سورة طه
الآية رقم ( 1 )
{طه }
{ طه } الله أعلم بمراده بذلك .
الآية رقم ( 2 )
{ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى }
{ ما أنزلنا عليك القرآن } يا محمد { لتشفى } لتتعب بما فعلت بعد نزوله من طول قيامك بصلاة الليل أ ي خفف عن نفسك .
الآية رقم ( 3 )
{إلا تذكرة لمن يخشى }
{ إلا } لكن أنزلناه { تذكرة } به { لمن يخشى } يخاف الله .
الآية رقم ( 4 )
{تنزيلا ممن خلق الأرض والسماوات العلى }
{ تنزيلا } بدل من الفظ بفعله الناصب له { ممن خلق الأرض والسماوات العلى } جمع عليا ككبرى وكبر .
الآية رقم ( 5 )
{الرحمن على العرش استوى }
هو { الرحمن على العرش } وهو في اللغة سرير الملك { استوى } إكتفاء يليق به .
الآية رقم ( 6 )
{له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى }
{ له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما } من المخلوقات { وما تحت الثرى } هو التراب الندي، والمراد الأرضون السبع لأنها تحته .
الآية رقم ( 7 )
{وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى }
{ وإن تجهر بالقول } في ذكر أو دعاء فالله غني عن الجهر به { فإنه يعلم السر وأخفى } منه: أي ما حدثت به النفس وما خطر ولم تحدث به فلا تجهد نفسك بالجهر .
الآية رقم ( 8 )
{الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى }
{ الله لا إله إلى هو له الأسماء الحسنى } التسعة والتسعون الوارد بها الحديث والحسنى مؤنث الأحسن .
الآية رقم ( 9 )
{وهل أتاك حديث موسى }
{ وهل } قد { أتاك حديث موسى } .
الآية رقم ( 10 )
{إذ رأى نارا فقال لأهله امكثوا إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بقبس أو أجد على النار هدى }
{ إذا رأى ناراً فقال لأهله } لامرأته { امكثوا } هنا، وذلك في مسيره من مدين طالباً مصر { إني آنست } أبصرت { ناراً لعليّ آتيكم منها بقبس } بشعلة في رأس فتيلة أو عود { أو أجد على النار هدى } أي هادياً يدلني على الطريق وكان أخطأها لظلمة الليل، وقال لعل لعدم الجزم بوفاء الوعد .
الآية رقم ( 11 )
{فلما أتاها نودي يا موسى }
{ فلما أتاها } وهي شجرة عوسج { نُوديَ يا موسى } .
الآية رقم ( 12 )
{إني أنا ربك فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى }
{ إني } بكسر الهمزة بتأويل نودي بقيل وفتحها بتقدير الباء { أنا } تأكيد لياء المتكلم { ربُّك فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس } المطهر أو المبارك { طُوى } بدل أو عطف بيان، بالتنوين وتركه مصروف باعتبار المكان وغير مصروف لتأنيث باعتبار البقعة مع العلمية .
الآية رقم ( 13 )
{وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى }
{ وأنا اخترتك } من قومك { فاستمع لما يُوحى } إليك مني .
الآية رقم ( 14 )
{إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري }
{ أنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم لصلاة لذكري } فيها .
الآية رقم ( 15 )
{إن الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى }
{ إن الساعة آتية أكاد أخفيها } عن الناس ويظهر لهم قربها بعلاماتها { لتجزي } فيها { كل نفس بما تسعى } به من خير أو شر .
الآية رقم ( 16 )
{فلا يصدنك عنها من لا يؤمن بها واتبع هواه فتردى }
{ فلا يَصُدَّنَّكَ } يصرفنَّك { عنها } أي عن الإيمان بها { من لا يؤمن بها واتبع هواه } في إنكارها { فَتَردى } أي فتهلك إن صددت عنها .
الآية رقم ( 17 )
{وما تلك بيمينك يا موسى }
{ وما تلك } كائنة { بيمينك يا موسى } الاستفهام للتقرير ليرتب عليه المعجزة فيها .
الآية رقم ( 18 )
{قال هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى }
{ قال هي عصاي أتوكَّأ } أعتمد { عليها } عند الوثوب والمشي { وأهش } أخبط ورق الشجر { بها } ليسقط { على غني } فتأكله { ولي فيها مآرب } جمع مأربة مثلث الراء أي: حوائج { أخرى } كحمل الزاد والسقاء وطرد الهوام زاد في الجواب بيان حاجاته بها .
الآية رقم ( 19 )
{قال ألقها يا موسى }
{ قال ألقها يا موسى } .
الآية رقم ( 20 )
{فألقاها فإذا هي حية تسعى }
{ فألقاها فإذا هي حية } ثعبان عظيم { تسعى } تمشي على بطنها سريعا كسرعة الثعبان الصغير المسمى بالجان المعبر به فيها في آية أخرى .
الآية رقم ( 21 )
{قال خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى }
{ قال خذها ولا تخف } منها { سنعيدها سيرتها } منصوب بنزع الخافض أي: إلى حالتها { الأولى } فأدخل يده في فمها فعادت عصا، فتبين أن موضع الإدخال موضع مسكها بين شعبتيها، وأي ذلك السيد موسى لئلا يجزع إذا انقلبت حية لدى فرعون .
