سورة الأنبياء
الآية رقم ( 1 )
{اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون }
{ اقترب } قرب { للناس } أهل مكة منكري البعث { حسابهم } يوم القيامة { وهم في غفلة } عنه { معرضون } عن التأهب له بالإيمان .
الآية رقم ( 2 )
{ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون }
{ ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث } شيئاً فشيئاً أي قرآن { إلا استمعوه وهم يلعبون } يستهزئون .
الآية رقم ( 3 )
{لاهية قلوبهم وأسروا النجوى الذين ظلموا هل هذا إلا بشر مثلكم أفتأتون السحر وأنتم تبصرون
{ لاهية } غافلة { قلوبهم } عن معناه { وأسَرُّوا النجوى } الكلام { الذين ظلموا } بدل من واو { وأسروا النجوى الذين ظلموا } { هلْ هذا } أي محمد { إلا بشر مثلكم } فما يأتي به سحر { أفتأتون السحر } تتبعونه { وأنتم تبصرون } تعلمون أنه سحر .
الآية رقم ( 4 )
{قال ربي يعلم القول في السماء والأرض وهو السميع العليم }
{ قال } لهم { ربي يعلم القول } كائناً { في السماء والأرض وهو السميع } لما أسروه { العليم } به .
الآية رقم ( 5 )
{بل قالوا أضغاث أحلام بل افتراه بل هو شاعر فليأتنا بآية كما أرسل الأولون }
{ بل } للانتقال من غرض إلى آخر في المواضع الثلاثة { قالوا } فيما أتى به من القرآن هو { أضغاث أحلام } أخلاط رآها في النوم { بل افتراه } اختلقه { بل هو شاعر } فما أتى به شعر { فليأتنا بآية كما أرسل الأولون } كالناقة والعصا واليد قال تعالى .
الآية رقم ( 6 )
{ما آمنت قبلهم من قرية أهلكناها أفهم يؤمنون }
{ ما آمنت قبلهم من قرية } أي أهلها { أهلكناها } بتكذيبها ما أتاها من الآيات { أفهم يؤمنون } لا .
الآية رقم ( 7 )
{وما أرسلنا قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون }
{ وما أرسلنا قبلك إلا رجالاً نوحي } وفي قراءة بالياء وفتح الحاء { إليهم } لا ملائكة { فاسألوا أهل الذكر } العلماء بالتوراة والإنجيل { إن كنتم لا تعلمون } ذلك فإنهم يعلمونه، وأنتم إلى تصديقهم أقرب من تصديق المؤمنين بمحمد .
الآية رقم ( 8 )
{وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام وما كانوا خالدين }
{ وما جعلناهم } أي الرسل { جسداً } بمعنى أجساداً { لا يأكلون الطعام } بل يأكلونه { وما كانوا خالدين } في الدنيا .
الآية رقم ( 9 )
{ثم صدقناهم الوعد فأنجيناهم ومن نشاء وأهلكنا المسرفين }
{ ثم صدقناهم الوعد } بإنجائهم { فأنجيناهم ومن نشاء } المصدقين لهم { وأهلكنا المسرفين } المكذبين لهم .
الآية رقم ( 10 )
{لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم أفلا تعقلون }
لقد أنزلنا إليكم } يا معشر قريش { كتاباً فيه ذكركم } لأنه بلغتكم { أفلا تعقلون } فتؤمنون به .
الآية رقم ( 11 )
{وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة وأنشأنا بعدها قوما آخرين }
{ وكم قصمنا } أهلكنا { من قرية } أي أهلها { كانت ظالمة } كافرة { وأنشأنا بعدها قوماً أخرين } .
الآية رقم ( 12 )
{فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون }
{ فلما أحسُّوا بأسنا } شعر أهل القرية بالإهلاك { إذا هم منها يركضون } يهربون مسرعين .
الآية رقم ( 13 )
{لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسألون }
فقالت لهم الملائكة استهزاء { لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم } نعمتم { فيه ومساكنكم لعلكم تسألون } شيئاً من دنياكم على العادة .
الآية رقم ( 14 )
{قالوا يا ويلنا إنا كنا ظالمين }
{ قالوا يا } للتنبيه { ويلنا } هلاكنا { إنا كنا ظالمين } بالكفر .
الآية رقم ( 15 )
{فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين }
{ فما زالت تلك } الكلمات { دعواهم } يدعون بها ويرددونها { حتى جعلناهم حصيداً } كالزرع المحصود بالمناجل بأن قتلوا بالسيف { خامدين } ميتين كخمود النار إذا طفئت .
الآية رقم ( 16 )
{وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين }
{ وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين } عابثين بل دالين على قدرتنا ونافعين عبادنا .
