*2* 8 -
كتاب صلاة العيدين
1 - (884) وحدثني محمد بن رافع وعبد بن حميد. جميعا عن عبدالرزاق. قال ابن رافع: حدثنا عبدالرزاق. أخبرنا ابن جريج. أخبرني الحسن بن مسلم عن طاوس، عن ابن عباس. قال:
شهدت صلاة الفطر مع نبي الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان. فكلهم يصليها قبل الخطبة. ثم يخطب. قال فنزل نبي الله صلى الله عليه وسلم كأني أنظر إليه حين يجلس الرجال بيده. ثم أقبل يشقهم. حتى جاء النساء ومعه بلال. فقال: {يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا} [60/ الممتحنة/ الآية 12] فتلا هذه الآية حتى فرغ منها. ثم قال، حين فرغ منها: "أنتن على ذلك ؟" فقالت امرأة واحدة، لم يجبه غيرها منهن: نعم. يا نبي الله ! لا يدري حينئذ من هي. قال: "فتصدقن" فبسط بلال ثوبه. ثم قال: هلم ! فدى لكن أبي وأمي ! فجعلن يلقين الفتخ والخواتم في ثوب بلال.
[ش (يجلس) أي يأمرهم بالجلوس. (لا يدري حينئذ من هي) هكذا وقع في جميع نسخ مسلم حينئذ. وكذا نقله القاضي عن جميع النسخ قال هو وغيره: هو تصحيف وصوابه: لا يدري حسن من هي. وهو حسن بن مسلم روايه عن طاوس عن ابن عباس. (الفتخ) واحدها فتخة، كقصبة وقصب. واختلف في تفسيرها. ففي صحيح البخاري عن عبدالرزاق قال: هي الخواتيم العظام. وقال الأصمعي: هي خواتيم لا فصوص لها. وتجمع أيضا على فتخات وأفتاخ. (والخواتم) جمع خاتم. وفيه أربع لغات: فتح التاء، وكسرها، وخاتام، وخيتام].
2 - (884) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وابن أبي عمر. قال أبو بكر: حدثنا سفيان بن عيينة. حدثنا أيوب. قال: سمعت عطاء. قال: سمعت ابن عباس يقول:
أشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلى قبل الخطبة. قال ثم خطب. فرأى أنه لم يسمع النساء. فذكرهن. ووعظهن. وأمرهن بالصدقة. وبلال قائل بثوبه. فجعلت المرأة تلقي الخاتم والخرص والشيء.
[ش (وبلال قائل بثوبه) أي مسير به إلى الطلب. أو فاتحا ثوبه للأخذ فيه. (والخرص) حلقة الذهب والفضة. أو حلقة القرط. أو الحلقة الصغيرة من الحلي].
(884) وحدثنيه أبو الربيع الزهراني. حدثنا حماد. ح وحدثني يعقوب الدورقي. حدثنا إسماعيل بن إبراهيم. كلاهما عن أيوب، بهذا الإسناد، نحوه.
3 - (885) وحدثنا إسحاق بن إبراهيم ومحمد بن رافع: قال ابن رافع: حدثنا عبدالرزاق. أخبرنا ابن جريج. أخبرني عطاء عن جابر بن عبدالله. قال: سمعته يقول:
إن النبي صلى الله عليه وسلم قام يوم الفطر، فصلى. فبدأ بالصلاة قبل الخطبة. ثم خطب الناس. فلما فرغ نبي الله صلى الله عليه وسلم نزل. وأتى النساء. فذكرهن. وهو يتوكأ على يد بلال. وبلال باسط ثوبه. يلقين النساء صدقة.
قلت لعطاء: زكاة يوم الفطر ؟ قال: لا. ولكن صدقة يتصدقن بها حينئذ. تلقي المرأة فتخها. ويلقين ويلقين.
قلت لعطاء: أحقا على الإمام الآن أن يأتي النساء حين يفرغ فيذكرهن ؟ قال: إي. لعمر ! إن ذلك لحق علهم. وما لهم لا يفعلون ذلك ؟
[ش (يلقين النساء صدقة) هكذا في النسخ: يلقين. وهو جائز. (ويلقين ويلقين) هكذا هو في النسخ. مكرر. وهو صحيح. ومعناه: ويلقين كذا ويلقين كذا. (أحقا) معناه: أترى حقا ؟].