الآية رقم ( 22 )
{واضمم يدك إلى جناحك تخرج بيضاء من غير سوء آية أخرى }
{ واضمم يدك } اليمنى بمعنى الكف { إلى جناحك } أي جنبك الأيسر تحت العضد إلى الإبط وأخرجها { تخرج } خلاف ما كانت عليه من الأدمة { بيضاء من غير سوءٍ } أي بَرَص تضيء كشعاع الشمس تغشى البصر { آية أخرى } وهي بيضاء حالان من ضمير تخرج .
الآية رقم ( 23 )
{لنريك من آياتنا الكبرى }
{ لنريك } بها إذا فعلت ذلك لإظهارها { من آياتنا } الآية { الكبرى } أي العظمى على رسالتك، وإذا أراد عودها إلى حالتها الأولى ضمها إلى جناحه كما تقدم وأخرجها .
الآية رقم ( 24 )
{اذهب إلى فرعون إنه طغى }
{ إذهب } رسولا { إلى فرعون } ومن معه { إنه طغى } جاوز الحد في كفره إلى ادعاء الإلهية
الآية رقم ( 25 )
{قال رب اشرح لي صدري }
{ قال رب اشرح لي صدري } وسّعه لتحمل الرسالة .
الآية رقم ( 26 )
{ويسر لي أمري }
{ ويسِّر } سَهِّلْ { لي أمري } لأبلغها .
الآية رقم ( 27 )
{واحلل عقدة من لساني }
{ واحلل عقدة من لساني } حدثت من احتراقه بجمرة وضعها بغيه وهو صغير .
الآية رقم ( 28 )
{يفقهوا قولي }
{ يفقهوا } يفهموا { قولي } عند تبليغ الرسالة .
الآية رقم ( 29 )
{واجعل لي وزيرا من أهلي }
{ واجعل لي وزيراً } معيناً عليها { من أهلي } .
الآية رقم ( 30 )
{هارون أخي }
{ هارون } مفعول ثان { أخي } عطف بيان .
الآية رقم ( 31 )
{اشدد به أزري }
{ أشدد به أزري } ظهري .
الآية رقم ( 32 )
{وأشركه في أمري }
{ وأشركه في أمري } أي الرسالة والفعلان بصيغتي الأمر والمضارع المجزوم وهو جواب الطلب .
الآية رقم ( 33 )
{كي نسبحك كثيرا }
{ كي نسبحك } تسبيحاً { كثيراً } .
الآية رقم ( 34 )
{ونذكرك كثيرا }
{ ونذكرك } ذكراً { كثيراً } .
الآية رقم ( 35 )
{إنك كنت بنا بصيرا }
{ إنك كنت بصيراً } عالماً فأنعمت بالرسالة .
الآية رقم ( 36 )
{قال قد أوتيت سؤلك يا موسى }
{ قال قد أوتيت سُوءلك يا موسى } منا عليك .
الآية رقم ( 37 )
{ولقد مننا عليك مرة أخرى }
{ ولقد مننا عليك مرة أخرى } .
الآية رقم ( 38 )
{إذ أوحينا إلى أمك ما يوحى }
{ إذ } للتعليل { أوحينا إلى أمك } مناماً أو إلهاما لَّما ولدتك وخافت أن يقتلك فرعون في جملة من يولد { ما يوحى } في أمرك ويبدل منه .
الآية رقم ( 39 )
{أن اقذفيه في التابوت فاقذفيه في اليم فليلقه اليم بالساحل يأخذه عدو لي وعدو له وألقيت عليك محبة مني ولتصنع على عيني }
{ أن اقذفيه } ألقيه { في التابوت فاقذفيه } بالتابوت { في اليم } بحر النيل { فلْيُلقه اليم بالساحل } أي شاطئه والأمر بمعنى الخبر { يأخذه عدو لي وعدو له } وهو فرعون { وألقيت } بعد أن أخذك { عليك محبة مني } لتحب في الناس فأحبك فرعون وكل من رآك { ولتُصنع على عيني } تربى على رعايتي وحفظي لك .
الآية رقم ( 40 )
{إذ تمشي أختك فتقول هل أدلكم على من يكفله فرجعناك إلى أمك كي تقر عينها ولا تحزن وقتلت نفسا فنجيناك من الغم وفتناك فتونا فلبثت سنين في أهل مدين ثم جئت على قدر يا موسى }
{ إذ } للتعليل { تمشي أختك } مريم لتتعرف من خبرك وقد أحضروا مراضع وأنت لا تقبل ثدي واحدة منهن { فتقول هل أدلكم على من يكلفه } فأجيبت فجاءت بأمه فقبل ثديها { فرجعناك إلى أمك كي تقر عينها } بلقائك { ولا تحزن } حينئذ { وقتلت نفساً } هو القبطي بمصر، فاغتممت لقتله من جهة فرعون { فنجيناك من الغم وفتناك فتوناً } اختبرناك بالإيقاع في غير ذلك وخلصناك منه { فلبثت سنين } عشراً { في أهل مدين } بعد مجيئك إليها من مصر عند شعيب النبي وتزوجك بابنته { ثم جئت على قدر } في علمي بالرسالة وهو أربعون سنة من عمرك { يا موسى } .
الآية رقم ( 41 )
{واصطنعتك لنفسي }
{ واصطنعتك } اخترتك { لنفسي } بالرسالة .
الآية رقم ( 42 )
{اذهب أنت وأخوك بآياتي ولا تنيا في ذكري }
{ اذهب أنت وأخوك } إلى الناس { بآياتي } التسع { ولا تَنِيا } تفترا { في ذكري } بتسبيح وغيره.
