سورة الإنسان
الآية رقم ( 1 )
{هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا }
{ هل } قد { أتى على الإنسان } آدم { حين من الدهر } أربعون سنة { لم يكن } فيه { شيئاً مذكوراً } كان فيه مصوراً من طين لا يذكر أو المراد بالإنسان الجنس وبالحين مدة الحمل.
الآية رقم ( 2 )
{إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا }
{ إنَّا خلقنا الإنسان } الجنس { من نطفة أمشاج } أخلاط، أي من ماء الرجل وماء المرأة المختلطين الممتزجين { نبتليه } نختبره بالتكليف والجملة مستأنفة أو حال مقدرة، أي مريدين ابتلاءه حين تأهله { فجعلناه } بسبب ذلك { سميعاً بصيراً } .
الآية رقم ( 3 )
{إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا }
{ إنا هديناه السبيل } بينا له طريق الهدى ببعث الرسل { إما شاكراً } أي مؤمناً { وإما كفوراً } حالان من المفعول، أي بينا له في حال شكره أو كفره المقدرة ، و إما لتفصيل الأحوال.
الآية رقم ( 4 )
{إنا أعتدنا للكافرين سلاسلا وأغلالا وسعيرا }
{ إنا أعتدنا } هيأنا { للكافرين سلاسل } يسحبون بها في النار { وأغلالاً } في أعناقهم تشد فيها السلاسل { وسعيراً } ناراً مسعرة، أي مهيجة يعذبون بها.
الآية رقم ( 5 )
{إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا }
{ إن الأبرار } جمع بر أو بار وهم المطيعون { يشربون من كأس } هو إناء شرب الخمر وهي فيه والمراد من خمر تسمية للحال باسم المحل ومن للتبعيض { كان مزاجها } ما يمزج به {كافوراً } .
الآية رقم ( 6 )
{عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا }
{ عيناً } بدل من كافوراً فيها رائحته { يشرب بها } منها { عباد الله } أولياؤه { يفجّرونها تفجيراً } يقودونها حيث شاؤوا من منازلهم.
الآية رقم ( 7 )
{يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا }
{ يوفون بالنذر } في طاعة الله { ويخافون يوماً كان شره مستطيراً } منتشراً.
الآية رقم ( 8 )
{ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا }
{ ويطعمون الطعام على حبه } أي الطعام وشهوتهم له { مسكيناً } فقيراً { ويتيماً } لا أب له { وأسيراً } يعني المحبوس بحق.
الآية رقم ( 9 )
{إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا }
{ إنما نطعمكم لوجه الله } لطلب ثوابه { لا نريد منكم جزاء ولا شكوراً } شكراً فيه علة الإطعام وهل تكلموا بذلك أو علمه الله منهم فأثنى عليهم به، قولان.
الآية رقم ( 10 )
{إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا }
{ إنا نخاف من ربنا يوماً عبوْساً } تكلح الوجوه فيه أي كريه المنظر لشدته { قمطريراً } شديداً في ذلك.
الآية رقم ( 11 )
{فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا }
{ فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم } أعطاهم { نضرة } حسناً وإضاءة في وجوههم { وسروراً } .
الآية رقم ( 12 )
{وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا }
{ وجزاهم بما صبروا } بصبرهم عن المعصية { جنة } أدخلوها { وحريراً } البسوه.
الآية رقم ( 13 )
{متكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا }
{ متكئين } حال من مرفوع أدخلوها المقدر { فيها على الأرائك } السرر في الحجال { لا يروْن } لا يجدون حال ثانية { فيها شمساً ولا زمهريراً } لا حراً ولا برداً وقيل الزمهرير القمر فهي مضيئة من غير شمس ولا قمر.
الآية رقم ( 14 )
{ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا }
{ ودانية } قريبة عطف على محل لا يرون، أي غير رائين { عليهم } منهم { ظلالها } شجرها { وذللت قطوفها تذليلاً } أُدنيت ثمارها فينالها القائم والقاعد والمضطجع.
الآية رقم ( 15 )
{ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قواريرا }
{ ويطاف عليهم } فيها { بآنية من فضة وأكواب } أقداح بلا عرى { كانت قواريراً } .
الآية رقم ( 16 )
{قواريرا من فضة قدروها تقديرا }
{ قوارير من فضة } أي أنها من فضة يرى باطنها من ظاهرها كالزجاج { قدروها } أي الطائفون { تقديراً } على قدر ريِّ الشاربين من غير زيادة ولا نقص وذلك ألذ الشراب.
الآية رقم ( 17 )
{ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا }
{ ويسقون فيها كأساً } خمراً { كان مزاجها } ما تمزج به { زنجبيلاً } .
