سورة الروم
الآية رقم ( 1 )
{الم }
{ آلم } الله أعلم بمراده في ذلك.
الآية رقم ( 2 )
{غلبت الروم }
{ غُلبت الروم } وهم أهل الكتاب غلبتها فارس وليسوا أهل كتاب بل يعبدون الأوثان ففرح كفار مكة بذلك، وقالوا للمسلمين: نحن نغلبكم كما غلبت فارس الروم.
الآية رقم ( 3 )
{في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون }
{ في أدنى الأرض } أي أقرب أرض الروم إلى فارس بالجزيرة التقى فيها الجيشان والبادي بالغزو الفرس { وهم } أي الروم { من بعد غلبهم } أضيف المصدر إلى المفعول: أي غلبة فارس إياهم { سيغلبون } فارس.
الآية رقم ( 4 )
{في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون }
{ في بضع سنين } هو ما بين الثلاث إلى التسع أو العشر، فالتقي الجيشان في السنة السابعة من الالتقاء الأول وغلبت الروم فارس { لله الأمر من قبل ومن بعد } أي من قبل غلب الروم ومن بعده المعنى أن فارس أولاً وغلبة الروم ثانياً بأمر الله: أي إرادته { ويومئذٍ } أي يوم تغلب الروم { يفرح المؤمنون } .
الآية رقم ( 5 )
{بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم }
{ بنصر الله } إياهم على فارس وقد فرحوا بذلك وعلموا به يوم وقوعه أي يوم بدر بنزول جبريل بذلك مع فرحهم بنصرهم على قتل المشركين فيه { ينصر من يشاء وهو العزيز } الغالب { الرحيم } بالمؤمنين } .
الآية رقم ( 6 )
{وعد الله لا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون }
{ وعد الله } مصدر بدل من اللفظ بفعله، والأصل وعدهم الله النصر { لا يخلف الله وعده } به { ولكن أكثر الناس } أي كفار مكة { لا يعلمون } وعده تعالى بنصرهم.
الآية رقم ( 7 )
{يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون }
{ يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا } أي معايشها من التجارة والزراعة والبناء والغرس وغير ذلك { وهم عن الآخرة هم غافلون } إعادة هم تأكيد.
الآية رقم ( 8 )
{أو لم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى وإن كثيرا من الناس بلقاء ربهم لكافرون }
{ أَو لَم يتفكروا في أنفسهم } ليرجعوا عن غفلتهم { ما خلق الله السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجلٍ مسمى } لذلك تفنى عند انتهائه وبعد البعث { وإن كثيراً من الناس } أي: كفار مكة { بلقاء ربهم لكافرون } أي لا يؤمنون بالبعث بعد الموت.
الآية رقم ( 9 )
{أو لم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أشد منهم قوة وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها وجاءتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون }
{ أوَ لم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كانَ عاقبة الذين من قبلهم } من الأمم وهي إهلاكهم بتكذيبهم رسلهم { كانوا أشد منهم قوة } كعاد وثمود { وأثاروا الأرض } حرثوها وقلبوها للزرع والغرس { وعمَروها أكثر ممّا عمروها } أي كفار مكة { وجاءَتهم رسلهم بالبينات } بالحجج الظاهرات { فما كان الله ليظلمهم } بإهلاكهم بغير جرم { ولكن كانوا أنفسهم يظلمون } بتكذيبهم رسلهم.
الآية رقم ( 10 )
{ثم كان عاقبة الذين أساءوا السوأى أن كذبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزئون }
ثم كان عاقبة الذين أساءُوا السُّوأى } تأنيث الأسوأ: الأقبح خبر كان على رفع عاقبة واسم كان على نصب عاقبة، والمراد بها جهنم وإساءتهم { أن } أي: بأن { كذبوا بآيات الله } القرآن { وكانوا بها يستهزءُون } .
الآية رقم ( 11 )
{الله يبدأ الخلق ثم يعيده ثم إليه ترجعون }
{ الله يبدأ الخلق } أي: ينشئ خلق الناس { ثم يعيده } أي خلقهم بعد موتهم { ثم إليه يرجعون } بالياء والتاء.
الآية رقم ( 12 )
{ويوم تقوم الساعة يبلس المجرمون }
{ ويوم تقوم الساعة يُبلس المجرمون } يسكت المشركون لانقطاع حجتهم.