4 - (885) وحدثنا محمد بن عبدالله بن نمير. حدثنا أبي. حدثنا عبدالملك بن أبي سليمان عن عطاء، عن جابر بن عبدالله. قال:
شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة يوم العيد. فبدأ بالصلاة قبل الخطبة. بغير أذان ولا إقامة. ثم قام متوكأ على بلال. فأمر بتقوى الله. وحث على طاعته. ووعظ الناس. وذكرهم. ثم مضى. حتى أتى النساء. فوعظهن وذكرهن. فقال "تصدقن. فإن أكثركن حطب جهنم" فقامت امرأة من سطة النساء سفعاء الخدين. فقالت: لم ؟ يا رسول الله ! قال "لأنكن تكثرن الشكاة. وتكفرن العشير" قال: فجعلن يتصدقن من حليهن. يلقين في ثوب بلال من أقرطتهن وخواتمهن.
[ش (الشكاة) أي الشكوى. (وتكفرن العشير) قال أهل اللغة: العشير المعاشر والمخالط. وحمله الأكثرون، هنا، على الزوج. وقال آخرون: هو كل مخالط. قال الخليل: يقال: هو العشير، والشعير، على القلب. ومعنى الحديث أنهن يجحدن الإحسان لضعف عقولهن وقلة معرفتهن. (أقرطتهن) هو جمع قرط. قال ابن دريد: ما علق من شحمة الأذن فهو قرط. سواء كان من الذهب أو خرز. وأما الخرص فهو الحلقة الصغيرة من الحلي. قال القاضي: قيل: الصواب قرطتهن. بحذف الألف. وهو المعروف في جمع قرط. كخرج وخرجة. ويقال في جمع قراط. كرمح ورماح. قال القاضي: لا يبعد صحة أقرطة. ويكون جمع جمع. أي جمع قراط. لاسيما وقد صح في الحديث].
5 - (886) وحدثني محمد بن رافع. حدثنا عبدالرزاق. أخبرنا ابن جريج. أخبرني عطاء عن ابن عباس. وعن جابر بن عبدالله الأنصاري. قالا:
لم يكن يؤذن يوم الفطر ولا يوم الأضحى. ثم سألته بعد حين عن ذلك ؟ فأخبرني. قال: أخبرني جابر بن عبدالله الأنصاري ؛ أن لا أذان للصلاة يوم الفطر. حين يخرج الإمام ولا بعد ما يخرج. ولا إقامة. ولا نداء. ولا شيء. لا نداء يومئذ ولا إقامة.
6 - (886) وحدثني محمد بن رافع. حدثنا عبدالرزاق. أخبرنا ابن جريج. أخبرني عطاء ؛
أن ابن عباس أرسل إلى ابن الزبير أول ما بويع له ؛ أنه لم يكن يؤذن للصلاة يوم الفطر. فلا تؤذن لها. قال فلم يؤذن لها ابن الزبير يومه. وأرسل إليه مع ذلك: إنما الخطبة بعد الصلاة. وإن ذلك قد كان يفعل. قال: فصلى ابن الزبير قبل الخطبة.
7 - (887) وحدثنا يحيى بن يحيى وحسن بن الربيع وقتيبة بن سعيد وأبو بكر بن أبي شيبة (قال يحيى: أخبرنا. وقال الآخرون: حدثنا أبا الأحص) عن سماك، عن جابر بن سمرة ؛ قال:
صليت مع رسول الله صلى الله عليه سلم العيدين. غير مرة ولا مرتين. بغير أذان ولا إقامة.
8 - (888) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا عبدة بن سليمان وأبو أسامة عن عبيدالله، عن نافع، عن ابن عمر ؛
أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر، كانوا يصلون العيدين قبل الخطبة.
