*2* 9-
كتاب صلاة الاستسقاء.
1- (894) حدثنا يحيى بن يحيى. قال: قرأت على مالك عن عبدالله بن أبي بكر ؛ أنه سمع عباد بن تميم يقول: سمعت عبدالله بن زيد المازني يقول:
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المصلى فاستسقى. وحول ردائه حين استقبل القبلة.
[ش (وحول ردائه) قال النووى: قال أصحابنا: لإن التحول شرع تفاؤلا بتغير الحال، من القحط إلى نزول الغيث والخصب، ومن ضيق الحال إلى سعته].
2 - (894) وحدثنا يحيى بن يحيى. أخبرنا سفيان بن عيينة عن عبدالله بن أبي بكر، عن عباد بن تميم، عن عمه. قال:
خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى المصلى. فاستسقى واستقبل القبلة. وقلب رداءه. وصلى ركعتين.
3 - (894) وحدثنا يحيى بن يحيى. أخبرنا سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد. قال: أخبرني أبو بكر بن محمد بن عمرو ؛ أن عباد ابن تميم أخبره ؛ أن عبدالله بن زيد الأنصاري أخبره ؛
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى المصلى يستسقي. وأنه لما أراد أن يدعو، استقبل القبلة، وحول رداءه.
4 - (894) وحدثني أو الطاهر وحرملة. قالا: أخبرنا ابن وهب. أخبرني يونس عن ابن شهاب. قال: أخبرني عباد بن تميم المازني؛ أنه سمع عمه، وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما يستسقي. فجعل إلى الناس ظهره. يدعو الله واستقبل القبلة. وحول رداءه. ثم صلى ركعتين.
[ش (عمه) المراد بعمه عبدالله بن زيد بن عاصم المازني، المتكرر في الروايات السابقة].
*3* (1)
باب رفع اليدين بالدعاء في الاستسقاء.
5 - (895) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا يحيى بن أبي بكير عن شعبة، عن ثابت، عن أنس. قال:
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع يديه في الدعاء. حتى يرى بياض إبطيه.
7 - (895) حدثنا محمد بن المثنى. حدثنا ابن أبي عدي وعبدالأعلى عن سعيد، عن قتادة، عن أنس ؛
أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان لا يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء. حتى يرى بياض إبطيه. غير أن عبدالأعلى قال: يرى بياض إبطه أو بياض إبطيه.
(895) حدثنا ابن المثنى. حدثنا يحيى بن سعد عن ابن أبي عروبة، عن قتادة ؛ أن أنس بن مالك حدثهم عن النبي صلى الله عليه وسلم، نحوه.
6 - (896) وحدثنا عبد بن حميد. حدثنا الحسن بن موسى. حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت، عن أنس بن مالك ؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم استسقى. فأشار بظهر كفيه إليه.
*3* (2)
باب الدعاء في الاستسقاء.
8 - (897) وحدثنا يحيى بن يحيى ويحيى بن أيوب وقتيبة وابن حجر (قال يحيى: أخبرنا. وقال الآخرون: حدثنا إسماعل بن جعفر) عن شريك بن أبي نمر، عن أنس بن مالك ؛
أن رجلا دخل المسجد يوم جمعة. من باب كان نحو دار القضاء. ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب. فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما. ثم قال: يا رسول الله ! هلكت الأموال وانقطعت السبل. فادع الله يغثنا. قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه. ثم قال: "اللهم ! أغثنا. اللهم ! أغثنا. اللهم ! أغثنا". قال أنس: ولا والله ! ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة. وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار. قال فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس. فلما توسطت السماء انتشرت. ثم أمطرت. قال: فلا والله ! ما رأينا الشمس سبتا. قال: ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة. ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب. فاستقبله قائما. فقال: يا رسول الله ! هلكت الأموال وانقطعت السبل. فادع الله يمسكها عنا. قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه. ثم قال: "اللهم ! حولنا ولا علينا. اللهم ! على الآكام والظراب، وبطون الأودية، ومنابت الشجر" فانقلعت. وخرجنا نمشى في الشمس. قال شريك: فسألت أنس بن مالك: أهو الرجل الأول ؟ قال: لا أدرى.
