سورة يوسف
الآية رقم ( 1 )
{الر تلك آيات الكتاب المبين }
{ الر } الله أعلم بمراده بذلك { تلك } هذه الآيات { آيات الكتاب } القرآن والإضافة بمعنى من { المبين } المظهر للحق من الباطل .
الآية رقم ( 2 )
{إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون }
{ إنا أنزلناه قرآنا عربياً } بلغة العرب { لعلكم } يا أهل مكة { تعقلون } تفقهون معانية .
الآية رقم ( 3 )
{نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين }
{ نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا } بإيحائنا { إليك هذا القرآن وإن } مخففة أي وإنه { كنت من قبله لمن الغافلين } .
الآية رقم ( 4 )
{إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين }
اذكر { إذ قال يوسف لأبيه } يعقوب { يا أبت } بالكسر دلالة على ياء الإضافة المحذوفة والفتح دلالة على ألف محذوفة قلبت عن الياء { إني رأيت } في المنام { أحد عشر كوكباً والشمس والقمر رأيتهم } تأكيد { لي ساجدين } جمع بالياء والنون للوصف بالسجود الذي هو من صفات العقلاء .
الآية رقم ( 5 )
{قال يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا إن الشيطان للإنسان عدو مبين }
{ قال يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيداً } يحتالون في هلاكك حسداً لعلمهم بتأويلها من أنهم الكواكب والشمس أمك والقمر أبوك { إن الشيطان للإنسان عدو مبين } ظاهر العداوة .
الآية رقم ( 6 )
{وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق إن ربك عليم حكيم }
{ وكذلك } كما رأيت { يجتبيك } يختارك { ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث } تعبير الرؤيا { ويتم نعمته عليك } بالنبوة { وعلى آل يعقوب } أولاده { كما أتمها } بالنبوة { على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق إن ربك عليم } بخلقه { حكيم } في صنعه بهم .
الآية رقم ( 7 )
{لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين }
{ لقد كان في } خبر { يوسف وإخوته } وهم أحد عشر { آيات } عبر { للسائلين } عن خبرهم.
الآية رقم ( 8 )
{إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة إن أبانا لفي ضلال مبين }
اذكر { إذ قالوا } أي بعض إخوة يوسف لبعضهم { ليوسف } مبتدأ { وأخوه } شقيقه بنيامين { أحب } خبر { إلى أبينا منا ونحن عصبة } جماعة { إن أبانا لفي ضلال } خطأ { مبين } بين بإيثارهما علينا .
الآية رقم ( 9 )
{اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا يخل لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعده قوما صالحين }
{ اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضاً } أي بأرض بعيدة { يخل لكم وجه أبيكم } بأن يقبل عليكم ولا يلتفت لغيركم { وتكونوا من بعده } أي بعد قتل يوسف أو طرحه { قوماً صالحين } بأن تتوبوا.
الآية رقم ( 10 )
{قال قائل منهم لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيابة الجب يلتقطه بعض السيارة إن كنتم فاعلين }
{ قال قائل منهم } هو يهوذا { لا تقتلوا يوسف وألقوه } اطرحوه { في غيابت الجب } مظلم البئر في قراءة بالجمع { يلتقطه بعض السيارة } المسافرين { إن كنتم فاعلين } ما أردتم من التفريق فاكتفوا بذلك .
الآية رقم ( 11 )
{قالوا يا أبانا ما لك لا تأمنا على يوسف وإنا له لناصحون }
{ قالوا يا أبانا مالك لا تأمنا على يوسف وإنا له لناصحون } لقائمون بمصالحه .
الآية رقم ( 12 )
{ارسله معنا غدا يرتع ويلعب وإنا له لحافظون }
{ أرسله معنا غداً } إلى الصحراء { نرتع ونلعب } بالنون والياء فيهما ننشط ونتسع { وإنَّا له لحافظون } .
الآية رقم ( 13 )
{قال إني ليحزنني أن تذهبوا به وأخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون }
{ قال إني ليحزنني أن تذهبوا } أي ذهابكم { به } لفراقه { وأخاف أن يأكله الذئب } الرماد به الجنس وكانت أرضهم كثيرة الذئاب { وأنتم عنه غافلون } مشغلون .
الآية رقم ( 14 )
{قالوا لئن أكله الذئب ونحن عصبة إنا إذا لخاسرون }
{ قالوا لئن } لام قسم { أكله الذئب ونحن عصبة } جماعة { إنا إذاً لخاسرون } عاجزون فأرسله معهم .
الآية رقم ( 15 )
{فلما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه في غيابة الجب وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون }
{ فلما ذهبوا به وأجمعوا } عزموا { أن يجعلوه في غيابت الجب } وجواب لما محذوف أي فعلوا ذلك بأن نزعوا قميصه بعد ضربه وإهانته وإرادة قتله وأدلوه فلما وصل إلى نصف البئر ألقوه ليموت فسقط في الماء ثم أوى إلى صخرة فنادوه فأجابهم يظن رحمتهم فأرادوا رضخه بصخرة فمنعهم يهوذا { وأوحينا إليه } في الجب وحي حقيقة وله سبع عشرة سنة أو دونها تطميناً لقلبه { لتنبئهم } بعد اليوم { بأمرهم } بصنيعهم { هذا وهم لا يشعرون } بك حال الإنباء .
الآية رقم ( 16 )
{وجاءوا أباهم عشاء يبكون }
{ وجاءُوا أباهم عِشاءً } وقت المساء { يبكون } .
الآية رقم ( 17 )
{قالوا يا أبانا إنا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين }
{ قالوا يا أبانا إنا ذهبا نسبقُ } نرمي { وتركنا يوسف عند متاعنا } ثيابنا { فأكله الذئب وما أنت بمؤمن } بمصدق { لنا ولو كنا صادقين } عندك لا تهمتنا في هذه القصة لمحبة يوسف فكيف وأنت تسيء الظن بنا .