الآية رقم ( 13 )
{ولم يكن لهم من شركائهم شفعاء وكانوا بشركائهم كافرين }
{ ولم يكن } أي لا يكون { لهم من شركائهم } ممن أشركوهم بالله وهم الأصنام ليشفعوا لهم { شفعاء وكانوا } أي: يكونون { بشركائهم كافرين } أي: متبرئين منهم.
الآية رقم ( 14 )
{ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون }
{ ويوم تقوم الساعة يومئذ } تأكيد { يتفرقون } المؤمنون والكافرون.
الآية رقم ( 15 )
{فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فهم في روضة يحبرون }
{ فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فهم في روضةٍ } جنة { يحبرون } يسرون.
الآية رقم ( 16 )
{وأما الذين كفروا وكذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة فأولئك في العذاب محضرون }
{ وأما الذين كفروا وكذبوا بآياتنا } القرآن { ولقاء الآخرة } البعث وغيره { فأولئك في العذاب محضرون } .
الآية رقم ( 17 )
{فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون }
{ فسبحان الله } أي: سبحوا الله بمعنى صلوا { حين تمسون } أي: تدخلون في المساء وفيه صلاتان: المغرب والعشاء { وحين تصبحون } تدخلون في الصباح وفيه صلاة الصبح.
الآية رقم ( 18 )
{وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا وحين تظهرون }
{ وله الحمد في السموات والأرض } اعتراض ومعناه يحمده أهلهما { وعشياً } عطف على حين وفيه صلاة العصر { وحين تظهرون } تدخلون في الظهيرة وفيه صلاة الظهر.
الآية رقم ( 19 )
{يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ويحيي الأرض بعد موتها وكذلك تخرجون }
{ يُخرج الحي من الميت } كالإنسان من النطفة والطائر من البيضة { ويخرج الميت } النطفة والبيضة { من الحي ويحيي الأرض } بالنبات { بعد موتها } أي يبسها { وكذلك } الإخراج { تَخرجون } من القبور بالبناء للفاعل والمفعول.
الآية رقم ( 20 )
{ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون }
{ ومن آياته } تعالى الدالة على قدرته { أن خلقكم من تراب } أي: أصلكم آدم { ثم إذا أنتم بشر } من دم ولحم { تنتشرون } في الأرض.
الآية رقم ( 21 )
{ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون }
{ ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً } فخلقت حواء من ضلع آدم وسائر الناس من نطف الرجال والنساء { لتسكنوا إليها } وتألفوها { وجعل بينكم } جميعاً { مودةً ورحمة إن في ذَلك } المذكور { لآيات لقوم يتفكرون } في صنع الله تعالى.
الآية رقم ( 22 )
{ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين }
{ ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم } أي لغاتكم من عربية وعجمية وغيرها { وألوانكم } من بياض وسواد وغيرهما، وأنتم أولد رجل واحد وامرأة واحدة { إن في ذلك لآيات } دلالات على قدرته تعالى { للعالمين } بفتح اللام وكسرها، أي: ذوي العقول وأولي العلم.
الآية رقم ( 23 )
{ومن آياته منامكم بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون }
{ ومن آياته منامكم بالليل والنهار } بإرادته راحة لكم { وابتغاؤكم } بالنهار { من فضله } أي: تصرفكم في طلب المعِيشة بإرادته { إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون } سماع تدبر واعتبار.
الآية رقم ( 24 )
{ومن آياته يريكم البرق خوفا وطمعا وينزل من السماء ماء فيحيي به الأرض بعد موتها إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون }
{ ومن آياته يريكم } أي إراءتكم { البرق خوفاً } للمسافر من الصواعق { وطمعاً } للمقيم في المطر { وينزل من السماء ماءً فيحيي به الأرض بعد موتها } أي: يبسطها بأن تنبت { إن في ذلك } المذكور { لآيات لقوم يعقلون } يتدبرون.
الآية رقم ( 25 )
{ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون }
{ ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره } بإرادته من غير عمد { ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض } بأن ينفخ إسرافيل في الصور للبعث من القبور { إذا أنتم تخرجون } منها أحياء فخرجوكم منها بدعوة من آياته تعالى.
الآية رقم ( 26 )
{وله من في السماوات والأرض كل له قانتون }
{ وله من في السماوات والأرض } ملكاً وخلقاً وعبيداً { كل له قانتون } مطيعون.
