سورة النور
الآية رقم ( 1 )
{سورة أنزلناها وفرضناها وأنزلنا فيها آيات بينات لعلكم تذكرون }
هذه { سورة أنزلناها وفرضناها } مخففة ومشددة لكثرة المفروض فيها { وأنزلنا فيها آيات بينات } واضحات الدلالات { لعلكم تذَّكرون } بإدغام التاء الثانية في الذال تتعظون .
الآية رقم ( 2 )
{الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين }
{ الزانية والزاني } أي غير المحصنين لرجمهما بالسنة وأل فيما ذكر موصولة وهو مبتدأ ولشبه بالشرط دخلت الفاء في خبره وهو { فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة } ضربة يقال جَلَدهُ: ضربَ جلدهُ ويزاد على ذلك بالسنة تغريب عام والرقيق على النصف مما ذكر { ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله } أي حكمه بأن تتركوا شيئاً من حدهما { إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر } أي يوم البعث في هذا تحريض على ما قبل الشرط وهو جوابه أو دال على جوابه { وليشهد عذابهما } الجلد { طائفة من المؤمنين } قيل ثلاثة وقيل أربعة عدد شهود الزنا .
الآية رقم ( 3 )
{الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين }
{ الزاني لا ينكح } يتزوج { إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك } أي المناسب لكل منهما ما ذكر { وحرم ذلك } أي نكاح الزواني { على المؤمنين } الأخيار، نزل ذلك لما همَّ فقراء المهاجرين أن يتزوجوا بغيا المشركين وهن موسرات لينفقن عليهم فقيل التحريم خاص بهم وقيل عام ونسخ بقوله تعالى (وأنكحوا الأيامى منكم) .
الآية رقم ( 4 )
{والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون }
{ والذين يرمون المحصنات } العفيفات بالزنا { ثم لم يأتوا بأربعة شهداء } على زناهن برؤيتهم { فاجلدوهم } أي كل واحد منهم { ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة } في شيء { أبداً وأولئك هم الفاسقون } لإتيانهم كبيرة .
الآية رقم ( 5 )
{إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم }
{ إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا } عملهم { فإن الله غفور } لهم قذفهم { رحيم } بهم بإلهامهم التوبة فيها ينتهي فسقهم وتقبل شهادتهم وقيل لا تقبل رجوعاً بالاستثناء إلى الجملة الأخيرة.
الآية رقم ( 6 )
{والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين }
{ والذين يرمون أزواجهم } بالزنا { ولم يكن لهم شهداء } عليه { إلا أنفسهم } وقع ذلك لجماعة من الصحابة { فشهادة أحدهم } مبتدأ { أربع شهادات } نصب على المصدر { بالله إنه لمن الصادقين } فيما رمى به زوجته من الزنا .
الآية رقم ( 7 )
{والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين }
{ والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين } في ذلك وخبر المبتدأ: تدفع عنه حد القذف.
الآية رقم ( 8 )
{ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين }
{ ويدرأ } أي يدفع { عنها العذاب } حد الزنا الذي ثبت بشهاداته { أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين } فيما رماها من الزنا .
الآية رقم ( 9 )
{والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين }
{ والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين } في ذلك .
الآية رقم ( 10 )
{ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله تواب حكيم }
{ ولولا فضل الله عليكم ورحمته } بالستر في ذلك { وأن الله تواب } بقبوله التوبة في ذلك وغيره { حكيم } فيما حكم به في ذلك وغيره ليبين الحق في ذلك وعاجل بالعقوبة من يستحقها .