9 - (889) حدثنا يحيى بن أيوب وقتيبة وابن حجر. قالوا: حدثنا إسماعيل بن جعفر عن داود بن قيس، عن عياض بن عبدالله بن سعد، عن أبي سعيد الخدري ؛
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج يوم الأضحى ويوم الفطر. فيبدأ بالصلاة. فإذا صلى صلاته وسلم، قام فأقبل على الناس، وهم جلوس في مصلاهم. فإن كان له حاجة ببعث، ذكره للناس. أو كانت له حاجة بغير ذلك، أمرهم بها. وكان يقول "تصدقوا تصدقوا تصدقوا "وكان أكثر من يتصدق النساء. ثم ينصرف. فلم يزل كذلك حتى كان مروان بن الحكم. فخرجت مخاصرا مروان.
حتى أتينا المصلى. فإذا كثير بن الصلت قد بنى منبرا من طين ولبن. فإذا مروان ينازعني يده. كأنه يجرني نحو المنبر. وأنا أجره نحو الصلاة. فلما رأيت ذلك منه قلت: أين الإبتداء بالصلاة ؟ فقال: لا. يا أبا سعيد ! قد ترك ما تعلم. قلت: كلا. والذي نفسي بيده ! لا تأتون بخير مما أعلم (ثلاث مرار ثم انصرف).
[ش (مخاصرا مروان) قال الإمام النووي: أي مماشيا له يده في يدي. هكذا فسروه. (أين الإبتداء بالصلاة) هكذا ضبطناه على الأكثر وفي بعض الأصول: ألا نبدأ ؟. بألا التي هي للاستفتاح. وكلاهما صحيح. والأول أجود في هذا الموطن لأنه ساقه للإنكار عليه].
*3* (1)
باب ذكر إباحة خروج النساء في العيدين إلى المصلى وشهود الخطبة، مفارقات للرجال.
10 - (890) حدثني أبو الربيع الزهراني. حدثنا حماد. حدثنا أيوب عن محمد، عن أم عطية. قالت:
أمرنا (تعني النبي صلى الله عليه وسلم) أن نخرج، في العيدين، العواتق وذوات الخدور. وأمر الحيض أن يعتزلن مصلى المسلمين.
[ش (العواتق) قال أهل اللغة: العواتق جمع عاتق. وهي الجاريه البالغة. وقال ابن دريد: هي التي قاربت البلوغ. وقال ابن السكيت: هي ما بين أن تبلغ إلى أن تعنس، والتعنيس طول المقام في بيت أبيها بلا زوج حتى تطعن في السن.)
[ش (الخدور) الخدور البيوت. وقيل: الخدر ستر يكون في ناحية البيت). (الحيض) جمع حائض. مثل راكع وركع].
11 - (883) حدثنا يحيى بن يحيى. أخبرنا أبو خيثمة عن عاصم الأحول، عن حفصة بنت سيرين، عن أم عطية. قالت:
كنا نؤمر بالخروج في العيدين. والمخبأة والبكر. قالت: الحيض يخرجن فيكن خلف الناس. يكبرن مع الناس.
12 - (883) وحدثنا عمرو الناقد. حدثنا عيسى بن يونس. حدثنا هشام عن حفصة بنت سيرين، عن أم عطية. قالت: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن نخرجهن في الفطر والأضحى. العواتق والحيض وذوات الخدور. فأما الحيض فيعتزلن الصلاة ويشهدن الخير ودعوة المسلمين. قلت: يا رسول الله ! إحدانا لا يكون لها جلباب. قال: "لتلبسها أختها من جلبابها".
[ش (ويشهدن الخير ودعوة المسلمين) أي يحضرن مجالس الخير كسماع العلم. ويحضرن دعوة المسلمين، أي دعاءهم كاستسقائهم. (جلباب) قال النضر بن شميل: هو ثوب أقصر وأعرض من الخمار. وهي المقنعة. تغطي به المرأة رأسها. وقيل: هو ثوب واسع دون الرداء تغطي به صدرها وظهرها. وقيل: هو الإزار. وقيل: الخمار. (لتلبسها أختها من جلبابها) قال النووي: الصحيح أن معناه لتلبسها جلبابا لا تحتاج إليه. عارية].