الآية رقم ( 43 )
{اذهبا إلى فرعون إنه طغى }
{ أذهبا إلى فرعون إنه طغى } بادعائه الربوبية .
الآية رقم ( 44 )
{فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى }
{ فقولا له قولا ليناً } في رجوعه عن ذلك { لعله يتذكر } يتعظ { أو يخشى } الله فيرجع والترجي بالنسبة إليهما لعلمه تعالى بأنه لا يرجع .
الآية رقم ( 45 )
{قالا ربنا إننا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى }
{ قالا ربنا إننا نخاف أن يفرط علينا } أي يعجل بالعقوبة { أو أن يطغى } علينا أي يتكبر .
الآية رقم ( 46 )
{قال لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى }
{ قال لا تخافا إنني معكما } بعوني { أسمع } ما يقول { وأرى } ما يفعل .
الآية رقم ( 47 )
{فأتياه فقولا إنا رسولا ربك فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم قد جئناك بآية من ربك والسلام على من اتبع الهدى }
{ فأتياه فقولا إنَّا رسولا ربك فأرسل معنا بني إسرائيل } إلى الشام { ولا تعذبهم } أي خل عنهم من استعمالك إياهم في أشغالك الشاقة كالحفر والبناء وحمل الثقيل { قد جئناك بآية } بحجة { من ربك } على صدقنا بالرسالة { والسلام على من اتبع الهدى } أي السلامة له من العذاب .
الآية رقم ( 48 )
{إنا قد أوحي إلينا أن العذاب على من كذب وتولى }
{ إنا قد أوحىَ إلينا أن العذاب على مَن كذب } ما جئنا له { وتولى } أعرض عنه، فأتياه وقالا جميع ما ذكر .
الآية رقم ( 49 )
{قال فمن ربكما يا موسى }
{ قال فمن ربكما يا موسى } اقتصر عليه لأنه الأصل ولإدلاله عليه بالتربية .
الآية رقم ( 50 )
{قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى }
{ قال ربنا الذي أعطى كل شيء } من الخلق { خلقه } الذي هو عليه متميز به عن غيره { ثم هدى } الحيوان منه إلى مطعمه ومشربه ومنكحه وغير ذلك .
الآية رقم ( 51 )
{قال فما بال القرون الأولى }
{ قال } فرعون { فما بال } حال { القرون } الأمم { الأولى } كقوم نوح وهود ولوط وصالح في عبادتهم الأوثان .
الآية رقم ( 52 )
{قال علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى }
{ قال } موسى { علمها } أي علم حالهم محفوظ { عند ربي في كتاب } هو اللوح المحفوظ يجازيهم عليها يوم القيامة { لا يضل } يغيب { ربي } عن شيء { ولا ينسى } ربي شيئاً .
الآية رقم ( 53 )
{الذي جعل لكم الأرض مهدا وسلك لكم فيها سبلا وأنزل من السماء ماء فأخرجنا به أزواجا من نبات شتى }
هو { الذي جعل لكم } في جملة الخلق { الأرض مهاداً } فراشاً { وسلك } سهل { لكم فيها سبلا } طرقاً { وأنزل من السماء ماءً } مطراً قال تعالى تتميماً لما وصفه به موسى وخطاباً لأهل مكة { فأخرجنا به أزواجاً } أصنافاً { من نبات شتى } صفة أزواجاً أي مختلفة الألوان والطعوم وغيرهما، وشتى جمع شتيت كمريض ومرضى ، من شت الأمر تفرق .
الآية رقم ( 54 )
{كلوا وارعوا أنعامكم إن في ذلك لآيات لأولي النهى }
{ كلوا } منها { وارعوا أنعامكم } فيها جمع نعم، وهي الإبل والبقر والغنم، يقال رعت الأنعام ورعيتها والأمر للإباحة وتذكير النعمة والجملة حال من ضمير أخرجنا، أي مبيحين لكم الأكل ورعي الأنعام { إن في ذلك } المذكور { لآيات } لعبرا { لأولى النهى } لأصحاب العقول ينهى صاحبه عن ارتكاب القبائح .
الآية رقم ( 55 )
{منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى }
{ منها } أي من الأرض { خلقناكم } بخلق أبيكم آدم منها { وفيها نعيدكم } مقبورين بعد الموت { ومنها نخرجكم } عند البعث { تارة } مرة { أخرى } كما أخرجناكم عند ابتداء خلقكم .
الآية رقم ( 56 )
{ولقد أريناه آياتنا كلها فكذب وأبى }
{ ولقد أريناه } أي أبصرنا فرعون { آياتنا كلها } التسع { فكذب } بها وزعم أنها سحر { وأبى } أن يوحد الله تعالى .
الآية رقم ( 57 )
{قال أجئتنا لتخرجنا من أرضنا بسحرك يا موسى }
{ قال أجئتنا لتخرجنا من أرضنا } مصر ويكون لك فيها { بسحرك يا موسى } .
الآية رقم ( 58 )
{فلنأتينك بسحر مثله فاجعل بيننا وبينك موعدا لا نخلفه نحن ولا أنت مكانا سوى }
{ فلنأتينك بسحر مثله } يعارضه { فاجعل بيننا وبينك موعداً } لذلك { لا نخلقه نحن ولا أنت مكاناً } منصوب بنزع الخافض في { سِوىً } بكسر أوله وضمه أي وسطاً تستوي مسافة إليه الجائي من الطرفين .
