طلاق المولى عليه والعبد
[قَالَ الشَّافِعِيُّ] رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: وَيَجُوزُ طَلاَقُ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ الْبَالِغِ وَلاَ يَجُوزُ عِتْقُهُ لِأُمِّ وَلَدِهِ وَلاَ غَيْرِهَا. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَكَيْفَ يَجُوزُ طَلاَقُهُ؟ قِيلَ لِأَنَّ الصَّلاَةَ وَالْحُدُودَ عَلَيْهِ وَاجِبَةٌ فَإِذَا كَانَ مِمَّنْ يَقَعُ عَلَيْهِ التَّحْرِيمُ حُدَّ عَلَى إتْيَانِ الْمُحَرَّمِ مِنْ الزِّنَا وَالْقَذْفِ وَالْقَتْلِ وَكَانَ كَغَيْرِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ فِي أَنَّ عَلَيْهِ فَرْضًا وَحَرَامًا وَحَلاَلاً فَالطَّلاَقُ تَحْرِيمٌ يَلْزَمُهُ كَمَا يَلْزَمُ غَيْرَهُ، فَإِنْ قِيلَ فَقَدْ يُتْلِفُ بِهِ مَالاً؟ قِيلَ لَيْسَ لَهُ مِنْ مَالِ امْرَأَتِهِ شَيْءٌ فَيُتْلِفُهُ بِطَلاَقِهَا إنَّمَا هُوَ أَنْ يَحْرُمَ عَلَيْهِ مِنْهَا شَيْءٌ كَانَ مُبَاحًا لَهُ، فَإِنْ قِيلَ فَقَدْ يَرِثُهَا، قِيلَ لاَ يَرِثُهَا حَتَّى تَمُوتَ وَلَمْ تَمُتْ حِينَ طَلَّقَهَا فَإِنْ قِيلَ فَيَحْتَاجُ إلَى نِكَاحِ غَيْرِهَا قِيلَ فَذَلِكَ لَيْسَ بِإِتْلاَفِ شَيْءٍ فِيهَا إنَّمَا هُوَ شَيْءٌ يَلْزَمُهُ لِغَيْرِهَا إنْ أَرَادَ النِّكَاحَ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: رحمه الله: فَإِنْ قِيلَ فَلِمَ لاَ يَجُوزُ عِتْقُهُ أُمَّ وَلَدِهِ وَإِنَّمَا هِيَ لَهُ مُبَاحَةٌ إبَاحَةَ فَرْجٍ؟ قِيلَ مَا لَهُ فِيهَا أَكْثَرُ مِنْ الْفَرْجِ. [قَالَ الرَّبِيعُ]: يُرِيدُ أَنَّ لَهُ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ الْفَرْجِ: أَلاَ تَرَى أَنَّهُ يَقُولُ إذَا قُتِلَتْ آخُذُ قِيمَتَهَا وَإِذَا جُنِيَ عَلَيْهَا آخُذُ الْأَرْشَ فَيَأْخُذُ قِيمَتَهَا وَيُجْنَى عَلَيْهَا فَيَأْخُذُ أَرْشَ الْجِنَايَةِ عَلَيْهَا وَتَكْسِبُ الْمَالَ فَيَكُونُ لَهُ وَيُوهَبُ لَهَا وَتَجِدُ الْكَنْزَ فَيَكُونُ لَهُ وَيَكُونُ لَهُ خِدْمَتُهَا وَالْمَنَافِعُ فِيهَا كُلُّهَا وَأَكْثَرُ مَا يُمْنَعُ مِنْهَا بَيْعُهَا فَأَمَّا سِوَى ذَلِكَ فَهِيَ لَهُ أَمَةٌ يُزَوِّجُهَا وَهِيَ كَارِهَةٌ وَيَخْتَدِمُهَا.
قَالَ وَيَجُوزُ طَلاَقُ السَّكْرَانِ مِنْ الشَّرَابِ الْمُسْكِرِ وَعِتْقُهُ وَيَلْزَمُهُ مَا صَنَعَ، وَلاَ يَجُوزُ طَلاَقُ الْمَغْلُوبِ عَلَى عَقْلِهِ مِنْ غَيْرِ السُّكْرِ وَيَجُوزُ طَلاَقُ الْعَبْدِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَالْحُجَّةُ فِيهِ كَالْحُجَّةِ فِي الْمَحْجُورِ وَأَكْثَرُ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَهَلْ خَالَفَكُمْ فِي هَذَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ؟ قِيلَ: نَعَمْ قَدْ قَالَ بَعْضُ مَنْ مَضَى مِنْهُمْ لاَ يَجُوزُ طَلاَقُ السَّكْرَانِ وَكَأَنَّهُ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ مَغْلُوبٌ عَلَى عَقْلِهِ. وَقَالَ بَعْضُ مَنْ مَضَى إنَّهُ لَيْسَ لِلْعَبْدِ طَلاَقٌ وَالطَّلاَقُ بِيَدِ السَّيِّدِ، فَإِنْ قَالَ فَهَلْ مِنْ حُجَّةٍ عَلَى مَنْ قَالَ لاَ يَجُوزُ طَلاَقُ الْعَبْدِ؟ قِيلَ مَا وَصَفْنَا مِنْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ فِي الْمُطَلَّقَاتِ ثَلاَثًا {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} وَقَالَ فِي الْمُطَلَّقَاتِ وَاحِدَةً {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إنْ أَرَادُوا إصْلاَحًا} فَكَانَ الْعَبْدُ مِمَّنْ عَلَيْهِ حَرَامٌ وَلَهُ حَلاَلٌ فَحَرَامُهُ بِالطَّلاَقِ وَلَمْ يَكُنْ السَّيِّدُ مِمَّنْ حَلَّتْ لَهُ امْرَأَةٌ فَيَكُونَ لَهُ تَحْرِيمُهَا. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَهَلْ غَيْرُ هَذَا؟ قِيلَ هَذَا هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ اعْتَمَدْنَا وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ مِمَّنْ لَقِينَا، فَإِنْ قَالَ فَتَرْفَعُهُ إلَى أَحَدٍ مِنْ السَّلَفِ؟ قِيلَ: نَعَمْ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ إذَا طَلَّقَ الْعَبْدُ امْرَأَتَهُ اثْنَتَيْنِ فَقَدْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً وَعِدَّةُ الْحُرَّةِ ثَلاَثُ حِيَضٍ وَعِدَّةُ الْأَمَةِ حَيْضَتَانِ. قَالَ مَالِكٌ حَدَّثَنِي نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: مَنْ أَذِنَ لِعَبْدِهِ أَنْ يَنْكِحَ فَالطَّلاَقُ بِيَدِ الْعَبْدِ لَيْسَ بِيَدِ غَيْرِهِ مِنْ طَلاَقِهِ شَيْءٌ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: رحمه الله أَخْبَرَنَا مَالِكٌ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ أَنَّ نُفَيْعًا مُكَاتَبًا لِأُمِّ سَلَمَةَ اسْتَفْتَى زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ فَقَالَ إنِّي طَلَّقْت امْرَأَةً لِي حُرَّةً تَطْلِيقَتَيْنِ فَقَالَ زَيْدٌ حَرُمَتْ عَلَيْك.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الزِّنَادِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ نُفَيْعًا مُكَاتَبًا لِأُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَوْ عَبْدًا كَانَتْ تَحْتَهُ امْرَأَةٌ حُرَّةٌ فَطَلَّقَهَا اثْنَتَيْنِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُرَاجِعَهَا فَأَمَرَهُ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَأْتِيَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَيَسْأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَذَهَبَ إلَيْهِ فَلَقِيَهُ عِنْدَ الدَّرَجِ آخِذًا بِيَدِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فَسَأَلَهُمَا فَابْتَدَرَاهُ جَمِيعًا فَقَالاَ حَرُمَتْ عَلَيْك حَرُمَتْ عَلَيْك.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: رحمه الله: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ قَالَ وَحَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ نُفَيْعًا مُكَاتَبًا لِأُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- طَلَّقَ امْرَأَتَهُ حُرَّةً تَطْلِيقَتَيْنِ فَاسْتَفْتَى عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ حَرُمَتْ عَلَيْك، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَهَلْ لَكُمْ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ قَالَ لاَ يَجُوزُ طَلاَقُ السَّكْرَانِ؟ قِيلَ نَعَمْ مَا وَصَفْنَا مِنْ أَنَّ عَلَيْهِ الْفَرَائِض وَعَلَيْهِ حَرَامٌ، فَإِنْ قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ حَرَامٌ فِي حَالِهِ تِلْكَ لَزِمَهُ أَنْ يَقُولَ وَلاَ صَلاَةٌ وَلاَ قَوَدٌ فِي قَتْلٍ وَلاَ جِرَاحٍ وَلاَ غَيْرِهِ كَمَا يَكُونُ الْمَغْلُوبُ عَلَى عَقْلِهِ بِغَيْرِ السُّكْرِ وَلاَ يَجُوزُ إذَا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى بِالْكَلاَمِ أَنْ لاَ يَكُونَ دَاخِلاً فِي حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّ الطَّلاَقَ يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَلاَ يَخْرُجُ مِنْ حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى إلَّا بِدَلاَلَةِ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوْ إجْمَاعٍ وَلَيْسَ فِيهِ وَاحِدٌ مِنْ هَذَا، وَأَكْثَرُ مَنْ لَقِيت مِنْ الْمُفْتِينَ عَلَى أَنَّ طَلاَقَهُ يَجُوزُ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ وَعَنْ الْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ وَعَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ) وَالسَّكْرَانُ لَيْسَ وَاحِدًا مِنْ هَؤُلاَءِ وَلاَ فِي مَعْنَاهُ وَالْمَرْضَى الذَّاهِبُو الْعُقُولِ فِي مَعْنَى الْمَجْنُونِ لِأَنَّهُمْ غَيْرُ آثِمِينَ بِالْمَرَضِ وَالسَّكْرَانُ آثِمٌ بِالسُّكْرِ.
من يلزمه الطلاق من الأزواج
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: رحمه الله: وَكُلُّ امْرَأَةٍ طَلَّقَهَا زَوْجٌ بَالِغٌ صَبِيَّةً أَوْ مَعْتُوهَةً أَوْ حُرَّةً بَالِغًا أَوْ أَمَةً أَوْ مُشْرِكَةً لَزِمَهُنَّ الطَّلاَقُ لِأَنَّ الطَّلاَقَ تَحْرِيمٌ مِنْ الْأَزْوَاجِ عَلَى أَنْفُسِهِنَّ، فَإِذَا عَتَقَتْ الْأَمَةُ وَقَدْ زُوِّجَتْ عَبْدًا وَهِيَ صَبِيَّةٌ فَاخْتَارَتْ وَهِيَ صَبِيَّةٌ الْفِرَاقَ. أَوْ مَلَّكَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَهِيَ صَبِيَّةٌ نَفْسَهَا أَوْ خَيَّرَهَا فَاخْتَارَتْ الْفِرَاقَ فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهَا لِأَنَّهُ لاَ أَمْرَ لَهَا فِي نَفْسِهَا وَكَذَلِكَ الْمَعْتُوهَةُ فَإِذَا أَفَاقَتْ الْمَعْتُوهَةُ أَوْ بَلَغَتْ الصَّبِيَّةُ فَلَهَا الْخِيَارُ فِي الْمَقَامِ مَعَهُ أَوْ فِرَاقِهِ [قَالَ]: وَإِنْ عَتَقَتْ قَبْلَ أَنْ تَبْلُغَ أَوْ بَعْدَمَا بَلَغَتْ فَلَمْ تَخْتَرْ فَلاَ خِيَارَ لَهَا. وَإِذَا اخْتَارَتْ الْمَرْأَةُ فِرَاقَ زَوْجِهَا فَهُوَ فَسْخٌ بِلاَ طَلاَقٍ وَكَذَلِكَ امْرَأَةُ الْعِنِّينِ وَامْرَأَةُ الْأَجْذَمِ وَالْأَبْرَصِ تَخْتَارُ فِرَاقَهُ فَذَلِكَ كُلُّهُ فَسْخٌ بِلاَ طَلاَقٍ لِأَنَّ الطَّلاَقَ يُمْلَكُ فِيهِ الرَّجْعَةُ.
الطلاق الذي تملك فيه الرجعة
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: رحمه الله: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} وَقَالَ {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} الآيَةَ. كُلَّهَا.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: فَكَانَ بَيِّنًا فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّ كُلَّ طَلاَقٍ حُسِبَ عَلَى مُطَلَّقَةٍ فِيهِ عَدَدُ طَلاَقٍ إلَّا الثَّلاَثَ فَصَاحِبُهُ يَمْلِكُ فِيهِ الرَّجْعَةَ. وَكَانَ ذَلِكَ بَيِّنًا فِي حَدِيثِ رُكَانَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. وَإِلَّا الطَّلاَقَ الَّذِي يُؤْخَذُ عَلَيْهِ الْمَالُ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَذِنَ بِهِ وَسَمَّاهُ فِدْيَةً فَقَالَ {فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} فَكَانَ بَيِّنًا فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى إذْ أَحَلَّ لَهُ أَخْذُ الْمَالِ أَنَّهُ إذَا مَلَكَ مَالاً عِوَضًا مِنْ شَيْءٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ لَهُ عَلَى مَا مَلَكَ بِهِ الْمَالَ سَبِيلٌ وَالْمَالُ هُوَ عِوَضٌ مِنْ بُضْعِ الْمَرْأَةِ فَلَوْ كَانَ لَهُ عَلَيْهَا فِيهِ رَجْعَةٌ كَانَ مَلَكَ مَالَهَا وَلَمْ تَمْلِكْ نَفْسَهَا دُونَهُ [قَالَ]: وَاسْمُ الْفِدْيَةِ أَنْ تَفْدِيَ نَفْسَهَا بِأَنْ تَقْطَعَ مِلْكَهُ الَّذِي لَهُ بِهِ الرَّجْعَةُ عَلَيْهَا وَلَوْ مَلَكَ الرَّجْعَةَ لَمْ تَكُنْ مَالِكَةً لِنَفْسِهَا وَلاَ وَاقِعًا عَلَيْهَا اسْمُ فِدْيَةٍ بَلْ كَانَ مَالُهَا مَأْخُوذًا وَهِيَ بِحَالِهَا قَبْلَ أَخْذِهِ وَالْأَحْكَامُ فِيمَا أُخِذَ عَلَيْهِ الْمَالُ بِأَنْ يَمْلِكَهُ مَنْ أَعْطَى الْمَالَ [قَالَ]: وَبِهَذَا قُلْنَا طَلاَقُ الْإِيلاَءِ وَطَلاَقُ الْخِيَارِ وَالتَّمْلِيكِ كُلُّهَا إلَى الزَّوْجِ فِيهِ الرَّجْعَةُ مَا لَمْ يَأْتِ عَلَى جَمِيعِ الطَّلاَقِ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: رحمه الله: وَبِهَذَا قُلْنَا إنَّ كُلَّ عَقْدٍ فَسَخْنَاهُ شَاءَ الزَّوْجُ فَسْخَهُ أَوْ أَبَى لَمْ يَكُنْ طَلاَقًا وَكَانَ فَسْخًا بِلاَ طَلاَقٍ. وَذَلِكَ أَنَّا لَوْ جَعَلْنَاهُ طَلاَقًا جَعَلْنَا الزَّوْجَ يَمْلِكُ فِيهِ الرَّجْعَةَ وَأَنَّمَا ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الطَّلاَقَ مِنْ قِبَلِ الرِّجَالِ فَقَالَ {وَإِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} وَقَالَ {الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ} [قَالَ]: وَكَانَ مَعْقُولاً عَنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي كُلِّ هَذَا أَنَّهُ الطَّلاَقُ الَّذِي مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ. فَأَمَّا الْفَسْخُ فَلَيْسَ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَنْكِحَ نِكَاحًا فَاسِدًا فَلاَ يَكُونُ زَوْجًا فَيُطَلِّقُ وَمِثْلُ إسْلاَمِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ أَوْ رِدَّةِ أَحَدِهِمَا فَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ يَكُونَ تَحْتَهُ وَثَنِيَّةٌ وَلاَ لِمُسْلِمَةٍ أَنْ يَكُونَ زَوْجُهَا كَافِرًا وَمِثْلُ الْأَمَةِ تُعْتَقُ فَيَكُونُ الْخِيَارُ إلَيْهَا بِلاَ مَشِيئَةِ زَوْجِهَا. وَمِثْلُ الْخِيَارِ إلَى الْمَرْأَةِ إذَا كَانَ زَوْجُهَا عِنِّينًا أَوْ خَصِيًّا مَجْبُوبًا وَمَا خَيَّرْنَاهَا فِيهِ مِمَّا يَلْزَمُهُ فِيهِ الْفُرْقَةُ وَإِنْ كَرِهَ فَإِنَّمَا ذَلِكَ كُلُّهُ فَسْخٌ لِلْعُقْدَةِ لاَ إيقَاعُ طَلاَقٍ بَعْدَهَا. وَمِثْلُ الْمَرْأَةِ تَمْلِكُ زَوْجَهَا أَوْ يَمْلِكُهَا فَيَفْسَخُ النِّكَاحَ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: وَمِثْلُ الرَّجُلِ يُغَرُّ بِالْمَرْأَةِ فَيَكُونُ لَهُ الْخِيَارُ فَيَخْتَارُ فِرَاقَهَا فَذَلِكَ فَسْخٌ بِلاَ طَلاَقٍ، وَلَوْ ذَهَبَ ذَاهِبٌ إلَى أَنْ يَكُونَ طَلاَقًا لَزِمَهُ أَنْ يَجْعَلَ لِلْمَرْأَةِ نِصْفَ الْمَهْرِ الَّذِي فَرَضَ لَهَا إذَا لَمْ يَمَسَّهَا لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ}.
ما يقع به الطلاق من الكلام وما لا يقع
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: رحمه الله: ذَكَرَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى الطَّلاَقَ فِي كِتَابِهِ بِثَلاَثَةِ أَسْمَاءٍ: الطَّلاَقُ وَالْفِرَاقُ وَالسَّرَاحُ فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {إذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} وَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} وَقَالَ تَبَارَكَ اسْمُهُ لِنَبِيِّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي أَزْوَاجِهِ {إنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ} الآيَةَ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: فَمَنْ خَاطَبَ امْرَأَتَهُ فَأَفْرَدَ لَهَا اسْمًا مِنْ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ قَدْ طَلَّقْتُك أَوْ فَارَقْتُك أَوْ قَدْ سَرَّحْتُك لَزِمَهُ الطَّلاَقُ وَلَمْ يَنْوِ فِي الْحُكْمِ وَنَوَيْنَاهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَيَسَعُهُ إنْ لَمْ يُرِدْ بِشَيْءٍ مِنْهُ طَلاَقًا أَنْ يُمْسِكَهَا وَلاَ يَسَعُهَا أَنْ تُقِيمَ مَعَهُ لِأَنَّهَا لاَ تَعْرِفُ مِنْ صِدْقِهِ مَا يَعْرِفُ مِنْ صِدْقِ نَفْسِهِ وَسَوَاءٌ فِيمَا يَلْزَمُ مِنْ الطَّلاَقِ وَلاَ يَلْزَمُ تَكَلَّمَ بِهِ الزَّوْجُ عِنْدَ غَضَبٍ أَوْ مَسْأَلَةِ طَلاَقٍ أَوْ رِضًا وَغَيْرِ مَسْأَلَةِ طَلاَقٍ، وَلاَ تَصْنَعُ الْأَسْبَابُ شَيْئًا إنَّمَا تَصْنَعُهُ الْأَلْفَاظُ لِأَنَّ السَّبَبَ قَدْ يَكُونُ وَيَحْدُثُ الْكَلاَمُ عَلَى غَيْرِ السَّبَبِ وَلاَ يَكُونُ مُبْتَدَأَ الْكَلاَمِ الَّذِي لَهُ حُكْمٌ فَيَقَعُ فَإِذَا لَمْ يَصْنَعْ السَّبَبَ بِنَفْسِهِ شَيْئًا لَمْ يَصْنَعْهُ بِمَا بَعْدَهُ وَلَمْ يَمْنَعْ مَا بَعْدَهُ أَنْ يَصْنَعَ مَا لَهُ حُكْمٌ إذَا قِيلَ.
وَلَوْ وَصَلَ كَلاَمَهُ فَقَالَ قَدْ فَارَقْتُك إلَى الْمَسْجِدِ أَوْ إلَى السُّوقِ أَوْ إلَى حَاجَةٍ أَوْ قَدْ سَرَّحْتُك إلَى أَهْلِك أَوْ إلَى الْمَسْجِدِ أَوْ قَدْ طَلَّقْتُك مِنْ عِقَالِك أَوْ مَا أَشْبَهَ هَذَا لَمْ يَلْزَمْهُ طَلاَقٌ وَلَوْ مَاتَ لَمْ يَكُنْ طَلاَقًا، وَكَذَلِكَ لَوْ خَرِسَ أَوْ ذَهَبَ عَقْلُهُ لَمْ يَكُنْ طَلاَقًا وَلاَ يَكُونُ طَلاَقًا إلَّا بِأَنْ يَقُولَ أَرَدْت طَلاَقًا وَإِنْ سَأَلَتْ امْرَأَتُهُ أَنْ يُسْأَلَ سُئِلَ وَإِنْ سَأَلَتْ أَنْ يُحَلَّفَ أُحْلِفَ فَإِنْ حَلَفَ مَا أَرَادَ طَلاَقًا لَمْ يَكُنْ طَلاَقًا. وَإِنْ نَكَلَ قِيلَ إنْ حَلَفْتَ طَلُقَتْ وَإِلَّا فَلَيْسَ بِطَلاَقٍ قَالَ وَمَا تَكَلَّمَ بِهِ مِمَّا يُشْبِهُ الطَّلاَقَ سِوَى هَؤُلاَءِ الْكَلِمَاتِ فَلَيْسَ بِطَلاَقٍ حَتَّى يَقُولَ كَانَ مَخْرَجُ كَلاَمِي بِهِ عَلَى أَنِّي نَوَيْت بِهِ طَلاَقًا وَذَلِكَ مِثْلُ قَوْلِهِ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ خَلِيَّةٌ أَوْ خَلَوْتِ مِنِّي أَوْ خَلَوْت مِنْك أَوْ أَنْتِ بَرِيئَةٌ أَوْ بَرِئْت مِنِّي أَوْ بَرِئْت مِنْك أَوْ أَنْتِ بَائِنٌ أَوْ بِنْت مِنِّي أَوْ بِنْت مِنْك أَوْ اذْهَبِي أَوْ اُعْزُبِي أَوْ تَقَنَّعِي أَوْ اُخْرُجِي أَوْ لاَ حَاجَةَ لِي فِيك أَوْ شَأْنُك بِمَنْزِلِ أَهْلِك أَوْ الْزَمِي الطَّرِيقَ خَارِجَةً أَوْ قَدْ وَدَّعْتُك أَوْ قَدْ ودعتيني أَوْ اعْتَدِّي أَوْ مَا أَشْبَهَ هَذَا مِمَّا يُشْبِهُ الطَّلاَقَ فَهُوَ فِيهِ كُلِّهِ غَيْرُ مُطَلِّقٍ حَتَّى يَقُولَ أَرَدْت بِمَخْرَجِ الْكَلاَمِ مِنِّي الطَّلاَقَ فَيَكُونُ طَلاَقًا بِإِرَادَةِ الطَّلاَقِ مَعَ الْكَلاَمِ الَّذِي يُشْبِهُ الطَّلاَقَ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: رحمه الله: وَلَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ خَلِيَّةٌ أَوْ بَعْضَ هَذَا. وَقَالَ قُلْته وَلاَ أَنْوِي طَلاَقًا ثُمَّ أَنَا الْآنَ أَنْوِي طَلاَقًا لَمْ يَكُنْ طَلاَقًا حَتَّى يَبْتَدِئَهُ وَنِيَّتُهُ الطَّلاَقُ فَيَقَعَ حِينَئِذٍ بِهِ الطَّلاَقُ.
[قَالَ]: وَلَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً بَائِنَةً كَانَتْ وَاحِدَةً تَمْلِكُ الرَّجْعَةَ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَكَمَ فِي الْوَاحِدَةِ وَالِاثْنَتَيْنِ بِأَنَّ الزَّوْجَ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ بَعْدَهُمَا فِي الْعِدَّةِ. وَلَوْ تَكَلَّمَ بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ الطَّلاَقِ وَقَرَنَ بِهِ اسْمًا مِنْ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ الَّتِي تُشْبِهُ الطَّلاَقَ أَوْ شَدَّدَ الطَّلاَقَ بِشَيْءٍ مَعَهُ وَقَعَ الطَّلاَقُ بِإِظْهَارِ أَحَدِ أَسْمَائِهِ وَوَقَفَ فِي الزِّيَادَةِ مَعَهُ عَلَى نِيَّتِهِ فَإِنْ أَرَادَ بِهَا زِيَادَةً فِي عَدَدِ الطَّلاَقِ كَانَتْ الزِّيَادَةُ عَلَى مَا أَرَادَ. وَإِنْ لَمْ يُرِدْ بِهَا زِيَادَةً فِي عَدَدِ الطَّلاَقِ كَانَتْ الزِّيَادَةُ كَمَا لَمْ تَكُنْ عَلَى الِابْتِدَاءِ إذَا لَمْ يُرِدْ بِهَا طَلاَقًا وَإِنْ أَرَادَ بِهَا حِينَئِذٍ تَشْدِيدَ طَلاَقٍ لَمْ يَكُنْ تَشْدِيدًا وَكَانَ كَالطَّلاَقِ وَحْدَهُ بِلاَ تَشْدِيدٍ وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ أَنْتِ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ وَبَتَّةٌ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ وَخَلِيَّةٌ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ وَبَائِنٌ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ وَاعْتَدِّي أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ وَلاَ حَاجَةَ لِي فِيك أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ وَالْزَمِي أَهْلَك أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ وَتَقَنَّعِي فَيُسْأَلُ عَنْ نِيَّتِهِ فِي الزِّيَادَةِ فَإِنْ أَرَادَ بِهَا زِيَادَةً فِي عَدَدِ طَلاَقٍ فَهِيَ زِيَادَةٌ وَهِيَ مَا أَرَادَ مِنْ الزِّيَادَةِ فِي عَدَدِ الطَّلاَقِ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ بِهَا زِيَادَةً لَمْ تَكُنْ زِيَادَةً. وَإِنْ قَالَ لَمْ أُرِدْ بِالطَّلاَقِ وَلاَ بِالزِّيَادَةِ مَعَهُ طَلاَقًا لَمْ يُدَنْ فِي الطَّلاَقِ فِي الْحُكْمِ وَدِينَ فِي الزِّيَادَةِ مَعَهُ وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً شَدِيدَةً أَوْ وَاحِدَةً غَلِيظَةً أَوْ وَاحِدَةً ثَقِيلَةً أَوْ وَاحِدَةً طَوِيلَةً أَوْ مَا أَشْبَهَ هَذَا كَانَتْ وَاحِدَةً يَمْلِكُ فِيهَا الرَّجْعَةَ وَلاَ يَكُونُ طَلاَقٌ بَائِنٌ إلَّا مَا أَخَذَ عَلَيْهِ الْمَالَ لِأَنَّ الْمَالَ ثَمَنٌ فَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَمْلِكَ الْمَالَ وَيَمْلِكَ الْبُضْعَ الَّذِي أَخَذَ عَلَيْهِ الْمَالَ.
