*2* 29 -
كتاب الحدود
*3*1 -
باب حد السرقة ونصابها
1 - (1684) حدثنا يحيى بن يحيى وإسحاق بن إبراهيم وابن أبي عمر (واللفظ ليحيى) (قال ابن أبي عمر: حدثنا. وقال الآخران: أخبرنا سفيان ابن عيينة) عن الزهري، عن عمرة، عن عائشة. قالت:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقطع السارق في ربع دينار فصاعدا.
[ش (يقطع السارق) قال القاضي عياض رضي الله عنه: صان الله تعالى الأموال بإيجاب القطع على السارق، ولم يجعل ذلك في غير السرقة. كالاختلاس والانتهاب والغصب. لأن ذلك قليل بالنسبة إلى السرقة. ولأنه يمكن استرجاع هذا النوع بالستعداء إلى ولا ة الأمور. وتسهل إقامة البينة عليه. بخلاف السرقة فإنه تندر إقامة البينة عليها. فعظم أمرها واشتدت عقوبتها ليكون أبلغ في الزجر عنها. وقد أجمع المسلمون على قطع السارق في الجملة، وإن اختلفوا في فروع منه].
(1684) - وحدثنا إسحاق بن إبراهيم وعبد بن حميد. قالا: أخبرنا عبدالرزاق. أخبرنا معمر. ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا يزيد بن هارون. أخبرنا سليمان بن كثير وإبراهيم بن سعد. كلهم عن الزهري، بمثله، في هذا الإسناد.
2 - (1684) وحدثني أبو الطاهر وحرملة بن يحيى. وحدثنا الوليد بن شجاع (واللفظ للوليد وحرملة). قالوا: حدثنا ابن وهب. أخبرني يونس عن ابن شهاب، عن عروة وعمرة، عن عائشة،
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (لا تقطع يد السارق إلا في ربع دينار فصاعدا).
3 - (1684) وحدثني أبو الطاهر وهارون بن سعيد الأيلي وأحمد بن عيسى (واللفظ لهارون وأحمد) (قال أبو الطاهر: أخبرنا. وقال الآخران: حدثنا ابن وهب). أخبرني مخرمة عن أبيه، عن سليمان بن يسار عن عمرة؛ أنها سمعت عائشة تحدث؛
أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (لا تقطع اليد إلا في ربع دينار فما فوقه).
4 - (1684) حدثني بشر بن الحكم العبدي. حدثنا عبدالعزيز بن محمد عن يزيد بن عبدالله بن الهاد، عن أبي بكر بن محمد، عن عمرة، عن عائشة؛
أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول (لا تقطع يد السارق إلا في ربع دينار فصاعدا).
(1684) - وحدثنا إسحاق بن إبراهيم ومحمد بن المثنى وإسحاق بن منصور. جميعا عن أبي عامر العقدي. حدثنا عبدالله بن جعفر، من ولد المسور بن مخرمة، عن يزيد بن عبدالله بن الهاد، بهذا الإسناد، مثله.
5 - (1685) وحدثنا محمد بن عبدالله بن نمير. حدثنا حميد بن عبدالرحمن الرواسي عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة. قالت:
لم تقطع يد سارق في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في أقل من ثمن المجن، حجفة أو ترس. وكلاهما ذو ثمن.
[ش (المجن) اسم لكل ما يستجن به، أي يستتر.
(حجفة) الحجفة الترس من جلد بلا خشب جـ حجف. وهي الدرقة. وهي الترس مجروران، بدل من المجن.
(ترس) الترس صفحة من الفولاذ تحمل للوقاية من السيف ونحوه جـ أتراس وتراس وتروس وترسة].
(1685) - وحدثنا عثمان بن أبي شيبة. أخبرنا عبدة بن سليمان وحميد ابن عبدالرحمن. ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا عبدالرحيم بن سليمان. ح وحدثنا أبو كريب. حدثنا أبو أسامة. كلهم عن هشام، بهذا الإسناد، نحو حديث ابن نمير عن حميد بن عبدالرحمن الرواسي. وفي حديث عبدالرحيم وأبي أسامة: وهو يؤمئذ ذو ثمن.
6 - (1686) حدثنا يحيى بن يحيى. قال: قرأت على مالك عن نافع، عن ابن عمر؛
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع سارقا في مجن قيمته ثلاثة دراهم.
(1686) - حدثنا قتيبة بن سعيد وابن رمح عن الليث بن سعد. ح وحدثنا زهير بن حرب وابن المثنى. قالا: حدثنا يحيى (وهو القطان). ح وحدثنا ابن نمير. حدثنا أبي. ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا علي بن مسهر. كلهم عن عبيدالله. ح وحدثني زهير بن حرب. حدثنا إسماعيل (يعني ابن علية). ح وحدثنا أبو الربيع وأبو كامل. قالا: حدثنا حماد. ح وحدثني محمد بن رافع. حدثنا عبدالرزاق. أخبرنا سفيان عن أيوب السختياني وأيوب بن موسى وإسماعيل بن أمية. ح وحدثني عبدالله بن عبدالرحمن الدارمي. أخبرنا أبو نعيم. حدثنا سفيان عن أيوب وإسماعيل ابن أمية وعبيدالله وموسى بن عقبة. ح وحدثنا محمد بن رافع. حدثنا عبدالرزاق. أخبرنا ابن جريج. أخبرني إسماعيل بن أمية. ح وحدثني أبو الطاهر. أخبرنا ابن وهب عن حنظلة بن أبي سفيان الجمحي وعبيدالله ابن عمر ومالك بن أنس وأسامة بن زيد الليثي. كلهم عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم. بمثل حديث يحيى عن مالك. غير أن بعضهم قال: قيمته. وبعضهم قال: ثمنه ثلاثة دراهم.
7 - (1687) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب. قالا: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة. قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لعن الله السارق. يسرق البيضة فتقطع يده. ويسرق الحبل فتقطع يده).
[ش (لعن الله السارق يسرق البيضة..) قال جماعة: المراد بها بيضة الحديد وحبل السفينة وكل واحد منهما يساوي أكثر من ربع دينار. وأنكر المحققون هذا وضعفوه. فقالوا: بيضة الحديد وحبل السفينة لهما قيمة ظاهرة، وليس هذا السياق موضع استعمالهما، بل بلاغة الكلام تأباه. ولأنه لا يذم. في العادة، من خاطر بيده في شيء له قدرر. وإنما يذم من خاطر بها فيما لا قدر له. فهو موضع تقليل لا تكثير. والصواب أن المراد التنبيه على عظم ما خسر، وهي يده، في مقابلة حقير من المال، وهو ربع دينار. فإنه يشارك البيضة والحبل في الحقارة].
(1687) - حدثنا عمرو الناقد وإسحاق بن إبراهيم وعلي بن خشرم. كلهم عن عيسى بن يونس، عن الأعمش، بهذا الإسناد، مثله. غير أنه يقول (إن سرق حبلا، وإن سرق بيضة).