الآية رقم ( 18 )
{وجاءوا على قميصه بدم كذب قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون }
{ وجاءُوا على قميصه } محله نصب على الظرفية أي فوقه { بدم كذب } أي ذي كذب بأن ذبحوا سخلة ولطخوه بدمها وذهلوا عن شقه وقالوا إنه دمه { قال } يعقوب لما رآه صحيحاً وعلم كذبهم { بل سوَّلت } زينت { لكم أنفسكم أمراً } ففعلتموه به { فصبر جميل } لا جزع فيه، وهو خبر مبتدأ محذوف أي أمري { والله المستعان } المطلوب منه العون { على ما تصفون } تذكرون من أمر يوسف .
الآية رقم ( 19 )
{وجاءت سيارة فأرسلوا واردهم فأدلى دلوه قال يا بشرى هذا غلام وأسروه بضاعة والله عليم بما يعملون }
{ وجاءت سيارة } مسافرون من مدين إلى مصر فنزلوا قريباً من جب يوسف { فأرسلوا واردهم } الذي يرد الماء ليستقي منه { فأدلى } أرسل { دلوه } في البئر فتعلق بها يوسف فأخرجه فلما رآه { قال يا بشراي } وفي قرأة البشرى وندائها مجاز أي احضر فهذا وقتك { هذا غلام } فعلم به إخوته فأتوه { وأسَرُّوه } أي أخفوا أمره جاعليه { بضاعة } بأن قالوا هذا عبدنا أبق، وسكت يوسف خوفاً من أن يقتلوه { والله عليم بما يعملون } .
الآية رقم ( 20 )
{وشروه بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين }
{ وشروه } باعوه منهم { بثمن بخس } ناقص { دراهم معدودة } عشرين أو اثنين وعشرين { وكانوا } أي إخوته { فيه من الزاهدين } فجاءت به السيارة إلى مصر فباعه الذي اشتراه بعشرين ديناراً وزوجي نعل وثوبين .
الآية رقم ( 21 )
{وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وكذلك مكنا ليوسف في الأرض ولنعلمه من تأويل الأحاديث والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون
{ وقال الذي اشتراه من مصر } وهو قطفير العزيز { لامرأته } زليخا { أكرمي مثواه } مقامه عندنا { عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولداً } وكان حصوراً { وكذلك } كما نجيناه من القتل والجب وعطفنا عليه قلب العزيز { مكنَّا ليوسف في الأرض } أرض مصر حتى بلغ ما بلغ { ولنعلِّمه من تأويل الأحاديث } تعبير الرؤيا عطف على مقدر متعلق بمكنا أي لنملكه أو الواو زائدة { والله غالب على أمره } تعالى لا يعجزه شيء { ولكن أكثر الناس } وهم الكفار { لا يعلمون } ذلك .
الآية رقم ( 22 )
{ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين }
{ ولما بلغ أشده } وهو ثلاثون سنة أو وثلاث { آتيناه حكماً } حكمة { وعلماً } فقهاً في الدين قبل أن يبعث نبياً { وكذلك } كما جزيناه { نجزي المحسنين } لأنفسهم .
الآية رقم ( 23 )
{وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقالت هيت لك قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون }
{ وراودته التي هو في بيتها } هي زليخا { عن نفسه } أي طلبت منه أن يواقعها { وغلِّقت الأبواب } للبيت { وقالت } له { هيْت لك } أي هلم واللام للتبيين وفي قراءة بكسر الهاء وأخرى بضم التاء { قال معاذ الله } أعوذ بالله من ذلك { إنه } الذي اشتراني { ربي } سيدي { أحسن مثواي } مقامي فلا أخونه في أهله { إنه } أي الشأن { لا يفلح الظالمون } الزناة .
الآية رقم ( 24 )
{ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين }
{ ولقد همَّت به } قصدت منه الجماع { وهمَّ بها } قصد ذلك { لولا أن رأى برهان ربه } قال ابن عباس مّثُل له يعقوب فضرب صدره فخرجت شهوته من أنامله وجواب لولا لجامعها { كذلك } أريناه البرهان { لنصرف عنه السوء } الخيانة { والفحشاء } الزنا { إنه من عبادنا المخلصين } في الطاعة وفي قراءة بفتح اللام أي المختارين .
الآية رقم ( 25 )
{واستبقا الباب وقدت قميصه من دبر وألفيا سيدها لدى الباب قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوء إلا أن يسجن أو عذاب أليم }
{ واستبقا الباب } بادر إليه يوسف للفرار وهي للتشبث به فأمسكت ثوبه وجذبته إليها { وقدَّت } شقت { قميصه من دبر وألفيا } وجدا { سيدها } زوجها { لدى الباب } فنزعت نفسها ثم { قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوءاً } زناً { إلا أن يسجن } يحبس في سجن { أو عذاب أليم } مؤلم بأن يضرب .
الآية رقم ( 26 )
{قال هي راودتني عن نفسي وشهد شاهد من أهلها إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين }
{ قال } يوسف متبرئاً { هي راودتني عن نفسي وشهد شاهد من أهلها } ابن عمها، روي أنه كان في المهد فقال { إن كان قميصه قُدَّ من قُبل } قدام { فصدقت وهو من الكاذبين }
الآية رقم ( 27 )
{وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين }
{ وإن كان قميصه قُدَّ من دبُر } خلف { فكذبت وهو من الصادقين } .
الآية رقم ( 28 )
{فلما رأى قميصه قد من دبر قال إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم }
{ فلما رأى } زوجها { قميصه قُدّ من دبر قال إنه } أي قولك (ما جزاء من أراد) الخ { من كيدكن } أيها النساء { إن كيدكن عظيم } .
الآية رقم ( 29 )
{يوسف أعرض عن هذا واستغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين }
ثم قال يا { يوسف أعرض عن هذا } الأمر ولا تذكره لئلا يشيع { واستغفري } يا زليخا { لذنبك إنك كنت من الخاطئين } الآثمين، واشتهر الخبر وشاع .
الآية رقم ( 30 )
{وقال نسوة في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حبا إنا لنراها في ضلال مبين }
{ وقال نسوة في المدينة } مدينة مصر { امرأة العزيز تراود فتاها } عبدها { عن نفسه قد شغفها حباً } تمييز، أي دخل حبه شغاف قلبها، أي غلافه { إنا لنراها في ضلال } أي في خطأ { مبين } بيِّن بحبها إياه .
