mozilla/4.5 (compatible; httrack 3.0x; windows 98) المكتبة الإسلامية - الجلالين - سورة الأنعام
 
  الجلالين  
   سورة الأنعام   
   ( 5 من 113 )  
  السابق   الآيات القرآنية  الأحاديث   الفهرس   التالي  
   الموضوعات
 

  
 

 سورة الأنعام

 الآية رقم ‏(‏ 1 ‏)‏

‏{‏الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون ‏}‏

‏{‏ الحمد ‏}‏ وهو الوصف الجميل ثابت ‏{‏ لله ‏}‏ وهل المراد الإعلام بذلك للإيمان به الثناء به أوهما احتمالات أفيدها الثالث قاله الشيخ في سورة الكهف ‏{‏ الذي خلق السماوات والأرض ‏}‏ خصهما بالذكر لأنهما أعظم المخلوقات للناظرين ‏{‏ وجعل ‏}‏ خلق ‏{‏ الظلمات والنور ‏}‏ أي كل ظلمة ونور وجمعها دونه لكثرة أسبابها، وهذا من دلائل وحدانيته ‏{‏ ثم الذين كفروا ‏}‏ مع قيام هذا الدليل ‏{‏ بربهم يعدلون ‏}‏ يسوون غيره في العبادة ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 2 ‏)‏

‏{‏هو الذي خلقكم من طين ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده ثم أنتم تمترون ‏}‏

‏{‏ هو الذي خلقكم من طين ‏}‏ بخلق أبيكم آدم منه ‏{‏ ثم قضى أجلاً ‏}‏ لكم تموتون عند انتهائه ‏{‏ وأجلٌ مسمّىّ ‏}‏ مضروب ‏{‏ عنده ‏}‏ لبعثكم ‏{‏ ثم أنتم ‏}‏ أيها الكفار ‏{‏ تمترون ‏}‏ تشكون في البعث بعد علمكم أنه ابتدأ خلقكم ومن قدر على الإبتداء فهو على الإعادة أقدر ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 3 ‏)‏

‏{‏وهو الله في السماوات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون ‏}‏

‏{‏ وهو الله ‏}‏ مستحق للعابدة ‏{‏ في السماوات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم ‏}‏ ما تسرون وما تجهرون به بينكم ‏{‏ ويعلم ما تكسبون ‏}‏ تعملون من خير وشرِّ ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 4 ‏)‏

‏{‏وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين ‏}‏

‏{‏ وما تأتيهم ‏}‏ أي أهل مكة ‏{‏ من ‏}‏ زائدة ‏{‏ آية من آيات ربهم ‏}‏ من القرآن ‏{‏ إلا كانوا عنها معرضين ‏}‏ ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 5 ‏)‏

‏{‏فقد كذبوا بالحق لما جاءهم فسوف يأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون ‏}‏

‏{‏ فقد كذٌبوا بالحق ‏}‏ بالقرآن ‏{‏ لما جاءهم فسوف يأتيهم أنباء ‏}‏ عواقب ‏{‏ ما كانوا به يستهزئون

 الآية رقم ‏(‏ 6 ‏)‏

‏{‏ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم وأرسلنا السماء عليهم مدرارا وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم فأهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرنا آخرين ‏}‏

‏{‏ ألم يروا ‏}‏ في أسفارهم إلى الشام وغيرها ‏{‏ كم ‏}‏ خبرية بمعنى كثيراً ‏{‏ أهلكنا من قبلهم من قرن ‏}‏ أمة من الأمم الماضية ‏{‏ مكَّناهم ‏}‏ أعطيناهم مكاناً ‏{‏ في الأرض ‏}‏ بالقوة والسعة ‏{‏ ما لم نمكن ‏}‏ نعط ‏{‏ لكم ‏}‏ فيه التفات عن الغيبة ‏{‏ وأرسلنا السماء ‏}‏ المطر ‏{‏ عليهم مدراراً ‏}‏ متتابعاً ‏{‏ وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم ‏}‏ تحت مساكنهم ‏{‏ فأهلكناهم بذنوبهم ‏}‏ بتكذيبهم الأنبياء ‏{‏ وأنشأنا من بعدهم قرناً آخرين ‏}‏ ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 7 ‏)‏

‏{‏ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس فلمسوه بأيديهم لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين ‏}‏

‏{‏ ولو نزلَّنا عليك كتاباً ‏}‏ مكتوباً ‏{‏ في قرطاس ‏}‏ رَقٌ كما اقترحوا ‏{‏ فلمسوه بأيديهم ‏}‏ أبلغ من عاينوه لأنه أنفى للشك ‏{‏ لقال الذين كفروا إن ‏}‏ ما ‏{‏ هذا إلا سحر مبين ‏}‏ تعنُّناً وعناداً ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 8 ‏)‏

‏{‏وقالوا لولا أنزل عليه ملك ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر ثم لا ينظرون ‏}‏

‏{‏ وقالوا لولا ‏}‏ هلا ‏{‏ أنزل عليه ‏}‏ على محمد صلى الله عليه وسلم ‏{‏ ملك ‏}‏ يصدقه ‏{‏ ولو أنزلنا ملكاً ‏}‏ كما اقترحوا فلم يؤمنوا ‏{‏ لقضي الأمر ‏}‏ بهلاكهم ‏{‏ ثم لا ينظرون ‏}‏ يمهلون لتوبة أو معذرة كعادة الله فيمن قبلهم من إهلاكهم عند وجود مقترحهم إذا لم يؤمنوا ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 9 ‏)‏

‏{‏ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون ‏}‏

‏{‏ ولو جعلناه ‏}‏ أي المنزل إليهم ‏{‏ ملكاً لجعلناه ‏}‏ أي الملك ‏{‏ رجلاً ‏}‏ أي على صورته ليتمكنوا من رؤيته إذ لا قوَّه للبشر على رؤية الملك ‏{‏ و ‏}‏ لو أنزلناه وجعلنا رجلاً ‏{‏ للبسنا ‏}‏ شبهنا ‏{‏ عليهم ما يلبسون ‏}‏ على أنفسهم بأن يقولوا ما هذا إلا بشر مثلكم ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 10 ‏)‏

‏{‏ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون ‏}‏

‏{‏ ولقد استُهزئ برسل من قبلك ‏}‏ فيه تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم ‏{‏ فحاق ‏}‏ نزل ‏{‏ بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون ‏}‏ وهو العذاب فكذا يحيق بمن استهزاء بك ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 11 ‏)‏

‏{‏قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين ‏}‏

‏{‏ قل ‏}‏ لهم ‏{‏ سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين ‏}‏ الرسل من هلاكهم بالعذاب ليعتبروا ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 12 ‏)‏

‏{‏قل لمن ما في السماوات والأرض قل لله كتب على نفسه الرحمة ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون ‏}‏

‏{‏ قل لمن ما في السماوات والأرض قل لله ‏}‏ إن لم يقولوه لا جواب غيره ‏{‏ كتب على نفسه ‏}‏ قضى على نفسه ‏{‏ الرحمة ‏}‏ فضلاً منه وفيه تلطف في دعائهم إلى الإيمان ‏{‏ لَيجمعنكم إلى يوم القيامة ‏}‏ ليجازيكم بأعمالكم ‏{‏ لا ريب ‏}‏ شك ‏{‏ فيه الذين خسروا أنفسهم ‏}‏ بتعريضها للعذاب مبتدأ خبره ‏{‏ فهم لا يؤمنون ‏}‏ ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 13 ‏)‏

‏{‏وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم ‏}‏

‏{‏ وله ‏}‏ تعالى ‏{‏ ما سكن ‏}‏ حلُ ‏{‏ في الليل والنهار ‏}‏ أي كل شيء فهو ربه وخالقه ومالكه ‏{‏ وهو السميع ‏}‏ لما يقال ‏{‏ العليم ‏}‏ بما يفعل ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 14 ‏)‏

‏{‏قل أغير الله أتخذ وليا فاطر السماوات والأرض وهو يطعم ولا يطعم قل إني أمرت أن أكون أول من أسلم ولا تكونن من المشركين ‏}‏

‏{‏ قل ‏}‏ لهم ‏{‏ أغير الله أتَّخذ وليّاً ‏}‏ أعبده ‏{‏ فاطر السماوات والأرض ‏}‏ مبدعهما ‏{‏ وهو يُطعم ‏}‏ يرزق ‏{‏ ولا يُطعم ‏}‏ يُرزق ‏{‏ قل إني أمرت أن أكون أول من أسلم ‏}‏ لله من هذه الأمة ‏{‏ و ‏}‏ قيل لي ‏{‏ لا تكوننَّ من المشركين ‏}‏ به ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 15 ‏)‏

‏{‏قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم ‏}‏

‏{‏ قل إني أخاف إن عصيت ربي ‏}‏ بعبادة غيره ‏{‏ عذاب يوم عظيم ‏}‏ هو يوم القيامة ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 16 ‏)‏

‏{‏من يصرف عنه يومئذ فقد رحمه وذلك الفوز المبين ‏}‏

‏{‏ من يُصرف ‏}‏ بالبناء للمفعول أي العذاب وللفاعل أي الله والعائد محذوف ‏{‏ عنه يومئذ فقد رحمه ‏}‏ تعالى أي أراد له الخير ‏{‏ وذلك الفوز المبين ‏}‏ النجُاة الظاهرة ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 17 ‏)‏

‏{‏وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير ‏}‏

‏{‏ وإن يمسسَك الله بضرٌ ‏}‏ بلاء كمرض وفقر ‏{‏ فلا كاشف ‏}‏ رافع ‏{‏ له إلا هو وإن يمسَك بخير ‏}‏ كصحة وغنىّ ‏{‏ فهو على كل شىء قدير ‏}‏ ومنه مسُّك به ولا يقدر على ردِّه عنك غيره ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 18 ‏)‏

‏{‏وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير ‏}‏

‏{‏ وهو القاهر ‏}‏ القادر الذي لا يعجزه شيء مستعلياً ‏{‏ فوق عباده وهو الحكيم ‏}‏ في خلقه ‏{‏ الخبير ‏}‏ ببواطنهم كظواهرهم ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 19 ‏)‏

‏{‏قل أي شيء أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ أئنكم لتشهدون أن مع الله آلهة أخرى قل لا أشهد قل إنما هو إله واحد وإنني بريء مما تشركون ‏}‏

ونزل لما قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم إئتنا بمن يشهد لك بالنبوة فإن أهل الكتاب أنكروك ‏{‏ قل ‏}‏ لهم ‏{‏ أيُّ شيءٍ أكبر شهادةّ ‏}‏ تمييز محول عن المبتدأ ‏{‏ قل اللهُ ‏}‏ إن لم يقولوه لا جواب غيره، وهو ‏{‏ شهيد بيني وبينكم ‏}‏ على صدقي ‏{‏ وأوحي إليَّ هذا القرآن لأنذركم ‏}‏ أخوفكم يا أهل مكة ‏{‏ به ومن بلغ ‏}‏ عطف على ضمير أنذركم أي بلغة القرأن عن الأنس والجن ‏{‏ أئنَّكم لتشهدون أن مع الله آلهة أخرى ‏}‏ إستفهام إنكاري ‏{‏ قل ‏}‏ لهم ‏{‏ لا أشِهدُ ‏}‏ بذلك ‏{‏ قل إنما هو إله واحد وإنني بريء مما تشركون ‏}‏ معه من الأصنام ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 20 ‏)‏

‏{‏الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون ‏}‏

‏{‏ الذين آتيانهم الكتاب يعرفونه ‏}‏ أي محمداً بنعته في كتابهم ‏{‏ كما يعرفون أبناءهم الذين خسروا أنفسهم ‏}‏ منهم ‏{‏ فهم لا يؤمنون ‏}‏ به ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 21 ‏)‏

‏{‏ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته إنه لا يفلح الظالمون ‏}‏

‏{‏ ومن ‏}‏ أي لا أحد ‏{‏ أظلم ممن افترى على الله كذباً ‏}‏ بنسبه الشريك إليه ‏{‏ أو كذَّب بآياته ‏}‏ القرآن ‏{‏ إنه ‏}‏ أي الشأن ‏{‏ لا يفلح الظالمون ‏}‏ بذلك ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 22 ‏)‏

‏{‏ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون ‏}‏

‏{‏ و ‏}‏ اذكر ‏{‏ يوم نحشرهم جميعاً ثم نقول للذين أشركوا ‏}‏ توبيخاً ‏{‏ أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون ‏}‏ أنهم شركاء الله ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 23 ‏)‏

‏{‏ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين ‏}‏

‏{‏ ثم لم تكن ‏}‏ بالتاء والياء ‏{‏ فتنتّهم ‏}‏ بالنصب والرفع أي معزرتهم ‏{‏ إلاً أن قالوا ‏}‏ أي قولهم ‏{‏ والله ربِّنا ‏}‏ بالجر نعت والنصب نداء ‏{‏ ما كنا مشركين ‏}‏ ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 24 ‏)‏

‏{‏انظر كيف كذبوا على أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون ‏}‏

قال تعال‏:‏ ‏{‏ أنظر ‏}‏ يا محمد ‏{‏ كيف كذبوا على أنفسهم ‏}‏ بنفي الشرك عنهم ‏{‏ وضلَّ ‏}‏ غاب ‏{‏ عنهم ما كانوا يفترونـ ‏}‏ ـه على الله من الشركاء ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 25 ‏)‏

‏{‏ومنهم من يستمع إليك وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها حتى إذا جاءوك يجادلونك يقول الذين كفروا إن هذا إلا أساطير الأولين ‏}‏

‏{‏ ومنهم من يستمع إليك ‏}‏ إذا قرأت ‏{‏ وجعلنا على قلوبهم أكنة ‏}‏ أغطية لـ ‏{‏ أن ‏}‏ لا ‏{‏ يفقهوه ‏}‏ يفهموا القرآن ‏{‏ وفي آذانهم وقراً ‏}‏ صماً فلا يسمعونه سماع قبول ‏{‏ وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها حتى إذا جاءُوك يجادلونك يقول الذين كفروا إن ‏}‏ ما ‏{‏ هذا ‏}‏ القرآن ‏{‏إلا أساطير ‏}‏ أكاذيب ‏{‏ الأولين ‏}‏ كالأضاحيك والأعاجيب جمع أسطورة بالضم ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 26 ‏)‏