*3*2 -
باب قطع السارق الشريف وغيره، والنهي عن الشفاعة في الحدود
8 - (1688) حدثنا قتيبة بن سعيد. حدثنا ليث. ح وحدثنا محمد بن رمح. أخبرنا الليث عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة؛
أن قريشا أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت. فقالوا: من يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالوا: ومن يجترئ عليه إلا أسامة، حب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فكلمه أسامة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أتشفع في حد من حدود الله؟) ثم قام فاختطب فقال (أيها الناس! إنما أهلك الذين قبلكم، أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف، تركوه. وإذا سرق فيهم الضعيف، أقاموا عليه الحد. وايم الله! لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها).
وفي حديث رمح (إنما هلك الذين من قبلكم).
[ش (ومن يجترئ عليه) أي لا يتجاسر على الكلام في ذلك أحد، لمهابته.
(إلا أسامة حب رسول الله) أي ولكن أسامة بن زيد يجسر على ذلك. فإنه حبه صلى الله عليه وسلم، أي حبيبه].
9 - (1688) وحدثني أبو الطاهر وحرملة بن يحيى (واللفظ لحرملة). قالا: أخبرنا ابن وهب. قال: أخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب. قال: أخبرني عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم؛
أن قريشا أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم. في غزوة الفتح. فقالوا: من يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالوا: ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد، حب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فأتى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم. فكلمه فيها أسامة بن زيد. فتلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال (أتشفع في حد من حدود الله؟) فقال له أسامة: استغفر لي. يا رسول الله! فلما كان العشي قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاختطب. فأثنى على الله بما هو أهله. ثم قال (أما بعد. فإنما أهلك الذين من قبلكم، أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف، تركوه. وإذا سرق فيهم الضعيف، أقاموا عليه الحد. وإني، والذي نفسي بيده! لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها) ثم أمر بتلك المرأة التي سرقت فقطعت يدها.
قال يونس: قال ابن شهاب: قال عروة: قالت عائشة: فحسنت توبتها بعد. وتزوجت. وكانت تأتيني بعد ذلك فأرفع حاجتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
10 - (1688) وحدثنا عبد بن حميد. أخبرنا عبدالرزاق. أخبرنا معمر عن الزهري، عن عروة، عن عائشة. قالت: كانت امرأة مخزومية تستعير المتاع وتجحده. فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تقطع يدها. فأتى أهلها أسامة بن زيد فكلموه. فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها. ثم ذكر نحو حديث الليث ويونس.
[ش (تستعير المتاع) قال العلماء: المراد أنها قطعت بالسرقة. وإنما ذكرت العارية تعريفا لها ووصفا لها. لا أنها سبب القطع].
11 - (1689) وحدثني سلمة بن شبيب. حدثنا الحسن بن أعين. حدثنا معقل عن أبي الزبير، عن جابر؛
أن امرأة من بني مخزوم سرقت، فأتى بها النبي صلى الله عليه وسلم. فعاذت بأم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم (والله! لو كانت فاطمة لقطعت يدها) فقطعت.
*3*3 -
باب حد الزنى
12 - (1690) وحدثنا يحيى بن يحيى التميمي. أخبرنا هشيم عن منصور، عن الحسن، عن حطان بن عبدالله الرقاشي، عن عبادة بن الصامت. قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (خذوا عني. خذوا عني. قد جعل الله لهن سبيلا. البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة والثيب بالثيب، جلد مائة والرجم).
[ش (قد جعل الله لهن سبيلا) إشارة إلى قوله تعالى: {فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا}. فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا هو ذلك السبيل. واختلف العلماء في هذه الآية. فقيل: هي محكمة، وهذا الحديث مفسر لها. وقيل: منسوخة بالآية التي في أول سورة النور. وقيل: إن آية النور في البكرين، وهذه الآية في الثيبين.
(البكر بالبكر.. والثيب بالثيب) ليس هو على سبيل الاشتراط. بل حد البكر الجلد والتغريب. سواء زنى ببكر أم ثيب. وحد الثيب الرجم. سواء زنى بثيب أم ببكر. فهو شبيه بالتقييد الذي يخرج على الغالب].
(1690) - وحدثنا عمرو الناقد. حدثنا هشيم. أخبرنا منصور، بهذا الإسناد، مثله.
13 - (1690) حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار. جميعا عن عبدالأعلى. قال ابن المثنى: حدثنا عبدالأعلى. حدثنا سعيد عن قتادة، عن الحسن، عن حطان بن عبدالله الرقاشي، عن عبادة بن الصامت. قال:
كان نبي الله صلى الله عليه وسلم إذا أنزل عليه كرب لذلك وتربد له وجهه. قال: فأنزل عليه ذات يوم. فلقي كذلك. فلما سري عنه قال (خذوا عني. فقد جعل الله لهن سبيلا. الثيب بالثيب والبكر بالبكر. الثيب جلد مائة. ثم رجم بالحجارة. والبكر جلد مائة ثم نفي سنة).
[ش (كرب لذلك وتربد له وجهه) كرب أي لما أصابه الكرب وهو المشقة. وتربد وجهه أي علته غبرة. والربدة تغير البياض إلى السواد. وإنما حصل ذلك لعظم موقع الوحي. قال الله تعالى: {إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا}].
14 - (1690) وحدثنا محمد بن المثنى وابن بشار. قالا: حدثنا محمد بن جعفر. حدثنا شعبة. ح وحدثنا محمد بن بشار. حدثنا معاذ بن هشام. حدثني أبي. كلاهما عن قتادة، بهذا الإسناد. غير أن في حديثهما (البكر يجلد وينفي. والثيب يجلد ويرجم) لا يذكران: سنة ولا مائة.
*3*4 -
باب رجم الثيب في الزنى
15 - (1691) حدثني أبو الطاهر وحرملة بن يحيى. قالا: حدثنا ابن وهب يونس عن ابن شهاب. قال: أخبرني عبيدالله بن عبدالله بن عتبة؛ أنه سمع عبدالله بن عباس يقول:
قال عمر بن الخطاب، وهو جالس على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله قد بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق. وأنزل عليه الكتاب. فكان مما أنزل عليه آية الرجم. قرأناها ووعيناها وعقلناها. فرجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده. فأخشى، إن طال بالناس زمان، أن يقول قائل: ما نجد الرجم في كتاب الله. فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله. وإن الرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن، من الرجال والنساء، إذا قامت البينة، أو كان الحبل أو الاعتراف.
[ش (فكان مما أنزل عليه آية الرجم) أراد بآية الرجم: الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة. وهذا مما نسخ لفظه وبقي حكمه.
(أو كان الحبل) بأن كانت المرأة حبلى. ولم يعلم لها زوج ولا سيد].
(1691) - وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب وابن أبي عمر. قالوا: حدثنا سفيان عن الزهري، بهذا الإسناد.
*3*5 -
باب من اعترف على نفسه بالزنى
16 - (1691) وحدثني عبدالملك بن شعيب بن الليث بن سعد. حدثني أبي عن جدي. قال: حدثني عقيل عن ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبدالرحمن بن عوف وسعيد بن المسيب، عن أبي هريرة؛ أنه قال:
أتى رجل من المسلمين رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد. فناداه. فقال: يا رسول الله! إني زنيت. فأعرض عنه. فتنحى تلقاء وجهه. فقال له: يا رسول الله! إني زنيت. فأعرض عنه. حتى ثنى ذلك عليه أربع مرات. فلما شهد على نفسه أربع شهادات، دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال (أبك جنون؟) قال: لا. قال (فهل أحصنت؟) قال: نعم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (اذهبوا به فارجموه).