الآية رقم ( 27 )
{وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه وله المثل الأعلى في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم }
{ وهو الذي يبدأ الخلق } للناس { ثم يعيده } بعد هلاكهم { وهو أهون عليه } من البدء بالنظر إلى ما عند المخاطبين من أن إعادة الشيء أسهل من ابتدائه وإلا فهما عند الله تعالى سواء في السهولة { وله المثل الأعلى في السماوات والأرض } أي: الصفة العليا، وهي أنه لا إله إلا الله { وهو العزيز } في ملكه { الحكيم } في خلقه.
الآية رقم ( 28 )
{ضرب لكم مثلا من أنفسكم هل لكم مما ملكت أيمانكم من شركاء في ما رزقناكم فأنتم فيه سواء تخافونهم كخيفتكم أنفسكم كذلك نفصل الآيات لقوم يعقلون }
{ ضرب } جعل { لكم } أيها المشركون { مثلاً } كائناً { من أنفسكم } وهو { هل لكم من ما ملكت أيمانكم } أي من مماليككم { من شركاء } لكم { في ما رزقناكم } من الأموال وغيرها { فأنتم } وهم { فيه سواءٌ تخافونهم كخيفتكم أنفسكم } أي أمثالكم من الأحرار والاستفهام بمعنى النفي المعنى: ليس مماليككم شركاء لكم إلى آخره عندكم فكيف تجعلون بعض مماليك الله شركاء له { كذلك نفصِّل الآيات } نبنيها مثل ذلك التفصيل { لقومٍ يعقلون } يتدبرون.
الآية رقم ( 29 )
{بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم فمن يهدي من أضل الله وما لهم من ناصرين }
{ بل اتبع الذين ظلموا } بالإشراك { أهواءَهم بغير علمٍ فمن يهدي من أضل الله } أي: لا هادي له { وما لهم من ناصرين } مانعين من عذاب الله.
الآية رقم ( 30 )
{فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون }
{ فأقم } يا محمد { وجهك للدين حنيفاً } مائلاً إليه: أي أخلص دينك لله أنت ومن تبعك { فطرتَ الله } خلقته { التي فطر الناس عليها } وهي دينه أي: الزموها { لا تبديل لخلق الله } لدينه أي: لا تبدلوه بأن تشركوا { ذلك الدين القيّم } المستقيم توحيد الله { ولكن أكثر الناس } أي كفار مكة { لا يعلمون } توحيد الله.
الآية رقم ( 31 )
{منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين }
{ منيبين } راجعين { إليه } تعالى فيما أمر به ونهى عنه حال من فاعل أقم وما أريد به؛ أي أقيموا { واتقوه } خافوه { وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين } .
الآية رقم ( 32 )
{من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون }
{ من الذين } بدل بإعادة الجار { فرقوا دينهم } باختلافهم فيما يعبدونه { وكانوا شيعاً } فرقاً في ذلك { كل حزبٍ } منهم { بما لديهم } عندهم { فرحون } مسرورون، وفي قراءة فارقوا: أي تركوا دينهم الذي أمروا به.
الآية رقم ( 33 )
{وإذا مس الناس ضر دعوا ربهم منيبين إليه ثم إذا أذاقهم منه رحمة إذا فريق منهم بربهم يشركون }
{ وإذا مسَّ الناس } أي كفار مكة { ضرٌّ } شدة { دعوا ربهم منيبين } راجعين { إليه } دون غيره { ثم إذا أذاقهم منه رحمة } بالمطر { إذا فريقٌ منهم بربهم يشركون } .
الآية رقم ( 34 )
{ليكفروا بما آتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون }
{ ليكفروا بما آتيناهم } أريد به التهديد { فتمتعوا فسوف تعلمون } عاقبة تمتعكم، فيه التفات عن الغيبة.
الآية رقم ( 35 )
{أم أنزلنا عليهم سلطانا فهو يتكلم بما كانوا به يشركون }
{ أَم } بمعنى همزة الإنكار { أنزلنا عليهم سلطاناً } حجة وكتاباً { فهو يتكلم } تكلم دلالة { بما كانوا به يشركون } أي يأمرهم بالإشراك! لا.
الآية رقم ( 36 )
{وإذا أذقنا الناس رحمة فرحوا بها وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون }
{ وإذا أذقنا الناس } كفار مكة وغيرهم { رحمة } نعمةً { فرحوا بها } فرح بطر { وإن تصبهم سيئة } شدة { بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون } ييأسون من الرحمة ومن شأن المؤمن أن يشكر عند النعمة ويرجو ربه عند الشدة.
الآية رقم ( 37 )
{أو لم يروا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون }
{ اوَ لم يروا } يعلموا { أن الله يبسط الرزق } يوسعه { لمن يشاء } امتحاناً { ويقدر } يضيقه لمن يشاء ابتلاءً { إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون } بها.