الآية رقم ( 11 )
{إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم }
( إن الذين جاءوا بالإفك ) أسوأ الكذب على عائشة رضي الله عنها ، أم المؤمنين بقذفها ( عصبة منكم ) جماعة من المؤمنين قالت : حسان بن ثابت ، وعبد الله بن أبي ، ومسطح ، وحمنة بنت جحش ( لا تحسبوه ) أيها المؤمنون غير العصبة ( شراً لكم بل هو خير لكم ) يأجركم الله به ، ويظهر براءة عائشة ومن جاء معها منه وهو صفوان ، فإنها قالت : " كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة بعدما أنزل الحجاب ، ففرغ منها ورجع ودنا من المدينة ، وآذن بالرحيل ليلة فمشيت وقضيت شأني وأقبلت إلى الرحل فإذا عقدي انقطع ـ هو بكسر المهملة : القلادة ـ فرجعت ألتمسه ، وحملوا هودجي ـ هو ما يركب فيه ـ على بعيري يحسبونني فيه ، وكانت النساء خفافاً إنما يأكلن العلقة ـ هو بضم المهملة وسكون اللام من الطعام : أي القليل ـ ووجدت عقدي وجئت بعدما ساروا فجلست في المنزل الذي كنت فيه ، وظننت أن القوم سيفقدونني فيرجعون إلي فغلبتني عيناي فنمت وكان صفوان قد عرس من وراء الجيش فأدلج ـ هما بتشديد الراء والدال أي نزل من آخر الليل للاستراحة ـ فسار منه فأصبح في منزله فرأى سواد إنسان نائم ـ أي شخصه ـ فعرفني حين رآني ، وكان يراني قبل الحجاب ، فاستيقظت باست
الآية رقم ( 12 )
{لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين }
{ لولا } هلا { إذ } حين { سمعتموه ظن المؤمنين والمؤمنات بأنفسهم } أي بعضهم ببعض { خيراً وقالوا هذا إفك مبين } كذب بيِّن، فيه التفات عن الخطاب أي ظننتم أيها العصبة وقلتم .
الآية رقم ( 13 )
{لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون }
{ لولا } هلا { جاءُوا } أي العصبة { عليه بأربعة شهداء } شاهدوه { فإذا لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله } أي في حكمه { هم الكاذبون } فيه .
الآية رقم ( 14 )
{ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة لمسكم في ما أفضتم فيه عذاب عظيم }
{ ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة لمسكم فيما أفضتم } أيها العصبة أي خضتم { فيه عذاب عظيم } في الآخرة .
الآية رقم ( 15 )
{إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم }
إذ تلقونه بألسنتكم } أي يرونه بعضكم عن بعض وحذف من الفعل إحدى التاءين وإذ منصوب بمسكم أو بأفضتم { وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هيناً } لا إثم فيه { وهو عند الله عظيم } في الإثم .
الآية رقم ( 16 )
{ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم }
{ ولولا } هلا { إذ } حين { سمعتموه قلتم ما يكون } ما ينبغي { لنا أن نتكلم بهذا سبحانك } هو للتعجيب هنا { هذا بهتان } كذب { عظيم } .
الآية رقم ( 17 )
{يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين }
{ يعظكم الله } ينهاكم { أن تعودوا لمثله أبداً إن كنتم مؤمنين } تتعظون بذلك .
الآية رقم ( 18 )
{ويبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم }
{ ويبين الله لكم الآيات } في الأمر والنهي { والله عليم } بما يأمر به وينهي عنه { حكيم } فيه.
الآية رقم ( 19 )
{إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون }
{ إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة } باللسان { في الذين آمنوا } بنسبتها إليهم وهم العصبة { لهم عذاب أليم في الدنيا } بحد القذف { والآخرة } بالنار لحق الله { والله يعلم } انتفاءها عنهم { وأنتم } أيها العصبة بما قلتم من الإفك { لا تعلمون } وجودها فيهم .
الآية رقم ( 20 )
{ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله رءوف رحيم }
{ ولولا فضل الله عليكم } أيها العصبة { ورحمته وأن الله رؤوف رحيم } بكم لعاجلكم بالعقوبة .