قال ابن شهاب: فأخبرني من سمع جابر بن عبدالله يقول: فكنت فيمن رجمه. فرجمناه بالمصلى فلما أذلقته الحجارة هرب. فأدركناه بالحرة فرجمناه.
[ش (فتنحى تلقاء وجهه) أي تحول الرجل من الجانب الذي أعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الجانب الآخر.
(حتى ثنى عليه أربع مرات) هو بتخفيف النون. أي كرره أربع مرات.
(بالمصلى) المراد بالمصلى، هنا، مصلى الجنائز. ولهذا قال في الرواية الأخرى: في بقيع الغرقد، وهو موضع الجنائز بالمدينة.
(فلما أذلقته) أي أصابته بحدها].
(1691) - ورواه الليث أيضا عن عبدالرحمن بن خالد بن مسافر، عن ابن شهاب، بهذا الإسناد، مثله.
2 م - (1691) وحجدثنيه عبدالله بن عبدالرحمن الدرامي. حدثنا أبو اليمان. أخبرنا شعيب عن الزهري، بهذا الإسناد أيضا، وفي حديثهما جميعا: قال ابن شهاب: أخبرني من سمع جابر بن عبدالله. كما ذكر عقيل.
3 م - (1691) وحدثني أبو الطاهر وحرملة بن يحيى. قالا: أخبرنا ابن وهب. أخبرني يونس. ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم. أخبرنا عبدالرزاق. أخبرنا معمر وابن جريج. كلهم عن الزهري، عن أبي سلمة، عن جابر ابن عبدالله، عن النبي صلى الله عليه وسلم، نحو رواية عقيل عن الزهري، عن سعيد وأبي سلمة، عن أبي هريرة.
17 - (1692) وحدثني أبو كامل فضيل بن حسين الجحدري. حدثنا أبو عوانة عن سماك بن حرب، عن جابر بن سمرة. قال:
رأيت ماعز بن مالك حين جيء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم. رجل قصير أعضل. ليس عليه رداء. فشهد على نفسه أربع مرات أنه زنى. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (فلعلك؟) قال: لا. والله! إنه قد زنى الأخر. قال: فرجمه. ثم خطب فقال (ألا كلما نفرنا غازين في سبيل الله، خلف أحدهم له نبيب كنبيب التيس، يمنح أحدهم الكثبة. أما والله! إن يمكني من أحدهم لأنكلنه عنه).
[ش (أعضل) أي مشتد الخلق.
(فلعلك. قال: لا) معنى هذا الكلام الإشارة إلى تلقينه الرجوع عن الإقرار بالزنى، واعتذاره بشبهة يتعلق بها. كما جاء في الرواية الأخرى: لعلك قبلت أو غمزت. فاقتصر في هذه الرواية على: لعلك. اختصارا وتنبيها واكتفاء بدلالة الكلام والحال على المحذوف. أي لعلك قبلت أو نحو ذلك.
(الأخر) معناه الأرذل والأبعد والأدنى. وقيل اللئيم. وقيل: الشقي. وكله متقارب. ومراده نفسه فحقرها وعابها، لاسيما وقد فعل الفاحشة. وقيل: إنها كناية يكنى بها عن نفسه وعن غيره، إذا أخبر عنه بما يستقبح.
(نفرنا غازين) أي ذهبنا إلى الحرب.
(خلف أحدهم) أي تخلف أحد هؤلاء عن الغزو معنا.
(له نبيب كنبيب التيس) النبيب صوت التيس عند السفاد.
(يمنح أحدكم الكثبة) يمنح أي يعطي. والكثبة القليل من اللبن أو غيره. ومفعول يمنح محذوف. أي إحداهن. والمراد إحدى النساء المغيبات، أي اللاتي غاب عنهن أزواجهن.
(إن يمكني من أحدهم لأنكلنه عنه) أي إن مكنني الله تعالى منه وأقدرني عليه. لأمنعنه عن ذلك بعقوبة. وفي الصحاح: نكل به تنكيلا أي جعله نكالا وعبرة لغيره].
18 - (1692) وحدثنا محمد بن المثنى وابن بشار (واللفظ لابن المثنى) قالا: حدثنا محمد بن جعفر. حدثنا شعبة عن سماك بن حرب. قال: سمعت جابر بن سمرة يقول:
أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل قصير، أشعث، ذي عضلات، عليه إزار، وقد زنى. فرده مرتين. ثم أمر به فرجم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كلما نفرنا غازين في سبيل الله، تخلف أحدكم ينب نبيب التيس. يمنح إحداهن الكثبة. إن الله لا يمكني من أحد منهم إلا جعلته نكالا) (أو نكلته).
قال: فحدثته سعيد بن جبير فقال: إنه رده أربع مرات.
[ش (أشعث) الأشعث متغير الرأس، ومتلبد الشعر لقلة تعهده بالدهن والترجيل.
(ذي عضلات) قال أهل اللغة: العضلة كل لحمة صلبة مكتنزة.
(عليه إزار) أي ليس عليه رداء.
(ينب نبيب التيس) أي يصوت كصوته عند السفاد. وهو كناية عن إرادة الوقاع، لشدة توقانه إليه.
(إلا جعلته نكالا) أي عظة وعبرة لمن بعده، بما أصبته من العقوبة، ليمتنعوا من تلك الفاحشة].
(1692) - حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا شبابة. ح وحدثنا إسحاق ابن إبراهيم. أخبرنا أبو عامر العقدي. كلاهما عن شعبة، عن سماك، عن جابر بن سمرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. نحو حديث ابن جعفر. ووافقه شبابة على قوله: فرده مرتين. وفي حديث أبي عامر: فرده مرتين أو ثلاثا.
19 - (1693) حدثنا قتيبة بن سعيد وأبو كامل الجحدري (واللفظ لقتيبة). قالا: حدثنا أبو عوانة عن سماك، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس؛
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لماعز بن مالك (أحق ما بلغني عنك؟) قال: وما بلغك عني؟ قال (أنك وقعت بجارية آل فلان) قال: نعم. قال: فشهد أربع شهادات. ثم أمر به فرجم.
20 - (1694) حدثني محمد بن المثنى. حدثني عبدالأعلى. حدثنا داود عن أبي نضرة، عن أبي سعيد؛
أن رجلا من أسلم يقال له ماعز بن مالك، أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: إني أصبت فاحشة. فأقمه علي. فرده النبي صلى الله عليه وسلم مرارا. قال: ثم سأل قومه؟ فقالوا: ما نعلم به بأسا. إلا أنه أصاب شيئا، يرى أنه لا يخرجه منه إلا أن يقام فيه الحد. قال: فرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم. فأمرنا أن نرجمه. قال: فانطلقنا به إلى بقيع الغرقد. قال: فما أوثقناه ولا حفرنا له. قال: فرميناه بالعظم والمدر والخزف. قال: فاشتد واشتددنا خلفه. حتى أتى عرض الحرة. فانتصب لنا. فرميناه بجلاميد الحرة (يعني الحجارة). حتى سكت. قال: ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا من العشي فقال (أو كلما انطلقنا غزاة في سبيل الله تخلف رجل في عيالنا. له نبيب كنبيب التيس، على أن لا أوتى برجل فعل ذلك إلا نكلت به). قال: فاستغفر له ولا سبه.