الآية رقم ( 38 )
{فآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ذلك خير للذين يريدون وجه الله وأولئك هم المفلحون }
{ فآت ذا القربى } القرابة { حقه } من البر والصلة { والمسكين وابن السبيل } المسافر من الصدقة، وأمة النبي تبع له في ذلك { ذلك خير للذين يريدون وجه الله } أي ثوابه بما يعملون { وأولئك هم المفلحون } الفائزون.
الآية رقم ( 39 )
{وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو عند الله وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون }
{ وما آتيتم من رِباً } بأن يعطي شيء هبة أو هدية ليطلب أكثر منه، فسمي باسم المطلوب من الزيادة في المعاملة { ليربوَ في أموال الناس } المعطين، أي يزيد { فلا يربو } يزكو { عند الله } لا ثواب فيه للمعطين { وما آتيتم من زكاة } صدقة { تريدون } بها { وجه الله فأولئك هم المضعفون } ثوابهم بما أرادوه، فيه التفات عن الخطاب.
الآية رقم ( 40 )
{الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شيء سبحانه وتعالى عن ما يشركون }
{ الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من شركائكم } ممن أشركتم بالله { من يفعل من ذلكم من شيء } لا { سبحانه وتعالى عما يشركون } به.
الآية رقم ( 41 )
{ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون }
{ ظهر الفساد في البر } أي القفار بقحط المطر وقلة النبات { والبحر } أي البلاد التي على الأنهار بقلة مائها { بما كسبت أيدي الناس } من المعاصي { ليذيقهم } بالياء والنون { بعض الذي عملوا } أي عقوبته { لعلهم يرجعون } يتوبون.
الآية رقم ( 42 )
{قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل كان أكثرهم مشركين }
{ قل } لكفار مكة { سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل كان أكثرهم مشركين } فأهلكوا فإشراكهم ومساكنهم ومنازلهم خاوية.
الآية رقم ( 43 )
{فأقم وجهك للدين القيم من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله يومئذ يصدعون }
{ فأقم وجهك للدين القيِّم } دين الإسلام { من قبل أن يأتي يوم لا مردَّ له من الله } هو يوم القيامة { يومئذ يصَّدَّعون } فيه إدغام التاء في الأصل في الصاد: يتفرقون بعد الحساب إلى الجنة والنار.
الآية رقم ( 44 )
{من كفر فعليه كفره ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون }
{ من كفر فعليه كفره } وبال كفره وهو النار { ومن عمل صالحاً فلأنفسهم يمهدون } يوطئون منازلهم في الجنة.
الآية رقم ( 45 )
{ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات من فضله إنه لا يحب الكافرين }
{ ليجزي } متعلق بيصدعون { الذين آمنوا وعملوا الصالحات من فضله } يثيبهم { إنه لا يحب الكافرين } أي يعاقبهم.
الآية رقم ( 46 )
{ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات وليذيقكم من رحمته ولتجري الفلك بأمره ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون }
{ ومن آياته } تعالى { أن يرسل الرياح مبشرات } بمعنى لتبشركم بالمطر { وليذيقكم } بها { من رحمته } المطر والخصب { ولتجري الفلك } السفن بها { بأمره } بإرادته { ولتبتغوا } تطلبوا { من فضله } الرزق بالتجارة في البحر { ولعلكم تشكرون } هذه النعم يا أهل مكة فتوحدوه.
الآية رقم ( 47 )
{ولقد أرسلنا من قبلك رسلا إلى قومهم فجاءوهم بالبينات فانتقمنا من الذين أجرموا وكان حقا علينا نصر المؤمنين }
ولقد أرسلنا من قبلك رسلاً إلى قومهم فجاؤوهم بالبينات } بالحجج الواضحات على صدقهم في رسالتهم إليهم فكذبوهم { فانتقمنا من الذين أجرموا } أهلكنا الذين كذبوهم { وكان حقاً علينا نصر المؤمنين } على الكافرين بإهلاكهم وإنجاء المؤمنين.
الآية رقم ( 48 )
{الله الذي يرسل الرياح فتثير سحابا فيبسطه في السماء كيف يشاء ويجعله كسفا فترى الودق يخرج من خلاله فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون }
{ الله الذي يرسل الرياح فتثير سحاباً } تزعجه { فيبسطه في السماء كيف يشاء } من قلة وكثرة { ويجعله كسفاً } بفتح السين وسكونها قطعاً متفرقة { فترى الودق } المطر { يخرج من خلاله } أي وسطه { فإذا أصاب به } بالودق { من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون } يفرحون بالمطر.
