*2* 46 -
كتاب القدر
*3* 1 -
باب كيفية الخلق الآدمي، في بطن أمه، وكتابة رزقه وأجله وعمله، وشقاوته وسعادته
1 - (2643) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا أبو معاوية ووكيع. ح وحدثنا محمد بن عبدالله بن نمير الهمداني (واللفظ له). حدثنا أبي وأبو معاوية ووكيع. قالوا: حدثنا الأعمش عن زيد بن وهب، عن عبدالله قال:
حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الصادق المصدوق "إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما. ثم يكون في ذلك علقة مثل ذلك. ثم يكون في ذلك مضغة مثل ذلك. ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح. ويؤمر بأربع كلمات: بكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أو سعيد. فوالذي لا إله غيره! إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع. فيسبق عليه الكتاب. فيعمل بعمل أهل النار. فيدخلها. وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار. حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع. فيسبق عليه الكتاب. فيعمل بعمل أهل الجنة. فيدخلها".
[ش (الصادق المصدوق) معناه الصادق في قوله، المصدوق فيما يأتيه من الوحي الكريم. (ذراع) المراد بالذراع التمثيل للقرب من موته ودخوله عقبه. وإن تلك الدار ما بقي بينه وبين أن يصلها إلا كمن بقي بينه وبين موضع من الأرض ذراع. والمراد بهذا الحديث أن هذا قد يقع في نادر من الناس لا أنه غالب فيهم. ثم إنه من لطف الله تعالى وسعة رحمته انقلاب الناس من الشر إلى الخير في كثرة. وأما انقلابهم من الخير إلى الشر ففي غاية الندور ونهاية القلة].
1-م - (2643) حدثنا عثمان بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم. كلاهما عن جرير بن عبدالحميد. ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم. أخبرنا عيسى بن يونس. ح وحدثني أبو سعيد الأشج. وحدثنا وكيع. ح وحدثناه عبيدالله بن معاذ. حدثنا أبي. حدثنا شعبة بن الحجاج. كلهم عن الأعمش، بهذا الإسناد. قال في حديث وكيع "إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين ليلة". وقال في حديث معاذ عن شعبة "أربعين ليلة أربعين يوما". وأما في حديث جرير وعيسى "أربعين يوما".
2 - (2644) حدثنا محمد بن عبدالله بن نمير وزهير بن حرب (واللفظ لابن نمير). قالا: حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار، عن أبي الطفيل، عن حذيفة بن أسيد،
يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال "يدخل الملك على النطفة بعدما تستقر في الرحم بأربعين، أو خمسة وأربعين ليلة. فيقول: يا رب! أشقي أو سعيد؟ فيكتبان. فيقول: أي رب! أذكر أو أنثى؟ فيكتبان. ويكتب عمله وأثره وأجله ورزقه. ثم تطوى الصحف. فلا يزاد فيها ولا ينقص".
3 - (2645) حدثني أبو الطاهر، أحمد بن عمرو بن سرح. أخبرنا ابن وهب. أخبرني عمرو بن الحارث عن أبي الزبير المكي؛ أن عامر بن واثلة حدثه؛ أنه سمع عبدالله بن مسعود يقول:
الشقي من شقي في بطن أمه والسعيد من وعظ بغيره. فأتى رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقال له حذيفة بن أسيد الغفاري. فحدثه بذلك من قول ابن مسعود فقال: وكيف يشقى رجل بغير عمل؟ فقال له الرجل: أتعجب من ذلك؟ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "إذا مر بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة، بعث الله إليها ملكا. فصورها وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها. ثم قال: يا رب! أذكر أم أنثى؟ فيقضي ربك ما شاء. ويكتب الملك. ثم يقول: يا رب! أجله. فيقول ربك ما شاء ويكتب الملك. ثم يقول: يا رب! رزقه. فيقضي ربك ما شاء. ويكتب الملك. ثم يخرج الملك بالصحيفة في يده. فلا يزيد على ما أمر ولا ينقص".
3-م - (2645) حدثنا أحمد بن عثمان النوفلي. أخبرنا أبو عاصم. حدثنا ابن جريج. أخبرني أبو الزبير؛ أن أبا الطفيل أخبره؛ أنه سمع عبدالله بن مسعود يقول. وساق الحديث بمثل حديث عمرو بن الحارث.
4 - (2645) حدثني محمد بن أحمد بن أبي خلف. حدثنا يحيى بن أبي بكير. حدثنا زهير، أبو خيثمة. حدثني عبدالله بن عطاء؛ أن عكرمة بن خالد حدثه؛ أن أبا الطفيل حدثه قال: دخلت على أبي سريحة، حذيفة بن أسيد الغفاري، فقال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بأذني هاتين، يقول "إن النطفة تقع في الرحم أربعين ليلة. ثم يتصور عليها الملك". قال زهير: حسبته قال الذي يخلقها "فيقول: يا رب! أذكر أم أنثى؟ فيجعله الله ذكرا أو أنثى. ثم يقول: يا رب! أسوي أو غير سوي؟ فيجعله الله سويا أو غير سوي. ثم يقول: يا رب! ما رزقه؟ ما أجله؟ ما خلقه؟ ثم يجعله الله شقيا أو سعيدا".