[ش (إني أصبت فاحشة) أراد بالفاحشة، هنا، الزنى.
(فأقمه علي) أي فأقم حده علي.
(بقيع الغرقد) موضع بالمدينة، وهو مقبرتها.
(فرميناه بالعظم والمدر والخزف) العظم معروف. والمدر الطين المتماسك. والخزف قطع الفخار المنكسر.
(فاشتد واشتددنا خلفه) أي عدا وأسرع للفرار، وعدونا خلفه.
(حتى أتى عرض الحرة) عرض الحرة أي جانبها. والحرة بقعة بالمدينة ذات حجارة سود.
(بجلاميد الحرة) أي بصخورها. وهي الحجارة الكبار. واحدها جلمود وجلمد.
(على أن لا أوتى) أن مخففة واسمها ضمير الشأن أي ليكن لازما على هذا الشأن وهو: لا أوتى برجل فعل الفجور بإحدى عيال الغزاة إلا فعلت به من العقوبة ما يكون عبرة لغيره.
(فما استغفر له ولا سبه) أما عدم السب فلأن الحد كفارة له، مطهرة له من معصيته. وأما عدم الاستغفار فلئلا يغتر غيره فيقع في الزنى اتكالا على استغفاره صلى الله عليه وسلم].
21 - (1694) حدثني محمد بن حاتم. حدثنا بهز. حدثنا يزيد بن زريع. حدثنا داود، بهذا الإسناد، مثل معناه. وقال في الحديث:
فقام النبي صلى الله عليه وسلم من العشي فحمد الله وأثنى عليه. ثم قال (أما بعد فما بال أقوام، إذا غزونا، يتخلف أحدهم عنا. له نبيب كنبيب التيس). ولم يقل (في عيالنا).
(1694) - وحدثنا سريج بن يونس. حدثنا يحيى بن زكرياء بن أبي زائدة. ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا معاوية بن هشام. حدثنا سفيان. كلاهما عن داود، بهذا الإسناد، بعض هذا الحديث. غير أن في حديث سفيان: فاعترف بالزنى ثلاث مرات.
22 - (1695) وحدثنا محمد بن العلاء الهمذاني. حدثنا يحيى بن يعلى (وهو ابن الحارث المحاربي) عن غيلان (وهو ابن جامع المحاربي)، عن علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه. قال:
جاء ماعز بن مالك إلى النبي صلى الله عليه وسلم. فقال: يا رسول الله! طهرني. فقال (ويحك! ارجع فاستغفر الله وتب إليه) قال: فرجع غير بعيد. ثم جاء فقال: يا رسول الله! طهرني. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ويحك! ارجع فاستغفر الله وتب إليه) قال: فرجع غير بعيد. ثم جاء فقال: يا رسول الله! طهرني. فقال النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك. حتى إذا كانت الرابعة قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم (فيم أطهرك؟) فقال: من الزنى. فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم (أبه جنون؟) فأخبر أنه ليس بمجنون. فقال (أشرب خمرا؟) فقام رجل فاستنكهه فلم يجد منه ريح خمر. قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أزنيت؟) فقال: نعم. فأمر به فرجم. فكان الناس فيه فرقتين: قائل يقول: لقد هلك. لقد أحاطت به خطيئته. وقائل يقول: ما توبة أفضل من توبة ماعز: أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فوضع يده في يده. ثم قال اقتلني بالحجارة. قال: فلبثوا بذلك يومين أو ثلاثة. ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم جلوس فسلم ثم جلس. فقال (استغفروا لماعز بن مالك). قال: فقالوا: غفر الله لماعز بن مالك. قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لقد تاب توبة لو قسمت بين أمة لوسعتهم).
قال: ثم جاءته امرأة من غامد من الأزد. فقالت: يا رسول الله! طهرني. فقال (ويحك! ارجعي فاستغفري الله وتوبي إليه). فقالت: أراك تريد أن ترددني كما رددت ماعز بن مالك. قال: (وما ذاك؟) قالت: إنها حبلى من الزنى. فقال (آنت؟) قالت: نعم. فقال لها (حتى تضعي ما في بطنك). قال: فكفلها رجل من الأنصار حتى وضعت. قال: فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: قد وضعت الغامدية. فقال (إذا لا نرجمها وندع لها ولدها صغيرا ليس له من يرضعه). فقام رجل من الأنصار فقال: إلى رضاعه. يا نبي الله! قال: فرجمها.
[ش (يحيى بن يعلى عن غيلان) هكذا هو في النسخ: عن يحيى بن يعلى عن غيلان. قال القاضي: والصواب ما وقع في نسخة الدمشقي. عن يحيى بن يعلى، عن أبيه، عن غيلان - فزاد في الإسناد: عن أبيه.
(ويحك) قال في النهاية: ويح كلمة ترحم وتوجع تقال لمن وقع في هلكة لا يستحقها.
(فاستنكهه) أي شم رائحة فمه. طلب نكهته بشم فمه. والنكهة رائحة الفم.
(غامد) بطن من جهينة.
(إنها حبلى من الزنى) أرات إني حبلى من الزنى. فعبرت عن نفسها بالغيبة.
(فكفلها رجل من الأنصار) أي قام بمؤنتها ومصالحها. وليس هو من الكفالة التي هي بمعنى الضمان، لأن هذا لا يجوز في الحدود التي لله تعالى.
(إلى رضاعه) إنما قاله بعد الفطام. وأراد بالرضاعة كفايته وتربيته. وسماه رضاعا مجازا].
23 - (1695) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا عبدالله بن نمير. ح وحدثنا محمد بن عبدالله بن نمير (وتقاربا في لفظ الحديث). حدثنا أبي. حدثنا بشير بن المهاجر. حدثنا عبدالله بن بريدة عن أبيه؛
أن ماعز بن مالك الأسلمي أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! إني قد ظلمت نفسي وزنيت وإني أريد أن تطهرني. فرده. فلما كان من الغد أتاه فقال: يا رسول الله! إني قد زنيت. فرده الثانية. فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قومه فقال (أتعلمون بعقله بأسا تنكرون منه شيئا؟) فقالوا: ما نعلمه إلا وفي العقل. من صالحينا. فيما نرى. فأتاه الثالثة. فأرسل إليهم أيضا فسأل عنه فأخبروه: أنه لا بأس به ولا بعقله. فلما كان الرابعة حفر له حفرة ثم أمر به فرجم.