الحجة في البتة وما أشبهها
[قَالَ الشَّافِعِيُّ] رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: أَخْبَرَنَا عَمِّي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ شَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ السَّائِبِ عَنْ نَافِعِ بْنِ عُجَيْرِ بْنِ عَبْدِ يَزِيدَ (أَنَّ رُكَانَةَ بْنَ عَبْدِ يَزِيدَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ سُهَيْمَةَ أَلْبَتَّةَ ثُمَّ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي طَلَّقْت امْرَأَتِي سُهَيْمَةَ أَلْبَتَّةَ وَوَاللَّهِ مَا أَرَدْت إلَّا وَاحِدَةً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِرُكَانَةَ وَاَللَّهِ مَا أَرَدْت إلَّا وَاحِدَةً؟ فَقَالَ رُكَانَةُ وَاَللَّهِ مَا أَرَدْت إلَّا وَاحِدَةً فَرَدَّهَا إلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) فَطَلَّقَهَا الثَّانِيَةَ فِي زَمَانِ عُمَرَ رضي الله عنه وَالثَّالِثَةَ فِي زَمَانِ عُثْمَانَ رضي الله عنه.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ الْمُطَّلِبِ بْنِ حَنْطَبٍ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ أَلْبَتَّةَ. ثُمَّ أَتَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ مَا حَمَلَك عَلَى ذَلِكَ؟ فَقَالَ قَدْ قُلْته فَتَلاَ عُمَرُ {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا} مَا حَمَلَك عَلَى ذَلِكَ؟ قَالَ قَدْ قُلْته فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه أَمْسِكْ عَلَيْك امْرَأَتَك فَإِنَّ الْوَاحِدَةَ تَبِتُّ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ لِلتَّوْأَمَةِ مِثْلَ الَّذِي قَالَ لِلْمُطَّلِبِ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُ قَالَ لِعَطَاءٍ أَلْبَتَّةَ؟ فَقَالَ يُدَيَّنُ فَإِنْ كَانَ أَرَادَ ثَلاَثًا فَثَلاَثٌ وَإِنْ كَانَ أَرَادَ وَاحِدَةً فَوَاحِدَةٌ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّ شُرَيْحًا دَعَاهُ بَعْضُ أُمَرَائِهِمْ فَسَأَلَهُ عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ فَاسْتَعْفَاهُ شُرَيْحٌ فَأَبَى أَنْ يُعْفِيَهُ، فَقَالَ: أَمَّا الطَّلاَقُ فَسُنَّةٌ. وَأَمَّا الْبَتَّةُ فَبِدْعَةٌ. فَأَمَّا السُّنَّةُ وَالطَّلاَقُ فَأَمْضُوهُ. وَأَمَّا الْبِدْعَةُ وَالْبَتَّةُ فَقَلِّدُوهُ إيَّاهُ وَدَيِّنُوهُ فِيهَا.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُ قَالَ لِعَطَاءٍ الرَّجُلُ يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ خَلِيَّةٌ أَوْ خَلَوْت مِنِّي أَوْ أَنْتِ بَرِيَّةٌ أَوْ بَرِئْت مِنِّي أَوْ يَقُولُ أَنْتِ بَائِنَةٌ أَوْ قَدْ بِنْت مِنِّي؟ قَالَ سَوَاءٌ: قَالَ عَطَاءٌ: وَأَمَّا قَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ فَسُنَّةٌ لاَ يُدَيَّنُ فِي ذَلِكَ هُوَ الطَّلاَقُ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ عَطَاءٌ: أَمَّا قَوْلُهُ أَنْتِ بَرِيَّةٌ أَوْ بَائِنَةٌ، فَذَلِكَ مَا أَحْدَثُوا، سُئِلَ فَإِنْ كَانَ أَرَادَ الطَّلاَقَ فَهُوَ الطَّلاَقُ وَإِلَّا فَلاَ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ بَرِيَّةٌ أَوْ أَنْتِ بَائِنَةٌ أَوْ أَنْتِ خَلِيَّةٌ أَوْ بَرِئْت مِنِّي أَوْ بِنْت مِنِّي قَالَ يُدَيَّنُ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: إنْ أَرَادَ الطَّلاَقَ فَهُوَ الطَّلاَقُ كَقَوْلِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ حَمَّادٍ قَالَ: سَأَلْت إبْرَاهِيمَ عَنْ الرَّجُلِ يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ؟ قَالَ إنْ نَوَى طَلاَقًا فَهُوَ طَلاَقٌ وَإِلَّا فَهُوَ يَمِينٌ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: رحمه الله: وَالْبَتَّةُ تَشْدِيدُ الطَّلاَقِ وَمُحْتَمِلَةٌ لاََنْ تَكُونَ زِيَادَةً فِي عَدَدِ الطَّلاَقِ وَقَدْ جَعَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذْ لَمْ يُرِدْ رُكَانَةُ إلَّا وَاحِدَةً وَاحِدَةً يَمْلِكُ فِيهَا الرَّجْعَةَ فَفِيهِ دَلاَئِلُ. مِنْهَا: أَنَّ تَشْدِيدَ الطَّلاَقِ لاَ يَجْعَلُهُ بَائِنًا وَأَنَّ مَا احْتَمَلَ الزِّيَادَةَ فِي عَدَدِ الطَّلاَقِ مِمَّا سِوَى اسْمِ الطَّلاَقِ لاَ يَكُونُ طَلاَقًا إلَّا بِإِرَادَةِ الْمُتَكَلِّمِ بِهِ وَأَنَّهُ إذَا أَرَادَ الطَّلاَقَ كَانَ طَلاَقًا وَلَوْ كَانَ إذَا أَرَادَ بِهِ زِيَادَةً فِي عَدَدِ الطَّلاَقِ وَلَمْ يَكُنْ طَلاَقًا لَمْ يُحَلِّفْهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا أَرَادَ إلَّا وَاحِدَةً وَإِذَا كَانَ نَوَى زِيَادَةً فِي عَدَدِ الطَّلاَقِ بِمَا يُشْبِهُ الطَّلاَقَ وَقَعَ بِإِرَادَتِهِ. فَإِنْ أَرَادَ فِيمَا يُشْبِهُ الطَّلاَقَ أَنْ يُطَلِّقَ وَاحِدَةً فَوَاحِدَةً وَإِنْ أَرَادَ اثْنَتَيْنِ فَاثْنَتَيْنِ وَإِنْ أَرَادَ ثَلاَثًا فَثَلاَثًا فَإِذَا وَقَعَتْ ثَلاَثٌ بِإِرَادَتِهِ الطَّلاَقَ مَعَ مَا يُشْبِهُ الطَّلاَقَ وَاثْنَتَانِ وَوَاحِدَةٌ كَانَ إذَا تَكَلَّمَ بِاسْمِ الطَّلاَقِ الَّذِي يَقَعُ بِهِ طَلاَقٌ بِنِيَّةِ طَلاَقٍ أَوْ غَيْرِ نِيَّةٍ أَوْلَى أَنْ يَقَعَ. فَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ يَنْوِي اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا فَهُوَ مَا نَوَى مَعَ الْوَاحِدَةِ مِنْ الزِّيَادَةِ وَلاَ أَعْلَمُ شَيْئًا مِمَّا سِوَى مَا سَمَّى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ الطَّلاَقَ أَشْبَهَ فِي الظَّاهِرِ بِأَنْ يَكُونَ طَلاَقًا ثَلاَثًا مِنْ الْبَتَّةِ. فَإِذَا كَانَ إذَا تَكَلَّمَ بِهَا مَعَ الطَّلاَقِ لَمْ يَكُنْ طَلاَقًا إلَّا بِإِرَادَتِهِ كَانَ مَا هُوَ أَضْعَفُ مِنْهَا فِي الظَّاهِرِ مِنْ الْكَلاَمِ أَوْلَى أَنْ لاَ يَكُونَ طَلاَقًا إلَّا بِإِرَادَتِهِ الطَّلاَقَ، وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ لِامْرَأَتِهِ اخْتَارِي أَوْ أَمْرُك بِيَدِك أَوْ قَالَ مَلَّكْتُك أَمْرَك أَوْ أَمْرُك إلَيْك فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا فَقَالَ مَا أَرَدْت بِشَيْءٍ مِنْ هَذَا طَلاَقًا لَمْ يَكُنْ طَلاَقًا. وَسَوَاءٌ قَالَ ذَلِكَ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ بَعْدَهُ لاَ يَكُونُ طَلاَقًا إلَّا بِأَنْ يُقِرَّ أَنَّهُ أَرَادَ بِتَمْلِيكِهَا وَتَخْيِيرِهَا طَلاَقًا قَالَ: وَهَكَذَا لَوْ قَالَتْ لَهُ خالعني فَقَالَ قَدْ خَالَعْتُكِ أَوْ خَلَعْتُك أَوْ قَدْ فَعَلْت لَمْ يَكُنْ طَلاَقًا إلَّا بِإِرَادَتِهِ الطَّلاَقَ وَلَمْ يَأْخُذْ مِمَّا أَعْطَتْهُ شَيْئًا إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِ طَلاَقًا، وَذَلِكَ أَنَّ طَلاَقَ الْبَتَّةِ يَحْتَمِلُ الْإِثْبَاتَ الَّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ شَيْءٌ وَيَحْتَمِلُ تَطْلِيقَةً وَاحِدَةً لِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهَا أَنَّهَا مُنْبَتَّةٌ حَتَّى يَرْتَجِعَهَا، وَالْخَلِيَّةُ وَالْبَرِيَّةُ وَالْبَائِنُ مِنْهُ يُحْتَمَلُ خَلِيَّةٌ مِمَّا يَعْنِينِي وَبَرِيَّةٌ مِمَّا يَعْنِينِي وَبَائِنٌ مِنْ النِّسَاءِ وَمِنِّي بِالْمَوَدَّةِ، وَاخْتَارِي شَيْئًا غَيْرَ الطَّلاَقِ مِنْ مَالٍ أَوْ ضَرْبٍ أَوْ مَقَامٍ عَلَيَّ حَسَنٍ أَوْ قَبِيحٍ، وَأَمْرُك بِيَدِك أَنَّك تَمْلِكِينَ أَمْرَك فِي مَالِكٍ غَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ أَمْرُك إلَيْك وَكَذَلِكَ مَلَّكْتُك أَمْرَك، وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ تَطْلِيقَةً شَدِيدَةً أَوْ غَلِيظَةً أَوْ مَا أَشْبَهَ هَذَا مِنْ تَشْدِيدِ الطَّلاَقِ أَوْ تَطْلِيقَةً بَائِنًا كَانَ كُلُّ هَذَا تَطْلِيقَةً تَمْلِكُ الرَّجْعَةَ، وَإِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَهُ لَمْ يَكُنْ طَلاَقًا وَكُلُّ مَا لَمْ يُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَهُ فَهُوَ مِنْ حَدِيثِ النَّفْسِ الْمَوْضُوعِ عَنْ بَنِي آدَمَ، وَهَكَذَا إنْ طَلَّقَ ثَلاَثًا بِلِسَانِهِ وَاسْتَثْنَى فِي نَفْسِهِ لَزِمَهُ طَلاَقُ ثَلاَثٍ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ اسْتِثْنَاءٌ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ حَدِيثُ نَفْسٍ لاَ حُكْمَ لَهُ فِي الدُّنْيَا.
وَإِنْ كَلَّمَ امْرَأَتَهُ بِمَا لاَ يُشْبِهُ الطَّلاَقَ وَقَالَ أَرَدْت بِهِ الطَّلاَقَ لَمْ يَكُنْ طَلاَقًا، وَإِنَّمَا تَعْمَلُ النِّيَّةُ مَعَ مَا يُشْبِهُ مَا نَوَيْته بِهِ وَذَلِكَ أَنْ يَقُولَ لَهَا بَارَكَ اللَّهُ فِيك أَوْ اسْقِينِي أَوْ أَطْعِمِينِي أَوْ زَوِّدِينِي أَوْ مَا أَشْبَهَ هَذَا وَلَكِنَّهُ لَوْ قَالَ لَهَا افْلَحِي أَوْ اذْهَبِي أَوْ اُغْرُبِي أَوْ أَشْرِبِي يُرِيدُ بِهِ طَلاَقًا كَانَ طَلاَقًا، وَكُلُّ هَذَا يُقَالُ لِلْخَارِجِ وَالْمُفَارِقِ يُقَالُ لَهُ افْلَحْ كَمَا يُقَالُ لَهُ اذْهَبْ وَيُقَالُ لَهُ اُغْرُبْ اذْهَبْ بُعْدًا، وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ يُكَلِّمُ مَا يَكْرَهُ أَوْ يَضْرِبُ اشْرَبْ، وَكَذَلِكَ ذُقْ أَوْ اطْعَمْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ يَذْكُرُ بَعْضَ مَنْ عَذَّبَ {ذُقْ إنَّك أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ} وَلَوْ قَالَ لَهَا اذْهَبِي وَتَزَوَّجِي أَوْ تَزَوَّجِي مَنْ شِئْت لَمْ يَكُنْ طَلاَقًا حَتَّى يَقُولَ أَرَدْت بِهِ الطَّلاَقَ، وَهَكَذَا إنْ قَالَ اذْهَبِي فَاعْتَدِّي، وَلَوْ قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ لَمْ يَقَعْ بِهِ طَلاَقٌ حَتَّى يُرِيدَ الطَّلاَقَ فَإِذَا أَرَادَ بِهِ الطَّلاَقَ فَهُوَ طَلاَقٌ وَهُوَ مَا أَرَادَ مِنْ عَدَدِ الطَّلاَقِ وَإِنْ أَرَادَ طَلاَقًا وَلَمْ يُرِدْ عَدَدًا مِنْ الطَّلاَقِ فَهِيَ وَاحِدَةٌ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ، وَإِنْ قَالَ أَرَدْت تَحْرِيمَهَا بِلاَ طَلاَقٍ لَمْ تَكُنْ حَرَامًا وَكَانَتْ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَيُصِيبُهَا إنْ شَاءَ قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ وَإِنَّمَا قُلْنَا عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ إذَا أَرَادَ تَحْرِيمَهَا وَلَمْ يُرِدْ طَلاَقَهَا أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَرَّمَ جَارِيَتَهُ فَأُمِرَ بِكَفَّارَةِ يَمِينٍ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَك تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِك وَاَللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} الآيَةَ. فَلَمَّا لَمْ يُرِدْ الزَّوْجُ بِتَحْرِيمِ امْرَأَتِهِ طَلاَقًا كَانَ أَوْقَعَ التَّحْرِيمَ عَلَى فَرْجٍ مُبَاحٍ لَهُ لَمْ يَحْرُمْ بِتَحْرِيمِهِ فَلَزِمَتْهُ كَفَّارَةٌ فِيهِ كَمَا لَزِمَ مَنْ حَرَّمَ أَمَتَهُ كَفَّارَةٌ فِيهَا وَلَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ بِتَحْرِيمِهِ لِأَنَّهُمَا مَعًا تَحْرِيمٌ لِفَرْجَيْنِ لَمْ يَقَعْ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا طَلاَقٌ، وَلَوْ قَالَ كُلُّ مَا أَمْلِكُ عَلَيَّ حَرَامٌ يَعْنِي امْرَأَتَهُ وَجَوَارِيَهُ وَمَالَهُ كَفَّرَ عَنْ الْمَرْأَةِ وَالْجَوَارِي كَفَّارَةً كَفَّارَةً إذَا لَمْ يُرِدْ طَلاَقَ الْمَرْأَةِ وَلَوْ قَالَ مَالِي عَلَيَّ حَرَامٌ لاَ يُرِيدُ امْرَأَتَهُ وَلاَ جَوَارِيَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَلَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ مَالُهُ.
باب الشك واليقين في الطلاق
[قَالَ الشَّافِعِيُّ] رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ أَنَا أَشُكُّ أَطَلَّقْت امْرَأَتِي أَمْ لاَ، قِيلَ لَهُ الْوَرَعُ أَنْ تُطَلِّقَهَا فَإِنْ كُنْت تَعْلَمُ أَنَّك إنْ كُنْت قَدْ طَلَّقْت لَمْ تُجَاوِزْ وَاحِدَةً قُلْنَا قَدْ طَلَّقْت وَاحِدَةً فَاعْتَدَّتْ مِنْك بِإِقْرَارِك بِالطَّلاَقِ وَإِنْ أَرَدْت رَجْعَتَهَا فِي الْعِدَّةِ فَأَنْتَ أَمْلَكُ بِهَا وَهِيَ مَعَك بِاثْنَتَيْنِ وَإِذَا طَلَّقْتهَا بِاثْنَتَيْنِ وَقَدْ أَوْقَعْت أَوَّلاً الثَّالِثَةَ حَرُمَتْ عَلَيْك حَتَّى يُحِلَّهَا لَك زَوْجٌ فَتَكُونَ مَعَك هَكَذَا وَإِنْ كُنْت تَشُكُّ فِي الطَّلاَقِ فَلَمْ تَدْرِ أَثْلاَثًا طَلَّقْت أَوْ وَاحِدَةً فَالْوَرَعُ أَنَّك تُقِرُّ بِأَنَّك طَلَّقْتهَا ثَلاَثًا وَالِاحْتِيَاطُ لَك أَنْ تُوقِعَهَا فَإِنْ كَانَتْ وَقَعَتْ لَمْ تَضُرَّك الثَّلاَثُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَقَعَتْ أَوْقَعْتهَا بِثَلاَثٍ لِتَحِلَّ لَك بَعْدَ زَوْجٍ يُصِيبُهَا، وَلاَ يَلْزَمُك فِي الْحُكْمِ مِنْ هَذَا شَيْءٌ لِأَنَّهَا كَانَتْ حَلاَلاً لَك فَلاَ تَحْرُمُ عَلَيْك إلَّا بِيَقِينِ تَحْرِيمٍ فَإِنْ تَشُكَّ فِي تَحْرِيمٍ فَلاَ تَحْرُمُ عَلَيْك وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (إنَّ الشَّيْطَانَ يَأْتِي أَحَدَكُمْ فَيَنْفُخُ بَيْنَ أَلْيَتَيْهِ فَلاَ يَنْصَرِفْ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا).
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: رحمه الله: هَذَا كَانَ عَلَى يَقِينِ الْوُضُوءِ وَشَكَّ فِي انْتِقَاضِهِ فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَثْبُتَ عَلَى يَقِينِ الْوُضُوءِ وَلاَ يَنْصَرِفَ مِنْ الصَّلاَةِ بِالشَّكِّ حَتَّى يَسْتَيْقِنَ بِانْتِقَاضِ الْوُضُوءِ بِأَنْ يَسْمَعَ مِنْ نَفْسِهِ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا، وَهُوَ فِي مَعْنَى الَّذِي يَكُونُ عَلَى يَقِينِ النِّكَاحِ وَيَشُكُّ فِي تَحْرِيمِ الطَّلاَقِ وَلاَ يُخَالِفُهُ، وَإِنْ سَأَلَتْ يَمِينَهُ أُحْلِفَ مَا طَلَّقَهَا فَإِنْ حَلَفَ فَهِيَ امْرَأَتُهُ وَإِنْ نَكَلَ وَحَلَفَتْ طَلُقَتْ عَلَيْهِ وَإِنْ نَكَلَتْ فَهِيَ امْرَأَتُهُ بِحَالِهَا، وَإِنْ مَاتَتْ فَسَأَلَ ذَلِكَ وَرَثَتُهَا لِيَمْنَعُوهُ مِيرَاثَهَا فَذَلِكَ لَهُمْ وَيَقُومُونَ فِي ذَلِكَ مَقَامَهَا.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمَيِّتُ فَسَأَلَ وَرَثَتُهُ أَنْ تُمْنَعَ مِيرَاثَهَا مِنْهُ بِقَوْلِهِ فَلَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ وَإِنْ سَأَلُوا يَمِينَهَا وَقَالُوا إنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلاَثًا وَهُوَ صَحِيحٌ أُحْلِفَتْ مَا عَلِمَتْ ذَلِكَ فَإِنْ حَلَفَتْ وَرِثَتْ وَإِنْ نَكَلَتْ حَلَفُوا لَقَدْ طَلَّقَهَا ثَلاَثًا وَلَمْ تَرِثْ، وَلَوْ اسْتَيْقَنَ بِطَلاَقٍ وَاحِدَةً وَشَكَّ فِي الزِّيَادَةِ لَزِمَتْهُ وَاحِدَةٌ بِالْيَقِينِ وَكَانَ فِيمَا شَكَّ فِيهِ مِنْ الزِّيَادَةِ كَهُوَ فِيمَا شَكَّ أَوَّلاً مِنْ تَطْلِيقَةٍ أَوْ ثَلاَثٍ [قَالَ]: وَلَوْ شَكَّ فِي طَلاَقٍ فَأَقَامَ مَعَهَا فَأَصَابَهَا وَمَاتَتْ وَأَخَذَ مِيرَاثَهَا ثُمَّ اسْتَيْقَنَ أَنَّهُ كَانَ طَلَّقَهَا فِي الْوَقْتِ الَّذِي نَسَبَ إلَى نَفْسِهِ فِيهِ الشَّكَّ فِي طَلاَقِهَا أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ أُخِذَ مِنْهُ مَهْرُ مِثْلِهَا بِالْإِصَابَةِ وَرَدَّ جَمِيعَ مَا أَخَذَ مِنْ مِيرَاثِهَا، وَلَوْ كَانَ هُوَ الشَّاكُّ فِي طَلاَقِهَا ثَلاَثًا وَمَاتَ وَقَدْ أَصَابَهَا بَعْدَ شَكِّهِ وَأَخَذَتْ مِيرَاثَهُ ثُمَّ أَقَرَّتْ أَنَّهَا قَدْ عَلِمَتْ أَنَّهُ كَانَ قَدْ طَلَّقَهَا فِي تِلْكَ الْحَالِ ثَلاَثًا رَدَّتْ الْمِيرَاثَ وَلَمْ تُصَدِّقْ عَلَى أَنَّ لَهَا مَهْرًا بِالْإِصَابَةِ وَلَوْ ادَّعَتْ الْجَهَالَةَ بِأَنَّ الْإِصَابَةَ كَانَتْ تَحْرُمُ عَلَيْهَا أَوْ ادَّعَتْ غَصْبَهُ إيَّاهَا عَلَيْهِ أَوْ لَمْ تَدَّعِ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا تُصَدَّقُ عَلَى مَا عَلَيْهَا أَحَلَفْنَاهُ وَلاَ تُصَدَّقُ عَلَى مَا تَأْخُذُ مِنْ مَالِ غَيْرِهَا، وَلَوْ أَقَرَّ لَهَا الْوَرَثَةُ بِمَا ذَكَرَتْ كَانَ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَتَرُدُّ مَا أَخَذَتْ مِنْ مِيرَاثِهِ.
وَلَوْ شَكَّ فِي عِتْقِ رَقِيقِهِ كَانَ هَكَذَا لاَ يُعْتَقُونَ إلَّا بِيَقِينِهِ بِعِتْقِهِمْ، وَإِنْ أَرَادُوا أَحَلَفْنَاهُ لَهُمْ فَإِنْ حَلَفَ فَهُمْ رَقِيقُهُ وَإِنْ نَكَلَ فَحَلَفُوا عَتَقُوا، وَإِنْ حَلَفَ بَعْضُهُمْ وَنَكَلَ بَعْضٌ عَتَقَ مَنْ حَلَفَ مِنْهُمْ وَرُقَّ مَنْ لَمْ يَحْلِفْ، وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ صَغِيرٌ أَوْ مَعْتُوهٌ كَانَ رَقِيقًا بِحَالِهِ وَلاَ نُحَلِّفُهُ إلَّا لِمَنْ أَرَادَ يَمِينَهُ مِنْهُمْ، وَلَوْ اسْتُيْقِنَ أَنَّهُ حَنِثَ فِي صِحَّتِهِ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ طَلاَقٍ أَوْ عَتَاقٍ وَقَفْنَاهُ عَنْ نِسَائِهِ وَرَقِيقِهِ حَتَّى يُبَيِّنَ أَيَّهمْ أَرَادَ وَنُحَلِّفُهُ لِلَّذِي زَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِالْيَمِينِ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَحْلِفَ أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ فَإِنْ وَقَعَتْ الْقُرْعَةُ عَلَى الرَّقِيقِ عَتَقُوا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَإِنْ وَقَعَتْ عَلَى النِّسَاءِ لَمْ نُطَلِّقْهُنَّ بِالْقُرْعَةِ وَلَمْ نُعْتِقْ الرَّقِيقَ وَوَرِثَهُ النِّسَاءُ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّهُنَّ أَزْوَاجٌ حَتَّى يُسْتَيْقَنَ بِأَنَّهُ طَلَّقَهُنَّ وَلَمْ يُسْتَيْقَنْ وَالْوَرَعُ أَنْ يَدَعْنَ مِيرَاثَهُ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ وَهُوَ مَرِيضٌ فَسَوَاءٌ كُلُّهُ لِأَنَّ الرَّقِيقَ يُعْتَقُونَ مِنْ الثُّلُثِ [قَالَ]: وَإِذَا قَالَ لِامْرَأَتَيْنِ لَهُ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ ثَلاَثًا وَلِنِسْوَةٍ لَهُ إحْدَاكُنَّ طَالِقٌ أَوْ اثْنَتَانِ مِنْكُنَّ طَالِقَانِ مُنِعَ مِنْهُنَّ كُلِّهِنَّ وَأُخِذَ بِنَفَقَتِهِنَّ حَتَّى يَقُولَ الَّتِي أَرَدْت هَذِهِ وَاَللَّهِ مَا أَرَدْت هَاتَيْنِ. فَإِنْ أَرَادَ الْبَوَاقِي أَنْ يَحْلِفَ لَهُنَّ أُحْلِفَ بِدَعْوَاهُنَّ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُرِدْنَهُ لَمْ أُحَلِّفْهُ لَهُنَّ لِأَنَّهُ قَدْ أَبَانَ أَنَّ طَلاَقَهُ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِنَّ وَأَنَّهُ وَقَعَ عَلَى غَيْرِهِنَّ، وَلَوْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَقَالَ لِإِحْدَاهُمَا لَمْ أَعْنِ هَذِهِ بِالطَّلاَقِ كَانَ ذَلِكَ إقْرَارًا مِنْهُ بِأَنَّهُ طَلَّقَ الْأُخْرَى إذَا كَانَ مُقِرًّا بِطَلاَقِ إحْدَاهُمَا فَإِنْ كَانَ مُنْكِرًا لَمْ يَلْزَمْهُ طَلاَقُ إحْدَاهُمَا بِعَيْنِهَا إلَّا بِإِقْرَارٍ يُحْدِثُهُ بِطَلاَقِهَا، وَلَوْ قَالَ لَيْسَتْ هَذِهِ الَّتِي أَوْقَعْت عَلَيْهَا الطَّلاَقَ الَّتِي أَرَدْت أَوْقَعْنَ الطَّلاَقَ عَلَيْهَا أَوْ لَمْ نُوقِعْهُ حَتَّى قَالَ أَخْطَأْت وَهَذِهِ الَّتِي زَعَمْت أَنِّي لَمْ أُرِدْهَا بِالطَّلاَقِ الَّتِي أَرَدْتهَا بِهِ طَلُقَتَا مَعًا بِإِقْرَارِهِ بِهِ، وَهَكَذَا إذَا كَانَ فِي أَكْثَرَ مِنْ اثْنَتَيْنِ مِنْ النِّسَاءِ، وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتَيْنِ لَهُ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَقَالَ وَاَللَّهِ مَا أَدْرِي أَيَّتَهمَا عَنَيْت وُقِفَ عَنْهُمَا وَاخْتِيرَ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهُمَا وَلَمْ نُجْبِرْهُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى يُبَيِّنَ أَيَّتَهمَا أَرَادَ بِالطَّلاَقِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: أَوْلَى أَنْ أَوْقَعَ الطَّلاَقَ عَلَى إحْدَاهُمَا؟ قِيلَ لَهُ: إنْ فَعَلْت أَلْزَمْنَاك مَا أَوْقَعْت الْآنَ وَلَمْ نُخْرِجْك مِنْ الطَّلاَقِ الْأَوَّلِ فَأَنَا عَلَى يَقِينٍ مِنْ أَنَّهُ أَوْقَعَ عَلَى إحْدَاهُمَا وَلاَ نَخْرُجُك مِنْهُ إلَّا بِأَنْ تَزْعُمَ أَنْ تُخْرِجَهُ عَلَى وَاحِدَةٍ بِعَيْنِهَا دُونَ الْأُخْرَى، وَإِنْ قُلْته فَأَرَدْت الْأُخْرَى أَحَلَفْنَاك لَهَا فَإِنْ لَمْ يَقُلْ أَرَدْت وَاحِدَةً بِعَيْنِهَا وَلَمْ يَحْلِفْ حَتَّى مَاتَتْ إحْدَاهُمَا وَقَفْنَا لَهُ مِيرَاثَهُ مِنْهَا فَإِنْ زَعَمَ أَنَّ الَّتِي طَلَّقَ الْحَيَّةُ وَرَّثْنَا مِنْ الْمَيِّتَةِ وَإِنْ أَرَادَ وَرَثَتُهَا أَحَلَفْنَاهُ لَهُمْ مَا طَلَّقَهَا وَجَعَلْنَا لَهُ مِيرَاثَهُ مِنْهَا إذَا كُنَّا لاَ نَعْرِفُ أَيَّتَهمَا طَلَّقَ إلَّا بِقَوْلِهِ فَسَوَاءٌ مَاتَتْ إحْدَاهُمَا وَبَقِيَتْ الْأُخْرَى أَوْ مَاتَتَا مَعًا أَوْ لَمْ يَمُوتَا، وَهَكَذَا لَوْ مَاتَتْ إحْدَاهُمَا قَبْلَ الْأُخْرَى أَوْ مَاتَتَا جَمِيعًا مَعًا أَوْ لَمْ يَعْرِفْ أَيَّتَهمَا مَاتَتْ قَبْلُ وَقَفْنَا لَهُ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مِيرَاثَ زَوْجٍ فَإِذَا قَالَ لِإِحْدَاهُمَا هِيَ الَّتِي طَلَّقْت ثَلاَثًا رَدَدْنَا عَلَى أَهْلِهَا مَا وَقَفْنَا لِزَوْجِهَا وأحلفناه لِوَرَثَةِ الْأُخْرَى إنْ شَاءُوا فَجَعَلْنَا لَهُ مِيرَاثَهُ مِنْهَا وَإِنْ كَانَ فِي وَرِيثِهَا صِغَارٌ وَلَمْ يُرِدْ الْكِبَارُ يَمِينَهُ لَمْ نُعْطِهِ مِيرَاثَهَا إلَّا بِيَمِينٍ، وَهَكَذَا إنْ كَانَ فِيهِمْ غَائِبٌ. وَلَوْ كَانَ الطَّلاَقُ فِي هَذَا كُلِّهِ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ فَمَاتَتَا فِي الْعِدَّةِ وَرِثَهُمَا أَوْ مَاتَ وَرِثَتَاهُ لِأَنَّهُمَا مَعًا فِي مَعَانِي الْأَزْوَاجِ فِي الْمِيرَاثِ وَأَكْبَرِ أَمْرِهِمَا، وَلَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا وَكَانَ هُوَ الْمَيِّتُ قَبْلَهُمَا وَالطَّلاَقُ ثَلاَثًا وَقَفْنَا لَهُمَا مِيرَاثَ امْرَأَةٍ حَتَّى يَصْطَلِحَا لِأَنَّا لَوْ قَسَمْنَاهُ بَيْنَهُمَا أَيْقَنَّا أَنَّا قَدْ مَنَعْنَا الزَّوْجَةَ نِصْفَ حَقِّهَا وَأَعْطَيْنَا غَيْرَ الزَّوْجَةِ نِصْفَ حَقِّ الزَّوْجَةِ، وَإِذَا وَقَفْنَاهُ فَإِنْ عَرَفْنَاهُ لِإِحْدَاهُمَا فَلَمَّا لَمْ يُبَيِّنْ لِأَيِّهِمَا هُوَ وَقَفْنَاهُ حَتَّى نَجِدَ عَلَى الزَّوْجِ بَيِّنَةً نَأْخُذَ بِهَا أَوْ تَصَادَقَا مِنْهُمَا فَيَلْزَمُهُمَا أَنْ يَصْطَلِحَا فَتَكُونَ إحْدَاهُمَا قَدْ عَفَتْ بَعْضَ حَقِّهَا أَوْ تَرَكَتْ مَا لَيْسَ لَهَا فَلاَ يَكُونُ لَنَا فِي صُلْحِهِمَا حُكْمٌ أَلْزَمْنَاهُمَا كَارِهِينَ وَلاَ إحْدَاهُمَا، وَلَوْ مَاتَتْ إحْدَاهُمَا قَبْلَهُ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُبَيِّنَ ثُمَّ مَاتَتْ الْأُخْرَى بَعْدَهُ سُئِلَ الْوَرَثَةُ فَإِنْ قَالُوا إنَّ طَلاَقَهُ قَدْ وَقَعَ عَلَى الْمَيِّتَةِ وَرِثَتْهُ الْحَيَّةُ بِلاَ يَمِينٍ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ لِأَنَّهُمْ يُقِرُّونَ أَنَّ فِي مَالِهِ حَقًّا لِلْحَيَّةِ وَلاَ حَقَّ لَهُ فِي مِيرَاثِ الْمَيِّتَةِ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْوَرَثَةُ كِبَارًا رَشَدًا يَكُونُ أَمْرُهُمْ فِي أَمْوَالِهِمْ جَائِزًا، وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ صَغِيرٌ جَازَ فِي حَقِّ الْكِبَارِ الرُّشْد إقْرَارُهُمْ وَوُقِفَ لِلزَّوْجِ الْمَيِّتِ حِصَّةُ الصِّغَارِ وَمَنْ كَانَ كَبِيرًا غَيْرَ رَشِيدٍ مِنْ مِيرَاثِ زَوْجٍ حَتَّى يَبْلُغُوا الرُّشْدَ وَالْحُلُمَ وَالْمَحِيضَ، وَوُقِفَ لِلزَّوْجَةِ الْحَيَّةِ بَعْدَ حِصَّتِهَا مِنْ مِيرَاثِ امْرَأَةٍ حَتَّى يَبْلُغُوا، وَلَوْ كَانَ الْوَرَثَةُ كِبَارًا فَقَالُوا الَّتِي طَلَّقَ ثَلاَثًا هِيَ الْمَرْأَةُ الْحَيَّةُ بَعْدَهُ فَفِيهَا قَوْلاَنِ. أَحَدُهُمَا: أَنَّهُمْ يَقُومُونَ مَقَامَ الْمَيِّتِ فَيَحْلِفُونَ عَلَى الْبَتِّ أَنَّ فُلاَنَةَ الْحَيَّةَ بَعْدَهُ الَّتِي طَلَّقَ ثَلاَثًا وَلاَ يَكُونُ لَهَا مِيرَاثٌ مِنْهُ وَيَأْخُذُونَ لَهُ مِيرَاثَهُ مِنْ الْمَيِّتَةِ قَبْلَهُ كَمَا يَكُونُ لَهُ الْحَقُّ بِشَاهِدٍ فَيَحْلِفُونَ أَنَّ حَقَّهُ لِحَقٍّ وَيَقُومُونَ مَقَامَهُ فِي الْيَمِينِ وَالْيَمِينُ عَلَى الْبَتِّ لِأَنَّهُمْ قَدْ يَعْلَمُونَ ذَلِكَ بِخَبَرِهِ وَخَبَرِ مَنْ يُصَدِّقُونَ غَيْرَهُ، وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ صِغَارٌ وُقِفَ حَقُّ الصِّغَارِ مِنْ مِيرَاثِ الْأَبِ مِنْ الْمَيِّتَةِ قَبْلَهُ حَتَّى يَحْلِفُوا فَيَأْخُذُوهُ أَوْ يَنْكُلُوا فَيَبْطُلَ أَوْ يَمُوتُوا فَيَقُومَ وَرَثَتُهُمْ مَكَانَهُمْ كَمَا يَكُونُ فِيمَا وَصَفْنَا مِنْ يَمِينٍ وَشَاهِدٍ وَيُوقَفُ قَدْرُ حَقِّهِمْ مِنْ مِيرَاثِ أَبِيهِمْ لِلْمَرْأَةِ الْحَيَّةِ بَعْدَهُ لِيُقِرُّوا لَهَا فَيَأْخُذُوهُ وَيَبْطُلُ حَقُّهُمْ مِنْ الْأُخْرَى وَيَحْلِفُوا فَيَأْخُذُوا حَقَّهُمْ مِنْ الْأُخْرَى وَيَبْطُلُ حَقُّهَا الَّذِي وُقِفَ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنْ يُوقَفَ لَهُ مِيرَاثُ زَوْجٍ مِنْ الْمَيِّتَةِ قَبْلَهُ وَلِلْمَيِّتَةِ بَعْدَهُ مِيرَاثُ امْرَأَةٍ مِنْهُ حَتَّى تَقُومَ بَيِّنَةٌ أَوْ يَصْطَلِحَ وَرَثَتُهُ وَوَرَثَتُهَا.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: رحمه الله: وَلَوْ رَأَى امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ مُطَّلِعَةً فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلاَثًا وَقَدْ أَثْبَتَ أَنَّهَا مِنْ نِسَائِهِ وَلاَ يَدْرِي أَيَّتَهنَّ هِيَ؟ فَقَالَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ أَنَا هِيَ أَوْ جَحَدَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ أَنْ تَكُونَ هِيَ أَوْ ادَّعَتْ ذَلِكَ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ أَوْ اثْنَتَانِ وَجَحَدَ الْبَوَاقِي فَسَوَاءٌ وَلاَ يَقَعُ الطَّلاَقُ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ إلَّا أَنْ يَقُولَ هِيَ هَذِهِ فَإِذَا قَالَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ هِيَ هَذِهِ وَقَعَ عَلَيْهَا الطَّلاَقُ، وَمَنْ سَأَلَ مِنْهُنَّ أَنْ يَحْلِفَ لَهَا مَا طَلَّقَهَا أُحْلِفَ وَمَنْ لَمْ تَسْأَلْ لَمْ يَحْلِفْ لِأَنَّهُ أَوْقَعَ الطَّلاَقَ عَلَى وَاحِدَةٍ وَلَمْ نَعْلَمْهُ طَلَّقَ اثْنَتَيْنِ، وَلَوْ أَقَرَّ لِوَاحِدَةٍ ثُمَّ قَالَ أَخْطَأْت هِيَ هَذِهِ الْأُخْرَى لَزِمَهُ الطَّلاَقُ لِلْأُولَى الَّتِي أَقَرَّ لَهَا وَهَكَذَا لَوْ صَنَعَ هَذَا فِيهِنَّ كُلِّهِنَّ لَزِمَهُ الطَّلاَقُ لَهُنَّ كُلِّهِنَّ، وَلَوْ قَالَ هِيَ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ بَلْ هَذِهِ لَزِمَهُ طَلاَقُ الَّتِي قَالَ بَلْ هَذِهِ وَطَلاَقُ إحْدَى الِاثْنَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَالَ هِيَ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ، وَلَوْ قَالَ هِيَ هَذِهِ بَلْ هَذِهِ طَلُقَتْ الْأُولَى وَوَقَعَ عَلَى الثَّانِيَةِ الَّتِي قَالَ بَلْ هَذِهِ، وَلَوْ قَالَ إحْدَاكُنَّ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ فِي وَاحِدَةٍ هِيَ هَذِهِ ثُمَّ قَالَ وَاَللَّهِ مَا أَدْرِي أَهِيَ هِيَ أَوْ غَيْرُهَا طَلُقَتْ الْأُولَى بِالْإِقْرَارِ وَوُقِفَ عَنْ الْبَوَاقِي وَلَمْ يَكُنْ كَاَلَّذِي قَالَ عَلَى الِابْتِدَاءِ مَا أَدْرِي أَطَلَّقْت أَوْ لاَ هَذَا مُطَلِّقٌ بِيَقِينٍ ثُمَّ أَقَرَّ لِوَاحِدَةٍ فَأَلْزَمْنَا لَهُ الْإِقْرَارَ ثُمَّ أَخْبَرْنَا أَنَّهُ لاَ يَدْرِي أَصَدَقَ فِي إقْرَارِهِ فَحَلَّ لَهُ مِنْهُنَّ غَيْرُهَا أَوْ لَمْ يَصْدُقْ فَتَكُونُ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ وَيَكُونُ فِي الْبَوَاقِي كَهُوَ فِي الِابْتِدَاءِ مَا كَانَ مُقِيمًا عَلَى الشَّكِّ، فَإِذَا قَالَ قَدْ اسْتَيْقَنْت أَنَّ الَّذِي قُلْت أَوَّلاً هِيَ الَّتِي طَلَّقْت كَمَا قُلْت فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَأَيَّتُهُنَّ أَرَادَتْ أَنْ أُحَلِّفَهُ لَهَا أَحَلَفْتَهُ، وَلَوْ قَالَ هِيَ هَذِهِ ثُمَّ قَالَ مَا أَدْرِي أَهِيَ هِيَ أَمْ لاَ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَتَبَيَّنَ لَمْ تَرِثْهُ الَّتِي قَالَ هِيَ هَذِهِ إنْ كَانَ لاَ يَمْلِكُ رَجْعَتَهَا وَوَرِثَهُ الثَّلاَثُ مَعًا وَلاَ يَمْنَعْنَ مِيرَاثَهُ بِالشَّكِّ فِي طَلاَقِهِنَّ وَلاَ طَلاَقِ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ وَلَوْ قَالَ عَلَى الِابْتِدَاءِ مَا أَدْرِي أَطَلَّقْت نِسَائِي أَمْ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ أَمْ لاَ؟ ثُمَّ مَاتَ وَرِثْنَهُ مَعًا وَلاَ يَمْنَعْنَ مِيرَاثَهُ بِالشَّكِّ فِي طَلاَقِهِنَّ.