الآية رقم ( 31 )
{فلما سمعت بمكرهن أرسلت إليهن وأعتدت لهن متكأ وآتت كل واحدة منهن سكينا وقالت اخرج عليهن فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن وقلن حاش لله ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم }
{ فلما سمعت بمكرهن } غيبتهن لها { أرسلت إليهن وأعتدت } أعدت { لهن متكأ } طعاماً يقطع بالسكين للاتكاء عنده وهو الأترج { وآتت } أعطت { كل واحدة منهن سكيناً وقالت } ليوسف { اخرج عليهن فلما رأينه أكبرنه } أعظمنه { وقطَّعن أيديهن } بالسكاكين ولم يشعرن بالألم لشغل قلبهن بيوسف { وقلن حاش لله } تنزيهاً له { ما هذا } أي يوسف { بشراً إن } ما { هذا إلا ملك كريم } لما حواه من الحسن الذي لا يكون عادة في النسمة البشرية، وفي الحديث (أنه أعطي شطر الحسن) .
الآية رقم ( 32 )
{قالت فذلكن الذي لمتنني فيه ولقد راودته عن نفسه فاستعصم ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن وليكونا من الصاغرين }
{ قالت } امرأة العزيز لما رأت ما حل بهن { فذلكن } فهذا هو { الذي لمتنني فيه } في حبه بيان لعذرها { ولقد راودته عن نفسه فاستعصم } امتنع { ولئن لم يفعل ما آمره } به { ليسجنن وليكوناً من الصاغرين } الذليلين فقلن له أطع مولاتك .
الآية رقم ( 33 )
{قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين }
{ قال رب السجن أحبُ إليّ مما يدعونني إليه وإلا تصرف عني كيدهن أصْبُ } أمل { إليهن وأكن } أصر { من الجاهلين } المذنبين والقصد بذلك الدعاء فلذا قال تعالى .
الآية رقم ( 34 )
{فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن إنه هو السميع العليم }
{ فاستجاب له ربه } دعاءه { فصرف عنه كيدهن إنه هو السميع } للقول { العليم } بالفعل .
الآية رقم ( 35 )
{ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين }
{ ثم بدا } ظهر { لهم من بعد ما رأوا الآيات } الدالات على براءة يوسف أن يسجنوه دل على هذا { ليسجننه حتى } إلى { حين } ينقطع فيه كلام الناس فسجن .
الآية رقم ( 36 )
{ودخل معه السجن فتيان قال أحدهما إني أراني أعصر خمرا وقال الآخر إني أراني أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين }
{ ودخل معه السجن فتيان } غلامان للملك أحدهما ساقيه والآخر صاحب طعامه فرأياه يعبر الرؤيا فقالا لنختبرنه { قال أحدهما } وهو الساقي { إني أراني أعصر خمراً } أي عنباً { وقال الآخر } وهو صاحب الطعام { إني أراني أحمل فوق رأسي خبزاً تأكل الطير منه نبئنا } خبرنا { بتأويله } بتعبيره { إنا نراك من المحسنين } .
الآية رقم ( 37 )
{قال لا يأتيكما طعام ترزقانه إلا نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما ذلكما مما علمني ربي إني تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله وهم بالآخرة هم كافرون }
{ قال } لهما مخبراً أنه عالم بتعبير الرؤيا { لا يأتيكما طعام ترزقانه } في منامكما { إلا نبأتكما بتأويله } في اليقظة { قبل أن يأتيكما } تأويله { ذلكما مما علمني ربي } فيه حيث على إيمانهما ثم قوّاه بقوله { إني تركت ملة } دين { قوم لا يؤمنون بالله وهم بالآخرة هم } تأكيد { كافرون }
الآية رقم ( 38 )
{واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون }
{ واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب ما كان } ينبغي { لنا أن نشرك بالله من } زائدة { شيء } لعصمتنا { ذلك } التوحيد { من فضل الله علينا وعلى الناس ولكن أكثر الناس } وهم الكفار { لا يشكرون } الله فيشركون ثم صرح بدعائهما إلى الإيمان فقال .
الآية رقم ( 39 )
{يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار }
{ يا صاحبي } ساكني { السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار } خير ؟ استفهام تقرير .
الآية رقم ( 40 )
{ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون }
{ ما تعبدون من دونه } أي غيره { إلا أسماء سميتموها } سميتم بها أصناماً { أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها } بعادتها { من سلطان } حجة وبرهان { إن } ما { الحكم } القضاء { إلا لله } وحده { أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك } التوحيد { الدين القيم } المستقيم { ولكنَّ أكثر الناس } وهم الكفار { لا يعلمون } ما يصيرون إليه من العذاب فيشركون .
الآية رقم ( 41 )
{يا صاحبي السجن أما أحدكما فيسقي ربه خمرا وأما الآخر فيصلب فتأكل الطير من رأسه قضي الأمر الذي فيه تستفتيان }
{ يا صاحبي السجن أما أحدكما } أي الساقي فيخرج بعد ثلاث { فيسقي ربه } سيده { خمراً } على عادته { وأما الآخر } فيخرج بعد ثلاث { فيصلب فتأكل الطير من رأسه } هذا تأويل رؤياكما فقالا ما رأينا شيئاً فقال { قضي } تمَّ { الأمر الذي فيه تستفتيان } سألتما عنه صدقتما أم كذبتما .
الآية رقم ( 42 )
{وقال للذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك فأنساه الشيطان ذكر ربه فلبث في السجن بضع سنين }
{ وقال للذي ظن } أيقن { أنه ناج منهما } وهو الساقي { اذكرني عند ربك } سيدك فقل له أن في السجن غلاماً محبوساً ظلماً فخرج { فأنساه } أي الساقي { الشيطان ذكْرَ } يوسف عند { ربه فلبث } مكث يوسف { في السجن بضع سنين } قيل سبعاً وقبل اثنتي عشرة.