الآية رقم ( 59 )
{قال موعدكم يوم الزينة وأن يحشر الناس ضحى }
{ قال } موسى { موعدكم يوم الزينة } يوم عيد لهم يتزينون فيه ويجتمعون { وأن يُحشر الناس } يجمع أهل مصر { ضحَى } وقته للنظر فيما يقع .
الآية رقم ( 60 )
{فتولى فرعون فجمع كيده ثم أتى }
{ فتولى فرعون } أدير { فجمع كيده } أي ذوي كيده من السحرة { ثم أتى } بهم الموعد .
الآية رقم ( 61 )
{قال لهم موسى ويلكم لا تفتروا على الله كذبا فيسحتكم بعذاب وقد خاب من افترى }
{ قال لهم موسى } وهم اثنان وسبعون مع كل واحد حبل وعصا { ويلكم } أي ألزمكم الله الويل { لا تفتروا على الله كذباً } بإشراك أحد معه { فيُسحتكم } بضم الياء وكسر الحاء وبفتحهما أي يهلككم { بعذاب } من عنده { وقد خاب } خسر { من افترى } كذب على الله .
الآية رقم ( 62 )
{فتنازعوا أمرهم بينهم وأسروا النجوى }
{ فتنازعوا أمرهم بينهم } في موسى وأخيه { وأسرُّوا النجوى } أي الكلام بينهم فيهما .
الآية رقم ( 63 )
{قالوا إن هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى }
{ قالوا } لأنفسهم { إن هذان } وهو موافق للغة من يأتي في المثنى بالألف في أحواله الثلاث ولأبي عمرو: هذين { لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى } مؤنث أمثل بمعنى أشرف أي بأشرافكم بميلهم إليهما لغلبتهما .
الآية رقم ( 64 )
{فأجمعوا كيدكم ثم ائتوا صفا وقد أفلح اليوم من استعلى }
{ فآجمَعوا كيدكم } من السحر بهمزة وصل وفتح الميم من جمع أي لمَّ وبهمزة قطع وكسر الميم من أجمع أحكم { ثم أئتوا صفاً } حال أي مصطفين { وقد أفلح } فاز { اليوم من استعلى } غلب
الآية رقم ( 65 )
{قالوا يا موسى إما أن تلقي وإما أن نكون أول من ألقى }
{ قالوا يا موسى } اختر { إما أن تُلقيَ } عصاك أولاَ { وإما أن نكون أول من ألقى } عصاه .
الآية رقم ( 66 )
{قال بل ألقوا فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى }
{ قال بل ألقوا } فألقوا { فإذا حبالهم وعصيهم } أصله عصوو قبلت الواوان ياءين وكسرت العين والصاد { يخيل إليه من سحرهم أنها } حيات { تسعى } على بطونها .
الآية رقم ( 67 )
{فأوجس في نفسه خيفة موسى }
{ فأوجس } أحس { في نفسه خيفة موسى } أي خاف من جهة أن سحرهم من جنس معجزته أن يتلبس أمره على الناس فلا يؤمنوا به .
الآية رقم ( 68 )
{قلنا لا تخف إنك أنت الأعلى }
{ قلنا } له { لا تخف إنك أنت الأعلى } عليهم بالغلبة .
الآية رقم ( 69 )
{وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى }
{ وألقِ ما في يمينك } وهي عصاه { تَلْقَف } تبتلع { ما صنعوا إنما صنعوا كيد ساحر } أي جنسه { ولا يفلح الساحر حيث أتى } بسحره فألقى موسى عصاه فتلقَّفت كل ما صنعوه .
الآية رقم ( 70 )
{فألقي السحرة سجدا قالوا آمنا برب هارون وموسى }
{ فألقى السحرة سجداً } خرّوا ساجدين لله تعالى { قالوا آمنا برب هارون وموسى } .
الآية رقم ( 71 )
{قال آمنتم له قبل أن آذن لكم إنه لكبيركم الذي علمكم السحر فلأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم في جذوع النخل ولتعلمن أينا أشد عذابا وأبقى }
{ قال } فرعون { أآمنتم } بتحقيق الهمزتين وإبدال الثانية ألفاً { له قبل أن آذن } أنا { لكم إنه لكبيركم } معلمكم { الذي علمكم السحر فلأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف } حال بمعنى مختلعة أي الأيدي اليمنى والأرجل اليسرى { ولأصلبنكم في جذوع النخل } أي عليها { ولتعلمن أينا } يعني نفسه ورب موسى { أشد عذاباً وأبقى } أدوم على مخالفته .
الآية رقم ( 72 )
{قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا فاقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا }
{ قالوا لن نؤثرك } نختارك { على ما جاءنا من البيانات } الدالة على صدق موسى { والذي فطرنا } خلفنا قسم أو عطف على ما { فاقض ما أنت قاض } أي إصنع ما قتله { إنما تقضي هذه الحياة الدنيا } النصب على الاتساع أي فيها وتجزى عليه في الآخرة .
الآية رقم ( 73 )
{إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر والله خير وأبقى }
{ إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا } من الإشراك وغيره { وما أكرهتنا عليه من السحر } تعلماً وعملاً لمعارضة موسى { والله خير } منك ثواباً إذا أطيع { وأبقى } منك عذاباً إذا عصي .
الآية رقم ( 74 )
{إنه من يأت ربه مجرما فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيى }
قال تعالى { إنه من يأت ربه مجرماً } كافراً كفرعون { فإن له جهنم لا يموت فيها } فيستريح { ولا يحيى } حياة تنفعه .