[ش (يتصور) هكذا هو في جميع نسخ بلادنا: يتصور، بالصاد. وذكر القاضي: يتسور، بالسين. والمراد. بيتسور ينزل. وهو استعارة من تسورت الدار إذا نزلت فيها من أعلاها. ولا يكون التسور إلا من فوق. فيحتمل أن تكون الصاد الواقعة في نسخ بلادنا مبدلة من السين].
4-م - (2645) حدثنا عبدالوارث بن عبدالصمد. حدثني أبي. حدثنا ربيعة بن كلثوم. حدثني أبي، كلثوم عن أبي الطفيل، عن حذيفة بن أسيد الغفاري، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
رفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم "أن ملكا موكلا بالرحم. إذا أراد الله أن يخلق شيئا بإذن الله، لبضع وأربعين ليلة" ثم ذكر نحو حديثهم.
5 - (2646) حدثني أبو كامل، فضيل بن حسين الجحدري. حدثنا حماد بن زيد. حدثنا عبيدالله بن أبي بكر عن أنس بن مالك. ورفع الحديث أنه قال
"إن الله عز وجل قد وكل بالرحم ملكا. فيقول: أي رب! نطفة. أي رب! علقة. أي رب! مضغة. فإذا أراد الله أن يقضي خلقا قال قال الملك: أي رب! ذكر أم أنثى؟ شقي أم سعيد؟ فما الرزق؟ فما الأجل؟ فيكتب كذلك في بطن أمه".
6 - (2647) حدثنا عثمان بن أبي شيبة وزهير بن حرب وإسحاق بن إبراهيم - واللفظ لزهير - (قال إسحاق: أخبرنا. وقال الآخران: حدثنا) جرير عن منصور، عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبدالرحمن، عن علي، قال:
كنا في جنازة في بقيع الغرقد. فأتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقعد وقعدنا حوله. ومعه مخصرة. فنكس فجعل ينكت بمخصرته. ثم قال "ما منكم من أحد، ما من نفس منفوسة، إلا وقد كتب الله مكانها من الجنة والنار. وإلا وقد كتبت شقية أو سعيدة" قال فقال رجل: يا رسول الله! أفلا نمكث على كتابنا، وندع العمل؟ فقال "من كان من أهل السعادة، فسيصير إلى عمل أهل السعادة. ومن كان من أهل الشقاوة، فسيصير إلى عمل أهل الشقاوة" فقال "اعملوا فكل ميسر. أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة. وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة". ثم قرأ {فأما من أعطى واتقى* وصدق بالحسنى* فسنيسره لليسرى* وأما من بخل واستغنى* وكذب بالحسنى* فسنيسره للعسرى} [92 /الليل /5 - 10].
[ش (بقيع الغرقد) هو مدفن المدينة. وهو المعروف الآن بجنة البقيع. (مخصرة) المخصرة ما أخذه الإنسان بيده واختصره من عصا لطيفة وعكاز لطيف، وغيرهما. (فنكس) بتخفيف الكاف وتشديدها، لغتان فصيحتان. يقال: نكسه ينكسه فهو ناكس، كقتله يقتله فهو قاتل. ونكسه ينكسه تنكيسا فهو منكس. أي خفض رأسه وطأطأه إلى الأرض على هيئة المهموم. (ينكت) أي يخط بها خطا يسيرا مرة بعد مرة. وهذا فعل المفكر المهموم. (أفلا نمكث على كتابنا) قال القاضي: يعني إذا سبق القضاء بمكان كل نفس من الدارين، وما سبق به القضاء فلابد من وقوعه، فأي فائدة في العمل، فندعه. قال الطبري: هذا الذي انقدح في نفس الرجل هي شبهة النافين القدر. وأجاب عليه السلام بما لم يبق معه إشكال. وتقدير جوابه أن الله سبحانه غيب عنا المقادير. وجعل الأعمال أدلة على ما سبقت به مشيئته من ذلك. فأمرنا بالعمل، فلا بد لنا من امتثال أمره.
وقال الإمام النووي: وفي هذه الأحاديث كلها دلالات ظاهرة لمذهب أهل السنة في إثبات القدر. وأن جميع الواقعات بقضاء الله تعالى وقدره، خيرها وشرها، نفعها وضرها. وقد سبق في أول كتاب الإيمان قطعة صالحة من هذا. قال الله تعالى: {لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون}. فهو ملك لله تعالى يفعل ما يشاء. ولا اعتراض على المالك في ملكه. لأن الله تعالى لا علة لأفعاله. قال الإمام أبو المظفر السمعاني: سبيل معرفة هذا الباب التوقيف من الكتاب والسنة، دون محض القياس ومجرد العقول. فمن عدل عن التوقيف فيه ضل وتاه في بحار الحيرة ولم يبلغ شفاء النفس، ولا يصل إلى ما يطمئن به القلب. لأن القدر سر من أسرار الله تعالى التي ضربت من دونها الأستار. اختص الله به وحجبه عن عيون الخلق ومعارفهم، لما علمه من الحكمة. وواجبنا أن نقف حيث حد لنا ولا نتجاوزه. وقد طوى الله تعالى علم القدر عن العالم، فلم يعلمه نبي مرسل ولا ملك مقرب].