الآية رقم ( 49 )
{وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم من قبله لمبلسين }
{ وإن } وقد { كانوا من قبل أن يُنزَّل عليهم من قبله } تأكيد { لمبلسين } آيسين من إنزاله.
الآية رقم ( 50 )
{فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحيي الأرض بعد موتها إن ذلك لمحيي الموتى وهو على كل شيء قدير }
{ فانظر إلى أثر } وفي قراءة آثار { رحمة الله } أي نعمته بالمطر { كيف يحيي الأرض بعد موتها } أي يبسها بأن تنبت { إن ذلك لمحيي الموتى وهو على كل شيءٍ قدير } .
الآية رقم ( 51 )
{ولئن أرسلنا ريحا فرأوه مصفرا لظلوا من بعده يكفرون }
{ ولئن } لام قسم { أرسلنا ريحاً } مضرة على نبات { فرأوهُ مصفراً لظلوا } صاروا جواب القسم { من بعده } أي بعد إصفراره { يكفرون } يجحدون النعمة بالمطر.
الآية رقم ( 52 )
{فإنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين }
{ فإنك لا تُسمع الموتى ولا تُسمع الصم الدعاء إذا } بتحقيق الهمزتين وتسهيل الثانية بينها وبين الياء { ولَّوْا مدبرين } .
الآية رقم ( 53 )
{وما أنت بهاد العمي عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون }
{ وما أنت بهادِ العمي عن ضلالتهم إن } ما { تُسمع } سماع إفهام وقبول { إلا من يؤمن بآياتنا } القرآن { فهم مسلمون } مخلصون بتوحيد الله.
الآية رقم ( 54 )
{الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير }
{ الله الذي خلقكم من ضعف } ماء مهين { ثم جعل من بعد ضعف } آخر، وهو ضعف الطفولية { قوةً } أي قوة الشباب { ثم من بعد قوةٍ ضعفاً وشيبةً } ضعف الكبر وشيب الهرم والضعف في الثلاثة بضم أوله وفتحه { يخلق ما يشاء } من الضعف والقوة والشباب والشيبة { وهو العليم } بتدبير خلقه { القدير } على ما يشاء.
الآية رقم ( 55 )
{ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون }
{ ويوم تقوم الساعة يُقسم } يحلف { المجرمون } الكافرون { ما لبثوا } في القبور { غير ساعة } قال تعالى: { كذلك كانوا يؤفكون } يصرفون عن الحق: البعث كما صرفوا عن الحق الصدق في مدة اللبث.
الآية رقم ( 56 )
{وقال الذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث فهذا يوم البعث ولكنكم كنتم لا تعلمون }
{ وقال الذين أوتوا العلم والإيمان } من الملائكة وغيرهم { لقد لبثتم في كتاب الله } فيما كتبه في سابق علمه { إلى يوم البعث فهذا يوم البعث } الذي أنكرتموه { ولكنكم كنتم لا تعلمون } وقوعه.
الآية رقم ( 57 )
{فيومئذ لا ينفع الذين ظلموا معذرتهم ولا هم يستعتبون }
{ فيومئذٍ لا ينفع } بالياء والتاء { الذين ظلموا معذرتُهم } في إنكارهم له { ولا هم يستعتبون } لا يطلب منهم من العتبى: أي الرجوع إلى ما يرضي الله.
الآية رقم ( 58 )
{ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل ولئن جئتهم بآية ليقولن الذين كفروا إن أنتم إلا مبطلون }
{ ولقد ضربنا } جعلنا { للناس في هذا القرآن من كل مثل } تنبيهاً لهم { ولئن } لام قسم { جئتهم } يا محمد { بآية } مثل العصا واليد لموسى { ليقولنّ } حذف منه نون الرفع لتوالي النونات، والواو ضمير الجمع لالتقاء الساكنين { الذين كفروا } منهم { إن } ما { أنتم } أي محمد وأصحابه { إلا مبطلون } أصحاب أباطيل.
الآية رقم ( 59 )
{كذلك يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون }
{ كذلك يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون } التوحيد كما طبع على قلوب هؤلاء.
الآية رقم ( 60 )
{فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون }
{ فاصبر إنَّ وعد الله } بنصرك عليهم { حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون } بالبعث: أي لا يحملنَّك على الخفة والطيش بترك الصبر: أي لا تتركه.