَمْلاً يَلْزَمُهُ [قَالَ]: وَإِنَّمَا حَدَدْته إذَا قَذَفَهَا وَهِيَ بَائِنٌ مِنْهُ أَنَّهَا غَيْرُ زَوْجَةٍ وَلاَ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ بِسَبَبِ النِّكَاحِ وَلَدَ يَلْزَمُ نَسَبُهُ وَلاَ حُكْمَ مِنْ حُكْمِ الْأَزْوَاجِ فَكَانَتْ مُحْصَنَةً مَقْذُوفَةً. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: أَفَرَأَيْت إنْ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ أَوْ حَدَثَ لَهَا وَلَدٌ يَلْحَقُ نَسَبُهُ بِهِ فَانْتَفَى مِنْهُ بِأَنْ قَذَفَهَا وَالْقَذْفُ كَانَ وَهِيَ غَيْرُ زَوْجَةٍ كَيْفَ لاَعَنْت بَيْنَهُمَا؟ قِيلَ لَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى كَمَا أَلْحَقْت الْوَلَدَ بِهِ وَإِنْ كَانَتْ بَائِنًا مِنْهُ بِأَنَّهَا كَانَتْ زَوْجَتَهُ فَجَعَلْت حُكْمَ وَلَدِهَا مِنْهُ غَيْرَ حُكْمِهَا مُنْفَرِدَةً دُونَ الْوَلَدِ بِأَنَّهَا كَانَتْ زَوْجَةً فَكَذَلِكَ لاَعَنْت بَيْنَهُمَا بِالْوَلَدِ لِأَنَّهَا كَانَتْ زَوْجَةً أَلاَ تَرَى أَنَّهَا فِي لُحُوقِ الْوَلَدِ بَعْدَ بَيْنُونَتِهَا مِنْهُ كَهِيَ لَوْ كَانَتْ مَعَهُ وَكَذَلِكَ يَلْتَعِنُ وَيَنْفِيهِ وَإِذَا نَفَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْوَلَدَ وَهِيَ زَوْجَةٌ فَأَزَالَ الْفِرَاشَ كَانَ الْوَلَدُ بَعْدَمَا تَبِينُ أَوْلَى أَنْ يُنْفَى أَوْ فِي مِثْلِ حَالِهِ قَبْلَ أَنْ تَبِينَ وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ لِامْرَأَتِهِ قَدْ وَلَدْت هَذَا الْوَلَدَ وَلَيْسَ بِابْنِي قِيلَ لَهُ مَا أَرَدْت؟ فَإِنْ قَالَ زَنَتْ بِهِ لاَعَنَ أَوْ حُدَّ إذَا طَلَبَتْ ذَلِكَ وَإِذَا لاَعَنَ نُفِيَ عَنْهُ وَإِنْ سَكَتَ لَمْ يُنْفَ عَنْهُ وَلَمْ يُلاَعِنْ فَإِنْ طَلَبَتْ الْحَدَّ حَلَفَ مَا أَرَادَ قَذْفَهَا فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِنْ نَكَلَ حُدَّ أَوْ لاَعَنَ وَذَلِكَ أَنَّهُ يُقَالُ قَدْ تُسْتَدْخَلُ الْمَرْأَةُ مَاءَ الرَّجُلِ فَتَحْبَلُ فَلِذَلِكَ لَمْ أَجْعَلْهُ قَذْفًا وَلاَ أُلاَعِنُ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَقْذِفَهَا بِالزِّنَا فَيُحَدَّ أَوْ يَلْتَعِنَ لِأَنَّهُ الْمَوْضِعُ الَّذِي جَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ اللِّعَانَ لاَ غَيْرُ وَلَوْ قَالَ قَدْ حَبَسَك رَجُلٌ أَوْ فَتَّشَك أَوْ نَالَ مِنْك مَا دُونَ الْجِمَاعِ لَمْ يُلاَعِنْهَا لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِقَذْفٍ فِي زِنًا وَعُزِّرَ لَهَا إنْ طَلَبَتْ ذَلِكَ قَالَ وَلَوْ قَالَ لَهَا أَصَابَك رَجُلٌ فِي دُبُرِك فَطَلَبَتْ ذَلِكَ حُدَّ أَوْ لاَعَنَ لِأَنَّ هَذَا جِمَاعٌ يَجِبُ عَلَيْهَا بِهِ الْحَدُّ وَلاَ يُحَدُّ لَهَا إلَّا فِي الْقَذْفِ بِجِمَاعٍ يَجِبُ عَلَيْهَا فِيهِ حَدٌّ لَوْ فَعَلَتْهُ وَحُدَّ عَلَى مُجَامَعَتِهَا إذَا كَانَ حَرَامًا وَلَوْ قَالَ لَهَا عَبِثَتْ بِك امْرَأَةٌ فَأَفْحَشُ لَمْ يُحَدَّ وَلَمْ يُلاَعِنْ وَيُعَزَّرُ إنْ طَلَبَتْ ذَلِكَ وَلَوْ قَالَ لَهَا رَكِبْت أَنْتِ رَجُلاً حَتَّى غَابَ ذَلِكَ مِنْهُ فِي ذَلِكَ مِنْك كَانَ قَذْفًا يُلاَعِنُ بِهِ أَوْ يُحَدُّ لِأَنَّ عَلَيْهِمَا مَعًا الْحَدَّ وَلَوْ قَالَ لَهَا وَهِيَ زَوْجَةٌ زَنَيْت قَبْلَ أَنْ أَنْكِحَك فَلاَ لِعَانَ وَيُحَدُّ إنْ طَلَبَتْ ذَلِكَ وَلَوْ قَالَ لَهَا بَعْدَمَا تَبِينُ مِنْهُ زَنَيْت وَأَنْتِ امْرَأَتِي وَلاَ وَلَدَ وَلاَ حَبَلَ يَنْفِيهِ حُدَّ وَلَمْ يُلاَعِنْ لِأَنَّهُ قَاذِفٌ غَيْرَ زَوْجَتِهِ وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ يَا زَانِيَةُ بِنْتُ الزَّانِيَةِ وَأُمُّهَا حُرَّةٌ مُسْلِمَةٌ غَيْرُ حَاضِرَةٍ فَطَلَبَتْ امْرَأَتُهُ حَدَّ أُمِّهَا لَمْ يَكُنْ لَهَا وَإِذَا طَلَبَتْهُ أُمُّهَا أَوْ وَكِيلُهَا حُدَّ لَهَا إنْ لَمْ يَأْتِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ عَلَى مَا قَالَ: قَالَ وَمَتَى طَلَبَتْ امْرَأَتُهُ حَدَّهَا كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَلْتَعِنَ أَوْ يُحَدَّ وَلَوْ طَلَبْنَاهُ جَمِيعًا حُدَّ لِلْأُمِّ مَكَانَهُ وَقِيلَ لَهُ الْتَعِنْ لِامْرَأَتِك فَإِنْ لَمْ يَلْتَعِنْ حُبِسَ حَتَّى يَبْرَأَ جِلْدُهُ فَإِذَا بَرَأَ حُدَّ إلَّا أَنْ يَلْتَعِنَ وَمَتَى أَبَى اللِّعَانَ فَجَلَدْتُهُ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ أَنَا أَلْتَعِنُ قَبِلْت رُجُوعَهُ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ إلَّا سَوْطٌ وَاحِدٌ وَلاَ شَيْءَ لَهُ فِيمَا مَضَى مِنْ الضَّرْبِ.
أين يكون اللعان
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: رحمه الله رُوِيَ (أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لاَعَنَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْمِنْبَرِ) فَإِذَا لاَعَنَ الْحَاكِمُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ بِمَكَّةَ لاَعَنَ بَيْنَهُمَا بَيْنَ الْمَقَامِ وَالْبَيْتِ فَإِذَا لاَعَنَ بَيْنَهُمَا بِالْمَدِينَةِ لاَعَنَ بَيْنَهُمَا عَلَى الْمِنْبَرِ وَإِذَا لاَعَنَ بَيْنَهُمَا بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ لاَعَنَ بَيْنَهُمَا فِي مَسْجِدِهِ وَكَذَلِكَ يُلاَعِنُ بَيْنَ كُلِّ زَوْجَيْنِ فِي مَسْجِدِ كُلِّ بَلَدٍ قَالَ وَيَبْدَأُ فَيُقِيمُ الرَّجُلَ قَائِمًا وَالْمَرْأَةُ جَالِسَةٌ فَيَلْتَعِنُ ثُمَّ يُقِيمُ الْمَرْأَةَ قَائِمَةً فَتَلْتَعِنُ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِأَحَدِهِمَا عِلَّةٌ لاَ يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ مَعَهَا فَيَلْتَعِنُ جَالِسًا أَوْ مُضْطَجِعًا إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْجُلُوسِ وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ حَائِضًا الْتَعَنَ الزَّوْجُ فِي الْمَسْجِدِ وَالْمَرْأَةُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ مُسْلِمًا وَالزَّوْجَةُ مُشْرِكَةً الْتَعَنَ الزَّوْجُ فِي الْمَسْجِدِ وَالزَّوْجَةُ فِي الْكَنِيسَةِ وَحَيْثُ تُعَظِّمُ وَإِنْ شَاءَتْ الزَّوْجَةُ الْمُشْرِكَةُ أَنْ تُحْضِرَ الزَّوْجَ فِي الْمَسَاجِدِ كُلِّهَا حَضَرَتْهُ إلَّا أَنَّهَا لاَ تَدْخُلُ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {إنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا}.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: رحمه الله وَإِنْ أَخْطَأَ الْإِمَامُ بِمَكَّةَ أَوْ الْمَدِينَةِ أَوْ غَيْرِهِمَا فَلاَعَنَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ لَمْ يُعِدْ اللِّعَانَ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُ قَدْ قُضِيَ اللِّعَانُ عَلَيْهِمَا وَلِأَنَّهُ حُكْمٌ قَدْ مَضَى. بَيْنَهُمَا وَكَذَلِكَ إنْ لاَعَنَ وَلَمْ يَحْضُرْ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ.
قَالَ: وَإِذَا كَانَ الزَّوْجَانِ مُشْرِكَيْنِ لاَعَنَ بَيْنَهُمَا مَعًا فِي الْكَنِيسَةِ وَحَيْثُ يُعَظِّمَانِ وَإِذَا كَانَا مُشْرِكَيْنِ لاَ دِينَ لَهُمَا تَحَاكَمَا إلَيْنَا لاَعَنَ بَيْنَهُمَا فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ.
