أزمة في البرلمان العراقي بعد اعتذار أكثر من مرشح تولي منصب رئيسه
بعد تأخر دام نحو ساعة ونصف الساعة عن الموعد المقرر، عقدت الجمعية الوطنية (البرلمان) اجتماعها الثاني، من دون ان تحسم موضوع رئاسة الجمعية او الاعلان عن تشكيل الحكومة العراقية الجديدة. واندلعت ازمة في الجمعية بعد ان اعتذر اكثر من مرشح سني عن تولي منصب رئيس البرلمان، واختتمت جلستها سريعا، اثر فشل اعضائها وعددهم 275 نائبا في التوصل الى اتفاق. وقال متحدث رسمي: ان الجلسة المقبلة ستعقد الاحد المقبل. واكد ضاري الفياض الرئيس المؤقت للجمعية في افتتاح الجلسة، ان القوائم الاربع الرئيسية الفائزة في الانتخابات العامة طلبت تأجيل اختيار رئيس الجمعية ونائبيه حتى «انتهاء السنة من المحادثات بينهم لاختيار مرشحهم». واضاف «علينا الان ان نبحث النظام الداخلي لعمل الجمعية الوطنية». وسبق بدء الجلسة سقوط قذيفتي هاون في محيط مبنى البرلمان. وفي هذا الاطار، قال مراسلون صحافيون داخل القاعة، ان رئيس المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق عبد العزيز الحكيم والشيخ غازي الياور دخلا قاعة صغيرة في المجلس للتباحث. ويفضل الاكراد ان يتولى الياور او حاجم الحسني وزير الصناعة المنتهية ولايته منصب رئيس الجمعية الوطنية، في حين يفضل كل منهما تولي مسؤولية اخرى غير هذا المنصب. وفي المقابل، تفضل لائحة الائتلاف العراقي الموحد الشيعية ان يتولى الشيخ فواز الجربا، احد اعضاء الائتلاف، هذا المنصب. ومع الاعلان الرسمي باعتذار الرئيس غازي الياور عن قبول منصب رئاسة الجمعية الوطنية، واشارته الى قبوله منصبا في هيئة الرئاسة (نائب رئيس جمهورية)، ارتبكت اعمال الاجتماع الثاني للجمعية التي كان من المفترض ان تعلن عن هيئة رئاستها لتكون اجتماعاتها رسمية. مفاجآت كثيرة حدثت يوم امس انهت الاجتماع مثلما بدأ من غير التوصل الى اية نتيجة، مما أثار جدلا واسعا داخل الجمعية ابتدأه حميد مجيد موسى سكرتير الحزب الشيوعي وعضو الجمعية، معبرا عن استياء الشعب العراقي لعدم اختيار حكومة انتقالية بعد مرور شهرين على الانتخابات. ومثلما توقعت «الشرق الأوسط» أمس، فان الياور اعتذر عن منصب رئاسة الجمعية، مفضلا منصب نائب رئيس الجمهورية، كما جاء في بيانه الذي تلقينا نسخة منه امس، والذي اعلن فيه اعتذاره الرسمي «وليس رفضه» لقبول هذا المنصب، رئيس الجمعية الوطنية، مفضلا منصبا في هيئة الرئاسة. وحسب البيان «التوازن والتوافق في تمثيل حقيقي في هيئة الرئاسة، الرئيس ونائبي الرئيس». منصب نائب الرئيس عن السنة العرب، كان مرشحا له حاجم الحسني، عضو الجمعية عن لائحة «عراقيون» التي يترأسها الياور، لكن مفاجآت اليومين الاخيرين عصفت بالحسني لتزيحه من هذا الترشيح الى منصب رئاسة الجمعية الوطنية وليفاجأ أمس باعتراض من بعض السنة العرب في الجمعية برفض هذا الترشيح، كونه (الحسني) كردي الاصل وليس