موسى يتحرك لتطويق الأزمة... العلاقة السورية - اللبنانية تتفاقم ودمشق تطالب بتعويضات لقتلى
في أول تحرك عربي على خط الأزمة الحدودية المتصاعدة بين لبنان وسورية، التقى أمس في دمشق الأمين العام لجامعة الدول العربية السيد عمرو موسى الرئيس بشار الأسد ووزير الخارجية السيد فاروق الشرع في محاولة لإيجاد المخارج والحلول لهذه الأزمة التي بلغت ذروتها في الآونة الأخيرة في ضوء لجوء السلطات السورية الى التشدد في عبور الشاحنات المحملة بالبضائع والمنتجات اللبنانية براً عبر الأراضي السورية الى دول الخليج العربي. وفيما أعلنت دمشق ان شباناً لبنانيين رشقوا بالحجارة حافلتين سياحيتين سوريتين في منطقة المنية الشمالية قرب مدينة طرابلس، ارتفع عدد الصيادين اللبنانيين الموقوفين لدى السلطات الأمنية السورية الى تسعة، بعد توقيف خمسة أمس كانوا على متن زورق مخصص لصيد الأسماك بتهمة الصيد في المياه الإقليمية السورية. وأحيلوا مع أربعة من رفاقهم أوقفوا أول من أمس بالتهمة نفسها على المحاكمة امام القضاء العسكري السوري. وتزامن ذلك مع موقف لافت لوزيرة العمل والشؤون الاجتماعية السورية ديالا حاج عارف التي طالبت السلطات اللبنانية بالتعويض المالي لذوي الضحايا السوريين الذين قالت انهم قتلوا في لبنان كرد على اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري. وأكد موسى، اثر اجتماعاته في دمشق، انه بحث مع الرئيس السوري في المسألة اللبنانية «من منطلق الاهتمام لبنانياً وسورياً بعلاقة قوية وبناءة وهي علاقة طبيعية بين البلدين»، مشيراً الى ان خروج القوات السورية من لبنان «لا يعني انتهاء العلاقة بين البلدين، لا سيما انها لا تحتاج الى وجود جنود سوريين في لبنان وإنما الى تفاهم سياسي على أساس التسليم بوجود مصلحة مشتركة في العيش المشترك والتعايش المشترك». وإذ أكد موسى عزمه على زيارة بيروت فور تشكيل الحكومة الجديدة. وقال ان «الوضع في لبنان رهن التشكيل وإنما النظرة الاستراتيجية والعلاقة بين البلدين تظلان محل اهتمام الجانبين السوري واللبناني وأيضاً جامعة الدول العربية»، مبدياً رغبته في ان تتطور العلاقة على المسار الإيجابي «وهذا أمر ضروري»، موضحاً ان المشاورات التي أجراها في سورية والمملكة العربية السعودية هي «مشاورات عربية تناولت كل الأمور المطروحة على الساحة في ضوء ما يتعرض له لبنان وسورية وأي دولة عربية أخرى، خصوصاً ان الوضع خطير في المنطقة ويتطلب تشاوراً عربياً وتضامناً لمصلحة الاستقرار والسلام في المنطقة». يذكر ان الرئيس المكلف تشكيل الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة كان تشاور أمس هاتفياً مع موسى فور وصوله الى دمشق في الأزمة الحدودية بين البلدين، بينما توقفت مصادر المعارضة في بيروت امام غياب أي موقف للرئيس اللبناني اميل لحود حيال هذه المشكلة. وكان السنيورة تمنى في تصريح له بعد اجتماعه بالبطريرك الماروني نصر الله بطرس صفير في مقره الصيفي في الديمان، الإسراع في معالجة المشكلة «لأن طبيعة العلاقة مع سورية ليست كما يجب ان تكون بين بلدين عربيين، ونحن لدينا مع سورية الكثير من الاتفاقات لا سيما اتفاق التسهيل في التجارة العربية واتفاق