نداء الإيمان | التاريخ(هجرى - ميلادى ) | مواقيت الصلاة واتجاه القبلة | موجز الصحافة | إلى كل المسلمات | قرأت لك
حمى قيرغيزستان تنتقل إلى داخل روسيا

شجع الانتصار السريع الذي حققه التحرك الشعبي في قيرغيزستان المعارضين في جمهوريات مجاورة على اعتماد أنموذج «الثورات الديموقراطية» لتصعيد نشاطهم. وشهدت جمهورية أنغوشيتيا المتمتعة بحكم ذاتي داخل الاتحاد الروسي «ثورة مصغرة» خلال الساعات الـ48 الماضية، هدفت إلى إطاحة الإدارة المحلية. في غضون ذلك، واجهت السلطات البيلاروسية بعنف تحركاً لأنصار المعارضة وصف بأنه هدف إلى كسر حاجز الخوف استعداداً للبدء في نشاط واسع لتغيير السلطة.
ومع تواصل التطورات المتلاحقة في شكل سريع في قيرغيزستان، بدأت أوساط مختلفة في دول الرابطة المستقلة (القائمة على أنقاض الاتحاد السوفياتي) بمناقشة أسئلة عن احتمالات انتقال الثورات من جمهورية إلى أخرى، فيما اتجهت الأنظار نحو كازاخستان وبيلاروسيا باعتبارهما الساحتين المؤهلتين لاندلاع ثورات ملونة جديدة.
أنغوشيتيا
وبدا أن جمهوريات روسية تسعى إلى الإفادة من الدرس القيرغيزي، ما أظهره التحرك الشعبي الواسع الذي شهدته أنغوشيتيا في اليومين الأخيرين،إذ خرج عشرات الألوف إلى الشوارع في تظاهرات تعد الأوسع من نوعها طالبت باستقالة الرئيس مراد زيازيكوف من منصبه وإجراء إصلاحات جذرية في الجمهورية المحاذية للشيشان والتي كانت شهدت خلال السنوات الأخيرة سلسلة أعمال تفجيرية وهجمات إرهابية دموية.
وتحولت الساحة الرئيسة في العاصمة نزران إلى ما يشبه ميدان معركة بعدما نشرت السلطات عشرات المدرعات والألوف من عناصر الوحدات الخاصة في الشوارع. وزاد الوضع سخونة الإعلان عن سفر الرئيس إلى خارج الجمهورية، الأمر الذي ذكّر بفرار الرئيس القيرغيزي عسكر أكاييف من بلاده. وربط محللون بين «الثورات الملونة» في دول الرابطة والتحرك الذي شهدته أنغوشيتيا على رغم اختلاف الدوافع بينها، خصوصاً أن أسباب «الثورة الأنغوشيتية» تعود إلى ما وصف بأنه تنازلات قدمتها الإدارة المحلية في شأن خلاف حدودي مع جمهورية أوسيتيا الشمالية المجاورة. وأعلن الرئيس زيازيكوف أنه يواصل القيام بمهماته في شكل طبيعي، لكن مصادر محلية توقعت استمرار الاضطرابات خصوصاً بعد قيام حركة شبابية تضم أكثر من عشرين ألف ناشط بتوجيه رسالة إلى الرئيس تطالبه فيها بالتنحي، مهددة بتصعيد تحركها.
بيلاروسيا
في غضون ذلك، غدت بيلاروسيا أكثر الجمهوريات استعداداً لثورة مماثلة بعدما قامت المعارضة بتحرك قالت إنه هدف إلى كسر حاجز الخوف، تمهيداً للبدء في نشاط موسع لعزل السلطة. وشهدت العاصمة مينسك تظاهرة جمعت نحو ألفين من أنصار المعارضة، واجهتها وحدات مكافحة الشغب البيلاروسية بعنف، إذ اعتقلت عشرات الناشطين وفرقت المتظاهرين الذين حملوا يافطات كتب عليها «لسنا أضعف من القيرغيزيين». وقال أحد زعماء المعارضة أندريه كليموف إن التحرك الأخير في مينسك كان مجرد «بروفا» (تجربة) هدفها تحديد شكل تعاطي السلطات مع تحرك من هذا النوع. وتعهد بمواصلة العمل لإسقاط نظام الرئيس ألكسندر لوكاشينكو الذي يتهمه معارضوه بخنق الحريات. ولم تستبعد مصادر المعارضة أن يتوج نشاطها في آذار (مارس) من العام المقبل حين تصادف ذكرى ثورة استقلال البلاد. وتعهد كليموف أمام حشد من أنصاره بأن يكون آذار المقبل موعداً لـ«الثورة البيلاروسية الثانية».
في غضون ذلك، حذرت منظمات حقوقية من أن السلطات في الجمهوريات السوفياتية السابقة ستتعامل بعنف مع التحركات الشعبية بعد التطورات الأخيرة التي شهدتها قيرغيزستان. وأعربت عن مخاوفها من أن عدداً من الأنظمة لن يسمح بخروج متظاهرين إلى الشوارع، ما قد يسفر عن مواجهات عنيفة.
قيرغيزستان نحو الاستقرار
وفي قيرغيزستان، مالت الاوضاع الامنية الى الاستقرار بعد أيام من الفوضى تخللتها أعمال نهب وتدمير للممتلكات العامة. وخيم الهدوء أمس، على مختلف المدن القيرغيزية في ما بدا أنه إنجاز مهم حققته السلطات الجديدة. لكن في المقابل لم تتضح آفاق تطورات العملية السياسية في البلاد خصوصاً بعدما أقرت المحكمة العليا بشرعية البرلمان الجديد. وكادت قيرغيزستان تدخل في متاهة جديدة أمس، عندما عقد البرلمانان (القديم المعارض والجديد المطعون بشرعيته) جلسات صباحية قبل أن يتم التوصل الى «صفقة» شملت اعلان تجميد الهيئة الاشتراعية القديمة، في مقابل إقرار البرلمان الجديد لشرعية تعيين زعيم المعارضة كورمان بيك باكاييف رئيساً للبلاد بالوكالة.
ولم ترض هذه التسوية كثيراً من أطراف المعارضة واعتبرها البعض «ضعفاً من جانب باكاييف». وشكلت بعض فصائل المعارضين مجموعة أطلقت عليها اسم «لجنة 27 مارس»، فيما اعتبر أنه انشقاق في صفوف السلطة الجديدة. وشددت اللجنة على انها ستدعو الشعب للخروج ثانية إلى الشارع، اذا نفذ الرئيس الجديد مذكرة وقعها تحيل كل الصلاحيات إلى البرلمان الجديد بدءاً من 14 من الشهر المقبل. ويعتبر كثيرون أن مخاطر ذلك تكمن في أن البرلمان المنتخب ربما يميل إلى مصلحة السلطات المخلوعة في عملية وصفت بانها قد تكون «ثورة مضادة» خصوصاً أن النواب المجتمعين شكلوا لجنة أمس، لإجراء محادثات مع الرئيس المخلوع بعدما وصفوه بأنه «ما زال شكلياً رئيساً للبلاد».
إلى ذلك، دعا عدد من البرلمانيين الى تأجيل موعد الانتخابات الرئاسية الذي حددته السلطات الجديدة في 26 من شهر حزيران (يونيو). وعزز من هذا الرأي موقف المفوضية الاوروبية التي اعتبرت إجراء الانتخابات سابق لأوانه. واعتبر محللون أن هذه التطورات قد تفتح على احتمالات مختلفة خصوصاً أنها تمنح الرئيس المخلوع أوراقاً للضغط على القيادة الجديدة.

جريدة الحياة    29/03/2005