‏{‏وهم ينهون عنه وينأون عنه وإن يهلكون إلا أنفسهم وما يشعرون ‏}‏

‏{‏ وهم ينهون ‏}‏ الناس ‏{‏ عنه ‏}‏ عن اتباع النبي صلى الله عليه وسلم ‏{‏ وينأون ‏}‏ يتباعدون ‏{‏ عنه ‏}‏ فلا يؤمنون به، وقيل‏:‏ نزلت في أبي طالب كان ينهى عن أذاه ولا يؤمن به ‏{‏ وإن ‏}‏ ما ‏{‏ يهلكون ‏}‏ بالنأي عنه ‏{‏ إلا أنفسهم ‏}‏ لأن ضرره عليهم ‏{‏ وما يشعرون ‏}‏ بذلك ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 27 ‏)‏

‏{‏ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين ‏}‏

‏{‏ ولو ترى ‏}‏ يا محمد ‏{‏ إذا وُقفوا ‏}‏ عرضوا ‏{‏ على النار فقالوا يا ‏}‏ للتنبيه ‏{‏ ليتنا نردُّ ‏}‏ إلى الدنيا ‏{‏ ولا نكذِّبُ بآيات ربنا ونكونُ من المؤمنين ‏}‏ برفع الفعلين إستئنافاً ونصبهما في جواب التمني ورفع الأول ونصب الثاني وجواب لو رأيت أمراً عظيماً ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 28 ‏)‏

‏{‏بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون ‏}‏

قال تعالى‏:‏ ‏{‏ بل ‏}‏ للإضراب عن إرادة الإيمان المفهوم من التمني ‏{‏ بدا ‏}‏ ظهر ‏{‏ لهم ما كانوا يخفون من قبل ‏}‏ يكتمون بقولهم ‏(‏والله ربنا ما كنا مشركين‏)‏ شهادة جوارهم فتمنوا ذلك ‏{‏ ولو ردوا ‏}‏ إلى الدنيا فرضاً ‏{‏ لعادوا لما نُهوا عنه ‏}‏ من الشرك ‏{‏ وإنهم لكاذبون ‏}‏ في وعدهم بالإيمان ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 29 ‏)‏

‏{‏وقالوا إن هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين ‏}‏

‏{‏ وقالوا ‏}‏ أي منكر والبعث ‏{‏ إن ‏}‏ ما ‏{‏ هي ‏}‏ أي الحياة ‏{‏ إلا حياتنا الدنيا وما بمبعوثين ‏}‏ ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 30 ‏)‏

‏{‏ولو ترى إذ وقفوا على ربهم قال أليس هذا بالحق قالوا بلى وربنا قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون ‏}‏

‏{‏ ولو ترى إذ وقفوا ‏}‏ عرضوا ‏{‏ على ربِّهم ‏}‏ لرأيت أمراً عظيماً ‏{‏ قال ‏}‏ لهم على لسان الملائكة توبيخاً ‏{‏ أليس هذا ‏}‏ البعث والحساب ‏{‏ بالحق قالوا بلى وربِّنا ‏}‏ إنه لحق ‏{‏ قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون ‏}‏ به في الدنيا ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 31 ‏)‏

‏{‏قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله حتى إذا جاءتهم الساعة بغتة قالوا يا حسرتنا على ما فرطنا فيها وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم ألا ساء ما يزرون ‏}‏

‏{‏ قد خسر الذين كذَّبوا بلقاء الله ‏}‏ بالبعث ‏{‏ حتى ‏}‏ غاية للتكذيب ‏{‏ إذا جاءتهم الساعة ‏}‏ القيامة ‏{‏ بغتة ‏}‏ فجأة ‏{‏ قالوا يا حسرتنا ‏}‏ هي شدة التألم ونداؤها مجاز أي هذا أوانك فاحضري ‏{‏ على ما فرَّطنا ‏}‏ قصَّرنا ‏{‏ فيها ‏}‏ أي الدنيا ‏{‏ وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم ‏}‏ بأن تأتيهم عند البعث في أقبح شيء صورة وأنتنه ريحاً فتركبهم ‏{‏ ألا ساء ‏}‏ بئس ‏{‏ ما يزرون ‏}‏ يحملونه حملهم ذلك ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 32 ‏)‏

‏{‏وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو وللدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون ‏}‏

‏{‏ وما الحياة الدنيا ‏}‏ أي الاشتغال بها ‏{‏ إلا لعب ولهو ‏}‏ وأما الطاعة وما يعين عليها فمن أمور الآخرة ‏{‏ وللدَّار الاخرةُ ‏}‏ وفي قراءة ولدار الآخرة أي الجنة ‏{‏ خير للذين يتقون ‏}‏ الشرك ‏{‏ أفلا يعقلون ‏}‏ بالياء والتاء ذلك فيؤمنون ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 33 ‏)‏

‏{‏قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون ‏}‏

‏{‏ قد ‏}‏ للتحقيق ‏{‏ نعلم إنه ‏}‏ أي الشأن ‏{‏ ليحزنك الذي يقولون ‏}‏ لك من التكذيب ‏{‏ فإنهم لا يكذِّبونك ‏}‏ في السر لعلمهم أنك صادق وفي قراءة بالتخفيف أي لا ينسبونك إلى الكذب ‏{‏ ولكن الظالمين ‏}‏ وضعه موضع المضمر ‏{‏ يآيات الله ‏}‏ القرآن ‏{‏ يجحدون ‏}‏ يكذبون ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 34 ‏)‏

‏{‏ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ولا مبدل لكلمات الله ولقد جاءك من نبأ المرسلين ‏}‏

‏{‏ ولقد كذِّبت رسل من قبلك ‏}‏ فيه تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم ‏{‏ فصبروا على ما كذِّبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ‏}‏ بإهلاك قومهم فاصبر حتى يأتيك النصر بإهلاك قومك ‏{‏ ولا مبدِّل لكلمات الله ‏}‏ مواعيده ‏{‏ ولقد جاءك من نبأ المرسلين ‏}‏ ما يسكن به قلبك ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 35 ‏)‏

‏{‏وإن كان كبر عليك إعراضهم فإن استطعت أن تبتغي نفقا في الأرض أو سلما في السماء فتأتيهم بآية ولو شاء الله لجمعهم على الهدى فلا تكونن من الجاهلين ‏}‏

‏{‏ وإن كان كبر ‏}‏ عظم ‏{‏ عليك إعراضهم ‏}‏ عن الإسلام لحرصك عليهم ‏{‏ فإن استطعت أن تبتغى نفقاً ‏}‏ سرباً ‏{‏ في الأرض أو سلَّماً ‏}‏ مصعداً ‏{‏ في السماء فتأتيهم بآية ‏}‏ مما اقترحوا فافعل، المعنى أنك لا تستطيع ذلك فاصبر حتى يحكم الله، ‏{‏ ولو شاء الله ‏}‏ هدايتهم ‏{‏ لجمعهم على الهدى ‏}‏ ولكن لو لم يشأ ذلك فلم يؤمنوا ‏{‏ فلا تكوننَّ من الجاهلين ‏}‏ بذلك ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 36 ‏)‏

‏{‏إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله ثم إليه يرجعون ‏}‏

‏{‏ إنَّما يستجيب ‏}‏ دعاءك إلى الإيمان ‏{‏ الذين يسمعون ‏}‏ سمع تفهُّم واعتبار ‏{‏ و الموتى ‏}‏ أي الكفار شبههم بهم في عدم السماع ‏{‏ يبعثهم الله ‏}‏ في الآخرة ‏{‏ ثم إليه يرجعون ‏}‏ يُردون فيجازيهم بأعمالهم ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 37 ‏)‏

‏{‏وقالوا لولا نزل عليه آية من ربه قل إن الله قادر على أن ينزل آية ولكن أكثرهم لا يعلمون ‏}‏

‏{‏ وقالوا ‏}‏ أي كفار مكة ‏{‏ لولا ‏}‏ هلا ‏{‏ نزَّل عليه آية من ربه ‏}‏ كالناقة والعصا والمائدة ‏{‏ قل ‏}‏ لهم ‏{‏ إن الله قادر على أن ينزِّل ‏}‏ بالتشديد والتخفيف ‏{‏ آية ‏}‏ مما اقترحوا ‏{‏ ولكن أكثرهم لا يعلمون ‏}‏ أن نزولها بلاء عليهم لوجوب هلاكهم إن جحدوها ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 38 ‏)‏

‏{‏وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون ‏}‏

‏{‏ وما من ‏}‏ زائدة ‏{‏ دابة ‏}‏ تمشي ‏{‏ في الأرض ولا طائر يطير ‏}‏ في الهواء ‏{‏ بجناحيه إلا أمم أمثالكم ‏}‏ في تدبير خلقها ورزقها وأحوالها ‏{‏ ما فرطنا ‏}‏ تركنا ‏{‏ في الكتاب ‏}‏ اللوح المحفوظ ‏{‏ من ‏}‏ زائدة ‏{‏ شىء ‏}‏ فلم نكتبه ‏{‏ ثم إلى ربهم يحشرون ‏}‏ بينهم ويقتص للجماء من القرناه ثم يقول لهم كونوا تراباً ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 39 ‏)‏

‏{‏والذين كذبوا بآياتنا صم وبكم في الظلمات من يشأ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم ‏}‏

‏{‏ والذين كذبوا بآياتنا ‏}‏ القرآن ‏{‏ صمٌ ‏}‏ عن سماعه سماع قبول ‏{‏ وبكم ‏}‏ عن النطق بالحق ‏{‏ في الظلمات ‏}‏ الكفر ‏{‏ من يشأ الله ‏}‏ إضلاله ‏{‏ يضلله ومن يشأ ‏}‏ هدايته ‏{‏ يجعله على صراط ‏}‏ طريق ‏{‏ مستقيم ‏}‏ دين الإسلام ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 40 ‏)‏

‏{‏قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة أغير الله تدعون إن كنتم صادقين ‏}‏

‏{‏ قل ‏}‏ يا محمد لأهل مكة ‏{‏ أرأيتكم ‏}‏ أخبروني ‏{‏ أن أتاكم عذاب الله ‏}‏ في الدنيا ‏{‏ أو أتتكم الساعة ‏}‏ القيامة المشتملة عليه بغتة ‏{‏ أغير الله تدعون ‏}‏ لا ‏{‏ إن كنتم صادقين ‏}‏ في أن الأصنام تنفعكم فادعوها ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 41 ‏)‏

‏{‏بل إياه تدعون فيكشف ما تدعون إليه إن شاء وتنسون ما تشركون ‏}‏

‏{‏ بل إياه ‏}‏ لا غيره ‏{‏ تدعون ‏}‏ في الشدائد ‏{‏ فيكشف ما تدعون إليه ‏}‏ أن يكشفه عنكم من الضر ونحوه ‏{‏ إن شاء ‏}‏ كشفه ‏{‏ وتنسَوْن ‏}‏ تتركون ‏{‏ ما تشركون ‏}‏ معه من الأصنام فلا تدعونه‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 42 ‏)‏

‏{‏ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون ‏}‏

‏{‏ ولقد أرسلنا إلى أمم من ‏}‏ زائدة ‏{‏ قبلك ‏}‏ رسلاً فكذبوهم ‏{‏ فأخذناهم بالبأساء ‏}‏ شدة الفقر ‏{‏ والضراء ‏}‏ المرض ‏{‏ لعلهم يتضرعون ‏}‏ يتذللون فيؤمنون ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 43 ‏)‏

‏{‏فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون ‏}‏

‏{‏ فلولا ‏}‏ فهلاً ‏{‏ إذ جاءهم بأسنا ‏}‏ عذابنا ‏{‏ تضرَّعوا ‏}‏ أي لم يفعلوا ذلك مع قيام المقتضي له ‏{‏ ولكن قست قلوبهم ‏}‏ فلم تلن للإيمان ‏{‏ وزيَّن لهم الشيطان ما كانوا يعملون ‏}‏ من المعاصي فأصرُّوا عليها ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 44 ‏)‏

‏{‏فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون ‏}‏

‏{‏ فلما نسوا ‏}‏ تركوا ‏{‏ ما ذكروا ‏}‏ وُعظوا وخوفوا ‏{‏ به ‏}‏ من البأساء والضراء فلم يتعظوا ‏{‏ فتحنا ‏}‏ بالتخفيف والتشديد ‏{‏ عليهم أبواب كلِّ شيء ‏}‏ من النعم استدراجاً لهم ‏{‏ حتى إذا فرحوا بما أوتوا ‏}‏ فرح بطر ‏{‏ أخذناهم ‏}‏ بالعذاب ‏{‏ بغتة ‏}‏ فجأة ‏{‏ فإذا هم مبلسون ‏}‏ آيسون من كل خير ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 45 ‏)‏

‏{‏فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين ‏}‏

‏{‏ فقطع دابر القوم الذين ظلموا ‏}‏ أي آخرهم بأن استؤصلوا ‏{‏ والحمد لله رب العالمين ‏}‏ على نصر الرسل وإهلاك الكافرين ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 46 ‏)‏

‏{‏قل أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم وختم على قلوبكم من إله غير الله يأتيكم به انظر كيف نصرف الآيات ثم هم يصدفون ‏}‏

‏{‏ قل ‏}‏ لأهل مكة ‏{‏ أرأيتم ‏}‏ أخبروني ‏{‏ إن أخذ الله سمعكم ‏}‏ أصمَّكم ‏{‏ وأبصاركم ‏}‏ أعماكم ‏{‏ وختم ‏}‏ طبع ‏{‏ على قلوبكم ‏}‏ فلا تعرفون شيئاً ‏{‏ من إلهٌ غير الله يأتيكم به ‏}‏ بما أخذه منكم بزعمكم ‏{‏ أنظر كيف نصرف ‏}‏ نبين ‏{‏ الآيات ‏}‏ الدلالات على وحدانيتنا ‏{‏ ثم هم يصدفون ‏}‏ يعرِضون عنها فلا يؤمنون ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 47 ‏)‏