قال: فجاءت الغامدية فقالت: يا رسول الله! إني قد زنيت فطهرني. وإنه ردها. فلما كان الغد قالت: يا رسول الله! لم تردني؟ لعلك أن تردني كما رددت ماعزا. فوالله! إني لحبلى. قال (إما لا، فاذهبي حتى تلدي) فلما ولدت أتته بالصبي في خرقة. قالت: هذا قد ولدته. قال (اذهبي فأرضعيه حتى تفطميه). فلما فطمته أتته بالصبي في يده كسرة خبز. فقالت: هذا، يا نبي الله! قد فطمته، وقد أكل الطعام. فدفع الصبي إلى رجل من المسلمين. ثم أمر بها فحفر لها إلى صدرها. وأمر الناس فرجموها. فيقبل خالد بن الوليد بحجر. فرمى رأسها. فتنضح الدم على وجه خالد. فسبها. فسمع نبي الله صلى الله عليه وسلم سبع إياها. فقال (مهلا! يا خالد! فوالذي نفسي بيده! لقد تابت توبة، لو تابها صاحب مكس لغفر له).
ثم أمر بها فصلى عليها ودفنت.
[ش (إما لا فاذهبي) هو بكسر الهمزة من إما، وتشديد الميم، وبالإمالة. الأصل: إن ما. فأدغمت النون في الميم وحذف فعل الشرط فصار إما لا. ومعناه: إذا أبيت أن تستري على نفسك وتتوبي وترجعي عن قولك فاذهبي حتى تلدي، فترجمين بعد ذلك.
(فيقبل خالد) حكاية للحال الماضية، أي فأقبل.
(فتنضح) روى بالحاء المهملة وبالمعجمة. والأكثرون على المهملة ومعناه: ترشش وانصب.
(صاحب مكس) معنى المكس الجباية. وغلب استعماله فيما يأخذه أعوان الظلمة عند البيع والشراء. كما قال الشاعر:
وفي كل أسواق العراق إتاوة * وفي كل ما باع امرؤ مكس درهم].
24 - (1696) حدثني أبو غسان مالك بن عبدالواحد المسمعي. حدثنا معاذ (يعني ابن هشام) حدثني أبي عن يحيى بن أبي كثير. حدثني أبو قلابة؛ أن أبا المهلب حدثه عن عمران بن حصين؛
أن امرأة من جهينة أتت نبي الله صلى الله عليه وسلم، وهي حبلى من الزنى. فقالت: يا نبي الله! أصبت حدا فأقمه علي. فدعا نبي الله صلى الله عليه وسلم وليها. فقال (أحسن إليها. فإذا وضعت فائتني بها) ففعل. فأمر بها نبي الله صلى الله عليه وسلم. فشكت عليها ثيابها. ثم أمر بها فرجمت. ثم صلى عليها. فقال له عمر: تصلي عليها؟ يا نبي الله! وقد زنت. فقال (لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم. وهل وجدت توبة أفضل من أن جادت بنفسها لله تعالى؟).
[ش (أصبت حدا) أي ارتكبت أمرا يوجب الحد.
(فشكت عليها ثيابها) هكذا هو في معظم النسخ: فشكت. وفي بعضها: فشدت. وهو معنى الأول. وفي هذا استحباب جمع أثوابها عليها وشدها، بحيث لا تنكشف عورتها في تقلبها وتكرار اضطرابها.
(جادت بنفسها) أي أخرجت روحها ودفعتها لله تعالى].
(1696) - وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا عفان عن مسلم. حدثنا أبان العطار. حدثنا يحيى بن أبي كثير، بهذا الإسناد، مثله.
25 - (1697/1698) حدثنا قتيبة بن سعيد. حدثنا ليث. ح وحدثناه محمد بن رمح. أخبرنا الليث عن ابن شهاب، عن عبيدالله بن عبدالله ابن عتبة بن مسعود، عن أبي هريرة، وزيد بن خالد الجهني؛ أنهما قالا:
إن رجلا من الأعراب أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: يا رسول الله! أنشدك الله إلا قضيت لي بكتاب الله. فقال الخصم الآخر، وهو أفقه منه: نعم. فاقض بيننا بكتاب الله. وائذن لي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (قل) قال: إن ابني كان عسيفا على هذا فزنى بامرأته. وإني أخبرت أن على ابني الرجم. فافتديت منه بمائة شاة ووليدة. فسألت أهل العلم فأخبروني؛ أنما على ابني جلد مائة وتغريب عام. وأن على امرأة هذا الرجم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (والذي نفسي بيده! لأقضين بينكما بكتاب الله. الوليدة والغنم رد. وعلى ابنك جلد مائة، وتغريب عام. واغد، يا أنيس! إلى امرأة هذا. فإن اعترفت فارجمها).
قال: فغدا عليها. فاعترفت. فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجمت.
[ش (أنشدك الله إلا قضيت لي بكتاب الله) معنى أنشدك أسألك رافعا نشيدي، وهو صوتي. وقوله: بكتاب الله أي بما تضمنه كتاب الله.
(وهو أفقه منه) قال العلماء: يجوز أنه أراد أنه بالإضافة أكثر فقها منه. ويحتمل أن المراد أفقه منه في القضية لوصفه إياها على وجهها. ويحتمل أنه لأدبه واستئذانه في الكلام وحذره من الوقوع في النهي في قوله تعالى: لا تقدموا بين يدي الله ورسوله. بخلاف خطاب الأول في قوله: أنشدك بالله. فإنه من جفاء الأعراب.
(عسيفا) العسيف هو الأجير. وجمعه عسفاء كأجير وأجراء، وفقيه وفقهاء.
(على هذا) يشير إلى خصمه، وهو زوج مزنية ابنه. وكان الرجل استخدمه فيما تحتاج إليه امرأته من الأمور. فكان ذلك سببا لما وقع له معها.
(فافتديت) أي أنقذت ابني منه بفداء مائة شاة ووليدة، أي جارية. وكأنه زعم أن الرجم حق لزوج المزني بها، فأعطاه ما أعطاه.
(الوليدة والغنم رد) أي مردودة. ومعناه يجب ردها إليك. وفي هذا أن الصلح الفاسد يرد. وأن أخذ المال فيه باطل يجب رده. وأن الحدود لا تقبل الفداء.
(واغد يا أنيس) قال الإمام النووي رضي الله تعالى عنه: واعلم أن بعث أنيس محمول عند العلماء من أصحابنا وغيرهم على إعلام المرأة بأن هذا الرجل قذفها بابنه. فيعرفها بأن لها عنده حد القذف فتطالب به أو تعفو عنه. إلا أن تعترف بالونى فلا يجب عليه حد القذف بل يجب عليها حد الزنى، وهو الرجم لأنها كانت محصنة. فذهب إليها أنيس، فاعترفت بالزنى، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم برجمها، فرجمت. ولا بد من هذا التأويل لأن ظاهره أنه بعث لإقامة حد الزنى. وهذا غير مراد. لأن حد الزنى لا يحتاط له بالتجسس والتفتيش عنه، بل لو أقر به الزاني استحب أن يلقن الرجوع].
(1697/1698) - وحدثني أبو الطاهر وحرملة. قالا: أخبرنا ابن وهب. أخبرني يونس. ح وحدثني عمرو الناقد. حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد. حدثنا أبي عن صالح. ح وحدثنا عبد بن حميد. أخبرنا عبدالرزاق عن معمر. كلهم عن الزهري، بهذا الإسناد، نحوه.
*3*6 -
باب رجم اليهود، أهل الذمة، في الزنى.