الآية رقم ( 43 )
{وقال الملك إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيا تعبرون }
{ وقال الملك } ملك مصر الريان بن الوليد { إني أري } أي رأيت { سبع بقرات سمان يأكلهن } يبتلعهن { سبع } من البقر { عجاف } جمع عجفاء { وسبع سنبلات خضر وأخر } أي سبع سنبلات { يابسات } قد التوت على الخضر وعلت عليها { يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي } بينوا لي تعبيرها { إن كنتم للرؤيا تعبرون } فاعبروها .
الآية رقم ( 44 )
{قالوا أضغاث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين }
{ قالوا } هذه { أضغاث أحلام } أخلاط { وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين } .
الآية رقم ( 45 )
{وقال الذي نجا منهما وادكر بعد أمة أنا أنبئكم بتأويله فأرسلون }
{ وقال الذي نجا منهما } أي من الفَتَيِيْنِ وهو الساقي { وادَّكر } فيه إبدال التاء في الأصل دالا وإدغامها في الدال أي تذكر { بعد أُمَّةٍ } حينِ حال يوسف { أنا أنبئكم بتأويله فأرسلون } فأرسلوه فأتى يوسف فقال .
الآية رقم ( 46 )
{يوسف أيها الصديق أفتنا في سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات لعلي أرجع إلى الناس لعلهم يعلمون }
يا { يوسف أيها الصدّيق } الكثير الصدق { أفتنا في سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات لعلي أرجع إلى الناس } أي الملك وأصحابه { لعلهم يعلمون } تعبيرها .
الآية رقم ( 47 )
{قال تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلا مما تأكلون }
{ قال تزرعون } أي ازرعوا { سبع سنين دأباً } متتابعة وهي تأويل السبع السمان { فما حصدتم فذروه } أي اتركوه { في سنبله } لئلا يفسد { إلا قليلاً مما تأكلون } فادرسوه .
الآية رقم ( 48 )
{ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون }
{ ثم يأتي من بعد ذلك } أي السبع المخصبات { سبع شداد } مجدبات صعاب وهي تأويل السبع العجاف { يأكلن ما قدمتم لهن } من الحب المزروع في السنين المخصبات أي تأكلونه { إلا قليلاً مما تحصنون } تدخرون .
الآية رقم ( 49 )
{ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون }
{ ثم يأتي من بعد ذلك } أي السبع المجدبات { عام فيه يغاث الناس } بالمطر { وفيه يعصرون } الأعناب وغيرها لخصبه .
الآية رقم ( 50 )
{وقال الملك ائتوني به فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن إن ربي بكيدهن عليم }
{ وقال الملك } لما جاءه الرسول وأخبره بتأويلها { ائتوني به } أي بالذي عبرها { فلما جاءه } أي يوسف { الرسول } وطلبه للخروج { قال } قاصداً إظهار براءته { ارجع إلى ربك فاسأله } أن يسأل { ما بال } حال { النسوة اللاتي قطعن أيديهن إن ربي } سيدي { بكيدهن عليم } فرجع فأخبر الملك فجمعهن .
الآية رقم ( 51 )
{قال ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه قلن حاش لله ما علمنا عليه من سوء قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين }
{ قال ما خطبكن } شأنكن { إذ راودتن يوسف عن نفسه } هل وجدتن منه ميلاً إليكن { قلن حاش لله ما علمنا عليه من سوء قالت امرأة العزيز الآن حصحص } وضح { الحق أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين } في قوله (هي راودتني عن نفسي) فأخبر يوسف بذلك فقال .
الآية رقم ( 52 )
{ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب وأن الله لا يهدي كيد الخائنين }
{ ذلك } أي طلب البراءة { ليعلم } العزيز { أني لم أخنه } في أهله { بالغيب } حال { وأن الله لا يهدى كيد الخائنين } ثم تواضع لله فقال.
الآية رقم ( 53 )
{وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم }
{ وما أبري نفسي } من الزلل { إن النفس } الجنس { لأمَّارة } كثيرة الأمر { بالسوء إلا ما } بمعنى من { رحم ربي } فعصمه { إن ربي غفور رحيم } .
الآية رقم ( 54 )
{وقال الملك ائتوني به أستخلصه لنفسي فلما كلمه قال إنك اليوم لدينا مكين أمين }
{ وقال الملك ائتوني به أستخلصه لنفسي } أجعله خالصاً لي دون شريك فجاءه الرسول وقال: أجب الملك فقام وودع أهل السجن ودعا لهم ثم اغتسل وليس ثياباً حساناً ودخل عليه { فلما كلمه قال } له { إنك اليوم لدينا مكين أمين } ذو مكانة وأمانة على أمرنا فماذا ترى أن نفعل ؟ قال: اجمع الطعام وازرع زرعاً كثيراً في هذه السنين المخصبة وادخر الطعام في سنبله فتأتي إليك الخلق ليمتاروا منك فقال: ومن لي بهذا ؟ .
الآية رقم ( 55 )
{قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم }
{ قال } يوسف { اجعلني على خزائن الأرض } أرض مصر { إني حفيظ عليم } ذو حفظ وعلم بأمرها، وقيل كاتب حاسب .
الآية رقم ( 56 )
{وكذلك مكنا ليوسف في الأرض يتبوء منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين }
{ وكذلك } كإنعامنا عليه بالخلاص من السجن { مكنَّا ليوسف في الأرض } أرض مصر { يتبوّأُ } ينزل { منها حيث يشاء } بعد الضيق والحبس وفي القصة أن الملك توَّجه وختَّمه وولاه مكان العزيز وعزله ومات بعد، فزوجه امرأته فوجدها عذراء وولدت له ولدين، وأقام العدل بمصر ودانت له الرقاب { نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين } .
الآية رقم ( 57 )
{ولأجر الآخرة خير للذين آمنوا وكانوا يتقون }
{ ولأجر الآخرة خير } من أجر الدنيا { للذين آمنوا وكانوا يتقون } ودخلت سنو القحط وأصاب أرض كنعان والشام .