6-م - (2647) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وهناد بن السري. قالا: حدثنا أبو الأحوص عن منصور، بهذا الإسناد في معناه. وقال: فأخذ عودا. ولم يقل: مخصرة. وقال ابن أبي شيبة في حديثه عن أبي الأحوص: ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم.
7 - (2647) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب وأبو سعيد الأشج. قالوا: حدثنا وكيع. ح وحدثنا ابن نمير. حدثنا أبي. حدثنا الأعمش. ح وحدثنا أبو كريب (واللفظ له). حدثنا أبو معاوية. حدثنا الأعمش عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبدالرحمن السلمي، عن علي. قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم جالسا وفي يده عود ينكت به. فرفع رأسه فقال "ما منكم من نفس إلا وقد علم منزلها من الجنة والنار". قالوا: يا رسول الله! فلم نعمل؟ أفلا نتكل؟ قال "لا. اعملوا. فكل ميسر لما خلق له". ثم قرأ {فأما من أعطى واتقى* وصدق بالحسنى* إلى قوله فسنيسره للعسرى} [92 /الليل /5 -10].
7-م - (2647) حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار. قالا: حدثنا محمد بن جعفر. حدثنا شعبة عن منصور والأعمش؛ أنهما سمعا سعد بن عبيدة يحدثه عن أبي عبدالرحمن السلمي، عن علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم. بنحوه.
8 - (2648) حدثنا أحمد بن يونس. حدثنا زهير. حدثنا أبو الزبير. ح وحدثنا يحيى بن يحيى. أخبرنا أبو خيثمة عن أبي الزبير، عن جابر. قال:
جاء سراقة بن مالك بن جعشم قال: يا رسول الله! بين لنا ديننا كأنا خلقنا الآن. فيما العمل اليوم؟ أفيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير، أم فيما نستقبل؟ قال "لا. بل فيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير" قال: ففيم العمل؟
قال زهير: ثم تكلم أبو الزبير بشيء لم أفهمه. فسألت: ما قال؟ فقال "اعملوا فكل ميسر".
[ش (أفيما جفت به الأقلام) أي مضت به المقادير وسبق علم الله تعالى به وتمت كتابته في اللوح المحفوظ. وجف القلم الذي كتب به. وامتنعت فيه الزيادة والنقصان؟ قال العلماء: وكتاب الله تعالى ولوحه وقلمه والصحف المذكورة في الأحاديث، كل ذلك مما يجب الإيمان به. وأما كيفية ذلك وصفته فعلمها إلى الله تعالى. ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء].
8-م - (2648) حدثني أبو الطاهر. أخبرنا ابن وهب. أخبرني عمرو بن الحارث عن أبي الزبير، عن جابر بن عبدالله،
عن النبي صلى الله عليه وسلم، بهذا المعنى. وفيه: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "كل عامل ميسر لعمله".
9 - (2649) حدثنا يحيى بن يحيى. أخبرنا حماد بن زيد عن يزيد الضبعي. حدثنا مطرف عن عمران بن حصين. قال:
قيل: يا رسول الله! أعلم أهل الجنة من أهل النار؟ قال فقال: "نعم" قال قيل: ففيم يعمل العاملون؟ قال "كل ميسر لما خلق له".
9-م - (2649) حدثنا شيبان بن فروخ. حدثنا عبدالوارث. ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب وإسحاق بن إبراهيم وابن نمير عن ابن علية. ح وحدثنا يحيى بن يحيى. أخبرنا جعفر بن سليمان. ح وحدثنا ابن المثنى. حدثنا محمد بن جعفر. حدثنا شعبة. كلهم عن يزيد الرشك، في هذا الإسناد. بمعنى حديث حماد. وفي حديث عبدالوارث. قال قلت: يا رسول الله!
10 - (2650) حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي. حدثنا عثمان بن عمر. حدثنا عزرة بن ثابت عن يحيى بن عقيل، عن يحيى بن يعمر، عن أبي الأسود الدئلي، قال:
قال لي عمران بن الحصين: أرأيت ما يعمل الناس اليوم ويكدحون فيه، أشيء قضي عليهم ومضى عليهم من قدر ما سبق؟ أو فيما يستقبلون به مما أتاهم به نبيهم، وثبتت الحجة عليهم؟ فقلت: بل شيء قضي عليهم، ومضى عليهم. قال فقال: أفلا يكون ظلما؟ قال: ففزعت من ذلك فزعا شديدا. وقلت: كل شيء خلق الله وملك يده. فلا يسأل عما يفعل وهم يسألون. فقال لي. يرحمك الله! إني لم أرد بما سألتك إلا لأحزر عقلك. إن رجلين من مزينة أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقالا: يا رسول الله! أرأيت ما يعمل الناس اليوم، ويكدحون فيه، أشيء قضي عليهم ومضى فيهم من قدر قد سبق، أو فيما يستقبلون به مما أتاهم به نبيهم، وثبتت الحجة عليهم؟ فقال "لا. بل شيء قضي عليهم ومضى فيهم. وتصديق ذلك في كتاب الله عز وجل: {ونفس وما سواها* فألهمها فجورها وتقواها}" [91 /الشمس /7-و-8].