الآية رقم ( 17 )
{لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين }
{ لو أردنا أن نتخذ لهواً } ما يلهى به من زوجة أو ولد { لاتخذناه من لدنا } من عندنا من الحور العين والملائكة { إن كنا فاعلين } ذلك، لكنا لم نفعله فلم نُرده .
الآية رقم ( 18 )
{بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون }
{ بل نقذف } نرمي { بالحق } الإيمان { على الباطل } الكفر { فيدمغه } يذهبه { فإذا هو زاهق } ذاهب، ودمغه في الأصل: أصاب دماغه بالضرب وهو مقتل { ولكم } يا كفرا مكة { الويْل } العذاب الشديد { مما تصفون } الله به من الزوجة أو الولد .
الآية رقم ( 19 )
{وله من في السماوات والأرض ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون }
{ وله } تعالى { من في السماوات والأرض } ملكاً { ومن عنده } أي الملائكة مبتدأ خبره { لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون } لا يعيون .
الآية رقم ( 20 )
{يسبحون الليل والنهار لا يفترون }
{ يسبحون الليل والنهار لا يفترون } عنه فهو منهم كالنفس منا لا يشغلنا عنه شاغل .
الآية رقم ( 21 )
{أم اتخذوا آلهة من الأرض هم ينشرون }
{ أم } بمعني بل للانتقال والهمزه للإنكار { اتخذوا آلهة } كائنة { من الأرض } كحجر وذهب وفضة { هم } أي الآلهة { ينشرون } أي يحيون الموتى ؟ لا، ولا يكون إلهاً إلا من يحيى الموتى .
الآية رقم ( 22 )
{لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عن ما يصفون }
{ لو كان فيهما } أي السماوات والأرض { آلهة إلا الله } أي غيره { لفسدتا } أي خرجتا عن نظامهما المشاهد، لوجود التمانع بينهم على وفق العادة وفق العادة عند تعدد الحاكم من التمانع في الشيء وعدم الاتفاق عليه { فسبحان } تنزيه { الله رب } خالق { العرش } الكرسي { عما يصفون } الكفار الله به من الشريك له وغيره .
الآية رقم ( 23 )
{لا يسأل عن ما يفعل وهم يسألون }
{ لا يُسال عما يفعل وهم يسُألون } عن أفعالهم .
الآية رقم ( 24 )
{أم اتخذوا من دونه آلهة قل هاتوا برهانكم هذا ذكر من معي وذكر من قبلي بل أكثرهم لا يعلمون الحق فهم معرضون }
{ أم اتخذوا من دونه } تعالى أي سواه { آلهة } فيه استفهام توبيخ { قل هاتوا برهانكم } على ذلك ولا سبيل إليه { هذا ذكر من معي } أمتي وهو القرآن { وذكر من قبلي } من الأمم وهو التوراة والإنجيل وغيرهما من كتب الله ليس في واجد منها أن مع الله إلهاً مما قالوا، تعالى عن ذلك { بل أكثرهم لا يعلمون الحق } توحيد الله { فهم معرضون } عن النظر الموصل إليه .
الآية رقم ( 25 )
{وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون }
{ وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي } وفي قراءة بالياء وفتح الحاء { إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون } أي وحدوني .
الآية رقم ( 26 )
{وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون }
{ وقالوا اتخذ الرحمن ولداً } من الملائكة { سبحانه بل } هم { عباد مكرمون } عنده والعبودية تنافي الولادة .
الآية رقم ( 27 )
{لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون }
{ لا يسبقونه بالقول } لا يأتون بقولهم إلا بعد قوله { وهم بأمره يعملون } أي بعده .
الآية رقم ( 28 )
{يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون }
{ يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم } ما عملوا وما هم عاملون { ولا يشفعون إلا لمن ارتضي } تعالى أن يشفع له { وهم من خشيته } تعالى { مشفقون } خائفون.
الآية رقم ( 29 )
{ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزي الظالمين }
{ ومن يقل منهم إني إله من دونه } أي الله أي غيره، وهو إبليس دعا إلى عبادة نفسه وأمر بطاعتها { فذلك نجزيه جهنم كذلك } كما نجريه { نجزي الظالمين } المشركين .
الآية رقم ( 30 )
{أو لم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون }
{ أوَ لم } بواو وتركها { يرَ } يعلم { الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رَتُقاً } سداً بمعنى مسدودة { ففتقناهما } جعلنا السماء سبعاً والأرض من سبعاً، أو فتق السماء أن كانت لا تمطر فأمطرت، وفتق الأرض أن كانت لا تنبت فأنبتت { وجعلنا من الماء } النازل من السماء والنابع من الأرض { كل شيء حيَ } من نبات وغيره أي فالماء سبب لحياته { أفلا يؤمنون } بتوحيدي
الآية رقم ( 31 )
{وجعلنا في الأرض رواسي أن تميد بهم وجعلنا فيها فجاجا سبلا لعلهم يهتدون }
{ وجعلنا في الأرض رواسي } جبالاً ثوابت لـ { أن } لا { تميد } تتحرك { بهم وجعلنا فيها } الرواسي { فجاجاً } مسالك { سبلاً } بدل، طرقاً نافذة واسعة { لعلهم يهتدون } إلى مقاصدهم في الأسفار .