الآية رقم ( 58 )
{وجاء إخوة يوسف فدخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون }
{ وجاء إخوة يوسف } إلا بنامين ليمتاروا لما بلغهم إن عزيز مصر يعطي الطعام بثمنه { فدخلوا عليه فعرفهم } أنهم إخوته { وهم له منكرون } لا يعرفونه لبعد عهدهم به وظنهم هلاكه فكلموه بالعبرانية فقال كالمنكر عليهم: ما أقدمكم بلادي ؟ فقالوا للميرة فقال لعلكم عيون قالوا معاذ الله قال فمن أين أنتم ؟ قالوا من بلاد كنعان وأبونا يعقوب نبي الله، قال وله أولاد غيركم ؟ قالوا نعم كنا اثني عشر فذهب أصغرنا هلك في البرية وكان أحبَّنا إليه وبقي شقيقه فاحتبسه ليتسلى به عنه فأمر بإنزالهم وإكرامهم .
الآية رقم ( 59 )
{ولما جهزهم بجهازهم قال ائتوني بأخ لكم من أبيكم ألا ترون أني أوفي الكيل وأنا خير المنزلين
{ ولما جهزهم بجهازهم } وفى لهم كيلهم { قال ائتوني بأخ لكم من أبيكم } أي بنيامين لأعلم صدقكم فيما قلتم { ألا ترون أني أوفي الكيل } أتمه من غير بخس { وأنا خير المنزلين } .
الآية رقم ( 60 )
{فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي ولا تقربون }
{ فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي } أي ميرة { ولا تقربون } نهي أو عطف على محل فلا كيل أي تحرموا ولا تقربوا .
الآية رقم ( 61 )
{قالوا سنراود عنه أباه وإنا لفاعلون }
{ قالوا سنراود عنه أباه } سنجتهد في طلبه منه { وإنا لفاعلون } ذلك .
الآية رقم ( 62 )
{وقال لفتيانه اجعلوا بضاعتهم في رحالهم لعلهم يعرفونها إذا انقلبوا إلى أهلهم لعلهم يرجعون }
{ وقال لفتيته } وفي قراءة لفتيانه غلمانه { اجعلوا بضاعتهم } التي أتوا بها ثمن الميرة وكانت دراهم { في رحالهم } أوعيتهم { لعلهم يعرفونها إذا انقلبوا إلى أهلهم } وفرغوا أوعيتهم { لعلم يرجعون } إلينا لأنهم لا يستحلون إمساكها .
الآية رقم ( 63 )
{فلما رجعوا إلى أبيهم قالوا يا أبانا منع منا الكيل فأرسل معنا أخانا نكتل وإنا له لحافظون }
{ فلما رجعوا إلى أبيهم قالوا: يا أبانا منع منا الكيل } إن لم ترسل أخانا إليه { فأرسل معنا أخانا نكتل } بالنون والياء { وإنا له لحافظون } .
الآية رقم ( 64 )
{قال هل آمنكم عليه إلا كما أمنتكم على أخيه من قبل فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين }
{ قال هل } ما { آمنكم عليه إلا كما أمنتكم على أخيه } يوسف { من قبل } وقد فعلتم به ما فعلتم { فالله خير حفظاً } وفي قراءة حافظاً تمييز كقولهم لله دره فارساً { وهو أرحم الراحمين } فأرجو أن يمن بحفظه .
الآية رقم ( 65 )
{ولما فتحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم ردت إليهم قالوا يا أبانا ما نبغي هذه بضاعتنا ردت إلينا ونمير أهلنا ونحفظ أخانا ونزداد كيل بعير ذلك كيل يسير }
{ ولما فتحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم درت إليهم قالوا يا أبانا ما نبغي } ما استفهامية أي أيَّ نطلب من إكرام الملك أعظم من هذا وقرئ بالفوقانية خطاباً ليعقوب وكانوا ذكروا له إكرامه لهم { هذه بضاعتنا ردت إلينا ونمير أهلنا } تأتي بالميرة لهم وهي الطعام { ونحفظ أخانا ونزداد كيل بعير } لأخينا { ذلك كيل يسير } سهل على الملك لسخائه .
الآية رقم ( 66 )
{قال لن أرسله معكم حتى تؤتون موثقا من الله لتأتنني به إلا أن يحاط بكم فلما آتوه موثقهم قال الله على ما نقول وكيل }
{ قال لن أرسلنه معكم حتى تؤتون موثقاً } عهداً { من الله } بأن تحلفوا { لتأتنني به إلا أن يحاط بكم } بأن تموتوا أو تغلبوا فلا تطيقوا الإتيان به فأجابوه إلى ذلك { فلما آتوه موثقهم } بذلك { قال الله على ما نقول } نحن وأنتم { وكيل } شهيد وأرسله معهم .
الآية رقم ( 67 )
{وقال يا بني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة وما أغني عنكم من الله من شيء إن الحكم إلا لله عليه توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون }
{ وقال يا بنى لا تدخلوا } مصر { من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة } لئلا تصيبكم العين { وما أغني } أدفع { عنكم } بقولي ذلك { من الله من } زائدة { شيء } قدَّره عليكم وإنما ذلك شفقة { إن } ما { الحكم إلا لله } وحده { عليه توكلت } به وثقت { وعليه فليتوكل المتوكلون }
الآية رقم ( 68 )
{ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم ما كان يغني عنهم من الله من شيء إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها وإنه لذو علم لما علمناه ولكن أكثر الناس لا يعلمون }
{ قال تعالى: { ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم } أي متفرقين { ما كان يغني عنهم من الله } أي قضائه { من } زائدة { شيء إلا } لكن { حاجة في نفس يعقوب قضاها } وهي إرادة دفع العين شفقة { وإنه لذو علم لما علمناه } لتعليمنا إياه { ولكن أكثر الناس } وهم الكفار { لا يعلمون } إلهام الله لأصفيائه .
الآية رقم ( 69 )
{ولما دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه قال إني أنا أخوك فلا تبتئس بما كانوا يعملون }
{ ولما دخلوا على يوسف آوى } ضم { إليه أخاه قال إني أنا أخوك فلا تبتئس } تحزن { بما كانوا يعملون } من الحسد لنا وأمره أن لا يخبرهم وتواطأ على أنه سيحتال على أن يبقيه عنده .