الترانزيت. نحن نفهم ونتفهم الهواجس الأمنية، لكن لا بد من ان هناك حتماً اجراءات ممكن ان تلبي حاجات تسهيل مرور البضائع وحركة الأشخاص». وتمنى السنيورة ان يصار الى تذليل كل العقبات «لأن ما يحصل ليس لمصلحة البلدين والشعبين الشقيقين». وقال: «مع ايماني الشخصي انه ينبغي ان تكون هناك علاقة سوية بين البلدين قائمة على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل والندية في التعامل، وطالما كنا نقول وكما كان يقول الرئيس الشهيد رفيق الحريري ان لبنان لا يحكم ضد سورية ولا يمكن ان يكون شوكة في خاصرتها». من جهة أخرى (أ ف ب)، ذكرت وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا) ان شباناً لبنانيين رشقوا مساء أول من أمس السبت، بالحجارة حافلتين سياحيتين سوريتين في منطقة المنية اللبنانية ما أدى الى تكسير نوافذهما. وأضافت: «يعود الباص الاول الذي يحمل اللوحة الرقم 748316 لشركة الامير ويعمل على خط بيروت - طرطوس، بينما يعود الآخر لشركة السراج ويحمل اللوحة 748124 ويعمل على الخط نفسه». وبالنسبة الى أزمة تشكيل الحكومة اللبنانية، لا يزال السنيورة ينتظر الجواب النهائي للحود على التشكيلة التي حملها إليه الجمعة الماضي، وتضم 24 وزيراً ولا يشارك فيها زعيم «التيار الوطني الحر» النائب العماد ميشال عون. وإذ ينتظر السنيورة ان يتبلغ قريباً الجواب النهائي من لحود، تتوجه الأنظار اليوم الى المجلس النيابي الذي سيعقد جلستين، الأولى مخصصة لانتخاب اعضاء اللجان النيابية والثانية لإقرار اقتراح القانون الرامي الى اصدار عفو عام عن قائد «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع والمتهمين في حوادث جرود الضنية ومجدل عنجر والقرعون، وهم من المنتمين الى مجموعات متشددة. وفي شأن أزمة تشكيل الحكومة، قالت مصادر في المعارضة لـ «الحياة» ان الرئيس لحود الآن «امام خيارين لا ثالث لهما، اما ان يوقع على مرسوم تشكيل الحكومة الجديدة وبذلك يمكن ان يتسبب بإزعاج لدمشق التي تتعاطى بحذر مع حكومة لا ترتاح إليها، او ان يرفض التوقيع وبالتالي يتحمل شخصياً دخول البلاد في أزمة حكم يفترض ان يترتب عليها تداعيات محلية ودولية». وفي انتظار جواب لحود على التشكيلة الوزارية، كشفت مصادر في المعارضة ان رفضه لها سيدفع بالسنيورة الى الاعتذار ليعاد تكليفه في استشارات لاحقة يجريها رئيس الجمهورية. واعتبر رئيس اللقاء النيابي الديموقراطي وليد جنبلاط ان «البلاد محاصرة حتى ان لقمة العيش لصيادي السمك أصبحت مهددة، وكأن لبنان يملك أساطيل على الطريقة اليابانية او الروسية يجتاح فيها «الجرف القاري»، وسيأكل كل الأسماك»، منتقداً عدم تحرك رئيسي الجمهورية والحكومة المستقيلة. وقال: «اذا كان الموضوع رداً سياسياً على الحزب التقدمي الاشتراكي او على تيار المستقبل او غيرهما، فليحصر موضوع الرد بهما، ولماذا على الشعب اللبناني ان يعاني من الحصار». وكان جنبلاط التقى النائبة ستريدا جعجع التي وجهت عشية الجلسة النيابية، نداء الى مناصري «القوات اللبنانية» الى «التصرف بكل احترام لحرية الآخرين والنظام العام والابتعاد عن أي استفزاز او مس بشعور احد». ونبهت الى ان «القوات» براء من كل من يخل بهذا التوجه.