أي الزوجين يبدأ باللعان؟
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: رحمه الله: وَيَبْدَأُ الرَّجُلُ بِاللَّعَّانِ حَتَّى يُكْمِلَهُ فَإِذَا أَكْمَلَهُ خَمْسًا الْتَعَنَتْ الْمَرْأَةُ وَإِنْ أَخْطَأَ الْحَاكِمُ فَبَدَأَ بِالْمَرْأَةِ قَبْلَ الزَّوْجِ فَالْتَعَنَتْ أَوْ بَدَأَ بِالرَّجُلِ فَلَمْ يُكْمِلْ اللِّعَانَ حَتَّى أَمَرَ الْمَرْأَةَ أَنْ تَلْتَعِنَ فَالْتَعَنَتْ فَإِذَا أَكْمَلَ الرَّجُلُ اللِّعَانَ عَادَتْ الْمَرْأَةُ فَالْتَعَنَتْ وَلَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْ لِعَانِ الرَّجُلِ إلَّا حَرْفٍ وَاحِدٍ مِنْ قِبَلِ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بَدَأَ بِالرَّجُلِ فِي اللِّعَانِ فَلاَ يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ لِعَانٌ حَتَّى يُكْمِلَ الرَّجُلُ اللِّعَانَ لِأَنَّهُ لاَ مَعْنَى لَهَا فِي اللِّعَانِ إلَّا رَفْعَ الْحَدِّ عَنْ نَفْسِهَا وَالْحَدُّ لاَ يَجِبُ حَتَّى يَلْتَعِنَ الرَّجُلُ ثُمَّ يَجِبُ لِأَنَّهَا تَدْفَعُ الْحَدَّ عَنْ نَفْسِهَا بِالِالْتِعَانِ وَإِلَّا حُدَّتْ وَإِذَا بَدَأَ الرَّجُلُ فَالْتَعَنَ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ الْحَاكِمُ أَوْ بَعْدَمَا أَتَاهُ قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ بِالِالْتِعَانِ أَوْ الْمَرْأَةُ أَوْ هُمَا أَعَادَ أَيُّهُمَا بَدَأَ قَبْلَ أَمْرِ الْحَاكِمِ إيَّاهُ بِالِالْتِعَانِ لِأَنَّ رُكَانَةَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْبَرَهُ بِطَلاَقِ امْرَأَتِهِ أَلْبَتَّةَ وَحَلَفَ لَهُ فَأَعَادَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْيَمِينَ عَلَى رُكَانَةَ ثُمَّ رَدَّ إلَيْهِ امْرَأَتَهُ بَعْدَ حَلِفِهِ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَمْ يَرُدَّ امْرَأَتَهُ إلَيْهِ قَبْلَ حَلِفِهِ بِأَمْرِهِ [أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ] قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ أَنَّ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ أَخْبَرَهُ (أَنَّ عُوَيْمِرًا الْعَجْلاَنِيَّ جَاءَ إلَى عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ فَقَالَ لَهُ أَرَأَيْت يَا عَاصِمُ لَوْ أَنَّ رَجُلاً وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ؟ سَلْ لِي يَا عَاصِمُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ ذَلِكَ فَلَمَّا رَجَعَ عَاصِمٌ إلَى أَهْلِهِ جَاءَهُ عُوَيْمِرٌ فَقَالَ يَا عَاصِمُ مَاذَا قَالَ لَك رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ فَقَالَ عَاصِمٌ لِعُوَيْمِرٍ لَمْ تَأْتِنِي بِخَيْرٍ قَدْ كَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَسْأَلَةَ الَّتِي سَأَلْته عَنْهَا فَقَالَ عُوَيْمِرٌ وَاَللَّهِ لاَ أَنْتَهِي حَتَّى أَسْأَلَهُ فَأَقْبَلَ عُوَيْمِرٌ حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَسْطَ النَّاسِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْت رَجُلاً وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ أُنْزِلَ فِيك وَفِي صَاحِبَتِك فَاذْهَبْ فَأْتِ بِهَا فَقَالَ سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ فَتَلاَعَنَا وَأَنَا مَعَ النَّاسِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمَّا فَرَغَا قَالَ عُوَيْمِرٌ لَقَدْ كَذَبْت عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إنْ أَمْسَكْتهَا فَطَلَّقَهَا ثَلاَثًا قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَكَانَتْ تِلْكَ سُنَّةً فِي الْمُتَلاَعِنَيْنِ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَهْلٍ عَنْ رَجُلٍ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً فَقَتَلَهُ أَيُقْتَلُ بِهِ أَمْ كَيْفَ يَصْنَعُ؟ فَسَأَلَ عَاصِمٌ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَعَابَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَسَائِلَ فَلَقِيَهُ عُوَيْمِرٌ فَقَالَ مَا صَنَعْت؟ فَقَالَ إنَّك لَمْ تَأْتِنِي بِخَيْرٍ سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَعَابَ الْمَسَائِلَ فَقَالَ عُوَيْمِرٌ وَاَللَّهِ لاَتِيَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلاََسْأَلَنَّهُ فَأَتَاهُ فَوَجَدَهُ قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ فِيهِمَا فَدَعَا بِهِمَا فَلاَعَنَ بَيْنَهُمَا فَقَالَ عُوَيْمِرٌ لَئِنْ انْطَلَقْت بِهَا لَقَدْ كَذَبْت عَلَيْهَا فَفَارَقَهَا قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (اُنْظُرُوهَا فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَسْحَمَ أَدْعَجَ عَظِيمَ الْأَلْيَتَيْنِ فَلاَ أَرَاهُ إلَّا قَدْ صَدَقَ وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أُحَيْمِرَ كَأَنَّهُ وَحَرَةٌ فَلاَ أَرَاهُ إلَّا كَاذِبًا) فَجَاءَتْ بِهِ عَلَى النَّعْتِ الْمَكْرُوهِ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَصَارَتْ سُنَّةَ الْمُتَلاَعِنَيْنِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ أَنَّ عُوَيْمِرًا جَاءَ إلَى عَاصِمٍ فَقَالَ أَرَأَيْت رَجُلاً وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً فَقَتَلَهُ أَتَقْتُلُونَهُ؟ سَلْ لِي يَا عَاصِمُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسَأَلَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَكَرِهَ الْمَسَائِلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَابَهَا فَرَجَعَ عَاصِمٌ إلَى عُوَيْمِرٌ فَأَخْبَرَهُ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَرِهَ الْمَسَائِلَ وَعَابَهَا فَقَالَ عُوَيْمِرٌ وَاَللَّهِ لاَتِيَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَجَاءَهُ وَقَدْ نَزَلَ الْقُرْآنُ خِلاَفَ عَاصِمٍ فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ (قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيكُمَا الْقُرْآنَ فَتَقَدَّمَا فَتَلاَعَنَا) ثُمَّ قَالَ كَذَبْت عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إنْ أَمْسَكْتُهَا فَفَارَقَهَا وَمَا أَمَرَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَمَضَتْ سُنَّةَ الْمُتَلاَعِنَيْنِ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (اُنْظُرُوهَا فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَحْمَرَ قَصِيرًا كَأَنَّهُ وَحَرَةٌ فَلاَ أَحْسَبُهُ إلَّا قَدْ كَذَبَ عَلَيْهَا وَإِنْ جَاءَتْ لَهُ أَسْحَمَ أَعْيَنَ ذَا أَلْيَتَيْنِ فَلاَ أَحْسَبُهُ إلَّا قَدْ صَدَقَ عَلَيْهَا) فَجَاءَتْ بِهِ عَلَى النَّعْتِ الْمَكْرُوهِ [أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ] قَالَ أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ (إنْ جَاءَتْ بِهِ أشيقر سَبِطًا فَهُوَ لِزَوْجِهَا وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أُدَيْعِجَ فَهُوَ لِلَّذِي يَتَّهِمُهُ) قَالَ فَجَاءَتْ بِهِ أُدَيْعِجَ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَخِي بَنِي سَاعِدَةَ أَنَّ رَجُلاً مِنْ الْأَنْصَارِ جَاءَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْت رَجُلاً وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي شَأْنِهِ مَا ذُكِرَ فِي الْقُرْآنِ مِنْ أَمْرِ الْمُتَلاَعِنَيْنِ فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (قَدْ قُضِيَ فِيك وَفِي امْرَأَتِك) قَالَ فَتَلاَعَنَا وَأَنَا شَاهِدٌ ثُمَّ فَارَقَهَا عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَكَانَتْ السُّنَّةُ بَعْدَهُمَا أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْمُتَلاَعِنَيْنِ قَالَ وَكَانَتْ حَامِلاً فَأَنْكَرَهُ فَكَانَ ابْنُهَا يُدْعَى إلَى أُمِّهِ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ شَهِدْت ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله تعالى عنهما يُحَدِّثُ بِحَدِيثِ الْمُتَلاَعِنَيْنِ فَقَالَ لَهُ ابْنُ شَدَّادٍ أَهِيَ الَّتِي قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (لَوْ كُنْت رَاجِمًا أَحَدًا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ رَجَمْتهَا)؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لاَ تِلْكَ امْرَأَةٌ كَانَتْ قَدْ أَعْلَنَتْ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ أَنَّهُ سَمِعَ الْمَقْبُرِيَّ يُحَدِّثُ الْقُرَظِيَّ قَالَ الْمَقْبُرِيُّ حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ لَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ الْمُلاَعَنَةِ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَدْخَلَتْ عَلَى قَوْمٍ مَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ فَلَيْسَتْ مِنْ اللَّهِ فِي شَيْءٍ وَلَنْ يُدْخِلَهَا اللَّهُ تَعَالَى جَنَّتَهُ وَأَيُّمَا رَجُلٍ جَحَدَ وَلَدَهُ وَهُوَ يَنْظُرُ إلَيْهِ احْتَجَبَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُ وَفَضَحَهُ بِهِ عَلَى رُءُوسِ الْخَلاَئِقِ مِنْ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ) سَمِعْت سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ يَقُولُ أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ (أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِلْمُتَلاَعِنَيْنِ حِسَابُكُمَا عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَحَدُكُمَا كَاذِبٌ لاَ سَبِيلَ لَك عَلَيْهَا) فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لِي. فَقَالَ (لاَ مَالَ لَك إنْ كُنْت صَدَقْت عَلَيْهَا فَهُوَ بِمَا اسْتَحْلَلْت مِنْ فَرْجِهَا وَإِنْ كُنْت كَذَبْت عَلَيْهَا فَذَلِكَ أَبْعَدُ لَك مِنْهَا أَوْ مِنْهُ) أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ أَبِي تَمِيمَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ سَمِعْت ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ فَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ أَخَوَيْ بَنِي الْعَجْلاَنِ وَقَالَ هَكَذَا بِإِصْبَعَيْهِ الْمُسَبِّحَةِ وَالْوُسْطَى فَقَرَنَهَا وَاَلَّتِي تَلِيهَا يَعْنِي الْمُسَبِّحَةَ وَقَالَ (اللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ) أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ (أَنَّ رَجُلاً لاَعَنَ امْرَأَتَهُ فِي زَمَانِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَانْتَفَى مِنْ وَلَدِهَا فَفَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَهُمَا وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِالْمَرْأَةِ).
كيف اللعان؟
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: رحمه الله اللِّعَانُ أَنْ يَقُولَ الْإِمَامُ لِلزَّوْجِ قُلْ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْت بِهِ زَوْجَتِي فُلاَنَةَ بِنْتَ فُلاَنٍ وَيُشِيرُ إلَيْهَا إنْ كَانَتْ حَاضِرَةً مِنْ الزِّنَا ثُمَّ يَعُودُ فَيَقُولُهَا حَتَّى يُكْمِلَ ذَلِكَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فَإِذَا أَكْمَلَ أَرْبَعًا وَقَفَهُ الْإِمَامُ وَذَكَّرَهُ اللَّهَ وَقَالَ " إنِّي أَخَافُ إنْ لَمْ تَكُنْ صَدَقْت أَنْ تَبُوءَ بِلَعْنَةِ اللَّهِ " فَإِنْ رَآهُ يُرِيدُ أَنْ يَمْضِيَ أَمَرَ مَنْ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى فِيهِ وَيَقُولُ إنَّ قَوْلَك " وَعَلَيَّ لَعْنَةُ اللَّهِ إنْ كُنْت مِنْ الْكَاذِبِينَ " مُوجِبَةٌ إنْ كُنْت كَاذِبًا فَإِنْ أَبَى تَرَكَهُ وَقَالَ قُلْ " عَلَيَّ لَعْنَةُ اللَّهِ إنْ كُنْت مِنْ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَيْت بِهِ فُلاَنَةَ مِنْ الزِّنَا ".
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: فَإِنْ قَذَفَهَا بِأَحَدٍ يُسَمِّيهِ بِعَيْنِهِ وَاحِدٍ أَوْ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ قَالَ مَعَ كُلِّ شَهَادَةٍ " أَشْهَدُ بِاَللَّهِ أَنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْتهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا بِفُلاَنٍ وَفُلاَنٍ وَفُلاَنٍ " وَقَالَ عِنْدَ الِالْتِعَانِ " وَعَلَيَّ لَعْنَةُ اللَّهِ إنْ كُنْت مِنْ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَيْتهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا بِفُلاَنٍ أَوْ فُلاَنٍ وَفُلاَنٍ " وَإِنْ كَانَ مَعَهَا وَلَدٌ فَنَفَاهُ أَوْ بِهَا حَبَلٌ فَانْتَفَى مِنْهُ قَالَ مَعَ كُلِّ شَهَادَةٍ " أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْتهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا وَأَنَّ هَذَا الْوَلَدَ وَلَدُ زِنًا مَا هُوَ مِنِّي " وَإِنْ كَانَ حَمْلاً قَالَ " وَأَنَّ هَذَا الْحَمْلَ إنْ كَانَ بِهَا حَمْلٌ لَحَمْلٌ مِنْ الزِّنَا مَا هُوَ مِنِّي " وَقَالَ فِي الِالْتِعَانِ " وَعَلَيَّ لَعْنَةُ اللَّهِ إنْ كُنْت مِنْ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَيْتهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا وَأَنَّ هَذَا الْوَلَدَ وَلَدُ زِنًا مَا هُوَ مِنِّي " فَإِذَا قَالَ هَذَا فَقَدْ فَرَغَ مِنْ الِالْتِعَانِ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: وَإِذَا أَخْطَأَ الْإِمَامُ وَلَمْ يَذْكُرْ نَفْيَ الْوَلَدِ أَوْ الْحَمْلِ فِي الِالْتِعَانِ قَالَ لِلزَّوْجِ إنْ أَرَدْت نَفْيَهُ أَعَدْت عَلَيْك اللِّعَانَ وَلاَ تُعِيدُ الْمَرْأَةُ بَعْدَ إعَادَةِ الزَّوْجِ اللِّعَانَ إنْ كَانَتْ فَرَغَتْ مِنْهُ بَعْدَ الْتِعَانِ الزَّوْجِ الَّذِي أَغْفَلَ الْإِمَامُ فِيهِ نَفْيَ الْوَلَدِ وَالْحَمْلِ وَإِنْ أَخْطَأَ وَقَدْ قَذَفَهَا بِرَجُلٍ وَلَمْ يَلْتَعِنْ بِقَذْفِهِ فَأَرَادَ الرَّجُلُ حَدَّهُ أَعَادَ عَلَيْهِ اللِّعَانَ وَإِلَّا حُدَّ لَهُ إنْ لَمْ يَلْتَعِنْ وَأَيُّ الزَّوْجَيْنِ كَانَ أَعْجَمِيًّا اُلْتُعِنَ لَهُ بِلِسَانِهِ بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ وَأَحَبُّ إلَيَّ لَوْ كَانُوا أَرْبَعَةً وَيُجْزِئُ عَدْلاَنِ يَعْرِفَانِ بِلِسَانِهِ فَإِنْ كَانَ أَخْرَسَ تُفْهَمُ إشَارَتُهُ الْتَعَنَ بِالْإِشَارَةِ فَإِنْ انْطَلَقَ لِسَانُهُ بَعْدَ الْخَرَسِ لَمْ يُعِدْ قَالَ ثُمَّ تُقَامُ الْمَرْأَةُ فَتَقُولُ " أَشْهَدُ بِاَللَّهِ أَنَّ زَوْجِي فُلاَنًا وَتُشِيرُ إلَيْهِ إنْ كَانَ حَاضِرًا لَمِنْ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَانِي بِهِ مِنْ الزِّنَا " ثُمَّ تَعُودُ حَتَّى تَقُولَ ذَلِكَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فَإِذَا فَرَغَتْ مِنْ الرَّابِعَةِ وَقَفَهَا الْإِمَامُ وَذَكَّرَهَا اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَقَالَ لَهَا " احْذَرِي أَنْ تَبُوئِي بِغَضَبٍ مِنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إنْ لَمْ تَكُونِي صَادِقَةً فِي أَيْمَانِك " فَإِنْ رَآهَا تَمْضِي وَحَضَرَتْهَا امْرَأَةٌ أَمْرَهَا أَنْ تَضَعَ يَدَهَا عَلَى فِيهَا وَإِنْ لَمْ تَحْضُرْهَا فَرَآهَا تَمْضِي قَالَ لَهَا قُولِي " وَعَلَيَّ غَضَبُ اللَّهِ إنْ كَانَ مِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَانِي بِهِ مِنْ الزِّنَا " فَإِذَا قَالَتْ ذَلِكَ فَقَدْ فَرَغَتْ مِنْ اللِّعَانِ وَإِنَّمَا أَمَرْت بِوَقْفِهِمَا وَتَذْكِيرِهِمَا أَنَّ سُفْيَانَ أَخْبَرَنَا عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَ رَجُلاً حِينَ لاَعَنَ بَيْنَ الْمُتَلاَعِنَيْنِ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَى فِيهِ عِنْدَ الْخَامِسَةِ وَقَالَ إنَّهَا مُوجِبَةٌ).