[ش (ويكدحون فيه) الكدح هو السعي في العمل. سواء أكان للآخرة أم للدنيا. (لأحرز عقلك) أي لأمتحن عقلك وفهمك ومعرفتك].
11 - (2651) حدثنا قتيبة بن سعيد. حدثنا عبدالعزيز (يعني ابن محمد) عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة؛
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إن الرجل ليعمل الزمن الطويل بعمل أهل الجنة، ثم يختم عمله بعمل أهل النار. وإن الرجل ليعمل الزمن الطويل بعمل أهل النار، ثم يختم له عمله بعمل أهل الجنة".
12 - (112) حدثنا قتيبة بن سعيد. حدثنا يعقوب (يعني ابن عبدالرحمن القاري) عن أبي حازم، عن سهل بن سعد الساعدي؛
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة، فيما يبدو للناس، وهو من أهل النار. وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار، فيما يبدو للناس، وهو من أهل الجنة".
*3* 2 -
باب حجاج آدم وموسى عليهما السلام
13 - (2652) حدثني محمد بن حاتم وإبراهيم بن دينار وابن أبي عمر المكي وأحمد بن عبدة الضبي. جميعا عن ابن عيينة (واللفظ لابن حاتم وابن دينار). قالا: حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو، عن طاوس، قال: سمعت أبا هريرة يقول:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "احتج آدم وموسى. فقال موسى: يا آدم! أنت أبونا. خيبتنا وأخرجتنا من الجنة. فقال له آدم: أنت موسى. اصطفاك الله بكلامه، وخط لك بيده، أتلومني على أمر قدره الله علي قبل أن يخلقني بأربعين سنة؟" فقال النبي صلى الله عليه وسلم "فحج آدم موسى. فحج آدم موسى".
وفي حديث ابن أبي عمر وابن عبدة. قال أحدهما: خط. وقال الآخر: كتب لك التوراة بيده.
[ش (احتج آدم موسى) قال أبو الحسن القابسي: معناه التقت أرواحهما في السماء فوقع الحجاج بينهما. قال القاضي عياض: ويحتمل أنه على ظاهره وأنهما اجتمعا بأشخاصهما. (خيبتنا) أي أوقعتنا في الخيبة وهي الحرمان والخسران. وقد خاب يخيب ويخوب. ومعناه كنت سبب خيبتنا وإغوائنا بالخطئية التي ترتب عليها إخراجك من الجنة. ثم تعرضنا نحن لإغواء الشياطين. والغي الانهماك في الشر. (بيده) في اليد، هنا، المذهبان السابقان في كتاب الإيمان، ومواضع في أحاديث الصفات. أحدهما الإيمان بها. ولا يتعرض لتأويلها مع أن ظاهرها غير مراد. والثاني تأويلها على القدرة. (قدره الله علي) المراد بالتقدير هنا الكتابة في اللوح المحفوظ، أو في صحف التوراة وألواحها. (فحج آدم موسى) هكذا الرواية في جميع كتب الحديث، باتفاق الناقلين والرواة والشراح وأهل الغريب: فحج آدم موسى، برفع آدم، وهو فاعل. أي غلبه بالحجة وظهر عليه بها].
14 - (2652) حدثنا قتيبة بن سعيد عن مالك بن أنس، فيما قرئ عليه، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة؛
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "تحاج آدم وموسى. فحج آدم موسى. فقال له موسى: أنت آدم الذي أغويت الناس وأخرجتهم من الجنة؟ فقال آدم: أنت الذي أعطاه الله علم كل شئ، واصطفاه على الناس برسالته؟ قال: نعم. قال: فتلومني على أمر قدر علي قبل أن أخلق؟".
15 - (2652) حدثنا إسحاق بن موسى بن عبدالله بن موسى بن عبدالله بن يزيد الأنصاري. حدثنا أنس بن عياض. حدثني الحارث بن أبي ذباب عن يزيد (وهو ابن هرمز) وعبدالرحمن الأعرج، قالا: سمعنا أبا هريرة قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "احتج آدم موسى عليهما السلام عند ربهما. فحج آدم موسى. قال موسى: أنت آدم الذي خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأسجد لك ملائكته، وأسكنك في جنته، ثم أهبطت الناس بخطيئتك إلى الأرض؟ فقال آدم: أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالته وبكلامه، وأعطاك الألواح فيها تبيان كل شئ، وقربك نجيا، فبكم وجدت الله كتب التوراة قبل أن أخلق؟ قال موسى: بأربعين عاما. قال آدم: فهل وجدت فيها: {وعصى آدم ربه فغوى؟} [20 /طه /121]. قال: نعم. قال: أفتلومني على أن عملت عملا كتبه الله علي أن أعمله قبل أن يخلقني بأربعين سنة؟" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "فحج آدم موسى".