[ش (من باب كان نحو دار القضاء) أي في جهتها، وهي دار كانت لسيدنا عمر. سميت دار القضاء لكونها بيعت بعد وفاته في قضاء دينه. وقال القاضي عياض: سميت دار القضاء لأنها بيعت في قضاء دين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الذي كتبه على نفسه. وأوصى ابنه عبدالله أن يباع فيه ماله، فإن عجز ماله استعان ببني عدي، ثم بقريش، فباع ابنه داره هذه لمعاوية، وماله بالغابة وقضى دينه. (هلكت الأموال) المراد بالأموال، هنا المواشي. خصوصا الإبل. وهلاكها من قلة الأقوات، بسبب عدم المطر والنبات. (وانقطعت السبل) أي الطرق فلم تسلكها الإبل، إما لخوف الهلاك. أو الضعف بسبب قلة الكلأ أو عدمه. (فادع الله يغيثنا قوله صلى الله عليه وسلم: اللهم ! أغثنا) هكذا في جميع النسخ أغثنا، بالألف. ويغثنا، بضم الياء من أغاث يغيث، رباعي. والمشهور في كتب اللغة أنه إنما يقال في المطر: غاث الله الناس والأرض، يغيثهم بفتح الياء. أي أنزل المطر. قال القاضي عياض: قال بعضهم: هذا المذكور في الحديث من الإغاثة، بمعنى المعونة، وليس من طلب الغيث. إنما يقال في طلب الغيث: اللهم غثنا. قال القاضي: ويحتمل أن يكون من طلب الغيث. أي هب لنا غيثا. أو ارزقنا غيثا. كما يقال: سقاه الله وأسقاه، أي جعل له سقيا، على لغة من فرق بينهما. (ولا قزعة) هي القطعة من السحاب، وجماعتها قزع. كقصبة وقصب. قال أبو عبيد: وأكثر ما يكون ذلك في الخريف. (سلع) هو جبل بقرب المدينة. أي ليس بيننا وبينه من حائل منعنا من رؤية سبب المطر، فنحن مشاهدون له وللسماء. وقال الإمام النووى: ومراده بهذا، الإخبار عن معجزة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعظيم كرامته على ربه سبحانه وتعالى، بإنزال المطر سبعة أيام متوالة، متصلا، بسؤاله. من غير تقديم سحاب ولا قزع ولا سبب آخر، لا ظاهر ولا باطن. (مثل الترس) الترس هو ما يتقى به السف. ووجه الشبه الاستدارة والكثافة. لا القدر. (أمطرت) هكذا هو في النسخ. وكذا جاء في البخاري. أمطرت، بالألف، وهو صحيح. وهو دليل للمذهب المختار الذي عليه الأكثرون والمحققون من أهل اللغة. (سبتا) أي قطعة من الزمان. وأصل السبت القطع. (هلكت الأموال وانقطعت السبل) هلاك الأموال وانقطاع السبل هذه المرة، من كثرة الأمطار. لتعذر الرعى والسلوك (حولنا) وفي بعض النسخ: حوالينا. وهما صحيحان. (الآكام) قال في المصباح: الأكمة تل والجمع أكم وأكمات، مثل قصبة وقصب وقصبات. وجمع الأكم إكام مثل جبل وجبال وجمع الإكام أكم مثل كتاب وكتب. وجمع الأكم أكمام. مثل عنق وأعناق. وقال النووى: قال أهل اللغة: الإكام، بكسر الهمزة، جمع أكمة. ويقال في جمعها: آكام. ويقال: أكم وأكم. وهي دون الجبل وأعلى من الرابية. وقيل: دون الرابية. (والظراب) واحدها ظرب، وهي الروابي الصغار. (فانقلعت) ولفظ البخاري: فأقلعت. وهو لغة القرآن. أي فأمسكت السحابة الماطرة عن المدينة الطاهرة. وفي نسخة النووي: فانقطعت. قال: هكذا هو في بعض النسخ المعتمدة. وفي أكثرها: فانقلعت. وهما بمعنى].
9 - (898) وحدثنا داود بن رشيد. حدثنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعي. حدثني إسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك. قال:
أصابت الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس على المنبر يوم الجمعة. إذ قام أعرابي فقال: يا رسول الله ! هلك المال وجاع العيال. وساق الحديث بمعناه. وفيه قال: "اللهم ! حوالينا ولا علينا" قال: فما يشير بيده إلى ناحية إلا تفرجت. حتى رأيت المدينة في مثل الجوبة. وسال وادى قناة شهرا. ولم يجيء أحدا من ناحية إلا أخبر بجود.
[ش (والظراب) واحدها ظرب، وهي الروابي الصغار. (فانقلعت) ولفظ البخاري: فأقلعت. وهو لغة القرآن. أي فأمسكت السحابة الماطرة عن المدينة الطاهرة. وفي نسخة النووى: فانقطعت. قال: هكذا هو في بعض النسخ المعتمدة. وفي أكثرها: فانقلعت. وهما بمعنى. (أصابت الناس سنة) أي قحط. (اللهم حوالينا ولا علينا) أ أنزل المطر على الجهات المحيطة بنا، ولا تنزله علينا، قال الجوهري: يقال قعدوا حوله وحواله وحوليه وحواليه، بفتح اللام. ولا يقال: حواليه. بكسرها. (تفرجت) أي تقطع السحاب وزال عنها. (الجوبة) الجوبة هي الفجوة. ومعناه تقطع السحاب عن المدينة وصار مستدييرا حولها، وهي خالة منه. (وادي قناة) قناة اسم لواد من أودية المدينة. وعليه زروع لهم . فأضافه، هنا، إلى نفسه. (أخبر بجود) الجود هو المطر الشديد].
10 - (897) وحدثني عبدالأعلى بن حماد ومحمد بن أبي بكر المقدمي. قالا: حدثنا معتمر. حدثنا عبيدالله عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك. قال:
كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة. فقام إليه الناس فصاحوا. وقالوا: يا نبي الله ! قحط المطر، واحمر الشجر، وهلكت البهائم وساق الحديث. وفيه من رواية عبدالأعلى: فتقشعت عن المدينة. فجعلت تمطر حواليها. وما تمطر بالمدينة قطرة. فنظرت إلى المدينة وإنها لفي مثل الأكليل.
[ش (قحط المطر) أي أمسك. (واحمر الشجر) كناية عن يبس ورقها وظهور عودها. (تقشعت) أي انكشفت. وقال النووى: زالت (الإكليل) قال أهل اللغة: هي العصابة. وتطلق على كل محيط بالشيء. ويسمى التاج إكليلا لإحاطته بالرأس].
11- (897) وحدثناه أبو كريب. حدثنا أبو أسامة عن سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن أنس، بنحوه. وزاد: فألف الله بين السحاب. ومكثنا حتى رأيت الرجل الشديد تهمه نفسه أن يأتي أهله.
[ش (تهمه نفسه) ضبطناه بوجهين: فتح التاء مع ضم الهاء. وضم التاء مع كسر الهاء. يقال: همه الشيء وأهمه. أي اهتم له].
12- (897) وحدثنا هارون بن سعيد الأيلي. حدثنا ابن وهب.حدثني أسامة ؛ أن حفص بن عبيدالله بن أنس بن مالك حدثه ؛ أنه سمع أنس بن مالك يقول:
جاء إعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة، وهو على المنبر وإقتص الحديث. وزاد: فرأيت السحاب يتمزق كأنه الملاء حين تطوى.
[ش (يتمزق كأنه الملاء حين تطوى) الواحدة ملاءة. وهي الريطه كالملحفة. التي تلتحف بها المرأة. ومعناه تشبيه إنقطاع السحاب وتجليله، بالملاءة المنشورة إذا طويت].