‏{‏قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة أو جهرة هل يهلك إلا القوم الظالمون ‏}‏

‏{‏ قل ‏}‏ لهم ‏{‏ أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة أو جهرة ‏}‏ ليلاً أو نهاراً ‏{‏ هل يُهلك إلا القوم الظالمون ‏}‏ الكافرون أي ما يهلك إلا هم ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 48 ‏)‏

‏{‏وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين فمن آمن وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون ‏}‏

‏{‏ وما نرسل المرسلين إلا مبشِّرين ‏}‏ من آمن بالجنة ‏{‏ ومنذرين ‏}‏ من كفر بالنار ‏{‏ فمن آمن ‏}‏ بهم ‏{‏ وأصلح ‏}‏ عمله ‏{‏ فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون ‏}‏ في الآخرة ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 49 ‏)‏

‏{‏والذين كذبوا بآياتنا يمسهم العذاب بما كانوا يفسقون ‏}‏

‏{‏ والذين كذبوا بآياتنا يمسهم العذاب بما كانوا يفسقون ‏}‏ يخرجون عن الطاعة ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 50 ‏)‏

‏{‏قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك إن أتبع إلا ما يوحى إلي قل هل يستوي الأعمى والبصير أفلا تتفكرون ‏}‏

‏{‏ قل ‏}‏ لهم ‏{‏ لا أقول لكم عندي خزائن الله ‏}‏ التي منها يرزق ‏{‏ ولا ‏}‏ إنَّي ‏{‏ أعلم الغيب ‏}‏ ما غاب عني ولم يوح إلي ‏{‏ ولا أقول لكم إني ملك ‏}‏ من الملائكة ‏{‏ إن ‏}‏ ما ‏{‏ أتبع إلا ما يوحى إليَّ قل هل يستوي الأعمى ‏}‏ الكافر ‏{‏ والبصير ‏}‏ المؤمن ‏؟‏ لا ‏{‏ أفلا تتفكرون ‏}‏ في ذلك فتؤمنون ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 51 ‏)‏

‏{‏وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع لعلهم يتقون ‏}‏

‏{‏ وأنذر ‏}‏ خوِّف ‏{‏ به ‏}‏ أي القرآن ‏{‏ الذين يخافون أن يُحشروا إلى ربِّهم ليس لهم من دونه ‏}‏ أي غيره ‏{‏ ولي ‏}‏ ينصرهم ‏{‏ ولا شفيع ‏}‏ يشفع لهم وجملة النفي حال من ضمير يحشروا وهي محل الخوف والمراد بهم العاصون ‏{‏ لعلهم يتقون ‏}‏ الله بإقلاعهم عما هم فيه وعمل الطاعات ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 52 ‏)‏

‏{‏ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم فتكون من الظالمين ‏}‏

‏{‏ ولا تطرد الذين يدعون ربَّهم بالغداة والعشي يريدون ‏}‏ بعبادتهم ‏{‏ وجهه ‏}‏ تعالى لا شيئاً من أعراض الدنيا وهم الفقراء، وكان المشركون طعنوا فيهم وطلبوا أن يطردهم ليجالسوه وأراد النبي صلى الله عليه وسلم ذلك طمعاً في إسلامهم ‏{‏ ما عليك من حسابهم من ‏}‏ زائدة ‏{‏ شيء ‏}‏ إن كان باطنهم غير مرضي ‏{‏ وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم ‏}‏ جواب النفي ‏{‏ فتكون من الظالمين ‏}‏ إن فعلت ذلك‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 53 ‏)‏

‏{‏وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا أليس الله بأعلم بالشاكرين ‏}‏

‏{‏ وكذلك فَتنَا ‏}‏ ابتلينا ‏{‏ بعضهم ببعض ‏}‏ أي الشريف بالوضيع والغني بالفقير بأن قدَّمناه بالسبق إلى الإيمان ‏{‏ ليقولوا ‏}‏ أي الشرفاء والأغنياء منكرين ‏{‏ أهؤلاء ‏}‏ الفقراء ‏{‏ منَّ الله عليهم من بيننا ‏}‏ بالهداية أي لو كان ما هم عليه هدّى ما سبقونا إليه قال تعالى‏:‏ ‏{‏ أليس الله بأعلم بالشاكرين ‏}‏ له فيهديهم‏:‏ بلى ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 54 ‏)‏

‏{‏وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوء بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم ‏}‏

‏{‏ وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل ‏}‏ لهم ‏{‏ سلام عليكم كتب ‏}‏ قضى ‏{‏ ربكم على نفسه الرحمة إنَّهُ ‏}‏ أي الشأن وفي قراءة بالفتح بدل من الرحمة ‏{‏ من عمل منكم سوءاً بجهالة ‏}‏ منه حيث ارتكبه ‏{‏ ثم تاب ‏}‏ رجع ‏{‏ من بعده ‏}‏ بعد عمله عنه ‏{‏ وأصلح ‏}‏ عمله ‏{‏ فإنَّه ‏}‏ أي الله ‏{‏ غفور ‏}‏ له ‏{‏ رحيم ‏}‏ به، وفي قراءة بالفتح أي فالمغفرة له ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 55 ‏)‏

‏{‏وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين ‏}‏

‏{‏ وكذلك ‏}‏ كما بينا ما ذكر ‏{‏ نفصِّل ‏}‏ نبين ‏{‏ الآيات ‏}‏ القرآن ليظهر الحق فيعمل به ‏{‏ ولتستبين ‏}‏ تظهر ‏{‏ سبيلُ ‏}‏ طريق ‏{‏ المجرمين ‏}‏ فتجتنب، وفي قراءة بالتحتانية، وفي أخرى بالفوقانية ونصب سبيل خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم

 الآية رقم ‏(‏ 56 ‏)‏

‏{‏قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله قل لا أتبع أهواءكم قد ضللت إذا وما أنا من المهتدين ‏}‏

‏{‏ قل إني نُهيت أن اعبد الذين تدعون ‏}‏ تعبدون ‏{‏ من دون الله قل لا أتبع أهوائكم ‏}‏ في عبادتها ‏{‏ قد ضللت إذاً ‏}‏ إن اتبعتها ‏{‏ وما أنا من المهتدين ‏}‏ ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 57 ‏)‏

‏{‏قل إني على بينة من ربي وكذبتم به ما عندي ما تستعجلون به إن الحكم إلا لله يقص الحق وهو خير الفاصلين ‏}‏

‏{‏ قل إني على بيِّنة ‏}‏ بيان ‏{‏ من ربي و ‏}‏ قد ‏{‏ كذَّبتم به ‏}‏ بربي حيث أشركتم ‏{‏ ما عندي ما تستعجلون به ‏}‏ من العذاب ‏{‏ إن ‏}‏ ما ‏{‏ الحكم ‏}‏ في ذلك وغيره ‏{‏ إلا لله يقضي ‏}‏ القضاء ‏{‏ الحق وهو خير الفاصلين ‏}‏ الحاكمين، وفي قراءة يقصُّ أي يقول ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 58 ‏)‏

‏{‏قل لو أن عندي ما تستعجلون به لقضي الأمر بيني وبينكم والله أعلم بالظالمين ‏}‏

‏{‏ قل ‏}‏ لهم ‏{‏ لو أن عندي ما تستعجلون به لقُضي الأمر بيني وبينكم ‏}‏ بأن أعجله لكم وأستريح ولكنه عند الله ‏{‏ والله أعلم بالظالمين ‏}‏ متى يعاقبهم ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 59 ‏)‏

‏{‏وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين ‏}‏

‏(‏ وعنده ‏)‏ تعالى ‏(‏ مفاتح الغيب ‏)‏ خزائنه أو الطرق الموصلة إلى عمله ‏(‏ لا يعلمها إلا هو ‏)‏ وهي الخمسة التي في قوله ‏(‏ إن الله عنده علم الساعة ‏)‏ الآية كما رواه البخاري ‏(‏ ويعلم ما ‏)‏ يحدث ‏(‏ في البر ‏)‏ القفار ‏(‏ والبحر ‏)‏ القرى التي على الأنهار ‏(‏ وما تسقط من ‏)‏ زائدة ‏(‏ ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس ‏)‏ عطف على ورقة ‏(‏ إلا في كتاب مبين ‏)‏ هو اللوح المحفوظ ، والاستثناء بدل اشتمال من الاستثناء قبله ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 60 ‏)‏

‏{‏وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ثم يبعثكم فيه ليقضى أجل مسمى ثم إليه مرجعكم ثم ينبئكم بما كنتم تعملون ‏}‏

‏{‏ وهو الذي يتوفّاكم بالليل ‏}‏ يقبض أرواحكم عند النوم ‏{‏ ويعلم ما جرحتم ‏}‏ كسبتم ‏{‏ بالنهار ثم يبعثكم فيه ‏}‏ أي النهار برد أرواحكم ‏{‏ ليُقضى أجلٌ مسمٌى ‏}‏ هو أجل الحياة ‏{‏ ثم إليه مرجعكم ‏}‏ ‏{‏ ثم ينبئكم بما كنتم تعملون ‏}‏ فيجازيكم به ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 61 ‏)‏

‏{‏وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون ‏}‏

‏{‏ وهو القاهر ‏}‏ مستعلياً ‏{‏ فوق عباده ويرسل عليكم حفظة ‏}‏ ملائكة تحصي أعمالكم ‏{‏ حتى إذا جاء أحدكم الموت توفَّته ‏}‏ وفي قراءة توفاه ‏{‏ رسلنا ‏}‏ الملائكة الموكلون بقبض الأرواح ‏{‏ وهم لا يفرَّطون ‏}‏ يقصرون فيما يؤمرون به ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 62 ‏)‏

‏{‏ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين ‏}‏

‏{‏ ثم ردُّوا ‏}‏ أي الخلق ‏{‏ إلى الله ملاهم ‏}‏ مالكهم ‏{‏ الحق ‏}‏ الثابت العدل ليجزيهم ‏{‏ ألا له الحكم ‏}‏ القضاء النافذ فيهم ‏{‏ وهو أسرع الحاسبين ‏}‏ يحاسب الخلق كلهم في قدر نصف نهار من أيام الدنيا لحديث بذلك ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 63 ‏)‏

‏{‏قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر تدعونه تضرعا وخفية لئن أنجانا من هذه لنكونن من الشاكرين ‏}‏

‏{‏ قل ‏}‏ يا محمد لأهل مكة ‏{‏ من ينجّيِكم من ظلمات البر والبحر ‏}‏ أهوالهما في أسفاركم حين ‏{‏ تدعونه تضرعاً ‏}‏ علانية ‏{‏ وخفية ‏}‏ سراً تقولون ‏{‏ لئن ‏}‏ لام قسم ‏{‏ أنجيتنا ‏}‏ وفي قراءة أنجانا أي الله ‏{‏ من هذه ‏}‏ الظلمات والشدائد ‏{‏ لنكونن من الشاكرين ‏}‏ المؤمنين ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 64 ‏)‏

‏{‏قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب ثم أنتم تشركون ‏}‏

‏{‏ قل ‏}‏ لهم ‏{‏ الله يُنْجيكم ‏}‏ بالتخفيف والتشديد ‏{‏ منها ومن كل كرب ‏}‏ غمِّ سواها ‏{‏ ثم أنتم تشركون ‏}‏ به ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 65 ‏)‏

‏{‏قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون ‏}‏

‏(‏ قل هو القادر ‏)‏ على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم ‏)‏ من السماء كالحجارة والصيحة ‏(‏ أو من تحت أرجلكم ‏)‏ كالخسف ‏(‏ أو يلبسكم ‏)‏ يخلطكم ‏(‏ شيعاً ‏)‏ فرقاً مختلفة الأهواء ‏(‏ ويذيق بعضكم بأس بعض ‏)‏ بالقتال ، قال صلى الله عليه وسلم ‏:‏ لما نزلت ‏(‏ هذا أهون وأيسر ‏)‏ ولما نزل ما قبله ‏:‏ ، ‏(‏ أعوذ بوجهك رواه البخاري وروى مسلم حديث ‏"‏ سألت ربي ألا يجعل بأس أمتي بينهم فمنعنيها ‏"‏ وفي حديث ‏"‏ لما نزلت قال أما إنها كائنة ولم يأت تأويلها بعد ‏"‏ ‏(‏ أنظر كيف نصرف ‏)‏ نبين لهم ‏(‏ الآيات ‏)‏ الدلالات على قدرتنا ‏(‏ لعلهم يفقهون ‏)‏ يعلمون أن ما هم عليه باطل ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 66 ‏)‏

‏{‏وكذب به قومك وهو الحق قل لست عليكم بوكيل ‏}‏

‏{‏ وكذب به ‏}‏ بالقرآن ‏{‏ قومك وهو الحق ‏}‏ الصدق ‏{‏ قل ‏}‏ لهم ‏{‏ لست عليكم بوكيل ‏}‏ فأجازيكم إنما أنا منذر وأمركم إلى الله وهذا قبل الأمر بالقتال ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 67 ‏)‏

‏{‏لكل نبأ مستقر وسوف تعلمون ‏}‏

‏{‏ لكل نبأ ‏}‏ خبر ‏{‏ مستقرٌ ‏}‏ وقت يقع فيه ويستقر ومنه عذابكم ‏{‏ وسوف تعلمون ‏}‏ تهديد لهم ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 68 ‏)‏

‏{‏وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين ‏}‏

‏{‏ وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا ‏}‏ القرآن بالاستهزاء ‏{‏ فأعرض عنهم ‏}‏ ولا تجالسهم ‏{‏ حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ‏}‏ فيه إدغام نون إن الشرطية في ما المزيدة ‏{‏ يُنْسِيَنَّكَ ‏}‏ بسكون النون والتخفيف وفتحها والتشديد ‏{‏ الشيطان ‏}‏ فقعدت معهم ‏{‏ فلا تقعد بعد الذكرى ‏}‏ أي تذكرة ‏{‏ مع القوم الظالمين ‏}‏ فيه وضع الظاهر موضع المضمر وقال المسلمون إن قمنا كلما خاضوا لم نستطيع أن تجلس في المسجد وأن نطوف فنزل ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 69 ‏)‏