*3* (2)
باب ترك الصلاة، قبل العيد وبعدها، في المصلى.
13 - (884) وحدثنا عبيدالله بن معاذ العنبري. حدثنا أبي. حدثنا شعبة عن عدي، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس ؛
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يوم أضحى أو فطر. فصلى ركعتين. لم يصل قبلهما ولا بعدهما. ثم أتى النساء ومعه بلال. فأمرهن بالصدقة. فجعلت المرأة تلقي خرصها وتلقي سخابها.
[ش (سخابها)هو قلادة من طيب معجون على هيئة الخرز، يكون من مسك أو قرنفل أو غيرهما من الطيب.ليس فيه شيء من الجوهر وجمعه سخب. ككتاب وكتب].
(884) وحدثنيه عمرو الناقد. حدثنا ابن إدريس. ح وحدثني أبو بكر بن نافع ومحمد بن بشار. جميعا عن غندر. كلاهما عن شعبة، بهذا الإسناد، نحوه.
*3* (3)
باب ما يقرأ به في صلاة العيدين.
14 - (891) حدثنا يحيى بن يحيى. قال: قرأت على مالك عن ضمرة بن سعيد المازني، عن عبيدالله بن عبدالله ؛
أن عمر بن الخطاب سأل أبا واقد الليثي: ما كان يقرأبه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأضحى والفطر ؟ فقال: كان يقرأ فيهما بق، والقرآن المجيد، واقتربت الساعة وانشق القمر.
[ش (عن عبيدالله أن عمر بن الخطاب) هكذا هو في جميع النسخ. فالرواية الأولى مرسلة لأن عبيدالله لم يدرك عمر. ولكن الحديث صحيح بلا شك، متصل من الرواية الثانية. فإنه أدرك أبا واقد بلا شك وسمعه بلا خلاف. فلا عتب على مسلم حينئذ في روايته، فإنه صحيح متصل].
15 - (891) وحدثنا إسحاق بن إبراهيم. أخبرنا أبو عامر العقدي. حدثنا فليح عن ضمرة بن سعيد، عن عبيدالله بن عبدالله بن عتبة، عن أبي واقد الليثي ؛ قال:
سألني عمر بن الخطاب: عما قرأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم العيد ؟ فقلت: باقتربت الساعة، وق والقرآن المجيد.
*3* (4)
باب الرخصة في اللعب، الذي لامعصية فيه، في أيام العيد.
16 - (892) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا أبو أسامة عن هشام، عن أبيه، عن عائشة ؛ قالت:
دخل علي أبو بكر وعندي جاريتان من جواري الأنصار. تغنيان بما تقاولت به الأنصار، يوم بعاث. قالت: وليستا بمغنيتين. فقال أبو بكر: أبمزمور الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ وذلك في يوم عيد. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أبا بكر ! إن لكل قوم عيدا. وهذا عيدنا".
[ش (جاريتان) الجارية هي فتية النساء. أي شابتهن. سميت بها لخفتها. ثم توسعوا حتى سمعوا كل أمة جارية، وإن كانت غير شابة والمراد هنا معناها الأصلي. (تقاولت به الأنصار يوم بعاث) وتقاولت معناها بما خاطب بعضهم بعضا في الحرب من الأشعار. وبعاث اسم حصن للأوس، يصرف ولا يصرف، وترك صرفه هو الأشهر. ويوم بعاث يوم جرت فيه بين قبيلتي الأنصار: الأوس والخزرج في الجاهلية، حرب. وكان الظهور فيه للأوس. ويطلق اليوم ويراد به الوقعة. (وليستا بمغنيتين) معناه ليس الغناء عادة لهما. ولا هما معروفتان به. قال القاضي: إنما كان غناؤهما بما هو من أشعار الحرب والمفاخرة بالشجاعة والظهور والغلبة. وهذا لا يهيج الجواري على شر. ولا إنشادهما لذلك، من الغناء المختلف فيه. وإنما هو رفع الصوت بالإنشاد. ولهذا قالت: وليستا بمغنيتين. أي ليستا ممن يغني بعادة المغنيات. من التشويق والهوى، والتعريض بالفواحش، والتشبيب بأهل الجمال، وما يحرك النفوس ويبعث الهوى والغزل. كما قيل: الغنا رقية الزنا. وليستا أيضا ممن اشتهر وعرف بإحسان الغناء الذي فيه تمطيط وتكسير وعمل يحرك الساكن ويبعث الكامن. ولا ممن اتخذ ذلك صنعة وكسبا. والعرب تسمي الإنشاد غناء. وليس هو من الغناء المختلف فيه. بل هو مباح. وقد استجازت الصحابة غناء العرب الذي هو مجرد الإنشاد والترنم. وأجازوا الحداء. وفعلوه بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم. وفي هذا كله إباحة مثل هذا وما في معناه. وهذا ومثله ليس بحرام. ولا يجرح الشاهد. (أبمزموره الشيطان) هو بضم الميم الأولى وفتحها. والضم أشهر. ولم يذكر القاضي غيره. ويقال أيضا: مزمار. وأصله صوت بصفير. والزمير الصوت الحسن، ويطلق على الغناء أيضا].