الآية رقم ( 75 )
{ومن يأته مؤمنا قد عمل الصالحات فأولئك لهم الدرجات العلى }
{ ومن يأته مؤمناً قد عمل الصالحات } الفرائض والنوافل { فأولئك لهم الدرجات العلى } جمع مؤنث أعلى .
الآية رقم ( 76 )
{جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء من تزكى }
{ جنات عدن } أي إقامة بيان له { تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاءُ من تزكى } تَطهَّر من الذنوب .
الآية رقم ( 77 )
{ولقد أوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا لا تخاف دركا ولا تخشى }
{ ولقد أوحينا إلى موسى أن أسْر بعبادي } بهمزة قطع من أسرى، وبهمز وصل وكسر النون من سرى لفتان أي سر بهم ليلا من أرض مصر { فاضرب لهم } أجعل لهم بالضرب بعصاك { طريقاً في البحر يبساً } أي يابساً فامتثل ما أمر به وأيبس الله الأرض فمروا فيها { لا تخاف دَرَكاً } أي أن يدركك فرعون { ولا تخشى } غرقاً .
الآية رقم ( 78 )
{فأتبعهم فرعون بجنوده فغشيهم من اليم ما غشيهم }
{ فأتبعهم فرعون بجنوده } وهو معهم { فغشيهم من اليَمِّ } أي البحر { ما غشيهم } فأغرقهم .
الآية رقم ( 79 )
{وأضل فرعون قومه وما هدى }
الآية رقم ( 80 )
{يا بني إسرائيل قد أنجيناكم من عدوكم وواعدناكم جانب الطور الأيمن ونزلنا عليكم المن والسلوى }
{ يا بني إسرائيل قد أنجيناكم من عدوكم } فرعون بإغراقه { ووعدناكم جانب الطور الأيمن } فنؤتي موسى التوراة للعمل بها { ونزلنا عليكم المن والسلوى } الترنجبين والطير السماني بتخفيف الميم والقصر، والمنادى من وُجد من اليهود زمن النبي صلى الله عليه وسلم وخُوطبوا لما أنعم الله به على أجدادهم زمن النبي موسى توطئة لقوله تعالى لهم .
الآية رقم ( 81 )
{كلوا من طيبات ما رزقناكم ولا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبي ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى
{ كلوا من طيبات ما رزقناكم } أي المنعم به عليكم { ولا تطغوا فيه } بأن تكفروا النعمة به { فيحل عليكم غضبي } بكسر الحاء: أي يجب وبضمها أي ينزل { ومن يحلِل عليه غضبي } بكسر اللام وضمها { فقد هوى } سقط في النار .
الآية رقم ( 82 )
{وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى }
{ وإني لغفار لمن تاب } من الشرك { وآمن } وحَّد الله { وعمل صالحاً } يصدق بالفرض والنفل { ثم اهتدى } باستمراره على ما ذكر إلى موته .
الآية رقم ( 83 )
{وما أعجلك عن قومك يا موسى }
{ وما أعجلك عن قومك } لمجيء ميعاد أخذ التوراة { يا موسى } .
الآية رقم ( 84 )
{قال هم أولاء على أثري وعجلت إليك رب لترضى }
{ قال هم أولاء } أي بالقرب مني يأتون { على أثري وعجلت إليك رب لترضى } عنى: أي زيادة في رضاك وقبل الجواب أتى بالاعتذار حسب ظنه، وتخلف المظنون لما .
الآية رقم ( 85 )
{قال فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري }
{ قال } تعالى { فإنا قد فتنا قومك من بعدك } أي بعد فراقك لهم { وأضلهم السامري } فعبدوا العجل .
الآية رقم ( 86 )
{فرجع موسى إلى قومه غضبان أسفا قال يا قوم ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا أفطال عليكم العهد أم أردتم أن يحل عليكم غضب من ربكم فأخلفتم موعدي }
{ فرجع موسى إلى قومه غضبان } من جهتهم { أسفاً } شديد الحزن { قال يا قوم ألم يعدكم ربكم وعداً حسناً } أي صدقاً أنه يعطيكم التوراة { أفطال عليكم العهد } مدة مفارقتي إياكم { أم أردتم أن يحل } يجب { عليكم غضب من ربكم } بعبادتكم العجل { فأخلفتم موعدي } وتركتم المجيء بعدي .
الآية رقم ( 87 )
{قالوا ما أخلفنا موعدك بملكنا ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم فقذفناها فكذلك ألقى السامري }
{ قالوا ما أخلفنا موعدك بملكنا } مثلث الميم أي بقدرتنا أو أمرنا { ولكنا حَمَلْنا } بفتح الحاء مخففاً وبضمها وكسر الميم مشدداً { أوزاراً } أثقالاً { من زينة القوم } أي قوم فرعون، استعارها بنو إسرائيل بعلَّة عرس فبقيت عندهم { فقذفناها } طرحناها في النار بأمر السامري { فكذلك } كما القينا { ألقى السامري } ما معه من حليهم، ومن التراب الذي أخذه من أثر حافر فرس جبريل على الوجه الآتي .
الآية رقم ( 88 )
{فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار فقالوا هذا إلهكم وإله موسى فنسي }
{ فأخرج لهم عجلاً } صاغه من الحلي { جسداً } لحماً ودماً { له خوار } أي صوت يُسمع أي انقلب كذلك بسبب التراب الذي أثره الحياة فيما يوضع ووضعه بعد صوغه في فمه { فقالوا } أي السامري وأتباعه { هذا إلهكم وإله موسى فنسيَ } موسى ربه هنا وذهب يطلبه قال تعالى .