الآية رقم ( 21 )
{يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبدا ولكن الله يزكي من يشاء والله سميع عليم }
{ يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان } أي طرق تزينه { ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه } أي المتبع { يأمر بالفحشاء } أي القبيح { والمنكر } شرعاً باتباعها { ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم } أيها العصبة بما قلتم من الإفك { من أحد أبداً } أي ما صلح وطهر من هذا الذنب بالتوبة منه { ولكن الله يزكي } يطهر { من يشاء } من الذنب بقبول توبته منه { والله سميع } بما قلتم { عليم } بما قصدتم .
الآية رقم ( 22 )
{ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم }
{ ولا يأتل } يحلف { أولوا الفضل } أصحاب الغنى { منكم والسعة أن } لا { يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله } نزلت في أبي بكر حلف أن لا ينفق على مسطح وهو ابن خالته مسكين مهاجر بدري لما خاض في الإفك بعد أن كان ينفق عليه، وناس من الصحابة أقسموا أن لا يتصدقوا على من تكلم بشيء من الإفك { وليعفوا وليصفحوا } عنهم في ذلك { ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم } للمؤمنين قال أو بكر: بلى أنا أحب أن يغفر الله لي ورجع إلى مسطح ما كان ينفقه عليه .
الآية رقم ( 23 )
{إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم }
{ إن الذين يرمون } بالزنا { المحصنات } العفائف { الغافلات } عن الفواحش بأن لا يقع في قلوبهن فعلها { المؤمنات } بالله ورسوله { لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم } .
الآية رقم ( 24 )
{يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون }
{ يوم } ناصبه الاستقرار الذي تعلق به لهم { تشهد } بالفوقانية والتحتانية { عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون } من قول وفعل وهو يوم القيامة .
الآية رقم ( 25 )
{يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين }
{ يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق } يجازيهم جزاءَه الواجب عليهم { ويعلمون أن الله هو الحق المبين } حيث حقق لهم جزاءه الذي كانوا يشكون فيه ومنهم عبد الله بن أبيّ والمحصنات هنا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر في قذفهن توبة ومن ذكر في قذفهن أول سورة التوبة غيرهن .
الآية رقم ( 26 )
{الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات أولئك مبرأون مما يقولون لهم مغفرة ورزق كريم }
{ الخبيثات } من النساء ومن الكلمات { للخبيثين } من الناس { والخبيثون } من الناس { للخبيثات } مما ذكر { والطيبات } مما ذكر { للطيبين } من الناس { والطيبون } منهم { للطيبات } مما ذكر أي اللائق بالخبيث مثله وبالطيب مثله { أولئك } الطيبون والطيبات من النساء ومنهم عائشة وصفوان { مبرؤون مما يقولون } أي الخبيثون من الرجال والنساء فيهم { لهم } للطيبين والطيبات { مغفرة ورزق كريم } في الجنة وقد افتخرت عائشة بأشياء منها أنها خلقت طيبة ووعدت مغفرة ورزقاً كريماً .
الآية رقم ( 27 )
{يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون }
{ يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنوا } أي تستأذنوا { وتسلموا على أهلها } فيقول الواحد السلام عليكم أأدخل ؟ كما ورد في حديث { ذلكم خير لكم } من الدخول بغير استئذان { لعلكم تذكرون } بإدغام التاء الثانية في الذال خيريته فتعملون به .
الآية رقم ( 28 )
{فإن لم تجدوا فيها أحدا فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم والله بما تعملون عليم }
{ فإن لم تجدوا فيها أحداً } بأذن لكم { فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم وإن قيل لكم } بعد الاستئذان { ارجعوا فارجعوا هو } أي الرجوع { أزكى } أي خير { لكم } من القعود على الباب { والله بما تعملون } من الدخول بإذن وغير إذن { عليم } فيجازيكم عليه .