الآية رقم ( 70 )
{فلما جهزهم بجهازهم جعل السقاية في رحل أخيه ثم أذن مؤذن أيتها العير إنكم لسارقون }
{ فلما جهزهم بجهازهم جعل السقاية } هي صاع من الذهب مرصع بالجوهر { في رحل أخيه } بنيامين { ثم أذن مؤذن } نادى مناد بعد انفصالهم عن مجلس يوسف { أيتها العبر } القافلة { إنكم لسارقون } .
الآية رقم ( 71 )
{قالوا وأقبلوا عليهم ماذا تفقدون }
{ قالوا و } قد { أقبلوا عليهم ماذا } ما الذي { تفقدونـ } ـه .
الآية رقم ( 72 )
{قالوا نفقد صواع الملك ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم }
{ قالوا نفقد صواع } صاع { الملك ولمن جاء به حمل بعير } من الطعام { وأنا به } بالحمل { زعيم } كفيل .
الآية رقم ( 73 )
{قالوا تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض وما كنا سارقين }
{ قالوا تالله } قسم فيه معنى التعجب { لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض وما كنا سارقين } ما سرقنا قط .
الآية رقم ( 74 )
{قالوا فما جزاؤه إن كنتم كاذبين }
{ قالوا } أي المؤذن وأصحابه { فما جزاؤه } أي السارق { إن كنتم كاذبين } في قولكم ما كنا سارقين ووجد فيكم .
الآية رقم ( 75 )
{قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه كذلك نجزي الظالمين }
{ قالوا جزاؤه } مبتدأ خبره { من وجد في رحله } يسترق ثم أكد بقوله { فهو } أي السارق { جزاؤه } أي المسروق لا غير وكانت سنة آل يعقوب { كذلك } الجزاء { نجزي الظالمين } بالسرقة فصرحوا ليوسف بتفتيش أوعيتهم .
الآية رقم ( 76 )
{فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ثم استخرجها من وعاء أخيه كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك إلا أن يشاء الله نرفع درجات من نشاء وفوق كل ذي علم عليم }
{ فبدأ بأوعيتهم } ففتشها { قبل وعاء أخيه } لئلا يتهم { ثم استخرجها } أي السقاية { من وعاء أخيه } قال تعالى: { كذلك } الكيد { كدنا ليوسف } علمناه الاحتيال في أخذ أخيه { ما كان } يوسف { ليأخذ أخاه } رقيقاً عن السرقة { في دين الملك } حكم ملك مصر لأن جزاء عنده الضرب وتغريم مثلي المسروق لا الاسترقاق { إلا أن يشاء الله } أخذه بحكم أبيه أي لم يتمكن من أخذه إلا بمشيئة الله بإلهامه سؤال إخوته وجوابهم بسنتهم { نرفع درجاتِ من نشاء } بالإضافة والتنوين في العلم كيوسف { وفوق كل ذي علم } من المخلوقين { عليم } أعلم منه حتى ينتهي إلى الله تعالى.
الآية رقم ( 77 )
{قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم قال أنتم شر مكانا والله أعلم بما تصفون }
{ قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل } أي يوسف وكان سرق لأبي أمه صنماً من ذهب فكسره لئلا يعبده { فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها } يظهرها { لهم } والضمير للكلمة التي في قوله { قال } في نفسه { أنتم شر مكاناً } من يوسف وأخيه لسرقتكم أخاكم من أبيكم وظلمكم له { والله أعلم } عالم { بما تصفون } تذكرون من أمره .
الآية رقم ( 78 )
{قالوا يا أيها العزيز إن له أبا شيخا كبيرا فخذ أحدنا مكانه إنا نراك من المحسنين }
{ قالوا يا أيها العزيز إن له أباً شيخاً كبيراً } يحبه أكثر منا ويتسلى به عن ولده الهالك ويحزنه ففراقه { فخذ أحدنا } استبعده { مكانه } بدلاً منه { إنا نراك من المحسنين } في أفعالك .
الآية رقم ( 79 )
{قال معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده إنا إذا لظالمون }
{ قال معاذ الله } نصب على المصدر حذف فعله وأضيف إلى المفعول أي نعوذ بالله من { أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده } لم يقل من سرق تحرّزاً من الكذب { إنا إذاً } إن أخذنا غيره { لظالمون } .
الآية رقم ( 80 )
{فلما استيأسوا منه خلصوا نجيا قال كبيرهم ألم تعلموا أن أباكم قد أخذ عليكم موثقا من الله ومن قبل ما فرطتم في يوسف فلن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي أو يحكم الله لي وهو خير الحاكمين
{ فلما استيأسوا } يئسوا { منه خلصوا } اعتزلوا { نجيا } مصدر يصلح للواحد وغيره أي يناجي بعضهم بعضاً { قال كبيرهم } سناً روبيل أو رأيا: يهوذا { ألم تعلموا أن أباكم قد أخذ عليكم موثقاً } عهداً { من الله } في أخيكم { ومن قبل ما } زائد { فرطتم في يوسف } وقيل ما مصدرية مبتدأ خبره من قبل { فلن أبرح } أفارق { الأرض } أرض مصر { حتى يأذن لي أبي } بالعود إليه { أو يحكم الله لي } بخلاص أخي { وهو خير الحاكمين } أعدلهم .
الآية رقم ( 81 )
{ارجعوا إلى أبيكم فقولوا يا أبانا إن ابنك سرق وما شهدنا إلا بما علمنا وما كنا للغيب حافظين }
{ إرجعوا إلى أبيكم فقولوا يا أبانا إن ابنك سرق وما شهدنا } عليه { إلا بما علمنا } تيقنَّا من مشاهدة الصاع في رحله { وما كنا للغيب } لما غاب عنا حين إعطاء الموثق { حافظين } ولو علمنا أنه يسرق لم نأخذه .
الآية رقم ( 82 )
{واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها وإنا لصادقون }
{ واسأل القرية التي كنا فيها } هي مصر أي أرسل إلى أهلها فاسألهم { والعير } أصحاب العير { التي أقبلنا فيها } وهم قوم من كنعان { وإنا لصادقون } في قولنا فرجعوا إليه وقالوا له ذلك .