‏{‏وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء ولكن ذكرى لعلهم يتقون ‏}‏

‏{‏ وما على الذين يتقون ‏}‏ الله ‏{‏ من حسابهم ‏}‏ أي الخائضين ‏{‏ من ‏}‏ زائدة ‏{‏ شيء ‏}‏ إذا جالسوهم ‏{‏ ولكن عليهم ‏{‏ ذكرى ‏}‏ تذكرة لهم وموعظة ‏{‏ لعلهم يتقون ‏}‏ الخوض ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 70 ‏)‏

‏{‏وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا وغرتهم الحياة الدنيا وذكر به أن تبسل نفس بما كسبت ليس لها من دون الله ولي ولا شفيع وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون ‏}‏

‏{‏ وذر ‏}‏ أترك ‏{‏ الذين اتخذوا دينهم ‏}‏ الذي كلفوه ‏{‏ لعباً ولهواً ‏}‏ باستهزائهم به ‏{‏ وغرتهم الحياة الدنيا ‏}‏ فلا تتعرض لهم وهذا قبل الأمر بالقتال ‏{‏ وذكِّر ‏}‏ عظ ‏{‏ به ‏}‏ بالقرآن الناس لـ ‏{‏ أن ‏}‏ لا ‏{‏ تُبسل نفس ‏}‏ تسلم إلى الهلاك ‏{‏ بما كسبت ‏}‏ عملت ‏{‏ ليس لها من دون الله ‏}‏ أي غيره ‏{‏ ولي ‏}‏ ناصر ‏{‏ ولا شفيع ‏}‏ يمنع عنها العذاب ‏{‏ وإن تعدل كل عدل ‏}‏ تفد كل فداء ‏{‏ لا يؤخذ منها ‏}‏ ما نفدي به ‏{‏ أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا لهم شراب من حميم ‏}‏ ماء بالغ نهاية الحرارة ‏{‏ وعذاب أليم ‏}‏ مؤلم ‏{‏ بما كانوا يكفرون ‏}‏ بكفرهم ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 71 ‏)‏

‏{‏قل أندعوا من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا ونرد على أعقابنا بعد إذ هدانا الله كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران له أصحاب يدعونه إلى الهدى ائتنا قل إن هدى الله هو الهدى وأمرنا لنسلم لرب العالمين ‏}‏

‏{‏ قل أندعوا ‏}‏ أنعبد ‏{‏ من دون الله ما لا ينفعنا ‏}‏ بعبادته ‏{‏ ولا يضرنا ‏}‏ بتركها وهو الأصنام ‏{‏ ونُرد على أعقابنا ‏}‏ نرجع مشركين ‏{‏ بعد إذ هدانا الله ‏}‏ إلى الإسلام ‏{‏ كالذي استهوته ‏}‏ أضلته ‏{‏ الشياطين في الأرض حيران ‏}‏ متحيراً لا يدري أين يذهب حال من الهاء ‏{‏ له أصحاب ‏}‏ رفقة ‏{‏ يدعونه إلى الهدى ‏}‏ أي ليهدوه الطريق يقولون له ‏{‏ ائتنا ‏}‏ فلا يجيبهم فيهلك والاستفهام للإنكار وجمله التشبيه حال من ضمير نرد ‏{‏ قل إن هدى الله ‏}‏ الذي هو الإسلام ‏{‏ هو الهدى ‏}‏ وما عداه ضلال ‏{‏ وأمرنا لنسلم ‏}‏ أي بأن نسلم ‏{‏ لرب العالمين ‏}‏ ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 72 ‏)‏

‏{‏وأن أقيموا الصلاة واتقوه وهو الذي إليه تحشرون ‏}‏

‏{‏ وأن ‏}‏ أي بأن ‏{‏ أقيموا الصلاة واتقوه ‏}‏ تعالى ‏{‏ وهو الذي إليه تحشرون ‏}‏ تجمعون يوم القيامة للحساب ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 73 ‏)‏

‏{‏وهو الذي خلق السماوات والأرض بالحق ويوم يقول كن فيكون قوله الحق وله الملك يوم ينفخ في الصور عالم الغيب والشهادة وهو الحكيم الخبير ‏}‏

‏{‏ وهو الذي خلق السماوات والأرض بالحق ‏}‏ أي محقاً ‏{‏ و ‏}‏ اذكر ‏{‏ يوم يقول ‏}‏ للشيء ‏{‏ كن فيكون ‏}‏ هو يوم القيامة يقول للخلق قوموا ‏{‏ قولُه الحق ‏}‏ الصدق الواقع لا محالة ‏{‏ وله الملك يوم ينفخ في الصور ‏}‏ القرن النفخة الثانية من إسرافيل لا ملك فيه لغيره ‏(‏لمن الملك اليوم ‏؟‏ ‏)‏ ‏{‏ عالُم الغيب والشهادة ‏}‏ ما غاب وما شوهد ‏{‏ وهو الحكيم ‏}‏ في خلقه ‏{‏ الخبير ‏}‏ بباطن الأشياء كظاهرها ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 74 ‏)‏

‏{‏وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة إني أراك وقومك في ضلال مبين ‏}‏

‏{‏ و ‏}‏ أذكر ‏{‏ إذ قال إبراهيم لأبيه آزرَ ‏}‏ هو لقبه واسمه تارخ ‏{‏ أتتخذ أصنامناً آلهة ‏}‏ تعبدها إستفهام توبيخ ‏{‏ إني أراك وقومك ‏}‏ باتخاذها ‏{‏ في ضلال ‏}‏ عن الحق ‏{‏ مبين ‏}‏ بيِّن ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 75 ‏)‏

‏{‏وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين ‏}‏

‏{‏ وكذلك ‏}‏ كما أريناه إضلال أبيه وقومه ‏{‏ نري إبراهيم ملكوت ‏}‏ ملك ‏{‏ السماوات والأرض ‏}‏ ليستدل به على وحدانيتنا ‏{‏ وليكون من الموقنين ‏}‏ بها وجملة وكذلك وما بعدها اعتراض وعطف على قال ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 76 ‏)‏

‏{‏فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين ‏}‏

‏{‏ فلما جن ‏}‏ أظلم ‏{‏ عليه الليل رأى كوكباً ‏}‏ قيل هو الزهرة ‏{‏ قال ‏}‏ لقومه وكانوا نجامين ‏{‏ هذا ربي ‏}‏ في زعمكم ‏{‏ فما أفل ‏}‏ غاب ‏{‏ قال لا أحب الآفلين ‏}‏ أن أتخذهم أرباباً لأن الرب لا يجوز عليه التغير والانتقال لأنهما من شأن الحوادث فلم ينجع فيهم ذلك ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 77 ‏)‏

‏{‏فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين ‏}‏

‏{‏ فما رأى القمر بازغاً ‏}‏ طالعاً ‏{‏ قال ‏}‏ لهم ‏{‏ هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي ‏}‏ يثبتني على الهدى ‏{‏ لأكوننَّ من القوم الضَّالين ‏}‏ تعريض لقومه بأنهم على ضلال فلم ينجع فيهم ذلك ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 78 ‏)‏

‏{‏فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال يا قوم إني بريء مما تشركون ‏}‏

‏{‏ فلما رأى الشمس بازغةً قال هذا ‏}‏ ذكره لتذكير خبره ‏{‏ ربي هذا أكبر ‏}‏ من الكواكب والقمر ‏{‏ فلما أفلت ‏}‏ وقويت عليهم الحجة يراجعوا ‏{‏ قال يا قوم إني بريء مما تشركون ‏}‏ بالله من الأصنام والجرام المحدثة المحتاجة إلى محدث فقالوا له ما تبعد ‏؟‏ ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 79 ‏)‏

‏{‏إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين ‏}‏

قال ‏{‏ إني وجهت وجهي ‏}‏ قصدت بعبادتي ‏{‏ للذي فطر ‏}‏ خلق ‏{‏ السماوات والأرض ‏}‏ أي الله ‏{‏ حنيفاً ‏}‏ مائلاً إلى الدين القيم ‏{‏ وما أنا من المشركين ‏}‏ به ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 80 ‏)‏

‏{‏وحاجه قومه قال أتحاجوني في الله وقد هدان ولا أخاف ما تشركون به إلا أن يشاء ربي شيئا وسع ربي كل شيء علما أفلا تتذكرون ‏}‏

‏{‏ وحاجَّه قومه ‏}‏ جادلوه في دينه وهدَّدوه بالأصنام أن تصيبه بسوء إن تركها ‏{‏ قال أتُحَآجُّونِّي ‏}‏ بتشديد النون وتخفيفها بحذف إحدى النونين وهي نون الرفع عند النحاة ونون الوقاية عند القراء اتجادلونني ‏{‏ في ‏}‏ وحدانية ‏{‏ الله وقد هدان ‏}‏ تعالى إليها ‏{‏ ولا أخاف ما تشركونـ ‏}‏ ـه ‏{‏ به ‏}‏ من الأصنام أن تصيبني بسوء لعدم قدرتها على شيء ‏{‏ إلا ‏}‏ لكن ‏{‏ أن يشاء ربي شيئا ‏}‏ من المكروه يصيبني فيكون ‏{‏ وسع ربي كل شيء علماً ‏}‏ أي وسع علمه كل شيء ‏{‏ أفلا تتذكرون ‏}‏ هذا فتؤمنون ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 81 ‏)‏

‏{‏وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطانا فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون ‏}‏

‏{‏ وكيف أخاف ما أشركتم ‏}‏ بالله وهي لا تضر ولا تنفع ‏{‏ ولا تخافونَ ‏}‏ أنتم من الله ‏{‏ أنكم أشركتم بالله ‏}‏ في العبادة ‏{‏ ما لم ينزِّل به ‏}‏ بعبادته ‏{‏ عليكم سلطاناً ‏}‏ حجة وبرهاناً وهو القادر على كل شيء ‏{‏ فأي الفريقيْن أحق بالأمن ‏}‏ أنحن أم أنتم ‏{‏ إن كنتم تعلمون ‏}‏ مَن الحق به‏:‏ أي وهو نحن فاتبعوه، قال تعالى ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 82 ‏)‏

‏{‏الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون ‏}‏

‏{‏ الذين آمنوا ولم يلبسوا ‏}‏ يخلطوا ‏{‏ إيمانهم بظلم ‏}‏ أي شرك كما فسر بذلك في حديث الصحيحين ‏{‏ أولئك لهم الأمن ‏}‏ من العذاب ‏{‏ وهم مهتدون ‏}‏ ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 83 ‏)‏

‏{‏وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم ‏}‏

‏{‏ وتلك ‏}‏ مبتدأ ويبدل منه ‏{‏ حجتنا ‏}‏ التي احتج بها إبراهيم على وحدانية الله من أفول الكوكب وما بعده والخبر ‏{‏ آتيناها إبراهيم ‏}‏ أرشدناه لها حجة ‏{‏ على قومه نرفع درجات من نشاء ‏}‏ بالإضافة والتنوين في العلم والحكمة ‏{‏ إن ربك حكيم ‏}‏ في صنعه ‏{‏ عليم ‏}‏ بخلقه ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 84 ‏)‏

‏{‏ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلا هدينا ونوحا هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين ‏}‏

‏{‏ وهبنا له اسحاق ويعقوب ‏}‏ ابنه ‏{‏ كلاٌ ‏}‏ ابنه ‏{‏ هدينا ونوحاً هدينا من قبل ‏}‏ أي قبل إبراهيم ‏{‏ ومن ذريته ‏}‏ أي نوح ‏{‏ داوود وسليمان ‏}‏ ابنه ‏{‏ وأيوب ويوسف ‏}‏ ابن يعقوب ‏{‏ وموسى وهارون وكذلك ‏}‏ كما جزيناهم ‏{‏ نجزي المحسنين ‏}‏ ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 85 ‏)‏

‏{‏وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كل من الصالحين ‏}‏

‏{‏ وزكريا ويحيى ‏}‏ ابنه ‏{‏ وعيسى ‏}‏ ابن مريم يفيد أن الذرية تتناول أولاد البنت ‏{‏ وإلياس ‏}‏ بن أخي هارون أخي موسى ‏{‏ كل ‏}‏ منهم ‏{‏ من الصالحين ‏}‏ ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 86 ‏)‏

‏{‏وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا على العالمين ‏}‏

‏{‏ وإسماعيل ‏}‏ بن إبراهيم ‏{‏ واليسع ‏}‏ اللام زائدة ‏{‏ ويونس ولوطاً ‏}‏ بن هاران أخي إبراهيم ‏{‏ وكلاٌ ‏}‏ منهم ‏{‏ فضَّنا على العالمين ‏}‏ بالنبوة ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 87 ‏)‏

‏{‏ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم ‏}‏

‏{‏ ومن آبائهم وذرِّيَّاتهم وإخوانهم ‏}‏ عطف على كلاٌ أو نوحاً ومن للتبعيض لأن بعضهم لم يكن له ولد وبعضهم كان في ولده كافر ‏{‏ واجتبيناهم ‏}‏ إخترناهم ‏{‏ وهديناهم إلى صراط مستقيم ‏}‏ ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 88 ‏)‏

‏{‏ذلك هدى الله يهدي به من يشاء من عباده ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون ‏}‏

‏{‏ ذلك ‏}‏ الذين هُدوا إليه ‏{‏ هدى الله يهدي به من يشاء من عباده ولو أشركوا ‏}‏ فرضاً ‏{‏ لحبط عنهم ما كانوا يعلمون ‏}‏ ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 89 ‏)‏