الآية رقم ( 32 )
{وجعلنا السماء سقفا محفوظا وهم عن آياتها معرضون }
{ وجلعنا السماء سقفاً } للأرض كالسقف للبيت { محفوظاً } عن الوقوع { وهم عن آياتها } من الشمس والقمر والنجوم { معرضون } لا يتفكرون فيها فيعلمون أن خالقها لا شريك له .
الآية رقم ( 33 )
{وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون }
{ وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل } تنوينه عوض عن المضاف إليه من الشمس والقمر وتابعه وهو النجوم { في فلك } مستدير كالطاحونة في السماء { يسبحون } يسيرون بسرعة كالسابح في الماء، وللتشبيه به أتى بضمير جمع من يعقل .
الآية رقم ( 34 )
{وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفئن مت فهم الخالدون }
ونزل لما قال الكفار إنَّ محمداً سيموت: { وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد } البقاء في الدنيا { أفائن مت فهم الخالدون } فيها ؟ لا، فالجملة الأخيرة محل الاستفهام الإنكاري .
الآية رقم ( 35 )
{كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون }
{ كل نفس ذائقة الموت } في الدنيا { ونبلوكم } نختبركم { بالشر والخير } كفقر وغنى وسقم وصحة { فتنة } مفعول له، أي لننظر أتصبرون وتشكرون أم لا { وإلينا ترجعون } فنجازيكم .
الآية رقم ( 36 )
{وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي يذكر آلهتكم وهم بذكر الرحمن هم كافرون }
{ وإذا رآك الذين كفروا إن } ما { يتخذونك إلا هزؤاً } أي مهزوءاً به يقولون { أهذا الذي يذكر آلهتكم } أي يعيبها { وهم بذكر الرحمن } لهم { هم } تأكيد { كافرون } به إذا قالوا ما نعرفه.
الآية رقم ( 37 )
{خلق الإنسان من عجل سأريكم آياتي فلا تستعجلون }
ونزل في استعجالهم العذاب { خلق الإنسان من عجل } أي أنه لكثرة عجله في أحواله كأنه خلق منه { سأريكم آياتي } مواعيدي بالعذاب { فلا تستعجلون } فيه فأراهم القتل ببدر .
الآية رقم ( 38 )
{ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين }
{ ويقولون متى هذا الوعد } بالقيامة { إن كنتم صادقين } فيه .
الآية رقم ( 39 )
{لو يعلم الذين كفروا حين لا يكفون عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم ولا هم ينصرون }
قال تعالى: { لو يعلم الذين كفروا حين لا يكفون } يدفعون { عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم ولا هم ينصرون } يمنعون منها في القيامة وجواب لو ما قالوا ذلك .
الآية رقم ( 40 )
{بل تأتيهم بغتة فتبهتهم فلا يستطيعون ردها ولا هم ينظرون }
{ بل تأتيهم } القيامة { بغتة فتبهتهم } تحيرهم { فلا يستطيعون ردها ولا هم ينظرون } يمهلون لتوبة أو معذرة .
الآية رقم ( 41 )
{ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون }
{ ولقد استهزىء برسل من قبلك } فيه تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم { فحاق } نزل { بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزءون } وهو العذاب فكذا يحيق بمن استهزأ بك .
الآية رقم ( 42 )
{قل من يكلؤكم بالليل والنهار من الرحمن بل هم عن ذكر ربهم معرضون }
{ قل } لهم { من يكلؤكم } يحفظكم { بالليل والنهار من الرحمن } من عذابه إن نزل بكم، أي: لا أحد يفعل ذلك، والمخاطبون لا يخافون عذاب الله لإنكارهم له { بل هم عن ذكر ربهم } أي القرآن { معرضون } لا يتفكرون فيه .
الآية رقم ( 43 )
{أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا لا يستطيعون نصر أنفسهم ولا هم منا يصحبون }
{ أم } فيها معنى الهمزة للإنكار: أي أ { لهم آلهة تمنعهم } مما يسوؤهم { من دوننا } أي ألَهم من يمنعهم منه غيرنا ؟ لا { لا يستطيعون } أي الآلهة { نصر أنفسهم } فلا ينصرونهم { ولا هم } أي الكفار { منا } من عذابنا { يصحبون } يجارون، يقال صحبك الله: أي حفظك وأجارك .