الآية رقم ( 89 )
{أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا }
( أفلا يرون أ ) أن مخففة من الثقيلة واسمها محذوف أي أنه ( لا يرجع ) العجل ( إليهم قولاً ) أي لا يرد لهم جواباً ( ولا يملك لهم ضراً ) أي دفعه ( ولا نفعاً ) أي جلبه أي فكيف يتخذ إلهاً ؟
الآية رقم ( 90 )
{ولقد قال لهم هارون من قبل يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري }
{ ولقد قال لهم هارون من قبل } أي قبل أن يرجع موسى { يا قوم إنما فُتنْتم به وإنَّ ربكم الرحمن فاتَّبعوني } في عبادته { وأطيعوا أمري } فيها .
الآية رقم ( 91 )
{قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى }
{ قالوا لن نبرح } نزال { عليه عاكفين } على عبادته مقيمين { حتى يرجع إلينا موسى } .
الآية رقم ( 92 )
{قال يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا }
{ قال } موسى بعد رجوعه { يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا } بعبادته .
الآية رقم ( 93 )
{ألا تتبعن أفعصيت أمري }
{ أ } ن { لا تتبعن } لا زائدة { أفعصيت أمري } بإقامتك بين من يعبد غير الله تعالى .
الآية رقم ( 94 )
{قال يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي }
{ قال } هارون { يا ابن أمِّ } بكسر الميم وفتحها أراد أمي وذكرها أعطف لقلبه { لا تأخذ بلحيتي } وكان أخذها بشماله { ولا برأسي } وكان أخذ شعره بيمينه غضباً { إني خشيت } لو اتبعك ولا بد أن يتعبني جمع ممن لم يعبدوا العجل { أن تقول فرقت بين بني إسرائيل } وتغضب عليَّ { ولم ترقب } تنتظر { قولي } فيما رأيته في ذلك .
الآية رقم ( 95 )
{قال فما خطبك يا سامري }
{ قال فما خطبك } شأنك الداعي إلى ما صنعت { يا سامري } .
الآية رقم ( 96 )
{قال بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي }
{ قال بصرت بما لم يبصروا به } بالياء والتاء أي علمت ما لم يعلموه { فقبضت قبضة من } تراب { أثر } حافر فرس { الرسول } جبريل { فنبذتها } القيتها في صورة العجل المصاغ { وكذلك سولت } زينت { لي نفسي } والقي فيها أن أخذ قبضة من تراب ما ذكر، والقيها على ما لا روح، به يعير روح ورأيت قومك طلبوا منك أن تجعل لهم إلهاً فحدثني نفسي أن يكون ذلك العجل الههم .
الآية رقم ( 97 )
{قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس وإن لك موعدا لن تخلفه وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا }
{ قال } له موسى { فاذهب } من بيننا { فإن لك في الحياة } أي مدة حياتك { أن تقول } لمن رأيته { لا مساس } أي لا تقربني فكان بهم في البرية وإذا مس أحداً أو مسه أحد حُمَّا جميعاً { وإن لك موعداً } لعذابك { لن تخلفه } بكسر اللام: أي لن تغيب عنه، وبفتحها أي بل تبعث إليه { وانظر إلى إلهك الذي ظلْت } أصله ظللت بلامين أولاهما مكسورة حذفت تخفيفاً أي دمت { عليه عاكفاً } أي مقيماً تعبده { لنحرقنه } بالنار { ثم لننسفنه في اليمّ نسفاً } نذرينه في هواء البحر، وفعل موسى بعد ذبحه ما ذكره .
الآية رقم ( 98 )
{إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو وسع كل شيء علما }
{ إنما إلهكم الله الذي لا اله إلا هو وسع كل شيء علماً } تمييز محول عن الفاعل وسع علمه كل شيء .
الآية رقم ( 99 )
{كذلك نقص عليك من أنباء ما قد سبق وقد آتيناك من لدنا ذكرا }
{ كذلك } أي كما قصصنا عليك يا محمد هذه القصة { نقص عليك من أنباء } أخبار { ما قد سبق } من الأمم { وقد آتيناك } أعطيناك { من لدنا } من عندنا { ذكراً } قرآناً .
الآية رقم ( 100 )
{من أعرض عنه فإنه يحمل يوم القيامة وزرا }
{ من أعرض عنه } فلم يؤمن به { فأنه يحمل يوم القيامة وزراً } حملا ثقيلا من الإثم .
الآية رقم ( 101 )
{خالدين فيه وساء لهم يوم القيامة حملا }
{ خالدين فيه } أي في عذاب الوزر { وساء لهم يوم القيامة حملا } تمييز مفسر للضمير في ساء والمخصوص بالذم محذوف تقديره وزرهم، واللام للبيان ويبدل من يوم القيامة .
الآية رقم ( 102 )
{يوم ينفخ في الصور ونحشر المجرمين يومئذ زرقا }
{ يوم ننفخ في الصور } القرن النفخة الثانية { ونحشر المجرمين } الكافرين { يومئذ رزقاً } عيونهم مع سواد وجوههم .
الآية رقم ( 103 )
{يتخافتون بينهم إن لبثتم إلا عشرا }
{ يتخافتون بينهم } يتسارون { إن } ما { لبثتم } في الدنيا { إلا عشراً } من الليالي بأيامها .