13 - (898) وحدثنا يحيى بن يحيى. أخبرنا جعفر بن سليمان عن ثابت البناني، عن أنس. قال: قال أنس:
أصابنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مطر. قال: فحسر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبه. حتى أصابه من المطر. فقلنا: يا رسول الله ! لم صنعت هذا ؟ قال: "لأنه حديث عهد بربه تعالى".
[ش (فحسر) أي كشف بعض بدنه. (حديث عهد بربه) أي بتكوين ربه إياه. ومعناه أن المطر رحمة، وهي قريبة العهد بخلق الله تعالى لها، فيتبرك بها].
*3* (3)
باب التعوذ عند رؤية الريح والغيم، والفرح بالمطر.
14 - (899) حدثنا عبدالله بن مسلمة بن قعنب. حدثنا سليمان (يعني ابن بلال) عن جعفر (وهو ابن محمد) عن عطاء بن أبي رباح أنه سمع عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تقول:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم الريح والغيم، عرف ذلك في وجهه، وأقبل وأدبر. فإذا مطرت، سر به، وذهب عنه ذلك. قالت عائشة : فسألته. فقال: "إني خشيت أن يكون عذابا سلطا على أمتي". ويقول، إذا رأى المطر "رحمه".
15- (899) وحدثني أبو الطاهر. أخبرنا ابن وهب. قال: سمعت ابن جريج يحدثنا عن عطاء بن أبي رباح، عن عائشة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم ؛ أنها قالت:
كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا عصفت الريح قال: "اللهم ! إني أسألك خيرها، وخير ما فيها، وخير ما أرسلت به. وأعوذ بك من شرها، وشرما فيها، وشر ما أرسلت به". قالت: وإذا تخيلت السماء، تغير لونه، وخرج ودخل، وأقبل وأدبر. فإذا مطرت سري عنه. فعرفت ذلك في وجهه. قالت عائشة: فسألته. فقال: "لعله، ياعائشة ! كما قال قوم عاد: {فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا}".
[ش (عصفت الريح) أي اشتد هبوبها. (تخيلت) قال أبو عبيد وغيره: تخيلت من المخيلة بفتح الميم. وهي سحابه فيها رعد وبرق يخيل إليه أنها ماطرة. ويقال: أخالت إذا تغيمت. (سري عنه) أي انكشف عنه الهم. قال ابن الأثير: وقد تكرر ذكر هذه اللفظة في الحديث، وخاصة في ذكر نزول الوحي عليه. وكلها بمعنا الكشف والإزالة. يقال: سروت الثوب، وسريته إذا خلعته. والتشديد فيه للمبالغة. (هذا عارض ممطرنا) أي سحاب عرض في أفق السماء يأتينا بالمطر].
16 - (899) وحدثني هارون بن معروف. حدثنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث. ح وحدثني أبو الطاهر. أخبرنا عبدالله بن وهب. أخبرنا عمر بن الحارث ؛ أن أبا النضر حدثه عن سليمان بن يسار، عن عائشة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم ؛
أنها قالت ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مستجمعا ضاحكا. حتى أرى منه لهواته. إنما كان يبتسم. قالت: وكان إذا رأى غيما أو ريحا، عرف ذلك في وجهه. فقالت: يا رسول الله ! أرى الناس، إذا رأوا الغيم، فرحوا. رجاء أن يكون فيه المطر. وأراك إذا رأيته، عرفت في وجهك الكراهية ؟ قالت فقال: "يا عائشة ! ما يؤمنني أن يكون فيه عذاب. قد عذب قوم بالريح. وقد رأى قوم العذاب فقالوا: هذا عارض ممطرنا".
[ش (مستجمعا) المستجمع المجد في الشيء، القاصد له. (لهواته) اللهوات جمع لهاة. وهي اللحمة الحمراء المعلقة في أعلى الحنك. قاله الأصمعي].
*3* (4)
باب في ريح الصبا والدبور.
17 - (900) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا غندر عن شعبة. ح وحدثني محمد بن المثنى وابن بشار. قالا: حدثنا محمد بن جعفر. حدثنا شعبة عن الحكم، عن مجاهد، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ أنه قال:
"نصرت بالصبا. وأهلكت عاد بالدبور".
[ش (نصرت بالصبا) الصبا ريح. ومهبها المستوى أن تهب من مطلع الشمس إذا استوى الليل والنهار. (بالدبور) الريح التي تقابل الصبا. وقال النووى. هي الريح الغربية].
(900) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب. قالا: حدثنا أبو معاوية. ح وحدثنا عبدالله بن عمر بن محمد بن أبان الجعفي. حدثنا عبدة (يعني ابن سليمان). كلاهما عن الأعمش، عن مسعود بن مالك، عن سعد بن جبير، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بمثله.
*2* 10 -
كتاب الكسوف.
*3* (1)
باب صلاة الكسوف.
1 - (901) وحدثنا قتيبة بن سعيد عن مالك بن أنس، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة. ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شييبة (واللفظ له) قال: حدثنا عبدالله بن نمير. حدثنا هشام عن أبيه، عن عائشة. قالت:
خسفت الشمس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي. فأطال القيام جدا. ثم ركع فأطال الركوع جدا. ثم رفع رأسه فأطال القيام جدا. وهو دون القيام الأول. ثم ركع فأطال الركوع جدا. وهو دون الركوع الأول. ثم سجد. ثم قام فأطال القيام. وهو دون القيام الأول. ثم ركع فأطال الركوع. وهو دون الركوع الأول. ثم رفع رأسه فقام. فأطال القيام. وهو دون القيام الأول. ثم ركع فأطال الركوع. وهو دون الركوع الأول. ثم سجد. ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تجلت الشمس. فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه. ثم قال: "إن الشمس والقمر من آيات الله. وإنهما لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته. فإذا رأيتموهما فكبروا. وادعو الله وصلوا وتصدقوا. يا أمة محمد ! إن من أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته. يا أمة محمد ! والله ! لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيرا ولضحكتم قليلا. ألا هل بلغت ؟". وفي رواية مالك: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله".