الآية رقم ( 18 )
{عينا فيها تسمى سلسبيلا }
{ عيناً } بدل زنجبيلاً { فيها تسمى سلسبيلاً } يعني أن ماءها كالزنجبيل الذي تستلذ به العرب سهل المساغ في الحلق.
الآية رقم ( 19 )
{ويطوف عليهم ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا }
{ ويطوف عليهم ولدان مخلدون } بصفة الولدان لا يشيبون { إذا رأيتهم حسبتهم } لحسنهم وانتشارهم في الخدمة { لؤلؤاً منثوراً } من سلكه أو من صدفه وهو أحسن منه في غير ذلك.
الآية رقم ( 20 )
{وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا }
{ وإذا رأيت ثم } أي وجدت الرؤية منك في الجنة { رأيت } جواب إذا { نعيماً } لا يوصف { وملكاً كبيراً } واسعاً لا غاية له.
الآية رقم ( 21 )
{عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق وحلوا أساور من فضة وسقاهم ربهم شرابا طهورا }
{ عاليهم } فوقهم فنصبه على الظرفية وهو خبر لمبتدأ بعده وفي قراءة بسكون الياء مبتدأ وما بعده خبر والضمير المتصل به للمعطوف عليهم { ثياب سندس } حرير { خضر } بالرفع { وإستبرقٍ } بالجر ما غلظ من الديباج فهو البطائن والسندس الظهائر وفي قراءة عكس ما ذكر فيهما وفي أخرى، برفعهما وفي أخرى بجرهما { وحلوا أساور من فضة } وفي موضع من ذهب للايذان بأنهم يحلون من النوعين معاً ومفرقاً { وسقاهم ربهم شراباً طهوراً } مبالغة في طهارته ونظافته بخلاف خمر الدنيا.
الآية رقم ( 22 )
{إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا }
{ إن هذا } النعيم { كان لكم جزاءً وكان سعيكم مشكوراً } .
الآية رقم ( 23 )
{إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا }
{ إنا نحن } تأكيد لاسم إن أو فصل { نزلنا عليك القرآن تنزيلا } خبر إن أي فصلناه ولم ننزله جملة واحدة.
الآية رقم ( 24 )
{فاصبر لحكم ربك ولا تطع منهم آثما أو كفورا }
{ فاصبر لحكم ربك } عليك بتبليغ رسالته { ولا تطع منهم } أي الكفار { آثماً أو كفوراً } أي عتبة بن ربيعة والوليد بن المغيرة قالا للنبي صلى الله عليه وسلم ارجع عن هذا الأمر. ويجوز أن يراد كل آثم وكافر أي لا تطع أحدهما أَياً كان فيما دعاك إليه من إثم أو كفر.
الآية رقم ( 25 )
{واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا }
{ واذكر اسم ربك } في الصلاة { بكرة وأصيلاً } يعني الفجر والظهر والعصر.
الآية رقم ( 26 )
{ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلا طويلا }
{ ومن الليل فاسجد له } يعني المغرب والعشاء { وسبحه ليلاً طويلاً } صل التطوع فيه كما تقدم من ثلثيه أو نصفه أو ثلثه.
الآية رقم ( 27 )
{إن هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون وراءهم يوما ثقيلا }
{ إن هؤلاء يحبون العاجلة } الدنيا { ويذرون وراءهم يوماً ثقيلاً } شديداً أي يوم القيامة لا يعملون له.
الآية رقم ( 28 )
{نحن خلقناهم وشددنا أسرهم وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا }
{ نحن خلقناهم وشددنا } قوينا { أسرهم } أعضاءهم ومفاصلهم { وإذا شئنا بدلنا } جعلنا { أمثالهم } في الخلقة بدلاً منهم بأن نهلكهم { تبديلاً } تأكيد ووقعت إذا موقع إن نحو إن يشأ يذهبكم لأنه تعالى لم يشأ ذلك وإذاً لمّا يقع.
الآية رقم ( 29 )
{إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا }
{ إن هذه } السورة { تذكرة } عظة للخلق { فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلاً } طريقاً بالطاعة.
الآية رقم ( 30 )
{وما تشاؤون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما }
{ وما تشاؤون } بالتاء والياء اتخاذ السبيل بالطاعة { إلا أن يشاء الله } ذلك { إن الله كان عليماً } بخلقه { حكيماً } في فعله.
الآية رقم ( 31 )
{يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم عذابا أليما }
{ يُدخل من يشاء في رحمته } جنته وهم المؤمنون { والظالمين } ناصبه فعل مقدر، أي أعد يفسره { أَعد لهم عذاباً أليماً } مؤلماً وهم الكافرون.