15-م - (2652) حدثني زهير بن حرب وابن حاتم. قالا: حدثنا يعقوب بن إبراهيم. حدثنا أبي عن ابن شهاب، عن حميد بن عبدالرحمن، عن أبي هريرة، قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "احتج آدم وموسى. فقال له موسى: أنت آدم الذي أخرجتك خطيئتك من الجنة؟ فقال له آدم: أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالته وبكلامه، ثم تلومني على أمر قد قدر علي قبل أن أخلق؟ فحج آدم موسى".
15-م 2 - (2652) حدثني عمرو الناقد. حدثنا أيوب بن النجار اليمامي. حدثنا يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. ح وحدثنا ابن رافع. حدثنا عبدالرزاق. أخبرنا معمر عن همام بن منبه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. بمعنى حديثهم.
15-م 3 - (2652) وحدثنا محمد بن منهال الضرير. حدثنا يزيد بن زريع. حدثنا هشام بن حسان عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. نحو حديثهم.
16 - (2653) حدثني أبو الطاهر، أحمد بن عمرو بن عبدالله بن عمرو بن سرح. حدثنا ابن وهب. أخبرني أبو هانئ الخولاني عن أبي عبدالرحمن الحبلي، عن عبدالله بن عمرو بن العاص، قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة. قال وعرشه على الماء".
[ش (كتب الله مقادير الخلائق) قال العلماء: المراد تحديد وقت الكتابة في اللوح المحفوظ أو غيره، لا أصل التقدير. فإن ذلك أزلي لا أول له. (وعرشه على الماء) أي قبل خلق السموات والأرض].
16-م - (2653) حدثنا ابن أبي عمر. حدثنا المقرئ. حدثنا حيوة. ح وحدثني محمد بن سهل التميمي. حدثنا ابن أبي مريم. أخبرنا نافع (يعني ابن يزيد). كلاهما عن أبي هانئ، بهذا الإسناد، مثله. غير أنهما لم يذكرا: وعرشه على الماء.
*3* 3 -
باب تصريف الله تعالى القلوب كيف شاء
17 - (2654) حدثني زهير بن حرب وابن نمير. كلاهما عن المقرئ. قال زهير: حدثنا عبدالله بن يزيد المقرئ. قال: حدثنا حيوة. أخبرني أبو هانئ؛ أنه سمع أبا عبدالرحمن الحبلي؛ أنه سمع عبدالله بن عمرو بن العاص يقول؛
أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن. كقلب واحد. يصرفه حيث يشاء". ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "اللهم! مصرف القلوب! صرف قلوبنا على طاعتك".
[ش (بين إصبعين من أصابع الرحمن) هذا من أحاديث الصفات. وفيها القولان السابقان قريبا: أحدهما الإيمان بها من غير تعرض لتأويل ولا لمعرفة المعنى. بل يؤمن بأنها حق وأن ظاهرها غير مراد. قال الله تعالى: ليس كمثله شئ. والثاني يتأول بحسب ما يليق بها. فعلى هذا المراد المجاز. كما يقال. فلان في قبضتي وفي كفي. لا يراد به أنه حال في كفه بل المراد تحت قدرتي. ويقال: فلان تحت إصبعي أقلبه كيف شئت. فمعنى الحديث أنه سبحانه وتعالى متصرف في قلوب عباده وغيرها كيف شاء. لا يمتنع عليه منها شيء ولا يفوته ما أراده، كما لا يمتنع على الإنسان ما كان بين إصبعيه. فخاطب العرب بما يفهمونه، ومثله بالمعاني الحسية تأكيدا له في نفوسهم].
*3* 4 -
باب كل شيء بقدر
18 - (2655) حدثني عبدالأعلى بن حماد. قال: قرأت على مالك بن أنس. ح وحدثنا قتيبة بن سعيد عن مالك، فيما قرئ عليه، عن زياد بن سعد، عن عمرو بن مسلم، عن طاوس؛ أنه قال:
أدركت ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون: كل شيء بقدر. قال وسمعت عبدالله بن عمر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "كل شيء بقدر. حتى العجز والكيس. أو الكيس والعجز".
[ش (كل شيء بقدر، حتى العجز والكيس) قال القاضي: رويناه برفع العجز والكيس، عطفا على كل. وبجرهما عطفا على شئ. قال: ويحتمل أن العجز هنا على ظاهره، وهو عدم القدرة. وقيل: هو ترك ما يجب فعله والتسويف به، وتأخيره عن وقته. قال: ويحتمل العجز عن الطاعات. ويحتمل العموم في أمور الدنيا والآخرة. والكيس ضد العجز، وهو النشاط والحذق بالأمور. ومعناه أن العاجز قد قدر عجزه. والكيس قد قدر كيسه].