الإيلاء واختلاف الزوجين في الإصابة
[أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ] قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ قَالَ: قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبَّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاَقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: أَدْرَكْت بِضْعَةَ عَشَرٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كُلُّهُمْ يَقُولُ بِوَقْفِ الْمُولِي.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ قَالَ: شَهِدْت عَلِيًّا رضي الله تعالى عنه أَوْقَفَ الْمُولِيَ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ أَنَّ عَلِيًّا رضي الله تعالى عنه أَوْقَفَ الْمُولِيَ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ طَاوُسٍ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رضي الله تعالى عنه كَانَ يُوقِفُ الْمُولِيَ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: رحمه الله: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: كَانَتْ عَائِشَةُ رضي الله تعالى عنها إذَا ذُكِرَ لَهَا الرَّجُلُ يَحْلِفُ أَنْ لاَ يَأْتِيَ امْرَأَتَهُ فَيَدَعُهَا خَمْسَةَ أَشْهُرٍ لاَ تَرَى ذَلِكَ شَيْئًا حَتَّى يُوقِفَ وَتَقُولُ كَيْفَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ؟ {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: رحمه الله: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: إذَا آلَى الرَّجُلُ مِنْ امْرَأَتِهِ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ طَلاَقٌ وَإِنْ مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ حَتَّى يُوقِفَ فَإِمَّا أَنْ يُطَلِّقَ وَإِمَّا أَنْ يَفِيءَ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَلِيًّا رضي الله تعالى عنه كَانَ يُوقِفُ الْمُولِيَ.
اليمين التي يكون بها الرجل موليا
[قَالَ الشَّافِعِيُّ] رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: الْيَمِينُ الَّتِي فَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى كَفَّارَتَهَا الْيَمِينُ بِاَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلاَ يَحْلِفُ بِشَيْءٍ دُونَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِقَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (إنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ فَمَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاَللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ).
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: فَمَنْ حَلَفَ بِاَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ إذَا حَنِثَ وَمَنْ حَلَفَ بِشَيْءٍ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَيْسَ بِحَانِثٍ وَلاَ كَفَّارَةَ عَلَيْهِ إذَا حَنِثَ وَالْمُولِي مَنْ حَلَفَ بِيَمِينٍ يَلْزَمُهُ بِهَا كَفَّارَةٌ وَمَنْ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ شَيْئًا يَجِبُ عَلَيْهِ إذَا أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ إنْ جَامَعَ امْرَأَتَهُ فَهُوَ فِي مَعْنَى الْمُولِي لِأَنَّهُ لاَ يَعْدُو أَنْ يَكُونَ مَمْنُوعًا مِنْ الْجِمَاعِ إلَّا بِشَيْءٍ يَلْزَمُهُ بِهِ وَمَا أَلْزَمَ نَفْسَهُ مِمَّا لَمْ يَكُ يَلْزَمُهُ قَبْلَ إيجَابِهِ أَوْ كَفَّارَةُ يَمِينٍ. [قَالَ]: وَمَنْ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ شَيْئًا لاَ يَجِبُ عَلَيْهِ مَا أَوْجَبَ وَلاَ بَدَلَ مِنْهُ فَلَيْسَ بِمُولٍ وَهُوَ خَارِجٌ مِنْ الْإِيلاَءِ، وَمَنْ حَلَفَ بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ كَمَا لَوْ حَلَفَ بِاَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَجَبَ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ وَاَللَّهِ لاَ أَقْرَبُك يَعْنِي الْجِمَاعَ أَوْ تَاللَّهِ أَوْ بِاَللَّهِ لاَ أَقْرَبُك فَهُوَ مُولٍ فِي هَذَا كُلِّهِ، وَإِنْ قَالَ اللَّهُ لاَ أَقْرَبُك فَإِنْ أَرَادَ الْيَمِينَ فَهُوَ مُولٍ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ الْيَمِينَ فَلَيْسَ بِمُولٍ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِظَاهِرِ الْيَمِينِ، وَإِذَا قَالَ هَائِمُ اللَّهِ أَوْ أَيْمُ اللَّهِ أَوْ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ أَوْ وَرَبِّ النَّاسِ أَوْ وَرَبِّي أَوْ وَرَبِّ كُلِّ شَيْءٍ أَوْ وَخَالِقِي أَوْ خَالِقِ كُلِّ شَيْءٍ أَوْ وَمَالِكِي وَمَالِكِ كُلِّ شَيْءٍ لاَ أَقْرَبُك فَهُوَ فِي هَذَا كُلِّهِ مُولٍ، وَكَذَا إنْ قَالَ أُقْسِمُ بِاَللَّهِ أَوْ أَحْلِفُ بِاَللَّهِ أَوْ أُولِي بِاَللَّهِ لاَ أَقْرَبُك فَهُوَ مُولٍ وَإِنْ قَالَ أَقْسَمْت بِاَللَّهِ أَوْ آلَيْتَ بِاَللَّهِ أَوْ حَلَفْت بِاَللَّهِ لاَ أَقْرَبُك سُئِلَ فَإِنْ قَالَ عَنَيْت بِهَذَا إيقَاعَ الْيَمِينِ كَانَ مُولِيًا وَإِنْ قَالَ عَنَيْت أَنِّي آلَيْتَ مِنْهَا مَرَّةً فَإِنْ عَرَّفَ ذَلِكَ اعْتِرَافٌ مِنْهَا أَوْ بِبَيِّنَةٍ تَقُومُ عَلَيْهِ أَنَّهُ حَلَفَ مَرَّةً فَهُوَ كَمَا قَالَ وَلَيْسَ بِمُولٍ وَهُوَ خَارِجٌ مِنْ حُكْمِ ذَلِكَ الْإِيلاَءِ. وَإِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ وَلَمْ تَعْرِفْ الْمَرْأَةُ فَهُوَ مُولٍ فِي الْحُكْمِ وَلَيْسَ بِمُولٍ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ أَرَدْت الْكَذِبَ وَإِنْ قَالَ أَنَا مُولٍ مِنْك أَوْ عَلَيَّ يَمِينٌ إنْ قَرِبْتُك أَوْ عَلَيَّ كَفَّارَةُ يَمِينٍ إنْ قَرِبْتُك فَهُوَ مُولٍ فِي الْحُكْمِ فَإِنْ قَالَ أَرَدْت بِقَوْلِي أَحْلِفُ بِاَللَّهِ أَنِّي سَأَحْلِفُ بِهِ فَلَيْسَ بِمُولٍ وَإِذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ مَالِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ عَلَيَّ مَشْيٌ إلَى بَيْتِ اللَّهِ أَوْ عَلَيَّ صَوْمُ كَذَا أَوْ نَحْرُ كَذَا مِنْ الْإِبِلِ إنْ قَرِبْتُك فَهُوَ مُولٍ لِأَنَّ هَذَا إمَّا لَزِمَهُ وَإِمَّا لَزِمَتْهُ بِهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: رحمه الله: وَإِذَا قَالَ إنْ قَرِبْتُك فَغُلاَمِي فُلاَنٌ حُرٌّ أَوْ امْرَأَتِي فُلاَنَةُ طَالِقٌ فَهُوَ مُولٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْعِتْقِ وَالطَّلاَقِ وَمَا وَصَفْت أَنَّ الْعِتْقَ وَالطَّلاَقَ حَقَّانِ لِآدَمِيَّيْنِ بِأَعْيَانِهِمَا يَقَعَانِ بِإِيقَاعِ صَاحِبِهِمَا وَيُلْزِمَانِ تَبَرُّرًا أَوْ غَيْرَ تَبَرُّرٍ وَمَا سِوَى هَذَا إنَّمَا يَلْزَمُ بِالتَّبَرُّرِ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: رحمه الله: وَلَوْ قَالَ وَالْكَعْبَةِ أَوْ عَرَفَةَ أَوْ وَالْمَشَاعِرِ أَوْ وَزَمْزَمَ أَوْ وَالْحَرَمِ أَوْ وَالْمَوَاقِفِ أَوْ الْخُنَّسِ أَوْ وَالْفَجْرِ أَوْ وَاللَّيْلِ أَوْ وَالنَّهَارِ أَوْ وَشَيْءٍ مِمَّا يُشْبِهُ هَذَا لاَ أَقْرَبُك لَمْ يَكُنْ مُولِيًا لِأَنَّ كُلَّ هَذَا خَارِجٌ مِنْ الْيَمِينِ وَلَيْسَ بِتَبَرُّرٍ وَلاَ حَقَّ لِآدَمِيٍّ يَلْزَمُ حَتَّى يُلْزِمَهُ الْقَائِلُ لَهُ نَفْسُهُ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ إنْ قَرِبْتُك فَأَنَا أَنْحَرُ ابْنَتِي أَوْ ابْنِي أَوْ بَعِيرَ فُلاَنٍ أَوْ أَمْشِي إلَى مَسْجِدِ مِصْرَ أَوْ مَسْجِدِ غَيْرِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوْ مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ أَوْ مَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَمْ يَلْزَمْهُ بِهَذَا إيلاَءٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِيَمِينٍ وَلاَ يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ إلَيْهِ، وَلاَ كَفَّارَةَ بِتَرْكِهِ، وَإِنْ قَالَ إنْ قَرِبْتُك فَأَنَا أَمْشِي إلَى مَسْجِدِ مَكَّةَ كَانَ مُولِيًا لِأَنَّ الْمَشْيَ إلَيْهِ أَمْرٌ يَلْزَمُهُ أَوْ يَلْزَمُهُ بِهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: رحمه الله: وَلاَ يَلْزَمُهُ الْإِيلاَءُ حَتَّى يُصَرِّحَ بِأَحَدِ أَسْمَاءِ الْجِمَاعِ الَّتِي هِيَ صَرِيحَةٌ وَذَلِكَ وَاَللَّهِ لاَ أَطَؤُك أَوْ وَاَللَّهِ لاَ أُغَيِّبُ ذَكَرِي فِي فَرْجِك أَوْ لاَ أُدْخِلُهُ فِي فَرْجِك أَوْ لاَ أُجَامِعُك أَوْ يَقُولُ إنْ كَانَتْ عَذْرَاءَ وَاَللَّهِ لاَ أَفْتَضُّك أَوْ مَا فِي هَذَا الْمَعْنَى، فَإِنْ قَالَ هَذَا فَهُوَ مُولٍ فِي الْحُكْمِ. وَإِنْ قَالَ لَمْ أُرِدْ الْجِمَاعَ نَفْسَهُ كَانَ مَدِينًا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَمْ يَدِنْ فِي الْحُكْمِ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: وَإِنْ قَالَ وَاَللَّهِ لاَ أُبَاشِرُك أَوْ وَاَللَّهِ لاَ أُبَاضِعُكِ أَوْ وَاَللَّهِ لاَ أُلاَمِسُك أَوْ لاَ أَلْمِسُك أَوْ لاَ أرشفك أَوْ مَا أَشْبَهَ هَذَا فَإِنْ أَرَادَ الْجِمَاعَ نَفْسَهُ فَهُوَ مُولٍ وَإِنْ لَمْ يُرِدْهُ فَهُوَ مَدِينٌ فِي الْحُكْمِ وَالْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُهُ. وَمَتَى قُلْت: الْقَوْلُ قَوْلُهُ فَطَلَبَتْ يَمِينَهُ أَحَلَفْتَهُ لَهَا فِيهِ [قَالَ]: وَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لاَ أُجَامِعُك إلَّا جِمَاعَ سُوءٍ فَإِنْ قَالَ عَنَيْت لاَ أُجَامِعُك إلَّا فِي دُبُرِك فَهُوَ مُولٍ وَالْجِمَاعُ نَفْسُهُ فِي الْفَرْجِ لاَ الدُّبُرِ، وَلَوْ قَالَ عَنَيْت لاَ أُجَامِعُك إلَّا بِأَنْ لاَ أُغَيِّبَ فِيك الْحَشَفَةَ فَهُوَ مُولٍ لِأَنَّ الْجِمَاعَ الَّذِي لَهُ الْحُكْمُ إنَّمَا يَكُونُ بِتَغَيُّبِ الْحَشَفَةِ، وَإِنْ قَالَ عَنَيْت لاَ أُجَامِعُك إلَّا جِمَاعًا قَلِيلاً أَوْ ضَعِيفًا أَوْ مُتَقَطِّعًا أَوْ مَا أَشْبَهَ هَذَا فَلَيْسَ بِمُولٍ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: رحمه الله: وَإِنْ قَالَ وَاَللَّهِ لاَ أُجَامِعُك فِي دُبُرِك فَهُوَ مُحْسِنٌ غَيْرُ مُولٍ لِأَنَّ الْجِمَاعَ فِي الدُّبُرِ لاَ يَجُوزُ، وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ وَاَللَّهِ أُجَامِعُك فِي كَذَا مِنْ جَسَدِك غَيْرَ الْفَرْجِ لاَ يَكُونُ مُولِيًا إلَّا بِالْحَلِفِ عَلَى الْفَرْجِ أَوْ الْحَلِفِ مُبْهَمًا فَيَكُونُ ظَاهِرُهُ الْجِمَاعَ عَلَى الْفَرْجِ وَإِنْ قَالَ وَاَللَّهِ لاَ أَجْمَعُ رَأْسِي وَرَأْسَك بِشَيْءٍ أَوْ وَاَللَّهِ لاََسُوأَنَّكِ أَوْ لاََغِيظَنَّكِ أَوْ لاَ أَدْخُلُ عَلَيْك أَوْ لاَ تَدْخُلِينَ عَلَيَّ أَوْ لَتَطُولَنَّ غَيْبَتِي عَنْك أَوْ مَا أَشْبَهَ هَذَا فَكُلُّهُ سَوَاءٌ لاَ يَكُونُ مُولِيًا إلَّا بِأَنْ يُرِيدَ الْجِمَاعَ، وَإِنْ قَالَ وَاَللَّهِ لَيَطُولَنَّ عَهْدِي بِجِمَاعِك أَوْ لَيَطُولَنَّ تَرْكِي لِجِمَاعِك فَإِنْ عَنَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ أَشْهُرٍ مُسْتَقْبَلَةٍ مِنْ يَوْمِ حَلَفَ فَهُوَ مُولٍ، وَإِنْ عَنَى أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ أَوْ أَقَلَّ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا وَإِنْ قَالَ وَاَللَّهِ لاَ أَغْتَسِلُ مِنْك وَلاَ أَجْنَبُ مِنْك وَقَالَ أَرَدْت أَنْ أُصِيبَهَا وَلاَ أُنْزِلُ وَلَسْت أَرَى الْغُسْلَ إلَّا عَلَى مَنْ أَنْزَلَ وَلاَ الْجَنَابَةَ دِينَ فِي الْقَضَاءِ وَفِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ قَالَ أَرَدْت أَنْ أُصِيبَهَا وَلاَ أَغْتَسِلُ مِنْهَا حَتَّى أُصِيبَ غَيْرَهَا فَأَغْتَسِلَ مِنْهُ دِينَ أَيْضًا، وَإِنْ قَالَ أَرَدْت أَنْ أُصِيبَهَا وَلاَ أَغْتَسِلَ وَإِنْ وَجَبَ الْغُسْلُ لَمْ يَدِنْ فِي الْقَضَاءِ وَدِينَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: رحمه الله: وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ وَاَللَّهِ لاَ أَقْرَبُك ثُمَّ قَالَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ أَوْ بَعْدَهُ وَاَللَّهِ لاَ أَقْرَبُك وَفُلاَنَةَ لِامْرَأَةٍ لَهُ أُخْرَى طَالِقٌ أَوْ قَالَ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ فُلاَنٌ غُلاَمُهُ حُرٌّ إنْ قَرِبْتُك فَهُوَ مُولٍ يُوقَفُ وَقْفًا وَاحِدًا، وَإِذَا أَصَابَ حَنِثَ بِجَمِيعِ مَا حَلَفَ.
[قَالَ]: وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهَا وَاَللَّهِ لاَ أَقْرَبُك خَمْسَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ قَالَ فِي يَمِينٍ أُخْرَى لاَ أَقْرَبُك سِتَّةَ أَشْهُرٍ وُقِفَ وَقْفًا وَاحِدًا وَحَنِثَ إذَا أَصَابَ بِجَمِيعِ الْأَيْمَانِ وَإِنْ قَالَ وَاَللَّهِ لاَ أَقْرَبُك أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ أَوْ أَقَلَّ ثُمَّ قَالَ وَاَللَّهِ لاَ أَقْرَبُك خَمْسَةَ أَشْهُرٍ كَانَ مُولِيًا بِيَمِينِهِ لاَ يَقْرَبُهَا خَمْسَةَ أَشْهُرٍ وَغَيْرَ مُولٍ بِالْيَمِينِ الَّتِي دُونَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: وَلَوْ كَانَتْ يَمِينُهُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَتَرَكَتْ وَقْفَهُ عِنْدَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ كَانَ لَهَا وَقْفُهُ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ الْإِيلاَءِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ الْجِمَاعِ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ بِيَمِينٍ [قَالَ]: وَلَوْ قَالَ لَهَا وَاَللَّهِ لاَ أَقْرَبُك خَمْسَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ قَالَ غُلاَمِي حُرٌّ إنْ قَرِبْتُك إذَا مَضَتْ الْخَمْسَةُ الْأَشْهُرُ فَتَرَكَتْهُ حَتَّى مَضَتْ خَمْسَةُ أَشْهُرٍ أَوْ أَصَابَهَا فِيهَا خَرَجَ مِنْ حُكْمِ الْإِيلاَءِ فِيهَا. فَإِنْ طَلَبَتْ الْوَقْفَ لَمْ يُوقَفْ لَهَا حَتَّى تَمْضِيَ الْخَمْسَةُ الْأَشْهُرُ مِنْ الْإِيلاَءِ الَّذِي أَوْقَعَ آخِرًا ثُمَّ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ بَعْدَهُ ثُمَّ يُوقَفُ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ عَلَى الِابْتِدَاءِ إذَا مَضَتْ خَمْسَةُ أَشْهُرٍ أَوْ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَوَاَللَّهِ لاَ أَقْرَبُك لَمْ يَكُنْ مُولِيًا حَتَّى يَمْضِيَ خَمْسَةُ أَشْهُرٍ أَوْ سِتَّةُ أَشْهُرٍ ثُمَّ يُوقَفَ بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ مِنْ يَوْمِ أَوْقَعَ الْإِيلاَءَ لِأَنَّهُ إنَّمَا ابْتَدَأَهُ مِنْ يَوْمِ أَوْقَعَهُ، وَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لاَ أَقْرَبُك خَمْسَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ قَالَ إذَا مَضَتْ خَمْسَةُ أَشْهُرٍ فَوَاَللَّهِ لاَ أَقْرَبُك سَنَةً فَوُقِفَ فِي الْإِيلاَءِ الْأَوَّلِ فَطَلَّقَ ثُمَّ رَاجَعَ فَإِذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ بَعْدَ رَجْعَتِهِ وَبَعْدَ الْخَمْسَةِ الْأَشْهُرِ وُقِفَ فَإِنْ كَانَتْ رَجْعَتُهُ فِي وَقْتٍ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ فِيهِ مِنْ السَّنَةِ إلَّا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ أَوْ أَقَلَّ لَمْ يُوقَفْ لِأَنِّي أَجْعَلُ لَهُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ يَحِلُّ لَهُ الْفَرْجُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْإِيلاَءُ فَإِذَا جَعَلْته هَكَذَا فَلاَ وَقْفَ عَلَيْهِ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: وَإِنْ قَالَ وَاَللَّهِ لاَ أَقْرَبُك إنْ شِئْت فَلَيْسَ بِمُولٍ إلَّا أَنْ تَشَاءَ فَإِنْ شَاءَتْ فَهُوَ مُولٍ، وَإِنْ قَالَ وَاَللَّهِ لاَ أَقْرَبُك كُلَّمَا شِئْت فَإِنْ أَرَادَ بِهَا كُلَّمَا شَاءَتْ أَنْ لاَ يَقْرَبَهَا لَمْ يَقْرَبْهَا فَشَاءَتْ أَنْ لاَ يَقْرَبَهَا كَانَ مُولِيًا وَلاَ يَكُونُ مُولِيًا حَتَّى تَشَاءَ، وَإِنْ قَالَ أَرَدْت أَنِّي لاَ أَقْرَبُك فِي كُلِّ حِينٍ شِئْت فِيهِ أَنْ أَقْرَبَك لاَ أَنِّي حَلَفْت لاَ أَقْرَبُك بِمِثْلِ الْمَعْنَى قَبْلَ هَذَا وَلَكِنِّي أَقْرَبُك كُلَّمَا أَشَاءُ لاَ كُلَّمَا تَشَائِينَ فَلَيْسَ بِمُولٍ وَإِنْ قَالَ إنْ قَرِبْتُك فَعَلَيَّ يَمِينٌ أَوْ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فَهُوَ مُولٍ فِي الْحُكْمِ، وَإِنْ قَالَ لَمْ أُرِدْ إيلاَءً دِينَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِنْ قَالَ عَلَيَّ حَجَّةٌ إنْ قَرِبْتُك فَهُوَ مُولٍ وَإِنْ قَالَ إنْ قَرِبْتُك فَعَلَيَّ حَجَّةٌ بَعْدَمَا أَقْرَبُك فَهُوَ مُولٍ وَإِنْ قَالَ قَرِبْتُك فَعَلَيَّ صَوْمُ هَذَا الشَّهْرِ كُلِّهِ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا كَمَا لاَ يَكُونُ مُولِيًا لَوْ قَالَ إنْ قَرِبْتُك فَعَلَيَّ صَوْمُ أَمْسِ وَذَلِكَ أَنَّهُ لاَ يَلْزَمُهُ صَوْمُ أَمْسِ لَوْ نَذَرَهُ بِالتَّبَرُّرِ فَإِذَا لَمْ يَلْزَمْهُ بِالتَّبَرُّرِ لَمْ يَلْزَمْهُ بِالْإِيلاَءِ وَلَكِنَّهُ لَوْ أَصَابَهَا وَقَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ الشَّهْرِ شَيْءٌ كَانَتْ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ أَوْ صَوْمُ مَا بَقِيَ مِنْهُ وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ إنْ قَرِبْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلاَثًا وُقِفَ فَإِنْ فَاءَ فَإِذَا غَابَتْ الْحَشَفَةُ طَلُقَتْ ثَلاَثًا فَإِنْ أَخْرَجَهُ ثُمَّ أَدْخَلَهُ بَعْدُ فَعَلَيْهِ مَهْرُ مِثْلِهَا فَإِنْ أَبَى أَنْ يَفِيءَ طَلَّقَ عَلَيْهِ وَاحِدَةً فَإِنْ رَاجَعَ كَانَتْ لَهُ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَإِذَا مَضَتْ وُقِفَ ثُمَّ هَكَذَا حَتَّى تَنْقَضِيَ طَلاَقُ هَذَا الْمِلْكِ وَتَحْرُمَ عَلَيْهِ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ثُمَّ إنْ نَكَحَهَا بَعْدَ زَوْجٍ فَلاَ إيلاَءَ وَلاَ طَلاَقَ وَإِنْ أَصَابَهَا كَفَّرَ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: رحمه الله: وَلَوْ كَانَ آلَى مِنْهَا سَنَةً فَتَرَكَتْهُ حَتَّى مَضَتْ سَقَطَ الْإِيلاَءُ وَلَوْ لَمْ تَدَعْهُ فَوُقِفَ لَهَا ثُمَّ طَلَّقَ ثُمَّ رَاجَعَ كَانَ كَالْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فَإِذَا مَضَتْ لَهُ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ بَعْدَ الرَّجْعَةِ وُقِفَ إلَى أَنْ تَنْقَضِيَ السَّنَةُ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ يُرِيدُ تَحْرِيمَهَا بِلاَ طَلاَقٍ أَوْ الْيَمِينَ بِتَحْرِيمِهَا فَلَيْسَ بِمُولٍ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ شَيْءٌ حُكِمَ فِيهِ بِالْكَفَّارَةِ إذَا لَمْ يَقَعْ بِهِ الطَّلاَقُ كَمَا لاَ يَكُونُ الظِّهَارُ وَالْإِيلاَءُ طَلاَقًا وَإِنْ أُرِيدَ بِهِمَا الطَّلاَقُ لِأَنَّهُ حُكِمَ فِيهِمَا بِكَفَّارَةٍ [قَالَ الرَّبِيعُ]: وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ: إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ قَرِبْتُك فَأَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ وَلاَ يُرِيدُ طَلاَقًا وَلاَ إيلاَءً فَهُوَ مُولٍ يَعْنِي قَوْلَهُ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: وَإِنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ قَرِبْتُك فَعَبْدِي فُلاَنٌ حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي فَإِنْ كَانَ متظهرا فَهُوَ مُولٍ مَا لَمْ يَمُتْ الْعَبْدُ أَوْ يَبِعْهُ أَوْ يُخْرِجْهُ مِنْ مِلْكِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ متظهر فَهُوَ مُولٍ فِي الْحُكْمِ لِأَنَّ ذَلِكَ إقْرَارٌ مِنْهُ بِأَنَّهُ متظهر وَإِنْ وَصَلَ الْكَلاَمَ فَقَالَ إنْ قَرِبْتُك فَعَبْدِي فُلاَنٌ حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي إنْ تظهرت لَمْ يَكُنْ مُولِيًا حَتَّى يتظهر فَإِذَا تَظَهَّرَ وَالْعَبْدُ فِي مِلْكِهِ كَانَ مُولِيًا لِأَنَّهُ حَالِفٌ حِينَئِذٍ بِعِتْقِهِ وَلَمْ يَكُنْ أَوَّلاً حَالِفًا، فَإِنْ قَالَ إنْ قَرِبْتُك فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْتِقَ فُلاَنًا عَنْ ظِهَارِي وَهُوَ متظهر كَانَ مُولِيًا وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُعْتِقَ فُلاَنًا عَنْ ظِهَارِهِ وَعَلَيْهِ فِيهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ لِأَنَّهُ يَجِبُ لِلَّهِ عَلَيْهِ عِتْقُ رَقَبَةٍ فَأَيُّ رَقَبَةٍ أَعْتَقَهَا غَيْرَهُ أَجْزَأَتْ عَنْهُ، وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ صَوْمُ يَوْمٍ فَقَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ يَوْمَ الْخَمِيسِ عَنْ الْيَوْمِ الَّذِي عَلَيَّ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ صَوْمُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْذُرْ فِيهِ بِشَيْءٍ يَلْزَمُهُ وَأَنَّ صَوْمَ يَوْمٍ لاَزِمٌ لَهُ فَأَيُّ يَوْمٍ صَامَهُ أَجْزَأَ عَنْهُ وَلَوْ صَامَهُ بِعَيْنِهِ أَجْزَأَ عَنْهُ مِنْ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ لاَ مِنْ النَّذْرِ، وَهَكَذَا لَوْ أَعْتَقَ فُلاَنًا عَنْ ظِهَارِهِ أَجْزَأَ عَنْهُ وَسَقَطَتْ عَنْهُ الْكَفَّارَةُ.