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: وَسَوَاءٌ فِي أَيْمَانِهَا وَالْتِعَانِهَا لاَعَنَهَا بِنَفْيِ وَلَدٍ أَوْ حَمْلٍ أَوْ بِلاَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِأَنَّهُ لاَ مَعْنَى لَهَا فِي الْوَلَدِ وَالْوَلَدُ وَلَدُهَا بِكُلِّ حَالٍ وَإِنَّمَا يُنْفَى عَنْهُ هُوَ أَوْ يُثْبَتُ قَالَ وَسَوَاءٌ كُلُّ زَوْجٍ وَزَوْجَةٍ بَالِغَيْنِ لَيْسَا بِمَغْلُوبَيْنِ عَلَى عُقُولِهِمَا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَلْتَعِنَانِ فِيهِ وَالْقَوْلُ الَّذِي يَلْتَعِنَانِ بِهِ حُرَّيْنِ أَوْ مَمْلُوكِينَ أَوْ حُرٍّ وَمَمْلُوكٍ وَسَوَاءٌ الْكَافِرَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا كَافِرٌ فِي الْقَوْلِ الَّذِي يَلْتَعِنَانِ بِهِ وَيَخْتَلِفَانِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَلْتَعِنَانِ فِيهِ قَالَ وَإِنْ لَمْ يُلاَعِنْ بَيْنَهُمَا الْإِمَامُ قَائِمَيْنِ وَلاَ عَلَى الْمِنْبَرِ أَوْ لَمْ يَحْضُرْهُمَا أَرْبَعٌ أَوْ لَمْ يَحْضُرْ أَحَدُهُمَا وَحَضَرَ الْآخَرُ لَمْ يُرَدَّ عَلَيْهِمَا اللِّعَانُ.
ما يكون بعد التعان الزوج من الفرقة ونفي الولد وحد المرأة
[أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ] قَالَ: [قَالَ الشَّافِعِيُّ]: فَإِذَا أَكْمَلَ الزَّوْجُ الشَّهَادَةَ وَالِالْتِعَانَ فَقَدْ زَالَ فِرَاشُ امْرَأَتِهِ وَلاَ تَحِلُّ لَهُ أَبَدًا بِحَالٍ وَإِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ لَمْ تَعُدْ إلَيْهِ الْتَعَنَتْ أَوْ لَمْ تَلْتَعِنْ حُدَّتْ أَوْ لَمْ تُحَدَّ قَالَ وَإِنَّمَا قُلْت هَذَا لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ (الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ) وَكَانَتْ فِرَاشًا فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُنْفَى الْوَلَدُ عَنْ الْفِرَاشِ إلَّا بِأَنْ يَزُولَ الْفِرَاشُ فَلاَ يَكُونُ فِرَاشٌ أَبَدًا وَقَدْ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَرَّقَ بَيْنَ الْمُتَلاَعِنَيْنِ وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِالْمَرْأَةِ).
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: رحمه الله عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَرَّقَ بَيْنَ الْمُتَلاَعِنَيْنِ وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِالْمَرْأَةِ).
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: رحمه الله وَكَانَ مَعْقُولاً فِي حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذَا أَلْحَقَ الْوَلَدَ بِأُمِّهِ أَنَّهُ نَفَاهُ عَنْ أَبِيهِ وَأَنَّ نَفْيَهُ عَنْ أَبِيهِ بِيَمِينِهِ وَالْتِعَانِهِ لاَ بِيَمِينِ أُمِّهِ عَلَى كَذِبِهِ بِنَفْيِهِ وَمَعْقُولٌ فِي إجْمَاعِ النَّاسِ أَنَّ الزَّوْجَ إذَا أَكْذَبَ نَفْسَهُ أُلْحِقَ بِهِ الْوَلَدُ وَجُلِدَ الْحَدَّ لِأَنَّ لاَ مَعْنَى لِلْمَرْأَةِ فِي نَفْيِهِ وَأَنَّ الْمَعْنَى لِلزَّوْجِ بِمَا وَصَفْت مِنْ نَفْيِهِ وَكَيْفَ يَكُونُ لَهَا مَعْنًى فِي يَمِينِ الزَّوْجِ وَنَفْيِ الْوَلَدِ وَإِلْحَاقِهِ وَالْوَلَدُ بِكُلِّ حَالٍ وَلَدُهَا لاَ يُنْفَى عَنْهَا إنَّمَا عَنْهُ يُنْفَى وَإِلَيْهَا يُنْسَبُ إذَا نُسِبَ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: فَإِذَا أَكْمَلَ الزَّوْجُ اللِّعَانَ فَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ امْرَأَتُهُ لِأَنَّهُ لاَ يَزُولُ النَّسَبُ إلَّا بِزَوَالِ الْفِرَاشِ وَلَوْ مَاتَ أَوْ مَاتَتْ امْرَأَتُهُ بَعْدَ كَمَالِ الْتِعَانِهِ لَمْ يَتَوَارَثَا لِأَنَّ الْفُرْقَةَ وَقَعَتْ بِاَلَّذِي وَقَعَ بِهِ نَفْيُ الْوَلَدِ قَالَ وَلَوْ قَالَتْ لاَ أَلْتَعِنُ أَوْ أَقْذِفُ بِالزِّنَا أَوْ خَرِسَتْ أَوْ مَاتَتْ فَسَوَاءٌ الْوَلَدُ مَنْفِيٌّ وَالْفُرْقَةُ وَاقِعَةٌ قَالَ وَلَوْ حَلَفَ الْأَيْمَانَ كُلَّهَا وَبَقِيَ الِالْتِعَانُ أَوْ حَلَفَ ثَلاَثَةَ أَيْمَانٍ وَالْتَعَنَ أَوْ نَقَصَ مِنْ الْأَيْمَانِ أَوْ الِالْتِعَانِ شَيْئًا كَانَا بِحَالِهِمَا أَيُّهُمَا مَاتَ وَرِثَهُ صَاحِبُهُ وَالْوَلَدُ غَيْرُ مَنْفِيٍّ حَتَّى يَكْمُلَ الِالْتِعَانُ، قَالَ وَسَوَاءٌ إذَا لَمْ يُتِمَّ اللِّعَانَ كُلَّهُ فِي أَنْ لاَ فُرْقَةَ وَلاَ نَفْيَ وَلَدٍ لَوْ جُنَّ أَوْ عَتِهَ أَوْ غَابَ أَوْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ، قَالَ وَإِنْ حَلَفَ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا ثُمَّ هَرَبَ فَالنِّكَاحُ بِحَالِهِ حَتَّى يَقْدِرَ عَلَيْهِ فَيَلْتَعِنَ وَكَذَلِكَ لَوْ عَتَه أَوْ خَرِسَ أَوْ بُرْسِمَ أَوْ أَصَابَهُ مَا لاَ يَقْدِرُ مَعَهُ عَلَى الْكَلاَمِ أَوْ مَا يُذْهِبُ عَقْلَهُ فَالنِّكَاحُ بِحَالِهِ فَمَتَى قَدَرَ عَلَيْهِ أَوْ ثَابَ إلَيْهِ عَقْلُهُ الْتَعَنَ فَإِنْ قَالَ هُوَ لاَ أَلْتَعِنُ وَطَلَبَتْ أَنْ يُحَدَّ لَهَا حُدَّ وَهُوَ زَوْجُهَا وَالْوَلَدُ وَلَدُهُ وَإِنْ لَمْ تَطْلُبْ أَنْ يُحَدَّ لَهَا فَطَلَب ذَلِكَ رَجُلٌ قَذَفَهَا بِزِنَاهُ بِهَا كَانَ ذَلِكَ لَهُ وَحُدَّ لَهُ وَإِنْ مَاتَتْ وَطَلَبَ ذَلِكَ وَرَثَتُهَا وَلَمْ تَكُنْ عَفَتْ حَدَّهَا كَانَ ذَلِكَ لَهُمْ، وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَ الْمَقْذُوفُ بِهَا وَطَلَبَ ذَلِكَ وَرَثَتُهُ كَانَ ذَلِكَ لَهُمْ فَإِنْ طَلَبَتْهُ أَوْ وَرَثَتُهَا فَحُدَّ لَهَا ثُمَّ طَلَبَهُ الَّذِي قَذَفَهَا بِهِ لَمْ يُحَدَّ لَهُ لِأَنَّهُ قَذْفٌ وَاحِدٌ وَلَوْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّ الزَّوْجُ اللِّعَانَ أَنَا أَلْتَعِنُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَلَيْهَا وَلَوْ أَخْطَأَ الْإِمَامُ فَأَمَرَهَا فَالْتَعَنَتْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ شَيْءٌ يُدْرَأُ بِهِ عَنْ نَفْسِهَا حَدٌّ وَلاَ يَجِبُ بِهِ حُكْمٌ وَمَتَى الْتَعَنَ الزَّوْجُ فَعَلَيْهَا أَنْ تَلْتَعِنَ فَإِنْ أَبَتْ حُدَّتْ وَإِنْ كَانَتْ حِينَ الْتَعَنَ الزَّوْجُ حَائِضًا فَسَأَلَ الزَّوْجُ أَنْ تُؤَخِّرَ حَتَّى تَدْخُلَ الْمَسْجِدَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَلَيْهَا وَأُحْلِفَتْ بِبَابِ الْمَسْجِدِ فَإِنْ كَانَتْ مَرِيضَةً لاَ تَقْدِرُ عَلَى الْخُرُوجِ أُحْلِفَتْ فِي بَيْتِهَا، قَالَ وَإِنْ امْتَنَعَتْ مِنْ الْيَمِينِ وَهِيَ مَرِيضَةٌ فَكَانَتْ ثَيِّبًا رُجِمَتْ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ فِي يَوْمٍ بَارِدٍ أَوْ سَاعَةٍ صَائِفَةٍ لِأَنَّ الْقَتْلَ يَأْتِي عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا لَمْ تُحَدَّ حَتَّى تَصِحَّ وَيَنْقُصَ الْبَرْدُ وَالْحَرُّ ثُمَّ تُحَدَّ وَإِنَّمَا قُلْت تُحَدُّ إذَا الْتَعَنَ الزَّوْجُ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ} الآيَةَ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: وَالْعَذَابُ الْحَدُّ فَكَانَ عَلَيْهَا أَنْ تُحَدَّ إذَا الْتَعَنَ الزَّوْجُ وَلَمْ تَدْرَأْ عَنْ نَفْسِهَا بِالِالْتِعَانِ، قَالَ وَلَوْ غَابَتْ أَوْ عَتِهَتْ أَوْ غُلِبَتْ عَلَى عَقْلِهَا فَإِذَا حَضَرَتْ وَثَابَ إلَيْهَا عَقْلُهَا الْتَعَنَتْ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ حُدَّتْ وَإِنْ لَمْ يَثِبْ إلَيْهَا عَقْلُهَا فَلاَ حَدَّ وَلاَ الْتِعَانَ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِمَّنْ عَلَيْهَا الْحُدُودُ، وَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ لاَ أَلْتَعِنُ وَأَمَرَ بِأَنْ يُقَامَ عَلَيْهِ الْحَدُّ فَضُرِبَ بِالسِّيَاطِ فَلَمْ يُتِمَّهُ حَتَّى قَالَ أَنَا أَلْتَعِنُ قَبِلْنَا ذَلِكَ مِنْهُ وَلاَ شَيْءَ لَهُ فِيمَا نَالَهُ مِنْ الْحَدِّ وَلَوْ أَتَى عَلَى نَفْسِهِ كَمَا يَقْذِفُ الْمَرْأَةَ فَيُقَالُ ائْتِ بِبَيِّنَةٍ فَيَقُولُ لاَ آتِي بِهَا فَيُضْرَبُ بَعْضَ الْحَدِّ ثُمَّ يَقُولُ أَنَا آتِي بِهِمْ فَيَكُونُ ذَلِكَ لَهُ وَلَوْ قِيلَ لِلْمَرْأَةِ الْتَعِنِي فَأَبَتْ فَأُمِرَ بِهَا يُقَامُ عَلَيْهَا الْحَدُّ فَأَصَابَهَا بَعْضُهُ ثُمَّ قَالَتْ أَنَا أَلْتَعِنُ تُرِكَتْ حَتَّى تَلْتَعِنَ بِهَذَا الْمَعْنَى وَلَوْ قَذَفَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَنَفَى وَلَدَهَا ثُمَّ خَرِسَ أَوْ ذَهَبَ عَقْلُهُ فَمَاتَ الْوَلَدُ قَبْلَ أَنْ يُفِيقَ فَأُخِذَ لَهُ مِيرَاثُهُ مِنْهُ ثُمَّ أَفَاقَ الزَّوْجُ فَالْتَعَنَ وَنَفَى الْوَلَدَ عَنْهُ رُدَّ الْمِيرَاثُ وَلَوْ قَذَفَ امْرَأَتَهُ بِوَلَدٍ فَصَدَّقَتْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَدٌّ وَلاَ لِعَانَ لَهَا وَلاَ يُنْفَى الْوَلَدُ وَإِنْ صَدَّقَتْهُ حَتَّى يَلْتَعِنَ الزَّوْجُ فَيُنْفَى عَنْهُ بِالْتِعَانِهِ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَالْأَصْلُ أَنَّ وَلَدَ الزَّوْجَةِ لِلزَّوْجِ بِغَيْرِ اعْتِرَافٍ مَاتَ الزَّوْجُ أَوْ عَاشَ مَا لَمْ يَنْفِهِ أَوْ يُلاَعِنْ وَلاَزِمٌ لِلْمَعْتُوهِ وَلاَ احْتِيَاجَ إلَى دَعْوَةِ وَلَدِ الزَّوْجَةِ، قَالَ وَلاَ يُنْفَى الْوَلَدُ عَنْ الزَّوْجِ إلَّا فِي مِثْلِ الْحَالِ الَّتِي نَفَى فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَذَلِكَ (أَنَّ الْعَجْلاَنِيَّ قَذَفَ امْرَأَتَهُ وَأَنْكَرَ حَمْلَهَا فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلاَعَنَ بَيْنَهُمَا وَنَفَى الْوَلَدَ عَنْهُ) قَالَ وَأَظْهَرَ الْعَجْلاَنِيُّ قَذْفَهَا عِنْدَ اسْتِبَانَةِ حَمْلِهَا وَإِذَا عَلِمَ الزَّوْجُ بِالْوَلَدِ وَأَمْكَنَهُ الْحَاكِمُ فَأَتَى الْحَاكِمَ فَنَفَاهُ لاَعَنَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ عَلِمَ وَأَمْكَنَهُ الْحَاكِمُ فَتَرَكَ ذَلِكَ وَقَدْ أَمْكَنَهُ إمْكَانًا بَيِّنًا ثُمَّ نَفَاهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ كَمَا يَكُونُ أَصْلُ بَيْعِ الشِّقْصِ صَحِيحًا فَيَكُونُ لِلشَّفِيعِ أَخْذُهُ إذَا أَمْكَنَهُ فَإِنْ تَرَكَ ذَلِكَ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ لَمْ تَكُنْ لَهُ شُفْعَةٌ وَهَكَذَا كُلُّ مَنْ لَهُ شَيْءٌ فِي مُدَّةٍ دُونَ غَيْرِهَا فَمَضَتْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَوْ جَحَدَ بِأَنْ يَكُونَ يَعْلَمُ بِالْوَلَدِ فَيَكُونُ لَهُ نَفْيُهُ حَتَّى يُقِرَّ بِهِ جَازَ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ شَيْخًا وَهُوَ يَخْتَلِفُ مَعَهُ اخْتِلاَفَ وَلَدِهِ. قَالَ وَإِمْكَانُ الِانْتِقَاءِ مِنْ الْوَلَدِ أَنْ يَعْلَمَ بِهِ وَيُمْكِنُهُ أَنْ يَلْقَى الْحَاكِمَ وَيَكُونَ قَادِرًا عَلَى لِقَائِهِ أَوْ لَهُ مَنْ يَلْقَاهُ لَهُ فَإِذَا كَانَ هَذَا هَكَذَا فَلَمْ يَنْفِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَفْيُهُ وَلاَ وَقْتَ فِي هَذَا إلَّا مَا وَصَفْت وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ فَإِذَا كَانَ حَاضِرًا فَكَانَ هَذَا فَالْمُدَّةُ الَّتِي يَنْقَطِعُ فِيهَا أَنْ يَكُونَ لَهُ نَفْيُهُ فِيهَا ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ كَانَ مَذْهَبًا مُحْتَمَلاً فَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَى الْحَاكِمِ أَوْ مَرِضَ أَوْ شُغِلَ أَوْ حُبِسَ فَأَشْهَدَ فِيهَا عَلَى نَفْيِهِ ثُمَّ طَلَبَ بَعْدَهَا كَانَ مَذْهَبًا لِمَا وَصَفْنَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ مِنْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَنَعَ مَنْ قَضَى بِعَذَابِهِ ثَلاَثًا (وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَذِنَ لِلْمُهَاجِرِ بَعْدَ قَضَاءِ نُسُكِهِ بِمَقَامِهِ ثَلاَثًا بِمَكَّةَ)، قَالَ وَأَيُّ مُدَّةٍ قُلْت لَهُ نَفْيُهُ فَأَشْهَدَ عَلَى نَفْيِهِ وَهُوَ مَشْغُولٌ بِأَمْرٍ يَخَافُ فَوْتَهُ أَوْ بِمَرَضٍ لَمْ يَنْقَطِعْ نَفْيُهُ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا فَبَلَغَهُ فَأَقَامَ وَهُوَ يُمْكِنُهُ الْمَسِيرُ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَفْيُهُ إلَّا بِأَنْ يُشْهِدَ أَنَّهُ عَلَى نَفْيِهِ ثُمَّ يَقْدَمَ، قَالَ وَإِنْ قَالَ قَدْ سَمِعْت بِأَنَّهَا وَلَدَتْ وَلَمْ أُصَدِّقْ فَأَقَمْت فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ أَوْ قَالَ لَمْ أَعْلَمْ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ حَاضِرًا بِبَلَدِهَا فَقَالَ لَمْ أَعْلَمْ أَنَّهَا وَلَدَتْ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَعَلَيْهَا الْبَيِّنَةُ، قَالَ وَإِنْ كَانَ مَرِيضًا لاَ يَقْدِرُ عَلَى الْخُرُوجِ أَوْ مَحْبُوسًا أَوْ خَائِفًا فَكُلُّ هَذَا عُذْرٌ فَأَيُّ هَذِهِ الْحَالِ كَانَ فَلَهُ أَنْ يَنْفِيَهُ حَتَّى تَأْتِيَ الْمُدَّةُ الَّتِي لاَ يَكُونُ لَهُ بَعْدَهَا نَفْيُهُ. وَهَكَذَا إنْ كَانَ غَائِبًا وَلَوْ نَفَى رَجُلٌ وَلَدَ امْرَأَتِهِ قَبْلَ مَوْتِهَا ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُلاَعِنَهَا أَوْ مَاتَتْ قَبْلَ أَنْ يَنْتَفِيَ مِنْ وَلَدِهَا ثُمَّ انْتَفَى مِنْهُ الْتَعَنَ وَنَفَاهُ وَسَوَاءٌ كَانَتْ مَيِّتَةً أَوْ حَيَّةً وَإِذَا قَذَفَهَا ثُمَّ مَاتَتْ أَوْ قَذَفَهَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَانْتَفَى مِنْ وَلَدِهَا فَلَمْ يَلْتَعِنْ فَلِوَرَثَتِهَا أَنْ يَحُدُّوهُ.
الوقت في نفي الولد
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: رحمه الله: وَإِذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ بِحَبَلِ امْرَأَتِهِ، فَوَلَدَتْ وَلَدًا فِي ذَلِكَ الْحَبَلِ أَوْ أَكْثَرَ ثُمَّ نَفَى الْوَلَدَ أَوْ الْوَلَدَيْنِ مِنْ الْحَمْلِ لَمْ يَكُنْ مَنْفِيًّا عَنْهُ بِلِعَانٍ وَلاَ غَيْرِهِ وَإِنْ قَذَفَهَا مَعَ نَفْيِهِ فَطَلَبَتْ الْحَدَّ حُدَّ لَهَا وَإِنْ لَمْ تَطْلُبْهُ لَمْ يُحَدَّ لَهَا، وَإِنْ لَمْ يَقْذِفْهَا وَقَالَ لَمْ تَلِدِي هَذَا الْوَلَدَ الَّذِي أَقْرَرْت بِهِ وَلاَ مِنْ الْحَمْلِ الَّذِي أَقْرَرْت بِهِ فَالْوَلَدُ لاَحِقٌ وَلاَ حَدَّ لَهَا وَلاَ لِعَانَ، فَإِنْ قَالَ أَقْرَرْت أَنَّ الْحَمْلَ مِنِّي وَأَنَا كَاذِبٌ وَلاَ أَقْذِفُك أُحْلِفَ مَا أَرَادَ قَذْفَهَا إذَا طَلَبَتْ ذَلِكَ فَإِنْ حَلَفَ لَمْ يُحَدَّ وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ فَحَلَفَتْ لَقَدْ أَرَادَ قَذْفَهَا حُدَّ، قَالَ وَالْإِقْرَارُ بِاللِّسَانِ دُونَ الصَّمْتِ فَلَوْ أَنَّ رَجُلاً رَأَى امْرَأَتَهُ حُبْلَى فَلَمْ يَقُلْ فِي حَبَلِهَا شَيْئًا ثُمَّ وَلَدَتْ فَنَفَاهُ فَيُسْأَلُ هَلْ أَقْرَرْت بِحَبَلِهَا؟ فَإِنْ قَالَ لاَ أَوْ قَالَ كُنْت لاَ أَدْرِي لَعَلَّهُ لَيْسَ بِحَمْلٍ لاَعَنَ وَنَفَاهُ إنْ شَاءَ وَإِنْ قَالَ بَلَى أَقْرَرْت بِحَمْلِهَا وَقُلْت لَعَلَّهُ يَمُوتُ فَأَسْتُرُ عَلَيْهَا وَعَلَى نَفْسِي لَزِمَهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ نَفْيُهُ وَلَوْ وَلَدَتْ وَلَدًا وَهُوَ غَائِبٌ فَقَدِمَ فَنَفَاهُ حِينَ عَلِمَ بِهِ وَقَالَ لَمْ أَعْلَمْ بِهِ فِي غَيْبَتِي كَانَ لَهُ نَفْيُهُ بِلِعَانٍ وَلَوْ قَالَتْ قَدْ عَلِمَ بِهِ وَأَقَرَّ، فَقَالَ: قِيلَ لِي وَلَمْ أُصَدِّقْ وَمَا أَقْرَرْت بِهِ حَلَفَ مَا أَقَرَّ بِهِ وَكَانَ لَهُ نَفْيُهُ وَلَوْ كَانَ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا فَهُنِّئَ بِهِ فَرَدَّ عَلَى الَّذِي هَنَّأَهُ بِهِ خَيْرًا وَلَمْ يُقْرِرْ بِهِ لَمْ يَكُنْ هَذَا إقْرَارًا لِأَنَّهُ يُكَافِئُ الدُّعَاءَ بِالدُّعَاءِ وَلاَ يَكُونُ إقْرَارًا كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ بَارَكَ اللَّهُ تَعَالَى لَك فِي تَزْوِيجِك أَوْ فِي مَوْلُودِك فَدَعَا لَهُ وَلَمْ يَتَزَوَّجْ وَلَمْ يُولَدْ لَهُ لَمْ يَكُنْ هَذَا إقْرَارًا بِتَزْوِيجٍ وَلاَ وَلَدٍ.