الآية رقم ( 83 )
{قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل عسى الله أن يأتيني بهم جميعا إنه هو العليم الحكيم
{ قال بل سولت } زينت { لكم أنفسكم أمراً } ففعلتموه إتهمهم لما سبق منهم من أمر يوسف { فصبر جميل } صبري { عسى الله أن يأتيني بهم } بيوسف وأخويه { جميعاً إنه هو العليم } بحالي { الحكيم } في صنعه .
الآية رقم ( 84 )
{وتولى عنهم وقال يا أسفى على يوسف وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم }
{ وتولى عنهم } تاركاً خطابهم { وقال يا أسفى } الألف بدل من ياء الإضافة أي يا حزني { على يوسف وابيضت عيناه } انمحق سوادهما وبدل بياضاً من بكائه { من الحزن } عليه { فهو كظيم } مغموم مكروب لا يظهر كربه .
الآية رقم ( 85 )
{قالوا تالله تفتأ تذكر يوسف حتى تكون حرضا أو تكون من الهالكين }
{ قالوا تالله } لا { تفتأ } تزال { تذكر يوسف حتى تكون حرضاً } مشرفاً على الهلاك لطول مرضك وهو مصدر يستوي فيه الواحد وغيره { أو تكون من الهالكين } الموتى .
الآية رقم ( 86 )
{قال إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون }
{ قال } لهم { إنما أشكو بثي } هو عظيم الحزن الذي لا يصبر عليه حتى يبث إلى الناس { وحزني إلى الله } لا إلى غيره فهو الذي تنفع الشكوى إليه { وأعلم من الله ما لا تعلمون } من أن رؤيا يوسف صدق وهو حي ثم قال .
الآية رقم ( 87 )
{يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون }
{ يا بني اذهبوا فتحسوا من يوسف وأخيه } اطلبوا خبرهما { ولا تيأسوا } تقنطوا { من روح الله } رحمته { إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون } فانطلقوا نحو مصر ليوسف .
الآية رقم ( 88 )
{فلما دخلوا عليه قالوا يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدق علينا إن الله يجزي المتصدقين }
{ فلما دخلوا عليه قالوا يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر } الجوع { وجئنا ببضاعة مزجاة } مدفوعة يدفعها كل من رآها لرداءتها وكانت دراهم زيوفاً أو غيرها { فأوف } أتم { لنا الكيل وتصدق علينا } بالمسامحه عن رداءة بضاعتنا { إن الله يجزي المتصدقين } يثيبهم فَرَقَّ لهم وأدركته الرحمة ورفع الحجاب بينه وبينهم .
الآية رقم ( 89 )
{قال هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون }
ثم { قال } لهم توبيخاً { هل علمتم ما فعلتم بيوسف } من الضرب والبيع وغير ذلك { وأخيه } من هضمكم له بعد فراق أخيه { إذ أنتم جاهلون } ما يؤول إليه أمر يوسف .
الآية رقم ( 90 )
{قالوا أئنك لأنت يوسف قال أنا يوسف وهذا أخي قد من الله علينا إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين }
{ قالوا } بعد أن عرفوه لما ظهر من شمائله متثبتين { أئنك } بتحقيق الهمزتين وتسهيل الثانية وإدخال ألف بينهما على الوجهين { لأنت يوسف قال أنا يوسف وهذا أخي قد منَّ } أنعم { الله علينا } بالاجتماع { إنه من يتق } يحف الله { ويصبر } على ما يناله { فإن الله لا يضيع أجر المحسنين } فيه وضع الظاهر موضع المضمر .
الآية رقم ( 91 )
{قالوا تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين }
{ قالوا تالله لقد آثرك } فضلك { الله علينا } بالملك وغيره { وإن } مخففة أي إنَّا { كنا لخاطئين } آثمين في أمرك فأذللناك .
الآية رقم ( 92 )
{قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين }
{ قال لا تثريب } عتب { عليكم اليوم } خصه بالذكر لأنه مظنة التثريب فغيره أولى { يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين } وسألهم عن أبيه فقالوا ذهبت عيناه فقال .
الآية رقم ( 93 )
{اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيرا وأتوني بأهلكم أجمعين }
{ إذهبوا بقميصي هذا } وهو قميص إبراهيم الذي لبسه حين ألقي في النار كان في عنقه في الجب وهو من الجنة أمره جبريل بإرساله وقال إن فيه ريحها ولا يُلقى على مبتلىً إلا عوفي { فألقوه على وجه أبي يأت } يصر { بصيراً وائتوني بأهلكم أجمعين } .
الآية رقم ( 94 )
{ولما فصلت العير قال أبوهم إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون }
{ ولما فصلت العير } خرجت من عريش مصر { قال أبوهم } لمن حضر من بنيه وأولادهم { إني لأجد ريح يوسف } أوصلته إليه الصبا بإذنه تعالى من مسير ثلاثة أيام أو ثمانية أو أكثر { لولا أن تفندونِ } تسفهون لصدقتموني .
الآية رقم ( 95 )
{قالوا تالله إنك لفي ضلالك القديم }
{ قالوا } له { تالله إنك لفي ضلالك } خطئك { القديم } من إفراطك في محبته ورجاء لقائه على بعد العهد .
الآية رقم ( 96 )
{فلما أن جاء البشير ألقاه على وجهه فارتد بصيرا قال ألم أقل لكم إني أعلم من الله ما لا تعلمون
{ فلما أن } زائدة { جاء البشير } يهوذا بالقميص وكان قد حمل قميص الدم فأحب أن يفرحه كما أحزنه { ألقاه } طرح القميص { على وجهه فارتد } رجع { بصيراً قال ألم أقل لكم إني أعلم من الله ما لا تعلمون } .
الآية رقم ( 97 )
{قالوا يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين }
{ قالوا يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين } .
الآية رقم ( 98 )
{قال سوف أستغفر لكم ربي إنه هو الغفور الرحيم }
{ قال سوف أستغفر لكم ربي أنه الغفور الرحيم } أخَّر ذلك إلى السحر ليكون أقرب إلى الإجابة أو إلى ليلة الجمعة ثم توجهوا إلى مصر وخرج يوسف والأكابر لتلقيهم .