26 - (1699) حدثني الحكم بن موسى أبو صالح. حدثنا شعيب بن إسحاق. أخبرنا عبيدالله عن نافع؛ أن عبدالله بن عمر أخبره؛
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بيهودي ويهودية قد زنيا. فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جاء يهود. فقال (ما تجدون في التوراة على من زنى؟) قالوا: نسود وجوهمما ونحملهما. ونخالف بين وجوههما. ويطاف بهما. قال (فأتوا بالتوراة. إن كنتم صادقين) فجاءوا بها فقرأوها. حتى إذا مروا بآية الرجم، وضع الفتى، الذي يقرأ، يده على آية الرجم. وقرأ ما بين يديها وما وراءها. فقال له عبدالله بن سلام، وهو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم: مره فليرفع يده. فرفعها. فإذا تحتها آية الرجم. فأمر بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم. فرجما.
قال عبدالله بن عمر: كنت فيمن رجمهما. فلقد رأيته يقيها من الحجارة بنفسه.
[ش (ما تجدون في التوراة) قال العلماء: هذا السؤال ليس لتقليدهم ولا لمعرفة الحكم منهم. وإنما هو لألزامهم بما يعتقدونه في كتابهم.
(ونحملهما) هكذا هو في أكثر النسخ: نحملهما. وفي بعضها: بجملهما. وفي بعضها نحممهما. وكله متقارب. فمعنى الأول نحملهما على حمل. ومعنى الثاني نجملهما جميعا على الجمل. ومعنى الثالث نسود وجوههما بالحمم، وهو الفحم. وهذا الثالث ضعيف، لأنه قال قبله: نسود وجوههما].
27 - (1699) وحدثنا زهير بن حرب. حدثنا إسماعيل (يعني ابن علية) عن أيوب. ح وحدثني أبو الطاهر. أخبرنا عبدالله بن وهب. أخبرني رجال من أهل العلم. منهم مالك بن أنس؛ أن نافعا أخبرهم عن ابن عمر؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجم في الزنى يهوديين. رجلا وامرأة زنيا. فأتت اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بهما. وساقوا الحديث بنحوه.
(1699) - وحدثنا أحمد بن يونس. حدثنا زهير. حدثنا موسى بن عقبة عن نافع، عن ابن عمر؛ أن اليهود جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل منهم وامرأة قد زنيا. وساق الحديث بنحو حديث عبيدالله عن نافع.
28 - (1700) حدثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة. كلاهما عن أبي معاوية. قال يحيى: أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش، عن عبدالله بن مرة، عن البراء بن عازب. قال:
مر على النبي صلى الله عليه وسلم بيهودي محمما مجلودا. فدعاهم صلى الله عليه وسلم فقا (هكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟) قالوا: نعم. فدعا رجلا من علمائهم. فقال (أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على موسى أهكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟) قال: لا. ولولا أنك نشدتني بهذا لم أخبرك. نجده الرجم. ولكنه كثر في أشرافنا. فكنا، إذا أخذنا الشريف تركناه. وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد. قلنا: تعالوا فلنجتمع على شيء نقيمه على الشريف والوضيع. فجعلنا التحميم والجلد مكان الرجم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (اللهم! إني أول من أحيا أمرك إذا أماتوه). فأمر به فرجم. فأنزل الله عز وجل: {يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. إلى قوله: إن أوتيتم هذا فخذوه} [5 /المائدة /41] يقول: ائتوا محمدا صلى الله عليه وسلم. فإن أمركم بالتحميم والجلد فخذوه. وإن أفتاكم بالرجم فاحذروا. فأنزل الله تعالى: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} [5 /المائدة /44]. {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون} [5 /المائدة /45]. {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون} [5 /المائدة /47]. في الكفار كلها.
[ش (محمما) أي مسود الوجه، من الحممة، الفحمة].
(1700) - حدثنا ابن نمير وأبو سعيد الأشج. قالا: حدثنا وكيع. حدثنا الأعمش، بهذا الإسناد، نحوه. إلى قوله: فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم فرجم. ولم يذكر: ما بعده من نزول الآية.
28 م - (1701) وحدثني هارون بن عبدالله. حدثنا حجاج بن محمد. قال ابن جريج: أخبرني أبو الزبير؛ أنه سمع جابر بن عبدالله يقول: رجم النبي صلى الله عليه وسلم رجلا من أسلم، ورجلا من اليهود، وامرأته.
[ش (وامرأته) أي صاحبته التي زنى بها. ولم يرد زوجته. وفي رواية: وامرأة].
(1701) - حدثنا إسحاق بن إبراهيم. أخبرنا روح بن عبادة. حدثنا ابن جريج، بهذا الإسناد، مثله. غير أنه قال: وامرأة.
29 - (1702) وحدثنا أبو كامل الجحدري. حدثنا عبدالواحد. حدثنا سليمان الشيباني. قال: سألت عبدالله بن أبي أوفى. ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة (واللفظ له). حدثنا علي بن مسهر عن أبي إسحاق الشيباني. قال: سألت عبدالله بن أبي أوفى:
هل رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم. قال قلت: بعد ما أنزلت سورة النور أم قبلها؟ قال: لا أدري.
30 - (1703) وحدثني عيسى بن حماد المصري. أخبرنا الليث عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة؛ أنه سمعه يقول:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (إذا زنت أمة أحدكم فتبين زناها، فليجلدها الحد. ولا يثرب عليها. ثم إن زنت، فليجلدها الحد، ولا يثرب عليها. ثم إن زنت الثالثة، فتبين زناها، فليبعها. ولو بحبل من شعر).
[ش (فليجلدها الحد) أي الحد اللائق بها، المبين في الآية، وهي قوله تعالى: {فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب}.
(ولا يثرب عليها) التثريب التوبيخ واللوم على الذنب].
31 - (1703) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم. جميعا عن ابن عيينة. ح وحدثنا عبد بن حميد. أخبرنا محمد بن بكر البرساني. أخبرنا هشام بن حسان. كلاهما عن أيوب بن موسى. ح وحدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة. حدثنا أبو أسامة وابن نمير عن عبيدالله بن عمر. ح وحدثني هارون بن سعيد الأيلي. حدثنا ابن وهب. حدثني أسامة بن زيد. ح وحدثنا هناد بن السري وأبو كريب وإسحاق بن إبراهيم عن عبدة بن سليمان، عن محمد بن إسحاق. كل هؤلاء عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. إلا أن ابن إسحاق قال في حديثه: عن سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، في جلد الأمة إذا زنت ثلاثا (ثم ليبعها في الرابعة).
32 - (1703) حدثنا عبدالله بن مسلمة القعنبي. حدثنا مالك. ح وحدثنا يحيى بن يحيى (واللفظ له) قال: قرأت على مالك عن ابن شهاب، عن عبيدالله بن عبدالله، عن أبي هريرة؛
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الأمة إذا زنت ولم تحصن؟ قال (إن زنت فاجلدوها. ثم إن زنت فاجلدوها. ثم إن زنت فاجلدوها. ثم بيعوها ولو بضفير).
قال ابن شهاب: لا أدري، أبعد الثالثة أو الرابعة.
وقال القعنبي، في روايته: قال ابن شهاب: والضفير الحبل.