الآية رقم ( 44 )
{بل متعنا هؤلاء وآباءهم حتى طال عليهم العمر أفلا يرون أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها أفهم الغالبون }
بل متعنا هؤلاء وآباءهم } بما أنعمنا عليهم { حتى طال عليهم العمر } فاغتروا بذلك { أفلا يرون أنا نأتي الأرض } نقصد أرضهم { ننقصها من أطرافها } بالفتح على النبي { أفهم الغالبون } ؟ لا، بل النبي وأصحابه .
الآية رقم ( 45 )
{قل إنما أنذركم بالوحي ولا يسمع الصم الدعاء إذا ما ينذرون }
{ قل } لهم { إنما أنذركم بالوحي } من الله لا من قبل نفسي { ولا يسمع الصم الدعاء إذا } بتحقيق الهمزتين وتسهيل الثانية بينها وبين الياء { ما ينذرون } هم لتركهم العمل بما سمعوه من الإنذار كالصم .
الآية رقم ( 46 )
{ولئن مستهم نفحة من عذاب ربك ليقولن يا ويلنا إنا كنا ظالمين }
{ ولئن مستهم نفحة } وقعة خفيفة { من عذاب ربك ليقولن يا } للتنبيه { ويلنا } هلاكنا { إنا كنا ظالمين } بالإشراك وتكذيب محمد .
الآية رقم ( 47 )
{ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين }
{ ونضع الموازين القسط } ذوات العدل { ليوم القيامة } أي فيه { فلا تظلم نفس شيئاً } من نقص حسنة أو زيادة سيئة { وإن كان } العمل { مثقال } زنة { حبة من خردل أتينا بها } بموزونها { وكفى بنا حاسبين } مُحْصيين كل شيء .
الآية رقم ( 48 )
{ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء وذكرا للمتقين }
{ ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان } أي التوراة الفارقة بين الحق والباطل والحلال والحرام { وضياءً } بها { وذكراً } عظة بها { للمتقين } .
الآية رقم ( 49 )
{الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون }
{ الذين يخشون ربهم بالغيب } عن الناس أي في الخلاء عنهم { وهم من الساعة } أي أهوالها { مشفقون } خائفون .
الآية رقم ( 50 )
{وهذا ذكر مبارك أنزلناه أفأنتم له منكرون }
{ وهذا } أي القرآن { ذكر مبارك أنزلناه أفأنتم له منكرون } الاستفهام فيه للتوبيخ .
الآية رقم ( 51 )
{ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين }
{ ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل } أي هداه قبل بلوغه { وكنا به عالمين } بأنه أهل لذلك .
الآية رقم ( 52 )
{إذ قال لأبيه وقومه ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون }
{ إذا قال لأبيه وقومه ما هذه التماثيل } الأصنام { التي أنتم لها عاكفون } أي على عبادتها مقيمون .
الآية رقم ( 53 )
{قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين }
{ قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين } فاقتدنيا بهم .
الآية رقم ( 54 )
{قال لقد كنتم أنتم وآباؤكم في ضلال مبين }
{ قال } لهم { لقد كنتم أنتم وآباؤكم } بعبادتها { في ضلال مبين } بَيّن .
الآية رقم ( 55 )
{قالوا أجئتنا بالحق أم أنت من اللاعبين }
{ قالوا أجئتنا بالحق } في قولك هذا { أم أنت من اللاعبين } فيه .
الآية رقم ( 56 )
{قال بل ربكم رب السماوات والأرض الذي فطرهن وأنا على ذلكم من الشاهدين }
{ قال بل ربكم } المستحق للعابدة { رب } مالك { السماوات والأرض الذي فطرهن } خلقهن على غير مثال سبق { وأنا على ذلكم } الذي قلته { من الشاهدين } به .
الآية رقم ( 57 )
{وتالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين }
{ وتالله لأكيدن أصنامهم بعد أن تولوا مدبرين } .
الآية رقم ( 58 )
{فجعلهم جذاذا إلا كبيرا لهم لعلهم إليه يرجعون }
{ فجعلهم } بعد ذهابهم إلى مجتمعهم في يوم عيد لهم { جُذاذاً } بضم الجيم وكسرها: فتاتاً بفأس { إلا كبيراً لهم } علق الفأس في عنقه { لعلهم إليه } أي إلى الكبير { يرجعون } فيرون ما فعل بغيره .
الآية رقم ( 59 )
{قالوا من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين }
{ قالوا } بعد رجوعهم ورؤيتهم ما فعل { من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين } فيه .
الآية رقم ( 60 )
{قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم }
{ قالوا } أي بعضهم لبعض { سمعنا فتى يذكرهم } أي يعيبهم { يقال له إبراهيم } .