ما يكون قذفا وما لا يكون
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: رحمه الله: وَلاَ لِعَانَ حَتَّى يَقْذِفَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ بِالزِّنَا صَرِيحًا لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} قَالَ فَإِذَا فَعَلَ فَعَلَيْهِ اللِّعَانُ إنْ طَلَبَتْهُ وَلَهُ نَفْيُ وَلَدِهِ وَحَمْلِهِ إذَا قَالَ هُوَ مِنْ الزِّنَا الَّذِي رَمَيْتهَا بِهِ وَلَوْ وَلَدَتْ وَلَدًا فَقَالَ لَيْسَ بِابْنِي أَوْ رَأَى حَمْلاً فَقَالَ لَيْسَ مِنِّي ثُمَّ طَلَبَتْ الْحَدَّ فَلاَ حَدَّ وَلاَ لِعَانَ حَتَّى يَقِفَهُ فِي الْوَلَدِ فَيَقُولَ لِمَ قُلْت هَذَا؟ فَإِنْ قَالَ لَمْ أَقْذِفْهَا وَلَكِنَّهَا لَمْ تَلِدْهُ أَوْ وَلَدَتْهُ مِنْ زَوْجٍ غَيْرِي قَبْلِي وَقَدْ عُرِفَ نِكَاحُهَا فَلاَ يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ إلَّا أَنْ تَأْتِيَ بِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ يَشْهَدْنَ أَنَّهَا وَلَدَتْهُ وَهِيَ زَوْجَتُهُ فِي وَقْتٍ يُعْلَمُ أَنَّهَا كَانَتْ فِيهِ زَوْجَتُهُ يُمْكِنُ أَنْ تَلِدَ مِنْهُ عِنْدَ نِكَاحِهَا فِي أَقَلَّ مَا يَكُونُ مِنْ الْحَمْلِ أَوْ أَكْثَرِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَرْبَعُ نِسْوَةٍ يَشْهَدْنَ فَسَأَلَتْ يَمِينَهُ مَا وَلَدَتْهُ وَهِيَ زَوْجَتُهُ أَوْ مَا وَلَدَتْهُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي إذَا وَلَدَتْهُ فِيهِ لَحِقَهُ نَسَبُهُ أَحَلَفْنَاهُ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِنْ نَكَلَ أَحَلَفْنَاهَا فَإِنْ حَلَفَتْ لَزِمَهُ وَإِنْ لَمْ تَحْلِفْ لَمْ يَلْزَمْهُ [قَالَ الرَّبِيعُ]: رحمه الله وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ أَنَّهَا وَإِنْ لَمْ تَحْلِفْ لَزِمَهُ الْوَلَدُ لِأَنَّ لِلْوَلَدِ حَقًّا فِي نَفْسِهِ وَتَرْكُهَا الْيَمِينَ لاَ يُبْطِلُ حَقَّهُ فِي نَفْسِهِ فَلَمَّا لَمْ تَحْلِفْ فَتَبْرَأْ لَزِمَهُ الْوَلَدُ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: وَلَوْ جَاءَتْ بِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ يَشْهَدْنَ أَنَّهَا وَلَدَتْهُ وَهِيَ زَوْجَتُهُ أَوْ فِي وَقْتٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا وَلَدَتْهُ بَعْدَ تَزْوِيجِهِ إيَّاهَا بِمَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ وَيُحَدِّدْنَ حَدًّا عَلِمْنَا أَنَّ ذَلِكَ بَعْدَمَا تَزَوَّجَهَا بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ أَلْحَقْت الْوَلَدَ بِهِ، قَالَ وَإِنَّمَا قُلْت إذَا نَفَى الرَّجُلُ حَمْلَ امْرَأَتِهِ وَلَمْ يَقْذِفْهَا بِزِنًا لَمْ أُلاَعِنْ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ صَادِقًا فَلاَ يَكُونُ هَذَا حَمْلاً وَإِنْ نَفَى وَلَدًا وَلَدَتْهُ وَلَمْ يَقْذِفْهَا وَقَالَ لاَ أُلاَعِنُهَا وَلاَ أَقْذِفُهَا لَمْ يُلاَعِنْهَا وَلَزِمَهُ الْوَلَدُ وَإِنْ قَذَفَهَا لاَعَنَهَا لِأَنَّهُ إذَا لاَعَنَهَا بِغَيْرِ قَذْفٍ فَإِنَّمَا يَدَّعِي أَنَّهَا لَمْ تَلِدْهُ وَقَدْ حَكَمْت أَنَّهَا قَدْ وَلَدَتْهُ وَإِنَّمَا أَوْجَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ اللِّعَانَ بِالْقَذْفِ وَلاَ يَجِبُ بِغَيْرِهِ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: رحمه الله وَإِذَا لاَعَنَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ بِوَلَدٍ فَنَفَاهُ عَنْهُ ثُمَّ جَاءَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ أَكْثَرَ وَمَا يَلْزَمُ بِهِ نَسَبُ وَلَدِ الْمَبْتُوتَةِ فَهُوَ وَلَدُهُ إلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ بِلِعَانٍ فَإِنْ نَفَاهُ بِلِعَانٍ فَذَلِكَ لَهُ، وَإِذَا وَلَدَتْ امْرَأَةُ الرَّجُلِ وَلَدَيْنِ فِي بَطْنٍ فَأَقَرَّ بِالْأَوَّلِ وَنَفَى الْآخَرَ أَوْ أَقَرَّ بِالْآخَرِ وَنَفَى الْأَوَّلَ فَهُوَ سَوَاءٌ وَهُمَا ابْنَاهُ وَلاَ يَكُونُ حَمْلٌ وَاحِدٌ بِوَلَدَيْنِ إلَّا مِنْ وَاحِدٍ، فَإِذَا أَقَرَّ بِأَحَدِهِمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نَفْيُ الْآخَرِ الَّذِي وُلِدَ مَعَهُ فِي بَطْنٍ كَمَا لاَ يَكُونُ لَهُ نَفْيُ الْوَلَدِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ وَإِنْ كَانَ نَفْيُ أَيِّهِمَا نُفِيَ بِقَذْفٍ لِأُمِّهِ فَطَلَبَتْ حَدَّهَا فَعَلَيْهِ الْحَدُّ، وَإِذَا وَلَدَتْ وَلَدًا فَنَفَاهُ فَمَاتَ الْوَلَدُ قَبْلُ يَلْتَعِنَ الْأَبُ فَإِنْ الْتَعَنَ الْأَبُ نُفِيَ عَنْهُ الْمَوْلُودُ، وَلَوْ كَانَ رَجُلٌ جَنَى عَلَى الْمَوْلُودِ فَقَتَلَهُ فَأَخَذَ الْأَبُ دِيَتَهُ أَوْ جَنَى عَلَيْهِ جَنِينًا فَأَخَذَ الْأَبُ دِيَتَهُ رَدَّهَا الْأَبُ إذَا نَفَى عَنْهُ فَهُوَ غَيْرُ أَبِيهِ، وَهَكَذَا لَوْ وُلِدَ لَهُ وَلَدَانِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا ثُمَّ نَفَاهُمَا فَالْتَعَنَ نُفِيَ عَنْهُ الْمَيِّتُ وَالْحَيُّ وَلَوْ وَلَدَتْ لَهُ وَلَدًا فَنَفَاهُ بِلِعَانٍ ثُمَّ وَلَدَتْ آخَرَ بَعْدَهُ بِيَوْمٍ فَأَقَرَّ بِهِ لَزِمَاهُ جَمِيعًا لِأَنَّهُ حَبَلٌ وَاحِدٌ وَحُدَّ لَهَا إنْ كَانَ قَذَفَهَا وَطَلَبَتْ ذَلِكَ [قَالَ]: وَلَوْ لَمْ يَنْفِهِ وَلَمْ يُقِرَّ بِهِ وُقِفَ فَإِنْ نَفَاهُ وَقَالَ اللِّعَانُ الْأَوَّلُ يَكْفِينِي لِأَنَّهُ حَبَلٌ وَاحِدٌ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ حَتَّى يَلْتَعِنَ مِنْ الْآخَرِ وَلَوْ وُلِدَا مَعًا لَمْ يَلْتَعِنْ إلَّا بِنَفْيِهِمَا مَعًا وَكَذَلِكَ لَوْ الْتَعَنَ مِنْ الْأَوَّلِ ثُمَّ الثَّانِي ثُمَّ نَفَى الثَّالِثَ الْتَعَنَ بِهِ أَيْضًا لاَ يُنْفَى وَلَدٌ حَادِثٌ إلَّا بِلِعَانٍ بِهِ بِعَيْنِهِ وَلَوْ قَذَفَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ وَبِهَا حَمْلٌ أَوْ مَعَهَا وَلَدٌ وَأَقَرَّ بِالْحَمْلِ وَالْوَلَدِ أَوْ لَمْ يَنْفِهِ كَانَ لاَزِمًا لَهُ لِأَنَّهَا قَدْ تَزْنِي وَهِيَ حُبْلَى مِنْهُ وَالْوَلَدُ مِنْهُ وَيَلْتَعِنُ لِلْقَذْفِ أَوْ يُحَدُّ إنْ طَلَبَتْ ذَلِكَ وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ لِامْرَأَتِهِ زَنَيْت وَأَنْتِ صَغِيرَةٌ أَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ وَقَدْ كَانَتْ نَصْرَانِيَّةً أَوْ أَمَةً زَنَيْت وَأَنْتِ نَصْرَانِيَّةٌ أَوْ أَمَةٌ أَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ زَنَيْت مُسْتَكْرَهَةً أَوْ أَصَابَك رَجُلٌ نَائِمَةً أَوْ زَنَى بِك صَبِيٌّ لاَ يُجَامَعُ مِثْلُهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَدٌّ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا، وَإِنْ كَانَ أَوْقَعَ هَذَا عَلَيْهَا قَبْلَ نِكَاحِهَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ لِعَانٌ وَعُزِّرَ لِلْأَذَى وَإِنْ كَانَ أَوْقَعَ هَذَا عَلَيْهَا وَهِيَ امْرَأَتُهُ وَلَمْ يَنْسُبْهُ إلَى حِينٍ لَمْ تَكُنْ لَهُ فِيهِ امْرَأَةٌ فَلاَ حَدَّ عَلَيْهِ وَإِنْ الْتَعَنَ فَلاَ يُعَزَّرُ وَتَقَعُ الْفُرْقَةُ وَإِنْ لَمْ يَلْتَعِنْ عُزِّرَ لِلْأَذَى وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَةٍ إنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ زَانِيَةٌ أَوْ إذَا تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ زَانِيَةٌ أَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إذَا قَدِمَ فُلاَنٌ فَأَنْتِ زَانِيَةٌ أَوْ خَيَّرَهَا فَقَالَ إنْ اخْتَرْت نَفْسَك فَأَنْتِ زَانِيَةٌ فَلاَ حَدَّ وَلاَ لِعَانَ وَيُؤَدَّبُ إنْ طَلَبَتْ ذَلِكَ عَلَى إظْهَارِ الْفَاحِشَةِ قَبْلَ أَنْ يَنْكِحَهَا وَقَبْلَ أَنْ تَخْتَارَ وَبَعْدَ النِّكَاحِ وَالِاخْتِيَارِ وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ لِامْرَأَتِهِ يَا زَانِيَةُ فَقَالَتْ زَنَيْت بِك وَطَلَبَا مَعًا مَالَهُمَا سَأَلْنَاهَا فَإِنْ قَالَتْ عَنَيْت أَنَّهُ أَصَابَنِي وَهُوَ زَوْجِي حَلَفَتْ وَلاَ شَيْءَ عَلَيْهَا لِأَنَّ إصَابَتَهُ إيَّاهَا لَيْسَتْ بِزِنًا وَعَلَيْهِ أَنْ يَلْتَعِنَ أَوْ يُحَدَّ، وَإِنْ قَالَتْ زَنَيْت بِهِ قَبْلَ أَنْ يَنْكِحَنِي فَهِيَ قَاذِفَةٌ لَهُ وَعَلَيْهَا الْحَدُّ وَلاَ حَدَّ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا مُقِرَّةٌ بِالزِّنَا وَلاَ لِعَانَ وَلَوْ قَالَ لَهَا يَا زَانِيَةُ فَقَالَتْ أَنْتَ أَزْنَى مِنِّي فَعَلَيْهِ الْحَدُّ أَوْ اللِّعَانُ وَلاَ شَيْءَ عَلَيْهَا فِي قَوْلِهَا أَنْتَ أَزْنَى مِنِّي لِأَنَّهُ لَيْسَ بِقَذْفٍ بِالزِّنَا إذَا لَمْ تُرِدْ بِهِ الْقَذْفَ وَلَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ أَزْنَى مِنْ فُلاَنَةَ لَمْ يَكُنْ هَذَا قَذْفًا وَلاَ لِعَانَ وَلاَ حَدَّ وَيُؤَدَّبُ فِي الْأَذَى فَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْقَذْفَ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ أَوْ اللِّعَانُ وَلَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ أَزْنَى النَّاسِ لَمْ يَكُنْ قَاذِفًا إلَّا بِأَنْ يُرِيدَ الْقَذْفَ وَيُعَزَّرَ وَهَذَا لِأَنَّ هَذَا أَكْبَرُ مِنْ قَوْلِهِ أَنْتِ أَزْنَى مِنْ فُلاَنَةَ وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ يَا زَانِ كَانَ عَلَيْهِ الْحَدُّ أَوْ اللِّعَانُ وَهَذَا تَرْخِيمٌ كَمَا يَقُولُ الرَّجُلُ لِمَالِكٍ يَا مَالِ وَلِحَارِثٍ يَا حَارِ وَلَوْ قَالَ لَهَا زَنَأْت فِي الْجَبَلِ أَحَلَفْنَاهُ بِاَللَّهِ مَا أَرَادَ قَذْفَهَا بِالزِّنَا وَلاَ لِعَانَ وَلاَ حَدَّ لِأَنَّ زَنَأْت فِي الْجَبَلِ رُقِيت فِي الْجَبَلِ وَلَوْ قَالَتْ لَهُ هِيَ يَا زَانِيَةُ فَعَلَيْهَا الْحَدُّ لِأَنَّهَا قَدْ أَكْمَلَتْ الْقَذْفَ وَزَادَتْهُ حَرْفًا أَوْ اثْنَيْنِ وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ زَنَيْت قَبْلَ أَنْ أَتَزَوَّجَك حُدَّ وَلاَ لِعَانَ لِأَنَّهُ أَوْقَعَ الْقَذْفَ وَهِيَ غَيْرُ زَوْجَةٍ وَلَوْ جَعَلَتْهُ يُلاَعِنُ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَكَلَّمَ بِالْقَذْفِ الْآنَ جَعَلْته يُلاَعِنُ أَوْ يُحَدُّ إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَةٍ لَهُ بَالِغٍ زَنَيْت وَأَنْتِ صَغِيرَةٌ وَلَكِنِّي أَنْظُرُ إلَى يَوْمِ تَكَلَّمَ بِهِ لِأَنَّ الْقَذْفَ يَوْمَ يُوقِعُهُ وَلَوْ قَذَفَ رَجُلٌ امْرَأَةً بِالزِّنَا قَبْلَ أَنْ يَنْكِحَهَا فَطَلَبَتْهُ بِالْحَدِّ حُدَّ وَلاَ لِعَانَ لِأَنَّ الْقَذْفَ كَانَ وَهِيَ غَيْرُ زَوْجَةٍ وَلَوْ قَذَفَهَا بِالزِّنَا وَلَمْ تَطْلُبْهُ بِالْحَدِّ حَتَّى نَكَحَهَا ثُمَّ قَذَفَهَا وَلاَعَنَهَا وَطَلَبَتْهُ بِحَدِّ الْقَذْفِ قَبْلَ النِّكَاحِ حُدَّ لَهَا وَلَوْ لَمْ يُلاَعِنْهَا حَتَّى حَدَّهُ لَهَا الْإِمَامُ فِي الْقَذْفِ الْأَوَّلِ ثُمَّ طَلَبَتْهُ بِالْقَذْفِ بَعْدَ النِّكَاحِ لاَعَنَ أَوْ حُدَّ وَلَوْ طَلَبَتْهُ بِهِمَا مَعًا حَدَّهُ بِالْقَذْفِ الْأَوَّلِ وَعَرَضَ عَلَيْهِ اللِّعَانَ بِالْقَذْفِ الْآخَرِ فَإِنْ أَبَى حَدَّهُ أَيْضًا لِأَنَّ حُكْمَهُ قَاذِفًا غَيْرَ زَوْجَةٍ الْحَدُّ، وَحُكْمَهُ قَاذِفًا زَوْجَةً حَدٌّ أَوْ لِعَانٌ فَإِذَا الْتَعَنَ فَالْفُرْقَةُ وَاقِعَةٌ بَيْنَهُمَا وَإِنْ لَمْ أَحُدَّهُ وَأُلاَعِنْ بَيْنَهُمَا لَمْ يَكُنْ حَدُّهُ فِي الْقَذْفِ بِأَوْجَبَ عَلَيَّ مِنْ حَمْلِهِ عَلَى اللِّعَانِ أَوْ الْحَدِّ فِي الْقَذْفِ الْآخَرِ وَكَانَ لِغَيْرِي أَنْ لاَ يَحُدَّهُ وَلاَ يُلاَعِنَ وَإِذَا جَازَ طَرْحُ اللِّعَانِ بِقَذْفِ زَوْجَةٍ وَحَدٍّ أَوْ طَرْحِ الْحَدِّ بِاللِّعَانِ جَازَ طَرْحُهُمَا مَعًا وَكَذَلِكَ لَوْ قَذَفَهَا وَامْرَأَةً مَعَهَا أَجْنَبِيَّةً فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ حُدَّ لِلْأَجْنَبِيَّةِ وَلاَعَنَ امْرَأَتَهُ أَوْ حُدَّ لَهَا.