33 - (1704) وحدثنا أبو الطاهر. أخبرنا ابن وهب. قال: سمعت مالكا يقول: حدثني ابن شهاب عن عبيدالله بن عبدالله بن عتبة، عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الأمة. بمثل حديثهما. ولم يذكر قول ابن شهاب: والضفير الحبل.
(1704) - حدثني عمرو الناقد. حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد. حدثني أبي عن صالح. ح وحدثنا عبد بن حميد. أخبرنا عبدالرزاق. أخبرنا معمر. كلاهما عن الزهري، عن عبيدالله، عن أبي هريرة وزيد ابن خالد الجهني، عن النبي صلى الله عليه وسلم. بمثل حديث مالك. والشك في حديثهما جميعا، في بيعها في الثالثة أو الرابعة.
*3*7 -
باب تأخير الحد عن النفساء
34 - (1705) حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي. حدثنا سليمان أبو داود. حدثنا زائدة عن السدي، عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبدالرحمن. قال: خطب علي فقال:
يا أيها الناس! أقيموا على أرقائكم الحد. من أحصن منهم ومن لم يحص. فإن أمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم زنت. فأمرني أن أجلدها. فإذا هي حديث عهد بنفاس. فخشيت، إن أنا جلدتها، أن أقتلها. فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم. فقال (أحسنت).
[ش (أقيموا على أرقائكم الحد) الأرقاء جمع رقيق. بمعنى المملوك، عبدا كان أو أمة. أي لا تتركوا إقامة الحدود على مماليككم. فإن نفعها يصل إليكم وإليهم].
(1705) - وحدثناه إسحاق بن إبراهيم. أخبرنا يحيى بن آدم. حدثنا إسرائيل عن السدي، بهذا الإسناد. ولم يذكر: من أحصن منهم ومن لم يحصن. وزاد في الحديث: (اتركها حتى تماثل).
[ش (تماثل) أي تقارب البرء. والأصل تتماثل].
*3*8 -
باب حد الخمر
35 - (1706) حدثنا محمد بن المثنى ومحمد بن بشار. قالا: حدثنا محمد بن جعفر. حدثنا شعبة. قال: سمعت قتادة يحدث عن أنس بن مالك؛
أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي برجل قد شرب الخمر. فجلدته بجريدتين، نحو أربعين.
قال: وفعله أبو بكر. فلما كان عمر استشار الناس. فقال عبدالرحمن: أخف الحدود ثمانين. فأمر به عمر.
[ش (أخف الحدود) منصوب بفعل محذوف أي اجلده كأخف الحدود. أو اجعله كأخف الحدود].
(1706) - وحدثنا يحيى بن حبيب الحارثي. حدثنا خالد (يعني ابن الحارث). حدثنا شعبة. حدثنا قتادة. قال: سمعت أنسا يقول: أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل. فذكر نحوه.
36 - (1706) حدثنا محمد بن المثنى. حدثنا معاذ بن هشام. حدثني أبي عن قتادة، عن أنس بن مالك؛
أن نبي الله صلى الله عليه وسلم جلد في الخمر بالجريد والنعال. ثم جلد أبو بكر أربعين. فلما كان عمر، ودنا الناس من الريف والقرى، قال: ما ترون في جلد الخمر؟ فقال عبدالرحمن بن عوف: أرى أن تجعلها كأخف الحدود. قال: فجلد عمر ثمانين.
[ش (ودنا الناس من الريف والقرى) الريف المواضع التي فيها المياه، أو هي قريبة منها. ومعناه: لما كان زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وفتحت الشام والعراق، وسكن الناس في الريف ومواقع الخصب وسعة العيش وكثرة الأعناب والثمار - أكثروا من شرب الخمر. فزاد عمر في حد الخمر تغليظا عليهم وزجرا لهم عنها.
(أرى أن تجعلها) يعني العقوبة التي هي حد الخمر. وقوله: أخف الحدود يعني المنصوص عليها في القرآن. وهي حد السرقة بقطع اليد، وحد الزنى جلد مائة، وحد القذف ثمانون. فاجعلها ثمانين كأخف هذه الحدود].
(1706) - حدثنا محمد بن المثنى. حدثنا يحيى بن سعيد. حدثنا هشام، بهذا الإسناد، مثله.
37 - (1706) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا وكيع عن هشام، عن قتادة، عن أنس؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضرب في الخمر بالنعال والجريد أربعين. ثم ذكر نحو حديثهما. ولم يذكر: الريف والقرى.
38 - (1707) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب وعلي بن حجر. قالوا: حدثنا إسماعيل (وهو ابن علية) عن ابن أبي عروبة، عن عبدالله الداناج. ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي (واللفظ له). أخبرنا يحيى بن حماد. حدثنا عبدالعزيز بن المختار. حدثنا عبدالله بن فيروز مولى ابن عامر الداناج. حدثنا حضين بن المنذر، أبو ساسان. قال:
شهدت عثمان بن عفان وأتى بالوليد، قد صلى الصبح ركعتين. ثم قال: أزيدكم؟ فشهد عليه رجلان: أحدهما حمران؛ أنه شرب الخمر. وشهد آخر؛ أن رآه يتقيأ. فقال عثمان: إنه لم يتقيأ حتى شربها. فقال: يا علي! قم فاجلده. فقال علي: قم، يا حسن! فاجلده. فقال الحسن: ول حارها من تولى قارها (فكأنه وجد عليه). فقال: يا عبدالله بن جعفر! قم فاجلده. فجلده. وعلي يعد. حتى بلغ أربعين. فقال: أمسك. ثم قال: جلد النبي صلى الله عليه وسلم أربعين. وجلد أبو بكر أربعين. وعمر ثمانين. وكل سنة. وهذا أحب إلي.
زاد علي بن حجر في روايته: قال إسماعيل: وقد سمعت حديث الداناج منه فلم أحفظه.
[ش (شهدت عثمان بن عفان وأتى بالوليد) أي حضرت عنده بالمدينة وهو خليفة. والوليد هو الوليد بن عقبة بن أبي معيط الذي أنزل فيه: إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا. أتى به من الكوفة. كان واليا عليها. وكان شاربا سيء السيرة. صلى بالناس الصبح أربعا وهو سكران. ثم التفت إليهم فقال: أزيدكم؟ فقال أهل الصف الأول: ما زلنا في زيادة منذ وليتنا؟ لا زادك الله من الخير! وحصب الناس الوليد بحصباء المسجد. فشاع ذلك في الكوفة، وجرى من الأحوال ما اضطر سيدنا عثمان إلى استحضاره.
(ول حارها من تولى قارها) الحار الشديد المكروه. والقار البارد الهنيء الطيب. وهذا مثل من أمثال العرب. قال الأصمعي وغيره: معناه ول شدتها وأوساخها من تولى هنئتها ولذاتها. والضمير عائد إلى الخلافة والولاية. أي كما أن عثمان وأقاربه يتولون هنئ الخلافة ويختصون به - يتولون نكدها وقاذوراتها. ومعناه ليتول هذا الجلد عثمان بنفسه أو بعض خاصة أقاربه الأدنين.
(وجد عليه) أي غضب عليه].
39 - (1707) حدثني محمد بن منهال الضرير. حدثنا يزيد بن زريع. حدثنا سفيان الثوري عن أبي حصين، عن عمير بن سعيد، عن علي. قال:
ما كنت أقيم على أحد حدا فيموت فيه، فأجد منه في نفسي، إلا صاحب الخمر. لأنه إن مات وديته. لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسنه.