[قَالَ]: وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ إنْ قَرِبْتُك فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ لاَ أَقْرَبَك لَمْ يَكُنْ مُولِيًا لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ قَالَ لَهَا ابْتِدَاءً لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ لاَ أَقْرَبَك لَمْ يَكُنْ مُولِيًا لِأَنَّهُ لاَ حَالِفَ وَلاَ عَلَيْهِ نَذْرٌ فِي مَعَانِي الْأَيْمَانِ يَلْزَمُهُ بِهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَهَذَا نَذْرٌ فِي مَعْصِيَةٍ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: رحمه الله: وَإِذَا آلَى الرَّجُلُ مِنْ امْرَأَتِهِ ثُمَّ قَالَ لِأُخْرَى مِنْ نِسَائِهِ قَدْ أَشْرَكْتُك مَعَهَا فِي الْإِيلاَءِ لَمْ تُشْرِكْهَا لِأَنَّ الْيَمِينَ لَزِمَتْهُ لِلْأُولَى وَالْيَمِينُ لاَ يُشْتَرَكُ فِيهَا [قَالَ]: وَإِذَا حَلَفَ لاَ يَقْرَبُ امْرَأَتَهُ وَامْرَأَةً لَيْسَتْ لَهُ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا حَتَّى يَقْرَبَ تِلْكَ الْمَرْأَةَ فَإِنْ قَرِبَ تِلْكَ الْمَرْأَةَ كَانَ مُولِيًا حِينَئِذٍ وَإِنْ قَرِبَ امْرَأَتَهُ حَنِثَ بِالْيَمِينِ [قَالَ]: وَإِنْ قَالَ إنْ قَرِبْتُك فَأَنْتِ زَانِيَةٌ فَلَيْسَ بِمُولٍ إذَا قَرِبَهَا وَإِذَا قَرِبَهَا فَلَيْسَ بِقَاذِفٍ يُحَدُّ حَتَّى يُحْدِثَ لَهَا قَذْفًا صَرِيحًا يُحَدُّ بِهِ أَوْ يُلاَعِنَ، وَهَكَذَا إنْ قَالَ إنْ قَرِبْتُك فَفُلاَنَةُ لِامْرَأَةٍ لَهُ أُخْرَى زَانِيَةٌ.
الإيلاء في الغضب
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: وَالْإِيلاَءُ فِي الْغَضَبِ وَالرِّضَا سَوَاءٌ كَمَا يَكُونُ الْيَمِينُ فِي الْغَضَبِ وَالرِّضَاءِ سَوَاءٌ وَإِنَّمَا أَوْجَبْنَا عَلَيْهِ الْإِيلاَءَ بِمَا جَعَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ الْيَمِينِ وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى الْإِيلاَءَ مُطْلَقًا لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ غَضَبًا وَلاَ رِضًا. أَلاَ تَرَى أَنَّ رَجُلاً لَوْ تَرَكَ امْرَأَتَهُ عُمْرَهُ لاَ يُصِيبُهَا ضِرَارًا لَمْ يَكُنْ مُولِيًا. وَلَوْ كَانَ الْإِيلاَءُ إنَّمَا يَجِبُ بِالضِّرَارِ وَجَبَ عَلَى هَذَا وَلَكِنَّهُ يَجِبُ بِمَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَقَدْ أَوْجَبَهُ مُطْلَقًا.
المخرج من الإيلاء
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: وَمِنْ أَصْلِ مَعْرِفَةِ الْإِيلاَءِ أَنْ يَنْظُرَ كُلَّ يَمِينٍ مَنَعَتْ الْجِمَاعَ بِكُلِّ حَالٍ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ إلَّا بِأَنْ يَحْنَثَ الْحَالِفُ فَهُوَ مُولٍ وَكُلُّ يَمِينٍ كَانَ يَجِدُ السَّبِيلَ إلَى الْجِمَاعِ بِحَالٍ لاَ يَحْنَثُ فِيهَا وَإِنْ حَنِثَ فِي غَيْرِهَا فَلَيْسَ بِمُولٍ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: رحمه الله: وَكُلُّ حَالِفٍ مُولٍ وَإِنَّمَا مَعْنَى قَوْلِي لَيْسَ بِمُولٍ لَيْسَ يَلْزَمُهُ حُكْمُ الْإِيلاَءِ مِنْ فَيْئَةٍ أَوْ طَلاَقٍ وَهَكَذَا مَا أُوجِبَ مِمَّا وَصَفْته فِي مِثْلِ مَعْنَى الْيَمِينِ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُهَاجِرِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ تَزَوَّجَ ابْنُ الزُّبَيْرِ أَوْ الزُّبَيْرُ [شَكَّ الرَّبِيعُ] امْرَأَةً فَاسْتَزَادَهُ أَهْلُهَا فِي الْمَهْرِ فَأَبَى فَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ شَرٌّ فَحَلَفَ أَنْ لاَ يُدْخِلَهَا عَلَيْهِ حَتَّى يَكُونَ أَهْلُهَا الَّذِينَ يَسْأَلُونَهُ ذَلِكَ فَلَبِثُوا سِنِينَ ثُمَّ طَلَبُوا ذَلِكَ إلَيْهِ فَقَالُوا أَقْبِضْ إلَيْك أَهْلَك وَلَمْ يُعَدَّ ذَلِكَ إيلاَءٌ وَأَدْخَلَهَا عَلَيْهِ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: لِأَنَّ أَهْلَهَا الَّذِينَ طَلَبُوا إدْخَالَهَا عَلَيْهِ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: وَيَسْقُطُ الْإِيلاَءُ مِنْ وَجْهٍ بِأَنْ يَأْتِيَهَا وَلاَ يُدْخِلَهَا عَلَيْهِ وَلَعَلَّهُ أَنْ لاَ يَكُونَ أَرَادَ هَذَا الْمَعْنَى بِيَمِينِهِ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ وَاَللَّهِ لاَ أَقْرَبُك إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَلاَ إيلاَءَ وَإِنْ قَالَ وَاَللَّهِ لاَ أَقْرَبُك إنْ شَاءَ فُلاَنٌ فَلَيْسَ بِإِيلاَءٍ حَتَّى يَشَاءَ فُلاَنٌ فَإِنْ شَاءَ فُلاَنٌ فَهُوَ مُولٍ وَإِذَا قَالَ وَاَللَّهِ أَقْرَبُك حَتَّى يَشَاءَ فُلاَنٌ فَلَيْسَ بِمُولٍ لِأَنَّ فُلاَنًا قَدْ يَشَاءُ. فَإِنْ خَرِسَ فُلاَنٌ أَوْ غُلِبَ عَلَى عَقْلِهِ فَلَيْسَ بِمُولٍ لِأَنَّهُ قَدْ يُفِيقُ فَيَشَاءُ، فَإِنْ مَاتَ فُلاَنٌ الَّذِي جَعَلَ إلَيْهِ الْمَشِيئَةَ فَهُوَ مُولٍ لِأَنَّهُ لاَ يَشَاءُ إذَا مَاتَ. وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ لاَ أَقْرَبُك حَتَّى يَشَاءَ أَبُوك أَوْ أُمُّك أَوْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِك وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ حَتَّى تَشَائِي أَوْ حَتَّى أَشَاءَ أَوْ حَتَّى يَبْدُوَ لِي أَوْ حَتَّى أَرَى رَأْيِي.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ وَاَللَّهِ لاَ أَقْرَبُك بِمَكَّةَ أَوْ بِالْمَدِينَةِ أَوْ حَتَّى أَخْرُجَ مِنْ مَكَّةَ أَوْ الْمَدِينَةِ أَوْ لاَ أَقْرَبُك إلَّا بِبَلَدِ كَذَا أَوْ لاَ أَقْرَبُك إلَّا فِي الْبَحْرِ أَوْ لاَ أَقْرَبُك عَلَى فِرَاشِي أَوْ لاَ أَقْرَبُك عَلَى سَرِيرٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ هَذَا لِأَنَّهُ لاَ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَقْرَبَهَا عَلَى غَيْرِ مَا وَصَفْت بِبَلَدٍ غَيْرِ الْبَلَدِ الَّذِي حَلَفَ أَنْ لاَ يَقْرَبَهَا فِيهِ وَيُخْرِجَهَا مِنْ الْبَلَدِ الَّذِي حَلَفَ لاَ يَقْرَبُهَا فِيهِ وَيَقْرَبُهَا فِي حَالٍ غَيْرِ الْحَالِ الَّتِي حَلَفَ لاَ يَقْرَبُهَا فِيهَا وَلاَ يُقَالُ لَهُ أَخْرِجْهَا مِنْ هَذَا الْبَلَدِ الَّذِي حَلَفْت لاَ تَقْرَبُهَا فِيهِ قَبْلَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ إذَا جَعَلْته لَيْسَ بِمُولٍ لَمْ أَحْكُمْ عَلَيْهِ حُكْمَ الْإِيلاَءِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لاَ أَقْرَبُك حَتَّى أُرِيدَ أَوْ حَتَّى أَشْتَهِيَ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا أَقُولُ بِهِ أُرِدْ أَوْ أُشْتَهَ، وَإِنْ قَالَ وَاَللَّهِ لاَ أَقْرَبُك حَتَّى تَفْطِمِي وَلَدَك لَمْ يَكُنْ مُولِيًا لِأَنَّهَا قَدْ تَفْطِمُهُ قَبْلَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ إلَّا أَنْ يُرِيدَ لاَ أَقْرَبُك أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ. وَإِنْ قَالَ وَاَللَّهِ لاَ أَقْرَبَك حَتَّى أَفْعَلَ أَوْ تَفْعَلِي أَمْرًا لاَ يَقْدِرُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى فِعْلِهِ بِحَالٍ كَانَ مُولِيًا، وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ وَاَللَّهِ لاَ أَقْرَبُك حَتَّى أَحْمِلَ الْجَبَلَ كَمَا هُوَ أَوْ الْأُسْطُوَانَةَ كَمَا هِيَ أَوْ تَحْمِلِيهِ أَنْتِ أَوْ تَطِيرِي أَوْ أَطِيرَ أَوْ مَا لاَ يَقْدِرُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى فِعْلِهِ بِحَالٍ أَوْ تَحْبَلِي وَتَلِدِي فِي يَوْمِي هَذَا، وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ وَاَللَّهِ لاَ أَقْرَبُك إلَّا بِبَلَدِ كَذَا وَكَذَا لاَ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَقْرَبَهَا بِتِلْكَ الْبَلْدَةِ بِحَالٍ إلَّا بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ كَانَ مُولِيًا يُوقَفُ بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ، وَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لاَ أَقْرَبُك حَتَّى تَحْبَلِي وَهِيَ مِمَّنْ يَحِلُّ مِثْلُهَا بِحَالٍ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا لِأَنَّهَا قَدْ تَحْبَلُ وَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لاَ أَقْرَبُك إلَّا فِي سَفِينَةٍ فِي الْبَحْرِ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا لِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَقْرَبَهَا فِي سَفِينَةٍ فِي الْبَحْرِ.
الإيلاء من نسوة ومن واحدة بالأيمان
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ لَهُ وَاَللَّهِ لاَ أَقْرَبُكُنَّ فَهُوَ مُولٍ مِنْهُنَّ كُلِّهِنَّ يُوقَفُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ فَإِذَا أَصَابَ وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا خَرَجَ مِنْ حُكْمِ الْإِيلاَءِ فِيهِنَّ، وَعَلَيْهِ لِلْبَاقِيَةِ أَنْ يُوقَفَ حَتَّى يَفِيءَ أَوْ يُطَلِّقَ وَلاَ حِنْثَ عَلَيْهِ حَتَّى يُصِيبَ الْأَرْبَعَ اللَّاتِي حَلَفَ عَلَيْهِنَّ كُلِّهِنَّ، فَإِذَا فَعَلَ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَيَطَأُ مِنْهُنَّ ثَلاَثًا وَلاَ يَحْنَثُ فِيهِنَّ وَلاَ إيلاَءَ عَلَيْهِ فِيهِنَّ؛ وَيَكُونُ حِينَئِذٍ فِي الرَّابِعَةِ مُولِيًا لِأَنَّهُ يَحْنَثُ بِوَطْئِهَا؛ وَلَوْ مَاتَتْ إحْدَاهُنَّ سَقَطَ عَنْهُ الْإِيلاَءُ لِأَنَّهُ يُجَامِعُ الْبَوَاقِيَ وَلاَ يَحْنَثُ وَلَوْ طَلَّقَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ أَوْ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا كَانَ مُولِيًا بِحَالِهِ فِي الْبَوَاقِي لِأَنَّهُ لَوْ جَامَعَهُنَّ وَاَلَّتِي طَلَّقَ حَنِثَ [قَالَ]: وَلَوْ آلَى رَجُلٌ مِنْ امْرَأَتِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا ثُمَّ جَامَعَهَا بَعْدَ الطَّلاَقِ حَنِثَ. وَكَذَلِكَ لَوْ آلَى مِنْ أَجْنَبِيَّةٍ ثُمَّ جَامَعَهَا حَنِثَ بِالْيَمِينِ مَعَ الْمَأْثَمِ بِالزِّنَا وَإِنْ نَكَحَهَا بَعْدُ خَرَجَ مِنْ حُكْمِ الْإِيلاَءِ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: رحمه الله: وَلَوْ قَالَ لِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ لَهُ وَاَللَّهِ لاَ أَقْرَبُ وَاحِدَةً مِنْكُنَّ وَهُوَ يُرِيدُهُنَّ كُلَّهُنَّ فَأَصَابَ وَاحِدَةً حَنِثَ وَسَقَطَ عَنْهُ حُكْمُ الْإِيلاَءِ فِي الْبَوَاقِي وَلَوْ لَمْ يَقْرَبْ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ كَانَ مُولِيًا مِنْهُنَّ يُوقَفُ لَهُنَّ فَأَيُّ وَاحِدَةٍ أَصَابَ مِنْهُنَّ خَرَجَ مِنْ حُكْمِ الْإِيلاَءِ فِي الْبَوَاقِي لِأَنَّهُ قَدْ حَنِثَ بِإِصَابَةِ وَاحِدَةٍ فَإِذَا حَنِثَ مَرَّةً لَمْ يُعِدْ الْحِنْثَ عَلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لاَ أَقْرَبُ وَاحِدَةً مِنْكُنَّ يَعْنِي وَاحِدَةً دُونَ غَيْرِهَا فَهُوَ مُولٍ مِنْ الَّتِي حَلَفَ لاَ يَقْرَبُهَا وَغَيْرُ مُولٍ مِنْ غَيْرِهَا.
التوقيف في الإيلاء
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: وَإِذَا آلَى الرَّجُلُ مِنْ امْرَأَتِهِ لاَ يَقْرَبُهَا فَذَلِكَ عَلَى الْأَبَدِ وَإِذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَطَلَبَتْ أَنْ يُوقَفَ لَهَا وُقِفَ فَإِمَّا أَنْ يَفِيءَ وَإِمَّا أَنْ يُطَلِّقَ، وَإِنْ لَمْ تَطْلُبْ لَمْ أَعْرِضْ لاَ لَهَا وَلاَ لَهُ، وَإِنْ قَالَتْ قَدْ تَرَكْت الطَّلَبَ ثُمَّ طَلَبَتْ أَوْ عَفَوْت ذَلِكَ أَوْ لاَ أَقُولُ فِيهِ شَيْئًا ثُمَّ طَلَبَتْ كَانَ لَهَا ذَلِكَ لِأَنَّهَا تَرَكَتْ مَا لَمْ يَجِبْ لَهَا فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ فَلَهَا أَنْ تَطْلُبَهُ بَعْدَ التَّرْكِ، وَإِنْ طَلَبَتْهُ قَبْلَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَإِنْ كَانَتْ مَغْلُوبَةً عَلَى عَقْلِهَا أَوْ أَمَةً فَطَلَبَهُ وَلِيُّ الْمَغْلُوبَةِ عَلَى عَقْلِهَا أَوْ سَيِّدُ الْأَمَةِ فَلَيْسَ ذَلِكَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلاَ يَكُونُ الطَّلَبُ إلَّا لِلْمَرْأَةِ نَفْسِهَا، وَلَوْ عَفَاهُ سَيِّدُ الْأَمَةِ فَطَلَبَتْهُ كَانَ ذَلِكَ لَهَا دُونَهُ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: وَكُلُّ مَنْ حَلَفَ مُولٍ عَلَى يَوْمِ حَلَفَ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَلاَ نَحْكُمُ بِالْوَقْفِ فِي الْإِيلاَءِ إلَّا عَلَى مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ يُجَاوِزُ فِيهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَأَمَّا مَنْ حَلَفَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ أَوْ أَقَلَّ فَلاَ يَلْزَمُهُ حُكْمُ الْإِيلاَءِ لِأَنَّ وَقْتَ الْوَقْفِ يَأْتِي وَهُوَ خَارِجٌ مِنْ الْيَمِينِ. وَإِنَّمَا قَوْلُنَا لَيْسَ بِمُولٍ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي لَزِمَتْهُ فِيهِ الْيَمِينُ لَيْسَ عَلَيْهِ حُكْمُ الْإِيلاَءِ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: وَمَنْ حَلَفَ بِعِتْقِ رَقِيقِهِ أَنْ لاَ يَقْرَبَ امْرَأَتَهُ عَلَى الْأَبَدِ فَمَاتَ رَقِيقُهُ أَوْ أَعْتَقَهُمْ خَرَجَ مِنْ حُكْمِ الْإِيلاَءِ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ شَيْءٌ يَحْنَثُ بِهِ وَلَوْ بَاعَهُمْ خَرَجَ مِنْ حُكْمِ الْإِيلاَءِ مَا كَانُوا خَارِجِينَ مِنْ مِلْكِهِ فَإِذَا عَادُوا إلَى مِلْكِهِ فَهُوَ مُولٍ لِأَنَّهُ يَحْنَثُ لَوْ جَامَعَهَا [قَالَ الرَّبِيعُ]: وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ آخَرُ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ رَقِيقَهُ ثُمَّ اشْتَرَاهُمْ كَانَ هَذَا مِلْكًا حَادِثًا وَلاَ يَحْنَثُ فِيهِمْ وَهُوَ أَحَبُّ إلَيَّ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: وَلَوْ حَلَفَ بِطَلاَقِ امْرَأَتِهِ أَنْ لاَ يَقْرَبَ امْرَأَةً لَهُ أُخْرَى فَمَاتَتْ الَّتِي حَلَفَ بِطَلاَقِهَا أَوْ طَلَّقَهَا ثَلاَثًا خَرَجَ مِنْ حُكْمِ الْإِيلاَءِ لِأَنَّهُ لاَ يَحْنَثُ بِطَلاَقِهَا فِي هَذِهِ الْيَمِينِ أَبَدًا وَلَوْ طَلَّقَهَا كَانَ خَارِجًا مِنْ حُكْمِ الْإِيلاَءِ مَا لَمْ تَكُنْ زَوْجَتَهُ وَلاَ عَلَيْهَا رَجْعَةٌ، وَإِذَا كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ الثَّلاَثِ وَلَهُ عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ أَوْ نَكَحَهَا بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ مِنْ وَاحِدَةٍ أَوْ اثْنَتَيْنِ بِالْخُرُوجِ مِنْ الْعِدَّةِ أَوْ الْخُلْعِ فَهُوَ مُولٍ [قَالَ الرَّبِيعُ]: وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ آخَرُ فِي مِثْلِ هَذَا أَنَّهَا إذَا خَرَجَتْ مِنْ الْعِدَّةِ مِنْ طَلاَقٍ بِوَاحِدَةٍ أَوْ اثْنَتَيْنِ أَوْ خَالَعَهَا فَمَلَكَتْ نَفْسَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثَانِيَةً كَانَ هَذَا النِّكَاحُ غَيْرَ النِّكَاحِ الْأَوَّلِ وَلاَ حِنْثَ وَلاَ إيلاَءَ عَلَيْهِ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: وَمَنْ حَلَفَ أَنْ لاَ يَقْرَبَ امْرَأَتَهُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَتَرَكَتْهُ امْرَأَتُهُ فَلَمْ تَطْلُبْهُ حَتَّى مَضَى الْوَقْتُ الَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ فَقَدْ خَرَجَ مِنْ حُكْمِ الْإِيلاَءِ لِأَنَّ الْيَمِينَ سَاقِطَةٌ عَنْهُ [قَالَ]: وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَةٍ إذَا تَزَوَّجْتُك فَوَاَللَّهِ لاَ أَقْرَبُك لَمْ يَكُنْ مُولِيًا فَإِذَا قَرِبَهَا كَفَّرَ، وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إذَا كَانَ غَدٌ فَوَاَللَّهِ لاَ أَقْرَبُك أَوْ إذَا قَدِمَ فُلاَنٌ فَوَاَللَّهِ لاَ أَقْرَبُك فَهُوَ مُولٍ مِنْ غَدٍ وَمِنْ يَوْمِ يَقْدَمُ فُلاَنٌ. وَإِنْ قَالَ إنْ أَصَبْتُك فَوَاَللَّهِ لاَ أُصِيبُك لَمْ يَكُنْ مُولِيًا حِينَ حَلَفَ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يُصِيبَهَا مَرَّةً بِلاَ حِنْثٍ فَإِذَا أَصَابَهَا مَرَّةً وَكَانَ مُولِيًا وَإِذَا قَالَ وَاَللَّهِ لاَ أُصِيبُك سَنَةً إلَّا مَرَّةً لَمْ يَكُنْ مُولِيًا مِنْ قِبَلِ أَنَّ لَهُ أَنْ يُصِيبَهَا مَرَّةً بِلاَ حِنْثٍ. فَإِذَا أَصَابَهَا مَرَّةً كَانَ مُولِيًا [قَالَ الرَّبِيعُ]: إنْ كَانَ بَقِيَ مِنْ يَوْمِ أَصَابَهَا مِنْ مُدَّةِ يَمِينِهِ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَهُوَ مُولٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَقِيَ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ سَقَطَ الْإِيلاَءُ عَنْهُ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: وَإِذَا قَالَ وَاَللَّهِ لاَ أُصِيبُك إلَّا إصَابَةَ سُوءٍ وَإِصَابَةً رَدِيَّةً فَإِنْ نَوَى أَنْ لاَ يُغَيِّبَ الْحَشَفَةَ فِي ذَلِكَ مِنْهَا فَهُوَ مُولٍ. وَإِنْ أَرَادَ قَلِيلَةً أَوْ ضَعِيفَةً لَمْ يَكُنْ مُولِيًا. وَإِنْ أَرَادَ أَنْ لاَ يُصِيبَهَا إلَّا فِي دُبُرِهَا فَهُوَ مُولٍ. لِأَنَّ الْإِصَابَةَ الْحَلاَلَ لِلطَّاهِرِ فِي الْفَرْجِ. وَلاَ يَجُوزُ فِي الدُّبُرِ وَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لاَ أُصِيبُك فِي دُبُرِك أَبَدًا لَمْ يَكُنْ مُولِيًا وَكَانَ مُطِيعًا بِتَرْكِهِ إصَابَتَهَا فِي دُبُرِهَا. وَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لاَ أُصِيبُك إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ لاَ أُصِيبُك حَتَّى يَخْرُجَ الدَّجَّالُ أَوْ حَتَّى يَنْزِلَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ فَإِنْ مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ مِمَّا حَلَفَ عَلَيْهِ وُقِفَ فَإِمَّا أَنْ يَفِيءَ وَإِمَّا أَنْ يُطَلِّقَ [قَالَ الرَّبِيعُ]: وَإِذَا قَالَ وَاَللَّهِ لاَ أَقْرَبُك حَتَّى أَمُوتَ أَوْ تَمُوتِي كَانَ مُولِيًا مِنْ سَاعَتِهِ وَكَانَ كَقَوْلِهِ: وَاَللَّهِ لاَ أَقْرَبُك أَبَدًا لِأَنَّهُ إذَا مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَقْرَبَهَا أَوْ مَاتَتْ لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَقْرَبَهَا.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ الْإِيلاَءُ أَنْ يَحْلِفَ بِاَللَّهِ عَلَى الْجِمَاعِ نَفْسِهِ وَذَلِكَ أَنْ يَحْلِفَ لاَ يَمَسُّهَا فَأَمَّا أَنْ يَقُولَ لاَ أَمَسُّك وَلاَ يَحْلِفَ أَوْ يَقُولَ قَوْلاً غَلِيظًا ثُمَّ يَهْجُرَهَا فَلَيْسَ ذَلِكَ بِإِيلاَءٍ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ فِي الْإِيلاَءِ أَنْ يَحْلِفَ لاَ يَمَسَّهَا أَبَدًا أَوْ سِتَّةَ أَشْهُرٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ.
من يلزمه الإيلاء من الأزواج
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: وَيَلْزَمُ الْإِيلاَءُ كُلَّ مَنْ إذَا طَلَّقَ لَزِمَهُ الطَّلاَقُ مِمَّنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْفَرَائِضُ وَذَلِكَ كُلُّ زَوْجٍ بَالِغٍ غَيْرِ مَغْلُوبٍ عَلَى عَقْلِهِ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ وَمَنْ لَمْ تَكْمُلْ فِيهِ الْحُرِّيَّةُ وَالذِّمِّيُّ وَالْمُشْرِكُ غَيْرُ الذِّمِّيِّ رَضِيَا بِحُكْمِنَا. وَإِنَّمَا سَوَّيْت بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْحُرِّ فِيهِ أَنَّ الْإِيلاَءَ يَمِينٌ جَعَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَهَا وَقْتًا دَلَّ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَلَى أَنَّ عَلَى الزَّوْجِ إذَا مَضَى الْوَقْتُ أَنْ يَفِيءَ أَوْ يُطَلِّقَ فَكَانَ الْعَبْدُ وَالْحُرُّ فِي الْيَمِينِ سَوَاءً. وَكَذَلِكَ يَكُونَانِ فِي وَقْتِ الْيَمِينِ وَإِنَّمَا جَعَلْتهَا عَلَى الذِّمِّيِّ وَالْمُشْرِكِ إذَا تَحَاكَمَا إلَيْنَا أَنْ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْكُمَ بِغَيْرِ حُكْمِ الْإِسْلاَمِ وَأَنَّ الْإِيلاَءَ يَمِينٌ يَقَعُ بِهَا طَلاَقٌ أَوْ فَيْئَةٌ فِي وَقْتٍ فألزمناهموها.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: وَكَفَّارَةُ الْعَبْدِ فِي الْحِنْثِ الصَّوْمُ وَلاَ يُجْزِئُهُ غَيْرُهُ وَإِذَا كَانَ الزَّوْجُ مِمَّنْ لاَ فَرْضَ عَلَيْهِ وَذَلِكَ الصَّبِيُّ غَيْرُ الْبَالِغِ وَالْمَغْلُوبُ عَلَى عَقْلِهِ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَتْ الْغَلَبَةُ إلَّا السَّكْرَانَ فَلاَ إيلاَءَ عَلَيْهِ وَلاَ حِنْثَ لِأَنَّ الْفَرَائِضَ عَنْهُ سَاقِطَةٌ وَإِذَا آلَى السَّكْرَانُ مِنْ الْخَمْرِ وَالشَّرَابِ الْمُسْكِرِ لَزِمَهُ الْإِيلاَءُ لِأَنَّ الْفَرَائِضَ لَهُ لاَزِمَةٌ لاَ تَزُولُ عَنْهُ بِالسُّكْرِ وَإِنْ كَانَ الْمَغْلُوبُ عَلَى عَقْلِهِ يُجَنُّ وَيُفِيقُ فَآلَى فِي حَالِ إفَاقَتِهِ لَزِمَهُ الْإِيلاَءُ وَإِنْ آلَى فِي حَالِ جُنُونِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ. وَإِنْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ آلَيْتَ مِنِّي صَحِيحًا وَقَالَ الزَّوْجُ مَا آلَيْت مِنْك وَإِنْ كُنْت فَعَلْت فَإِنَّمَا آلَيْت مَغْلُوبًا عَلَى عَقْلِي فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ. وَإِذَا كَانَ لاَ يُعْرَفُ لَهُ جُنُونٌ فَقَالَتْ آلَيْتَ مِنِّي فَقَالَ آلَيْت مِنْك وَأَنَا مَجْنُونٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا وَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ إذَا لَمْ يُعْلَمْ ذَهَابُ عَقْلِهِ فِي وَقْتٍ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُولِيًا فِيهِ فِي وَقْتِ دَعْوَاهَا وَلَوْ اخْتَلَفَا فَقَالَتْ قَدْ آلَيْتَ مِنِّي وَقَالَ لَمْ أُولِ أَوْ قَالَتْ قَدْ آلَيْتَ وَمَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَقَالَ قَدْ آلَيْت وَمَا مَضَى إلَّا يَوْمٌ أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ كَانَ الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ وَعَلَيْهَا الْبَيِّنَةُ، وَإِذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ فَهُوَ مُولٍ مِنْ يَوْمِ وَقَّتَتْ بَيِّنَتَهَا. وَلَوْ قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِإِيلاَءٍ وَقَّتُوا فِيهِ غَيْرَ وَقْتِهَا كَانَ مُولِيًا بِبَيِّنَتِهَا وَبَيِّنَتِهِ وَلَيْسَ هَذَا اخْتِلاَفًا إنَّمَا هَذَا مُولٍ إيلاَءَيْنِ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: وَلاَ يَلْزَمُ الْإِيلاَءُ إلَّا زَوْجًا صَحِيحَ النِّكَاحِ فَأَمَّا فَاسِدُ النِّكَاحِ فَلاَ يَلْزَمُهُ إيلاَءٌ. وَلاَ يَلْزَمُ الْإِيلاَءُ إلَّا زَوْجَةً ثَابِتَةَ النِّكَاحِ أَوْ مُطَلَّقَةً لَهُ وَعَلَيْهَا رَجْعَةٌ فِي الْعِدَّةِ فَإِنَّهَا فِي حُكْمِ الْأَزْوَاجِ فَأَمَّا مُطَلَّقَةٌ لاَ رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا فِي الْعِدَّةِ فَلاَ يَلْزَمُهُ إيلاَءٌ مِنْهَا وَإِنْ آلَى فِي الْعِدَّةِ وَكَذَلِكَ لاَ يَلْزَمُهُ إيلاَءٌ مِنْ مُطَلَّقَةٍ يَمْلِكُ رَجْعَتَهَا إذَا كَانَ إيلاَؤُهُ مِنْهَا بَعْدَ مُضِيِّ الْعِدَّةِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِي مَعَانِي الْأَزْوَاجِ إذَا مَضَتْ عِدَّتُهَا.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: رحمه الله: وَالْإِيلاَءُ مِنْ كُلِّ زَوْجَةٍ مُسْلِمَةٍ أَوْ ذِمِّيَّةٍ أَوْ أَمَةٍ سَوَاءٌ لاَ يَخْتَلِفُ فِي شَيْءٍ.