[ش (خسفت الشمس) يقال: كسفت الشمس والقمر، وكسفا. وانكسفا وخسفا وخسفا وانخسفا بمعنى. وجمهور أهل اللغة وغيرهم على أن الخسوف والكسوف يكون لذهاب ضوئهما كله، وويكون لذهاب بعضه. (إن من أحد أغير من الله) إن نافية، بمعنى ما. ومن استغراقية. وأحد في محل الرفع. ومعناه ليس أحد أمنع من المعاصي من الله تعالى، ولا أشد كراهة لها منه سبحانه وتعالى. (لو تعلمون ما أعلم الخ) معناه لو تعلمون من عظم انتقام الله تعالى من أهل الجرائم وشدة عقابه، وأهوال القيامة وما بعدها، كما علمت. وترون النار كما رأيت في مقامي هذا وفي غيره - لبكيتم كثيرا ولقل ضحككم لفكركم فيما علمتموه].
2 - (901) حدثناه يحيى بن يحيى. أخبرنا أبو معاوية عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد. وزاد: ثم قال:
"أما بعد. فإن الشمس والقمر من آيات الله" وزاد أيضا: ثم رفع يديه فقال: "اللهم ! هل بلغت".
3 - (901) حدثني حرملة بن يحيى. أخبرني ابن وهب. أخبرني يونس. ح وحدثني أبو الطاهر ومحمد بن سلمة المرادى. قالا: حدثنا ابن وهب عن يونس، عن ابن شهاب. قال: أخبرني عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم. قالت:
خسفت الشمس في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد. فقام وكبر وصف الناس وراءه. فاقترأ رسول الله صلى الله عليه وسلم قراءة طويلة. ثم كبر فركع ركوعا طويلا. ثم رفع رأسه فقال "سمع الله لمن حمده. ربنا ! ولك الحمد". ثم قام فاقترأ قراءة طويلة. هي أدنى من القراءة الأولى. ثم كبر فركع ركوعا طويلا. هو أدني من الركوع الأول. ثم قال "سمع الله لمن حمده. ربنا ! ولك الحمد " ثم سجد (ولم يذكر أبو الطاهر: ثم سجد) ثم فعل في الركعة الأخرى مثل ذلك. حتى استكمل أربع ركعات. وأربع سجدات. وانجلت الشمس قبل أن ينصرف. ثم قام فخطب الناس. فأثنى على الله بما هو أهله. ثم قال "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله. لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته. فإذا رأيتموها فافزعوا للصلاة". وقال أيضا "فصلوا حتى يفرج الله عنكم". وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "رأيت في مقامي هذا كل شيء وعدتم. حتى لقد رأيتنى أريد أن آخذ قطفا من الجنة حين رأيتموني جعلت أقدم. (وقال المزادى: أتقدم) ولقد رأيت جهنم يحطم بعضها بعضا، حين رأيتموني تأخرت. ورأيت فيها ابن لحي. وهو الذي سيب السوائب". وانتهى حديث أبي الطاهر عند قوله: "فافزعوا للصلاة". ولم يذكر ما بعده.
[ش (أقدم) ضبطناه بضم الهمزة وفتح القاف وكسر الدال المشددة. ومعناه أقدم نفسي أو رجلي. وكذا صرح القاضي عياض بضبطه (يحطم) أي يكسر. (وهو الذي سيب السوائب) تسييب الدواب إرسالها تذهب وتجيء كيف شاءت. والسوائب جمع سائبة. وهي التي نهي الله سبحانه عنها في قوله: ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة. فالبحيرة هي الناقة التي يمنع درها للطواغيت. فلا يحلبها أحد من الناس. والسائبة التي كانوا يسيبونها لآلهتهم. فلا يحمل عليها شيء].
4 - (901) وحدثنا محمد بن مهران الرازي. حدثنا الوليد بن مسلم. قال: قال الأوزاعى أبو عمرو وغيره: سمعت ابن شهاب الزهري يخبر عن عروة، عن عائشة ؛
أن الشمس خسفت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فبعث مناديا "الصلاة جامعة" فاجتمعوا. وتقدم فكبر. وصلى أربع ركعات. في ركعتين. وأربع سجدات.
[ش (الصلاة جامعة) لفظة جامعة منصوبة على الحال. والصلاة منصوبة أيضا على الإغراء. أي احضروا الصلاة. ويصح الرفع فيهما على الابتداء والخبر. أي الصلاة تجمع الناس في المسجد الجامع].
5 - (901) وحدثنا محمد بن مهران. حدثنا الوليد بن مسلم. أخبرنا عبدالرحمن بن نمير ؛ أنه سمع ابن شهاب يخبر عن عروة، عن عائشة ؛
أن النبي صلى الله عليه وسلم جهر في صلاة الخسوف بقراءته. فصلى أربع ركعات. في ركعتين. وأربع سجدات.
(902) قال الزهري: وأخبرني كثير بن عباس عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ أنه صلى أربع ركعات. في ركعتين. وأربع سجدات.
(902) وحدثنا حاجب بن الوليد. حدثنا محمد بن حرب. حدثنا محمد بن الوليد الزبيدي عن الزهري. قال:
كان كثير بن عباس يحدث ؛ أن ابن عباس كان يحدث عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم كسفت الشمس. بمثل ما حدث عروة عن عائشة.