الآية رقم ( 29 )
{ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم والله يعلم ما تبدون وما تكتمون }
{ ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتً غير مسكونة فيها متاعٌ } أي منفعة { لكم } باستكنان وغيره كبيوت الربط والخانات المسبلة { والله يعلم ما تبدون } تظهرون { وما تكتمون } تخفون في دخول غير بيوتكم من قصد صلاح أو غيره، وسيأتي أنهم إذا دخلوا بيوتهم يسلمون على أنفسهم.
الآية رقم ( 30 )
{قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون }
{ قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم } عما لا يحلُّ لهم نظره، ومن زائدة { ويحفظوا فروجهم } عما لا يحل لهم فعله بها { ذلك أزكي } أي خير { لهم إن الله خبير بما يصنعون } بالأبصار والفروج فيجازيهم عليه .
الآية رقم ( 31 )
{وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون }
{ وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهنّ } عما لا يحل لهنّ نظره { ويحفظن فروجهنَّ } عما لا يحل لهنَّ فعله بها { ولا يبدين } يُظهرن { زينتهن إلا ما ظهر منها } وهو الوجه والكفان فيجوز نظره لأجني إن لم يخف فتنة في أحد وجهين، والثاني يحرم لأنه مظنة الفتنة، ورجح حسماً للباب { وليضرين بخمرهنَّ على جيوبهنَّ } أي يسرتن الرؤوس والأعناق والصدور بالمقانع { ولا يبدين زينتهنّ } الخفية، وهي ما عدا الوجه والكفين { إلا لبعولتهن } جمع بعل: أي زوج { أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخواتهن أو بني إخوانهن أو بني أخوانهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن } فيجوز لهم نظره إلا ما بين السرة والركبة فيحرم نظره لغير الأزواج وخرج بنسائهن الكافرات فلا يجوز للمسلمات الكشف لهنَّ وشمل ما ملكت أيمانهنَّ العبيد { أو التابعين } في فضول الطعام { غير } بالجر صفة والنصب استثناء { أولي الإربة } أصحاب الحاجة إلى النساء { من الرجال } بأن لم ينتشر ذكر كل { أو الطفل } بمعنى الأطفال { الذين لم يظهروا } يطلعوا { على عورات النساء } للجماع فيجوز أن يبدين لهم ما عدا ما بين السرة والركبة { ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن } من خلخال يتقعقع { وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون } مما وقع لكم من النظر الممنوع منه ومن غيره { لعلكم تفلحون } تنجون من ذلك لقبول التوبة منه وفي الآية تغليب الذكور على الإناث .
الآية رقم ( 32 )
{وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم }
{ وأنكحوا الأيامى منكم } جمع أيم: وهي من ليس لها زوج بكراً كانت أو ثيباً ومن ليس له زوج وهذا في الأحرار والحرائر { والصالحين } المؤمنين { من عبادكم وإمائكم } وعباد من جموع عبد { إن يكونوا } أي الأحرار { فقراء يغنهم الله } بالتزوج { من فضله والله واسع } لخلقه { عليم } بهم .
الآية رقم ( 33 )
{وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا وآتوهم من مال الله الذي آتاكم ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم }
الآية رقم ( 34 )
{ولقد أنزلنا إليكم آيات مبينات ومثلا من الذين خلوا من قبلكم وموعظة للمتقين }
{ ولقد أنزلنا إليكم آيات مبيَّنات } بفتح الياء وكسرها في هذه السورة، بيَّن فيها ما ذكر أو بينة { ومثلاً } خبراً عجيباً وهو خبر عائشة { من الذين خلوْا من قبلكم } أي من جنس أمثالهم أي أخبارهم العجيبة كخبر يوسف ومريم { وموعظة للمتقين } في قوله تعالى ( ولا تأخذكم بها رائفة في دين الله ) (لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون) الخ (ولولا إذ سمعتموه قلتم) الخ (يعظكم الله أن تعودوا) الخ وتخصيصها بالمتقين لأنهم المنتفعون بها .