الوقف
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: وَإِذَا آلَى الرَّجُلُ مِنْ امْرَأَتِهِ فَمَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وُقِفَ وَقِيلَ لَهُ إنْ فِئْت وَإِلَّا فَطَلِّقْ وَالْفَيْئَةُ الْجِمَاعُ إلَّا مِنْ عُذْرٍ. وَلَوْ جَامَعَ فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ خَرَجَ مِنْ حُكْمِ الْإِيلاَءِ وَكَفَّرَ عَنْ يَمِينِهِ، فَإِنْ قَالَ أَجِّلْنِي فِي الْجِمَاعِ لَمْ أُؤَجِّلْهُ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ فَإِنْ جَامَعَ فَقَدْ خَرَجَ مِنْ حُكْمِ الْإِيلاَءِ وَعَلَيْهِ الْحِنْثُ فِي يَمِينِهِ فَإِنْ كَانَ لَهَا كَفَّارَةٌ كَفَّرَ وَإِنْ قَالَ أَنَا أَفِيءُ فَأَجِّلْنِي أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ لَمْ أُؤَجِّلْهُ وَلاَ يَتَبَيَّنُ لِي أَنْ أُؤَجِّلَهُ ثَلاَثًا. وَلَوْ قَالَهُ قَائِلٌ كَانَ مَذْهَبًا فَإِنْ فَاءَ وَإِلَّا قُلْت لَهُ طَلِّقْ فَإِنْ طَلَّقَ لَزِمَهُ الطَّلاَقُ وَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْ طَلَّقَ عَلَيْهِ السُّلْطَانُ وَاحِدَةً. وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ أَنَا أَقْدِرُ عَلَى الْجِمَاعِ وَلاَ أَفِيءُ طَلَّقَ عَلَيْهِ السُّلْطَانُ وَاحِدَةً. فَإِنْ طَلَّقَ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ كَانَ مَا زَادَ عَلَيْهَا بَاطِلاً. وَإِنَّمَا جَعَلْت لَهُ أَنْ يُطَلِّقَ عَلَيْهِ وَاحِدَةً لِأَنَّهُ كَانَ عَلَى الْمَوْلَى أَنْ يَفِيءَ أَوْ يُطَلِّقَ فَإِذَا كَانَ الْحَاكِمُ لاَ يَقْدِرْ عَلَى الْفَيْئَةِ إلَّا بِهِ فَإِذَا امْتَنَعَ قَدَرَ عَلَى الطَّلاَقِ عَلَيْهِ وَلَزِمَهُ حُكْمُ الطَّلاَقِ كَمَا نَأْخُذُ مِنْهُ كُلَّ شَيْءٍ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ حَدٍّ وَقِصَاصٍ وَمَالٍ وَبَيْعٍ وَغَيْرِهِ إذَا امْتَنَعَ مِنْ أَنْ يُعْطِيَهُ وَكَمَا يَشْهَدُ عَلَى طَلاَقِهِ فَيُطَلِّقُ عَلَيْهِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ مِنْ الطَّلاَقِ جَاحِدٌ لَهُ [قَالَ]: وَإِنْ قَالَ أَنَا أَصَبْتهَا ثُمَّ جُبَّ قَبْلَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَلَهَا الْخِيَارُ مَكَانَهَا فِي الْمَقَامِ مَعَهُ أَوْ فِرَاقِهِ. وَإِنْ قَالَ أَنَا أَصَبْتهَا فَعَرَضَ لَهُ مَكَانَهُ مَرَضٌ يَمْنَعُ الْإِصَابَةَ قُلْنَا فِئْ بِلِسَانِك وَمَتَى أَمْكَنَك أَنْ تُصِيبَهَا وَقَفْنَاك فَإِنْ أَصَبْتَهَا وَإِلَّا فَرَّقْنَا بَيْنَك وَبَيْنَهَا. وَلَوْ كَانَ الْمَرَضُ عَارِضًا لَهَا حَتَّى لاَ يَقْدِرَ عَلَى أَنْ يُجَامِعَ مِثْلَهَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ سَبِيلٌ مَا كَانَتْ مَرِيضَةً فَإِذَا قَدَرَ عَلَى جِمَاعِ مِثْلِهَا وَقَفْنَاهُ حَتَّى يَفِيءَ أَوْ يُطَلِّقَ [قَالَ]: وَلَوْ وَقَفْنَاهُ فَحَاضَتْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ حَتَّى تَطْهُرَ فَإِذَا طَهُرَتْ قِيلَ لَهُ أَصِبْ أَوْ طَلِّقْ [قَالَ]: وَلَوْ أَنَّهَا سَأَلَتْ الْوَقْفَ فَوُقِفَ فَهَرَبَتْ مِنْهُ أَوْ أَقَرَّتْ بِالِامْتِنَاعِ مِنْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ الْإِيلاَءُ حَتَّى تَحْضُرَ وَتَخْلِيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَفْسِهَا فَإِذَا فَعَلَتْ فَإِذَا فَاءَ وَإِلَّا طَلَّقَ أَوْ طُلِّقَ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَنَّهَا طَلَبَتْ الْوَقْفَ فَوُقِفَ لَهَا فَأَحْرَمَتْ مَكَانَهَا بِإِذْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَمْ يَأْمُرْهَا بِإِحْلاَلٍ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ طَلاَقٌ حَتَّى تَحِلَّ ثُمَّ يُوقَفَ فَإِمَّا أَنْ يَفِيءَ وَإِمَّا أَنْ يُطَلِّقَ، وَهَكَذَا لَوْ ارْتَدَّتْ عَنْ الْإِسْلاَمِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ طَلاَقٌ حَتَّى تَرْجِعَ إلَى الْإِسْلاَمِ فِي الْعِدَّةِ فَإِذَا رَجَعَتْ قِيلَ لَهُ فِئْ أَوْ طَلِّقْ وَإِنْ لَمْ تَرْجِعْ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ بَانَتْ مِنْهُ بِالرِّدَّةِ وَمُضِيِّ الْعِدَّةِ [قَالَ]: وَإِذَا كَانَ مُنِعَ الْجِمَاعَ مِنْ قُبُلِهَا بَعْدَ مُضِيِّ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ قَبْلَ الْوَقْفِ أَوْ مَعَهُ لَمْ يَكُنْ لَهَا عَلَى الزَّوْجِ سَبِيلٌ حَتَّى يَذْهَبَ مَنْعُ الْجِمَاعِ مِنْ قُبُلِهَا ثُمَّ يُوقَفَ مَكَانَهُ لِأَنَّ الْأَرْبَعَةَ الْأَشْهُرَ قَدْ مَضَتْ وَإِذَا كَانَ مُنِعَ الْجِمَاعَ مِنْ قُبُلِهَا فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ بِشَيْءٍ تُحْدِثُهُ غَيْرَ الْحَيْضِ الَّذِي خَلَقَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهَا ثُمَّ أُبِيحَ الْجِمَاعُ مِنْ قُبُلِهَا أَجَّلَ مِنْ يَوْمِ أُبِيحَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ كَمَا جَعَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَهُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ مُتَتَابِعَةٍ فَإِذَا لَمْ تَكْمُلْ لَهُ حَتَّى يَمْضِيَ حُكْمُهَا اُسْتُؤْنِفَتْ لَهُ مُتَتَابِعَةً كَمَا جُعِلَتْ لَهُ أَوَّلاً [قَالَ]: وَلَوْ كَانَ آلَى مِنْهَا ثُمَّ ارْتَدَّ عَنْ الْإِسْلاَمِ فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ أَوْ ارْتَدَّتْ أَوْ طَلَّقَهَا أَوْ خَالَعَهَا ثُمَّ رَاجَعَهَا أَوْ رَجَعَ الْمُرْتَدُّ مِنْهُمَا إلَى الْإِسْلاَمِ فِي الْعِدَّةِ اسْتَأْنَفَ فِي هَذِهِ الْحَالاَتِ كُلِّهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ حَلَّ لَهُ الْفَرْجُ بِالْمُرَاجَعَةِ أَوْ النِّكَاحِ أَوْ رُجُوعِ الْمُرْتَدِّ مِنْهُمَا إلَى الْإِسْلاَمِ وَلاَ يُشْبِهُ هَذَا الْبَابَ الْأَوَّلَ لِأَنَّهَا فِي هَذَا الْبَابِ صَارَتْ مُحَرَّمَةً كَالْأَجْنَبِيَّةِ الشَّعْرُ وَالنَّظَرُ وَالْجَسُّ وَالْجِمَاعُ وَفِي تِلْكَ الْأَحْوَالِ لَمْ تَكُنْ مُحَرَّمَةً بِشَيْءٍ غَيْرَ الْجِمَاعِ وَحْدَهُ. فَأَمَّا الشَّعْرُ وَالنَّظَرُ وَالْجَسُّ فَلَمْ يَحْرُمْ مِنْهَا وَهَكَذَا لَوْ ارْتَدَّا مَعًا.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: رحمه الله: وَلَوْ آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ ثُمَّ طَلَّقَ إحْدَى نِسَائِهِ فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ وَلَمْ يَدْرِ أَيَّتَهنَّ طَلَّقَ فَمَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَطَلَبَتْ أَنْ يُوقَفَ فَقَالَ هِيَ الَّتِي طَلَّقْت حَلَفَ لِلْبَوَاقِي وَكَانَتْ الَّتِي طَلَّقَ وَمَتَى رَاجَعَهَا فَمَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَقَفَتْهُ أَبَدًا حَتَّى يَمْضِيَ طَلاَقُ الْمِلْكِ كَمَا وَصَفْت، وَلَوْ مَضَتْ الْأَرْبَعَةُ الْأَشْهُرُ ثُمَّ طَلَبَتْ أَنْ يُوقَفَ فَقَالَ لاَ أَدْرِي أَهِيَ الَّتِي طَلَّقْت أَمْ غَيْرُهَا. قِيلَ لَهُ إنْ قُلْت هِيَ الَّتِي طَلَّقْت فَهِيَ طَالِقٌ وَإِنْ قُلْت لَيْسَتْ هِيَ حَلَفْت لَهَا إنْ ادَّعَتْ الطَّلاَقَ ثُمَّ فِئْت أَوْ طَلَّقْت وَإِنْ قُلْت: لاَ أَدْرِي فَأَنْتَ أَدْخَلْت مَنْعَ الْجِمَاعِ عَلَى نَفْسِك فَإِنْ طَلَّقْتهَا فَهِيَ طَالِقٌ وَإِنْ لَمْ تُطَلِّقْهَا وَحَلَفْت أَنَّهَا لَيْسَتْ الَّتِي طَلَّقْت أَوْ صَدَّقَتْك هِيَ فَفِئْ أَوْ طَلِّقْ وَإِنْ أَبَيْت ذَلِكَ كُلَّهُ طُلِّقَ عَلَيْك بِالْإِيلاَءِ لِأَنَّهَا زَوْجَةٌ مُولًى مِنْهَا عَلَيْك أَنْ تَفِيءَ إلَيْهَا أَوْ تُطَلِّقَهَا. فَإِنْ قُلْت لاَ أَدْرِي لَعَلَّهَا حَرُمَتْ عَلَيْك فَلَمْ تَحْرُمْ بِذَلِكَ عَلَيْك تَحْرِيمًا يُبِينُهَا عَلَيْك وَأَنْتَ مَانِعٌ الْفَيْئَةَ وَالطَّلاَقَ فَتَطْلُقُ عَلَيْك. فَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهَا الَّتِي طَلُقَتْ عَلَيْك قَبْلَ طَلاَقِ الْإِيلاَءِ سَقَطَ طَلاَقُ الْإِيلاَءِ. وَإِنْ لَمْ تُقِمْ بَيِّنَةً لَزِمَك طَلاَقُ الْإِيلاَءِ وَطَلاَقُ الْإِقْرَارِ مَعًا. ثُمَّ هَكَذَا الْبَوَاقِي [قَالَ]: وَإِذَا آلَى وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَطَلَبَتْ ذَلِكَ امْرَأَتُهُ أَوْ وَكِيلٌ لَهَا أُمِرَ بِالْفَيْءِ بِلِسَانِهِ وَالْمَسِيرِ إلَيْهَا كَمَا يُمْكِنُهُ وَقِيلَ فَإِنْ فَعَلْت وَإِلَّا فَطَلِّقْ [قَالَ]: وَأَقَلُّ مَا يَصِيرُ بِهِ فَائِيًا أَنْ يُجَامِعَهَا حَتَّى تَغِيبَ الْحَشَفَةُ. وَإِنْ جَامَعَهَا مُحْرِمَةً أَوْ حَائِضًا أَوْ هُوَ مُحْرِمٌ أَوْ صَائِمٌ خَرَجَ مِنْ الْإِيلاَءِ وَأَثِمَ بِالْجِمَاعِ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ. وَلَوْ آلَى مِنْهَا ثُمَّ جُنَّ فَأَصَابَهَا فِي حَالِ جُنُونِهِ أَوْ جُنَّتْ فَأَصَابَهَا فِي حَالِ جُنُونِهَا خَرَجَ مِنْ الْإِيلاَءِ. وَكَفَّرَ إذَا أَصَابَهَا وَهُوَ صَحِيحٌ وَهِيَ مَجْنُونَةٌ وَلَمْ يُكَفِّرْ إذَا أَصَابَهَا وَهُوَ مَجْنُونٌ لِأَنَّ الْقَلَمَ عَنْهُ مَرْفُوعٌ فِي تِلْكَ الْحَالِ. وَلَوْ أَصَابَهَا وَهِيَ نَائِمَةٌ أَوْ مُغْمًى عَلَيْهَا خَرَجَ مِنْ الْإِيلاَءِ وَكَفَّرَ [قَالَ]: وَكَذَلِكَ إذَا أَصَابَهَا أَحَلَّهَا لِزَوْجِهَا وَأَحْصَنَهَا وَإِنَّمَا كَانَ فِعْلُهُ فِعْلاً بِهَا لِأَنَّهُ يُوجِبُ لَهَا الْمَهْرَ بِالْإِصَابَةِ وَإِنْ كَانَتْ هِيَ لاَ تَعْقِلُ الْإِصَابَةَ فَلَزِمَهَا بِهَذَا الْحُكْمِ وَأَنَّهُ حَقٌّ لَهَا أَدَّاهُ إلَيْهَا فِي الْإِيلاَءِ كَمَا يَكُونُ لَوْ أَدَّى إلَيْهَا حَقًّا فِي مَالٍ أَوْ غَيْرِهِ بَرِئَ مِنْهُ.
طلاق المولي قبل الوقف وبعده
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: رحمه الله: وَإِذَا أُوقِفَ الْمُولِي فَطَلَّقَ وَاحِدَةً أَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْفَيْءِ بِلاَ عُذْرٍ فَطَلَّقَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ وَاحِدَةً فَالتَّطْلِيقَةُ تَطْلِيقَةٌ يَمْلِكُ فِيهَا الزَّوْجُ الرَّجْعَةَ فِي الْعِدَّةِ وَإِنْ رَاجَعَهَا فِي الْعِدَّةِ فَالرَّجْعَةُ ثَابِتَةٌ عَلَيْهِ وَالْإِيلاَءُ قَائِمٌ بِحَالٍ وَيُؤَجِّلُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ رَاجَعَهَا وَذَلِكَ يَوْمٌ يَحِلُّ لَهُ فَرْجُهَا بَعْدَ تَحْرِيمِهِ فَإِنْ مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وُقِفَ لَهَا فَإِنْ طَلَّقَهَا أَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْفَيْئَةِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَطُلِّقَ عَلَيْهِ فَالطَّلاَقُ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ. وَإِنْ رَاجَعَهَا وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ فَالرَّجْعَةُ ثَابِتَةٌ عَلَيْهِ فَإِنْ مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ رَاجَعَهَا وُقِفَ فَإِنْ طَلَّقَ أَوْ لَمْ يَفِئْ فَطُلِّقَ عَلَيْهِ فَقَدْ مَضَى الطَّلاَقُ ثَلاَثًا وَسَقَطَ حُكْمُ الْإِيلاَءِ فَإِنْ نَكَحَتْ زَوْجًا آخَرَ وَعَادَتْ إلَيْهِ بِنِكَاحٍ بَعْدَ زَوْجٍ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حُكْمُ الْإِيلاَءِ وَمَتَى أَصَابَهَا كَفَّرَ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: وَهَذَا مَعْنَى الْقُرْآنِ لاَ يُخَالِفُهُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ لَهُ إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْجِمَاعِ بِيَمِينٍ أَجَلَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَلَمَّا طَلَّقَ الْأُولَى وَرَاجَعَ كَانَتْ الْيَمِينُ قَائِمَةً كَمَا كَانَتْ أَوَّلاً فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُجْعَلَ لَهُ أَجَلاً إلَّا مَا جَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ ثُمَّ هَكَذَا فِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ. وَهَكَذَا لَوْ آلَى مِنْهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ ثُمَّ رَاجَعَهَا فِي الْعِدَّةِ مَا كَانَتْ لَمْ تَصِرْ أَوْلَى بِنَفْسِهَا مِنْهُ [قَالَ]: وَإِذَا طَلَّقَهَا فَكَانَتْ أَمْلَكَ بِنَفْسِهَا مِنْهُ بِأَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا أَوْ يُخَالِعَهَا أَوْ يُولِيَ مِنْهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا ثُمَّ يُطَلِّقَهَا. فَإِذَا فَعَلَ هَذَا ثُمَّ نَكَحَهَا نِكَاحًا جَدِيدًا بَعْدَ الْعِدَّةِ أَوْ قَبْلَهَا سَقَطَ حُكْمُ الْإِيلاَءِ عَنْهُ وَإِنَّمَا سَقَطَ حُكْمُ الْإِيلاَءِ عَنْهُ بِأَنَّهَا قَدْ صَارَتْ لَوْ طَلَّقَهَا لَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا طَلاَقُهُ، وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ حُكْمُ الْإِيلاَءِ وَهُوَ لَوْ أَوْقَعَ الطَّلاَقَ لَمْ يَقَعْ. وَكَذَلِكَ يَكُونُ بَعْدُ لَوْ طَلَّقَهَا ثَلاَثًا بِهَذِهِ الْعِلَّةِ وَلَوْ جَازَ أَنْ تَبِينَ امْرَأَةُ الْمُولِي مِنْهُ حَتَّى تَصِيرَ أَمْلَكَ بِنَفْسِهَا مِنْهُ ثُمَّ يَنْكِحَهَا فَيَعُودَ عَلَيْهِ حُكْمُ الْإِيلاَءِ إذَا نَكَحَهَا جَازَ هَذَا بَعْدَ طَلاَقِ الثَّلاَثِ وَزَوْجٍ غَيْرِهِ لِأَنَّ الْيَمِينَ قَائِمَةٌ بِعَيْنِهَا يُكَفِّرُ إذَا أَصَابَهَا وَكَانَتْ قَائِمَةً قَبْلَ الزَّوْجِ. وَهَكَذَا الظِّهَارُ مِثْلُ الْإِيلاَءِ لاَ يَخْتَلِفَانِ [قَالَ الرَّبِيعُ]: وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّهُ يَعُودُ عَلَيْهِ الْإِيلاَءُ مَا بَقِيَ مِنْ طَلاَقِ الثَّلاَثِ شَيْءٌ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: وَإِذَا بَانَتْ امْرَأَةُ المتظهر مِنْهُ وَلَمْ يَحْبِسْهَا بَعْدَ الظِّهَارِ سَاعَةً ثُمَّ نَكَحَهَا نِكَاحًا جَدِيدًا لَمْ يَعُدْ عَلَيْهِ التظهر لِأَنَّهُ لَمْ يَلْزَمْهُ فِي الْمِلْكِ الَّذِي تَظَهَّرَ مِنْهَا كَفَّارَةٌ وَلَوْ حَبَسَهَا بَعْدَ التظهر سَاعَةً ثُمَّ بَانَتْ مِنْهُ لَزِمَهُ التظهر لِأَنَّهُ قَدْ عَادَ لِمَا قَالَ. وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَتْ فِي الْوَجْهَيْنِ مَعًا.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: وَإِنَّمَا جُعِلَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ لِأَنَّهَا يَمِينٌ لَزِمَتْهُ. أَلاَ تَرَى أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لاَ يُصِيبُ غَيْرَ امْرَأَتِهِ فَأَصَابَهَا كَانَتْ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ مَعَ الْمَأْثَمِ بِالزِّنَا.
إيلاء الحر من الأمة والعبد من امرأته وأهل الذمة والمشركين
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: وَإِيلاَءُ الْحُرِّ مِنْ امْرَأَتِهِ الْأَمَةِ وَالْحُرَّةِ سَوَاءٌ فَإِنْ آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ وَهِيَ أَمَةٌ ثُمَّ اشْتَرَاهَا سَقَطَ الْإِيلاَءُ بِانْفِسَاخِ النِّكَاحِ فَإِنْ خَرَجَتْ مِنْ مِلْكِهِ ثُمَّ نَكَحَهَا أَمَةً أَوْ حُرَّةً لَمْ يَعُدْ الْإِيلاَءُ لِأَنَّ مِلْكَهُ هَذَا غَيْرُ الْمِلْكِ الَّذِي آلَى فِيهِ وَهَكَذَا الْعَبْدُ يُولِي مِنْ امْرَأَتِهِ حُرَّةً أَوْ أَمَةً فَتَمْلِكُهُ سَقَطَ بِانْفِسَاخِ النِّكَاحِ فَإِنْ عَتَقَ فَنَكَحَهَا أَوْ خَرَجَ مِنْ مِلْكِهَا فَنَكَحَهَا لَمْ يَعُدْ الْإِيلاَءُ وَلَوْ أَنَّ الْحُرَّ الْمُشْتَرِيَ لِامْرَأَتِهِ الْأَمَةِ بَعْدَ الْإِيلاَءِ مِنْهَا أَصَابَهَا بِالْمِلْكِ كَفَّرَ إذَا كَانَتْ يَمِينُهُ وَاَللَّهِ لاَ أَقْرَبُك وَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ وَقْفٌ إذَا كَانَتْ إصَابَتُهُ بِالْمِلْكِ كَمَا لَوْ آلَى مِنْ أَمَتِهِ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إنَّمَا جَعَلَ الْإِيلاَءَ مِنْ الْأَزْوَاجِ فَإِنْ خَرَجَتْ مِنْ مِلْكِهِ ثُمَّ نَكَحَهَا لَمْ يَعُدْ عَلَيْهِ الْإِيلاَءُ لِأَنَّهُ قَدْ حَنِثَ بِهِ مَرَّةً وَلَوْ كَانَ قَدْ قَالَ لَهَا وَاَللَّهِ لاَ أَقْرَبُك وَأَنْتِ زَوْجَةٌ لِي ثُمَّ مَلَكَهَا فَأَصَابَهَا بِالْمِلْكِ لَمْ يَحْنَثْ وَمَتَى نَكَحَهَا نِكَاحًا جَدِيدًا غَيْرَ النِّكَاحِ الَّذِي آلَى فِيهِ لَمْ يَعُدْ عَلَيْهِ الْإِيلاَءُ، وَهَكَذَا الْعَبْدُ يُولِي مِنْ امْرَأَتِهِ ثُمَّ تَمْلِكُهُ ثُمَّ يَنْكِحُهَا، وَهَكَذَا لَوْ كَانَتْ امْرَأَةُ أَحَدِهِمَا أَمَةً فَارْتَدَّتْ فَانْفَسَخَ النِّكَاحُ ثُمَّ نَكَحَتْهُ بَعْدُ لاَ يَعُودُ الْإِيلاَءُ إذَا حَرُمَ عَلَيْهِ نِكَاحُهَا لِأَنَّ هَذَا غَيْرُ النِّكَاحِ الَّذِي آلَى مِنْهُ [قَالَ]: وَإِذَا حَلَفَ الْعَبْدُ بِاَللَّهِ أَوْ بِمَا لَزِمَهُ فِيهِ يَمِينٌ مِنْ تَبَرُّرٍ كَانَ مُولِيًا، وَإِنْ حَلَفَ بِكُلِّ شَيْءٍ لَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ بِعِتْقِ مَمَالِيكِهِ أَوْ صَدَقَةِ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا لِأَنَّهُ لاَ يَمْلِكُ شَيْئًا وَكَذَلِكَ الْمُدَبَّرُ وَالْمُكَاتَبُ، وَلَوْ حَلَفَ الْمُعْتَقُ بَعْضُهُ بِصَدَقَةِ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ لَزِمَهُ الْإِيلاَءُ لِأَنَّ لَهُ مَا كَسَبَ فِي يَوْمِهِ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: وَالذِّمِّيُّ كَالْمُسْلِمِ فِيمَا يَلْزَمُهُ مِنْ الْإِيلاَءِ إذَا حَاكَمَ إلَيْنَا لِأَنَّ الْإِيلاَءَ يَمِينٌ يَلْزَمُهُ وَطَلاَقَهُ كَطَلاَقِ الْمُسْلِمِ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ مِنْ الْيَمِينِ مَا يَلْزَمُ الْمُسْلِمِينَ. أَلاَ تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ أَوْ أَصَابَ امْرَأَتَهُ أَلْزَمْنَاهُ الْإِيلاَءَ لِأَنَّ الْعِتْقَ حَقٌّ لِغَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يُؤْجَرْ فِيهِ وَإِنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ تَبَرُّرًا أَلْزَمْنَاهُ وَإِنْ لَمْ يُؤْجَرْ فِيهِ فِي حَالِهِ تِلْكَ فَكَذَلِكَ مَا سِوَاهُ وَفَرْضُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى الْعِبَادِ وَاحِدٌ. فَإِنْ قِيلَ هُوَ إنْ تَصَدَّقَ عَلَى الْمَسَاكِينِ لَمْ يُكَفَّرْ عَنْهُ؟ قِيلَ: وَهَكَذَا إنْ حُدَّ فِي زِنًا لَمْ يُكَفَّرْ بِالْحَدِّ عَنْهُ وَالْحُدُودُ لِلْمُسْلِمِينَ كَفَّارَةٌ لِلذُّنُوبِ وَنَحْنُ نَحُدُّهُ إذَا زَنَى وَأَتَانَا رَاضِيًا بِحُكْمِنَا، وَحُكْمُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى الْعِبَادِ وَاحِدٌ وَإِنَّمَا حَدَدْنَاهُ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَجَمَ يَهُودِيَّيْنِ زَنَيَا بِمَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ.
الإيلاء بالألسنة
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: إذَا كَانَ لِسَانُ الرَّجُلِ غَيْرَ لِسَانِ الْعَرَبِ فَآلَى بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُولٍ، وَإِذَا تَكَلَّمَ بِلِسَانِهِ بِكَلِمَةٍ تَحْتَمِلُ الْإِيلاَءَ وَغَيْرَهُ كَانَ كَالْعَرَبِيِّ يَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ وَتَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ لَيْسَ ظَاهِرُهُمَا الْإِيلاَءَ فَيُسْأَلُ فَإِنْ قَالَ أَرَدْت الْإِيلاَءَ فَهُوَ مُولٍ وَإِنْ قَالَ لَمْ أُرِدْ الْإِيلاَءَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ إنْ طَلَبَتْهُ امْرَأَتُهُ وَإِنْ كَانَ عَرَبِيًّا يَتَكَلَّمُ بِأَلْسِنَةِ الْعَجَمِ أَوْ بَعْضِهَا فَآلَى فَأَيُّ لِسَانٍ مِنْهَا آلَى بِهِ فَهُوَ مُولٍ. وَإِنْ قَالَ لَمْ أُرِدْ الْإِيلاَءَ دِينَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَلاَ يَدِينُ فِي الْحُكْمِ. وَإِنْ كَانَ عَرَبِيًّا لاَ يَتَكَلَّمُ بِأَعْجَمِيَّةٍ فَتَكَلَّمَ بِإِيلاَءٍ بِبَعْضِ أَلْسِنَةِ الْعَجَمِ فَقَالَ مَا عَرَفْت مَا قُلْت وَمَا أَرَدْت إيلاَءً فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ. وَلَيْسَ حَالُهُ كَحَالِ الرَّجُلِ يُعْرَفُ بِأَنَّهُ يَتَكَلَّمُ بِلِسَانٍ مِنْ أَلْسِنَةِ الْعَجَمِ وَيَعْقِلُهُ. وَهَكَذَا الْأَعْجَمِيُّ يُولِي بِالْعَرَبِيَّةِ إذَا كَانَ يَعْرِفُ الْإِيلاَءَ بِالْعَرَبِيَّةِ لَمْ يُصَدَّقْ فِي الْحُكْمِ عَلَى أَنْ يَقُولَ لَمْ أُرِدْ إيلاَءً وَلَكِنْ سَبَقَنِي لِسَانِي لَمْ يَدِنْ فِي الْحُكْمِ وَدِينَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى.
إيلاء الخصي غير المجبوب والمجبوب
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: رحمه الله: وَإِذَا آلَى الْخَصِيُّ غَيْرُ الْمَجْبُوبِ مَعَ امْرَأَتِهِ فَهُوَ كَغَيْرِ الْخَصِيِّ وَهَكَذَا لَوْ كَانَ مَجْبُوبًا قَدْ بَقِيَ لَهُ مَا يَبْلُغُ بِهِ مِنْ الْمَرْأَةِ مَا يَبْلُغُ الرَّجُلُ حَتَّى تَغِيبَ حَشَفَتُهُ كَانَ كَغَيْرِ الْخَصِيِّ فِي جَمِيعِ أَحْكَامِهِ. وَإِذَا آلَى الْخَصِيُّ الْمَجْبُوبُ مِنْ امْرَأَتِهِ قِيلَ لَهُ فِئْ بِلِسَانِك لاَ شَيْءَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ لِأَنَّهُ مِمَّنْ لاَ يُجَامِعُ مِثْلُهُ وَإِنَّمَا الْفَيْءُ الْجِمَاعُ وَهُوَ مِمَّنْ لاَ جِمَاعَ عَلَيْهِ [قَالَ]: وَلَوْ تَزَوَّجَ رَجُلٌ امْرَأَةً ثُمَّ آلَى مِنْهَا ثُمَّ خُصِيَ وَلَمْ يُجَبَّ كَانَ كَالْفَحْلِ وَلَوْ جُبَّ كَانَ لَهَا الْخِيَارُ مَكَانَهَا فِي الْمَقَامِ مَعَهُ أَوْ فِرَاقِهِ فَإِنْ اخْتَارَتْ الْمَقَامَ مَعَهُ قِيلَ لَهُ إذَا طَلَبَتْ الْوَقْفَ ففء بِلِسَانِك لِأَنَّهُ مِمَّنْ لاَ يُجَامِعُ [قَالَ الرَّبِيعُ]: إنْ اخْتَارَتْ فِرَاقَهُ فَاَلَّذِي أَعْرِفُ لِلشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ اخْتَارَتْ الْمَقَامَ مَعَهُ فَاَلَّذِي أَعْرِفُ لِلشَّافِعِيِّ أَنَّ امْرَأَةَ الْعِنِّينِ إذَا اخْتَارَتْ الْمَقَامَ مَعَهُ بَعْدَ الْأَجَلِ أَنَّهُ لاَ يَكُونُ لَهَا خِيَارٌ ثَانِيَةً وَالْمَجْبُوبُ عِنْدِي مِثْلُهُ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: رحمه الله: وَإِذَا آلَى الْعِنِّينُ مِنْ امْرَأَتِهِ أَجَلَ سَنَةٍ ثُمَّ خُيِّرَتْ إلَّا أَنْ يُطَلِّقَهَا عِنْدَ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ فَإِنْ طَلَّقَهَا ثُمَّ رَاجَعَهَا فِي الْعِدَّةِ عَادَ الْإِيلاَءُ عَلَيْهِ وَخُيِّرَتْ عِنْدَ السَّنَةِ فِي الْمَقَامِ مَعَهُ أَوْ فِرَاقِهِ.
إيلاء الرجل مرارا
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: وَإِذَا آلَى الرَّجُلُ مِنْ امْرَأَتِهِ فَلَمَّا مَضَى شَهْرَانِ أَوْ أَكْثَرُ أَوْ أَقَلُّ آلَى مِنْهَا مَرَّةً أُخْرَى وُقِفَ عِنْدَ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ الْأُولَى فَإِمَّا أَنْ يَفِيءَ وَإِمَّا أَنْ يُطَلِّقَ فَإِنْ فَاءَ حَنِثَ فِي الْيَمِينِ الْأُولَى وَالْيَمِينِ الثَّانِيَةِ وَلَمْ يَعُدْ عَلَيْهِ الْإِيلاَءُ لِأَنَّهُ قَدْ حَنِثَ فِي الْيَمِينَيْنِ مَعًا وَإِنْ أَرَادَ بِالْيَمِينِ الثَّانِيَةِ الْأُولَى فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَإِنْ أَرَادَ يَمِينًا عَلَيْهِ غَيْرَهَا فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَوْ يُكَفِّرَ كَفَّارَتَيْنِ وَقَدْ قِيلَ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ تُجْزِئُهُ لِأَنَّهُمَا يَمِينَانِ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ. وَهَكَذَا لَوْ آلَى مِنْهَا فَلَمَّا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ آلَى ثَانِيَةً قَبْلَ يُوقَفَ أَوْ يُطَلِّقَ وَلَكِنَّهُ لَوْ آلَى فَوُقِفَ فَطَلَّقَ طَلاَقًا يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ ثُمَّ آلَى فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ ارْتَجَعَ أَوْ فَاءَ ثُمَّ آلَى إيلاَءً آخَرَ كَانَ عَلَيْهِ إيلاَءٌ مُسْتَقْبَلٌ [قَالَ]: وَإِذَا آلَى الرَّجُلُ مِنْ امْرَأَتِهِ فَحِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا بِأَمْرٍ لَيْسَ مِنْ قِبَلِهِ قَبْلَ أَنْ يُكْمِلَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ قَدَرَ عَلَيْهَا اُسْتُؤْنِفَ لَهُ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ كَمَا جَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ مُتَتَابِعَةً فَإِذَا لَمْ يَتَكَمَّلْ لَهُ حَتَّى يَمْضِيَ حُكْمُهَا اُسْتُؤْنِفَتْ لَهُ مُتَتَابِعَةً كَمَا جُعِلَتْ لَهُ أَوَّلاً. وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ تُحْبَسَ فَلاَ يَقْدِرُ عَلَيْهَا. وَمِثْلُ أَنْ يَكُونَ آلَى مِنْهَا صَبِيَّةً لاَ يَقْدِرُ عَلَى جِمَاعِهَا بِحَالٍ أَوْ مُضْنَاةً مِنْ مَرَضٍ لاَ يَقْدِرُ عَلَى جِمَاعِهَا بِحَالٍ وَإِذَا صَارَتَا فِي حَدِّ مَنْ يُجَامَعُ مِثْلُهُ وُقِفَ لَهُمَا بَعْدُ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ يَقْدِرُ عَلَى جِمَاعِهِمَا فَإِنْ فَاءَ وَإِلَّا طَلَّقَ وَإِنْ أَبَى طُلِّقَ عَلَيْهِ قَالَ] وَإِنْ كَانَتْ مَرِيضَةً يَقْدِرُ عَلَى جِمَاعِهَا بِحَالٍ أَوْ صَبِيَّةً يُجَامَعُ مِثْلُهَا فَهِيَ كَالصَّحِيحَةِ الْبَالِغِ، وَسَوَاءٌ آلَى مِنْ بِكْرٍ أَوْ ثَيِّبٍ وَلاَ فَيْئَةَ فِي الْبِكْرِ إلَّا بِذَهَابِ الْعَذِرَةِ وَلاَ فِي الثَّيِّبِ إلَّا بِمَغِيبِ الْحَشَفَةِ، وَإِذَا كَانَ الْحَبْسُ عَنْ الْجِمَاعِ فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ لاَ بِسَبَبِ الْمَرْأَةِ وَلاَ مِنْهَا وَلاَ أَنَّهَا حَرُمَتْ عَلَيْهِ كَمَا تَحْرُمُ الْأَجْنَبِيَّةُ إلَّا بِحَالٍ يُحْدِثُهَا فَالْإِيلاَءُ لَهُ لاَزِمٌ وَلاَ يُزَادُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ شَيْئًا فَإِذَا مَضَتْ الْأَرْبَعَةُ الْأَشْهُرُ وُقِفَ حَتَّى يُطَلِّقَ أَوْ يَفِيءَ فَيْءَ جِمَاعٍ أَوْ فَيْءَ مَعْذُورٍ وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يُؤْلِيَ فَيَمْرَضَ هُوَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَإِذَا مَضَتْ وُقِفَ فَإِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى الْجِمَاعِ بِحَالٍ فَلاَ فَيْءَ لَهُ إلَّا فَيْءَ الْجِمَاعِ وَإِنْ كَانَ لاَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ فَاءَ بِلِسَانِهِ وَمِثْلُ أَنْ يُؤْلِيَ فَيُحْبَسَ أَوْ يُؤْلِيَ وَهُوَ مَحْبُوسٌ فَإِذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى الْجِمَاعِ بِحَالٍ فَاءَ أَوْ طَلَّقَ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْجِمَاعِ بِحَالٍ لِلْحَبْسِ فَاءَ بِلِسَانِهِ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: رحمه الله: وَمَنْ قُلْت لَهُ فِئْ بِلِسَانِك فَإِذَا قَدَرَ عَلَى الْجِمَاعِ بِحَالٍ وَقَفْته مَكَانَهُ فَإِنْ فَاءَ وَإِلَّا طَلَّقَ أَوْ طُلِّقَ عَلَيْهِ وَلاَ أُؤَجِّلُهُ إلَى أَجَلِ الصَّحِيحِ إذَا وَقَفْته بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ [قَالَ]: وَإِذَا آلَى فَغُلِبَ عَلَى عَقْلِهِ فَإِذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ لَمْ يُوقَفْ حَتَّى يَرْجِعَ إلَيْهِ عَقْلُهُ فَإِنْ عَقَلَ بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ وُقِفَ مَكَانَهُ فَإِمَّا أَنْ يَفِيءَ وَإِمَّا أَنْ يُطَلِّقَ، وَإِذَا آلَى الرَّجُلُ مِنْ امْرَأَتِهِ ثُمَّ أَحْرَمَ قِيلَ لَهُ إذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَإِنْ فِئْت فَسَدَ إحْرَامُك وَخَرَجْت مِنْ حُكْمِ الْإِيلاَءِ وَإِنْ لَمْ تَفِئْ طُلِّقَ عَلَيْك لِأَنَّك أَحْدَثْت مَنْعَ الْجِمَاعِ وَإِنْ آلَى ثُمَّ تَظَاهَرَ وَهُوَ يَجِدُ الْكَفَّارَةَ فَإِذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وُقِفَ فَقِيلَ لَهُ أَنْتَ أَدْخَلْت مَنْعَ الْجِمَاعِ عَلَى نَفْسِك فَإِنْ فِئْت فَأَنْتَ عَاصٍ بِالْإِصَابَةِ وَأَنْتَ مُتَظَاهِرٌ وَلَيْسَ لَك أَنْ تَطَأَ قَبْلَ الْكَفَّارَةِ وَإِنْ لَمْ تَفِئْ فَطَلِّقْ أَوْ يُطَلَّقُ عَلَيْك، وَهَكَذَا لَوْ تَظَاهَرَ ثُمَّ آلَى لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ جَاءَ مِنْهُ لاَ مِنْهَا وَلَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ بِالظِّهَارِ حُرْمَةَ الْأَجْنَبِيَّةِ.
اختلاف الزوجين في الإصابة
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: رحمه الله: وَإِذَا وَقَفْنَا الْمُولِيَ فَقَالَ قَدْ أَصَبْتهَا وَقَالَتْ لَمْ يُصِبْنِي فَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهَا تَدَّعِي مَا تَكُونُ بِهِ الْفُرْقَةُ الَّتِي هِيَ إلَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا أُرِيهَا النِّسَاءَ فَإِنْ قُلْنَ هِيَ بِكْرٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا، وَإِذَا قَالَتْ قَدْ أَصَابَنِي وَإِنَّمَا أَدْخَلَهُ بِيَدِهِ حَتَّى غَيَّبَ الْحَشَفَةَ فَذَلِكَ فَيْءٌ إنْ صَدَّقَهَا [قَالَ الرَّبِيعُ]: وَإِنْ غَلَبَتْهُ عَلَى نَفْسِهِ حَتَّى أَدْخَلَتْهُ بِيَدِهَا فَقَدْ فَاءَ وَسَقَطَ عَنْهُ الْإِيلاَءُ وَلاَ كَفَّارَةَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مُكْرَهٌ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: وَإِنْ وُقِفَ لِأَنَّهَا سَأَلَتْ وَقْفَهُ فَادَّعَى إصَابَتَهَا فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ وَأَنْكَرَتْ فَالْقَوْلُ فِيهَا كَالْقَوْلِ إذَا وَقَّفْنَاهُ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ يُصَدَّقُ إنْ كَانَتْ ثَيِّبًا وَتُصَدَّقُ هِيَ إنْ كَانَتْ بِكْرًا.
من يجب عليه الظهار ومن لا يجب عليه
[أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ] قَالَ: [قَالَ الشَّافِعِيُّ]: رحمه الله: قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إنْ أُمَّهَاتُهُمْ إلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنْ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ}.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: فَكُلُّ زَوْجٍ جَازَ طَلاَقُهُ وَجَرَى عَلَيْهِ الْحُكْمُ مِنْ بَالِغٍ غَيْرِ مَغْلُوبٍ عَلَى عَقْلِهِ وَقَعَ عَلَيْهِ الظِّهَارُ سَوَاءٌ كَانَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا أَوْ مَنْ لَمْ تَكْمُلْ فِيهِ الْحُرِّيَّةُ أَوْ ذِمِّيًّا مِنْ قِبَلِ أَنَّ أَصْلَ الظِّهَارِ كَانَ طَلاَقَ الْجَاهِلِيَّةِ فَحَكَمَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ بِالْكَفَّارَةِ فَحَرُمَ الْجِمَاعُ عَلَى الْمُتَظَاهِرِ بِتَحْرِيمِهِ لِلظِّهَارِ حَتَّى يُكَفِّرَ وَكُلُّ هَؤُلاَءِ مِمَّنْ يَلْزَمُهُ الطَّلاَقُ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ الْجِمَاعُ بِتَحْرِيمِهِ إذَا كَانُوا بَالِغِينَ غَيْرَ مَغْلُوبِينَ عَلَى عُقُولِهِمْ [قَالَ]: وَظِهَارُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلاَءِ يَقَعُ عَلَى زَوْجَتِهِ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا صَغِيرَةً كَانَتْ أَوْ كَبِيرَةً يَحِلُّ جِمَاعُهَا وَيَقْدِرُ عَلَيْهِ أَوْ لاَ يَحِلُّ وَلاَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ بِأَنْ تَكُونَ حَائِضًا أَوْ مُحْرِمَةً أَوْ رَتْقَاءَ أَوْ صَغِيرَةً لاَ يُجَامَعُ مِثْلُهَا أَوْ خَارِجَةً مِنْ هَذَا كُلِّهِ [قَالَ]: وَلَوْ تَظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ وَهِيَ أَمَةٌ ثُمَّ اشْتَرَاهَا فَسَدَ النِّكَاحُ وَالظِّهَارُ بِحَالِهِ لاَ يَقْرَبُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الظِّهَارَ لَزِمَهُ وَهِيَ زَوْجَةٌ؛ وَإِذَا تَظَاهَرَ السَّكْرَانُ لَزِمَهُ الظِّهَارُ. فَأَمَّا الْمَغْلُوبُ عَلَى عَقْلِهِ بِغَيْرِ سُكْرٍ فَلاَ يَلْزَمُهُ، وَإِذَا تَظَاهَرَ الْأَخْرَسُ وَهُوَ يَعْقِلُ الْإِشَارَةَ أَوْ الْكِتَابَةَ لَزِمَهُ الظِّهَارُ، وَإِذَا تَظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ ثُمَّ قَالَ لِامْرَأَةٍ لَهُ أُخْرَى قَدْ أَشْرَكْتُك مَعَهَا أَوْ قَالَ أَنْتِ مِثْلُهَا أَوْ مَا أَشْبَهَ هَذَا يُرِيدُ بِهِ الظِّهَارَ فَإِنَّ عَلَيْهِ فِيهَا مِثْلَ مَا عَلَيْهِ فِي الَّتِي تَظَاهَرَ مِنْهَا وَهُوَ ظِهَارٌ، فَإِنْ لَمْ يُرِدْ بِهِ ظِهَارًا وَلاَ تَحْرِيمًا فَلَيْسَ بِظِهَارٍ وَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِذَا قَالَ لِامْرَأَةٍ لَهُ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي إنْ شَاءَ اللَّهُ فَلَيْسَ بِظِهَارٍ، وَلَوْ قَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ فُلاَنٌ فَلَيْسَ بِظِهَارٍ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ فُلاَنًا قَدْ شَاءَ، وَإِذَا تَظَاهَرَ الرَّجُلُ مِنْ امْرَأَتِهِ ثُمَّ تَرَكَهَا أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَهُوَ مُتَظَاهِرٌ وَلاَ إيلاَءَ عَلَيْهِ يُوقَفُ لَهُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ حَكَمَ فِي الظِّهَارِ غَيْرَ حُكْمِهِ فِي الْإِيلاَءِ فَلاَ يَكُونُ الْمُتَظَاهِرُ مُولِيًا وَلاَ الْمُولِي مُتَظَاهِرًا بِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَلاَ يَكُونُ عَلَيْهِ بِأَحَدِهِمَا إلَّا أَيَّهمَا جُعِلَ عَلَى نَفْسِهِ لِأَنَّهُ مُطِيعٌ لِلَّهِ تَعَالَى بِتَرْكِ الْجِمَاعِ فِي الظِّهَارِ عَاصٍ لَوْ جَامَعَ قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ وَعَاصٍ بِالْإِيلاَءِ، وَسَوَاءٌ كَانَ مُضَارًّا بِالظِّهَارِ أَوْ غَيْرَ مُضَارٍّ إلَّا أَنَّهُ يَأْثَمُ بِالضِّرَارِ كَمَا يَأْثَمُ لَوْ آلَى أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ يُرِيدُ ضِرَارًا وَلاَ يُحْكَمُ عَلَيْهِ حُكْمَ الْإِيلاَءِ بِالضِّرَارِ وَيَأْثَمُ لَوْ تَرَكَهَا الدَّهْرَ بِلاَ يَمِين يُرِيدُ ضِرَارًا وَلاَ يُحْكَمُ عَلَيْهِ حُكْمَ الْإِيلاَءِ وَلاَ يُحَالُ حُكْمٌ عَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِيهِ.
الظهار
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: رحمه الله: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَاَلَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاَللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا}.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: سَمِعْت مَنْ أَرْضَى مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْقُرْآنِ يَذْكُرُ أَنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يُطَلِّقُونَ بِثَلاَثَةٍ الظِّهَارِ وَالْإِيلاَءِ وَالطَّلاَقِ فَأَقَرَّ اللَّهُ تَعَالَى الطَّلاَقَ طَلاَقًا وَحَكَمَ فِي الْإِيلاَءِ بِأَنْ أَمْهَلَ الْمُوَالِيَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ جَعَلَ عَلَيْهِ أَنْ يَفِيءَ أَوْ يُطَلِّقَ وَحَكَمَ فِي الظِّهَارِ بِالْكَفَّارَةِ فَإِذَا تَظَاهَرَ الرَّجُلُ مِنْ امْرَأَتِهِ يُرِيدُ طَلاَقَهَا أَوْ يُرِيدُ تَحْرِيمَهَا بِلاَ طَلاَقٍ فَلاَ يَقَعُ بِهِ طَلاَقٌ بِحَالٍ وَهُوَ مُتَظَاهِرٌ وَكَذَلِكَ إنْ تَكَلَّمَ بِالظِّهَارِ وَلاَ يَنْوِي شَيْئًا فَهُوَ مُتَظَاهِرٌ لِأَنَّهُ مُتَكَلِّمٌ بِالظِّهَارِ وَيَلْزَمُ الظِّهَارُ مَنْ لَزِمَهُ الطَّلاَقُ وَيَسْقُطُ عَمَّنْ سَقَطَ عَنْهُ وَإِذَا تَظَاهَرَ الرَّجُلُ مِنْ امْرَأَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا أَوْ بَعْدَ مَا دَخَلَ بِهَا فَهُوَ مُتَظَاهِرٌ وَإِذَا طَلَّقَهَا فَكَانَ لاَ يَمْلِكُ رَجْعَتَهَا فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ تَظَاهَرَ مِنْهَا لَمْ يَلْزَمْهُ الظِّهَارُ، وَإِذَا طَلَّقَ امْرَأَتَيْهِ فَكَانَ يَمْلِكُ رَجْعَةَ إحْدَاهُمَا وَلاَ يَمْلِكُ رَجْعَةَ الْأُخْرَى فَتَظَاهَرَ مِنْهُمَا فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ لَزِمَهُ الظِّهَارُ مِنْ الَّتِي يَمْلِكُ رَجْعَتَهَا وَيَسْقُطُ عَنْهُ مِنْ الَّتِي لاَ يَمْلِكُ رَجْعَتَهَا.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: وَإِذَا تَظَاهَرَ مِنْ أَمَتِهِ أُمَّ وَلَدٍ كَانَتْ أَوْ غَيْرَ أُمِّ وَلَدٍ لَمْ يَلْزَمْهُ الظِّهَارُ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ {وَاَلَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} وَلَيْسَتْ مِنْ نِسَائِهِ وَلاَ يَلْزَمُهُ الْإِيلاَءُ وَلاَ الطَّلاَقُ فِيمَا لاَ يَلْزَمُهُ الظِّهَارُ وَكَذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبَّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} فَلَوْ آلَى مِنْ أَمَتِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِيلاَءُ، وَكَذَلِكَ قَالَ {وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} وَلَيْسَتْ مِنْ الْأَزْوَاجِ فَلَوْ رَمَاهَا لَمْ يَلْتَعِنْ لِأَنَّا عَقَلْنَا عَنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ نِسَائِنَا وَإِنَّمَا نِسَاؤُنَا أَزْوَاجُنَا وَلَوْ جَازَ أَنْ يَلْزَمَ وَاحِدًا مِنْ هَذِهِ الْأَحْكَامِ لَزِمَهَا كُلَّهَا لِأَنَّ ذِكْرَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَهَا وَاحِدٌ.
ما يكون ظهارا وما لا يكون
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: رحمه الله: وَالظِّهَارُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَإِذَا قَالَ لَهَا أَنْتِ مِنِّي كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ أَنْتِ مَعِي أَوْ مَا أَشْبَهَ هَذَا كَظَهْرِ أُمِّي فَهُوَ ظِهَارٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهَا فَرْجُك أَوْ رَأْسُك أَوْ بَدَنُك أَوْ ظَهْرُك أَوْ جِلْدُك أَوْ يَدُك أَوْ رِجْلُك عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي كَانَ هَذَا ظِهَارًا، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَنْتِ أَوْ بَدَنُك عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ كَبَدَنِ أُمِّي أَوْ كَرَأْسِ أُمِّي أَوْ كَيَدِهَا أَوْ كَرِجْلِهَا كَانَ هَذَا ظِهَارًا لِأَنَّ التَّلَذُّذَ بِكُلِّ أُمِّهِ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ كَتَحْرِيمِ التَّلَذُّذِ بِظَهْرِهَا [قَالَ]: وَإِذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُخْتِي أَوْ كَظَهْرِ امْرَأَةٍ مُحَرَّمَةٍ عَلَيْهِ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ قَامَتْ فِي ذَلِكَ مَقَامَ الْأُمِّ. أَمَّا الرَّحِمُ فَإِنَّ مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ مِنْ أُمِّهِ يَحْرُمُ عَلَيْهِ مِنْهَا، وَأَمَّا الرَّضَاعُ فَإِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ (يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ) فَأَقَامَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الرَّضَاعَ مَقَامَ النَّسَبِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا [قَالَ الرَّبِيعُ]: مَعْنَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسَبَ الظِّهَارَ إلَى الْأُمِّ فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ قَائِلٍ {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ} فَكُلُّ مَا كَانَ مُحَرَّمًا عَلَى الْمَرْءِ كَمَا تَحْرُمُ الْأُمُّ فَظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ فَنَسَبُهُ إلَى مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ كَحُرْمَةِ الْأُمِّ لَزِمَهُ الظِّهَارُ، وَلَك مَثَلٌ أَنْ يَقُولَ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُخْتِي وَلَمْ تَزَلْ أُخْتُهُ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ لَمْ تَحِلَّ لَهُ قَطُّ فَكَانَ بِذَلِكَ مُتَظَاهِرًا قَالَ الرَّبِيعُ فَإِنْ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أَجْنَبِيَّةٍ لَمْ يَكُنْ مُظَاهِرًا مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْأَجْنَبِيَّةَ وَإِنْ كَانَتْ فِي هَذَا الْوَقْتِ مُحَرَّمَةً فَهِيَ تَحِلُّ لَهُ لَوْ تَزَوَّجَهَا وَالْأُمُّ لَمْ تَكُنْ حَلاَلاً قَطُّ لَهُ وَلاَ تَكُونُ حَلاَلاً أَبَدًا. فَإِنْ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُخْتِي مِنْ الرَّضَاعَةِ فَإِنْ كَانَتْ قَدْ وُلِدَتْ قَبْلَ أَنْ تُرْضِعَهُ أُمُّهَا فَقَدْ كَانَتْ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ الرَّضَاعُ حَلاَلاً لَهُ وَلاَ يَكُونُ مُظَاهِرًا بِهَا وَلَيْسَتْ مِثْلَ الْأُخْتِ مِنْ النَّسَبِ الَّتِي لَمْ تَكُنْ حَلاَلاً قَطُّ لَهُ وَهَذِهِ قَدْ كَانَتْ حَلاَلاً لَهُ قَبْلَ أَنْ تُرْضِعَهُ أُمُّهَا فَإِنْ كَانَتْ أُمُّهَا قَدْ أَرْضَعَتْهُ قَبْلَ أَنْ تَلِدَهَا فَهَذِهِ لَمْ تَكُنْ قَطُّ حَلاَلاً لَهُ فِي حِينٍ لِأَنَّهَا وَلَدَتْهَا بَعْدَ أَنْ صَارَ ابْنَهَا مِنْ الرَّضَاعَةِ [قَالَ الرَّبِيعُ]: وَكَذَلِكَ امْرَأَةُ أَبِيهِ فَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ امْرَأَةِ أَبِي. فَإِنْ كَانَ أَبُوهُ قَدْ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ أَنْ يُولَدَ فَهُوَ مُظَاهِرٌ مِنْ قِبَلِ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ لَهُ حَلاَلاً قَطُّ وَلَمْ يُولَدْ إلَّا وَهِيَ حَرَامٌ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ وُلِدَ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا أَبُوهُ فَقَدْ كَانَتْ فِي حِينٍ حَلاَلاً لَهُ فَلاَ يَكُونُ بِهَا مُتَظَاهِرًا.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: رحمه الله: وَإِنْ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ امْرَأَةِ أَبِي أَوْ امْرَأَةِ ابْنِي أَوْ امْرَأَةِ رَجُلٍ سَمَّاهُ أَوْ امْرَأَةٍ لاَعَنَهَا أَوْ امْرَأَةٍ طَلَّقَهَا ثَلاَثًا لَمْ يَكُنْ ظِهَارًا مِنْ قِبَلِ أَنَّ هَؤُلاَءِ قَدْ كُنَّ وَهُنَّ يَحْلِلْنَ لَهُ. وَإِنْ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أَبِي أَوْ ابْنِي لَمْ يَكُنْ ظِهَارًا مِنْ قِبَلِ أَنَّ مَا يَقَعُ عَلَى النِّسَاءِ مِنْ تَحْرِيمٍ وَتَحْلِيلٍ لاَ يَقَعُ عَلَى الرِّجَالِ [قَالَ]: وَإِنْ قَالَتْ امْرَأَةُ رَجُلٍ لَهُ أَنْتَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أَبِي أَوْ أُمِّي لَمْ يَكُنْ ظِهَارًا وَلاَ عَلَيْهَا كَفَّارَةٌ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا أَنْ تُوقِعَ التَّحْرِيمَ عَلَى رَجُلٍ إنَّمَا لِلرَّجُلِ أَنْ يُوقِعَهُ عَلَيْهَا.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: وَيَلْزَمُ الظِّهَارُ مِنْ الْأَزْوَاجِ مَنْ لَزِمَهُ الطَّلاَقُ وَيَلْزَمُ بِمَا يَلْزَمُ بِهِ الطَّلاَقُ مِنْ الْحِنْثِ لِأَنَّ فِيهِ تَحْرِيمًا لِلْمَرْأَةِ حَتَّى يُكَفِّرَ، فَإِذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَدَخَلَتْ الدَّارَ كَانَ مُتَظَاهِرًا حِينَ دَخَلَتْ. وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ إنْ قَدِمَ فُلاَنٌ أَوْ نُكِحَتْ فُلاَنَةُ وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَةٍ لَمْ يَنْكِحْهَا إذَا نَكَحْتُك فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَنَكَحَهَا لَمْ يَكُنْ مُتَظَاهِرًا لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ فِي تِلْكَ الْحَالِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي لَمْ يَكُنْ مُتَظَاهِرًا لِأَنَّهُ إنَّمَا يَقَعُ التَّحْرِيمُ مِنْ النِّسَاءِ عَلَى مَنْ حَلَّ ثُمَّ حَرُمَ فَأَمَّا مَنْ لَمْ يَحِلَّ فَلاَ يَقَعُ عَلَيْهِ تَحْرِيمٌ وَلاَ حُكْمُ تَحْرِيمٍ لِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ فَلاَ مَعْنَى لِلتَّحْرِيمِ فِي التَّحْرِيمِ لِأَنَّهُ فِي الْحَالَيْنِ قَبْلَ التَّحْرِيمِ وَبَعْدَهُ مُحَرَّمٌ بِتَحْرِيمٍ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: وَيُرْوَى مِثْلُ مَعْنَى مَا قُلْت عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله تعالى عنهما وَغَيْرِهِمْ وَهُوَ الْقِيَاسُ. وَإِذَا قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي يُرِيدُ طَلاَقًا وَاحِدًا أَوْ ثَلاَثًا أَوْ طَلاَقًا بِلاَ نِيَّةِ عَدَدٍ لَمْ يَكُنْ طَلاَقًا لِمَا وَصَفْت مِنْ حُكْمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الظِّهَارِ وَأَنْ بَيَّنَّا فِي حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّ لَيْسَ الظِّهَارُ اسْمَ الطَّلاَقِ وَلاَ مَا يُشْبِهُ الطَّلاَقَ مِمَّا لَيْسَ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِيهِ نَصُّ حُكْمٍ وَلاَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَا كَانَ خَارِجًا مِنْ هَذَا مِمَّا يُشْبِهُ الطَّلاَقَ فَإِنَّمَا يَكُونُ قِيَاسًا عَلَى الطَّلاَقِ إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ كَظَهْرِ أُمِّي يُرِيدُ الظِّهَارَ فَهِيَ طَالِقٌ وَلاَ ظِهَارَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِالطَّلاَقِ وَلَمْ يَكُنْ لِكَظَهْرِ أُمِّي مَعْنًى إلَّا أَنَّك حَرَامٌ بِالطَّلاَقِ وَكَظَهْرِ أُمِّي مُحَالٌ لاَ مَعْنَى لَهُ فَلَزِمَهُ الطَّلاَقُ وَسَقَطَ الظِّهَارُ وَهَكَذَا إنْ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ كَظَهْرِ أُمِّي يُرِيدُ الطَّلاَقَ فَهُوَ طَلاَقٌ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ الطَّلاَقَ فَهُوَ مُتَظَاهِرٌ. وَإِنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ كَظَهْرِ أُمِّي ثُمَّ قَالَ لِأُخْرَى مِنْ نِسَائِهِ قَدْ أَشْرَكْتُك مَعَهَا أَوْ أَنْتِ كَهِيَ أَوْ أَنْتِ شَرِيكَتُهَا أَوْ مَا أَشْبَهَ هَذَا لاَ يُرِيدُ بِهِ ظِهَارًا لَمْ يَلْزَمْهُ ظِهَارٌ لِأَنَّهَا تَكُونُ شَرِيكَتَهَا وَمَعَهَا وَمِثْلَهَا فِي أَنَّهَا زَوْجَةٌ لَهُ كَهِيَ وَعَاصِيَةٌ لَهُ كَهِيَ وَمُطِيعَةٌ لَهُ كَهِيَ وَمَا أَشْبَهَ هَذَا مِمَّا لَيْسَ بِظِهَارٍ [قَالَ]: وَإِذَا تَظَاهَرَ الرَّجُلُ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ لَهُ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ بِكَلاَمٍ مُتَفَرِّقٍ فَسَوَاءٌ وَعَلَيْهِ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ كَفَّارَةٌ لِأَنَّ التَّظَاهُرَ تَحْرِيمٌ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ لاَ تَحِلُّ لَهُ بَعْدُ حَتَّى يُكَفِّرَ كَمَا يُطَلِّقُهُنَّ مَعًا فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ بِكَلاَمٍ مُتَفَرِّقٍ فَسَوَاءٌ وَعَلَيْهِ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ كَفَّارَةٌ لِأَنَّ التَّظَاهُرَ تَحْرِيمٌ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ لاَ تَحِلُّ لَهُ بَعْدُ حَتَّى يُكَفِّرَ كَمَا يُطَلِّقُهُنَّ مَعًا فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ كَلاَمٍ مُتَفَرِّقٍ فَتَكُونُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ طَالِقًا. وَإِذَا تَظَاهَرَ الرَّجُلُ مِنْ امْرَأَتِهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا أَوْ أَكْثَرَ يُرِيدُ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ ظِهَارًا غَيْرَ صَاحِبِهِ قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ فَعَلَيْهِ فِي كُلِّ تَظَاهُرٍ كَفَّارَةٌ كَمَا يَكُونُ عَلَيْهِ فِي كُلِّ تَطْلِيقَةٍ تَطْلِيقَةٌ لِأَنَّ التَّظَاهُرَ طَلاَقٌ جُعِلَ الْمَخْرَجُ مِنْهُ كَفَّارَةً. وَلَوْ قَالَهَا مُتَتَابِعَةً فَقَالَ أَرَدْت ظِهَارًا وَاحِدًا كَانَ وَاحِدًا كَمَا يَكُونُ لَوْ أَرَادَ طَلاَقًا وَاحِدًا وَإِبَانَةً بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ. وَإِذَا تَظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ ثُمَّ كَفَّرَ ثُمَّ تَظَاهَرَ مِنْهَا مَرَّةً أُخْرَى كَفَّرَ مَرَّةً أُخْرَى وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إذَا تَظَاهَرْت مِنْ فُلاَنَةَ امْرَأَةٍ لَهُ أُخْرَى فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَتَظَاهَرَ مِنْهَا كَانَ مِنْ امْرَأَتِهِ الَّتِي قَالَ لَهَا ذَلِكَ مُتَظَاهِرًا وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إذَا تَظَاهَرْت مِنْ فُلاَنَةَ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَتَظَاهَرَ مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ظِهَارٌ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِظِهَارٍ. وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهَا إذَا طَلَّقْتهَا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَطَلَّقَهَا لَمْ تَكُنْ امْرَأَتُهُ طَالِقًا لِأَنَّهُ طَلَّقَ غَيْرَ زَوْجَتِهِ [قَالَ]: وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ أَوْ عِنْدِي كَأُمِّي أَوْ أَنْتِ مِثْلُ أُمِّي أَوْ أَنْتِ عَدْلُ أُمِّي وَأَرَادَ فِي الْكَرَامَةِ فَلاَ ظِهَارَ وَإِنْ أَرَادَ ظِهَارًا فَهُوَ ظِهَارٌ وَإِنْ قَالَ لاَ نِيَّةَ لِي فَلَيْسَ بِظِهَارٍ.