وَلَوْ قَذَفَ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ لَهُ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ كَلِمَاتٍ فَقُمْنَ مَعًا أَوْ مُتَفَرِّقَاتٍ لاَعَنَ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ أَوْ حُدَّ لَهَا وَأَيَّتُهُنَّ لاَعَنَ سَقَطَ حَدُّهَا وَأَيَّتُهُنَّ نَكَلَ عَنْ أَنْ يَلْتَعِنَ حُدَّ لَهَا إذَا طَلَبَتْ حَدَّهَا وَيَلْتَعِنُ لَهُنَّ وَاحِدَةً وَاحِدَةً وَإِذَا تَشَاحَحْنَ أَيَّتُهُنَّ تَبْدَأُ؟ أُقْرِعَ بَيْنَهُنَّ فَأَيَّتُهُنَّ بَدَأَ الْإِمَامُ بِهَا بِغَيْرِ قُرْعَةٍ رَجَوْت لِلْإِمَامِ أَنْ لاَ يَأْثَمَ لِأَنَّهُ لاَ يُمْكِنُهُ أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ إلَّا وَاحِدًا وَاحِدًا إذَا طَلَبَتْهُ وَاحِدَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَوْ قَذَفَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ بِزَنِينِ فِي مِلْكِهِ الْتَعَنَ مَرَّةً أَوْ حُدَّ مَرَّةً لِأَنَّ حُكْمَهُمَا وَاحِدٌ وَكَذَلِكَ لَوْ قَذَفَ امْرَأَةً أَجْنَبِيَّةً مَرَّتَيْنِ كَانَ حَدًّا وَاحِدًا وَلَوْ قَذَفَ رَجُلٌ نَفَرًا بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ كَلِمَاتٍ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حَدُّهُ وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلاَثًا أَوْ طَالِقٌ وَاحِدَةً لَمْ يَبْقَ لَهُ عَلَيْهَا مِنْ الطَّلاَقِ إلَّا هِيَ أَوْ طَالِقٌ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا أَوْ أَيُّ طَلاَقٍ مَا كَانَ لاَ رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا بَعْدَهُ وَأَتْبَعَ الطَّلاَقَ مَكَانَهُ يَا زَانِيَةُ حُدَّ وَلاَ لِعَانَ إلَّا أَنْ يَكُونَ يَنْفِي بِهِ وَلَدًا أَوْ حَمْلاً فَيُلاَعِنَ لِلْوَلَدِ وَيُوقَفَ الْحَمْلُ فَإِذَا وَلَدَتْ الْتَعَنَ فَإِنْ لَمْ تَلِدْ حُدَّ وَلَوْ بَدَأَ فَقَالَ يَا زَانِيَةُ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلاَثًا الْتَعَنَ لِأَنَّ الْقَذْفَ وَقَعَ وَهِيَ امْرَأَتُهُ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلاَثًا يَا زَانِيَةُ حُدَّ وَلاَ لِعَانَ إلَّا أَنْ يَنْفِيَ وَلَدًا فَيُلاَعِنَ بِهِ وَيَسْقُطَ الْحَدُّ وَلَوْ قَذَفَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ فَصَدَّقَتْهُ ثُمَّ رَجَعَتْ فَلاَ حَدَّ وَلاَ لِعَانَ إلَّا أَنْ يَنْفِيَ وَلَدًا فَلاَ يَنْفِي إلَّا بِلِعَانٍ وَلَوْ قَذَفَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ ثُمَّ زَنَتْ بَعْدَ الْقَذْفِ أَوْ وُطِئَتْ وَطْئًا حَرَامًا فَلاَ حَدَّ وَلاَ لِعَانَ إلَّا أَنْ يَنْفِيَ وَلَدًا أَوْ يُرِيدَ أَنْ يَلْتَعِنَ فَيَثْبُتَ عَلَيْهَا الْحَدُّ إنْ لَمْ تَلْتَعِنْ.
وَإِذَا قَذَفَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ فَارْتَدَّتْ عَنْ الْإِسْلاَمِ وَطَلَبَتْ حَدَّهَا لاَعَنَ أَوْ حُدَّ لِأَنَّ الْقَذْفَ كَانَ وَهِيَ زَوْجَةٌ مُسْلِمَةٌ وَلَوْ كَانَ هُوَ الْمُرْتَدُّ كَانَ هَكَذَا وَلاَ يُشْبِهُ هَذَا أَنْ يَقْذِفَهَا ثُمَّ تَزْنِيَ لِأَنَّ زِنَاهَا دَلِيلٌ عَلَى صِدْقِهِ بِزَنْيَتِهَا وَرِدَّتُهَا لاَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا زَانِيَةٌ وَإِذَا كَانَتْ تَحْتَ الْمُسْلِمِ ذِمِّيَّةٌ فَقَذَفَهَا ثُمَّ أَسْلَمَتْ فَطَلَبَتْ حَدَّهَا لاَعَنَ أَوْ عُزِّرَ وَلاَ حَدَّ لِأَنَّ الْقَذْفَ كَانَ وَهِيَ كَافِرَةٌ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً فَعَتَقَتْ أَوْ صَبِيَّةً فَبَلَغَتْ وَإِذَا مَلَّكَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ أَمْرَهَا فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا ثُمَّ قَذَفَهَا فَإِنْ كَانَ الطَّلاَقُ يَمْلِكُ فِيهِ الرَّجْعَةَ لاَعَنَ أَوْ حُدَّ وَإِنْ كَانَ لاَ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ حُدَّ وَلاَ يُلاَعِنُ فَإِنْ قَذَفَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا لاَعَنَ لِأَنَّ الْقَذْفَ كَانَ وَهِيَ زَوْجَةٌ وَإِذَا طَلَّقَ الْمُلاَعِنُ امْرَأَتَهُ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا الطَّلاَقُ وَلِلْمُلاَعَنَةِ السُّكْنَى وَلاَ نَفَقَةَ لَهَا وَإِذَا لاَعَنَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَنَفَى عَنْهُ وَلَدَهَا ثُمَّ أَقَرَّ بِهِ وَأَكْذَبَ نَفْسَهُ حُدَّ إنْ طَلَبَتْ الْحَدَّ وَأُلْحِقَ بِهِ الْوَلَدُ وَهَكَذَا لَوْ أَقَرَّ بِهِ الْأَبُ وَهُوَ مَرِيضٌ فَطَلَبَتْ حَدَّهَا فَلَمْ يُحَدَّ حَتَّى مَاتَ فَهُوَ ابْنُهُ يَرِثُهُ وَيَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يُحَدَّ لِأُمِّهِ وَلَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا وَكَانَ الِابْنُ هُوَ الْمَيِّتُ وَالْأَبُ هُوَ الْحَيُّ فَادَّعَاهُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَلِلِابْنِ مَالٌ أَوْ لاَ مَالَ لَهُ أَوْ لَهُ وَلَدٌ أَوْ لاَ وَلَدَ لَهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ وَوَرِثَهُ الْأَبُ وَلَوْ كَانَ قُتِلَ فَانْتَسَبَ إلَيْهِ أَخَذَ حِصَّتَهُ مِنْ دِيَتِهِ وَلَوْ كَانَ الْوَلَدُ الْمَنْفِيُّ عَنْ أَبِيهِ مُنِعَ مِيرَاثَهُ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ فِي حَيَاتِهِ لِأَنَّهُ كَانَ مَنْفِيًّا عَنْ مِيرَاثِهِ الَّذِي مُنِعَهُ لِأَنَّ أَصْلَ أَمْرِهِ أَنَّ نَسَبَهُ ثَابِتٌ فَإِنَّهُ إنَّمَا هُوَ مَنْفِيٌّ مَا كَانَ أَبُوهُ مُلاَعِنًا مُقِيمًا عَلَى نَفْيِهِ بِاللِّعَانِ وَإِذَا الْتَعَنَ الزَّوْجَانِ بِوَلَدٍ أَوْ غَيْرِ وَلَدٍ ثُمَّ قَذَفَ الزَّوْجُ امْرَأَتَهُ الَّتِي لاَعَنَ فَلاَ حَدَّ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ حُدَّ لَهَا بِقَذْفٍ فَقَذَفَهَا لَمْ يُحَدَّ ثَانِيَةً وَنُهِيَ عَنْ قَذْفِهَا فَإِنْ انْتَهَى وَإِلَّا عُزِّرَ وَإِذَا قَذَفَهَا غَيْرُ الزَّوْجِ الَّذِي لاَعَنَهَا فَعَلَيْهِ الْحَدُّ وَإِذَا قَالَ رَجُلٌ لِابْنِ مُلاَعَنَةٍ لَسْت ابْنَ فُلاَنٍ أُحْلِفَ مَا أَرَادَ قَذْفَ أُمِّهِ وَلاَ حَدَّ عَلَيْهِ لِأَنَّا قَدْ حَكَمْنَا أَنَّهُ لَيْسَ ابْنَهُ وَلَوْ أَرَادَ قَذْفَ أُمِّهِ حَدَدْنَاهُ وَلَوْ قَالَ بَعْدَمَا يُقِرُّ الَّذِي نَفَاهُ أَنَّهُ ابْنُهُ أَوْ يُكَذِّبُ نَفْسَهُ لَسْت ابْنَ فُلاَنٍ كَانَ قَاذِفًا لِأُمِّهِ فَإِنْ طَلَبَتْ الْحَدَّ حُدَّ لَهَا إنْ كَانَتْ حُرَّةً مُسْلِمَةً وَإِنْ كَانَتْ كَافِرَةً أَوْ أَمَةً عُزِّرَ وَإِذَا قَذَفَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ فَقَالَ أَنْتِ أَمَةٌ أَوْ كَافِرَةٌ فَعَلَيْهَا الْبَيِّنَةُ أَنَّهَا حُرَّةٌ مُسْلِمَةٌ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ إنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ لِأَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ الْحَدُّ وَلَوْ ادَّعَى الْأَبُ الْوَلَدَ فَطَلَبَتْ الْمَرْأَةُ حَدَّهَا حُدَّ لَهَا وَلَزِمَهُ وَإِنْ لَمْ تَطْلُبْهُ لَزِمَهُ الْوَلَدُ وَلاَ يُحَدُّ وَمَتَى طَلَبَتْهُ حُدَّ لَهَا وَلَوْ قَذَفَهَا قَبْلَ الْحَدِّ ثُمَّ طَلَبَتْ مِنْهُ الْحَدَّ حُدَّ لَهَا حَدًّا وَاحِدًا لِأَنَّ اللِّعَانَ بَطَلَ وَصَارَ مُفْتَرِيًا عَلَيْهَا مَرَّتَيْنِ فَأَمَّا الْأَجْنَبِيُّ فَيُحَدُّ لَهَا قَبْلَ اعْتِرَافِ الْأَبِ بِالْوَلَدِ وَبَعْدَهُ وَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى الْأَبِ أَنَّهُ أَكْذَبَ نَفْسَهُ فِي اللِّعَانِ أَوْ أَقَرَّ بِالْوَلَدِ لَزِمَهُ وَإِنْ جَحَدَ وَحُدَّ إنْ طَلَبَتْ الْحَدَّ وَلَوْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً أَنَّهُ قَذَفَهَا وَأَكْذَبَ نَفْسَهُ حُدَّ وَلَمْ يَلْتَعِنْ إذَا طَلَبَتْ وَإِنْ جَحَدَ ذَلِكَ كُلَّهُ وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ لِامْرَأَتِهِ يَا زَانِيَةُ ثُمَّ قَالَ عَنَيْت زَنَأْت فِي الْجَبَلِ حُدَّ أَوْ لاَعَنَ لِأَنَّ هَذَا ظَاهِرُ التَّزْنِيَةِ وَلَوْ وَصَلَ الْكَلاَمَ فَقَالَ يَا زَانِيَةُ فِي الْجَبَلِ أُحْلِفَ مَا أَرَادَ إلَّا الرُّقِيَّ فِي الْجَبَلِ وَلاَ حَدَّ فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ حُدَّ لَهَا إذَا حَلَفَتْ لَقَدْ أَرَادَ الْقَذْفَ وَلَوْ قَالَ لَهَا يَا فَاجِرَةُ أَوْ يَا خَبِيثَةُ أَوْ يَا جَرِيَّةُ أَوْ يَا غَلِمَةُ أَوْ يَا رَدِيَّةُ أَوْ يَا فَاسِقَةُ وَقَالَ لَمْ أُرِدْ الزِّنَا أُحَلِّفُهُ مَا أَرَادَ تَزْنِيَتَهَا وَعُزِّرَ فِي أَذَاهَا وَلَوْ قَالَ لَهَا يَا غَلِمَةُ أَوْ يَا شَبِقَةُ أَوْ مَا أَشْبَهَ هَذَا لَمْ يَكُنْ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا قَذْفٌ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ تُحِبِّينَ الْجِمَاعَ أَوْ تُحِبِّينَ الظُّلْمَةَ أَوْ تُحِبِّينَ الْخَلَوَاتِ فَعَلَيْهِ فِي هَذَا كُلِّهِ إنْ طَلَبَتْ الْيَمِينَ يَمِينُهُ.