عربيا مما ابعده تماما عن هذا المنصب. والعرب السنة لهم مبرراتهم في عدم قبول شروط او مقترحات الفائزين الكبيرين في عدد مقاعد الجمعية «الائتلاف الموحد» الشيعي و«التحالف الكردستاني»، وحسب مصدر مقرب من الياور فان اللقاءات والمباحثات بدأت معهم متأخرة ولم تعطهم الوقت الكافي للتفكير واتخاذ القرارات. من جانبه، اكد جواد المالكي من حزب الدعوة الاسلامي، الذي يتزعمه ابراهيم الجعفري «المشكلة ان السنة لديهم 16 عضوا في الجمعية الوطنية، وهم موزعون على القوائم، لذلك الخيارات امامنا محدودة حول من سيتولى منصب رئيس الجمعية». واوضح ان «بعض المؤهلين لشغل هذا المنصب يفكرون بالحصول على مناصب اخرى، لذلك طلبنا من الاخوة السنة التداول لتحديد اسم مرشح». واضاف المالكي انه «في حال عدم طرح اسم مرشح من قبل الاخوة السنة، فسوف نتصرف لانه يوجد عرب سنة في جميع القوائم». وتابع «لا يمكن ان نعطل المسيرة السياسية اذا تعذر على الاخوة السنة ترشيح احدهم». وكان المالكي قد اكد ان «جلسة اليوم (امس) ستخصص لبحث النظام الداخلي للجمعية، وسيعقد اجتماع الجمعية غدا او بعد غد للعمل على انتخاب الرئيس ونائبيه بعدما يتقدم الاخوة السنة بمرشحهم». وقال المالكي «لا توجد ازمة بيننا وهناك رجال كثيرون يمكنهم شغل هذا المنصب، وبإمكاننا الاستغناء عن كل من يريد ان يخلق ازمة. اذا كان الياور لديه ازمة فلدينا خيارات اخرى ويوجد مرشحون، مثل حاجم الحسني واخرون». ويدعم الائتلاف العراقي الموحد الذي يحظى بدعم رجال الدين الشيعة، فواز الجربا، 49 عاما، الذي انتخب على لائحته، كما قال احد مفاوضيه. وفواز الجربا، ابن عم رئيس الدولة المنتهية ولايته غازي الياور ينتمي الى شمر احدى العشائر الاكثر نفوذا في البلاد وينتشر اعضاؤها من سورية الى السعودية. وهو يتحدر من قرية ربيعة المحاذية للحدود مع سورية. ورأس الجلسة اكبر الاعضاء سنا، وهو ضاري الفياض وساعده على ادارة الاجتماع، كل من حسين الشهرستاني من«الائتلاف» الشيعي، وراسم العوادي من لائحة «العراقية»، وحاجم الحسني، من لائحة «عراقيون» ودارا نور الدين من «التحالف الكردستاني». وعلى ذات المنوال فان موسى، سكرتير الحزب الشيوعي العراقي، اشتكى لـ«الشرق الأوسط» امس من تصرف الكتلتين، الشيعية والكردية، داخل الجمعية وكأنهما اصحاب القرار فقط، مهمشين الكتل الاخرى. وطالب موسى بان يتم التشاور والتباحث مجتمعين مع جميع الكتل مهما قلت عدد مقاعدها في الجمعية. وأضاف موسى «كانت نبرة الانتقادات والاستياء شديدة داخل الاجتماع السري امس، بسبب التأخر بإعلان تشكيل الحكومة ورئاسة الجمعية ورئاسة الجمهورية، وانتقدنا عدم الالتزام بقانون الدولة الذي وضع اسبوعين كسقف لتشكيل الحكومة بعد الاعلان عن الانتخابات». وقال سكرتير الحزب الشيوعي العراقي «لقد اقترحنا رفع الجلسة حتى يوم الاحد القادم على ان تحسم كافة الامور في الاجتماع القادم».