‏{‏أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين ‏}‏

‏{‏ أولئك الذين آتيناهم الكتاب ‏}‏ بمعنى الكتب ‏{‏ والحكم ‏}‏ الحكمة ‏{‏ والنبوة فإن يكفر بها ‏}‏ أي بهذه الثلاثة ‏{‏ هؤلاء ‏}‏ أي أهل مكة ‏{‏ فقد وكَّلنا بها ‏}‏ أرصدنا لها ‏{‏ قوماً ليسوا بها بكافرين ‏}‏ هم المهاجرون والأنصار ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 90 ‏)‏

‏{‏أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده قل لا أسألكم عليه أجرا إن هو إلا ذكرى للعالمين ‏}‏

‏{‏ أولئك الذين هدى ‏}‏ هم ‏{‏ الله فيهداهم ‏}‏ طريقهم من التوحيد والصبر ‏{‏ اقتده ‏}‏ بهاء السكت وقفاً ووصلاً وفي قراءة بحذفها وصلاً ‏{‏ قل ‏}‏ لأهل مكة ‏{‏ لا أسألكم عليه ‏}‏ أي القرآن ‏{‏ أجراً ‏}‏ تعطونيه ‏{‏ إن هو ‏}‏ ما القرآن ‏{‏ إلا ذكرى ‏}‏ عظة ‏{‏ للعالمين ‏}‏ الإنس والجن ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 91 ‏)‏

‏{‏وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون ‏}‏

‏{‏ وما قدروا ‏}‏ أي اليهود ‏{‏ الله حتى قدره ‏}‏ أي ما عظموه حق عظمته أو ما عرفوه حتى معرفته ‏{‏ إذ قالوا ‏}‏ للنبي صلى الله عليه وسلم وقد خاصموه في القرآن ‏{‏ ما أنزل الله على بشر من شيء قل ‏}‏ لهم ‏{‏ من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نوراً وهدىّ للناس يجعلونه ‏}‏ بالياء والتاء في المواضع الثلاثة ‏{‏ قراطيس ‏}‏ أي يكتبونه في دفاتر مقطعة ‏{‏ يبدونها ‏}‏ أي ما يحبون إبداءه منها ‏{‏ ويخفون كثيراً ‏}‏ مما فيها كنعت محمد صلى الله عليه وسلم ‏{‏ وعلمتم ‏}‏ أيها اليهود في القرآن ‏{‏ ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم ‏}‏ من التوراة ببيان ما التبس عليكم واختلفتم فيه ‏{‏ قل الله ‏}‏ أنزله إن لم يقولوه لا جواب غيره ‏{‏ ثم ذرهم في خوضهم ‏}‏ باطلهم ‏{‏ يلعبون ‏}‏ ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 92 ‏)‏

‏{‏وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه ولتنذر أم القرى ومن حولها والذين يؤمنون بالآخرة يؤمنون به وهم على صلاتهم يحافظون ‏}‏

‏{‏ وهذا ‏}‏ القرآن ‏{‏ كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه ‏}‏ قبله من الكتب ‏{‏ ولتنذر ‏}‏ بالتاء والياء عطف على معنى ما قبله أي أنزلناه للبركة والتصديق ولتنذر به ‏{‏ أم القرى ومن حولها ‏}‏ أي أهل مكة وسائر الناس ‏{‏ والذين يؤمنون بالآخرة يؤمنون به وهم على صلاتهم يحافظون ‏}‏ خوفاً من عقابها ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 93 ‏)‏

‏{‏ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون ‏}‏

‏{‏ ومن ‏}‏ أي لا أحد ‏{‏ أظلم ممن افترى على الله كذباً ‏}‏ بادعاء النبوة ولم ينبأ ‏{‏ أو قال أُوحي إليَّ ولم يوح إليه شيء ‏}‏ نزلت في مسيلمة ‏{‏ ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله ‏}‏ وهم المستهزئون قالوا لو نشاء لقلنا مثل هذا ‏{‏ ولو ترى ‏}‏ يا محمد ‏{‏ إذ الظالمون ‏}‏ المذكورون ‏{‏ في غمرات ‏}‏ سكرات ‏{‏ الموت والملائكةُ باسطوا أيديهم ‏}‏ إليهم بالضرب والتعذيب يقولون لهم تعنيفاً ‏{‏ أخرجوا أنفسكم ‏}‏ إلينا لنقبضها ‏{‏ اليوم تجزون عذاب الهون ‏}‏ الهوان ‏{‏ بما كنتم تقولون على الله غير الحق ‏}‏ يدعون النبوة والإيحاء كذباً ‏{‏ وكنتم عن آياته تستكبرون ‏}‏ تتكبرون عن الإيمان بها وجواب لو رأيت أمراً فظيعاً ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 94 ‏)‏

‏{‏ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء لقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون ‏}‏

‏{‏ و ‏}‏ يقال لهم إذا بعثوا ‏{‏ لقد جئتمونا فرادى ‏}‏ منفردين عن الأهل والمال والولد ‏{‏ كما خلقناكم أول مرة ‏}‏ أي حفاة عراة غرلاً ‏{‏ وتركتم ما خولناكم ‏}‏ أعطيناكم من الأموال ‏{‏ وراء ظهوركم ‏}‏ في الدنيا بغير اختباركم ‏{‏ و ‏}‏ يقال لهم توبيخاً ‏{‏ ما نرى معكم شفعاءكم ‏}‏ الأصنام ‏{‏ الذين زعمتم أنهم فيكم ‏}‏ أي في استحقاق عبادتكم ‏{‏ شركاء ‏}‏ لله ‏{‏ لقد تقطع بينُكُمْ ‏}‏ وصلكم أي تشتيت جمعكم وفي قراءة بالنصب ظرف أي وصلكم بينكم ‏{‏ وضل ‏}‏ ذهب ‏{‏ عنكم ما كنتم تزعمون ‏}‏ في الدنيا من شفاعتها ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 95 ‏)‏

‏{‏إن الله فالق الحب والنوى يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي ذلكم الله فأنى تؤفكون

‏{‏ إن الله فالق ‏}‏ شاق ‏{‏ الحبِّ ‏}‏ عن النبات ‏{‏ والنوى ‏}‏ عن النخل ‏{‏ يخرج الحي من الميت ‏}‏ كالإنسان والطائر من النطفة والبيضة ‏{‏ ومخرج الميت ‏}‏ النطفة والبيضة ‏{‏ من الحي ذلكم ‏}‏ الفالق المخرج ‏{‏ الله فأنَّي تؤفكون ‏}‏ فكيف تصرفون عن الإيمان مع قيام البرهان ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 96 ‏)‏

‏{‏فالق الإصباح وجعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا ذلك تقدير العزيز العليم ‏}‏

‏{‏ فالق الإصباح ‏}‏ مصدر بمعنى الصبح أي شاق عمود الصبح وهو أول ما يبدو من نور النهار عن ظلمة الليل ‏{‏ وجاعلُ اللَّيْل سكناً ‏}‏ تسكن فيه الخلق من التعب ‏{‏ والشمس والقمر ‏}‏ بالنصب عطفاً على محل الليل ‏{‏ حسباناً ‏}‏ للأوقات أو الباء محذوفة وهو حال من مقدر أي يجريان بحسبان كما في آية الرحمن ‏{‏ ذلك ‏}‏ المذكور ‏{‏ تقدير العزيز ‏}‏ في ملكة ‏{‏ العليم ‏}‏ بخلقه ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 97 ‏)‏

‏{‏وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر قد فصلنا الآيات لقوم يعلمون ‏}‏

‏{‏ وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر ‏}‏ في الأسفار ‏{‏ قد فصَّلنا ‏}‏ بينا ‏{‏ الآيات ‏}‏ الدلالات على قدرتنا ‏{‏ لقوم يعلمون ‏}‏ يتدبرون ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 98 ‏)‏

‏{‏وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة فمستقر ومستودع قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون ‏}‏

‏{‏ وهو الذي أنشأكم ‏}‏ خلقكم ‏{‏ من نفس واحدة ‏}‏ من آدم ‏{‏ فّمُسْتّقِرٌ ‏}‏ منكم في الرحم ‏{‏ ومستودع ‏}‏ منكم في الصلب وفي قراءة بفتح القاف أي مكان قار لكم ‏{‏ قد فصَّلنا الآيات لقوم يفقهون ‏}‏ ما يقال لهم ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 99 ‏)‏

‏{‏وهو الذي أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شيء فأخرجنا منه خضرا نخرج منه حبا متراكبا ومن النخل من طلعها قنوان دانية وجنات من أعناب والزيتون والرمان مشتبها وغير متشابه انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه إن في ذلكم لآيات لقوم يؤمنون ‏}‏

‏{‏ وهو الذي أنزل من السماء ماءً فأخرجنا ‏}‏ فيه التفات عن الغيبة ‏{‏ به ‏}‏ بالماء ‏{‏ نبات كل شيء ‏}‏ ينبت ‏{‏ فأخرجنا منه ‏}‏ أي النبات شيئاً ‏{‏ خَضِراً ‏}‏ بمعنى أخضر ‏{‏ نخرج منه ‏}‏ من الخضر ‏{‏ حباً متراكباً ‏}‏ يركب بعضه بعضاً كسنابل الحنطة ونحوها ‏{‏ ومن النخل ‏}‏ خبر ويبدل منه ‏{‏ من طلعها ‏}‏ أول ما يخرج منها والمبتدأ ‏{‏ قنوان ‏}‏ عراجين ‏{‏ دانية ‏}‏ قريب بعضها من بعض ‏{‏ و ‏}‏ أخرجنا به ‏{‏ جناتِ ‏}‏ بساتين ‏{‏ من أعناب والزيتون والرمان مشتبهاً ‏}‏ ورقهما حال ‏{‏ وغير متشابه ‏}‏ ثمرها ‏{‏ انظروا ‏}‏ يا مخاطبون نظر اعتبار ‏{‏ إلى ثمره ‏}‏ بفتح الثاء والميم وبضمهما وهو جمع ثمرة كشجرة وشجر وخشبة وخشب ‏{‏ إذا أثمر ‏}‏ أول ما يبدو كيف هو ‏{‏ و ‏}‏ إلى ‏{‏ ينعه ‏}‏ نضجه إذا أدرك كيف يعود ‏{‏ إن في ذلكم لآيات ‏}‏ دلالات على قدرته تعالى على البعث وغيره ‏{‏ لقوم يؤمنون ‏}‏ خصوا بالذكر لأنهم المنتفعون بها في الإيمان بخلاف الكافرين ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 100 ‏)‏

‏{‏وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم وخرقوا له بنين وبنات بغير علم سبحانه وتعالى عن ما يصفون

‏{‏ وجعلوا لله ‏}‏ مفعول ثان ‏{‏ شركاءَ ‏}‏ مفعول أول ويبدل منه ‏{‏ الجنَّ ‏}‏ حيث أطاعوهم في عبادة الأوثان ‏{‏ و ‏}‏ قد ‏{‏ خلقهم ‏}‏ فكيف يكونون شركاء ‏{‏ وخرَقوا ‏}‏ بالتخفيف والتشديد أي اختلفوا ‏{‏ له بنين وبنات بغير علم ‏}‏ حيث قالوا عزيز ابن الله والملائكة بنات الله ‏{‏ سبحانه ‏}‏ تنزيهاً له ‏{‏ وتعالى عما يصفون ‏}‏ بأن له ولداً ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 101 ‏)‏

‏{‏بديع السماوات والأرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم ‏}‏

هو ‏{‏ بديع السماوات والأرض ‏}‏ مبدعهما من غير مثال سبق ‏{‏ أنَّى ‏}‏ كيف ‏{‏ يكون له ولد ولم تكن له صاحبة ‏}‏ زوجة ‏{‏ وخلق كلَّ شيء ‏}‏ من شأنه أن يخلق ‏{‏ وهو بكل شيء عليمٌ ‏}‏ ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 102 ‏)‏

‏{‏ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل ‏}‏

‏{‏ ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالقُ كلَّ شيء فاعبدوه ‏}‏ وحِّدوه ‏{‏ وهو على كل شيء وكيل ‏}‏ حفيظ ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 103 ‏)‏

‏{‏لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير ‏}‏ {لا تدركه الأبصار} أي لا تراه وهذا مخصوص لرؤية المؤمنين له في الآخرة لقوله تعالى : {وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة} وحديث الشيخين {إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر} وقيل المراد لا تحيط به {وهو يدرك الأبصار} أي يراها ولا تراه ولا يجوز في غيره أن يدرك البصر وهو لا يدركه أويحيط به علمًا {وهو اللطيف} بأوليائه {الخبير} بهم

 الآية رقم ‏(‏ 104 ‏)‏

‏{‏قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه ومن عمي فعليها وما أنا عليكم بحفيظ ‏}‏

قل يا محمد لهم‏:‏ ‏{‏ قد جاءكم بصائر ‏}‏ حجج ‏{‏ من ربكم فمن أبصر ‏}‏ ها فآمن ‏{‏ فلنفسه ‏}‏ أبصر لأن ثواب إبصاره له ‏{‏ ومن عَمي ‏}‏ عنها فضل ‏{‏ فعليها ‏}‏ وبال إضلاله ‏{‏ وما أنا عليكم بحفيظ ‏}‏ رقيب لأعمالكم إنما أنا نذير ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 105 ‏)‏

‏{‏وكذلك نصرف الآيات وليقولوا درست ولنبينه لقوم يعلمون ‏}‏

‏{‏ وكذلك ‏}‏ كما بينا ما ذكر ‏{‏ نصرِّف ‏}‏ نبين ‏{‏ الآيات ‏}‏ ليعتبروا ‏{‏ وليقولوا ‏}‏ أي الكفار في عاقبة الأمر ‏{‏ دارست ‏}‏ ذاكرت أهل الكتاب وفي قراءة دَرَسْت أي كتب الماضين وجئت بهذا منها ‏{‏ ولنبيِّنه لقوم يعلمون ‏}‏ ‏.‏

الآي

 ة رقم ‏(‏ 106 ‏)‏

‏{‏اتبع ما أوحي إليك من ربك لا إله إلا هو وأعرض عن المشركين ‏}‏

‏{‏ إتَّبع ما أوحي إليك من ربك ‏}‏ أي القرآن ‏{‏ لا إله إلا هو وأعرض عن المشركين ‏}‏ ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 107 ‏)‏