الشهادة في اللعان
[قَالَ الشَّافِعِيُّ] رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: إذَا جَاءَ الزَّوْجُ وَثَلاَثَةٌ يَشْهَدُونَ عَلَى امْرَأَتِهِ مَعًا بِالزِّنَا لاَعَنَ الرَّجُلُ فَإِنْ لَمْ يَلْتَعِنْ حُدَّ لِأَنَّ حُكْمَ الزَّوْجِ غَيْرُ حُكْمِ الشُّهُودِ وَالشُّهُودُ لاَ يُلاَعِنُونَ بِحَالٍ وَيَكُونُونَ عِنْدَ أَكْثَرِ الْمُفْتِينَ قَذَفَةً يُحَدُّونَ إذَا لَمْ يُتِمُّوا أَرْبَعَةً، وَالزَّوْجُ مُنْفَرِدًا يُلاَعِنُ وَلاَ يُحَدُّ قَالَ وَإِذَا زَعَمَ الزَّوْجُ أَنَّهُ رَآهَا تَزْنِي فَبَيَّنَ أَنَّهَا قَدْ وَتَرَتْهُ فِي نَفْسِهِ بِأَعْظَمَ مِنْ أَنْ تَأْخُذَ أَكْثَرَ مَالِهِ أَوْ تَشْتُمَ عِرْضَهُ أَوْ تَنَالَهُ بِشَدِيدِ ضَرْبٍ مِنْ أَجْلِ مَا يَبْقَى عَلَيْهِ مِنْ الْعَارِ فِي نَفْسِهِ بِزِنَاهَا عِنْدَهُ عَلَى وَلَدِهِ فَلاَ عَدَاوَةَ تَصِيرُ إلَيْهِمَا فِيمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا تَكَادُ تَبْلُغُ هَذَا وَنَحْنُ لاَ نُجِيزُ شَهَادَةَ عَدُوٍّ عَلَى عَدُوِّهِ وَالْأَجْنَبِيُّ يَشْهَدُ عَلَيْهَا لَيْسَ مِمَّا وَصَفْت بِسَبِيلٍ وَسَوَاءٌ قَذَفَ الزَّوْجُ امْرَأَتَهُ أَوْ جَاءَ شَاهِدًا عَلَيْهَا بِالزِّنَا هُوَ بِكُلِّ حَالٍ قَاذِفٌ فَإِنْ جَاءَ بِأَرْبَعَةٍ يَشْهَدُونَ عَلَى الْمَرْأَةِ بِالزِّنَا حُدَّتْ وَلَمْ يُلاَعِنْ إلَّا أَنْ يَنْفِيَ وَلَدًا لَهَا بِذَلِكَ الزِّنَا فَيُحَدَّ أَوْ يَلْتَعِنَ فَيَنْفِيَ الْوَلَدَ، وَإِنْ قَذَفَهَا وَانْتَفَى مِنْ حَمْلِهَا وَجَاءَ بِأَرْبَعَةٍ يَشْهَدُونَ عَلَيْهَا بِالزِّنَا لَمْ يُلاَعِنْ حَتَّى تَلِدَ فَيَلْتَعِنَ إنْ أَرَادَ نَفْيَ الْوَلَدِ فَإِنْ لَمْ يَلْتَعِنْ لَمْ تَنْفِهِ عَنْهُ، وَلَمْ تُحَدَّ حَتَّى تَلِدَ وَتُحَدَّ بَعْدَ الْوِلاَدَةِ، وَلَوْ جَاءَ بِشَاهِدَيْنِ يَشْهَدَانِ عَلَى إقْرَارِهَا بِالزِّنَا وَهِيَ تَجْحَدُ فَلاَ حَدَّ عَلَيْهَا وَلاَ عَلَيْهِ وَلاَ لِعَانَ، وَلَوْ كَانَ الشَّاهِدَانِ ابْنَيْهِ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمَا، وَلاَ تَجُوزُ شَهَادَةُ الْوَلَدِ لِوَالِدِهِ، وَلَوْ كَانَ الشَّاهِدَانِ ابْنَيْهَا مِنْ غَيْرِهِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا عَلَيْهَا لِأَنَّهُمَا يُبْطِلاَنِ عَنْهُ حَدَّهَا. وَلاَ يَثْبُتُ عَلَيْهَا بِالِاعْتِرَافِ شَيْءٌ مِنْ الْحَدِّ إلَّا أَنْ تَشَاءَ هِيَ أَنْ يَثْبُتَ عَلَيْهَا فَتُحَدَّ،.
وَإِذَا قَذَفَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ ثُمَّ جَاءَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ مُتَفَرِّقِينَ يَشْهَدُونَ عَلَيْهَا بِالزِّنَا سَقَطَ عَنْهُ الْحَدُّ وَحُدَّتْ، وَإِنْ كَانَ نَفَى مَعَ ذَلِكَ وَلَدًا لَمْ يُنْفَ عَنْهُ حَتَّى يَلْتَعِنَ هُوَ وَلَوْ شَهِدَ ابْنَا الْمَرْأَةِ عَلَى أَبِيهِمَا أَنَّهُ قَذَفَ أُمَّهُمَا وَالْأَبُ يَجْحَدُ وَالْأُمُّ تَدَّعِي فَالشَّهَادَةُ بَاطِلَةٌ لِأَنَّهُمَا يَشْهَدَانِ لِأُمِّهِمَا وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ أَبُوهَا وَابْنُهَا أَوْ شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ لاَ تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي غَيْرِ الْأَمْوَالِ وَمَا لاَ يَرَاهُ الرِّجَالُ وَلَوْ شَهِدَ لِامْرَأَةٍ ابْنَانِ لَهَا عَلَى زَوْجٍ لَهَا غَيْرِ أَبِيهِمَا أَنَّهُ قَذَفَهَا أَوْ عَلَى أَجْنَبِيٍّ أَنَّهُ قَذَفَهَا لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمَا لِأُمِّهِمَا، وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدٌ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَذَفَ امْرَأَتَهُ بِالزِّنَا يَوْمَ الْخَمِيسِ وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّ الزَّوْجَ أَقَرَّ أَنَّهُ قَذَفَهَا بِالزِّنَا يَوْمَ الْخَمِيسِ وَهُوَ يَجْحَدُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَدٌّ وَلاَ لِعَانٌ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالْقَذْفِ غَيْرُ قَوْلِ الْقَذْفِ، وَلَوْ شَهِدَ رَجُلٌ أَنَّهُ قَذَفَهَا بِالزِّنَا يَوْمَ الْخَمِيسِ وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ قَذَفَهَا بِالزِّنَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمَا، وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدٌ أَنَّهُ قَذَفَ امْرَأَتَهُ بِالزِّنَا وَالْآخَرُ أَنَّهُ قَالَ لِابْنِهَا مِنْهُ يَا وَلَدَ الزِّنَا لَمْ تَجُزْ الشَّهَادَةُ فَإِذَا لَمْ تَجُزْ فَلاَ حَدَّ وَلاَ لِعَانَ، وَإِنْ طَلَبَتْ أَنْ يَحْلِفَ لَهَا أُحْلِفَ بِاَللَّهِ مَا قَذَفَهَا فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ لَقَدْ قَذَفَهَا ثُمَّ قِيلَ لَهُ إنْ الْتَعَنْت وَإِلَّا حُدِدْت، وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَتْ عَلَيْهِ الْقَذْفَ وَلَمْ تُقِمْ عَلَيْهِ شَاهِدًا حَلَفَ، وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدٌ أَنَّهُ قَذَفَهَا بِالْفَارِسِيَّةِ وَآخَرُ أَنَّهُ قَذَفَهَا بِالْعَرَبِيَّةِ فِي مَقَامٍ وَاحِدٍ أَوْ مَقَامَيْنِ فَسَوَاءٌ لاَ تَجُوزُ الشَّهَادَةُ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَا كَلاَمٌ غَيْرُ الْكَلاَمِ الْآخَرِ.
وَلَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدٌ أَنَّهُ قَالَ لَهَا زَنَى بِك فُلاَنٌ وَآخَرُ أَنَّهُ قَالَ لَهَا زَنَى بِك فُلاَنٌ رَجُلٌ آخَرُ لَمْ تَجُزْ الشَّهَادَةُ لِأَنَّ هَذَيْنِ قَذْفَانِ مُفْتَرِقَانِ بِتَسْمِيَةِ رَجُلَيْنِ مُفْتَرِقَيْنِ، وَلَوْ قَذَفَهَا بِرَجُلٍ بِعَيْنِهِ فَجَاءَتْ تَطْلُبُ الْحَدَّ وَجَاءَ الرَّجُلُ يَطْلُبُ الْحَدَّ قِيلَ لَهُ إنْ الْتَعَنْت فَلاَ حَدَّ لِلرَّجُلِ وَإِنْ لَمْ تَلْتَعِنْ حُدِدْت لَهُمَا حَدًّا وَاحِدًا لِأَنَّهُ قَذْفٌ وَاحِدٌ، وَإِنْ جَاءَ الرَّجُلُ يَطْلُبُ الْحَدَّ قَبْلَ الْمَرْأَةِ وَالْمَرْأَةُ مَيِّتَةٌ أَوْ حَيَّةٌ الْتَعَنَ وَبَطَلَ عَنْهُ الْحَدُّ فَإِنْ لَمْ يَلْتَعِنْ حُدَّ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ حَيَّةً وَلَمْ تَطْلُبْ الْحَدَّ أَوْ مَيِّتَةً وَلَمْ يَطْلُبْ ذَلِكَ وَرَثَتُهَا قِيلَ لَهُ إنْ شِئْت الْتَعَنْت فَدَرَأْت حَدَّ الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ، وَإِنْ شِئْت لَمْ تَلْتَعِنْ فَحُدِدْت لِأَيِّهِمَا طَلَبَ فَإِنْ جَاءَ الْآخَرُ فَطَلَبَ حَدَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ لِأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْوَاحِدِ إذَا كَانَ لِعَانٌ وَاحِدٌ، وَإِذَا شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ أَنَّهُ قَذَفَ أُمَّهُمَا وَامْرَأَتَهُ فِي كَلِمَتَيْنِ مُتَفَرِّقَتَيْنِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا لِغَيْرِ أُمِّهِمَا وَبَطَلَتْ لِأُمِّهِمَا وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْمَقْذُوفَةُ مَعَ أُمِّهِمَا امْرَأَةَ الْقَاذِفِ وَأُمُّهُمَا امْرَأَتَهُ أَوْ لَمْ يَكُونَا أَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا وَلَمْ تَكُنْ الْأُخْرَى، وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى زَوْجٍ بِقَذْفٍ حُبِسَ حَتَّى يَعْدِلاَ فَيُحَدَّ أَوْ يَلْتَعِنَ وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدٌ فَشَاءَتْ أَنْ يَحْلِفَ أُحْلِفَ وَإِنْ لَمْ تَشَأْ لَمْ يُحْبَسْ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ، وَلاَ يُقْبَلُ فِي رَجُلٍ فِي حَدٍّ وَلاَ لِعَانٍ، وَإِذَا شَهِدَ ابْنَا الرَّجُلِ عَلَى أَبِيهِمَا وَأُمُّهُمَا امْرَأَةُ أَبِيهِمَا أَنَّهُ قَذَفَ امْرَأَةً لَهُ غَيْرَ أُمِّهِمَا جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا لِأَنَّهُمَا شَاهِدَانِ عَلَيْهِ بِحَدٍّ وَلِلْأَبِ أَنْ يَلْتَعِنَ وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَالْتِعَانُهُ إحْدَاثُ طَلاَقٍ وَلَمْ يَشْهَدَا عَلَيْهِ بِطَلاَقٍ، وَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَةً لَهُ غَيْرَ أُمِّهِمَا فَقَدْ قِيلَ تُرَدُّ شَهَادَتُهُمَا لِأَنَّ أُمَّهُمَا تَنْفَرِدُ بِأَبِيهِمَا وَمَا هَذَا عِنْدِي بِبَيِّنٍ لِأَنَّ لِأَبِيهِمَا أَنْ يَنْكِحَ غَيْرَهَا وَلاَ أَعْلَمُ فِي هَذَا جَرَّ مَنْفَعَةٍ إلَى أُمِّهِمَا بِشَهَادَتِهِمَا، وَكُلُّ مَنْ قُلْت تَجُوزُ شَهَادَتُهُ فَلاَ تَجُوزُ حَتَّى يَكُونَ عَدْلاً، وَلَوْ أَنَّ شَاهِدَيْنِ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ بِقَذْفِ امْرَأَتِهِ أَوْ غَيْرِهَا ثُمَّ مَاتَا مَضَى عَلَيْهِ الْحَدُّ أَوْ اللِّعَانُ، وَكَذَلِكَ لَوْ عَمِيَا وَلَوْ تَغَيَّرَتْ حَالاَهُمَا حَتَّى يَصِيرَا مِمَّنْ لاَ تَجُوزُ شَهَادَتُهُمَا بِفِسْقٍ فَلاَ حَدَّ وَلاَ لِعَانَ حَتَّى يَكُونَا يَوْمَ يَكُونُ الْحُكْمُ بِالْحَدِّ وَاللِّعَانِ غَيْرَ مَجْرُوحَيْنِ فِي أَنْفُسِهِمَا.