19 - (2656) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب: قالا: حدثنا وكيع عن سفيان، عن زياد بن إسماعيل، عن محمد بن عباد بن جعفر المخزومي، عن أبي هريرة. قال:
جاء مشركو قريش يخاصمون رسول الله صلى الله عليه وسلم في القدر. فنزلت: {يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر* إنا كل شيء خلقناه بقدر} [54 /القمر /48، و-49].
[ش (بقدر) المراد بالقدر، هنا، القدر المعروف. وهو ما قدره الله وقضاه وسبق به علمه وإرادته. وفي هذه الآية الكريمة والحديث تصريح بإثبات القدر وأنه عام في كل شئ. فكل ذلك مقدر في الأزل معلوم لله، مراد له].
*3* 5 -
باب قدر على ابن آدم حظه من الزنى وغيره
20 - (2657) حدثنا إسحاق بن إبراهيم وعبد بن حميد (واللفظ لإسحاق). قالا: أخبرنا عبدالرزاق. حدثنا معمر عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس، قال:
ما رأيت شيئا أشبه باللمم مما قال أبو هريرة؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنى. أدرك ذلك لا محالة. فزنى العينين النظر. وزنى اللسان النطق. والنفس تَمَنَّى وتشتهي. والفرج يصدق ذلك أو يكذبه".
قال عبد في روايته: ابن طاوس عن أبيه. سمعت ابن عباس.
[ش (إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنى) معنى الحديث أن ابن آدم قدر عليه نصيب من الزنى. فمنهم من يكون زناه حقيقيا بإدخال الفرج في الفرج الحرام. ومنهم من يكون زناه مجازا بالنظر الحرام أو الاستماع إلى الزنى وما يتعلق بتحصيله. أو بالمس باليد بأن يمس أجنبية بيده أو يقبلها. أو بالمشي بالرجل إلى الزنى أو النظر أو اللمس أو الحديث الحرام مع أجنبية ونحو ذلك. أو بالفكر بالقلب. فكل هذه أنواع من الزنى المجازي. والفرج يصدق ذلك كله أو يكذبه. معناه أنه قد يحقق الزنى بالفرج وقد لا يحققه. بأن لا يولج الفرج في الفرج وإن قارب ذلك].
21 - (2657) حدثنا إسحاق بن منصور. أخبرنا أبو هشام المخزومي. حدثنا وهيب. حدثنا سهيل بن أبي صالح عن أبيه، عن أبي هريرة،
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "كتب على ابن آدم نصيبه من الزنى. مدرك ذلك لا محالة. فالعينان زناهما النظر. والأذنان زناهما الاستماع. واللسان زناه الكلام. واليد زناها البطش. والرجل زناها الخطا. والقلب يهوى ويتمنى. ويصدق ذلك الفرج ويكذبه".
*3* 6 -
باب معنى كل مولود يولد على الفطرة، وحكم موت أطفال الكفار وأطفال المسلمين
22 - (2658) حدثنا حاجب بن الوليد. حدثنا محمد بن حرب عن الزبيدي، عن الزهري. أخبرني سعيد بن المسيب عن أبي هريرة؛ أنه كان يقول:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما من مولود إلا يولد على الفطرة. فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه. كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء. هل تحسون فيها من جدعاء؟" ثم يقول أبو هريرة: واقرؤا إن شئتم: {فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله}. الآية [30 /الروم /30].
[ش (الفطرة) قال المازري: قيل هي ما أخذ عليهم في أصلاب آبائهم، وإن الولادة تقع عليها حتى يحصل التغيير بالأبوين. وقيل هي ما قضى عليه من سعادة أو شقاوة يصير إليها. وقيل: هي ما هيئ له. (كما تنتج البهيمة بهيمة) بضم التاء الأولى وفتح الثانية. ورفع البهيمة، ونصب بهيمة. ومعناه كما تلد البهيمة بهيمة جمعاء، أي مجتمعة الأعضاء، سليمة من نقص. لا توجد فيها جدعاء، وهي مقطوعة الأذن أو غيرها من الأعضاء. ومعناه أن البهيمة تلد بهيمة كاملة الأعضاء لا نقص فيها. وإنما يحدث فيها الجدع والنقص بعد ولادتها].
22-م - (2658) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا عبدالأعلى. ح وحدثنا عبد بن حميد. أخبرنا عبدالرزاق. كلاهما عن معمر، عن الزهري، بهذا الإسناد. وقال "كما تنتج البهيمة بهيمة". ولم يذكر: جمعاء.
22-م 2 - (2658) حدثني أبو الطاهر وأحمد بن عيسى. قالا: حدثنا ابن وهب. أخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب؛ أن أبا سلمة بن عبدالرحمن أخبره؛ أن أبا هريرة قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما من مولود إلا يولد على الفطرة". ثم يقول: اقرؤا: {فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم} [30 /الروم /30].
23 - (2658) حدثنا زهير بن حرب. حدثنا جرير عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما من مولود إلا يلد على الفطرة. فأبواه يهودانه وينصرانه ويشركانه" فقال رجل: يا رسول الله! أرأيت لو مات قبل ذلك؟ قال "الله أعلم بما كانوا عاملين".