‏{‏ولو شاء الله ما أشركوا وما جعلناك عليهم حفيظا وما أنت عليهم بوكيل ‏}‏

‏{‏ ولو شاء الله ما أشركوا وما جعلناك عليهم حفيظاً ‏}‏ رقيباً فتجازيهم بأعمالهم ‏{‏ وما أنت عليهم بوكيل ‏}‏ فتجبرهم على الإيمان وهذا قبل الأمر بالقتال ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 108 ‏)‏

‏{‏ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون ‏}‏

‏{‏ ولا تسبوا الذين يدعونـ ‏}‏ ـهم ‏{‏ من دون الله ‏}‏ أي الأصنام ‏{‏ فيسبوا الله عدْواً ‏}‏ اعتداءً وظلماً ‏{‏ بغير علم ‏}‏ أي جهلاً منهم بالله ‏{‏ كذلك ‏}‏ كما زيَّنا لهؤلاء ما هم عليه ‏{‏ زيَّنا لكل أمة عملهم ‏}‏ من الخير والشر فأتوه ‏{‏ ثم إلى ربهم مرجعهم ‏}‏ في الآخرة ‏{‏ فينبِّئهم بما كانوا يعلمون ‏}‏ فيجازيهم به ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 109 ‏)‏

‏{‏وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها قل إنما الآيات عند الله وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون ‏}‏

‏{‏ وأقسموا ‏}‏ أي كفار مكة ‏{‏ بالله جهد أيمانهم ‏}‏ أي غاية اجتهادهم فيها ‏{‏ لئن جاءتهم آية ‏}‏ مما اقترحوا ‏{‏ ليؤمنن بها قل ‏}‏ لهم ‏{‏ إنما الآيات عند الله ‏}‏ ينزلها كما يشاء وإنما أنا نذير ‏{‏ وما يشعركم ‏}‏ يدريكم بإيمانهم إذا جاءت‏:‏ أي أنتم لا تدرون ذلك ‏{‏ إنهَّا إذا جاءت لا يؤمنون ‏}‏ لما سبق في علمي، وفي قراءة بالتاء خطاباً للكفار وفي أخر بفتح أن بمعنى لعل أو معمولة لما قبلها ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 110 ‏)‏

‏{‏ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون ‏}‏

‏{‏ ونقلَّب أفئدتهم ‏}‏ نحول قلوبهم عن الحق فلا يفهمونه ‏{‏ وأبصارهم ‏}‏ عنه فلا يبصرونه فلا يؤمنون ‏{‏ كما لم يؤمنوا به ‏}‏ أي بما أنزل من الآيات ‏{‏ أوَّل مرّةِ ونذرهم ‏}‏ نتركهم ‏{‏ في طغيانهم ‏}‏ ضلالهم ‏{‏ يعمهون ‏}‏ يترددون متحيرين ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 111 ‏)‏

‏{‏ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله ولكن أكثرهم يجهلون ‏}‏

‏{‏ ولو أننا نزَّلنا إليهم الملائكة وكملهم الموتى ‏}‏ كما اقترحوا ‏{‏ وحشرنا ‏}‏ جمعنا ‏{‏ عليهم كل شيء قبلاً ‏}‏ بضمتين جمع قبيل أي فوجاً فوجاً وبكسر القاف وفتح الياء أي معاينة فشهدوا بصدقك ‏{‏ ما كانوا ليؤمنوا ‏}‏ لما سبق في علم الله ‏{‏ إلا ‏}‏ لكن ‏{‏ أن يشاء الله ‏}‏ إيمانهم فيؤمنوا ‏{‏ ولكن أكثرهم يجهلون ‏}‏ ذلك ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 112 ‏)‏

‏{‏وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون ‏}‏

‏{‏ وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً ‏}‏ كما جعلنا هؤلاء أعداءك ويبدل منه ‏{‏ شياطين ‏}‏ مردة ‏{‏ الإنس والجن يوحي ‏}‏ يوسوس ‏{‏ بعضهم إلى بعض زخرف القول ‏}‏ مموهه من الباطل ‏{‏ غروراً ‏}‏ أي ليغروهم ‏{‏ ولو شاء ربُّك ما فعلوه ‏}‏ أي الإيحاء المذكور ‏{‏ فذرْهم ‏}‏ دع الكفار ‏{‏ وما يفترون ‏}‏ من الكفر وغيره مما زين لهم وهذا قبل الأمر بالقتال ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 113 ‏)‏

‏{‏ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون ‏}‏

‏{‏ ولتصغى إليه‏}‏ عطف على غروراً أي الزخرف ‏{‏ أفئدة ‏}‏ قلوب ‏{‏ الذين لا يؤمنون بالآخرة وليرضوه وليقترفوا ‏}‏ يكتسبوا ‏{‏ ما هم مقترفون ‏}‏ من الذنوب فيعاقبوا عليه ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 114 ‏)‏

‏{‏أفغير الله أبتغي حكما وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين ‏}‏

ونزل لما طلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل بينه وبينهم حكماً، قل ‏{‏ أفغير الله أبتغي ‏}‏ أطلب ‏{‏ حكماً ‏}‏ قاضياً بيني وبينكم ‏{‏ وهو الذي أنزل إليكم الكتاب ‏}‏ القرآن ‏{‏ مفصّلاً ‏}‏ مبيناً في الحق من الباطل ‏{‏ والذين آتيناهم الكتاب ‏}‏ التوراة كعبد الله بن سلام وأصحابه ‏{‏ يعلمون أنه منزَل ‏}‏ بالتخفيف والتشديد ‏{‏ من ربَّك بالحق فلا تكونن من الممترين ‏}‏ الشاكين فيه والمراد بذلك التقرير للكفار أنه حق ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 115 ‏)‏

‏{‏وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم ‏}‏

‏{‏ وتمت كَلِمَاتُ ربَك ‏}‏ بالأحكام والمواعيد ‏{‏ صدقاً وعدلاً ‏}‏ تمييز ‏{‏ لا مبدِّل لكلماته ‏}‏ ينقص أو خلف ‏{‏ وهوا لسميع ‏}‏ لما يقال ‏{‏ العليم ‏}‏ بما يفعل ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 116 ‏)‏

‏{‏وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون

‏{‏ وإن تطع أكثر من في الأرض ‏}‏ أي الكفار ‏{‏ يضلوك عن سبيل الله ‏}‏ دينه ‏{‏ إن ‏}‏ ما ‏{‏ يتبعون إلا الظنَّ ‏}‏ في مجادلتهم لك في أمر الميتة إذ قالوا ما قتل الله أحق أن تأكلوه مما قتلتم ‏{‏ وإن ‏}‏ ما ‏{‏ هو إلا يخرصون ‏}‏ يكذبون في ذلك ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 117 ‏)‏

‏{‏إن ربك هو أعلم من يضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين ‏}‏

‏{‏ إن ربَّك هو أعلم ‏}‏ أي عالم ‏{‏ من يَضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين ‏}‏ فيجازي كلاً منهم‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 118 ‏)‏

‏{‏فكلوا مما ذكر اسم الله عليه إن كنتم بآياته مؤمنين ‏}‏

‏{‏ فكلوا مما ذكر اسم الله عليه ‏}‏ أي ذبح على اسمه ‏{‏ إن كنتم بآياته مؤمنين ‏}‏ ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 119 ‏)‏

‏{‏وما لكم ألا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه وإن كثيرا ليضلون بأهوائهم بغير علم إن ربك هو أعلم بالمعتدين ‏}‏

‏{‏ وما لكم أ ‏}‏ ن ‏{‏لا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه ‏}‏ من الذبائح ‏{‏ وقد فُصَلَ ‏}‏ بالبناء للمفعول وللفاعل في الفعلين ‏{‏ لكم ما حُرِّمَ عليكم ‏}‏ في آية ‏(‏حرمت عليكم الميتة‏)‏ ‏{‏ إلا ما اضطُررتم إليه ‏}‏ منه فهو أيضاً حلال لكم- المعنى لا مانع لكم من أكل ما ذكر وقد بين لكم المحرّم أكله، وهذا ليس منه - ‏{‏ وإن كثيراً لَيَضِلُّونَ ‏}‏ بفتح الياء وضمها ‏{‏ بأهوائهم ‏}‏ بما تهواه أنفسهم من تحليل الميتة وغيرها ‏{‏ بغير علم ‏}‏ يعتمدونه في ذلك ‏{‏ إن ربَّك هو أعلم بالمعتدين ‏}‏ المتجاوزين ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 120 ‏)‏

‏{‏وذروا ظاهر الإثم وباطنه إن الذين يكسبون الإثم سيجزون بما كانوا يقترفون ‏}‏

‏{‏ وذروا ‏}‏ أُتركوا ‏{‏ ظاهر الإثم وباطنه ‏}‏ علانيته وسره والإثم قيل الزنا، وقيل كل معصية ‏{‏ إن الذين يكسبون الإثم سيُجزون ‏}‏ في الآخرة ‏{‏ بما كانوا يقترفون ‏}‏ يكتسبون ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 121 ‏)‏

‏{‏ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون ‏}‏

‏{‏ ولا تأكلوا مما لم يُذكر اسم الله عليه ‏}‏ بأن مات أو ذبح على اسم غيره وإلا فما ذبحه المسلم ولم يسم فيه عمداً أو نسياناً فهو حلال قاله ابن عباس وعليه الشافعي ‏{‏ وإنه ‏}‏ أي الأكل منه ‏{‏ لفسق ‏}‏ خروج هما يحل ‏{‏ وإن الشياطين ليوحون ‏}‏ يوسوسون ‏{‏ إلى أوليائهم ‏}‏ الكفار ‏{‏ ليجادلوكم ‏}‏ في تحليل الميتة ‏{‏ وإن أطعتموهم ‏}‏ فيه ‏{‏ إنكم لمشركون ‏}‏ ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 122 ‏)‏

‏{‏أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون ‏}‏

ونزل في أبي جهل وغيره‏:‏ ‏{‏ أو من كان ميتاً ‏}‏ بالكفر ‏{‏ فأحييناه ‏}‏ بالهدى ‏{‏ وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس ‏}‏ يتبصر به الحق من غيره وهو الإيمان ‏{‏ كمن مثله ‏}‏ مثل زائدة أي كمن هو ‏{‏ في الظلمات ليس بخارج منها ‏}‏ وهو الكافر ‏؟‏ لا ‏{‏ كذلك ‏}‏ كما زيِّن للمؤمنين الإيمان ‏{‏ زيِّن للكافرين ما كانوا يعلمون ‏}‏ من الكفر والمعاصى ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 123 ‏)‏

‏{‏وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها وما يمكرون إلا بأنفسهم وما يشعرون ‏}‏

‏{‏ وكذلك ‏}‏ كما جعلنا فُسَّاق مكة أكابرها ‏{‏ جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها ‏}‏ بالصد عن الإيمان ‏{‏ وما يمكرون إلا بأنفسهم ‏}‏ لأن وباله عليهم ‏{‏ وما يشعرون ‏}‏ بذلك ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 124 ‏)‏

‏{‏وإذا جاءتهم آية قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله الله أعلم حيث يجعل رسالته سيصيب الذين أجرموا صغار عند الله وعذاب شديد بما كانوا يمكرون ‏}‏

‏{‏ وإذا جاءتهم ‏}‏ أي أهل مكة ‏{‏ آية ‏}‏ على صدق النبي صلى الله عليه وسلم ‏{‏ قالوا لن نؤمن ‏}‏ به ‏{‏ حتى نؤتى مثل ما أوتي رسلُ الله ‏}‏ من الرسالة والوحي إلينا لأنا أكثر مالاً سنّاً قال تعالى‏:‏ ‏{‏ الله أعلم حيث يجعل رِسَالاَتِهِ ‏}‏ بالجمع والإفراد وحيث مفعول به لفعل دل عليه أعلم‏:‏ أي يعلم الموضوع أهلاً لها ‏{‏ سيصيب الذين أجرموا ‏}‏ بقولهم ذلك ‏{‏ صغار ‏}‏ ذلٌ ‏{‏ عند الله وعذاب شديد بما كانوا يمكرون ‏}‏ أي بسبب مكرهم ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 125 ‏)‏

‏{‏فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون ‏}‏

‏{‏ فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ‏}‏ بأن يقذف في قلبه نوراً فينفسح له ويقبله كما ورد في حديث ‏{‏ ومن يردْ ‏}‏ الله ‏{‏ أن يضلَّه يجعل صدره ضَيْقاً ‏}‏ بالتخفيف والتشديد عن قبوله ‏{‏ حرَجاً ‏}‏ شديد الضيق بكسر الراء صفة وفتحها مصدر وصف فيه مبالغة ‏{‏ كأنما يصَّعَّد ‏}‏ وفي قراءة يصَّاعد وفيهما إدغام التاء في الأصل في الصاد وفي أخرى بسكونها ‏{‏ في السماء ‏}‏ إذا كلف الإيمان لشدته عليه ‏{‏ كذلك ‏}‏ الجعل ‏{‏ يجعل الله الرجس ‏}‏ العذاب أو الشيطان أي يسلطه ‏{‏ على الذين لا يؤمنون ‏}‏ ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 126 ‏)‏

‏{‏وهذا صراط ربك مستقيما قد فصلنا الآيات لقوم يذكرون ‏}‏

‏{‏ وهذا ‏}‏ الذي أنت عليه يا محمد ‏{‏ صراطُ ‏}‏ طريق ‏{‏ ربِّك مستقيماً لا عوج فيه ونصبه على الحال المؤكد للجملة والعامل فيها معنى الإشارة ‏{‏ قد فصّلنا ‏}‏ بينا ‏{‏ الآيات لقوم يذكَّرون ‏}‏ فيه إدغام التاء في الأصل في الذال أي يتعظون وخُصوا بالذكر لأنهم المنتفعون ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 127 ‏)‏