[ش (إن مات وديته) أي غرمت ديته. قال بعض العلماء: وجه الكلام أن يقال: فإنه إن مات وديته. وهكذا هو في رواية البخاري.
(لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسنه) معناه: لم يقدر فيه حدا مضبوطا].
*3*9 -
باب قدر أسواط التعزير
40 - (1708) حدثنا أحمد بن عيسى. حدثنا ابن وهب. أخبرني عمرو عن بكير بن الأشج. قال: بينا نحن عند سليمان بن يسار، إذ جاءه عبدالرحمن بن جابر، حدثه. فأقبل علينا سليمان. فقال: حدثني عبدالرحمن ابن جابر، عن أبيه، عن أبي بردة الأنصاري؛
أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (لا يجلد أحد فوق عشرة أسواط. إلا في حد من حدود الله).
[ش (لا يجلد) ضبطوا يجلد بوجهين: أحدهما يجلد. والثاني يجلد. وكلاهما صحيح].
*3*10 -
باب الحدود كفارات لأهلها
41 - (1709) حدثنا يحيى بن يحيى التميمي وأبو بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد وإسحاق بن إبراهيم وابن نمير. كلهم عن ابن عيينة (واللفظ لعمرو) قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري، عن أبي إدريس، عن عبادة بن الصامت. قال:
كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلس. فقال (تبايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا، ولا تزنوا، ولا تسرقوا، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق. فمن وفى منكم فأجره على الله. ومن أصاب شيئا من ذلك فعوقب به، فهو كفارة له. ومن أصاب شيئا من ذلك فستره الله عليه، فأمره إلى الله. إن شاء عفا عنه وإن شاء عذبه).
42 - (1709) حدثنا عبد بن حميد. أخبرنا عبدالرزاق. أخبرنا معمر عن الزهري، بهذا الإسناد. وزاد في الحديث: فتلا علينا آية النساء: أن لا يشركن بالله شيئا الآية [60 /الممتحنة /12].
43 - (1709) وحدثني إسماعيل بن سالم. أخبرنا هشيم. أخبرنا خالد عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث الصنعاني، عن عبادة بن الصامت. قال:
أخذ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أخذ على النساء: أن لا نشرك بالله شيئا، ولا نسرق، ولا نزني، ولا نقتل أولادنا، ولا يعضه بعضا بعضا. (فمن وفى منكم فأجره على الله. ومن أتى منكم حدا فأقيم عليه فهو كفارته. ومن ستره الله عليه فأمره إلى الله. إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له).
[ش (ولا يعضه بعضنا بعضا) أي لا يرميه بالعضيهة. وهي البهتان والكذب].
44 - (1709) حدثنا قتيبة بن سعيد. حدثنا ليث. ح وحدثنا محمد بن رمح. أخبرنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن الصنابجي، عن عبادة بن الصامت؛ أنه قال:
إني لمن النقباء الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال: بايعناه على أن لا نشرك بالله شيئا، ولا نزني، ولا نسرق، ولا نقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، ولا ننتهب، ولا نعصي. فالجنة، إن فعلنا ذلك. فإن غشينا من ذلك شيئا، كان قضاء ذلك إلى الله.
وقال ابن رمح: كان قضاؤه إلى الله.
[ش (إني لمن النقباء) جمع نقيب. وهو كالعريف على القوم، المقدم عليهم، الذي يتعرف أخبارهم وينقب عن أحوالهم أي يفتش. وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد جعل، ليلة العقبة، كل واحد من الجماعة الذين بايعوه بها، نقيبا على قومه وجماعته. ليأخذوا عليهم الإسلام ويعرفوهم شرايطه. وكانوا اثني عشر نقيبا. كلهم من الأنصار. وكان عبادة بن الصامت منهم.
(لا ننتهب) الانتهاب هو الغلبة على المال والغارة والسلب.
(فإن غشينا) معناه أتينا وارتكبنا].
*3*11 -
باب جرح العجماء والمعدن والبئر جبار
45 - (1710) حدثنا يحيى بن يحيى ومحمد بن رمح. قالا: أخبرنا الليث. ح وحدثنا قتيبة بن سعيد. حدثنا ليث عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة، عن أبي هريرة،
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال (العجماء جرحها جبار. والبئر جبار. والمعدن جبار. وفي الركاز الخمس).
[ش (العجماء جرحها جبار) العجماء هي كل الحيوان سوى الآدمي. وسميت البهيمة عجماء لأنها لا تتكلم. والجبار الهدر. فأما قوله صلى الله عليه وسلم: العجماء جرحها جبار فمحمول على ما إذا أتلفت شيئا بالنهار، أو أتلفت شيئا بالليل بغير تفريط من مالكها. أو أتلفت شيئا وليس معها أحد - فهذا غير مضمون. وهو مراد الحديث. والمراد بجرح العجماء إتلافها، سواء كان بجرح أو غيره.
(والبئر جبار) معناه أنه يحفرها في ملكه أو في موات فيقع فيها إنسان وغيره ويتلف، فلا ضمان. فأما إذا حفر البئر في طريق المسلمين أو في ملك غيره، بغير إذنه فتلف فيها إنسان - فيجب ضمانه على عاقلة حافرها، والكفارة في مال الحافر. وإن تلف بها غير الآدمي وجب ضمانه في مال الحافر.
(والمعدن جبار) معناه أن الرجل يحفر معدنا في ملكه أو في موات، فيمر بها مار، فيسقط فيها فيموت، أو يستأجر أجراء يعملون فيها، فيقع عليهم فيموتون، فلا ضمان في ذلك.
(وفي الركاز الخمس) الركاز هو دفين الجاهلية، أي فيه الخمس لبيت المال والباقي لواجده. قال النووي: وأصل الركاز، في اللغة، الثبوت].
(1710) - وحدثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب وعبدالأعلى بن حماد كلهم عن ابن عيينة. ح وحدثنا محمد بن رافع. حدثنا إسحاق (يعني ابن عيسى). حدثنا مالك. كلاهما عن الزهري. بإسناد الليث. مثل حديثه.
2 م - (1710) وحدثني أبو الطاهر وحرملة. قالا: أخبرنا ابن وهب. أخبرني يونس عن ابن شهاب، عن ابن المسيب وعبيدالله بن عبدالله، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. بمثله.
46 - (1710) حدثنا محمد بن رمح بن المهاجر. أخبرنا الليث عن أيوب بن موسى، عن الأسود بن العلاء، عن أبي سلمة بن عبدالرحمن، عن أبي هريرة،
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أنه قال (البئر جرحها جبار. والمعدن جرحه جبار. والعجماء جرحها جبار. وفي الركاز الخمس).
(1710) - وحدثنا عبدالرحمن بن سلام الجمحي. حدثنا الربيع (يعني ابن مسلم). ح وحدثنا عبيدالله بن معاذ. حدثنا أبي. ح وحدثنا ابن بشار. حدثنا محمد بن جعفر. قالا: حدثنا شعبة. كلاهما عن محمد بن زياد، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. بمثله.