الآية رقم ( 35 )
{الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم }
{ الله نور السماوات والأرض } أي منورهما بالشمس والقمر { مثل نوره } أي صفته في قلب المؤمن { كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة } هي القنديل والمصباح السراج: أي الفتيلة الموقودة، والمشكاة: الطاقة غير النافذة، أي الأنبوبة في القنديل { الزجاجة كأنها } والنور فيها { كوكبٌ دِرِّيٌ } أي مضيء بكسر الدال وضمها من الدرء بمعنى الدفع لدفعها الظلام، وبضمها وتشديد الياء منسوب إلى الدر: اللؤلؤ { توَقَّد } المصباح بالماضي، وفي قراءة بمضارع أو قد مبنياً للمفعول بالتحتانية وفي أخرى توقد بالفوقانية، أي الزجاجة { مِن } زيت { شجرة مباركةِ زيتونةِ لا شرقيةِ ولا غربيةِ } بل بينهما فلا يتمكن منها ولا برد مضران { يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسهُ نار } لصفائه { نور } به { على نور } بالنار، ونور الله: أي هداه للمؤمنين نور على نور الإيمان { يهدي الله لنوره } أي دين الإسلام { من يشاء ويضرب } يبين { الله الأمثال للناس } تقريباً لأفهامهم ليعتبروا فيؤمنوا { والله بكل شيء عليم } ومنه ضرب الأمثال .
الآية رقم ( 36 )
{في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال }
{ في بيوت } متعلق بيسبح الآتي { أذن الله أن ترفع } تعظم { ويذكر فيها اسمه } بتوحيده { يسبَّح } بفتح الموحدة وكسرها: أي يُصلِي { له فيها بالغدو } مصدر بمعنى الغدوات: أي البُكر { والآصال } العشايا من بعد الزوال .
الآية رقم ( 37 )
{رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار }
{ رجال } فاعل يسبح بكسر الباء وعلى فتحها نائب الفاعل له ورجال فاعل فعل مقدر جواب سؤال مقدر كأنه قيل: من يسبحه { لا تلهيهم تجارة } شراء { ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة } حذف هاء إقامة تخفيف { وإيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلب } تضطرب { فيه القلوب والأبصار } من الخوف ، القلوب بين النجاة والهلاك والأبصار بين ناحيتي اليمين والشمال: وهو يوم القيامة .
الآية رقم ( 38 )
{ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب }
{ ليجزيهم الله أحسن ما عملوا } أي ثوابه وأحسن بمعنى حسن { ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاءُ بغير حساب } يقال فلان ينفق بغير حساب: أي يوسع كأنه لا يحسب ما ينفقه .
الآية رقم ( 39 )
{والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب }
{ والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعةِ } جمع قاع: أي فيلاه وهو شعاع يرى فيها نصف النهار في شدة الحر يشبه الماء الجاري { يحسبه } يظنه { الظمآن } أي العطشان { ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً } مما حسبه كذلك الكافر يحسب أن عمله كصدقه ينفعه حتى إذا مات وقدم على ربه لم يجد عمله أي لم ينفعه { ووجد الله عنده } أي عند عمله { فوفَّاه حسابه } أي جازاه عليه في الدنيا { والله سريع الحساب } أي المجازاة .
الآية رقم ( 40 )
{أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور }
{ أو } الذين كفروا أعمالهم السيئة { كظلمات في بحر لجَّي } عميق { يغشاه موج من فوقه } أي الموج { موج من فوقه } أي الموج الثاني { سحاب } أي غيم، هذه { ظلمات بعضها فوق بعض } ظلمة البحر وظلمة الموج الأول، وظلمة الثاني وظلمة السحاب { إذا أخرج } الناظر { يده } في هذه الظلمات { لم يكد يراها } أي لم يقرب من رؤيتها { ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور } أي من لم يهده الله لم يهتد .