‏{‏لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون ‏}‏

‏{‏ لهم دار السلام ‏}‏ أي السلام وهي الجنة ‏{‏ عند ربِّهم وهو وليهم بما كانوا يعلمون ‏}‏ ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 128 ‏)‏

‏{‏ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليم ‏}‏

‏{‏ و ‏}‏ اذكر ‏{‏ يوم نحشرهم ‏}‏ بالنون والياء أي الله الخلق ‏{‏ جميعاً ‏}‏ ويقال لهم ‏{‏ يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس ‏}‏ بإغوائكم ‏{‏ وقال أولياؤهم ‏}‏ الذين أطاعوهم ‏{‏ من الإنس ربنا استمع بعضنا ببعض ‏}‏ انتفع الإنس بتزيين الجن لهم الشهوات والجن بطاعة الإنس لهم ‏{‏ وبلغنا أجلنا الذي أجَّلْتَ لنا ‏}‏ وهو يوم القيامة وهذا تحسر منهم ‏{‏ قال ‏}‏ تعالى لهم على لسان الملائكة‏:‏ ‏{‏ النار مثواكم ‏}‏ مأواكم ‏{‏ خالدين فيها إلا ما شاء الله ‏}‏ من الأوقات التي يخرجون فيها لشرب الحميم فإنه خارجها كما قال تعالى ‏(‏ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم‏)‏ وعن ابن عباس أنه فيمن علم الله أنهم يؤمنون فما بمعني من ‏{‏ إن ربك حكيم ‏}‏ في صنعه ‏{‏ عليم ‏}‏ بخلقه ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 129 ‏)‏

‏{‏وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون ‏}‏

‏{‏ وكذلك ‏}‏ كما متَّعنا عُصاة الإنس والجن بعضهم ببعض ‏{‏ نولي ‏}‏ من الولاية ‏{‏ بعض الظالمين بعضاً ‏}‏ أي على بعض ‏{‏ بما كانوا يكسبون ‏}‏ من المعاصي ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 130 ‏)‏

‏{‏يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا شهدنا على أنفسنا وغرتهم الحياة الدنيا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين ‏}‏

‏{‏ يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم ‏}‏ أي من مجموعكم أي بعضكم الصادق بالإنس أو رسل الجن نذرهم الذين يسمعون كلام الرسل فيبلغون قومهم ‏{‏ يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا شهدنا على أنفسنا ‏}‏ أن قد بلغنا قال تعالى‏:‏ ‏{‏ وغرَّتهم الحياة الدنيا ‏}‏ فلم يؤمنوا ‏{‏ وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين ‏}‏ ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 131 ‏)‏

‏{‏ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم وأهلها غافلون ‏}‏

‏{‏ ذلك ‏}‏ أي إرسال ‏{‏ أن ‏}‏ اللام مقدرة وهي مخففة أي لأنه ‏{‏ لم يكن ربَّك مهلك القرى بظلم ‏}‏ منها ‏{‏ وأهلها غافلون ‏}‏ لم يرسل إليهم رسول يبين لهم‏؟‏ ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 132 ‏)‏

‏{‏ولكل درجات مما عملوا وما ربك بغافل عن ما يعملون ‏}‏

‏{‏ ولكل ‏}‏ من العاملين ‏{‏ درجات ‏}‏ جزاء ‏{‏ مما عملوا ‏}‏ من خير وشر ‏{‏ وما ربك بغافل عما يعملون ‏}‏ بالياء والتاء ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 133 ‏)‏

‏{‏وربك الغني ذو الرحمة إن يشأ يذهبكم ويستخلف من بعدكم ما يشاء كما أنشأكم من ذرية قوم آخرين ‏}‏

‏{‏ وربُّك الغني ‏}‏ عن خلقه وعبادتهم ‏{‏ ذو الرحمة إن يشأ بذهبكم ‏}‏ يا أهل مكة بالإهلاك ‏{‏ ويستخلف من بعدكم ما يشاء ‏}‏ من الخلق ‏{‏ كما أنشأكم من ذرية قوم آخرين ‏}‏ أذهبهم ولكنه أبقاكم رحمة لكم ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 134 ‏)‏

‏{‏إن ما توعدون لآت وما أنتم بمعجزين ‏}‏

‏{‏ أن ما توعدون ‏}‏ من الساعة والعذاب ‏{‏ لآت ‏}‏ لا محالة ‏{‏ وما أنتم بمعجزين ‏}‏ فائتين عذابنا ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 135 ‏)‏

‏{‏قل يا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدار إنه لا يفلح الظالمون ‏}‏

‏{‏ قل ‏}‏ لهم ‏{‏ يا قوم اعملوا على مكانتكم ‏}‏ حالتكم ‏{‏ إني عامل ‏}‏ على حالتي ‏{‏ فسوف تعلمون من ‏}‏ موصولة مفعول العلم ‏{‏ تكون له عاقبة الدار ‏}‏ أي العاقبة المحمودة في الدار الآخرة أنحن أم أنتم ‏{‏ إنه لا يفلح ‏}‏ بعد ‏{‏ الظالمون ‏}‏ الكافرون ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 136 ‏)‏

‏{‏وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم ساء ما يحكمون ‏}‏

‏{‏ وجعلوا ‏}‏ أي كفار مكة ‏{‏ لله مما ذرأ ‏}‏ خلق ‏{‏ من الحرث ‏}‏ الزرع ‏{‏ والأنعام نصيباً ‏}‏ يصرفونه إلى الضيفان والمساكين ولشركائهم نصيباً يصرفونه إلى سدنتها ‏{‏ فقالوا هذا لله بزعمهم ‏}‏ بالفتح والضم ‏{‏ وهذا لشركائنا ‏}‏ فكانوا إذا سقط في نصيب الله شيء من نصيبها التقطوه أو نصيبها شيء من نصيبه تركوه وقالوا إن الله غني عن هذا كما قال تعالى ‏{‏ فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله ‏}‏ أي لجهته ‏{‏ وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم ساء ‏}‏ بئس ‏{‏ ما يحكمون ‏}‏ حكمهم هذا ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 137 ‏)‏

‏{‏وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم ليردوهم وليلبسوا عليهم دينهم ولو شاء الله ما فعلوه فذرهم وما يفترون ‏}‏

‏{‏ وكذلك ‏}‏ كما زين لهم ما ذكر ‏{‏ زَيَّنَ لكثير من المشركين قتل أولادهم ‏}‏ بالوأد ‏{‏ شركاؤُهم ‏}‏ من الجن بالرفع فاعل زين وفي قراءة ببنائه للمفعول ورفع قتل ونصب الأولاد به وجر شركائهم بإضافته وفيه الفصل بين المضاف والمضاف إليه بالمفعول - ولا يضر - وإضافة القتل إلى الشركاء لأمرهم به ‏{‏ ليردوهم ‏}‏ يهلكوهم ‏{‏ وليلبسوا ‏}‏ يخلطوا ‏{‏ عليهم دينهم ولو شاء الله ما فعلوه فذرهم وما يفترون ‏}‏ ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 138 ‏)‏

‏{‏وقالوا هذه أنعام وحرث حجر لا يطعمها إلا من نشاء بزعمهم وأنعام حرمت ظهورها وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها افتراء عليه سيجزيهم بما كانوا يفترون ‏}‏

‏{‏ وقالوا هذه أنعام وحرث حجر ‏}‏ حرام ‏{‏ لا يطعمها إلا من شاء ‏}‏ من خَدَمَةِ الأوثان وغيرهم ‏{‏ بزَعمهم ‏}‏ أي لا حجة لهم فيه ‏{‏ وأنعام حرمت ظهورها ‏}‏ فلا تركب كالسوائب والحوامي ‏{‏ وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها ‏}‏ عند ذبحها بل يذكرون اسم أصنامهم ونسبوا ذلك إلى الله ‏{‏ افتراء عليه سيجزيهم بما كانوا يفترون ‏}‏ عليه ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 139 ‏)‏

‏{‏وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا وإن يكن ميتة فهم فيه شركاء سيجزيهم وصفهم إنه حكيم عليم ‏}‏

‏{‏ وقالوا ما في بطون هذه الأنعام ‏}‏ المحرمة وهي السوائب والبحائر ‏{‏ خالصة ‏}‏ حلال ‏{‏ لذكورنا ومحرَّم على أزواجنا ‏}‏ أي النساء ‏{‏ وإن تَكُنْ مَيْتَةٌ ‏}‏ بالرفع والنصب مع تأنيث الفعل وتذكيره ‏{‏ فهم فيه شركاء سيجزيهم ‏}‏ الله ‏{‏ وصفَهم ‏}‏ ذلك بالتحليل والتحريم أي جزاءه ‏{‏ إنه حكيم ‏}‏ في صنعه ‏{‏ عليم ‏}‏ بخلقه ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 140 ‏)‏

‏{‏قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم وحرموا ما رزقهم الله افتراء على الله قد ضلوا وما كانوا مهتدين ‏}‏

‏{‏ قد خسر الذين قتلوا ‏}‏ بالتخفيف والتشديد ‏{‏ أولادهم ‏}‏ بالوأد ‏{‏ سفهاً ‏}‏ جهلاً ‏{‏ بغير علم وحرَّموا ما رزقهم الله ‏}‏ مما ذكر ‏{‏ افتراءً على الله قد ضلوا وما كانوا مهتدين ‏}‏ ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 141 ‏)‏

‏{‏وهو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات والنخل والزرع مختلفا أكله والزيتون والرمان متشابها وغير متشابه كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين ‏}‏

‏{‏ وهو الذي أنشأ ‏}‏ خلق ‏{‏ جنات ‏}‏ بساتين ‏{‏ معروشات ‏}‏ مبسوطات على الأرض كالبطيخ ‏{‏ وغير معروشات ‏}‏ بأن ارتفعت على ساق كالنحل ‏{‏ و ‏}‏ أنشأ ‏{‏ النخل والزرع مختلفاً أكلُهُ ‏}‏ ثمره وحبه في الهيئة والطعم ‏{‏ والزيتون والرمان متشابهاً ‏}‏ ورقهما حال ‏{‏ وغير متشابه ‏}‏ طعمهما ‏{‏ كلوا من ثمره إذا أثمر ‏}‏ قبل النضج ‏{‏ وآتوا حقه ‏}‏زكاته ‏{‏ يوم حصاده ‏}‏ بالفتح والكسر من العشر أو نصفه ‏{‏ ولا تُسرفوا ‏}‏ بإعطاء كله فلا يبقى لعيالكم شيء ‏{‏ إنه لا يحب المسرفين ‏}‏ المتجاوزين ما حّدَّ لهم ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 142 ‏)‏

‏{‏ومن الأنعام حمولة وفرشا كلوا مما رزقكم الله ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين ‏}‏

‏{‏ و ‏}‏ أنشأ ‏{‏ من الأنعام حمولة ‏}‏ صالحة للحمل عليها كالإبل الكبار ‏{‏ وفرشاً ‏}‏ لا تصلح له كالإبل الصغار والغنم سميت فرشاً لأنها كالفرش للأرض لدونها منها ‏{‏ كلوا مما رزقكم الله ولا تتبعوا خطوات الشيطان ‏}‏ طرائفه من التحريم والتحليل ‏{‏ إنه لكم عدوٌ مبين ‏}‏ بين العداوة ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 143 ‏)‏

‏{‏ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين قل آلذكرين حرم أم الأنثيين أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين نبئوني بعلم إن كنتم صادقين ‏}‏

‏{‏ ثمانية أزواج ‏}‏ أصناف بدل من حمولة وفرشاً ‏{‏ من الضأن ‏}‏ زوجين ‏{‏ اثنين ‏}‏ ذكر وأنثى ‏{‏ ومن المعَز ‏}‏ بالفتح والسكون ‏{‏ اثنين قل ‏}‏ يا محمد لمن حرم ذكور الأنعام تارة وإناثها أخرى ونسب ذلك إلى الله ‏{‏ آلذكرين ‏}‏ من الضأن والمعز ‏{‏ حرم ‏}‏ الله عليكم ‏{‏ أم الأنثيين ‏}‏ منهما ‏{‏ أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين ‏}‏ ذكرآ كان أو أنثى ‏{‏ نَبِّئوني بعلم ‏}‏ عن كيفية تحريم ذلك ‏{‏ إن كنتم صادقين ‏}‏ في المعنى من أين جاء التحريم ‏؟‏ فإن كان من قبل الذكورة فجميع الذكور حرام أو الأنوثة فجميع الإناث، أو اشتمال الرحم فالزوجان، فمن أين التخصيص ‏؟‏ والإستفهام للإنكار ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 144 ‏)‏

‏{‏ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين قل آلذكرين حرم أم الأنثيين أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين أم كنتم شهداء إذ وصاكم الله بهذا فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم إن الله لا يهدي القوم الظالمين ‏}‏

‏{‏ ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين قل الذكرين حرم أم الأنثيين أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين أم ‏}‏ بل ‏{‏ كنتم شهداء ‏}‏ حضوراً ‏{‏ إذ وصَّاكم الله بهذا ‏}‏ التحريم فاعتمدتم ذلك لا بل أنتم كاذبون فيه ‏{‏ فمن ‏}‏ أي لا أحد ‏{‏ أظلم ممن افترى على الله كذباً ‏}‏ بذلك ‏{‏ لُيضل الناس بغير علم إن الله لا يهدي القوم الظالمين ‏}‏ ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 145 ‏)‏

‏{‏قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقا أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن ربك غفور رحيم ‏}‏

‏{‏ قل لا أجد فيما أوحي إليَّ ‏}‏ شيئاً ‏{‏ محرَّماً على طاعم يطعمه إلا أن يكون ‏}‏ بالياء والتاء ‏{‏ ميتة ‏}‏ بالنصب وفي قراءة بالرفع مع التحتانية ‏{‏ أو دمياً مسفوحاً ‏}‏ سائلاً بخلاف غيره كالكبد والطحال ‏{‏ أو لحم خنزير فإنه رجس ‏}‏ حرام ‏{‏ أو ‏}‏ إلا أن يكون ‏{‏ فسقاً أهل لغير الله به ‏}‏ أي ذبح على اسم غيره ‏{‏ فمن اضطرَّ ‏}‏ إلى شيء مما ذكر فأكله ‏{‏ غير باغ ولا عاد فإن ربَّك غفور ‏}‏ له ما أكل ‏{‏ رحيم ‏}‏ به ويلحق بما ذكر بالسنة كل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 146 ‏)‏