[ش (يلد) هكذا هو في جميع النسخ: يلد. حكاه القاضي عن رواية السمرقندي. قال وهو صحيح على إبدال الواو لانضمامها].
23-م - (2658) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب. قالا: حدثنا أبو معاوية. ح وحدثنا ابن نمير. حدثنا أبي. كلاهما عن الأعمش، بهذا الإسناد.
وفي حديث ابن نمير "ما من مولود يولد إلا وهو على الملة".
وفي رواية أبي بكر عن أبي معاوية "إلا على هذه الملة، حتى يبين عنه لسانه".
وفي رواية أبي كريب عن أبي معاوية "ليس من مولود يولد إلا على الفطرة. حتى يعبر عنه لسانه".
24 - (2658) حدثنا محمد بن رافع. حدثنا عبدالرزاق. حدثنا معمر عن همام بن منبه. قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. فذكر أحاديث منها:
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من يولد يولد على هذه الفطرة. فأبواه يهودانه وينصرانه. كما تنتجون الإبل. فهل تجدون فيها جدعاء ؟ حتى تكونوا أنتم تجدعونها" قالوا: يا رسول الله! أفرأيت من يموت صغيرا؟ قال "الله أعلم بما كانوا عاملين".
25 - (2658) حدثنا قتيبة بن سعيد. حدثنا عبدالعزيز (يعني الدراوردي) عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة؛
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "كل إنسان تلده أمه على الفطرة. وأبواه، بعد، يهودانه وينصرانه ويمجسانه. فإن كانا مسلمين فمسلم. كل إنسان تلده أمه يلكزه الشيطان في حضنيه، إلا مريم وابنها".
[ش (يلكزه) لكزه لكزا، من باب قتل، ضربه بجمع كفه في صدره. وربما أطلق على جميع البدن. (حضنيه) هكذا هو في جميع النسخ: في حضنيه، تثنية حضن. وهو الجنب. وقيل الخاصرة].
26 - (2659) حدثنا أبو الطاهر. أخبرنا ابن وهب. أخبرني ابن أبي ذئب ويونس عن ابن شهاب، عن عطاء بن يزيد، عن أبي هريرة؛
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن أولاد المشركين. فقال "الله أعلم بما كانوا عاملين".
26-م - (2659) حدثنا عبد بن حميد. أخبرنا عبدالرزاق. أخبرنا معمر. ح وحدثنا عبدالله بن عبدالرحمن بن بهرام. أخبرنا أبو اليمان. أخبرنا شعيب. ح وحدثنا سلمة بن شبيب. حدثنا الحسن بن أعين. حدثنا معقل (وهو ابن عبيدالله). كلهم عن الزهري. بإسناد يونس وابن أبي ذئب. مثل حديثهما. غير أن في حديث شعيب ومعقل: سئل عن ذراري المشركين.
27 - (2659) حدثنا ابن أبي عمر. حدثنا سفيان عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال:
سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أطفال المشركين. من يموت منهم صغيرا. فقال "الله أعلم بما كانوا عاملين".
28 - (2660) وحدثنا يحيى بن يحيى. أخبرنا أبو عوانة عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس. قال:
سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أطفال المشركين؟ قال "الله أعلم بما كانوا عاملين، إذ خلقهم".
[ش (الله أعلم بما كانوا عاملين) هذا بيان لمذهب أهل الحق. أن الله علم ما كان وما يكون، وما لا يكون، لو كان كيف كان يكون].
29 - (2661) حدثنا عبدالله بن مسلمة بن قعنب. حدثنا معتمر بن سليمان عن أبيه، عن رقبة بن مسقلة، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن أبي بن كعب، قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الغلام الذي قتله الخضر طبع كافرا. ولو عاش لأرهق أبويه طغيانا وكفرا".
30 - (2662) حدثني زهير بن حرب. حدثنا جرير عن العلاء بن المسيب، عن فضيل بن عمرو، عن عائشة بنت طلحة، عن عائشة أم المؤمنين، قالت:
توفي صبي. فقلت: طوبى له. عصفور من عصافير الجنة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أو لا تدرين أن الله خلق الجنة وخلق النار. فخلق لهذه أهلا، ولهذه أهلا".
31 - (2662) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا وكيع عن طلحة بن يحيى، عن عمته، عن عائشة بنت طلحة، عن عائشة أم المؤمنين قالت:
دعي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنازة صبي من الأنصار. فقلت: يا رسول الله! طوبى لهذا. عصفور من عصافير الجنة! لم يعمل السوء ولم يدركه. قال "أو غير ذلك، يا عائشة! إن الله خلق للجنة أهلا. خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم. وخلق للنار أهلا. خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم".
31-م - (2662) حدثنا محمد بن الصباح. حدثنا إسماعيل بن زكرياء عن طلحة بن يحيى. ح وحدثني سليمان بن معبد. حدثنا الحسين بن حفص. ح وحدثني إسحاق بن منصور. أخبرنا محمد بن يوسف. كلاهما عن سفيان الثوري، عن طلحة بن يحيى. بإسناد وكيع. نحو حديثه.