متى نوجب على المظاهر الكفارة
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: رحمه الله. قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {وَاَلَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} الآيَةَ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: الَّذِي عَلَّقْت مِمَّا سَمِعْت فِي {يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} أَنَّ الْمُتَظَاهِرَ حَرُمَ عَلَيْهِ مَسُّ امْرَأَتِهِ بِالظِّهَارِ فَإِذَا أَتَتْ عَلَيْهِ مُدَّةٌ بَعْدَ الْقَوْلِ بِالظِّهَارِ لَمْ يَحْرُمْهَا بِالطَّلاَقِ الَّذِي يَحْرُمُ بِهِ وَلاَ شَيْءَ يَكُونُ لَهُ مَخْرَجٌ مِنْ أَنْ تَحْرُمَ عَلَيْهِ بِهِ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ كَأَنَّهُمْ يَذْهَبُونَ إلَى أَنَّهُ إذَا أَمْسَكَ مَا حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ حَلاَلٌ فَقَدْ عَادَ لِمَا قَالَ فَخَالَفَهُ فَأَحَلَّ مَا حَرَّمَ. وَلاَ أَعْلَمُ لَهُ مَعْنًى أَوْلَى بِهِ مِنْ هَذَا وَلَمْ أَعْلَمْ مُخَالِفًا فِي أَنَّ عَلَيْهِ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ وَإِنْ لَمْ يَعُدْ بِتَظَاهُرٍ آخَرَ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُقَالَ لِمَا لَمْ أَعْلَمْ مُخَالِفًا فِي أَنَّهُ لَيْسَ بِمَعْنَى الآيَةِ. وَإِذَا حَبَسَ الْمُتَظَاهِرُ امْرَأَتَهُ بَعْدَ الظِّهَارِ قَدْرَ مَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا وَلَمْ يُطَلِّقْهَا فَكَفَّارَةُ الظِّهَارِ لَهُ لاَزِمَةٌ. وَلَوْ طَلَّقَهَا بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ لاَعَنَهَا فَحَرُمَتْ عَلَيْهِ عَلَى الْأَبَدِ لَزِمَتْهُ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ. وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَتْ أَوْ ارْتَدَّتْ فَقُتِلَتْ عَلَى الرِّدَّةِ. وَمَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} وَقْتٌ لاََنْ يُؤَدِّيَ مَا أُوجِبَ عَلَيْهِ مِنْ الْكَفَّارَةِ فِيهَا قَبْلَ الْمُمَاسَّةِ فَإِذَا كَانَتْ الْمُمَاسَّةُ قَبْلَ الْكَفَّارَةِ فَذَهَبَ الْوَقْتُ لَمْ تَبْطُلْ الْكَفَّارَةُ وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ فِيهَا كَمَا يُقَالُ لَهُ أَدِّ الصَّلاَةَ فِي وَقْتِ كَذَا وَقَبْلَ وَقْتِ كَذَا فَيَذْهَبُ الْوَقْتُ فَيُؤَدِّيهَا لِأَنَّهَا فَرْضٌ عَلَيْهِ فَإِذَا لَمْ يُؤَدِّهَا فِي الْوَقْتِ أَدَّاهَا قَضَاءً بَعْدَهُ وَلاَ يُقَالُ لَهُ زِدْ فِيهَا لِذَهَابِ الْوَقْتِ قَبْلَ أَنْ تُؤَدِّيَهَا [قَالَ]: وَهَكَذَا لَوْ كَانَتْ امْرَأَتُهُ مَعَهُ فَأَصَابَهَا قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ وَاحِدَةً مِنْ الْكَفَّارَاتِ أَوْ كَفَّرَ بِالصَّوْمِ فَأَصَابَ فِي لَيْلِ الصَّوْمِ لَمْ يَنْتَقِضْ صَوْمُهُ وَمَضَى عَلَى الْكَفَّارَةِ. وَلَوْ تَظَاهَرَ مِنْهَا ثُمَّ مَاتَ مَكَانَهُ أَوْ مَاتَتْ مَكَانَهَا قَبْلَ أَنْ يُمْكِنَهُ أَنْ يُطَلِّقَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ظِهَارٌ، وَلَوْ تَظَاهَرَ مِنْهَا فَأَتْبَعَ التَّظَاهُرَ طَلاَقًا تَحِلُّ لَهُ بَعْدَهُ قَبْلَ زَوْجٍ لَهُ عَلَيْهَا فِيهِ الرَّجْعَةُ أَوْ لاَ رَجْعَةَ لَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ بَعْدَ الطَّلاَقِ كَفَّارَةٌ لِأَنَّهُ أَتْبَعَهَا الطَّلاَقَ مَكَانَهُ فَإِنْ رَاجَعَهَا فِي الْعِدَّةِ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ فِي الَّتِي يَمْلِكُ رَجْعَتَهَا وَلَوْ طَلَّقَهَا سَاعَةَ نَكَحَهَا لِأَنَّ مُرَاجَعَتَهَا بَعْدَ الطَّلاَقِ أَكْثَرُ مِنْ حَبْسِهَا بَعْدَ الظِّهَارِ وَهُوَ يُمْكِنُهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا. وَلَوْ تَظَاهَرَ مِنْهَا ثُمَّ أَتْبَعَهَا طَلاَقًا لاَ يَمْلِكُ فِيهِ الرَّجْعَةَ ثُمَّ نَكَحَهَا لَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ لِأَنَّ هَذَا مِلْكٌ غَيْرُ الْمِلْكِ الْأَوَّلِ الَّذِي كَانَ فِيهِ الظِّهَارُ. أَلاَ تَرَى أَنَّهُ لَوْ تَظَاهَرَ مِنْهَا بَعْدَ طَلاَقٍ لاَ يَمْلِكُ فِيهِ الرَّجْعَةَ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مُتَظَاهِرًا. وَلَوْ طَلَّقَهَا ثَلاَثًا أَوْ طَلاَقًا لاَ تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ سَقَطَ عَنْهُ الظِّهَارُ، وَلَوْ نَكَحَهَا بَعْدَ زَوْجٍ لَمْ يَكُنْ مُتَظَاهِرًا لِمَا وَصَفْت وَبِأَنَّ طَلاَقَ ذَلِكَ الْمِلْكِ قَدْ مَضَى وَحَرُمَتْ ثُمَّ نَكَحَهَا فَكَانَتْ مُسْتَأْنِفَةً حُكْمُهَا حُكْمُ مَنْ لَمْ تُنْكَحْ قَطُّ إذَا سَقَطَ الطَّلاَقُ سَقَطَ مَا كَانَ فِي حُكْمِهِ وَأَقَلُّ مِنْ ظِهَارٍ وَإِيلاَءٍ، وَلَوْ تَظَاهَرَ مِنْهَا ثُمَّ لاَعَنَهَا مَكَانَهُ بِلاَ فَصْلٍ كَانَتْ فِرْقَةٌ لَهَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَسَقَطَ الظِّهَارُ، وَلَوْ حَبَسَهَا بَعْدَ الظِّهَارِ قَدْرَ مَا يُمْكِنُهُ اللِّعَانُ فَلَمْ يُلاَعِنْ كَانَتْ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ لاَعَنَ أَوْ لَمْ لاَ يُلاَعِنُ، وَإِذَا تَظَاهَرَ الْمُسْلِمُ مِنْ امْرَأَتِهِ، ثُمَّ ارْتَدَّ أَوْ ارْتَدَّتْ مَعَ الظِّهَارِ فَإِنْ عَادَ الْمُرْتَدُّ مِنْهُمَا إلَى الْإِسْلاَمِ فِي الْعِدَّةِ فَحَبَسَهَا قَدْرَ مَا يُمْكِنُهُ الطَّلاَقُ لَزِمَهُ الظِّهَارُ وَإِنْ طَلَّقَهَا مَعَ عَوْدَةِ الْمُرْتَدِّ مِنْهُمَا إلَى الْإِسْلاَمِ أَوْ لَمْ يَعُدْ الْمُرْتَدُّ مِنْهُمَا إلَى الْإِسْلاَمِ فَلاَ ظِهَارَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَتَنَاكَحَا قَبْلَ أَنْ تَبِينَ مِنْهُ بِثَلاَثٍ فَيَعُودُ عَلَيْهِ الظِّهَارُ، وَإِذَا تَظَاهَرَ الرَّجُلُ مِنْ امْرَأَتِهِ وَهِيَ أَمَةٌ ثُمَّ عَتَقَتْ فَاخْتَارَتْ فِرَاقَهُ فَالظِّهَارُ لاَزِمٌ لَهُ لِأَنَّهُ حَبَسَهَا بَعْدَ الظِّهَارِ مُدَّةً يُمْكِنُهُ فِيهَا الطَّلاَقُ، وَلَوْ تَظَاهَرَ مِنْهَا وَهِيَ أَمَةٌ فَلَمْ يُكَفِّرْ حَتَّى اشْتَرَاهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ لِأَنَّهُ حَبَسَهَا بَعْدَ الظِّهَارِ مُدَّةً يُمْكِنُهُ فِيهَا الطَّلاَقُ، وَلَوْ تَظَاهَرَ مِنْهَا وَهِيَ أَمَةٌ فَلَمْ يُكَفِّرْ حَتَّى اشْتَرَاهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَقْرَبَهَا حَتَّى يُكَفِّرَ لِأَنَّ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ لَزِمَتْهُ وَهِيَ أَمَةٌ زَوْجَةٌ، وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي إنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَكُنْ ظِهَارًا وَإِنْ قَالَ إنْ شَاءَ فُلاَنٌ لَمْ يَكُنْ ظِهَارًا حَتَّى يَشَاءَ فُلاَنٌ وَكَذَلِكَ إنْ شِئْت فَلَمْ تَشَأْ فَلَيْسَ بِظِهَارٍ وَإِنْ شَاءَتْ فَظِهَارٌ، وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَاَللَّهِ لاَ أَقْرَبُك أَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لاَ أَقْرَبُك وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَهُوَ مُولٍ مُتَظَاهِرٌ يُؤْمَرُ بِأَنْ يُكَفِّرَ لِلظِّهَارِ مِنْ سَاعَتِهِ وَيُقَالُ لَهُ: إنْ قَدَّمْت الْفَيْئَةَ قَبْلَ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ فَهُوَ خَيْرٌ لَك، وَإِنْ فِئْت كُنْت خَارِجًا بِهَا مِنْ حُكْمِ الْإِيلاَءِ وَعَاصِيًا إنْ قَدَّمْتهَا قَبْلَ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ فَإِنْ أَخَّرْتهَا إلَى أَنْ تَمْضِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَسَأَلَتْ امْرَأَتُك أَنْ تُوقِفَ لِلْإِيلاَءِ وُقِفْت فَإِنْ فِئْت خَرَجْت مِنْ الْإِيلاَءِ وَإِنْ لَمْ تَفِئْ قِيلَ لَك طَلِّقْ وَإِلَّا طَلَّقْنَا عَلَيْك ثُمَّ هَكَذَا كُلَّمَا رَاجَعْت فِي الْعِدَّةِ فَمَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ تُوقَفُ كَمَا يُوقَفُ مَنْ لاَ ظِهَارَ عَلَيْهِ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْحَبْسَ عَنْ الْجِمَاعِ جَاءَ مِنْ قِبَلِك بِأَمْرٍ أَدْخَلْته عَلَى نَفْسِك قَدَّمْت الْإِيلاَءَ قَبْلَ الظِّهَارِ أَوْ الظِّهَارَ أَكْثَرَ مِمَّا يُمْكِنُك ذَلِكَ فَإِنْ كُنْت مَرِيضًا فَفَيْأَتُكَ بِاللِّسَانِ وَإِنْ قُلْت أَصُومُ قُلْنَا ذَلِكَ شَهْرَانِ وَإِنَّمَا أُمِرْتَ بَعْدَ الْأَشْهُرِ بِأَنْ تَفِيءَ أَوْ تُطَلِّقَ وَلاَ يَجُوزُ أَنْ نَجْعَلَ لَك سَنَةً فَإِنْ قَالَ أَمْهِلْنِي بِالْعِتْقِ وَالْإِطْعَامِ، قِيلَ مَا أُمْهِلُك بِهِ إلَّا مَا أُمْهِلُك إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْك ظِهَارٌ وَالْفَيْئَةُ فِي الْيَوْمِ وَمَا أَشْبَهَهُ.
باب عتق المؤمنة في الظهار
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَاَلَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا}.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ] رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: فَإِذَا وَجَبَتْ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ عَلَى الرَّجُلِ وَهُوَ وَاجِدٌ لِرَقَبَةٍ أَوْ ثَمَنِهَا لَمْ يُجْزِهِ فِيهَا إلَّا تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ وَلاَ تُجْزِئُهُ رَقَبَةٌ عَلَى غَيْرِ دِينِ الْإِسْلاَمِ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ فِي الْقَتْلِ {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ}. وَكَانَ شَرْطُ اللَّهِ تَعَالَى فِي رَقَبَةِ الْقَتْلِ إذَا كَانَتْ كَفَّارَةً كَالدَّلِيلِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ عَلَى أَنْ لاَ يُجْزِئَ رَقَبَةٌ فِي الْكَفَّارَةِ إلَّا مُؤْمِنَةً كَمَا شَرَطَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْعَدْلَ فِي الشَّهَادَةِ فِي مَوْضِعَيْنِ وَأَطْلَقَ الشُّهُودَ فِي ثَلاَثَةِ مَوَاضِعَ فَلَمَّا كَانَتْ شَهَادَةً كُلَّهَا اكْتَفَيْنَا بِشَرْطِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِيمَا شَرَطَ فِيهِ وَاسْتَدْلَلْنَا عَلَى أَنَّ مَا أَطْلَقَ مِنْ الشَّهَادَاتِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى مِثْلِ مَعْنَى مَا شَرَطَ وَإِنَّمَا رَدَّ اللَّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ أَمْوَالَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ لاَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ فَمَنْ أَعْتَقَ فِي ظِهَارٍ غَيْرَ مُؤْمِنَةٍ فَلاَ يُجْزِئُهُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَعُودَ فَيُعْتِقَ مُؤْمِنَةً قَالَ وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لاَ يُعْتِقَ إلَّا بَالِغَةً مُؤْمِنَةً فَإِنْ كَانَتْ أَعْجَمِيَّةً فَوَصَفَتْ الْإِسْلاَمَ أَجْزَأَتْهُ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِلاَلِ بْنِ أُسَامَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ أَنَّهُ قَالَ (أَتَيْت رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ جَارِيَةً لِي كَانَتْ تَرْعَى غَنَمًا لِي فَجِئْتهَا وَفَقَدَتْ شَاةً مِنْ الْغَنَمِ فَسَأَلْتهَا عَنْهَا فَقَالَتْ أَكَلَهَا الذِّئْبُ فَأَسِفْت عَلَيْهَا وَكُنْت مِنْ بَنِي آدَمَ فَلَطَمْتُ وَجْهَهَا وَعَلَيَّ رَقَبَةٌ أَفَأَعْتِقُهَا؟ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَيْنَ اللَّهُ؟ فَقَالَتْ فِي السَّمَاءِ فَقَالَ مَنْ أَنَا؟ فَقَالَتْ أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ فَأَعْتِقْهَا فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْحَكَمِ أَشْيَاءُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كُنَّا نَصْنَعُهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ كُنَّا نَأْتِي الْكُهَّانَ فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لاَ تَأْتُوا الْكُهَّانَ فَقَالَ عُمَرُ، وَكُنَّا نَتَطَيَّرُ فَقَالَ إنَّمَا ذَلِكَ شَيْءٌ يَجِدُهُ أَحَدُكُمْ فِي نَفْسِهِ فَلاَ يَصُدَّنَّكُمْ).
[قَالَ الشَّافِعِيُّ] رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: اسْمُ الرَّجُلِ مُعَاوِيَةُ بْنُ الْحَكَمِ كَذَلِكَ رَوَى الزُّهْرِيُّ وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: وَإِذَا أَعْتَقَ صَبِيَّةً أَحَدُ أَبَوَيْهَا مُؤْمِنٌ أَجْزَأَتْ عَنْهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى لِأَنَّا نُصَلِّي عَلَيْهَا وَنُوَرِّثُهَا وَنَحْكُمُ لَهَا حُكْمَ الْإِيمَانِ، وَإِنْ أَعْتَقَ مُرْتَدَّةً عَنْ الْإِسْلاَمِ لَمْ تُجْزِئْ وَلَوْ رَجَعَتْ بَعْدَ عِتْقِهِ إيَّاهَا إلَى الْإِسْلاَمِ لِأَنَّهُ أَعْتَقَهَا وَهِيَ غَيْرُ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ وُلِدَتْ خَرْسَاءَ عَلَى الْإِيمَانِ وَكَانَتْ تُشِيرُ بِهِ وَتُصَلِّي أَجْزَأَتْ عَنْهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَإِنْ جَاءَتْنَا مِنْ بِلاَدِ الشِّرْكِ مَمْلُوكَةً خَرْسَاءَ فَأَشَارَتْ بِالْإِيمَانِ وَصَلَّتْ وَكَانَتْ إشَارَتُهَا تُعْقَلُ فَأَعْتَقَهَا أَجْزَأَتْ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لاَ يُعْتِقَهَا إلَّا أَنْ لاَ تَتَكَلَّمَ بِالْإِيمَانِ وَإِنْ سُبِيَتْ صَبِيَّةً مَعَ أَبَوَيْهَا كَافِرَيْنِ فَعَقَلَتْ وَوَصَفَتْ الْإِسْلاَمَ إلَّا أَنَّهَا لَمْ تَبْلُغْ فَأَعْتَقَهَا عَنْ ظِهَارِهِ لَمْ تُجْزِئْ حَتَّى تَصِفَ الْإِسْلاَمَ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَإِذَا فَعَلَتْ فَأَعْتَقَهَا أَجْزَأَتْ عَنْهُ وَإِذَا وَصَفَتْ الْإِسْلاَمَ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَأَعْتَقَهَا مَكَانَهُ أَجْزَأَتْ عَنْهُ وَوَصْفُهَا الْإِسْلاَمَ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لاَ إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَتَبْرَأَ مِمَّا خَالَفَ الْإِسْلاَمَ مِنْ دِينٍ فَإِذَا فَعَلَتْ فَهَذَا كَمَالُ وَصْفِ الْإِسْلاَمِ وَأَحَبُّ إلَيَّ لَوْ امْتَحَنَهَا بِالْإِقْرَارِ بِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَمَا أَشْبَهَهُ.
من يجزئ من الرقاب إذا أعتق ومن لا يجزئ
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: رحمه الله: لاَ يُجْزِئُ فِي ظِهَارٍ وَلاَ رَقَبَةٍ وَاجِبَةٍ رَقَبَةٌ تُشْتَرَى بِشَرْطِ أَنْ تُعْتَقَ لِأَنَّ ذَلِكَ يَضَعُ مِنْ ثَمَنِهَا وَلاَ يُجْزِئُ فِيهَا مُكَاتَبٌ أَدَّى مِنْ نُجُومِهِ شَيْئًا أَوْ لَمْ يُؤَدِّ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ بَيْعِهِ فَإِذَا عَجَزَ الْمُكَاتَبُ أَوْ اخْتَارَ الْعَجْزَ فَأُعْتِقَ بَعْدَ عَجْزِهِ أَوْ اخْتِيَارِهِ الْعَجْزَ أَجْزَأَهُ وَلاَ تُجْزِئُ أُمُّ الْوَلَدِ فِي قَوْلِ مَنْ لاَ يَبِيعُهَا وَتُجْزِئُ فِي قَوْلِ مَنْ يَرَى لِلسَّيِّدِ بَيْعَهَا وَيُجْزِئُ الْمُدَبَّرُ لِأَنَّهُ يُبَاعُ وَكَذَلِكَ يُجْزِئُ الْمُعْتَقُ إلَى أَجَلٍ وَإِنْ أَعْتَقَ عَبْدًا لَهُ مَرْهُونًا أَوْ جَانِيًا جِنَايَةً فَأَدَّى الرَّهْنَ أَوْ الْجِنَايَةَ أَجْزَأَ عَنْهُ وَإِنْ أَعْتَقَ مَا فِي بَطْنِ أَمَتِهِ عَنْ ظِهَارِهِ أَوْ رَقَبَةً لَزِمَتْهُ ثُمَّ وَلَدَتْهُ تَامًّا لَمْ يُجْزِهِ لِأَنَّهُ أَعْتَقَهُ وَلاَ يَدْرِي أَيَكُونُ أَوْ لاَ يَكُونُ وَلاَ يُجْزِئُ مِنْ الْعِتْقِ إلَّا عِتْقُ مَنْ صَارَ إلَى الدُّنْيَا وَإِنْ أَعْتَقَ عَبْدًا لَهُ غَائِبًا فَأَثْبَتَ أَنَّهُ كَانَ حَيًّا يَوْمَ وَقَعَ الْعِتْقُ أَجْزَأَ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ لَمْ يُجْزِئْ عَنْهُ لِأَنَّهُ عَلَى غَيْرِ يَقِينٍ مِنْ أَنَّهُ أُعْتِقَ لِأَنَّ الْعِتْقَ لاَ يَكُونُ إلَّا لِحَيٍّ، وَإِنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ رَقَبَةٌ فَاشْتَرَى مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ عَتَقَ عَلَيْهِ إذَا مَلَكَهُ وَكَانَ عِتْقُهُ وَصَمْتُهُ سَوَاءً سَاعَةَ يَمْلِكُهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَلاَ يُجْزِئُهُ عِتْقُهُ وَبِأَيِّ وَجْهٍ مَلَكَ عَبْدًا لَهُ يَثْبُتُ لَهُ عَلَيْهِ الرِّقُّ فَأَعْتَقَهُ بَعْدَ الْمِلْكِ أَجْزَأَ عَنْهُ وَلَوْ كَانَ عَبْدٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَأَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا وَهُوَ مُوسِرٌ يَنْوِي أَنْ يَكُونَ حُرًّا عَنْ ظِهَارِهِ أَجْزَأَهُ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِشَرِيكِهِ أَنْ يُعْتِقَ رَقَبَةً تَامَّةً عَنْ ظِهَارِهِ وَلَوْ كَانَ قَالَ لِعَبِيدٍ لَهُ أَوَّلُكُمْ يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ فَهُوَ حُرٌّ ثُمَّ أَمَرَ أَحَدَهُمْ أَنْ يَدْخُلَ الدَّارَ وَنَوَى أَنْ يُعْتِقَ بِالْحِنْثِ عَنْ ظِهَارِهِ لَمْ يُجْزِهِ إذَا دَخَلَ الدَّارَ فَعَتَقَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يُعْتَقُ بِالْحِنْثِ بِكُلِّ حَالٍ وَيُمْنَعُ مَنْ بَقِيَ مِنْ رَقِيقِهِ أَنْ يُعْتَقَ بِحِنْثٍ وَلَوْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ لَك عَلَيَّ عَشْرَةُ دَنَانِيرَ عَلَى أَنْ تُعْتِقَ عَبْدَك فَأَعْتَقَهُ عَنْ ظِهَارِهِ وَأَخَذَ الْعَشَرَةَ لَمْ يُجْزِهِ لِأَنَّهُ أَخَذَ عَلَيْهِ جُعْلاً وَلَوْ أَخَذَ الْجُعْلَ وَأَعْتَقَهُ ثُمَّ رَدَّهُ لَمْ يُجْزِهِ وَلَوْ أَبَى الْجُعْلَ أَوَّلاً ثُمَّ أَعْتَقَهُ عَنْ ظِهَارِهِ أَجْزَأَهُ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: وَلاَ يُجْزِئُهُ أَنْ يُعْتِقَ رَقَبَةً عَنْ ظِهَارِهِ وَلاَ وَاجِبٍ عَلَيْهِ إلَّا بِنِيَّةٍ يُقَدِّمُهَا قَبْلَ الْعِتْقِ أَوْ مَعَهُ عَنْ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ، وَجِمَاعُ ذَلِكَ أَنْ يَقْصِدَ بِالْعِتْقِ قَصْدَ وَاجِبٍ لاَ أَنْ يُرْسِلَ بِلاَ نِيَّةٍ إرَادَةَ وَاجِبٍ وَلاَ تَطَوُّعٍ وَلَوْ كَانَ عَلَى رَجُلٍ ظِهَارٌ فَأَعْتَقَ عِنْدَ رَجُلٍ عَبْدًا لِلْمُعْتَقِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَمْ يُجْزِئْهُ وَكَانَ وَلاَؤُهُ لِسَيِّدِهِ الَّذِي أَعْتَقَهُ وَلَوْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الظِّهَارُ أَعْطَاهُ شَيْئًا عَلَى أَنْ يُعْتِقَ عَنْهُ عَبْدًا لَهُ بِعَيْنِهِ أَوْ لَمْ يُعْطِهِ فَسَأَلَهُ أَنْ يُعْتِقَ عَنْهُ عَبْدًا لَهُ بِعَيْنِهِ فَأَعْتَقَهُ أَجْزَأَهُ وَالْوَلاَءُ لِلَّذِي عَلَيْهِ الظِّهَارُ الَّذِي أُعْتِقَ عَنْهُ وَهَذَا مِنْهُ كَشِرَاءِ مَقْبُوضٍ أَوْ هِبَةٍ مَقْبُوضَةٍ وَكَمَا لَوْ اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا فَلَمْ يَقْبِضْهُ الْمُشْتَرِي حَتَّى يُعْتِقَهُ جَازَ عِتْقُهُ وَكَانَ ضَمَانَةً مِنْهُ وَالْعِتْقُ غَيْرُهُ عَنْ الْآخَرِ لِأَنَّهُ قَصَدَ بِهِ قَصْدَ وَاجِبٍ وَلَوْ أَعْتَقَ آخَرُ عَنْهُمَا أَجْزَأَ بِهَذَا الْمَعْنَى لِأَنَّهُ قَدْ اسْتَكْمَلَ عِتْقَ عَبْدَيْنِ ظِهَارَيْنِ نِصْفًا بَعْدَ نِصْفٍ قَالَ وَإِذَا أَعْتَقَ عَبْدَيْنِ عَنْ ظِهَارَيْنِ أَوْ ظِهَارٍ وَقَتْلٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ الْكَفَّارَتَيْنِ مَعًا جُعِلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ أَيِّهِمَا شَاءَ وَإِنْ لَمْ يَجْعَلْهُ أَجْزَأَتَا مَعًا لِأَنَّهُ قَصَدَ بِهِمَا قَصْدَ كَفَّارَتَيْنِ وَأَجَزْنَاهُ بِمَا وَصَفْت أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْكَفَّارَتَيْنِ قَدْ أَعْتَقَ فِيهَا عَبْدًا تَامًّا نِصْفًا عَنْ وَاحِدَةٍ وَنِصْفًا عَنْ وَاحِدَةٍ ثُمَّ أُخْرَى نِصْفًا عَنْ وَاحِدَةٍ وَنِصْفًا عَنْ وَاحِدَةٍ فَكَمَلَ فِيهَا الْعِتْقُ وَعِتْقُهُ عَنْ نَفْسِهِ لِلظِّهَارِ لَزِمَهُ لاَ عَنْ امْرَأَتِهِ فَإِذَا قَصَدَ قَصْدَ الْكَفَّارَةِ عَنْ الظِّهَارِ أَجْزَأَتْهُ وَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدَيْنِ عَنْ ظِهَارٍ وَاحِدٍ فَأَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ أَحَدَهُمَا عَنْ ظِهَارِهِ الَّذِي أَعْتَقَ عَنْهُ وَالْآخَرَ عَنْ ظِهَارٍ عَلَيْهِ غَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ عِتْقَهُمَا قَدْ مَضَى لاَ يَنْوِي بِهِ إلَّا أَحَدَ الظِّهَارَيْنِ فَيُجْزِئُهُ مَا نَوَى وَلاَ يُجْزِئُهُ مَا لَمْ يَنْوِ قَالَ وَلَوْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ رَقَبَةٌ فَشَكَّ أَنْ تَكُونَ عَنْ ظِهَارٍ أَوْ قَتْلٍ أَوْ نَذْرٍ فَأَعْتَقَ رَقَبَةً عَنْ أَيُّهَا كَانَ عَلَيْهِ أَجْزَأَهُ لِأَنَّهُ قَصَدَ بِهَا قَصْدَ الْوَاجِبِ وَلَمْ يَخْرُجْ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ نِيَّتِهِ بِالْعِتْقِ وَإِنْ أَعْتَقَهَا لاَ يَنْوِي وَاحِدًا مِنْ الَّذِي عَلَيْهِ لَمْ يُجْزِئْهُ، وَإِنْ أَعْتَقَهَا عَنْ قَتْلٍ ثُمَّ عَلِمَ أَنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ قَتْلٌ أَوْ ظِهَارٌ ثُمَّ عَلِمَ أَنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ظِهَارٌ فَأَرَادَ أَنْ يَجْعَلَهَا عَنْ الَّذِي عَلَيْهِ لَمْ تُجْزِئْ عَنْهُ لِأَنَّهُ أَعْتَقَهَا عَلَى نِيَّةِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ وَأَخْرَجَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ فَأَعْتَقَ عَنْهُ وَلاَ يُجْزِئُ عَنْهُ أَنْ يَصْرِفَ النِّيَّةَ إلَى غَيْرِهِ مِمَّا قَدْ أَخْرَجَهُ مِنْ نِيَّتِهِ فِي الْعِتْقِ وَلَوْ أَعْتَقَ جَارِيَةً عَنْ ظِهَارِهِ وَاسْتَثْنَى مَا فِي بَطْنِهَا أَجْزَأَتْ عَنْهُ وَمَا فِي بَطْنِهَا حُرٌّ وَلَوْ أَعْتَقَهَا عَنْ ظِهَارٍ عَلَى أَنْ تُعْطِيَهُ شَيْئًا لَمْ يُجْزِهِ وَلَوْ أَبْطَلَ الشَّيْءَ عَنْهَا بَعْدَ الْعِتْقِ لَمْ يُجْزِهِ لِأَنَّهُ أَعْتَقَهَا عَلَى جُعْلٍ وَإِنْ تَرَكَهُ وَلَوْ كَانَ قَالَ لَهَا أُعْتِقُك عَلَى كَذَا فَقَالَتْ نَعَمْ ثُمَّ أَبْطَلَ ذَلِكَ فَأَعْتَقَهَا عَلَى غَيْرِ جُعْلٍ يَنْوِي بِهَا أَنْ تُعْتَقَ عَنْ ظِهَارِهِ أَجْزَأَتْهُ.