(892) وحدثناه يحيى بن يحيى وأبو كريب. جميعا عن أبي معاوية عن هشام، بهذا الإسناد. وفيه: جاريتان تلعبان بدف.
[ش (بدف) هو بضم الدال وفتحها. والضم أفصح وأشهر. قال في المنجد: الدف آلة طرب. وجمعه دفوف].
17 - (892) حدثني هارون بن سعيد الأيلي. حدثنا ابن وهب. أخبرني عمرو ؛ أن ابن شهاب حدثه عن عروة، عن عائشة ؛
أن أبا بكر دخل عليها. وعندها جاريتان من أيام منى. تغنيان وتضربان. ورسول الله صلى الله عليه وسلم مسجى بثوبه. فانتهرهما أبو بكر. فكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه. وقال: "دعهما يا أبا بكر ! فإنها أيام عيد". وقالت: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسم يسترني بردائه وأنا أنظر إلى الحبشة، وهم يلعبون. وأنا جارية. فاقدروا قدر الجارية العربة الحديثة السن.
[ش (في أيام منى) هي أيام عيد الأضحى. أضيف إلى المكان بحسب الزمان. قال النووى: يعني الثلاثة بعد اليوم النحر، وهي أيام التشريق. (مسجى بثوبه) أي مغطى به. (فاقدروا قدر الجارية العربة الحديثة السن) قال النووى: معناه أنها تحب اللهو والتفرج والنظر إلى اللعب حبا بليغا. وتحرص على إدامته ما أمكنها. ولا تمل ذلك إلا بعد زمن طويل. وقولها: فاقدروا. هو بضم الدال وكسرها. لغتان حكاهما الجوهري وغيره. وهو من التقدير. أي قدروا رغبتها في ذلك إلى أن تنتهي. أي قيسوا قياس أمرها في حداثتها وحرصها على اللهو. ومع ذلك كانت هي التي تمل وتنصرف عن النظر إليه. والنبي صلى الله عليه وسلم لا يمسه شيء من الضجر والإعياء رفقا بها. وقولها: العربة، معناها المشتهية للعب، المحبة له].
18 - (892) وحدثني أبو الطاهر. أخبرنا ابن وهب. أخبرني يونس عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير. قال: قالت عائشة:
والله ! لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم على باب حجرتي. والحبشة يلعبون بحرابهم. في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم. يسترني بردائه. لكى أنظر إلى لعبهم. ثم يقوم من أجلى. حتى أكون أنا التي أنصرف. فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن، حريصة على اللهو.
19 - (892) حدثني هارون بن سعيد الأيلي ويونس بن عبدالأعلى (واللفظ لهارون) قالا: حدثنا ابن وهب. أخبرنا عمرو ؛ أن محمد بن عبدالرحمن حدثه عن عروة، عن عائشة. قالت:
دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندى جاريتان تغنيان بغناء بعاث. فاضطجع على الفراش. وحول وجهه. فدخل أبو بكر فانتهرني. وقال: مزمار الشيطان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: "دعهما" فلما غفل غمزتهما فخرجتا. وكان يوم عيد يلعب السودان بالدرق والحراب. فإما سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم. وإما قال "تشتهين تنظرين ؟" فقلت: نعم. فأقامني وراءه. خدى على خده. وهو يقول: "دونكم يا بني أرفدة" حتى إذا مللت قال: "حسبك ؟" قلت: نعم. قال: "فاذهبي".