الآية رقم ( 61 )
{قالوا فأتوا به على أعين الناس لعلهم يشهدون }
{ قالوا فأتوا به على أعين الناس } أي ظاهراً { لعلهم يشهدون } عليه أنه الفاعل .
الآية رقم ( 62 )
{قالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم }
{ قالوا } له بعد إتيانه { أأنت } بتحقيق الهمزتين وإبدال الثانية ألفاً وتسهيلها وإدخال ألف بين المسهلة والأخرى وتركه { فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم } .
الآية رقم ( 63 )
{قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون }
{ قال } ساكتاً عن فعله { بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم } عن فاعله { إن كانوا ينطقون } فيه تقديم جواب الشرط وفيها قبله تعرض لهم بأن الصنم المعلوم عجزه عن الفعل لا يكون إلهاً .
الآية رقم ( 64 )
{فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا إنكم أنتم الظالمون }
{ فرجعوا إلى أنفسهم } بالتفكر { فقالوا } لأنفسهم { إنكم أنتم الظالمون } بعبادتكم من لا ينطق .
الآية رقم ( 65 )
{ثم نكسوا على رؤوسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون }
{ ثم نكسوا } من الله { على رءُوسهم } أي ردوا إلى كفرهم وقالوا والله { لقد علمتَ ما هؤلاء ينطقون } أي فكيف تأمرنا بسؤالهم .
الآية رقم ( 66 )
{قال أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم }
{ قال أفتعبدون من دون الله } أي بدله { ما لا ينفعكم شيئاً } من رزق وغيره { ولا يضركم } شيئاً إذا لم تعبدوه .
الآية رقم ( 67 )
{أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون }
{ أف } بكسر الفاء وفتحها بمعنى مصدر أي نتناً وقبحاً { لكم ولما تعبدون من دون الله } أي غيره { أفلا تعقلون } أن هذه الأصنام لا تستحق العبادة ولا تصلح لها، وإنما يستحقها الله تعالى .
الآية رقم ( 68 )
{قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين }
{ قالوا حرِّقوه } أي إبراهيم { وانصروا آلهتكم } أي بتحريقه { إن كنتم فاعلين } نصرتها فجمعوا له الحطب الكثير وأضرموا النار في جميعه وأوثقوا إبراهيم وجعلوه في منجنيق ورموه في النار قال تعالى .
الآية رقم ( 69 )
{قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم }
( قلنا يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم ) فلم تحرق منه غير وثاقه ، وذهبت حرارتها وبقيت إضاءتها وبقوله " وسلاماً " سلم من الموت ببردها .
الآية رقم ( 70 )
{وأرادوا به كيدا فجعلناهم الأخسرين }
{ وأرادوا به كيداً } وهو التحريق { فجعلناهم الأخسرين } في مرادهم .
الآية رقم ( 71 )
{ونجيناه ولوطا إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين }
{ ونجيناه ولوطاً } ابن أخيه هاران من العراق { إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين } بكثرة الأنهار والأشجار وهي الشام نزل إبراهيم بفلسطين ولوط بالمؤتفكة وبينهما يوم .
الآية رقم ( 72 )
{ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين }
{ ووهبنا له } أي لإبراهيم وكان سأل ولداً كما ذكر في الصافات { إسحاق ويعقوب نافلة } أي زيادة على المسؤول أو هو ولد الولد { وكلاً } أي هو وولداه { جعلنا صالحين } أنبياء .
الآية رقم ( 73 )
{وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين }
{ وجعلناهم أئمة } بتحقيق الهمزتين وإبدال الثانية ياء يقتدى بهم في الخير { يهدون } الناس { بأمرنا } إلى ديننا { وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة } أي أن تفعل وتقام وتؤتى منهم ومن أتباعهم، وحذف هاء إقامة تخفيف { وكانوا لنا عابدين } .
الآية رقم ( 74 )
{ولوطا آتيناه حكما وعلما ونجيناه من القرية التي كانت تعمل الخبائث إنهم كانوا قوم سوء فاسقين
{ ولوطاً آتيناه حكماً } فصلاً بين الخصوم { وعلماً ونجيناه من القرية التي كانت تعمل } أي أهلها الأعمال { الخبائث } من اللواط والرمي بالبندق واللعب بالطيور وغير ذلك { إنهم كانوا قوم سوء } مصدر ساءه نقيض سرَّه { فاسقين } .
الآية رقم ( 75 )
{وأدخلناه في رحمتنا إنه من الصالحين }
{ وأدخلناه في رحمتنا } بأن أنجيناه من قومه { إنه من الصالحين } .