الآية رقم ( 41 )
{ألم تر أن الله يسبح له من في السماوات والأرض والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه والله عليم بما يفعلون }
{ ألم تر أن الله يسبح له من في السماوات والأرض } ومن التسبيح صلاة { والطير } جمع طائر بين السماء والأرض { صافّات } حال باسطات أجنحتهنَّ { كل قد علم } الله { صلاته وتسبيحه والله عليم بما يفعلون } فيه تغليب العاقل .
الآية رقم ( 42 )
{ولله ملك السماوات والأرض وإلى الله المصير }
{و لله ملك السماوات والأرض } خزائن المطر والرزق والنبات { وإلى الله المصير } المرجع .
الآية رقم ( 43 )
{ألم تر أن الله يزجي سحابا ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاما فترى الودق يخرج من خلاله وينزل من السماء من جبال فيها من برد فيصيب به من يشاء ويصرفه عمن يشاء يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار }
{ ألم تر أن الله يزجي سحاباً } يسوقه برفق { ثم يؤلف بينه } يضم بعضه إلى بعض فيجعل القطع المتفرقة قطعة واحدة { ثم يجعله ركاماً } بعضه فوق بعض { فترى الوَدْق } المطر { يخرج من خلاله } مخارجه { وينزل من السماء من } زائدة { جبال فيها } في السماء بدل بإعادة الجار { من بَرَدِ } أي بعضه { فيصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشاء يكاد } يقرب { سنا برقه } لمعانه { يذهب بالأبصار } الناظرة له: أي يخطفها .
الآية رقم ( 44 )
{يقلب الله الليل والنهار إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار }
{ يقلب الله الليل والنهار } أي يأتي بكل منهما بدل الآخر { إن في ذلك } التقليب { لعبرة } دلالة { لأولي الأبصار } لأصحاب البصائر على قدرة الله تعالى .
الآية رقم ( 45 )
{والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع يخلق الله ما يشاء إن الله على كل شيء قدير }
{ والله خلق كل دابة } أي حيوان { من ماءٍ } نطفة { فمنهم من يمشي على بطنه } كالحيات والهوام { ومنهم من يمشي على رجلين } كالإنسان والطير { ومنهم من يمشي على أربع } كالبهائم والأنعام { يخلق الله ما يشاء إن الله على كل شيء قدير } .
الآية رقم ( 46 )
{لقد أنزلنا آيات مبينات والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم }
{ لقد أنزلنا آيات مبينات } أي بينات هي القرآن { والله يهدي من يشاء إلى صراط } طريق { مستقيم } أي دين الإسلام .
الآية رقم ( 47 )
{ويقولون آمنا بالله وبالرسول وأطعنا ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين }
{ ويقولون } المنافقون { آمنا } صدقنا { بالله } بتوحيده { وبالرسول } محمد { وأطعنا } هما فيما حكما به { ثم يتولى } يعرض { فريق منهم بعد ذلك } عنه { وما أولئك } المعرضون { بالمؤمنين } المعهودين الموافق قلوبهم لألسنتهم .
الآية رقم ( 48 )
{وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون }
{ وإذا دعوا إلى الله ورسوله } المبلغ عنه { ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون } عن المجيء إليه .
الآية رقم ( 49 )
{وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين }
{ وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين } مسرعين طائعين .
الآية رقم ( 50 )
{أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله بل أولئك هم الظالمون }
{ أفي قلوبهم مرض } كفر { أم ارتابوا } أي شكوا في نبوته { أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله } في الحكم أي فيظلموا فيه ؟ لا { بل أولئك هم الظالمون } بالإعراض عنه .
الآية رقم ( 51 )
{إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون }
{ إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم } فالقول اللائق بهم { أن يقولوا سمعنا وأطعنا } بالإجابة { وأولئك } حينئذ { هم المفلحون } الناجون .