[قَالَ]: وَتُقْبَلُ الْوَكَالَةُ فِي تَثْبِيتِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْحُدُودِ فَإِذَا أَرَادَ الْقَاضِي يُقِيمَ الْحَدَّ أَوْ يَأْخُذَ اللِّعَانَ أَحْضَرَ الْمَأْخُوذَ لَهَا الْحَدُّ وَاللِّعَانُ إنْ كَانَتْ حَيَّةً حَاضِرَةً، وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى قَذْفٍ وَهُمَا صَغِيرَانِ أَوْ عَبْدَانِ أَوْ كَافِرَانِ فَأَبْطَلْنَا شَهَادَتَهُمَا ثُمَّ بَلَغَ الصَّغِيرَانِ وَعَتَقَ الْعَبْدَانِ وَأَسْلَمَ الْكَافِرَانِ فَأَقَامَتْ الْمَرْأَةُ الْبَيِّنَةَ بِالْقَذْفِ أَجَزْنَا شَهَادَتَهُمْ لِأَنَّا لَيْسَ إنَّمَا رَدَدْنَاهَا بِأَنْ لَمْ يَكُونُوا شُهُودًا عُدُولاً فِي تِلْكَ الْحَالِ وَسَوَاءٌ كَانُوا عُدُولاً أَوْ لَمْ يَكُونُوا عُدُولاً، وَلَوْ كَانَ شَهِدَ عَلَى ذَلِكَ حُرَّانِ مُسْلِمَانِ مَجْرُوحَانِ فِي أَنْفُسِهِمَا فَأُبْطِلَتْ شَهَادَتُهُمَا ثُمَّ عَدَلاَ وَطَلَبَتْ الْمَرْأَةُ حَدَّهَا لَمْ يَكُنْ لَهَا مِنْ قِبَلِ أَنَّا حَكَمْنَا عَلَى هَذَيْنِ بِأَنَّ شَهَادَتَهُمَا بَاطِلَةٌ وَمِثْلُهُمَا فِي تِلْكَ الْحَالِ قَدْ يَكُونُ شَاهِدًا لَوْ كَانَ عَدْلاً غَيْرَ عَدُوٍّ. وَلَوْ شَهِدَ هَؤُلاَءِ عَلَى رُؤْيَةٍ أَوْ سَمَاعٍ يُثْبِتُ حَقًّا لِأَحَدٍ أَوْ عَلَيْهِ فِي تِلْكَ الْحَالِ الَّتِي لاَ يَجُوزُ فِيهَا شَهَادَتُهُمْ وَأَقَامُوا الشَّهَادَةَ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ الَّتِي يَجُوزُ فِيهَا شَهَادَتُهُمْ أَجَزْتهَا، وَكَذَلِكَ أَنْ يَكُونَ عَدُوَّانِ لِرَجُلٍ أَوْ فَاسِقَانِ سَمِعَا رَجُلاً يَقْذِفُ امْرَأَةً فَلَمْ تَطْلُبْ ذَلِكَ الْمَرْأَةُ أَوْ طَلَبَتْهُ فَلَمْ يَشْهَدَا حَتَّى ذَهَبَتْ عَدَاوَتُهُمَا لِلرَّجُلِ أَوْ عَدَلاَ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا لِأَنَّهُ لَمْ يُحْكَمْ بِرَدِّ شَهَادَتِهِمَا حَتَّى يَشْهَدَا، وَكَذَلِكَ الْعَبِيدُ يَسْمَعُونَ وَالصِّبْيَانُ وَالْكُفَّارُ ثُمَّ لاَ يُقِيمُونَ الشَّهَادَةَ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَبْلُغَ الصِّبْيَانُ أَوْ يُعْتَقَ الْعَبِيدُ وَيُسْلِمَ الْكُفَّارُ فَإِذَا قَذَفَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فَأَقَرَّ أَوْ أَقَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةً فَجَاءَ بِشَاهِدَيْنِ يَشْهَدَانِ عَلَى إقْرَارِهَا بِالزِّنَا فَلاَ حَدَّ عَلَيْهِ وَلاَ لِعَانَ وَلاَ عَلَيْهَا وَلاَ يُقَامُ عَلَيْهَا حَدٌّ بِأَحَدٍ يَشْهَدُ عَلَيْهَا بِإِقْرَارٍ وَإِنْ كَانُوا أَرْبَعَةً حَتَّى تُقِرَّ هِيَ وَتَثْبُتَ عَلَى الْإِقْرَارِ حَتَّى يُقَامَ عَلَيْهَا الْحَدُّ، وَلَوْ جَاءَ بِشَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ يَشْهَدُونَ عَلَى إقْرَارِهَا بِالزِّنَا فَلاَ حَدَّ عَلَيْهَا وَلاَ يَدْرَأُ عَنْهُ الْحَدَّ لِأَنَّ شَهَادَةَ النِّسَاءِ لاَ تَجُوزُ فِي هَذَا وَيُحَدُّ أَوْ يُلاَعِنُ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ عَلَيْهَا ابْنَاهَا مِنْهُ بِالْإِقْرَارِ بِالزِّنَا كَانَتْ شَهَادَتُهُمَا لِأَبِيهِمَا بَاطِلاً وَحُدَّ أَوْ لاَعَنَ، وَلَوْ عَفَتْ امْرَأَتُهُ عَنْ الْقَذْفِ أَوْ أَجْنَبِيَّةٌ ثُمَّ أَرَادَتْ الْقِيَامَ بِهِ عَلَيْهِ بَعْدَ الْعَفْوِ لَمْ يَكُنْ لَهَا، وَلَوْ أَقَرَّتْ بِالزِّنَا فَلاَ حَدَّ وَلاَ لِعَانَ عَلَى الزَّوْجِ، وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ قَدْ ادَّعَيَا عَلَيْهِ أَنَّهُ قَذَفَهُمَا ثُمَّ شَهِدَا أَنَّهُ قَذَفَ امْرَأَتَهُ أَوْ قَذَفَ امْرَأَتَهُ ثُمَّ قَذَفَهُمَا لَمْ أُجِزْ شَهَادَتَهُمَا لِلْمَرْأَةِ لِأَنَّ دَعْوَاهُمَا عَلَيْهِ الْقَذْفَ عَدَاوَةٌ وَخُصُومَةٌ وَلَوْ عَفَوَا الْقَذْفَ لَمْ أُجِزْ شَهَادَتَهُمَا عَلَيْهِ لِامْرَأَتِهِ إلَّا أَنْ لاَ يَشْهَدَا عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ عَفْوِهِمَا عَنْهُ وَبَعْدَ أَنْ يُرَى مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا حَسَنٌ لاَ يُشْبِهُ الْعَدَاوَةَ فَأُجِيزُ شَهَادَتَهُمَا لِامْرَأَتِهِ لِأَنِّي قَدْ اخْتَبَرْت صُلْحَهُ وَصُلْحَهُمَا بَعْدَ الْكَلاَمِ الَّذِي كَانَ عَدَاوَةً وَلَيْسَا لَهُ بِخَصْمَيْنِ وَلاَ يُجْرَحَانِ بِعَدَاوَةٍ وَلاَ خُصُومَةٍ، وَإِذَا أَقَرَّتْ الْمَرْأَةُ بِالزِّنَا مَرَّةً فَلاَ حَدَّ عَلَى قَذْفِهَا.
وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَذَفَ امْرَأَتَهُ فَأَقَامَ الزَّوْجُ شَاهِدَيْنِ أَنَّهَا كَانَتْ أَمَةً أَوْ ذِمِّيَّةً يَوْمَ وَقَعَ الْقَذْفُ فَلاَ حَدَّ وَلاَ لِعَانَ وَيُعَزَّرُ إلَّا أَنْ يَلْتَعِنَ وَلَوْ كَانَ شَاهِدَا الْمَرْأَةِ شَهِدَا أَنَّهَا كَانَتْ يَوْمَ قَذَفَهَا حُرَّةً مُسْلِمَةً لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ مِنْ الْبَيِّنَتَيْنِ تُكَذِّبُ الْأُخْرَى فِي أَنَّ لَهَا الْحَدَّ فَلاَ يُحَدُّ وَيُعَزَّرُ إلَّا أَنْ يَلْتَعِنَ، وَلَوْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً وَشَهِدَ شَاهِدَاهَا عَلَى الْقَذْفِ وَلَمْ يَقُولاَ كَانَتْ حُرَّةً يَوْمَ قُذِفَتْ وَلاَ مُسْلِمَةً وَهِيَ حِينَ طَلَبَتْ حُرَّةً مُسْلِمَةً فَقَالَ الزَّوْجُ كَانَتْ يَوْمَ قَذَفْتهَا أَمَةً أَوْ كَافِرَةً كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَدَرَأَتْ الْحَدَّ عَنْهُ حَتَّى تُقِيمَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا كَانَتْ حُرَّةً مُسْلِمَةً فَإِنْ كَانَتْ حُرَّةَ الْأَصْلِ أَوْ مُسْلِمَةَ الْأَصْلِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا وَعَلَيْهِ الْحَدُّ أَوْ اللِّعَانُ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ مُرْتَدَّةً يَوْمَ قَذَفَهَا.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: رحمه الله: وَإِذَا قَذَفَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فَادَّعَى بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهَا زَانِيَةٌ أَوْ مُقِرَّةٌ بِالزِّنَا وَسَأَلَ الْأَجَلَ لَمْ يُؤَجَّلْ فِي ذَلِكَ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِبَيِّنَةٍ حُدَّ أَوْ لاَعَنَ، وَإِذَا قَذَفَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فَرَافَعَتْهُ وَهِيَ بَالِغَةٌ فَقَالَ قَذَفْتُك وَأَنْتِ صَغِيرَةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَعَلَيْهَا الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ قَذَفَهَا كَبِيرَةً، وَلَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ قَذَفَهَا وَهِيَ صَغِيرَةٌ وَأَقَامَتْ هِيَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ قَذَفَهَا كَبِيرَةً لَمْ يَكُنْ هَذَا اخْتِلاَفًا مِنْ الْبَيِّنَةِ وَكَانَ هَذَانِ قَذْفَيْنِ قَذْفًا مِنْ الصِّغَرِ وَقَذْفًا فِي الْكِبَرِ وَعَلَيْهِ الْحَدُّ إلَّا أَنْ يُلاَعِنَ وَلَوْ اتَّفَقَ الشُّهُودُ عَلَى يَوْمٍ وَاحِدٍ فَقَالَ شُهُودُ الْمَرْأَةِ كَانَتْ حُرَّةً مُسْلِمَةً بَالِغَةً وَشُهُودُ الرَّجُلِ كَانَتْ صَبِيَّةً أَوْ غَيْرَ مُسْلِمَةٍ فَلاَ حَدَّ وَلاَ لِعَانَ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْبَيِّنَتَيْنِ تُكَذِّبُ الْأُخْرَى، وَلَوْ أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ بَيِّنَةً أَنَّ الزَّوْجَ أَقَرَّ بِوَلَدِهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَنْفِيَهُ فَإِنْ فَعَلَ وَقَذَفَهَا فَمَتَى أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ زَوْجَهَا قَذَفَهَا بَعْدُ أَوْ أَقَرَّ أُخِذَ لَهَا بِحَدِّهَا إلَّا أَنْ يُلاَعِنَ فَارَقَهَا أَوْ لَمْ يُفَارِقْهَا، وَلَوْ فَارَقَهَا وَكَانَتْ عِنْدَ زَوْجٍ غَيْرِهِ فَطَلَبَتْ حَدَّهَا حُدَّ لَهَا إلَّا أَنْ يَلْتَعِنَ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُ قَالَ لِعَطَاءٍ الرَّجُلُ يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ يَا زَانِيَةُ وَهُوَ يَقُولُ لَمْ أَرَ ذَلِكَ عَلَيْهَا أَوْ عَنْ غَيْرِ حَمْلٍ قَالَ يُلاَعِنُهَا.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: مَنْ حَلَفَ بِاَللَّهِ أَوْ بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ إذَا حَنِثَ وَمَنْ حَلَفَ بِشَيْءٍ غَيْرَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِحَالِفٍ وَلاَ كَفَّارَةَ عَلَيْهِ إذَا حَنِثَ، وَالْمُولِي مَنْ حَلَفَ بِاَلَّذِي يَلْزَمُهُ بِهِ كَفَّارَةٌ. وَمَنْ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ شَيْئًا يَجِبُ عَلَيْهِ إذَا أَوْجَبَهُ فَأَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ إنْ جَامَعَ امْرَأَتَهُ فَهُوَ فِي مَعْنَى الْمُولِي لِأَنَّهُ لَمْ يَعُدْ إنْ كَانَ مَمْنُوعًا مِنْ الْجِمَاعِ إلَّا بِشَيْءٍ يَلْزَمُهُ مَا أَلْزَمَ نَفْسَهُ مِمَّا لَمْ يَكُنْ يَلْزَمُهُ قَبْلَ إيجَابِهِ أَوْ كَفَّارَةِ يَمِينٍ وَمَنْ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ شَيْئًا لاَ يَجِبُ عَلَيْهِ مَا أَوْجَبَ وَلاَ بَدَلٌ مِنْهُ فَلَيْسَ بِمُولٍ وَهُوَ خَارِجٌ مِنْ الْإِيلاَءِ.