الآية رقم ( 76 )
{ونوحا إذ نادى من قبل فاستجبنا له فنجيناه وأهله من الكرب العظيم }
( و ) اذكر ( نوحاً ) وما بعده بدل منه ( إذ نادى ) دعا على قومه بقوله " رب لا تذر " الخ ( من قبل ) أي قبل إبراهيم ولوط ( فاستجبنا له فنجيناه وأهله ) الذين في سفينته ( من الكرب العظيم ) أي الغرق وتكذيب قومه له .
الآية رقم ( 77 )
{ونصرناه من القوم الذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قوم سوء فأغرقناهم أجمعين }
{ ونصرناه } منعناه { من القوم الذين كذبوا بآياتنا } الدالة على رسالته أن لا يصلوا إليه بسوء { إنهم كانوا قوم سوء فأغرقناهم أجمعين } .
الآية رقم ( 78 )
{وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين }
{ و } اذكر { داود وسليمان } أي قصتهما ويبدل منهما { إذ يحكمان في الحرث } هو زرع أو كرم { إذ نفشت فيه غنم القوم } أي رعته ليلاً بلا راع بأن انفلتت { وكنا لحكمهم شاهدين } فيه استعمال ضمير الجمع لإثنين، قال داود لصاحب الحرث رقاب الغنم، وقال سليمان: ينتفع بدرها ونسلها وصوفها إلى أن يعود الحرث كما كان بإصلاح صاحبها فيردها إليه .
الآية رقم ( 79 )
{ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير وكنا فاعلين }
{ ففهمناها } أي الحكومة { سليمان } وحكمهما باجتهاد ورجع داود إلى سليمان وقيل بوحي والثاني ناسخ للأول { وكلاً } منهما { آتينا } ه { حكماً } نبوة { وعلماً } بأمور الدين { وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير } كذلك سخرا للتسبيح معه لأمره به إذا وجد فترة لينشط له { وكنا فاعلين } تسخير تسبيحهما معه، وإن كان عجباً عندكم: أي مجاوبته للسيد داود .
الآية رقم ( 80 )
{وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم فهل أنتم شاكرون }
{ وعلمناه صنعة لَبُوسِ } وهي الدرع لأنها تلبس، وهو أول من صنعها وكان قبلها صفائح { لكم } في جملة الناس { لنحصنكم } بالنون لله وبالتحتانية لداود وبالفوقانية للبوس { من بأسكم } حربكم مع أعدائكم { فهل أنتم } يا أهل مكة { شاكرون } نعمتي بتصديق الرسول: أي اشكروني بذلك .
الآية رقم ( 81 )
{ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمره إلى الأرض التي باركنا فيها وكنا بكل شيء عالمين }
{ و } سخرنا { لسليمان الريح عاصفة } وفي آية أخرى: رخاء، أي شديدة الهبوب وخفيفته حسب إرادته { تجري بأمره إلى الأرض التي باركنا فيها } وهي الشام { وكنا بكل شيء عالمين } من ذلك علم الله تعالى بأن ما يعطيه سليمان يدعوه إلى الخضوع لربه ففعله تعالى على مقتضى علمه .
الآية رقم ( 82 )
{ومن الشياطين من يغوصون له ويعملون عملا دون ذلك وكنا لهم حافظين }
{ و } سخرنا { من الشياطين من يغوصون له } يدخلون في البحر فيُخرجون منه الجواهر لسليمان { ويعلمون عملاً دون ذلك } أي سوى الغوص من البناء وغيره { وكنا لهم حافظين } من أن يُفسدوا ما عملوا، لأنهم كانوا إذا فرغوا من عمل قبل الليل أفسدوه إن لم يشتغلوا بغيره .
الآية رقم ( 83 )
{وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين }
{ و } اذكر { أيوب } ويبدل منه { إذ نادى ربه } لما ابتلي بفقد جميع ماله وولده وتمزيق جسده وهجر جميع الناس له إلا زوجته سنين ثلاثاُ أو سبعاً أو ثماني عشرة وضيق عيشه { أني } بفتح الهمزة بتقدير الياء { مسنيَ الضر } أي الشدة { وأنت أرحم الراحمين } .
الآية رقم ( 84 )
{فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين }
{ فاستجبنا له } نداءه { فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله } أولاده الذكور والإناث بأن أحيوا له وكل من الصنفين ثلاث أو سبع { ومثلهم معهم } من زوجته وزيد في شبابها، وكان له أندر للقمح وأندر للشعير فبعث الله سحابتين أفرغت إحداهما على أندر القمح الذهب وأفرغت الأخرى على أندر الشعير الورق حتى فاض { رحمة } مفعول له { من عندنا } صفة { وذكرى للعابدين } ليصبروا فيثابوا .
الآية رقم ( 85 )
{وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين }
{ و } اذكر { إسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين } على طاعة الله وعن معاصيه .