‏{‏وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا لصادقون ‏}‏

‏{‏ وعلى الذين هادوا ‏}‏ أي اليهود ‏{‏ حرَّمنا كل ذي ظفر ‏}‏ وهو ما لم تفرق أصابعه كالإبل والنعام ‏{‏ ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما ‏}‏ الثروب وشحم الكلي ‏{‏ إلا ما حملت ظهورهما ‏}‏ أي ما علق بها منه ‏{‏ أو ‏}‏ حملته ‏{‏ الحوايا ‏}‏ الأمعاء جمع حاوياء أو حاوية ‏{‏ أو ما اختلط بعظم ‏}‏ منه وهو شحم الإلية فإنه أحل لهم ‏{‏ ذلك ‏}‏ التحريم ‏{‏ جزيناهم ‏}‏ به ‏{‏ ببغيهم ‏}‏ بسبب ظلمهم بما سبق في سورة النساء ‏{‏ وإنا لصادقون ‏}‏ في أخبارنا ومواعيدانا ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 147 ‏)‏

‏{‏فإن كذبوك فقل ربكم ذو رحمة واسعة ولا يرد بأسه عن القوم المجرمين ‏}‏

‏{‏ فإن كذَّبوك ‏}‏ فيما جئت به ‏{‏ فقل ‏}‏ لهم ‏{‏ ربكم ذو رحمة واسعة ‏}‏ حيث لم يعاجلكم بالعقوبة وفيه تلطف بدعائهم إلى الإيمان ‏{‏ ولا يُرد بأسه ‏}‏ عذابه إذا جاء ‏{‏ عن القوم المجرمين ‏}‏ ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 148 ‏)‏

‏{‏سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون ‏}‏

‏{‏ سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ‏}‏ نحن ‏{‏ ولا آباؤنا ولا حرَّمنا من شيء ‏}‏ فإشراكنا وتحرمينا بمشيئته فهو راض به قال تعالى‏:‏ ‏{‏ كذلك ‏}‏ كما كذب هؤلاء ‏{‏ كذَّب الذين من قبلهم ‏}‏ رسلهْم ‏{‏ حتى ذاقوا بأسنا ‏}‏ عذابنا ‏{‏ قل هل عندكم من علم ‏}‏ بأن الله راضى بذلك ‏{‏ فتخرجوه لنا ‏}‏ أي لا علم عنكم ‏{‏ إن ‏}‏ ما ‏{‏ تتَّبعون ‏}‏ في ذلك ‏{‏ إلا الظن وإن ‏}‏ ما ‏{‏أنتم إلا تخرصون ‏}‏ تكذبون فيه ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 149 ‏)‏

‏{‏قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين ‏}‏

‏{‏ قل ‏}‏ إن لم يكن لكم حجة ‏{‏ فللَّه الحجة البالغة ‏}‏ التامة ‏{‏ فلو شاء ‏}‏ هدايتكم ‏{‏ لهداكم أجمعين

 الآية رقم ‏(‏ 150 ‏)‏

‏{‏قل هلم شهداءكم الذين يشهدون أن الله حرم هذا فإن شهدوا فلا تشهد معهم ولا تتبع أهواء الذين كذبوا بآياتنا والذين لا يؤمنون بالآخرة وهم بربهم يعدلون ‏}‏

‏{‏ قل هلمَّ ‏}‏ أحضروا ‏{‏ شهداءكم الذين يشهدون أن الله حرَّم هذا ‏}‏ الذي حرمتموه ‏{‏ فإن شهدوا فلا تشهد معهم ولا تتبع أهواء الذين كذبوا بآياتنا والذين لا يؤمنون بالآخرة وهم بربهم يعدلون ‏}‏ يشركون ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 151 ‏)‏

‏{‏قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون ‏}‏

‏{‏ قل تعالوا أتل ‏}‏ أقرأ ‏{‏ ما حرم ربكم عليكم أ ‏}‏ ن مفسرة ‏{‏ لا تشكروا به شيئاً و ‏}‏ أحسنوا ‏{‏ بالوالدين إحساناً ولا تقتلوه أولادكم ‏}‏ بالوأد ‏{‏ من ‏}‏ أجل ‏{‏ إملاق ‏}‏ فقر تخافونه ‏{‏ نحن نرزقكم وإياكم ولا تقربوا الفاحش ‏}‏ الكبائر كالزنا ‏{‏ ما ظهر منها وما بطن ‏}‏ أي علانيتها وسرها ‏{‏ ولا تقتلوا النفس التي حرَّم الله إلا بالحق كالقود وحد الردة ورجم المحصن ‏{‏ ذلك ‏}‏ المذكور ‏{‏ وصاكم به لعلكم تعقلون ‏}‏ تتدبرون ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 152 ‏)‏

‏{‏ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا الكيل والميزان بالقسط لا نكلف نفسا إلا وسعها وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون ‏}‏

‏{‏ ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي ‏}‏ أي بالخصلة التي ‏{‏ هي أحسن ‏}‏ وهي ما فيه صلاحه ‏{‏ حتى يبلغ أشدَّه بأن يحتلم ‏{‏ وأوفوا الكيل والميزان بالقسط ‏}‏ بالعدل وترك البخس ‏{‏ لا نكلف نفساً إلا وسعها ‏}‏ طاقتها في ذلك فإن أخطأ في الكيل والوزن والله يعلم صحة نيته فلا مؤاخذة عليه كما ورد في حديث ‏{‏ وإذا قلتم ‏}‏ في حكم أو غيره ‏{‏ فاعدلوا ‏}‏ بالصدق ‏{‏ ولو كان ‏}‏ أو عليه ‏{‏ ذا قربى ‏}‏ قرابة ‏{‏ وبعهد الله أوفوا ذلكم وصَّاكم به لعلكم تذَّكرون ‏}‏ بالتشديد تتعظون والسكون ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 153 ‏)

‏{‏وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون ‏}‏

‏{‏ وأنَّ ‏}‏ بالفتح على تقدير اللام والكسر استئنافاً ‏{‏ هذا ‏}‏ الذي وصيتكم به ‏{‏ صراطي مستقيماً ‏}‏ حال ‏{‏ فاتَّبعوا ولا تتبعوا السبل ‏}‏ الطرق المخالفة له ‏{‏ فتفرَّق ‏}‏ فيه حذف إحدى التاءين تميل ‏{‏ بكم عن سبيله ‏}‏ دينه ‏{‏ ذلكم وصاكم به لعلكم تتفون ‏}‏

 الآية رقم ‏(‏ 154 ‏)‏

‏{‏ثم آتينا موسى الكتاب تماما على الذي أحسن وتفصيلا لكل شيء وهدى ورحمة لعلهم بلقاء ربهم يؤمنون ‏}‏

‏{‏ ثم آتينا موسى الكتاب ‏}‏ التوراة وثم لترتيب الأخبار ‏{‏ تماماً ‏}‏ للنعمة ‏{‏ على الذي أحسن ‏}‏ بالقيام به ‏{‏ وتفصيلاً ‏}‏ بياناً ‏{‏ لكل شيء ‏}‏ يحتاج إليه في الدين ‏{‏ وهدىّ ورحمة لعلهم ‏}‏ أي بني إسرائيل ‏{‏ بلقاء ربهم ‏}‏ بالبعث ‏{‏ يؤمنون ‏}‏ ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 155 ‏)‏

‏{‏وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون ‏}‏

‏{‏ وهذا ‏}‏ القرآن ‏{‏ كتاب أنزلناه مبارك فاتَّبعوه ‏}‏ يا أهل مكة بالعمل بما فيه ‏{‏ واتقوا ‏}‏ الكفر ‏{‏ لعلكم ترحمون ‏}‏ ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 156 ‏)‏

‏{‏أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا وإن كنا عن دراستهم لغافلين ‏}‏

أنزلناه ‏{‏ أن ‏}‏ لا ‏{‏ تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين ‏}‏ اليهود والنصارى ‏{‏ من قبلنا وإن ‏}‏ مخففة واسمها محذوف أي إنا ‏{‏ كنَّا عن دراستهم ‏}‏ قراءتهم ‏{‏ لغافلين ‏}‏ لعدم معرفتنا لها إذ ليست بلغتنا ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 157 ‏)‏

‏{‏أو تقولوا لو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم فقد جاءكم بينة من ربكم وهدى ورحمة فمن أظلم ممن كذب بآيات الله وصدف عنها سنجزي الذين يصدفون عن آياتنا سوء العذاب بما كانوا يصدفون ‏}‏

‏{‏ أو تقولا لو أنا أنزل علينا الكتابُ لكنا أهدى منهم ‏}‏ لجودة أذهاننا ‏{‏ فقد جاءكم بينة ‏}‏ بيان ‏{‏ من ربِّكم وهدى ورحمة ‏}‏ لمن اتبعه ‏{‏ فمن ‏}‏ أي لا أحد ‏{‏ أظلم ممن كذَّب بآيات الله وصدف ‏}‏ أعرض ‏{‏ عنها سنجزي الذين يصدفون عن آياتنا سوء العذاب ‏}‏ أي أشده ‏{‏ بما كانوا يصدفون ‏}‏

 الآية رقم ‏(‏ 158 ‏)‏

‏{‏هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا قل انتظروا إنا منتظرون

‏{‏ هل ينظرون ‏}‏ ما ينتظر المكذبون ‏{‏ إلا أن تأتيهم ‏}‏ بالتاء والباء ‏{‏ الملائكة ‏}‏ لقبض أرواحهم ‏{‏ أو يأتي ربُّك ‏}‏ أي أمره بمعنى عذابه ‏{‏ أو يأتي بعض آيات ربِّك ‏}‏ أي علاماته الدالة على الساعة ‏{‏ يوم يأتي بعض آيات ربَّك ‏}‏ وهي طلوع الشمسي من مغربها كما في حديث الصحيحين ‏{‏ لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل ‏}‏ الجملة صفة النفس ‏{‏ أو ‏}‏ نفساً لم تكن ‏{‏ كسبت في إيمانها خيراً ‏}‏ طاعة أي لا تنفعها توبتها كما في الحديث ‏{‏ قل انتظروا ‏}‏ أحد هذه الأشياء ‏{‏ إنا منتظرون ‏}‏ ذلك ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 159 ‏)‏

‏{‏إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون ‏}‏

‏{‏ إن الذين فرَّقوا دينهم ‏}‏ باختلافهم فيه فأخذوا بعضه وتركوا بعضه ‏{‏ وكانوا شيعاً ‏}‏ فرقاً في ذلك، وفي قراءة فارقوا أي تركوا دينهم الذي أمروا به وهم اليهود والنصارى ‏{‏ لست منهم في شيء ‏}‏ أي فلا تتعرض لهم ‏{‏ إنما أمرهم إلى الله ‏}‏ يتولاه ‏{‏ ثم ينبِّهم ‏}‏ في الآخرة ‏{‏ بما كانوا يفعلون ‏}‏ فيجازيهم به وهذا منسوخ بآيه السيف ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 160 ‏)‏

‏{‏من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم لا يظلمون ‏}‏

‏{‏ من جاء بالحسنة ‏}‏ أي لا إله إلا الله ‏{‏ فله عشرُ أمثالها ‏}‏ أي جزاء عشر حسنات ‏{‏ ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها ‏}‏ أي جزائهم ‏{‏ وهم لا يُظلمون ‏}‏ ينقصون من جزائهم شيئاً ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 161 ‏)‏

‏{‏قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين ‏}‏

‏{‏ قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم ‏}‏ ويبدل من محله ‏{‏ ديناً قيماً ‏}‏ مستقيماً ‏{‏ ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين ‏}‏ ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 162 ‏)‏

‏{‏قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ‏}‏

‏{‏ قل إن صلاتي ونسكي ‏}‏ عبادتي من حج وغيره ‏{‏ ومحياي ‏}‏ حياتي ‏{‏ ومماتي ‏}‏ موتي ‏{‏ لله رب العالمين ‏}‏ ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 163 ‏)‏

‏{‏لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين ‏}‏

‏{‏ لا شريك له ‏}‏ في ذلك ‏{‏ وبذلك ‏}‏ أي التوحيد ‏{‏ أمرت وأنا أول المسلمين ‏}‏ من هذه الأمة ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 164 ‏)‏

‏{‏قل أغير الله أبغي ربا وهو رب كل شيء ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون ‏}‏

‏{‏ قل أغير الله أبغي ربّاً ‏}‏ إلهاً أي لا أطلب غيره ‏{‏ وهو ربُّ ‏}‏ مالك ‏{‏ كل شيء ولا تكسب كل نفس ‏}‏ ذنباً ‏{‏ إلا عليها ولا تزر ‏}‏ تمحل نفس ‏{‏ وازرة ‏}‏ آلة ‏{‏ وزر ‏}‏ نفس ‏{‏ أخرى ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون ‏}‏ ‏.‏

 الآية رقم ‏(‏ 165 ‏)

‏{‏وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم في ما آتاكم إن ربك سريع العقاب وإنه لغفور رحيم ‏}‏

‏{‏ وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ‏}‏ جمع خليفة ‏:‏ أي بخلف بعضكم بعضاً فيها ‏{‏ ورفع بعضكم فوق بعض درجات ‏}‏ بالمال والجاه وغير ذلك ‏{‏ ليبلوكم ‏}‏ ليختبركم ‏{‏ فيما آتاكم ‏}‏ أعطاكم ليظهر المطيع منكم والعاصي ‏{‏ إن ربك سريع العقاب ‏}‏ لمن عصاه ‏{‏ وإنه لغفور ‏}‏ للمؤمنين ‏{‏ رحيم ‏}‏ بهم ‏.‏

  السابق   الآيات القرآنية  الأحاديث   الفهرس   التالي