الآية رقم ( 52 )
{ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون }
{ ومن يطع الله ورسوله ويخش الله } يخافه { ويتقهْ } بسكون الهاء وكسرها بأن يطيعه { فأولئك هم الفائزون } بالجنة .
الآية رقم ( 53 )
{وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن أمرتهم ليخرجن قل لا تقسموا طاعة معروفة إن الله خبير بما تعملون }
{ وأقسموا بالله جهد إيمانهم } غايتها { لئن أمرتهم } بالجهاد { ليخرجنَّ قل } لهم { لا تقسموا طاعة معروفة } للنبي خير من قسمكم الذي لا تصدقون فيه { إن الله خبير بما تعلمون } من طاعتكم بالقول ومخالفتكم بالفعل .
الآية رقم ( 54 )
{قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين }
{ قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فان تولوْ } عن طاعته بحذف إحدى التاءين خطاب لهم { فإنما عليه ما حمل } من التبليغ { وعليكم ما حملتم } من طاعته { وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين } أي التبليغ البيِّن .
الآية رقم ( 55 )
{وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون }
{ وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض } بدلا عن الكفار { كما استخلف } بالبناء للفاعل والمفعول { الذين من قبلهم } من بنى إسرائيل بدلا عن الجبارة { وليمكنن لهم دينهم الذي أرتضى لهم } وهو الإسلام بأن يظهر على جميع الأديان ويوسع لهم في البلاد فيملكوها { وَلَيُبْدلَنَّهُمْ } بالتخفيف والتشديد { من بعد خوفهم } من الكفار { أمناً } وقد أنجز الله وعده لهم بما ذكر وأثنى عليهم بقوله: { يعبدونني لا يشركون بي شيئاً } هو مستأنف في حكم التعليل { ومن كفر بعد ذلك } الإنعام منهم به { فأولئك هم الفاسقون } وأول من كفر به قتلة عثمان رضي الله عنه فصاروا يقتتلون بعد أن كانوا إخواناً .
الآية رقم ( 56 )
{وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون }
{ وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون } أي رجاء الرحمة .
الآية رقم ( 57 )
{لا تحسبن الذين كفروا معجزين في الأرض ومأواهم النار ولبئس المصير }
{ لا تحسبن } بالفوقانية والتحتانية والفاعل الرسول { الذين كفروا معجزين } لنا { في الأرض } بأن يفوتونا { ومأواهم } مرجعهم { النار ولبئس المصير } المرجع هي .
الآية رقم ( 58 )
{يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم بعضكم على بعض كذلك يبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم }
{ يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم } من العبيد آمنوا والإماء { والذين لم يبلغوا الحلم منكم } من الأحرار وعرفوا أمر النساء { ثلاث مرات } في ثلاثة أوقات { من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة } أي وقت الظهر { ومن بعد الصلاة والعشاء ثلاث عورات لكم } بالرفع خبر مبتدأ بعده مضاف وقام المضاف إليه مقامه: أي هي أوقات وبالنصب بتقدير أوقات منصوباً بدلاً من محل ما قبله قام المضاف إليه مقامه، وهي لإلقاء الثياب تبدو فيها العورات { ليس عليكم ولا عليهم } أي المماليك والصبيان { جناح } في الدخول عليكم بغير استئذان { بعدهن } أي بعد الأوقات الثلاثة هم { طوافون عليكم } للخدمة { بعضكم } طائف { على بعض } والجملة مؤكدة لما قبلها { كذلك } كما بين ما ذكر { يبين الله لكم الآيات } أي الأحكام { والله عليم } بأمور خلقه { حكيم } بما دبره لهم وآية الاستئذان قيل منسوخة وقيل لا ولكن تهاون الناس في ترك الاستئذان .