الآية رقم ( 86 )
{وأدخلناهم في رحمتنا إنهم من الصالحين }
{ وأدخلناهم في رحمتنا } من النبوة { إنهم من الصالحين } لها وسمي ذا الكفل لأنه تكفل بصيام جميع نهاره وقيام جميع ليله وأن يقضي بين الناس ولا يغضب فوف بذلك وقيل لم يكن نبياً .
الآية رقم ( 87 )
{وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين }
{ و } اذكر { ذا النون } صاحب الحوت وهو يونس بن متى ويبدل منه { إذ ذهب مغاضباً } لقومه أي غضبان عليهم مما قاسى منهم ولم يؤذن له في ذلك { فظن أن لن نقدر عليه } أي نقضي عليه بما قضيناه من حبسه في بطن الحوت، أو نضيق عليه بذلك { فنادى في الظلمات } ظلمة الليل وظلمة البحر وظلمة بطن الحوت { أن } أي بأن { لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين } في ذهابي من بين قومي بلا إذن .
الآية رقم ( 88 )
{فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين }
{ فاستجبنا له ونجيناه من الغم } بتلك الكلمات { وكذلك } كما نجيناه { ننجي المؤمنين } من كربهم إذا استغاثوا بنا داعين .
الآية رقم ( 89 )
{وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين }
{ و } اذكر { زكريا } ويبدل منه { إذ نادى ربه } بقوله { رب لا تذرني فرداً } أي بلا ولد يرثني { وأنت خير الوارثين } الباقي بعد فناء خلقك .
الآية رقم ( 90 )
{فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين }
{ فاستجبنا له } نداءه { ووهبنا له يحيى } ولداً { وأصلحنا له زوجه } فأتت بالولد بعد عقمها { إنهم } أي من ذُكر من الأنبياء { كانوا يسارعون } يبادرون { في الخيرات } الطاعات { ويدعوننا رغباً } في رحمتنا { ورهباً } من عذابنا { وكانوا لنا خاشعين } متواضعين في عبادتهم .
الآية رقم ( 91 )
{والتي أحصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا وجعلناها وابنها آية للعالمين }
{ و } اذكر مريم { التي أحصنت فرجها } حفظته من أن ينال { فنفخنا فيها من روحنا } أي جبريل حيث نفخ في جيب درعها فحملت بعيسى { وجعلناها وابنها آية للعالمين } الإنس والجن والملائكة حيث ولدته من غير فحل .
الآية رقم ( 92 )
{إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون }
{ إن هذه } أي ملة الإسلام { أمتكم } دينكم أيها المخاطبون أي يجب أن تكونوا عليها { أمة واحدة } حال لازمة { وأنا ربكم فاعبدون } وحدون .
الآية رقم ( 93 )
{وتقطعوا أمرهم بينهم كل إلينا راجعون }
{ وتَقطَّعوا } أي بعض المخاطبين { أمرهم بينهم } أي تفرقوا أمر دينهم متخالفين فيه، وهم طوائف اليهود والنصارى قال تعالى: { كل إلينا راجعون } أي فنجازيه بعمله .
الآية رقم ( 94 )
{فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا كفران لسعيه وإنا له كاتبون }
{ فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا كفران } أي لا جحود { لسعيه وإنا له كاتبون } بأن نأمر الحفظة بكتبه فنجازيه عليه .
الآية رقم ( 95 )
{وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون }
{ وحرام على قرية أهلكناها } أريد أهلها { أنهم لا } زائدة { يرجعون } أي ممتنع رجوعهم إلى الدنيا .
الآية رقم ( 96 )
{حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون }
{ حتى } غاية لامتناع رجوعهم { إذا فتحت } بالتخفيف والتشديد { يأجوج ومأجوج } بالهمز وتركه إسمان أعجميان لقبيلتين، ويقدر قبله مضاف أي سدهما وذلك قرب القيامة { وهم من كل حدب } مرتفع من الأرض { ينسلُون } يسرعون .
الآية رقم ( 97 )
{واقترب الوعد الحق فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا يا ويلنا قد كنا في غفلة من هذا بل كنا ظالمين }
{ واقترب الوعد الحق } أي يوم القيامة { فإذا هي } أي القصة { شاخصة أبصار الذين كفروا } في ذلك اليوم لشدته، يقولون { يا } للتنبيه { ويلنا } هلاكنا { قد كنا } في الدنيا { في غفلة من هذا } اليوم { بل كنا ظالمين } أنفسنا بتكذيبنا للرسل .
الآية رقم ( 98 )
{إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون }
{ إنكم } يا أهل مكة { وما تعبدون من دون الله } أي غيره من الأوثان { حصب جهنم } وقودها { أنتم لها واردون } داخلون فيها .