ما يجزئ من الرقاب الواجبة وما لا يجزئ
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ}.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: فَكَانَ ظَاهِرُ الآيَةِ أَنَّ كُلَّ رَقَبَةٍ مُجْزِئَةٌ عَمْيَاءَ وَقَطْعَاءَ وَمَعِيبَةً مَا كَانَ الْعَيْبُ إذَا كَانَتْ فِيهِ الْحَيَاةُ لِأَنَّهَا رَقَبَةٌ وَكَانَتْ الْآيَةُ مُحْتَمِلَةً أَنْ يَكُونَ أُرِيدَ بِهَا بَعْضُ الرِّقَابِ دُونَ بَعْضٍ قَالَ وَلَمْ أَرَ أَحَدًا مِمَّنْ مَضَى مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَلاَ حُكِيَ لِي عَنْهُ وَلاَ بَقِيَ خَالَفَ فِي أَنَّ مِنْ ذَوَاتِ النَّقْصِ مِنْ الرِّقَابِ مَا لاَ يُجْزِئُ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الرِّقَابِ بَعْضُهَا دُونَ بَعْضٍ قَالَ وَلَمْ أَعْلَمْ مُخَالِفًا مِمَّنْ مَضَى فِي أَنَّ مِنْ ذَوَاتِ النَّقْصِ مَا يُجْزِئُ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الرِّقَابِ بَعْضُهَا دُونَ بَعْضٍ قَالَ وَلَمْ أَعْلَمْ مُخَالِفًا مِمَّنْ مَضَى فِي أَنَّ مِنْ ذَوَاتِ النَّقْصِ مَا يُجْزِئُ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مِنْ ذَوَاتِ الْعَيْبِ مَا يُجْزِئُ، قَالَ وَلَمْ أَرَ شَيْئًا أَعْدَلَ فِي مَعْنَى مَا ذَهَبُوا إلَيْهِ إلَّا مَا أَقُولُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَجَمَاعَةٌ أَنَّ الْأَغْلَبَ فِيمَا يُتَّخَذُ لَهُ الرَّقِيقُ الْعَمَلُ وَلاَ يَكُونُ الْعَمَلُ تَامًّا حَتَّى تَكُونَ يَدَا الْمَمْلُوكِ بَاطِشَتَيْنِ وَرِجْلاَهُ مَاشِيَتَيْنِ وَيَكُونُ لَهُ بَصَرٌ وَإِنْ كَانَ عَيْنًا وَاحِدَةً وَيَكُونُ يَعْقِلُ فَإِذَا كَانَ هَكَذَا أَجْزَأَهُ وَإِنْ كَانَ أَبْكَمَ أَوْ أَصَمَّ أَوْ أَحْمَقَ أَوْ يُجَنُّ وَيُفِيقُ أَوْ ضَعِيفَ الْبَطْشِ أَوْ الْمَشْيِ أَوْ أَعْوَرَ أَوْ مَعِيبًا عَيْبًا لاَ يَضُرُّ بِالْعَمَلِ ضَرَرًا بَيِّنًا وَأَنْظُرُ كُلَّ نَقْصٍ كَانَ فِي الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ فَإِنْ كَانَ يَضُرُّ بِالْعَمَلِ ضَرَرًا بَيِّنًا لَمْ يُجْزِ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ لاَ يَضُرُّ بِهِ ضَرَرًا بَيِّنًا أَجْزَأَهُ وَاَلَّذِي يَضُرُّ بِهِ ضَرَرًا بَيِّنًا قَطْعُ أَوْ شَلَلُ الْيَدِ كُلِّهَا أَوْ شَلَلُ الْإِبْهَامِ أَوْ قَطْعُهَا وَذَلِكَ فِي الْمُسَبِّحَةِ وَالْوُسْطَى مَعًا، وَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَى الِانْفِرَادِ بَيِّنَةُ الضَّرَرِ بِالْعَمَلِ وَاَلَّذِي لاَ يَضُرُّ ضَرَرًا بَيِّنًا شَلَلُ الْخِنْصَرِ أَوْ قَطْعُهَا فَإِنْ قُطِعَتْ الَّتِي إلَى جَنْبِهَا مِنْ يَدِهَا أَضَرَّ ذَلِكَ بِالْعَمَلِ فَلَمْ يُجْزِ وَإِنْ قُطِعَتْ إحْدَاهُمَا مِنْ يَدٍ وَالْأُخْرَى مِنْ يَدٍ أُخْرَى لَمْ يَضُرَّ بِالْعَمَلِ ضَرَرًا بَيِّنًا ثُمَّ اُعْتُبِرَ هَذَا فِي الرِّجْلَيْنِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى وَاعْتُبِرَهُ فِي الْبَصَرِ فَإِنْ كَانَ ذَاهِبَ إحْدَى الْعَيْنَيْنِ ضَعِيفَ الْأُخْرَى ضَعْفًا يَضُرُّ بِالْعَمَلِ ضَرَرًا بَيِّنًا لَمْ يَجُزْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَضُرُّ بِالْعَمَلِ ضَرَرًا بَيِّنًا أَجْزَأَهُ، وَسَوَاءٌ هَذَا فِي الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَتُجْزِئُ الْأُنْثَى الرَّتْقَاءُ وَالذَّكَرُ الْمَجْبُوبُ وَالْخَصِيُّ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ الْعَمَلِ بِسَبِيلٍ وَتُجْزِئُ الرِّقَابُ مَعَ كُلِّ عَيْبٍ لاَ يَضُرُّ بِالْعَمَلِ ضَرَرًا بَيِّنًا وَاَلَّذِي يُفِيقُ وَيُجَنُّ يُجْزِئُ وَإِذَا كَانَ الْجُنُونُ مُطْبِقًا لَمْ يُجْزِ وَيُجْزِئُ الْمَرِيضُ لِأَنَّهُ قَدْ يُرْجَى أَنْ يَصِحَّ وَالصَّغِيرُ لِأَنَّهُ قَدْ يَكْبُرُ وَإِنْ لَمْ يَكْبُرْ وَلَمْ يَصِحَّ وَسَوَاءٌ أَيُّ مَرِيضٍ مَا كَانَ مَا لَمْ يَكُنْ مَعْضُوبًا عَضَبًا لاَ يَعْمَلُ مَعَهُ عَمَلاً تَامًّا أَوْ قَرِيبًا مِنْ التَّمَامِ كَمَا وَصَفْت.
من له الكفارة بالصيام في الظهار
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاَللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا}.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: فَإِذَا لَمْ يَجِدْ الْمُتَظَاهِرُ رَقَبَةً يُعْتِقُهَا وَكَانَ يُطِيقُ الصَّوْمَ فَعَلَيْهِ الصَّوْمُ. وَمَنْ كَانَ لَهُ مَسْكَنٌ وَخَادِمٌ وَلَيْسَ لَهُ مَمْلُوكٌ غَيْرُهُ وَلاَ مَا يَشْتَرِي بِهِ مَمْلُوكًا غَيْرَهُ كَانَ لَهُ الصَّوْمُ وَمَنْ كَانَ لَهُ مَمْلُوكٌ غَيْرُ خَادِمِهِ وَمَسْكَنٌ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُعْتِقَ. وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ لَهُ ثَمَنُ مَمْلُوكٍ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَشْتَرِيَ مَمْلُوكًا فَيُعْتِقَهُ [قَالَ]: فَإِنْ تَرَكَ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ وَهُوَ وَاجِدٌ فَأُعْسِرَ كَانَ لَهُ أَنْ يَصُومَ. وَلَوْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ وَهُوَ مُعْسِرٌ أَوْ أُعْسِرَ بَعْدَهَا قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ ثُمَّ أَيْسَرَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ فِي الصَّوْمِ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُعْتِقَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَصُومَ فِي حَالٍ هُوَ فِيهَا مُوسِرٌ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: وَحُكْمُهُ وَقْتَ مَرَضِهِ فِي الْكَفَّارَةِ حِينَ يُكَفِّرُ كَمَا حُكْمِهِ فِي الصَّلاَةِ حِينَ يُصَلِّي بِوُضُوءٍ أَوْ تَيَمُّمٍ أَوْ مَرِيضٍ أَوْ صَحِيحٍ [قَالَ الرَّبِيعُ]: وَقَدْ قَالَ مَرَّةً حُكْمُهُ يَوْمَ يَحْنَثُ فِي الْكَفَّارَةِ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: وَلَوْ كَانَ عِنْدَ الْكَفَّارَةِ غَيْرَ وَاجِدٍ فَعَرَضَ عَلَيْهِ رَجُلٌ أَنْ يَهَبَ لَهُ عَبْدًا أَوْ أَوْصَى لَهُ أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِهِ أَوْ مَلَّكَهُ بِأَيِّ وَجْهٍ مَا كَانَ الْمِلْكُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ قَبُولُهُ وَكَانَ لَهُ رَدُّهُ وَالِاخْتِيَارُ لَهُ قَبُولُهُ وَعِتْقُهُ غَيْرَ الْمِيرَاثِ، فَإِذَا وَرِثَهُ لَزِمَهُ وَكَانَ عَلَيْهِ عِتْقُهُ أَوْ عِتْقُ غَيْرِهِ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: وَلَوْ اشْتَرَاهُ عَلَى نِيَّةِ أَنْ يُعْتِقَهُ كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِقَّهُ وَيُعْتِقَ غَيْرَهُ. وَلاَ يَجِبُ عَلَيْهِ عِتْقُ عَبْدٍ اشْتَرَاهُ أَبَدًا حَتَّى يُعْتِقَهُ أَوْ يُوجِبَ عِتْقَهُ تَبَرُّرًا.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: فَإِذَا كَانَ لَهُ الصِّيَامُ فَلَمْ يَدْخُلْ فِي الصِّيَامِ حَتَّى أَيْسَرَ فَعَلَيْهِ الْعِتْقُ. وَإِنْ دَخَلَ فِيهِ قَبْلَ أَنْ يُوسِرَ ثُمَّ أَيْسَرَ كَانَ لَهُ أَنْ يَمْضِيَ فِي الصِّيَامِ. وَالِاخْتِيَارُ لَهُ أَنْ يَدَعَ الصَّوْمَ وَيُعْتِقَ كَمَا يَتَيَمَّمُ فَتَحِلُّ لَهُ الصَّلاَةُ فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ فِيهَا حَتَّى يَجِدَ الْمَاءَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ وَإِنْ دَخَلَ فِيهَا ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ كَانَ لَهُ أَنْ يَمْضِيَ فِي صَلاَتِهِ. وَإِنْ قَالَ لِعَبْدٍ لَهُ أَنْتَ حُرٌّ السَّاعَةَ عَنْ الظِّهَارِ إنْ تَظَهَّرَ بِهِ كَانَ حُرًّا السَّاعَةَ وَلَمْ يُجْزِهِ عَنْ ظِهَارٍ أَنْ يتظهره لِأَنَّهُ أَعْتَقَهُ وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الظِّهَارُ وَلَمْ يَكُنْ لِسَبَبٍ مِنْهُ. وَكَذَلِكَ لَوْ أَطْعَمَ مَسَاكِينَ فَقَالَ هَذَا عَنْ يَمِينٍ إنْ حَنِثْت بِهَا وَلَمْ يَحْلِفْ وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الظِّهَارُ وَلَمْ يَكُنْ لِسَبَبٍ مِنْهُ. وَكَذَلِكَ لَوْ أَطْعَمَ مَسَاكِينَ فَقَالَ هَذَا عَنْ يَمِينٍ إنْ حَنِثْت بِهَا وَلَمْ يَحْلِفْ لَمْ يُجْزِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِسَبَبٍ مِنْ الْيَمِينِ، وَالسَّبَبُ أَنْ يَحْلِفَ ثُمَّ يُكَفِّرَ قَبْلَ أَنْ يَحْنَثَ فَيُجْزِئَهُ ذَلِكَ كَمَا يَكُونُ لَهُ الْمَالُ فَيُؤَدِّي زَكَاتَهُ قَبْلَ أَنْ يَحُولَ الْحَوْلُ فَيُجْزِئُهُ لِأَنَّ بِيَدِهِ سَبَبَ مَا تَكُونُ بِهِ الزَّكَاةُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بِيَدِهِ مَالٌ فِيهِ زَكَاةٌ فَتَصَدَّقَ بِدَرَاهِمَ لَمْ يُجْزِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِسَبَبٍ مِنْ زَكَاةٍ. أَوْ قَالَ عَنْ مَالٍ إنْ أَفَدْته فَوَجَبَتْ عَلَيَّ فِيهِ الزَّكَاةُ ثُمَّ أَفَادَ مَالاً فِيهِ زَكَاةٌ لَمْ يُجْزِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِسَبَبٍ مِنْ زَكَاةٍ.
الكفارة بالصيام
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: رحمه الله: وَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَصُومَ شَهْرَيْنِ فِي الظِّهَارِ لَمْ يُجْزِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَا مُتَتَابِعَيْنِ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ وَمَتَى أَفْطَرَ مِنْ عُذْرٍ أَوْ غَيْرِ عُذْرٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَأْنِفَ وَلاَ يَعْتَدَّ بِمَا مَضَى مِنْ صَوْمِهِ. وَكَذَلِكَ إنْ صَامَ فِي الشَّهْرَيْنِ يَوْمًا مِنْ الْأَيَّامِ الَّتِي نَهَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْهَا وَهِيَ خَمْسٌ يَوْمُ الْفِطْرِ وَيَوْمُ الْأَضْحَى وَأَيَّامُ مِنًى الثَّلاَثُ بَعْدَ النَّحْرِ اسْتَأْنَفَ الصَّوْمَ بَعْدَ مُضِيِّهِنَّ وَلَمْ يَعْتَدَّ بِهِنَّ وَلاَ بِمَا كَانَ قَبْلَهُنَّ وَاعْتَدَّ بِمَا بَعْدَهُنَّ وَمَتَى دَخَلَ عَلَيْهِ شَيْءٌ يُفْطِرُهُ فِي يَوْمٍ مِنْ صَوْمِهِ اسْتَأْنَفَ الصَّوْمَ حَتَّى يَأْتِيَ بِالشَّهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ لَيْسَ فِيهِمَا فِطْرٌ. وَإِذَا صَامَ بِالْأَهِلَّةِ صَامَ هِلاَلَيْنِ وَإِنْ كَانَا تِسْعَةً أَوْ ثَمَانِيَةً وَخَمْسِينَ أَوْ سِتِّينَ يَوْمًا. وَإِذَا صَامَ بَعْدَ مُضِيِّ يَوْمٍ مِنْ الْهِلاَلِ أَوْ أَكْثَرَ صَامَ بِالْعَدَدِ الشَّهْرَ الْأَوَّلَ وَبِالْهِلاَلِ الشَّهْرَ الثَّانِيَ ثُمَّ أَكْمَلَ عَلَى الْعَدَدِ الْأَوَّلِ بِتَمَامِ ثَلاَثِينَ يَوْمًا [قَالَ]: وَلَوْ صَامَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ بِلاَ نِيَّةٍ لِلظِّهَارِ لَمْ يُجْزِهِ حَتَّى يُقَدِّمَ النِّيَّةَ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّوْمِ وَلَوْ نَوَى أَنْ يَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ فَصَامَ أَيَّامًا ثُمَّ نَوَى أَنْ يُحِيلَ الصَّوْمَ بَعْدَ الْأَيَّامِ تَطَوُّعًا فَصَامَ أَيَّامًا أَوْ يَوْمًا يَنْوِي بِهِ التَّطَوُّعَ، ثُمَّ وَصَلَ صَوْمَهُ يَنْوِي بِهِ صَوْمَ الشَّهْرَيْنِ بِالشَّهْرَيْنِ الْوَاجِبَيْنِ عَلَيْهِ لَمْ يَعْتَدَّ بِمَا مَضَى مِنْ صَوْمِهِ قَبْلَ الْأَيَّامِ الَّتِي تَطَوَّعَ بِهَا وَلاَ بِصَوْمِ الْأَيَّامِ الَّتِي تَطَوَّعَ فِيهَا وَاعْتَدَّ بِصَوْمِهِ مِنْ يَوْمِ نَوَى فَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَهُ بِتَطَوُّعٍ وَلاَ فِطْرٍ، وَلَوْ نَوَى صَوْمَ يَوْمٍ فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ فِيهِ ثُمَّ أَفَاقَ قَبْلَ اللَّيْلِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَمْ يُطْعِمْ أَجْزَأَهُ إذَا دَخَلَ فِيهِ قَبْلَ الْفَجْرِ وَهُوَ يَعْقِلُهُ، وَلَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْفَجْرِ لَمْ يُجْزِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي الصَّوْمِ وَهُوَ يَعْقِلُهُ وَلَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فِيهِ وَفِي يَوْمٍ بَعْدَهُ أَوْ فِي أَكْثَرَ وَلَمْ يُطْعِمْ اسْتَأْنَفَ الصَّوْمَ لِأَنَّ حُكْمَهُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي أُغْمِيَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُفِيقَ أَنَّهُ غَيْرُ صَائِمٍ عَنْ ظِهَارٍ لِأَنَّهُ لاَ يَعْقِلُهُ.
[قَالَ]: وَلَوْ صَامَ مُسَافِرًا أَوْ مُقِيمًا أَوْ مَرِيضًا عَنْ ظِهَارٍ شَهْرَيْنِ أَحَدُهُمَا شَهْرُ رَمَضَانَ لَمْ يُجْزِهِ وَاسْتَأْنَفَ الصَّوْمَ لاَ يُجْزِئُ رَمَضَانُ مِنْ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ إذَا رُخِّصَ لَهُ فِي فِطْرِهِ بِالْمَرَضِ وَالسَّفَرِ فَإِنَّمَا يُخَفَّفُ عَنْهُ فَإِذَا لَمْ يُخَفِّفْهُ عَنْ نَفْسِهِ فَلاَ يَكُونُ تَطَوُّعًا وَلاَ صَوْمًا عَنْ غَيْرِهِ وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَأْنِفَ شَهْرَيْنِ وَيَقْضِيَ شَهْرَ رَمَضَانَ لِأَنَّهُ صَامَهُ بِغَيْرِ نِيَّةِ شَهْرِ رَمَضَانَ [قَالَ]: وَلاَ يُجْزِئُهُ فِي صَوْمٍ وَاجِبٍ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَتَقَدَّمَ بِنِيَّتِهِ قَبْلَ الْفَجْرِ فَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ بِنِيَّتِهِ قَبْلَ الْفَجْرِ لَمْ يُجْزِهِ ذَلِكَ الْيَوْمُ وَلاَ يُجْزِئُهُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ كُلَّ يَوْمٍ مِنْهُ عَلَى حِدَتِهِ قَبْلَ الْفَجْرِ لِأَنَّ كُلَّ يَوْمٍ مِنْهُ غَيْرُ صَاحِبِهِ، وَإِنْ دَخَلَ فِي يَوْمٍ مِنْهُ بِنِيَّةٍ تُجْزِئُهُ ثُمَّ عَزَبَتْ عَنْهُ النِّيَّةُ فِي آخِرِ يَوْمِهِ أَجْزَأَهُ لِأَنَّ النِّيَّةَ بِالدُّخُولِ لاَ فِي كُلِّ طَرْفَةِ عَيْنٍ مِنْهُ، فَإِذَا أَحَالَ النِّيَّةَ فِيهِ إلَى أَنْ يَجْعَلَهُ تَطَوُّعًا أَوْ وَاجِبًا غَيْرَ الَّذِي دَخَلَ بِهِ فِيهِ لَمْ يُجْزِهِ وَاسْتَأْنَفَ الصَّوْمَ بَعْدَهُ وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ ظِهَارَانِ فَصَامَ شَهْرَيْنِ عَنْ أَحَدِهِمَا وَلاَ يَنْوِي عَنْ أَيِّهِمَا هُوَ كَانَ لَهُ أَنْ يَجْعَلَهُ عَنْ أَيِّهِمَا شَاءَ وَيُجْزِئُهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ صَامَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ عَنْهُمَا وَهَكَذَا لَوْ كَانَتْ عَلَيْهِ ثَلاَثُ كَفَّارَاتٍ فَأَعْتَقَ مَمْلُوكًا لَهُ لَيْسَ لَهُ غَيْرُهُ وَصَامَ شَهْرَيْنِ ثُمَّ مَرِضَ فَأَطْعَمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا يَنْوِي بِجَمِيعِ هَذِهِ الْكَفَّارَاتِ الظِّهَارَ أَجْزَأَهُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ بِعَيْنِهَا كَانَ مُجْزِئًا عَنْهُ لِأَنَّ نِيَّتَهُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ أَدَاؤُهَا عَنْ كَفَّارَةِ يَمِينٍ لَزِمَتْهُ وَسَوَاءٌ كَفَّرَ أَيَّ كَفَّارَاتِ الظِّهَارِ شَاءَ مِمَّا يَجُوزُ كَانَتْ امْرَأَتُهُ عِنْدَهُ أَوْ مَيِّتَةً أَوْ عِنْدَ زَوْجٍ غَيْرِهِ أَوْ مُرْتَدَّةً أَوْ بِأَيِّ حَالٍ كَانَتْ.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: رحمه الله: وَلَوْ ارْتَدَّ الزَّوْجُ بَعْدَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ الظِّهَارُ فَأَعْتَقَ عَبْدًا عَنْ ظِهَارِهِ فِي رِدَّتِهِ وُقِفَ فَإِنْ رَجَعَ إلَى الْإِسْلاَمِ أَجْزَأَ عَنْهُ لِأَنَّهُ قَدْ أَدَّى مَا عَلَيْهِ كَمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَأَدَّاهُ بَرِئَ مِنْهُ وَهَكَذَا لَوْ كَانَ مِمَّنْ عَلَيْهِ إطْعَامُ مَسَاكِينَ فَأَطْعَمَهُمْ فِي رِدَّتِهِ ثُمَّ أَسْلَمَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يَعُودَ وَهَكَذَا لَوْ كَانَ قِصَاصًا أَوْ حَدًّا فَأُخِذَ مِنْهُ فِي رِدَّتِهِ لَمْ يَعُدْ عَلَيْهِ لِأَنَّ هَذَا إخْرَاجُ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ أَوْ عُقُوبَةٌ عَلَى بَدَنِهِ لِمَنْ وَجَبَتْ لَهُ. فَإِنْ قِيلَ فَهَذَا لاَ يُكْتَبُ لَهُ أَجْرُهُ وَلاَ يُكَفَّرُ بِهِ عَنْهُ. قِيلَ: وَالْحُدُودُ نَزَلَتْ كَفَّارَاتٌ لِلذُّنُوبِ (وَحَدَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَهُودِيَّيْنِ بِالرَّجْمِ) وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّهَا لَيْسَتْ كَفَّارَةً لَهُمَا بِخِلاَفِهِمَا فِي دِينِ الْإِسْلاَمِ وَلَكِنَّهَا كَانَتْ عُقُوبَةً عَلَيْهِمَا فَأُخِذَتْ وَإِنْ لَمْ تُكْتَبْ لَهُمَا، وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ صَوْمٌ فَصَامَهُ فِي رِدَّتِهِ لَمْ يُجْزِهِ لِأَنَّ الصَّوْمَ عَمَلٌ عَلَى الْبَدَنِ وَالْعَمَلُ عَلَى الْبَدَنِ لاَ يُجْزِئُ عَنْهُ وَلاَ يُجْزِئُ إلَّا لِمَنْ يُكْتَبُ لَهُ.
الكفارة بالإطعام
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ به وَاَللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا}.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: رحمه الله فَمَنْ تَظَاهَرَ وَلَمْ يَجِدْ رَقَبَةً وَلَمْ يَسْتَطِعْ حِينَ يُرِيدُ الْكَفَّارَةَ عَنْ الظِّهَارِ صَوْمَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ بِمَرَضٍ أَوْ عِلَّةٍ مَا كَانَتْ أَجْزَأَهُ أَنْ يُطْعِمَ قَالَ وَلاَ يُجْزِئُهُ أَنْ يُطْعِمَ أَقَلَّ مِنْ سِتِّينَ مِسْكِينًا كُلَّ مِسْكِينٍ مُدًّا مِنْ طَعَامِ بَلَدِهِ الَّذِي يَقْتَاتُهُ حِنْطَةً أَوْ شَعِيرًا أَوْ أُرْزًا أَوْ تَمْرًا أَوْ سُلْتًا أَوْ زَبِيبًا أَوْ أَقِطًا وَلَوْ أَطْعَمَ ثَلاَثِينَ مِسْكِينًا مُدَّيْنِ مُدَّيْنِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ أَوْ أَيَّامٍ مُتَفَرِّقَةٍ لَمْ يُجْزِهِ إلَّا عَنْ ثَلاَثِينَ وَكَانَ مُتَطَوِّعًا بِمَا زَادَ كُلَّ مِسْكِينٍ عَلَى مُدٍّ لِأَنَّ مَعْقُولاً عَنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إذَا أَوْجَبَ طَعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ غَيْرُ الْآخَرِ كَمَا كَانَ ذَلِكَ مَعْقُولاً عَنْهُ فِي عَدَدِ الشُّهُودِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا أَوْجَبَ وَلاَ يُجْزِئُهُ أَنْ يُعْطِيَهُمْ ثَمَنَ الطَّعَامِ أَضْعَافًا وَلاَ يُعْطِيهِمْ إلَّا مَكِيلَةَ طَعَامٍ لِكُلٍّ وَاحِدٍ وَلاَ يُجْزِئُهُ أَنْ يُغَدِّيَهُمْ وَإِنْ أَطْعَمَهُمْ سِتِّينَ مُدًّا أَوْ أَكْثَرَ لِأَنَّ أَخْذَهُمْ الطَّعَامَ يَخْتَلِفُ فَلاَ أَدْرِي لَعَلَّ أَحَدَهُمْ يَأْخُذُ أَقَلَّ مِنْ مُدٍّ وَالْآخَرَ أَكْثَرَ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إنَّمَا سَنَّ مَكِيلَةَ الطَّعَامِ فِي كُلِّ مَا أَمَرَ بِهِ مِنْ كَفَّارَةٍ وَلاَ يُجْزِئُهُ أَنْ يُعْطِيَهُمْ دَقِيقًا وَلاَ سَوِيقًا وَلاَ خُبْزًا حَتَّى يُعْطِيَهُمْ حَبًّا، وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَكْسُوَهُمْ مَكَانَ الطَّعَامِ، وَكُلُّ مِسْكِينٍ أَعْطَاهُ مُدًّا أَجْزَأَ عَنْهُ مَا خَلاَ أَنْ يَكُونَ مِسْكِينًا يُجْبَرُ عَلَى نَفَقَتِهِ فَإِنَّهُ لاَ يُجْزِئُهُ أَنْ يُعْطِيَ مِسْكِينًا يُجْبَرُ عَلَى نَفَقَتِهِ، وَلاَ يُجْزِئُهُ إلَّا مِسْكِينٌ مُسْلِمٌ وَسَوَاءٌ الصَّغِيرُ مِنْهُمْ وَالْكَبِيرُ وَلاَ يُجْزِئُهُ أَنْ يُطْعِمَ عَبْدًا وَلاَ مُكَاتَبًا وَلاَ أَحَدًا عَلَى غَيْرِ دِينِ الْإِسْلاَمِ وَإِنْ أَعْطَى رَجُلاً وَهُوَ يَرَاهُ مِسْكِينًا فَعَلِمَ بَعْدُ أَنَّهُ أَعْطَاهُ وَهُوَ غَنِيٌّ أَعَادَ الْكَفَّارَةَ لِمِسْكِينٍ غَيْرِهِ، وَلَوْ شَكَّ فِي غِنَاهُ بَعْدَ أَنْ يُعْطِيَهُ عَلَى أَنَّهُ مِسْكِينٌ فَلَيْسَتْ عَلَيْهِ إعَادَةٌ وَمَنْ قَالَ لَهُ إنِّي مِسْكِينٌ وَلاَ يَعْلَمُ غِنَاهُ أَعْطَاهُ، وَسَوَاءٌ السَّائِلُ مِنْ الْمَسَاكِينِ وَالْمُتَعَفِّفُ فِي أَنَّهُ يُجْزِئُ [قَالَ]: وَيُكَفِّرُ فِي الطَّعَامِ قَبْلَ الْمَسِيسِ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْكَفَّارَةِ قَبْلَهَا.
تبعيض الكفارة
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: وَلاَ يَكُونُ لَهُ أَنْ يُبَعِّضَ الْكَفَّارَةَ وَلاَ يُكَفِّرُ إلَّا كَفَّارَةً كَامِلَةً مِنْ أَيِّ الْكَفَّارَاتِ كَفَّرَ لاَ يَكُونُ لَهُ أَنْ يُعْتِقَ نِصْفَ رَقَبَةٍ ثُمَّ لاَ يَجِدُ غَيْرَهَا فَيَصُومُ شَهْرًا وَلاَ يَصُومُ شَهْرًا ثُمَّ يَمْرَضُ فَيُطْعِمُ ثَلاَثِينَ مِسْكِينًا وَلاَ يُطْعِمُ مَعَ نِصْفِ رَقَبَةٍ حَتَّى يُكَفِّرَ أَيَّ الْكَفَّارَاتِ وَجَبَتْ عَلَيْهِ بِكَمَالِهَا [قَالَ]: وَإِنْ فَرَّقَ الطَّعَامَ فِي أَيَّامٍ مُخْتَلِفَةٍ أَجْزَأَهُ إذَا أَتَى عَلَى سِتِّينَ مِسْكِينًا.
[قَالَ الشَّافِعِيُّ]: وَكَفَّارَةُ الظِّهَارِ وَكُلُّ كَفَّارَةٍ وَجَبَتْ عَلَى أَحَدٍ بِمُدِّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لاَ تَخْتَلِفُ الْكَفَّارَاتُ وَكَيْفَ تَخْتَلِفُ وَفَرْضُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ تَنَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَسَنَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَمُدُّهُ وَكَيْف يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِمُدِّ مَنْ لَمْ يُولَدْ فِي عَهْدِهِ أَوْ بِمُدٍّ أُحْدِثَ بَعْدَ مُدِّهِ بِيَوْمٍ وَاحِدٍ؟