*3* 7 -
باب بيان أن الآجال والأرزاق وغيرها، لا تزيد ولا تنقص عما سبق به القدر
32 - (2663) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب (واللفظ لأبي بكر). قالا: حدثنا وكيع عن مسعر، عن علقمة بن مرثد، عن المغيرة بن عبدالله اليشكري، عن المعرور بن سويد، عن عبدالله. قال:
قالت أم حبيبة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم "اللهم! أمتعني بزوجي، رسول الله صلى الله عليه وسلم. وبأبي أبي سفيان. وبأخي، معاوية. قال فقال النبي صلى الله عليه وسلم "قد سألت الله لآجال مضروبة، وأيام معدودات، وأرزاق مقسومة. لن يعجل شيئا قبل حله. أو يؤخر شيئا عن حله. ولو كنت سألت الله أن يعيذك من عذاب في النار، أو عذاب في القبر، كان خيرا وأفضل".
قال وذكرت عنده القردة. قال مسعر: وأراه قال والخنازير من مسخ. فقال "إن الله لم يجعل لمسخ نسلا ولا عقبا. وقد كانت القردة والخنازير قبل ذلك".
[ش (حله) ضبطناه بوجهين: فتح الحاء وكسرها في المواضع الخمسة من هذه الروايات. وذكر القاضي: أن جميع الروايات على الفتح. ومراده رواة بلادهم. وإلا، فالأشهر عند رواة بلادنا الكسر. وهما لغتان. ومعناه وجوبه وحينه. يقال: حل الأجل يحل حلا وحلا. وهذا الحديث صريح في أن الآجال والأرزاق مقدرة لا تتغير عما قدره الله تعالى وعلمه في الأزل. فيستحيل زيادتها ونقصها حقيقة عن ذلك. (وقد كانت القردة والخنازير قبل ذلك) أي قبل مسخ بني إسرائيل. فدل ذلك على أنها ليست من المسخ].
32-م - (2663) حدثناه أبو كريب. حدثنا ابن بشر عن مسعر، بهذا الإسناد. غير أن في حديثه عن ابن بشر ووكيع جميعا "من عذاب في النار. وعذاب في القبر".
33 - (2663) حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي وحجاج بن الشاعر - واللفظ لحجاج - (قال إسحاق: أخبرنا. وقال حجاج: حدثنا) عبدالرزاق. أخبرنا الثوري عن علقمة بن مرثد، عن المغيرة بن عبدالله اليشكري، عن معرور بن سويد، عن عبدالله بن مسعود. قال:
قالت أم حبيبة: اللهم! متعني بزوجي، رسول الله صلى الله عليه وسلم. وبأبي، أبي سفيان. وبأخي، معاوية. فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم "إنك سألت الله لآجال مضروبة، وآثار موطوءة، وأرزاق مقسومة. لا يعجل شيئا منها قبل حله. ولا يؤخر منها شيئا بعد حله. ولو سألت الله أن يعافيك من عذاب في النار، وعذاب في القبر، لكان خيرا لك".
قال فقال رجل: يا رسول الله! القردة والخنازير، هي مما مسخ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم "إن الله عز وجل لم يهلك قوما، أو يعذب قوما، فيجعل لهم نسلا. وإن القردة والخنازير كانوا قبل ذلك".
33-م - (2663) حدثنيه أبو داود، سليمان بن معبد. حدثنا الحسين بن حفص. حدثنا سفيان، بهذا الإسناد. غير أنه قال "وآثار مبلوغة".
قال ابن معبد: وروى بعضهم "قبل حله" أي نزوله.
*3* 8 -
باب في الأمر بالقوة وترك العجز. والاستعانة بالله، وتفويض المقادير لله
34 - (2664) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وابن نمير. قالا: حدثنا عبدالله بن إدريس عن ربيعة بن عثمان، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن الأعرج، عن أبي هريرة، قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف. وفي كل خير. احرص على ما ينفعك واستعن بالله. ولا تعجز. وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا. ولكن قل: قدر الله. وما شاء فعل. فإن لو تفتح عمل الشيطان".
[ش (المؤمن القوي خير) المراد بالقوة، هنا، عزيمة النفس والقريحة في أمور الآخرة. فيكون صاحب هذا الوصف أكثر إقداما على العدو في الجهاد وأسرع خروجا إليه وذهابا في طلبه. وأشد عزيمة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. والصبر على الأذى في كل ذلك. واحتمال المشاق في ذات الله تعالى، وأرغب في الصلاة والصوم والأذكار وسائر العبادات، وأنشط طلبا لها ومحافظة عليها، ونحو ذلك. (وفي كل خير) معناه في كل من القوي والضعيف خير، لاشتراكهما في الإيمان، مع ما يأتي به الضعيف من العبادات. (احرص على ما ينفعك) معناه احرص على طاعة الله تعالى والرغبة فيما عنده، واطلب الإعانة من الله تعالى على ذلك ولا تعجز ولا تكسل عن طلب الطاعة ولا عن طلب الإعانة].