6 - (901) وحدثنا إسحاق بن إبراهيم. أخبرنا محمد بن بكر. أخبرنا ابن جريج. قال: سمعت عطاء يقول: سمعت عبيد بن عمير يقول:
حدثني من أصدق (حسبته يريد عائشة) أن الشمس انكسفت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقام قياما شديدا. يقوم قائما ثم يركع. ثم يقوم ثم يركع. ثم يقوم ثم يركع. ركعتين في ثلاث ركعات وأربع سجدات. فانصرف وقد تجلت الشمس. وكان إذا ركع قال: "الله أكبر" ثم يركع. وإذا رفع رأسه قال: "سمع الله لمن حمده" فقام فحمد الله وأثنى عليه. ثم قال: "إن الشمس والقمر لا يكسفان لموت أحد ولا لحياته. ولكنهما من آيات الله يخوف الله بهما عباده. فإذا رأيتم كسوفا، فاذكروا الله حتى ينجليا".
7 - (901) وحدثني أبو غسان المسمعي ومحمد بن المثنى. قالا: حدثنا معاذ (وهو ابن هشام). حدثني أبي عن قتادة، عن عطاء بن أبي رباح، عن عبيد بن عمير، عن عائشة ؛
أن نبي الله صلى الله عليه وسلم صلى ست ركعات وأربع سجدات.
*3* (2)
باب ذكر عذاب القبر في صلاة الخسوف.
8 - (903) وحدثنا عبدالله بن مسلمة القعنبي. حدثنا سليمان (يعني ابن بلال) عن يحيى، عن عمرة ؛
أن يهودية أتت عائشة تسألها. فقالت: أعاذك الله من عذاب القبر. قالت عائشة: فقلت: يا رسول الله ! يعذب الناس في القبور قالت عمرة: فقالت عائشة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عائذا بالله" ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غداة مركبا. فخسفت الشمس. قالت عائشة: فخرجت في نسوة بين ظهرى الحجر في المسجد. فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم من مركبه. حتى انتهى إلى مصلاه الذي كان يصلي فيه. فقام وقام الناس وراءه. قالت عائشة: فقام قياما طويلا ثم ركع. فركع ركوعا طويلا ثم رفع. فقام قياما طويلا وهو دون القيام الأول. ثم ركع فركع ركوعا طويلا. وهو دون ذلك الركوع. ثم رفع وقد تجلت الشمس. فقال: "إني قد رأيتكم تفتنون في القبور كفتنة الدجال".
قالت عمرة: فسمعت عائشة تقول: فكنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعد ذلك، يتعوذ من عذاب النار وعذاب القبر.
[ش (تسألها) تعنى: فلما أعطتها السيدة عائشة ما سألته دعت لها. فقالت في دعائها: أعاذك الله، أي أجارك من عذاب القبر. (عائذا بالله) هو من الصفات القائمة مقام المصدر. وناصبه محذوف. أي أعوذ عياذا به. (بين ظهرى الحجر) أي بينها. والحجر جمع حجرة. تعنى بيوت الأزواج الطاهرات. فكلمة ظهرى مقحمة، وهي تثنية ظهر. (مصلاه) تعنى موقفه من المسجد. (تفتنون) أي تمتحنون].
(903) وحدثناه محمد بن المثنى. حدثنا عبدالوهاب. ح وحدثنا ابن أبي عمر. حدثنا سفيان. جميعا عن يحيى بن سعيد، في هذا الإسناد. بمثل معنى حديث سليمان بن بلال.
*3* (3)
باب ما عرض على النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الكسوف من أمر الجنة والنار.
9 - (904) وحدثني يعقوب بن إبراهيم الدورقي. حدثنا إسماعيل بن علية عن هشام الدستوائى. قال: حدثنا أبو الزبير عن جابر بن عبدالله. قال:
كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم شديد الحر. فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه. فأطال القيام. حتى جعلوا يخرون. ثم ركع فأطال. ثم رفع فأطال. ثم ركع فأطال. ثم رفع فأطال. ثم سجد سجدتين. ثم قام فصنع نحوا من ذاك. فكانت أربع ركعات وأربع سجدات. ثم قال " إنه عرض على كل شيء تولجونه. فعرضت على الجنة. حتى لو تناولت منها قطفا أخذته (أو قال تناولت منها قطفا) فقصرت يدي عنه. وعرضت على النار. فرأيت فيها امرأة من بني اسرائيل تعذب في هرة لها. ربطتها فلم تطعمها. ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض. ورأيت أبا ثمامة عمرو بن مالك يجر قصبه في النار. وإنهم كانوا يقولون: إن الشمس والقمر لا يخسفان إلا لموت عظيم. وإنهما آيتان من آيات الله يريكموهما. فإذا خسفا فصلوا حتى ينجلى".
[ش (لو تناولت منها قطفا لأخذته) معنى تناولت، مددت يدي لأخذه. والقطف العنقود. وهو فعل بمعنى مفعول. كالذبح بمعنى المذبوح. (في هرة لها) أي بسبب هرة لها. (خشاش الأرض) هي هوامها وحشراتها. وقيل: صغار الطير. وحكى القاضي فتح الخاء وكسرها وضمها. والفتح هو المشهور. (يجر قصبه) القصب هي الأمعاء].
(904) وحدثنيه أبو غسان المسمعي. حدثنا عبدالملك بن الصباح عن هشام، بهذا الإسناد، مثله. إلا أنه قال:
"ورأيت في النار امرأة حميرية سوداء طويلة". ولم يقل: "من بني إسرائيل".