الآية رقم ( 99 )
{لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها وكل فيها خالدون }
{ لو كان هؤلاء } الأوثان { آلهة } كما زعمتم { ما وردوها } دخلوها { وكل } من العابدين والمعبودين { فيها خالدون } .
الآية رقم ( 100 )
{لهم فيها زفير وهم فيها لا يسمعون }
{ لهم } للعابدين { فيها زفير وهم فيها لا يسمعون } شيئاً لشدة غليانها . ونزل لما قال ابن الزبعري عبد عزير والمسيح والملائكة فهم في النار على مقتضى ما تقدم .
الآية رقم ( 101 )
{إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون }
{ إن الذين سبقت لهم منا } المنزلة { الحسنى } ومنهم من ذكر { أولئك عنها مبعدون } .
الآية رقم ( 102 )
{لا يسمعون حسيسها وهم في ما اشتهت أنفسهم خالدون }
{ لا يسمعون حسيسها } صوتها { وهم في ما اشتهت أنفسهم } من النعيم { خالدون } .
الآية رقم ( 103 )
{لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون }
{ لا يحزنهم الفزع الأكبر } وهو أن يؤمر بالعبد إلى النار { وتتلقاهم } تستقبلهم { الملائكة } عند خروجهم من القبور يقولون لهم { هذا يومكم الذي كنتم توعدون } في الدنيا .
الآية رقم ( 104 )
{يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين }
{ يوم } منصوب باذكر مقدراً قبله { نطوي السماء كطي السجل } اسم ملك { للكتاب } صحيفة ابن آدم عند موته واللام زائدة أو السجل الصحيفة والكتاب بمعنى المكتوب واللام بمعنى على وفي قراءة للكتب جمعاً { كما بدأنا أول خلق } من عدم { نُعيده } بعد إعدامه فالكاف متعلقة بنعيد وضميره عائد إلى أول وما مصدرية { وعداً علينا } منصوب بوعدنا مقدراً قبله وهو مؤكد لمضمون ما قبله { إنا كنا فاعلين } ما وعدناه .
الآية رقم ( 105 )
{ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون }
{ ولقد كتبنا في الزبور } بمعنى الكتاب أي كتب الله المنزلة { من بعد الذكر } بمعنى أم الكتاب الذي عند الله { أن الأرض } أرض الجنة { يرثها عبادي الصالحون } عامٌ في كل صالح .
الآية رقم ( 106 )
{إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين }
{ إن في هذا } القرآن { لبلاغاً } كفاية في دخول الجنة { لقوم عابدين } عاملين به .
الآية رقم ( 107 )
{وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين }
{ وما أرسلناك } يا محمد { إلا رحمة } أي للرحمة { للعالمين } الإنس والجنس بك .
الآية رقم ( 108 )
{قل إنما يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فهل أنتم مسلمون }
{ قل إنما يوحى إليَّ أنما إلهكم إله واحد } أي ما يوحى إليَّ في أمر الإله إلا وحدانيته { فهل أنتم مسلمون } منقادون لما يوحى إليَّ من وحدانية الإله والاستفهام بمعنى الأمر .
الآية رقم ( 109 )
{فإن تولوا فقل آذنتكم على سواء وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون }
{ فإن تولوا } عن ذلك { فقل آذنتكم } أعلمتكم بالحرب { على سواء } حال من الفاعل والمفعول، أي مستوين في علمه لا أستبد به دونكم لتتأهبوا { وإن } ما { أدري أقريب أم بعيد ما توعدون } من العذاب أو القيامة المشتملة عليه وإنما يعلمه الله .
الآية رقم ( 110 )
{إنه يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون }
{ إنه } تعالى { يعلم الجهر من القول } والفعل منكم ومن غيركم { ويعلم ما تكتمون } أنتم وغيركم من السر .
الآية رقم ( 111 )
{وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين }
{ وإن } ما { أدري لعله } أي ما أعلمتكم به ولم يعلم وقته { فتنة } اختبار { لكم } ليرى كيف صنعكم { ومتاع } تمتع { إلى حين } أي انقضاء آجالكم وهذا مقابل للأول المترجى بلعل وليس الثاني محلاً للترجي .
الآية رقم ( 112 )
{قال رب احكم بالحق وربنا الرحمن المستعان على ما تصفون }
( قل ) وفي قراءة قال ( رب احكم ) بيني وبين مكذبي ( بالحق ) بالعذاب لهم أو النصر عليهم ، فعذبوا ببدر وأحد وحنين والأحزاب والخندق ونصر عليهم ( وربنا الرحمن المستعان على ما تصفون ) من كذبكم على الله في قولكم " اتخذ ولداً " وعلي في قولكم : ساحر ، وعلى القرآن في قولكم : شعر .