الآية رقم ( 99 )
{فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين }
{ فلما دخلوا على يوسف } في مضربه { آوى } ضم { إليه أبويه } أباه وأمه أو خالته { وقال } لهم { ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين } فدخلوا وجلس يوسف على سريره .
الآية رقم ( 100 )
{ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي إن ربي لطيف لما يشاء إنه هو العليم الحكيم }
{ ورفع أبويه } أحلهما معه { على العرش } السرير { وخروا } أي أبواه وإخوته { له سجدا } سجود انحناء لا وضع جبهة وكان تحيتهم في ذلك الزمان { وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقاً وقد أحسن بي } إليَّ { إذ أخرجني من السجن } لم يقل من الحب تكرماً لئلا تخجل إخوته { وجاء بكم من البدو } البادية { من بعد أن نزغ } أفسد { الشيطان بيني وبين إخوتي إن ربي لطيف لما يشاء إنه هو العليم } بخلقه { الحكيم } في صنعه وأقام عنده أبوه أربعاً وعشرين سنة أو سبع عشرة سنة وكانت مدة فراقه ثماني عشرة أو أربعين أو ثمانين سنة وحضره الموت فوصى يوسف أن يحمله ويدفنه عند أبيه فمض بنفسه ودفنه ثمة، ثم عاد إلى مصر وأقام بعده ثلاثاً وعشرين سنة ولما تم أمره وعلم أنه لا يدوم تاقت نفسه إلى الملك الدائم فقال .
الآية رقم ( 101 )
{رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني بالصالحين }
{ رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث } تعبير الرؤيا { فاطر } خالق { السماوات والأرض أنت وليي } متولي مصالحي { في الدنيا والآخرة توفني مسلماً وألحقني بالصالحين } من آبائي فعاش بعد ذلك أسبوعاً أو أكثر ومات وله مائة وعشرون سنة وتشاح المصريون في قبره فجعلوه في صندوق من مرمر ودفنوه في أعلى النيل لتعم البركة جانبيه فسبحان من لا انقضاء لملكه .
الآية رقم ( 102 )
{ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون }
{ ذلك } المذكور من أمر يوسف { من أنباء } أخبار { الغيب } ما غاب عنك يا محمد { نوحيه إليك وما كنت لديهم } لدى إخوة يوسف { إذ أجمعوا أمرهم } في كيده أي عزموا عليه { وهم يمكرون } به أي لم تحضرهم فتعرف قصتهم فتخبر بها وإنما حصل لك علمها من جهة الوحي.
الآية رقم ( 103 )
{وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين }
{ وما أكثر الناس } أي أهل مكة { ولو حرصت } على إيمانهم { بمؤمنين } .
الآية رقم ( 104 )
{وما تسألهم عليه من أجر إن هو إلا ذكر للعالمين }
{ وما تسألهم عليه } أي القرآن { من أجر } تأخذه { إن } ما { هو } أي القرآن { إلا ذكر } عظة { للعالمين } .
الآية رقم ( 105 )
{وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون }
{ وكأين } وكم { من آية } دالة على وحدانية الله { في السماوات والأرض يمرون عليها } يشاهدونها { وهم عنها معرضون } لا يتفكرون بها .
الآية رقم ( 106 )
{وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون }
{ وما يؤمن أكثرهم بالله } حيث يقرون بأنه الخالق الرزاق { إلا وهم مشركون } به بعبادة الأصنام ولذا كانوا يقولون في تلبيتهم: لبيك لا شريك لك، إلا شريكاً هو لك، تملكه وما ملك يعنونها .
الآية رقم ( 107 )
{أفأمنوا أن تأتيهم غاشية من عذاب الله أو تأتيهم الساعة بغتة وهم لا يشعرون }
{ أفأمِنوا أن تأتيهم غاشية } نقمة تغشاهم { من عذاب الله أو تأتيهم الساعة بغتة } فجأة { وهم لا يشعرون } بوقت إتيانها قبله .
الآية رقم ( 108 )
{قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين }
{ قل } لهم { هذه سبيلي } وفسرها بقوله { أدعو إلى } دين { الله على بصيرة } حجة واضحة { أنا ومن أتبعنى } آمن بي عطف على أنا المبتدأ المخبر عنه بما قبله { وسبحان الله } تنزيهاً له عن الشركاء { وما أنا من المشركين } من جملة سبيله أيضاً .
الآية رقم ( 109 )
{وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم ولدار الآخرة خير للذين اتقوا أفلا تعقلون }
{ وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً يوحى } وفي قراءة بالنون وكسر الحاء { إليهم } لا ملائكة { من أهل القرى } الأمصار لأنهم أعلم وأحلم بخلاف أهل البوادي لجفائهم وجهلهم { أفلم يسيروا } أهل مكة { في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم } أي آخر أمرهم من إهلاكهم بتكذيبهم رسلهم { ولدار الآخرة } أي الجنة { خير للذين اتقوا } الله { أفلا تعقلون } بالياء والتاء يا أهل مكة هذا فتؤمنون .
الآية رقم ( 110 )
{حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجي من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين }
{ حتى } غاية لما دل عليه (وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً) أي فتراخى نصرهم حتى { إذا استيئس } يئس { الرسل وظنوا } أيقن الرسل { أنهم قد كذِّبوا } بالتشديد تكذيباً لا إيمان بعده والتخفيف أي ظن الأمم أن الرسل أخلفوا ما وعدوا به من النصر { جاءهم نصرنا فَنُنَجِّي } بنونين مشدداً ومخففاً وبنون مشدداً ماض { من نشاء ولا يرد بأسنا } عذابنا { عن القوم المجرمين } المشركين .
الآية رقم ( 111 )
{لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون }
{ لقد كان في قصصهم } أي الرسل { عبرة لأولي الألباب } أصحاب العقول { ما كان } هذا القرآن { حديثاً يفترى } يختلق { ولكن } كان { تصديق الذي بين يديه } قبله من الكتب { وتفصيل } تبيين { كل شيء } يحتاج إليه في الدين { وهدىً } من الضلالة { ورحمة لقوم يؤمنون } خصوا بالذكر لانتفاعهم به دون غيرهم .