10 - (904) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا عبدالله بن نمير. ح وحدثنا محمد بن عبدالله بن نمير. (وتقاربا في اللفظ) قال: حدثنا أبي. حدثنا عبدالملك عن عطاء، عن جابر. قال:
انكسفت الشمس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. يوم مات إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال الناس: إنما انكسفت لموت إبراهيم. فقام النبي صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس ست ركعات بأربع سجدات. بدأ فكبر. ثم قرأ فأطال القراءة. ثم ركع نحوا مما قام. ثم رفع رأسه من الركوع فقرأ قراءة دون القراءة الأولى. ثم ركع نحوا مما قام. ثم رفع رأسه من الركوع فقرأ قراءة دون القراءة الثانية. ثم ركع نحوا مما قام. ثم رفع رأسه من الركوع. ثم انحدر بالسجود فسجد سجدتين. ثم قام فركع أيضا ثلاث ركعات. ليس فيها ركعة إلا التي قبلها أطول من التي بعدها. وركوعه نحوا من سجوده. ثم تأخر وتأخرت الصفوف خلفه. حتى انتهينا. (وقال أبو بكر: حتى انتهى إلى النساء) ثم تقدم وتقدم الناس معه. حتى قام في مقامه. فانصرف حين انصرف، وقد آضت الشمس. فقال: "يا أيها الناس ! إنما الشمس والقمر آيتان من آيات الله. وإنهما لا ينكسفان لموت أحد من الناس (وقال أبو بكر: لموت بشر) فإذا رأيتم شيئا من ذلك فصلوا حتى تنجلى. ما من شيء توعدونه إلا قد رأيته في صلاتي هذه. لقد جيء بالنار. وذلكم حين رأيتموني تأخرت مخافة أن يصيبني من لفحها. وحتى رأيت فيها صاحب المحجن يجر قصبه في النار. كان يسرق الحاج بمحجنه. فإن فطن له قال: إنما تعلق بمحجني. وإن غفل عنه ذهب به. وحتى رأيت فيها صاحبة الهرة التي ربطتها فلم تطعمها. ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض. حتى ماتت جوعا. ثم جيء بالجنة. وذلكم حين رأيتموني تقدمت حتى قمت في مقامي. ولقد مددت يدي وأنا أريد أن أتناول من ثمرها لتنظروا إليه. ثم بدا لي أن لا أفعل. فما من شيء توعدونه إلا قد رأيته في صلاتي هذه".
[ش (وقد آضت الشمس) ومعناه رجعت إلى حالها الأول قبل الكسوف. وهو من آض يئيض، إذا رجع. ومنه قولهم: أيضا. وهو مصدر منه. (مخافة أن يصيبني من لفحها) أي من ضرب لهبها. ومنه قوله تعالى: تلفح وجوههم النار. أي يضربها لهبها. والنفح دون اللفح. قال الله تعالى: ولئن مستهم نفحة من عذاب ربك. أي أدنى شيء منه. (بمحجنه) المحجن عصا معقفة الطرف].
11 - (905) حدثنا محمد بن العلاء الهمداني. حدثنا ابن نمير. حدثنا هشام عن فاطمة، عن أسماء ؛ قالت:
خسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فدخلت على عائشة وهي تصلى. فقلت: ما شأن الناس يصلون ؟ فأشارت برأسها إلى السماء. فقلت: آية ؟ قالت: نعم. فأطال رسول الله صلى الله عليه وسلم القيام جدا. حتى تجلاني الغشي. فأخذت قربة من ماء إلى جنبي. فجعلت أصب على رأسي أو على وجهي من الماء. قالت: فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تجلت الشمس. فخطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس. فحمد الله وأثنى عليه. ثم قال "أما بعد. ما من شيء لم أكن رأيته إلا في مقامى هذا. حتى الجنة والنار. وإنه قد أوحى إلى أنكم تفتنون في القبور قريبا أو مثل فتنة المسيح الدجال. (لا أدرى أي ذلك قالت أسماء) فيؤتي أحدكم فيقال: ما علمك بهذا الرجل ؟ فأما المؤمن أو الموقن. (لا أدري أي ذلك قالت أسماء) فيقول: هو محمد، هو رسول الله، جاءنا بالبينات والهدي. فأجبنا وأطعنا. ثلاث مرار. فيقال له: نم. قد كنا نعلم إنك لتؤمن به. فنم صالحا. وأما المنافق أو المرتاب (لا أدري أي ذلك قالت أسماء) فيقول: لا أدري. سمعت الناس يقولون شيئا فقلت".
[ش (تجلاني الغشي) وروى أيضا الغشي. وهو بمعنى الغشاوة. وهو معروف يحصل بطول القيام في الحر، غير ذلك من الأحوال. أي علاني مرض قريب من الإغماء لطول تعب الوقوف. (ما علمك بهذا الرجل) إنما يقول له الملكان السائلان. ما علمك بهذا الرجل. ولا يقول: رسول الله. امتحانا له وإغرابا عليه. لئلا يتلقى منهما أكرام النبي صلى الله عليه وسلم ورفع مرتبته. فيعظمه هو تقليدا لهما، لا اعتقادا. ولهذا يقول المؤمن: هو رسول الله. ويقول المنافق: لا أدري. فيثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة].
12 - (905) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب. قالا: حدثنا أبو أسامة عن هشام، عن فاطمة، عن أسماء. قالت:
أتيت عائشة فإذا الناس قيام. وإذا هي تصلي. فقلت: ما شأن الناس ؟ واقتص الحديث بنحو حديث ابن نمير عن هشام.
13 - (905) أخبرنا يحيى بن يحيى. أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري، عن عروة.
قال: لا تقل: كسفت الشمس. ولكن قل: خسفت الشمس.
14 - (906) حدثنا يحيى بن حبيب الحارثي. حدثنا خالد بن الحارث. حدثنا ابن جريج. حدثني منصور بن عبدالرحمن عن أمه صفية بنت شيبة، عن أسماء بنت أبي بكر ؛ أنها قالت:
فزع النبي صلى الله عليه وسلم يوما. (قالت تعنى يوم كسفت الشمس) فأخذ درعا حتى أدرك بردائه. فقام للناس قياما طويلا. لو أن إنسانا أتى لم يشعر أن النبي صلى الله عليه وسلم ركع - ما حدث أنه ركع، من طول القيام.