الآية رقم ( 104 )
{نحن أعلم بما يقولون إذ يقول أمثلهم طريقة إن لبثتم إلا يوما }
{ نحن أعلم بما يقولون } في ذلك: أي ليس كما قالوا { إذ يقول أمثلهم } أعدلهم { طريقة } فيه { إن لبثتم إلا يوماً } يستقلون لبثهم في الدنيا جداً بما يعاينونه في الآخرة من أهوالها .
الآية رقم ( 105 )
{ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا }
{ ويسألونك عن الجبال } كيف تكون يوم القيامة { فقل } لهم { ينسفها ربي نسفاً } بأن يفتتها كالرمل السائل ثم يطيرها بالرياح .
الآية رقم ( 106 )
{فيذرها قاعا صفصفا }
{ فيذرها قاعاً } منبسطاً { صفصفاً } مستوياً .
الآية رقم ( 107 )
{لا ترى فيها عوجا ولا أمتا }
{ لا ترى فيها عوجاً } انخفاضاً { ولا أمْتاً } ارتفاعاً .
الآية رقم ( 108 )
{يومئذ يتبعون الداعي لا عوج له وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا }
{ يومئذ } أي يوم إذ نسفت الجبال { يتبعون } أي الناس بعد القيام من القبور { الداعي } إلى المحشر بصوته وهو إسرافيل يقول: هلموا إلى عرض الرحمن { لا عوج له } أي لاتباععهم: أي لا يقدرون أن لا يتعبوا { وخشعت } سكنت { الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همساً } صوت وطء الأقدام في نقلها إلى المحشر كصوت أخاف الإبل في مشيها .
الآية رقم ( 109 )
{يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا }
{ يومئذ لا تنفع الشفاعة } أحداً { إلا من أذن له الرحمن } أن يشفع له { ورضي له قولا } بأن يقول: لا إله إلا الله .
الآية رقم ( 110 )
{يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علما }
{ يعلم ما بين أيديهم } من أمور الآخرة { وما خلفهم } من أمور الدنيا { ولا يحيطون به علماً } لا يعلمون ذلك .
الآية رقم ( 111 )
{وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلما }
{ وعنت الوجوه } خضعت { للحي القيوم } أي الله { وقد خاب } خسر { من حَمَلَ ظلماً } أي شركاً .
الآية رقم ( 112 )
{ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما ولا هضما }
{ ومن يعمل من الصالحات } الطاعات { وهو مؤمن فلا يخاف ظلماً } بزيادة في سيئاته { ولا هضماً } بنقص من حسناته .
الآية رقم ( 113 )
{وكذلك أنزلناه قرآنا عربيا وصرفنا فيه من الوعيد لعلهم يتقون أو يحدث لهم ذكرا }
{ وكذلك } معطوف على كذلك نقص: أي مثل إنزال ما ذكر { أنزلناه } أي القرآن { قرآناً عربياً وصرفنا } كررنا { فيه من الوعيد لعلهم يتقون } الشرك { أو يُحدث } لقرآنُ { لهم ذكراً } بهلاك من تقدمهم من الأمم فيعتبرون .
الآية رقم ( 114 )
{فتعالى الله الملك الحق ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل رب زدني علما }
{ فتعالى الله الملك الحق } عما يقول المشركون { ولا تعجل بالقرآن } أي بقراءته { من قبل أن يُقضىَ إليك وحيه } أي يفرغ جبريل من إبلاغه { وقل ربَّ زدني علماً } أي بالقرآن فكلما أنزل عليه منه زاد به علمه .
الآية رقم ( 115 )
{ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما }
{ ولقد عهدنا إلى آدم } وصيناه أن لا يأكل من الشجرة { من قبل } أي قبل أكله منها { فنسي } ترك عهدنا { ولم نجد له عزماً } حزماً وصبراً عما نهيناه عنه .
الآية رقم ( 116 )
{وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى }
( و ) اذكر ( إذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس ) وهو أبو الجن كان يصحب الملائكة ويعبد الله معهم ( أبى ) عن السجود لآدم " قال أنا خير منه " .
الآية رقم ( 117 )
{فقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى }
{ فقلنا يا آدم إنَّ هذا عدو لك ولزوجك } حواء بالمد { فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى } تتعب بالحرث والزرع والحصد والطحن والخبز وغير ذلك واقتصر على شقائه لأن الرجل يسعى على زوجته .
الآية رقم ( 118 )
{إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى }
{ إن لك أ } { لا تجوع فيها ولا تعرى } .
الآية رقم ( 119 )
{وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى }
{ وأنك } بفتح الهمزة وكسرها عطف على اسم إن وجملتها { لا تظمأ فيها } تعطش { ولا تضحى } لا يحصل لك حر شمس الضحى لانتفاء الشمس في الجنة .
الآية رقم ( 120 )
{فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى }
{ فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد } أي التي يخلد من يأكل منها { ومُلْكِ لا يبلى } لا يفنى وهو لازم الخلد .
الآية رقم ( 121 )
{فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وعصى آدم ربه فغوى }
{ فأكلا } أي آدم وحواء { منها فبدت لهما سوآتهما } أي ظهر لكل منهما قبُله وقبُل الآخر ودُبره وسمي كل منهما سوأة لأن انكشافه يسوء صاحبه { وطفقا يخصفان } أخذا يلزقان { عليهما من ورق الجنة } ليستترا به { وعصى آدم ربه فغوى } بالأكل من الشجرة .