الآية رقم ( 59 )
{وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم كذلك يبين الله لكم آياته والله عليم حكيم }
{ وإذا بلغ الأطفال } أيها الأحرار { منكم الحلم فليستأذنوا } في جميع الأوقات { كما استأذن الذين من قبلهم } أي الأحرار الكبار { كذلك يبين الله لكم آياته والله عليم حكيم }
الآية رقم ( 60 )
{والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن يستعففن خير لهن والله سميع عليم }
{ والقواعد من النساء } قعدن عن الحيض والولد لكبرهن { اللاتي لا يرجون نكاحاً } لذلك { فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن } من الجلباب والرداء والقناع فوق الخمار { غير متبرجات } مظهرات { بزينة } خفيفة كقلادة وسوار وخلخال { وأن يستعففن } بأن لا يضعنها { خير لهن والله سميع } لقولكم { عليم } بما في قلوبكم .
الآية رقم ( 61 )
{ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم أو بيوت أمهاتكم أو بيوت إخوانكم أو بيوت أخواتكم أو بيوت أعمامكم أو بيوت عماتكم أو بيوت أخوالكم أو بيوت خالاتكم أو ما ملكتم مفاتحه أو صديقكم ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تعقلون }
{ ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج } في مؤاكلة مقابليهمْ { ولا } حرج { على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم } أولادكم { أو بيوت آبائكم أو بيوت أمهاتكم أو بيوت إخوانكم أو بيوت أخواتكم أو بيوت أعمامكم أو بيوت عماتكم أو بيوت أخوالكم أو بيوت خالاتكم أو ما ملكتم مفاتحه } خزنتموه لغيركم { أو صديقكم } وهو من صدقكم في مودته المعنى يجوز الأكل من بيوت من ذكر وإن لم يحضروا إذا علم رضاهم به { ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعاً } مجتمعين { أو أشتاتاً } متفرقين جمع شت نزل فيمن تحرج أن يأكل وحده وإذا لم بجد يؤاكله يترك الأكل { فإذا دخلتم بيوتاً } لكم لا أهل بها { فسلموا على أنفسكم } قولوا السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فإن الملائكة ترد عليكم وإن كان بها أهل فسلموا عليهم { تحية } حيا { من عند الله مباركة طيبة } يثاب عليها { كذلك يبيَّن الله لكم الآيات } أي يفضل لكم معالم دينكم { لعلكم تعقلون } لكي تفهموا ذلك .
الآية رقم ( 62 )
{إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه إن الذين يستأذنونك أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم واستغفر لهم الله إن الله غفور رحيم }
{ إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه } أي الرسول { على أمر جامع } كخطبة الجمعة { لم يذهبوا } لعروض عذر لهم { حتى يستأذنوه إن الذين يستأذنونك أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله فإذا استأذنوك لبعض شأنهم } أمرهم { فأذن لمن شئت منهم } بالانصراف { واستغفر لهم الله إن الله غفور رحيم } .
الآية رقم ( 63 )
{لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم }
{ لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضاً } بأن تقولوا يا محمد، بل قولوا يا نبيَّ الله، يا رسول الله، في لين وتواضع وخفض صوت { قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذاً } أي يخرجون من المسجد في الخطبة من غير استئذان خفية مستترين بشيء، وقد للتحقيق { فليحذر الذين يخالفون عن أمره } أي الله ورسوله { أن تصيبهم فتنة } بلاء { أو يصيبهم عذاب أليم } في الآخرة .
الآية رقم ( 64 )
{ألا إن لله ما في السماوات والأرض قد يعلم ما أنتم عليه ويوم يرجعون إليه فينبئهم بما عملوا والله بكل شيء عليم }
{ ألا إنَّ لله ما في السماوات والأرض } ملكاً وخلفاً وعبيداً { قد يعلم ما أنتم } أيها المكلفون { عليه } من الإيمان والنفاق { و } يعلم { يوم يرجعون إليه } فيه التفات عن الخطاب إلى من يكون { فينبئهم } فيه { بما عملوا } من الخير والشر { والله لكل شيء } من أعمالهم وغيرها { عليم } .