[ش (ففزع) قال القاضي: يحتمل أن يكون معناه الفزع الذي هو الخوف، يخشى أن تكون الساعة. ويحتمل أن يكون معناه الفزع الذي هو المبادرة إلى الشيء. (فأخذ درعا حتى أدرك بردائه) معناه أنه لشدة سرعته واهتمامه بذلك أراد أن يأخذ رداءه فأخذ درع أهل البيت سهوا، ولم يعلم ذلك لاشتغال قلبه بأمر الكسوف. فلما علم أهل البيت أنه ترك رداءه لحقه به. والدرع هنا درع المرأة وهو قميصها. وهو مذكر. (لو أن إنسانا أتى لم يشعر) قوله: لم يشعر صفة لإنسان. أي لو أتي إنسان غير عالم بركوع النبي صلى الله عليه وسلم ورآه في قيامه بعد ركوعه، ما ظن أنه ركع من أجل طول قيامه. فجواب لو هو قولها ما حدث].
15 - (906) وحدثني سعيد بن يحيى الأموى. حدثني أبي. حدثنا ابن جريج، بهذا الإسناد، مثله. وقال: قياما طويلا. يقوم ثم يركع. وزاد: فجعلت أنظر إلى المرأة أسن مني. وإلى الأخرى وهي أسقم مني.
[ش (فجعلت أنظر) يوضحه قولها في الرواية الثانية: حتى رأيتني أريد. قولها رأيتني معناه علمت من نفسي أني أريد الخ وهذا من خصائص أفعال القلوب].
16 - (906) وحدثني أحمد بن سعيد الدارمي. حدثنا حبان. حدثنا وهيب. حدثنا منصور عن أمه، عن أسماء بنت أبي بكر. قالت:
كسفت الشمس على عهد النبي صلى الله عليه وسلم. ففزع، فأخطأ بدرع، حتى أدرك بردائه بعد ذلك. قالت: فقضيت حاجتي ثم جئت ودخلت المسجد. فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما. فقمت معه. فأطال القيام حتى رأيتني أريد أن أجلس ثم ألتفت إلى المرأة الضعيفة، فأقول هذه أضعف مني، فأقوم. فركع فأطال الركوع. ثم رفع رأسه فأطال القيام. حتى لو أن رجلا جاء - خيل إليه أنه لم يركع.
17 - (907) حدثنا سويد بن سعيد. حدثنا حفص بن ميسرة. حدثني زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس. قال:
انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس معه. فقام قياما طويلا قدر نحو سورة البقرة. ثم ركع ركوعا طويلا. ثم رفع فقام قياما طويلا، وهو دون القيام الأول. ثم ركع ركوعا طويلا، وهو دون الركوع الأول. ثم سجد. ثم قام قياما طويلا. وهو دون القيام الأول. ثم ركع ركوعا طويلا. وهو دون الركوع الأول .ثم رفع فقام قياما طويلا، وهو دون القيام الأول. ثم ركع ركوعا طويلا، وهو دون الركوع الأول. ثم سجد. ثم انصرف وقد انجلت الشمس. فقال: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله. لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته. فإذا رأيتم ذلك فاذكروا الله" قالوا: يا رسول الله ! رأيناك تناولت شيئا في مقامك هذا. ثم رأيناك كففت. فقال " إني رأيت الجنة . قتناولت منها عنقودا. ولو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا. ورأيت النار. فلم أر كاليوم منظرا قط. ورأيت أكثر أهلها النساء "قالوا: بم ؟ يا رسول الله ! قال "بكفرهن" قيل: أيكفرن بالله ؟ قال "بكفر العشير. وبكفر الإحسان. لو أحسنت إلى إحداهن الدهر، ثم رأت منك شيئا، قالت: ما رأيت منك خيرا قط".
[ش (قدر نحو) هكذا هو في النسخ: قدر نحو. وهو صحيح. ولو اقتصر على على أحد اللفظين لكان صحيحا. (كففت) أي توقفت. أوكففت يدك. يتعدى ولا يتعدى. (بكفر العشير) هكذا ضبطناه: بكفر بالباء الموحدة الجارة. وفيه جواز إطلاق الكفر على كفران الحقوق، وإن لم يكن ذلك الشخص كافرا بالله تعالى. والعشيير المعاشر. كالزوج وغيره].
(907) وحدثناه محمد بن رافع. حدثنا إسحاق (يعني ابن عيسى). أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم، في هذا الإسناد، بمثله. غير أنه قال: ثم رأيناك تكعكعت.
[ش (تكعكعت) أي توقفت وأحجمت. قال الهروي وغيره: يقال: تكعكع الرجل وتكاعى وكع كعوعا، إذا أحجم وجبن].
*3* (4)
باب ذكر من قال إنه ركع ثمان ركعات في أربع سجدات.
18 - (908) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا إسماعيل بن علية عن سفيان، عن حبيب، عن طاوس، عن ابن عباس. قال:
صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين كسفت الشمس، ثمان ركعات، في أربع سجدات. وعن على، مثل ذلك.
19- (909) وحدثنا محمد بن المثنى وأبو بكر بن خلاد. كلاهما عن يحيى القطان. قال ابن المثنى: حدثنا يحيى عن سفيان. قال: حدثنا حبيب عن طاوس، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم ؛
أنه صلى في كسوف. قرأ ثم ركع . ثم قرأ ثم ركع. ثم قرأ ثم ركع. ثم قرأثم ركع. ثم سجد. قال: والأخرى مثلها.
*3* (5)
باب ذكر النداء بصلاة الكسوف "الصلاة جامعة".
20 - (910) حدثني محمد بن رافع. حدثنا أبو النضر. حدثنا أبو معاوية (وهو شيبان النحوى) عن يحيى، عن أبي سلمة، عن عبدالله بن عمرو بن العاص. ح وحدثنا عبدالله بن عبدالرحمن الدارمي. أخبرنا يحيى بن حسان. حدثنا معاوية بن سلام عن يحيى بن أبي كثير. قال أخبرني أبو سلمة بن عبدالرحمن عن خبر عبدالله بن عمرو بن العاص ؛ أنه قال:
لما انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، نودى بـ (الصلاة جامعة). فركع رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين في سجدة. ثم قام فركع ركعتين في سجدة. ثم جلى عن الشمس. فقالت عائشة: ما ركعت ركوعا قط، ولا سجدت سجودا قط، كان أطول منه.