الآية رقم ( 122 )
{ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى }
{ ثم اجتباه ربه } قربه { فتاب عليه } قبل توبته { وهدى } أي هداه إلى المداومة على التوبة .
الآية رقم ( 123 )
{قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى }
{ قال اهبطا } أي آدم وحواء بما اشمتلنا عليه من ذريتكما { منها } من الجنة { جميعاً بعضكم } بعض الذرية { لبعض عدو } من ظلم بعضهم بعضاً { فإما } فيه إدغام نون إن الشرطية في ما المزيدة { يأتينكم مني هدى فمن اتبع هدايَ } القرآن { فلا يضل } في الدنيا { ولا يشقى } في الآخرة .
الآية رقم ( 124 )
{ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى }
{ ومن أعرض عن ذكري } القرآن فلم يؤمن به { فإن له معيشة ضنكاً } بالتنوين مصدر بمعنى ضيقة، وفسرت في حديث بعذاب الكافر في قبره { ونحشره } أي المعرض عن القرآن { يوم القيامة أعمى } أعمى البصر .
الآية رقم ( 125 )
{قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا }
{ قال ربِّ لمَ حشرتني أعمى وقد كنت بصيراً } في الدنيا وعند البعث .
الآية رقم ( 126 )
{قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى }
{ قال } الأمر { كذلك أتتك آياتنا فنسيتها } تركتها ولم تؤمن بها { وكذلك } مثل نسيانك آياتنا { اليوم تنسي } تترك في النار .
الآية رقم ( 127 )
{وكذلك نجزي من أسرف ولم يؤمن بآيات ربه ولعذاب الآخرة أشد وأبقى }
{ وكذلك } ومثل جزائنا من أعرض عن القرآن { نجزي من أسرف } أشرك { ولم يؤمن بآيات ربه ولعذاب الآخرة أشد } من عذاب الدنيا وعذاب القبر { وأبقى } أدوم .
الآية رقم ( 128 )
{أفلم يهد لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات لأولي النهى }
{ أفلم يهد } يتبين { لهم } لكفار مكة { كم } خبرية مفعول { أهلكنا } أي كثيراُ إهلاكنا { قبلهم من القرون } أي الأمم الماضية بتكذيب الرسل { يمشون } حال من ضمير لهم { في مساكنهم } في سفرهم إلى الشام وغيرها فيعتبروا، وما ذكر من أخذ إهلاك من فعله الخالي عن حرف مصدري لرعاية المعنى لا مانع منه { إنَّ في ذلك لآيات } لعبراً { لأولي النهى } لذوي العقول.
الآية رقم ( 129 )
{ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى }
{ ولولا كلمة سبقت من ربك } بتأخير العذاب عنهم إلى الآخرة { لكان } الإهلاك { لزِاماً } لازماً لهم في الدنيا { وأجل مسمى } مضروب لهم معطوف على الضمير المستتر في كان وقام الفصل بخيرها مكان التأكيد .
الآية رقم ( 130 )
{فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى }
{ فاصبر على ما يقلون } منسوخ بآية القتال { وسبَّح } صلّ { بحمد ربك } حال: أي ملتبساً به { قبل طلوع الشمس } صلاة الصبح { وقبل غروبها } صلاة العصر { ومن آناء الليل } ساعاته { فسبح } صل المغرب والعشاء { وأطراف النهار } عطف على محل من آناه المنصوب: أي صل الظهر لأن وقتها يدخل بزوال الشمس، فهو طرف النصف الأول وطرف النصف الثاني { لعلك ترضى } بما تعطى من الثواب .
الآية رقم ( 131 )
{ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى }
{ ولا تمدنَّ عينيك إلى ما متَّعنا به أزواجاً } أصنافا { منهم زهرة الحياة الدنيا } زينتها وبهجتها { لنفتنهم فيه } بأن يطغوا { ورزق ربك } في الجنة { خير } مما أوتوه في الدنيا { وأبقى } أدوم .
الآية رقم ( 132 )
{وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى }
{ وأمُر أهلك بالصلاة واصطبر } اصبر { عليها لا نسألك } نكلفك { رزقاً } لنفسك ولا لغيرك { نحن نرزقك والعاقبة } الجنة { للتقوى } لأهلها .
الآية رقم ( 133 )
{وقالوا لولا يأتينا بآية من ربه أو لم تأتهم بينة ما في الصحف الأولى }
{ وقالوا } المشركون { لولا } هلا { يأتينا } محمد { بآية من ربه } مما يقترحونه { أو لم تأتيهم } بالتاء والياء { بينة } بيان { ما في الصحف الأولى } المشتمل عليه القرآن من أنباء الأمم الماضية وإهلاكهم بتكذيب الرسل .
الآية رقم ( 134 )
{ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى }
{ ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله } قبل محمد الرسول { لقالوا } يوم القيامة { ربنا لولا } هلا { أرسلت إلينا رسولاً فنتبع آياتك } المرسل بها { من قبل أن نذل } في القيامة { ونخزى } في جهنم .
الآية رقم ( 135 )
{قل كل متربص فتربصوا فستعلمون من أصحاب الصراط السوي ومن اهتدى }
{ قل } لهم { كلٌ } منا ومنكم { متربص } منتظر ما يؤول إليه الأمر { فتربصوا فستعلمون } في القيامة { مَن أصحاب الصراط } الطريق { السويّ } المستقيم { ومن اهتدى } من الضلالة أنحن أم أنتم .