[ش (بغناء بعاث) أي بغناء أشعار قيلت في تلك الحرب. (فلما غفل) تعني أباها. (وكان يوم عيد) أي وكان اليوم يوم عيد (بالدرق) جمع درقة. الترس من جلود، ليس فيه خشب ولا عقب. (دونكم يا بني أرفدة) هو بفتح الهمزة وإسكان الراء. ويقال بفتح الفاء وكسرها. وجهان حكاهما القاضي عياض وغيره. الكسر أشهر. وهو لقب للحبشة. ولفظة دونكم من ألفاظ الإغراء. وحذف المغرى به. تقديره: عليكم بهذا اللعب الذي أنتم فيه. (حسبك) هو استفهام. بدليل قولها: قلت نعم. تقديره أحسبك ؟ أي هل يكفيك هذا القدر ؟].
20 - (892) حدثنا زهير بن حرب. حدثنا جرير عن هشام، عن أبيه، عن عائشة. قالت:
جاء حبش يزفنون في يوم عيد في المسجد. فدعاني النبي صلى الله عليه وسلم. فوضعت رأسي. على منكبه. فجعلت أنظر إلى لعبهم. حتى كنت أنا التي أنصرف عن النظر إليهم.
[ش (يزفنون) معناه يرقصون. وحمله العلماء على التوثب بسلاحهم ولعبهم بحرابهم على قريب من هيئة الرقص. لأن معظم الروايات إنما فيها لعبهم بحرابهم. فيتأول هذه اللفظة على موافقة سائر الروايات].
(892) وحدثنا يحيى بن يحيى. أخبرنا يحيى بن زكرياء بن أبي زائدة. ح وحدثنا ابن نمير. حدثنا محمد بن بشر. كلاهما عن هشام، بهذا الإسناد. ولم يذكرا: في المسجد.
(892) وحدثني إبراهيم بن دينار وعقبة بن مكرم العمي وعبد بن حميد. كلهم عن أبي عاصم (واللفظ لعقبة) قال: حدثنا أبو عاصم عن ابن جريج. قال: أخبرني عطاء. أخبرني عبيد بن عمير. أخبرتني عائشة ؛ أنها قالت،
للعابين: وددت أن أراهم. قالت: فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقمت على الباب أنظر بين أذنيه وعاتقه. وهم يلعبون في المسجد.
قال عطاء: فرس أو حبش. قال: وقال لي ابن عتق: بل حبش.
[ش (قال عطاء: فرس أو حبش ؟) هكذا هو في كل النسخ، ومعناه أن عطاء شك، هل قال: هم فرس أم حبش، بمعنى هل هم من الفرس أم من الحبش ؟ وأما ابن عتيق فجزم بأنهم حبش. وهو الصواب (وقال لي ابن عتيق) قال القاضي عياض. هكذا هو عند شيوخنا، وعند الباجي: وقال لي ابن عمير. قال: وفي نسخة أخرى. قال لي ابن أبي عتيق. قال صاحب المشارق والمطالع: الصحيح ابن عمير، وهو عبيد بن عمير، المذكور في السند والصواب].
22 - (893) وحدثني محمد بن رافع وعبد بن حميد (قال عبد: أخبرنا. وقال ابن رافع: حدثنا عبدالرزاق). أخبرنا معمر عن الزهري، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة. قال:
بينما الحبشة يلعبون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بحرابهم. إذ دخل عمر بن الخطاب. فأهوى إلى الحصباء يحصبهم بها. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دعهم. يا عمر!".
[ش (فأهوى إلى الحصباء يحصبهم بها) أهوى أي مد يده نحوها. وأمالها إليها ليأخذها. والحصباء هي الحصا الصغار. ويحصبهم أي يرميهم بها]