[ش (عمرو بن العاص) هو معتل العين لامعتل اللام، كما يعلم من القاموس، ومن شرح الشفا لملا على. (فركع ركعتين في سجدة) أي ركوعين في ركعة. والمراد بالسجدة ركعة].
21 - (911) وحدثنا يحيى بن يحيى. أخبرنا هشيم عن إسماعيل، عن قيس بن أبي حازم، عن أبي مسعود الأنصاري ؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله. يخوف الله بهما عباده. وإنهما لا ينكسفان لموت أحد من الناس. فإذا رأيتم منها شيئا فصلوا وادعوا الله. حتى يكشف مابكم".
[ش (يخوف الله بهما) أي بخسفهما. (منها) أي من تلك الآيات المخوفة].
22- (911) وحدثنا عبدالله بن معاذ العنبري ويحيى بن حبيب. قالا: حدثنا معتمر عن إسماعيل، عن قيس، عن أبي مسعود ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"إن الشمس والقمر ليس ينكسفان لموت أحد من الناس. ولكنهما آيتان من آيات الله. فإذا رأيتموه فقوموا فصلوا".
23- (911) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا وكيع وأبو أسامة وابن نمير. ح وحدثنا إ سحاق بن إبراهيم. أخبرنا جرير ووكيع. ح وحدثنا ابن أبي عمر. حدثنا سفيان ومروان. كلهم عن إسماعيل، بهذا الإسناد. وفي حديث سفيان ووكيع:
انكسفت الشمس يوم مات إبراهيم. فقال الناس: انكسفت لموت إبراهيم.
24 - (912) حدثنا أ بو عامر الأشعري عبدالله بن براد ومحمد بن العلاء. قالا: حدثنا أبو أسامة عن بريد، عن أبي بردة، عن أبي موسى. قال:
خسفت الشمس في زمن النبي صلى الله عليه وسلم. فقام فزعا يخشى أن تكون الساعة. حتى أتى المسجد. فقام يصلي بأطول قيام وركوع وسجود. ما رأيته يفعله في صلاة قط. ثم قال "إن هذه الآيات التي يرسل الله، لا تكون لموت أ حد ولا لحياته. ولكن الله يرسلها يخوف بها عباده. فإ ذا رأيتم منها شيئا فافزعوا إلى ذكره ودعائه واستغفاره".
وفي رواية ابن العلاء: كسفت الشمس. وقال "يخوف عبادة".
[ش (فافزعوا) أي التجئوا من عذابه].
25 - (913) عبيدالله بن عمر القواريري. حدثنا بشر بن المفضل. حدثنا الجريري عن أبي العلاء حيان بن عمير، عن عبدالرحمن بن سمرة. قال:
بينما أنا أرمي بأسهمي في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ انكسفت الشمس. فنبذتهن. وقلت : لأنظرن إلى ما يحدث لرسول الله صلى الله عليه وسلم في انكساف الشمس، اليوم. فانتهيت إليه وهو رافع يديه، يدعو ويكبر ويحمد ويهلل. حتى جلى عن الشمس. فقرأ سورتين وركع ركعتين.
[ش (فنبذتهن) أي فألقيت سهامي من يدي وطرحتهن. قال الراغب: النبذ إلقاء الشيء وطرحه لقلة الإعتداد به].
26 - (913) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا عبدالأعلى بن عبدالأعلى، عن الجريري، عن حيان بن عمير، عن عبدالرحمن بن سمرة. وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال:
كنت أرتمي بأسهم لي بالمدينة في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم. إذ كسفت الشمس. فنبذتها. فقلت: والله ! لأنظرن إلى ما حدث لرسول الله صلى الله عليه وسلم في كسوف الشمس. قال: فأتيته وهو قائم في الصلاة. رافع يديه. فجعل يسبح ويحمد ويهلل ويكبر ويدعو. حتى حسر عنها. قال: فلما حسر عنها، قرأ سورتين وصلى ركعتين.
[ش (أرتمى) أي أرمي. كما قاله في الرواية الأولى. يقال: أرمي وأرتمي وأترمى، كما قاله في الرواية الأخيرة. والارتماء كالترامي بمعنى المراماة. قال ابن الأثير: يقال رميت بالسهم رميا وارتميت ارتماء وتراميت تراميا وراميت مراماة، إذا رميت بالسهام عن القسى. وقيل: خرجت أرتمي إذا رميت القنص. (حسر عنها) أي كشف. وهو بمعنى قوله في الرواة الأولى: جلى عنها].
27 - (913) حدثنا محمد بن المثنى. حدثنا سالم بن نوح. أخبرنا الجريري عن حيان بن عمير، عن عبدالرحمن بن سمرة. قال:
بينما أنا أترمى بأسهم لي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ خسفت الشمس. ثم ذكر نحو حديثهما.
[ش (أترمى) يقال: خرج يترمى، إذا خرج يرمي في الغرض، ذكره ابن الأثير].
28 - (914) حدثني هارون بن سعيد الأيلي. حدثنا ابن وهب. أخبرني عمرو بن الحارث ؛ أن عبدالرحمن بن القاسم حدثه عن أبيه القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، عن عبدالله بن عمر ؛ أنه كان يخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ أنه قال
"إن الشمس والقمر لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته. ولكنهما آية من آيات الله. فإذا رأيتموهما فصلوا".
29 - (915) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن عبدالله بن نمير. قالا: حدثنا مصعب (وهو ابن المقدام) حدثنا زائدة. حدثنا زياد بن علاقة (وفي رواية أبي بكر قال: قال زياد بن علاقة) سمعت المغيرة بن شعبة يقول:
انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. يوم مات ابراهيم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله. لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته. فإذا رأيتموهما فادعوا الله وصلوا حتى ينكشف".